الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الخميس، 17 أبريل 2025

الطعن 16329 لسنة 89 ق جلسة 14 / 11 / 2020 مكتب فني 71 ق 103 ص 948

جلسة 14 من نوفمبر سنة 2020
برئاسة السيد القاضي / عصام إبراهيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / ياسر جميل ، أحمد أمين و د. أكرم بكري نواب رئيس المحكمة وحسن ذكي .
---------------
(103)
الطعن رقم 16329 لسنة 89 القضائية
دعوى جنائية " انقضاؤها بمضي المدة " . مواد مخدرة . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " " المصلحة في الطعن " . محكمة النقض " نظرها الطعن والحكم فيه " .
قضاء الحكم بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة في جريمة الاتجار في المواد المخدرة . خطأ في تطبيق القانون يوجب نقضه وتحديد جلسة لنظر الموضوع . ثبوت ضبط المخدر حال تنفيذ الإذن بمكان مطروق للكافة ولا يخضع لسيطرة المتهم وخلو الأوراق من دليل آخر . مقتضاه : القضاء ببراءته من الاتهام المسند إليه . قضاء المحكمة بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة يستوي وبراءته . طعن النيابة العامة في هذا الشأن . غير مجد . علة وأساس ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما كان قانون الإجراءات الجنائية في الفصل الثالث من الباب الثاني من الكتاب الثاني الذى عنوانه الإجراءات التي تتبع في مواد الجنايات في حق المتهمين الغائبين نص في المادة 394 على أنه " لا يسقط الحكم الصادر غيابياً من محكمة الجنايات في جناية بمضي المدة وإنما تسقط العقوبة المحكوم بها ويصبح الحكم نهائياً بسقوطها " ، ونص في المادة 395 منه " إذا حضر المحكوم عليه في غيبته أو قبض عليه أو حضر وكيله الخاص وطلب إعادة المحاكمة قبل سقوط العقوبة بمضي المدة يحدد رئيس محكمة الاستئناف أقرب جلسة لإعادة نظر الدعوى ويُعرض المقبوض عليه محبوساً بهذه الجلسة " ، ونصت المادة 528 من هذا القانون على أن " تسقط العقوبة المحكوم بها في جناية بمضي عشرين سنة ميلادية إلا عقوبة الإعدام فإنها تسقط بمضي ثلاثين سنة " ، ونصت الفقرة الأولى من المادة 46 مكرر (أ) من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها على أنه " لا تنقضي بمضي المدة الدعوى الجنائية في الجنايات المنصوص عليها في هذا القانون والتي تقع بعد العمل به عدا الجناية المنصوص عليها في المادة 37 من هذا القانون " ، ونصت الفقرة الثالثة منها على أنه " ولا تسقط بمضي المدة العقوبة المحكوم بها بعد العمل بهذا القانون في الجنايات المنصوص عليها في الفقرة الأولى من هذه المادة " . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون الخاص يقيد القانون العام ، ولما كانت الدعوى الجنائية قد أقيمت قبل المطعون ضده لارتكابه جناية حيازة نبات الحشيش المخدر بقصد الاتجار وقضي عليه من محكمة الجنايات غيابياً بموجب المادة 33/ج من القانون سالف الذكر بتاريخ .... بالأشغال الشاقة المؤبدة وغرامة مائة ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط وألزمته المصروفات الجنائية ، وإذ تمت إعادة إجراءات محاكمته وقضت المحكمة بجلسة .... بحكمها المطعون فيه بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة وبمصادرة المخدر المضبوط مخالفة بذلك ما نصت عليه الفقرة الأولى والثالثة من المادة 46 مكرر (أ) سالف الإشارة إليها ، فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون مما كان يؤذن بنقض الحكم المطعون فيه وتحديد جلسة لنظر موضوع الطعن ، إلا أنه لما كان الثابت من مفردات الدعوى المضمومة أن النيابة العامة ارتكنت في إسناد الاتهام إلى المطعون ضده إلى أقوال شهود الإثبات الثلاثة والتي مفادها أنه تم ضبط المخدر المضبوط حال تنفيذ الإذن الصادر بضبط وتفتيش شخص ومسكن المطعون ضده وآخر بكومة من القش ثبت من معاينة النيابة أنها تقع بمنطقة صحراوية تبعد عن العشة سكن المطعون ضده بحوالي خمسة أمتار ، وهو الأمر الذي يثير معه الشك في نسبة المخدر المضبوط للمطعون ضده باعتبار أن مكان الضبط مطروحاً للكافة ولا يخضع لسيطرة الأخير ، وخلت الأوراق من ثمة دليل على توافر أركان الجريمة في حقه ، وكان يتعين معه القضاء ببراءته عن الاتهام المسند إليه ، وإذ قضت المحكمة بحكمها المطعون فيه بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة ، وكان هذا القضاء هو في الواقع وحقيقة الأمر حكم صادر في موضوع الدعوى ، إذ معناه براءة المتهم لعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية عليه ، الأمر الذي يضحى معه طعن النيابة العامة غير مجدٍ لكونه قائماً على مجرد مصلحة نظرية بحتة لا يؤبه لها ، ويتعين لذلك التقرير بعدم قبوله موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده وآخر سبق الحكم عليه بأنهما :
حازا بقصد الاتجار نبات الحشيش المخدر " البانجو " في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت غيابياً بمعاقبته بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريمه مائة ألف جنيه وألزمته المصروفات وبمصادرة المخدر المضبوط .
وإذ أُعيدت إجراءات محاكمته وقضت المحكمة المذكورة عملاً بالمادتين 15 ، 17 من قانون الإجراءات الجنائية ، والمادة 30 من قانون العقوبات بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة وبمصادرة المخدر المضبوط .
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث تنعى النيابة العامة على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بانقضاء الدعوى الجنائية المرفوعة على المطعون ضده عن تهمة الاتجار في المواد المخدرة بمضي المدة بمناسبة إعادة الإجراءات في الحكم الصادر ضده غيابياً بالسجن المؤبد قد شابه الخطأ في تطبيق القانون لمخالفته لنص المادة 46 مكرر (أ) من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل ، بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
حيث إنه لما كان قانون الإجراءات الجنائية في الفصل الثالث من الباب الثاني من الكتاب الثاني الذى عنوانه الإجراءات التي تتبع في مواد الجنايات في حق المتهمين الغائبين نص في المادة 394 على أنه " لا يسقط الحكم الصادر غيابياً من محكمة الجنايات في جناية بمضي المدة وإنما تسقط العقوبة المحكوم بها ويصبح الحكم نهائياً بسقوطها " ، ونص في المادة 395 منه " إذا حضر المحكوم عليه في غيبته أو قبض عليه أو حضر وكيله الخاص وطلب إعادة المحاكمة قبل سقوط العقوبة بمضي المدة يحدد رئيس محكمة الاستئناف أقرب جلسة لإعادة نظر الدعوى ويُعرض المقبوض عليه محبوساً بهذه الجلسة " ، ونصت المادة 528 من هذا القانون على أن " تسقط العقوبة المحكوم بها في جناية بمضي عشرين سنة ميلادية إلا عقوبة الإعدام فإنها تسقط بمضي ثلاثين سنة " ، ونصت الفقرة الأولى من المادة 46 مكرر (أ) من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها على أنه " لا تنقضي بمضي المدة الدعوى الجنائية في الجنايات المنصوص عليها في هذا القانون والتي تقع بعد العمل به عدا الجناية المنصوص عليها في المادة 37 من هذا القانون ، ونصت الفقرة الثالثة منها على أنه " ولا تسقط بمضي المدة العقوبة المحكوم بها بعد العمل بهذا القانون في الجنايات المنصوص عليها في الفقرة الأولى من هذه المادة " . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون الخاص يقيد القانون العام ، ولما كانت الدعوى الجنائية قد أقيمت قبل المطعون ضده لارتكابه جناية حيازة نبات الحشيش المخدر بقصد الاتجار وقضي عليه من محكمة الجنايات غيابياً بموجب المادة 33/ج من القانون سالف الذكر بتاريخ .... بالأشغال الشاقة المؤبدة وغرامة مائة ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط وألزمته المصروفات الجنائية ، وإذ تمت إعادة إجراءات محاكمته وقضت المحكمة بجلسة .... بحكمها المطعون فيه بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة وبمصادرة المخدر المضبوط مخالفة بذلك ما نصت عليه الفقرة الأولى والثالثة من المادة 46 مكرر (أ) سالف الإشارة إليها ، فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون مما كان يؤذن بنقض الحكم المطعون فيه وتحديد جلسة لنظر موضوع الطعن ، إلا أنه لما كان الثابت من مفردات الدعوى المضمومة أن النيابة العامة ارتكنت في إسناد الاتهام إلى المطعون ضده إلى أقوال شهود الإثبات الثلاثة والتي مفادها أنه تم ضبط المخدر المضبوط حال تنفيذ الإذن الصادر بضبط وتفتيش شخص ومسكن المطعون ضده وآخر بكومة من القش ثبت من معاينة النيابة أنها تقع بمنطقة صحراوية تبعد عن العشة سكن المطعون ضده بحوالي خمسة أمتار ، وهو الأمر الذي يثير معه الشك في نسبة المخدر المضبوط للمطعون ضده باعتبار أن مكان الضبط مطروحاً للكافة ولا يخضع لسيطرة الأخير ، وخلت الأوراق من ثمة دليل على توافر أركان الجريمة في حقه ، وكان يتعين معه القضاء ببراءته عن الاتهام المسند إليه ، وإذ قضت المحكمة بحكمها المطعون فيه بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة ، وكان هذا القضاء هو في الواقع وحقيقة الأمر حكم صادر في موضوع الدعوى ، إذ معناه براءة المتهم لعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية عليه ، الأمر الذي يضحى معه طعن النيابة العامة غير مجدٍ لكونه قائماً على مجرد مصلحة نظرية بحتة لا يؤبه لها ، ويتعين لذلك التقرير بعدم قبوله موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 347 لسنة 9 ق جلسة 14 / 4 / 1968 إدارية عليا مكتب فني 13 ج 2 ق 108 ص 804

جلسة 14 من إبريل سنة 1968

برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي وأحمد علي البحراوي ومحمد فتح الله بركات وسليمان محمود جاد المستشارين.

----------------

(108)

القضية رقم 347 لسنة 9 القضائية

(أ) دعوى "قبول الدعوى". 

ميعاد الستين يوماً - ثبوت أن جهة الإدارة قد سلكت مسلكاً إيجابياً جدياً نحو بحث تظلم المدعي - مقتضاه حساب ميعاد رفع الدعوى من تاريخ إبلاغ المتظلم بقرارها الذي يتضمن موقفها النهائي (1).
(ب) موظف "استقالة" 

تقديم الموظف طلباً بترقيته إلى الدرجة التالية طبقاً لقواعد الترقية التيسيرية التي تضمنها القانون 120 لسنة 1960 وإصدار قرار بإحالته إلى المعاش مع ضم سنتين إلى خدمته ومنحه علاوتين من علاوات الدرجة التي سيرقى إليها - استقالة مشروطة - عديمة الأثر قانوناً طبقاً للمادة 110 من قانون موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951.
(جـ) موظف "استقالة". 

القبول الضمني للاستقالة - لا يتحقق إلا بفوات المدة التي حددها القانون دون أن تصدر الإدارة قراراً صريحاً في الطلب - العبرة بتاريخ صدور القرار الإداري الذي يحدد موقف الإدارة من الطلب وليس بتاريخ إبلاغ هذا القرار إلى صاحب الشأن ذاته أو إلى الجهات التي يتبعها.
(د) موظف "استقالة". سلطة مقيدة وسلطة تقديرية. 

اختلاف سلطة الإدارة إزاء طلب اعتزال الخدمة طبقاً لأحكام القانون 120 لسنة 1960 الذي يقدمه شاغلو الدرجات الشخصية وذلك الذي يقدمه شاغلو الدرجات الأصلية.

----------------
1 - الثابت أن القرار المطعون فيه قد صدر في 2 من يوليه سنة 1960 وأن المدعي تظلم منه في 11 من يوليه سنة 1960، وبعد أن رأى السيد مفوض الوزارة في 6 من أغسطس سنة 1960، إجابة المتظلم إلى طلبه استطلعت المصلحة المدعى عليها رأي ديوان الموظفين الذي انتهى في 18 من نوفمبر سنة 1960 إلى عكس ما سبق أن ارتآه السيد المفوض ومن ثم فإنها تكون قد سلكت مسلكاً إيجابياً جدياً لبحث التظلم، ولم تبلغ المدعي بموقفها النهائي برفض تظلمه إلا في 13 من ديسمبر سنة 1960 وبناء عليه فإنه ينبغي حساب ميعاد رفع الدعوى من التاريخ المذكور فقط، وإذ أقيمت الدعوى في 31 من يناير سنة 1961 فإنها تكون مقبولة شكلاً لرفعها في الميعاد.
2 - إن الطلب الذي قدمه المدعي في 20 من إبريل سنة 1960 لإحالته إلى المعاش، كان طلباً مشروطاً بترقيته إلى الدرجة الخامسة طبقاً لقواعد المنسيين مع منحه علاوتين من علاوات الدرجة المرقى إليها، ومن ثم فإن هذا الطلب يكون عديم الأثر قانوناً طبقاً للمادة 110 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة.
3 - لا حجة فيما يذهب إليه المدعي، مؤيداً بالحكم المطعون فيه، من أن طلبه ترك الخدمة قد اعتبر مقبولاً بقوة القانون بمضي ثلاثين يوماً من تاريخ تقديمه إياه دون إبلاغه برفض الجهة الإدارية له، إذ العبرة إنما هي بتاريخ صدور القرار الإداري الذي حدد موقف الإدارة من طلبه وكشف عن إرادتها القاطعة في عدم إجابته إليه، لا بتاريخ إبلاغ هذا القرار إلى صاحب الشأن ذاته أو إلى الجهات التي يتبعها.
4 - إن المشرع قد هدف من إصدار القانون رقم 120 لسنة 1960 إلى علاج وضع الموظفين الشاغلين لدرجات شخصية بإيجاد وسيلة للتخلص من درجاتهم الشخصية قدر المستطاع، وهذه الحكمة التشريعية تعبر بذاتها عن مصلحة عامة تقوم عليها قرينة قاطعة لا تحتمل إثبات العكس في تحقق هذه المصلحة في ترك هؤلاء الموظفين خدمة الحكومة، لما في ذلك من إلغاء لدرجاتهم الشخصية وينبني على هذا أنه يلزم قبول طلبات ترك الخدمة المقدمة من الموظفين الشاغلين لدرجات شخصية بالتطبيق لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 المشار إليه، متى توفرت الشروط المطلوبة في هذا القانون دون أي قيد آخر لم يرد فيه، إذ أن سلطة الإدارة في قبول أو رفض الطلبات المقدمة من الموظفين الشاغلين لدرجات شخصية بالتطبيق لأحكام القانون سالف الذكر إنما هي سلطة مقيدة بالقانون فلا تملك الجهة الإدارية أن تضيف في هذه الحالة حكماً أو قاعدة تنظيمية لا ترقى إلى مرتبة القانون على خلاف أحكامه، أما بالنسبة إلى الموظفين الشاغلين لدرجات أصلية فإن أمرهم يختلف، إذ أن قيام المصلحة العامة في تركهم الخدمة بالتطبيق لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 لا يزال أمراً متروكاً لتقدير السلطة الإدارية التي لها أن تضع من القواعد التنظيمية أو التعليمات والضوابط ما ترى اتباعه عند النظر في طلبات تركهم الخدمة بالاستناد إلى أحكام القانون المذكور، وهذه التفرقة سبق أن استشفتها هذه المحكمة من روح القانون وأهدافه التي استبانت من مذكرته التفسيرية، فإذا ما رأت السلطة الإدارية، وضع قاعدة تنظيمية من مقتضاها عدم قبول ترك الخدمة بالتطبيق لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 المقدمة من الموظفين الشاغلين لدرجات أصلية الذين تقل المدة الباقية لهم في الخدمة عن سنة، وقدرت في هذا تحقيق مصلحة عامة تبتغيها، فلا تثريب عليها في ذلك بالنسبة إلى هذه الفئة من الموظفين.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد صدر بجلسة 29 من ديسمبر سنة 1962 فإن ميعاد الطعن فيه ينتهي في يوم 27 من فبراير سنة 1963، إلا أنه لما كان هذا اليوم - قد صادف نهاية أيام عيد الفطر - وهو عطلة رسمية - فإن ميعاد الطعن يمتد إلى أول يوم عمل يليه وفقاً لحكم المادة 23 من قانون المرافعات المدنية والتجارية وإذ أودع تقرير الطعن قلم كتاب هذه المحكمة في يوم 28 من فبراير سنة 1963، فإن الطعن يكون مرفوعاً في الميعاد، ويكون قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 375 لسنة 15 القضائية ضد وزارة الخزانة ومصلحة الضرائب بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 31 من يناير سنة 1961 وطلب الحكم: "بقبول هذا الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإجابة الطالب إلى طلباته وإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من رفض قبول طلب الإحالة إلى المعاش إعمالاً لنص المادة الأولى من القانون رقم 120 لسنة 1960 والحكم بقبول ترك الطالب الخدمة على أن يسوى معاشه حتى ولو تجاوز بهذا الضم سن الستين، وعلى أن يمنح علاوتين من علاوات درجته، وإلزام المدعى عليهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة". وقد أوجز المدعي أسانيد دعواه في أنه عين في أول فبراير سنة 1926 في وظيفة كتابية بوزارة المالية ثم نقل إلى مصلحة الضرائب وظل بها إلى أن رقي إلى الدرجة السادسة الكتابية اعتباراً من 25 من إبريل سنة 1956. ولما كان يبلغ سن الإحالة إلى المعاش في 20 من إبريل سنة 1961، فقد قدم طلباً إلى مدير عام رسوم الدمغة في 20 من إبريل سنة 1960 لترقيته إلى الدرجة الخامسة الكتابية طبقاً للقانون رقم 120 لسنة 1960 وكذا إحالته إلى المعاش مع ضم سنتين لمدة خدمته ومنحه علاوتين من علاوات الدرجة الأخيرة تطبيقاً لأحكام القانون سالفة الذكر، إلا أن مصلحة الضرائب رفضت الطلب الأول الخاص بترقيته وأغفلت الرد على الطلب الثاني الخاص بإحالته إلى المعاش. وقد قدم طلباً آخر في 5 من مايو سنة 1960 في هذا الشأن، غير أن هذا الطلب رفض بدوره بحجة أن القواعد التي وضعت لتنظيم اعتزال الخدمة طبقاً للقانون المتقدم ذكره لا تسمح بإجابة طلبه. فتظلم من قرار الرفض هذا في 11 من يوليه سنة 1960، وعلى الرغم من أن السيد/ مفوض الوزارة قد رأى إجابته إلى طلب الإحالة إلى المعاش فإنه أبلغ في 13 من ديسمبر سنة 1963 برفض تظلمه. وأضاف المدعي أنه لما كانت جميع شروط القانون رقم 120 لسنة 1960 متوفرة في حقه فإنه يكون على حق في طلباته. وقد دفعت الجهة الإدارية الدعوى بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظرها لأن المدعي من موظفي الكادر المتوسط، كما دفعت بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد لأن القرار المطعون فيه صدر في 2 من يوليه سنة 1960 وتظلم منه المدعي في 11 من يوليه سنة 1960، غير أنه لم يرفع دعواه إلا في 31 من يناير سنة 1961، وبالنسبة إلى موضوع الدعوى قالت إنه طبقاً للقواعد التي وضعت لتنظيم اعتزال الموظفين الخدمة في ظل القانون رقم 120 لسنة 1960، لا يجوز قبول استقالة المدعي لأن المدة الباقية له في الخدمة تقل عن سنة. وبجلسة 15 من نوفمبر سنة 1961 قضت محكمة القضاء الإداري "هيئة الفصل بغير الطريق التأديبي": "بعدم اختصاص هذه المحكمة بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى المحكمة الإدارية المختصة لوزارة الخزانة". وقد قيدت الدعوى بجدول المحكمة الإدارية لوزارة الخزانة تحت رقم 185 لسنة 9 القضائية. وبجلسة 29 من ديسمبر سنة 1962 قضت المحكمة الإدارية: أولاً: برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها شكلاً ثانياً: بإلغاء القرار الصادر بتاريخ 2 من يوليه سنة 1960 فيما تضمنه من رفض طلب المدعي إحالته إلى المعاش طبقاً لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960، وأحقية المدعي في المعاملة على مقتضى أحكام القانون المذكور وما يترتب على ذلك من آثار ثالثاً: إلزام الجهة الإدارية المصروفات ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة" وأقامت قضاءها فيما يتعلق بالدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد على أن الثابت أن القرار المطعون فيه قد صدر في 2 من يوليه سنة 1960 وأن المدعي تظلم منه في 11 من يوليه سنة 1960، وبعد أن رأى السيد/ مفوض الوزارة في 6 من أغسطس سنة 1960 إجابة المتظلم إلى طلبه استطلعت المصلحة المدعى عليها رأى ديون الموظفين الذي انتهى في 18 من نوفمبر سنة 1960 إلى عكس ما سبق أن ارتآه السيد/ المفوض، ومن ثم فإنها تكون قد سلكت مسلكاً إيجابياً جدياً لبحث التظلم، ولم تبلغ المدعي بموقفها النهائي برفض تظلمه إلا في 13 من ديسمبر سنة 1960 وبناء عليه فإنه ينبغي حساب ميعاد رفع الدعوى من التاريخ المذكور فقط، وإذ أقيمت الدعوى في 31 من يناير سنة 1961 فإنها تكون مقبولة شكلاً لرفعها في الميعاد، أما بالنسبة إلى الموضوع فإنه فضلاً عن أن القرار المطعون فيه صدر بعد انقضاء ثلاثين يوماً من تاريخ تقديم المدعي طلب اعتزال الخدمة في 5 من مايو سنة 1960، أي بعد أن اعتبرت الاستقالة مقبولة قانوناً، فإن القرار المذكور صدر مستنداً إلى سبب مخالف للقانون.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون، ذلك أن دعوى المطعون عليه غير مقبولة شكلاً، لأنه تظلم من القرار المطعون فيه في 11 من يوليه سنة 1960 ولكنه لم يرفع الدعوى إلا في 31 من يناير سنة 1961، وفيما يتعلق بموضوع الدعوى فإن الواضح من المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 120 لسنة 1960، إن قبول الاستقالة أو رفضها أمر تترخص فيه جهة الإدارة في ضوء اعتبارات الصالح العام.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فيما انتهى إليه في قضائه من رفض الدفع المبدى من الحكومة بعدم قبول الدعوى شكلاً وقبولها، وذلك للأسباب التي قام عليها والتي تأخذ بها هذه المحكمة.
ومن حيث إنه فيما يختص بالموضوع يبين من مطالعة الأوراق أن المدعي من مواليد 20 من إبريل سنة 1901، وأنه التحق بخدمة وزارة المالية باليومية في أول فبراير سنة 1926، ثم نقل إلى الدرجة التاسعة اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1940 ورقي بعد ذلك إلى الدرجات التالية، وكانت آخر درجة رقي إليها هي الدرجة السادسة الكتابية الأصلية في 25 من إبريل سنة 1956 وبلغ مرتبه 20 جنيهاً في الشهر. وفي 20 من إبريل سنة 1960 قدم إلى مدير عام رسوم الدمغة طلباً، أشار فيه إلى أنه في 26 من مارس سنة 1960 صدر قرار جمهوري في شأن ترقية الموظفين المنسيين وتيسير خروجهم على المعاش، وأضاف أنه قد أمضى أكثر من 31 سنة في أربع درجات وأربع سنوات في الدرجة الأخيرة (السادسة)، وانتهى إلى طلب ترقيته إلى الدرجة الخامسة وإصدار قرار بإحالته إلى المعاش مع ضم سنتين إلى مدة خدمته ومنحه علاوتين من علاوات الدرجة الأخيرة (التي سيرقى إليها). ثم في 5 من مايو سنة 1960 قدم طلباً آخر لإحالته إلى المعاش مع ضم علاوتين من علاوات الدرجة الحالية، وقد تأشر على هذا الطلب في 21 من مايو سنة 1960 بحفظه، حيث إن السيد/ وزير الخزانة سبق أن أشر على الطلبات المماثلة بأن القواعد التي وضعت لتنظيم اعتزال الخدمة في ظل القانون رقم 120 لسنة 1960 هي ألا تقل المدة الباقية لبلوغ سن الستين عن سنة، الأمر المتحقق في حالة المدعي، فعاد المذكور وقدم طلباً ثالثاً في 16 من يونيه سنة 1960 وقد تأشر على هذا الطلب أيضاً بالحفظ في 2 من يوليه سنة 1960 للسبب ذاته فتظلم من رفض طلبه هذا في 11 من يونيه سنة 1960، وفي 13 من ديسمبر سنة 1960 أبلغ برفض تظلمه فأقام دعواه الراهنة في 13 من يناير سنة 1961، وقد أحيل إلى المعاش اعتباراً من 20 من إبريل سنة 1961.
ومن حيث إن الواضح مما سلف إيراده، أن الطلب الذي قدمه المدعي في 20 من إبريل سنة 1960 لإحالته إلى المعاش، كان طلباً مشروطاً بترقيته إلى الدرجة الخامسة طبقاً لقواعد المنسيين مع منحه علاوتين من علاوات الدرجة المرقى إليها، ومن ثم فإن هذا الطلب يكون عديم الأثر قانوناً طبقاً للمادة 110 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة، ويكون الطلب المعتبر في نظر القانون هو الطلب الذي قدمه المدعي في 5 من مايو سنة 1960 بترك الخدمة بالتطبيق لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 بتعديل أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 المتقدم ذكره، وقد رفض هذا الطلب في 21 من مايو سنة 1960 لافتقاد مقدمه الشرط الزمني الذي تضمنته القاعدة التنظيمية العامة الصادرة من السيد/ وزير الخزانة بما له من سلطة في هذا الشأن، ومن ثم لا حجة فيما يذهب إليه المدعي، مؤيداً بالحكم المطعون فيه، من أن طلبه ترك الخدمة قد اعتبر مقبولاً بقوة القانون بمضي ثلاثين يوماً من تاريخ تقديمه إياه دون إبلاغه برفض الجهة الإدارية له، إذ العبرة إنما هي بتاريخ صدور القرار الإداري الذي حدد موقف الإدارة من طلبه وكشف عن إرادتها القاطعة في عدم إجابته إليه، لا بتاريخ إبلاغ هذا القرار إلى صاحب الشأن ذاته أو إلى الجهات التي يتبعها.
ومن حيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت أن المشرع قد هدف من إصدار القانون رقم 120 لسنة 1960 إلى علاج وضع الموظفين الشاغلين لدرجات شخصية بإيجاد وسيلة للتخلص من درجاتهم الشخصية قدر المستطاع، وهذه الحكمة التشريعية تعبر بذاتها عن مصلحة عامة تقوم عليها قرينة قاطعة لا تحتمل إثبات العكس في تحقق هذه المصلحة في ترك هؤلاء الموظفين خدمة الحكومة، لما في ذلك من إلغاء لدرجاتهم الشخصية. وينبني على هذا أنه يلزم قبول طلبات ترك الخدمة من الموظفين الشاغلين لدرجاتهم الشخصية بالتطبيق لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 المشار إليه، متى توفرت الشروط المطلوبة في هذا القانون دون أي قيد آخر لم يرد فيه، إذ أن سلطة الإدارة في قبول أو رفض الطلبات المقدمة من الموظفين الشاغلين لدرجات شخصية بالتطبيق لأحكام القانون سالف الذكر إنما هي سلطة مقيدة بالقانون فلا تملك الجهة الإدارية أن تضيف في هذه الحالة حكماً أو قاعدة تنظيمية لا ترقى إلى مرتبة القانون على خلاف أحكامه، أما بالنسبة إلى الموظفين الشاغلين لدرجات أصلية فإن أمرهم يختلف، إذ أن قيام المصلحة العامة في تركهم الخدمة بالتطبيق لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 لا يزال أمراً متروكاً لتقدير السلطة الإدارية التي لها أن تضع من القواعد التنظيمية أو التعليمات والضوابط ما ترى اتباعه عند النظر في طلبات تركهم الخدمة بالاستناد إلى أحكام القانون المذكور، وهذه التفرقة سبق أن استشفتها هذه المحكمة من روح القانون وأهدافه التي استبانت من مذكراته التفسيرية، فإذا ما رأت السلطة الإدارية وضع قاعدة تنظيمية من مقتضاها عدم قبول ترك الخدمة بالتطبيق لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 المقدمة من الموظفين الشاغلين لدرجات أصلية الذين تقل المدة الباقية لهم في الخدمة عن سنة، وقدرت في هذا تحقيق مصلحة عامة تبتغيها، فلا تثريب عليها في ذلك بالنسبة إلى هذه الفئة من الموظفين.
ومن حيث إن المدعي كان يشغل الدرجة السادسة الأصلية، وهو مولود في 20 من إبريل سنة 1901 وقد بلغ سن الإحالة إلى المعاش في 20 من إبريل سنة 1961 ومن ثم فقد كانت المدة الباقية له في الخدمة وقت تقديمه طلب ترك الخدمة بالتطبيق لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 المتقدم ذكره في 5 من مايو سنة 1960، تقل عن مدة السنة التي قررت القاعدة التنظيمية العامة الصادرة من وزير الخزانة بما له من سلطة في هذا المجال، جعلها حداً أدنى لقبول طلبات ترك الخدمة المقدمة استناداً إلى أحكام القانون سالف الذكر، ومن ثم فإن رفض طلب المدعي المشار إليه، يكون سليماً ومطابقاً للقانون.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم، تكون الدعوى غير قائمة على أساس سليم من القانون ويكون الحكم المطعون فيه، إذ أخذ بغير هذا النظر، قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، ويتعين - والحالة هذه - القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.


[(1)] قارن حكم المحكمة الإدارية العليا بجلسة 29/ 11/ 1958 المنشور بمجموعة السنة الرابعة بند 22 صفحة 266.

الطعن 281 لسنة 9 ق جلسة 14 / 4 / 1968 إدارية عليا مكتب فني 13 ج 2 ق 107 ص 800

جلسة 14 من إبريل سنة 1968

برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي وأحمد علي البحراوي ومحمد فتح الله بركات وإبراهيم خليل الشربيني المستشارين.

-----------------

(107)

القضية رقم 281 لسنة 9 القضائية

موظف "ضم مدة خدمة سابقة". قرار رئيس الجمهورية رقم 441 لسنة 1916 بشأن تصفية ما بقي من خطوط سكك حديد الدلتا والفيوم الزراعية ووضع قواعد خاصة لتعيين الموظفين والمستخدمين والعمال الذين يعملون بهما ببعض الهيئات العامة 

- عدم سريان ما تضمنه القرار الجمهوري المشار إليه من قواعد لضم مدة الخدمة السابقة، أياً كان وجه تفسيرها، على من تركوا الخدمة بالشركتين المذكورتين قبل تاريخ العمل بقرار رئيس الجمهورية رقم 330 لسنة 1957 في شأن تصفية مرفقي سكك حديد الدلتا والفيوم الزراعية.

------------------
إن المتبين من عنوان القرار الجمهوري رقم 441 لسنة 1961 ومن مجموع نصوصه أنه إنما يعالج أوضاع الأشخاص الذين كانوا يعملون بشركتي سكك حديد الدلتا والفيوم الزراعية وقت أن تقررت تصفيتهما بمقتضى قرار رئيس الجمهورية رقم 330 لسنة 1957. وقد تأكد هذا النظر بما لا يدع مجالاً للشك مما ورد في مادته السادسة آنفة الذكر التي قضت بسريان أحكامه من تاريخ العمل بالقرار رقم 330 لسنة 1957، فحددت بذلك نطاق تطبيقه من حيث الزمان ومن حيث الأشخاص الذين يفيدون من أحكامه، وهو تحديد يخرج من نطاقه من كانوا يعملون بالشركتين المذكورتين وتركوا الخدمة فيهما قبل هذا التاريخ.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 116 لسنة 9 القضائية ضد وزارة العدل بعريضة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة العدل في 21 من مارس سنة 1962 طلب فيها "الحكم بضم مدة الخدمة السابقة بسكة حديد الدلتا التي لم تضم وهي سبع سنوات في المرتب والمعاش وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الوزارة بالمصروفات والأتعاب" وقال بياناً لدعواه إنه التحق بشركة سكك حديد الدلتا في وظيفة محصل اعتباراً من 14 من سبتمبر سنة 1936 حتى 22 من مارس سنة 1950 ثم عين في وظيفة كاتب تحصيل بوزارة العدل اعتباراً من 25 من مارس سنة 1950 ونظراً لاتفاق طبيعة عمله بالحكومة مع طبيعة عمله بالشركة فقد تقدم في الميعاد القانوني بطلب لضم مدة خدمته السابقة في الشركة المذكورة إعمالاً لأحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 فوافقت الوزارة على ضم ثلاث سنوات وثلاثة أشهر فقط إلى مدة خدمته بالحكومة تأسيساً على أن شركة سكك حديد الدلتا لم تتوفر لديها الجنسية المصرية إلا منذ سنة 1946 ونظراً لصدور قرار رئيس الجمهورية رقم 441 لسنة 1961 الذي أوجب ضم مدة الخدمة السابقة في شركة سكك حديد الدلتا وفقاً لأحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 فإنه يحق له - وفقاً لأحكام هذا القرار - أن يطلب ضم ثلاثة أرباع المدة السابقة على سنة 1946 التي قضاها في خدمة الشركة المذكورة. وبجلسة 23 من ديسمبر سنة 1962 قضت المحكمة الإدارية: "بأحقية المدعي في ضم ثلاثة أرباع مدة خدمته السابقة بشركة سكك حديد الدلتا من 14 من سبتمبر سنة 1936 إلى 20 من نوفمبر سنة 1945 مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الوزارة بالمصروفات". وأقامت قضاءها على أن نص المادة الرابعة من قرار رئيس الجمهورية رقم 441 لسنة 1961 قد ورد عاماً مطلقاً بحيث ينسحب حكمه على كل مدد الخدمة التي قضيت في شركة سكك حديد الدلتا سواء في ذلك المدد السابقة على حصولها على الجنسية المصرية في 21 من نوفمبر سنة 1945 أو المدد اللاحقة لذلك، كما يسري أيضاً على جميع من عملوا بالشركة المذكورة ولا يقتصر نطاق تطبيقه على من كانوا يعملون بها عند تصفيتها في 29 من إبريل سنة 1961.
ومن حيث إن الطعن يقوم على وجهين: أولهما أن نص المادة الرابعة من قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958، وهو إذ قضى بضم مدد العمل السابقة التي قضيت في شركة سكك حديد الدلتا والفيوم الزراعية إنما يعني المدد التي توافرت فيها الشرائط المنصوص عليها في القرار رقم 159 لسنة 1958 سالف الذكر، ومن بينها أن تكون الشركة مصرية الجنسية. ومن ثم فإن حكم هذا النص يقف عند المدد التي قضيت في الشركة المذكورة بعد أن توفرت لها الجنسية المصرية وتقتصر عليها، وثانيهما: أن حكم النص المشار إليه لا يسري إلا في شأن العاملين الذين كانوا بالشركة وقت تصفيتها دون أولئك الذين تركوا خدمتها قبل ذلك.
ومن حيث إن قرار رئيس الجمهورية رقم 441 لسنة 1916 بشأن تصفية ما بقي من خطوط سكك حديد الدلتا والفيوم الزراعية ووضع قواعد خاصة لتعيين الموظفين والمستخدمين والعمال الذين يعملون بها ببعض الهيئات العامة قد خول وزير المواصلات في المادة الأولى منه سلطة تصفية ما بقي من خطوط مرفقي سكك حديد الدلتا والفيوم الزراعية، ونظم في المادتين الثانية والثالثة منه شئون الموظفين والمستخدمين والعمال الذين يعملون بالمرفقين المذكورين، فنص على تعيينهم في جهات حددها وعلى ما يمنح لهم من أجور وإعانة غلاء المعيشة ثم نص في مادته الرابعة على أن "مدد العمل السابقة التي قضيت في شركة سكك حديد الدلتا والفيوم الزراعية، تحسب في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة لمن يعين في خدمة الحكومة، وذلك وفقاً للشروط والأوضاع المنصوص عليها في المادة 2 وما بعدها من قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 بشأن حساب مدد العمل السابقة". ونص في المادة السادسة منه على أن "يعمل بهذا القرار من تاريخ العمل بقرار رئيس الجمهورية رقم 330 لسنة 1957 المشار إليه على أن لا تصرف فروق مالية عن مدد سابقة لتاريخ نشر هذا القرار في الجريدة الرسمية". ويبين من عنوان هذا القرار ومن مجموع نصوصه أنه إنما يعالج أوضاع الأشخاص الذين كانوا يعملون بشركتي سكك حديد الدلتا والفيوم الزراعية وقت أن تقررت تصفيتهما بمقتضى قرار رئيس الجمهورية رقم 330 لسنة 1957. وقد تأكد هذا النظر بما لا يدع مجالاً للشك مما ورد في مادته السادسة آنفة الذكر التي قضت بسريان أحكامه من تاريخ العمل بالقرار رقم 330 لسنة 1957، فحددت بذلك نطاق تطبيقه من حيث الزمان ومن حيث الأشخاص الذين يفيدون من أحكامه، وهو تحديد يخرج من نطاقه من كانوا يعملون بالشركتين المذكورتين وتركوا الخدمة فيهما قبل هذا التاريخ.
ومن حيث إنه لما كان الثابت أن المدعي ترك الخدمة في شركة سكك حديد الدلتا في 22 من مارس سنة 1950 وأنه عين بوزارة العدل اعتباراً من 25 من مارس سنة 1950، فإن أحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 441 لسنة 1961 - أياً كان وجه الرأي في خصوص تفسيرها - لا تسري في شأنه لأنه لم يكن من العاملين بالشركة المذكورة وقت تصفيتها، وتكون دعواه - والحالة هذه - غير قائمة على أساس سليم من القانون، وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، ومن ثم يتعين القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 444 لسنة 9 ق جلسة 14 / 4 / 1968 إدارية عليا مكتب فني 13 ج 2 ق 106 ص 795

جلسة 14 من إبريل سنة 1968

برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي وأحمد علي البحراوي ومحمد فتح الله بركات وسليمان محمود جاد المستشارين.

-----------------

(106)

القضية رقم 444 لسنة 9 القضائية

(أ) موظف "إعانة غلاء معيشة". عامل مؤقت. قرار مجلس الوزراء في 29/ 10/ 1952 

- تحديد الأجر القانوني الذي يمنح للعامل المؤقت المعين في وظيفة غير واردة في كشوف كادر العمال على أساسه - إعانة غلاء معيشة، طبقاً لهذا القرار - هو الأجر الذي يمنح له في اليوم التالي لمضي سنة على تعيينه في وظيفته.
(ب) موظف "إعانة غلاء معيشة". عامل مؤقت "إعانة غلاء معيشة". قرار مجلس الوزراء في 29/ 10/ 1952 

- وضع المشرع فيه معياراً ثابتاً للأساس الذي تمنح على مقتضاه إعانة غلاء المعيشة بالنسبة للعمال المؤقتين، بما لا يسمح بتعديل هذا الأساس بعد ذلك عند النقل أو الترقية من مهنة أو درجة إلى أخرى - هو الأجر القانوني الذي يمنح للعامل في اليوم التالي لمضي سنة.

---------------

1 - إن وظيفة "عامل رصد" التي عين فيها المدعي، لم ترد ضمن المهن التي حددت أجورها بالجداول الملحقة بكادر العمال، ومن ثم فإن جهة الإدارة تترخص في تقدير أجر العاملين لديها في هذه الوظيفة، وذلك على حسب طبيعة العمل فيها، ومستوى الأجور السائدة بالنسبة لها، بمراعاة كفاية الاعتماد المالي المخصص لصرف هذه الأجور والتزام حدوده، ومن مقتضى ذلك أن تخضع الأجور التي تمنح لشاغلي تلك الوظيفة لهذه الاعتبارات، إلا إذا رأت جهة الإدارة تحديد قيمة معينة للعاملين فيها - حسبما فعلت في سنة 1961 - ومن ثم يكون الأجر الممنوح للعامل المؤقت الذي يشغل إحدى هذه الوظائف، في اليوم التالي لمضي سنة على تعيينه في وظيفته، هو الأجر القانوني الذي تحسب على أساسه إعانة غلاء المعيشة المقررة بقرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952 المشار إليه.
2 - إن المشرع قد وضع معياراً ثابتاً للأساس الذي تمنح على مقتضاه هذه الإعانة بالنسبة إلى العمال المؤقتين (وهو الأجر القانوني الذي يمنح للعامل اعتباراً من اليوم التالي لمضي سنة عليه في الخدمة) بما لا يسمح بتعديل هذا الأساس بعد ذلك عند النقل أو الترقية من مهنة أو درجة إلى أخرى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 1021 لسنة 49 القضائية، ضد وزارة الأشغال العمومية بعريضة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال والحربية، في 14 من يونيه سنة 1962، بناء على قرار صادر لصالحه في جلسة 2 من مايو سنة 1962، من لجنة المساعدة القضائية بالمحكمة المذكورة، في طلب الإعفاء رقم 378 لسنة 9 القضائية، المقدم منه ضد وزارة الأشغال العمومية، وطلب في عريضة الدعوى "الحكم بأحقيته في إعانة غلاء المعيشة، طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952 على أساس أجر يومي قدره 200 مليم، بعد مضي سنة من تاريخ تعيينه، مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية، وإلزام الوزارة بالمصروفات، ومقابل أتعاب المحاماة". وقال بياناً لدعواه، إنه عين بالوزارة المدعى عليها بتفتيش أبحاث الصرف والمياه الجوفية في وظيفة "ملاحظ تجارب" في 13 من ديسمبر سنة 1954، بأجر يومي قدره 200 مليم، خفض بعد مضي سنة من تعيينه إلى 120 مليماً في اليوم، ومنح إعانة غلاء المعيشة على أساس هذا الأجر، ولما كان أجر الوظيفة التي عين فيها مقدراً في كادر العمال بمبلغ 200 مليم في اليوم، فإنه يستحق إعانة غلاء المعيشة على أساس هذه القيمة، ولذا أقام دعواه مطالباً بهذه الإعانة. وقد أجاب تفتيش أبحاث الصرف والمياه الجوفية عن الدعوى، بأن المدعي عين بالتفتيش في وظيفة "عامل رصد" على اعتماد مؤقت، لعملية تنتهي خدمته بانتهائها، بأجر يومي شامل إعانة غلاء المعيشة قدره 200 مليم، وبعد مضي سنة عليه في الخدمة، حدد أجره اليومي بمبلغ 120 مليماً، ومنح إعانة الغلاء على أساس هذا الأجر بحسب حالته الاجتماعية، وقد رفع أجره في أول ديسمبر سنة 1959 إلى 160 مليماً في اليوم، ثم عدلت وظيفته إلى وظيفة "راصد مناسيب" في 10 من نوفمبر سنة 1961 ومنح أجراً يومياً قدره 200 مليم بخلاف إعانة الغلاء التي منحت له على أساس 160 مليماً، وانتهى التفتيش المذكور إلى أن المدعي حصل على جميع حقوقه كاملة وطلب الحكم برفض الدعوى، كما قدم صورة من كتابه الذي أرسله إلى ديوان الموظفين في 21 من أكتوبر سنة 1961، مستطلعاً رأيه، فيما اقترحه من تحديد لأجور العاملين في كل من مهنة "عامل رصد" و"راصد مناسب" و"ملاحظ رصد" وكذا صورة من رد ديوان الموظفين على هذه الاقتراحات. وبجلسة 12 من يناير سنة 1963، أصدرت المحكمة الإدارية حكمها المطعون فيه "بأحقية المدعي في إعانة غلاء المعيشة على أجره القانوني، وقدره 140 مليماً، اعتباراً من 13 من ديسمبر سنة 1955 إلى 10 من نوفمبر سنة 1961، بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952، وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية، وألزمت الحكومة المصروفات، وبأن تدفع للمدعي مبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة". وأقامت قضاءها، على أن التفتيش الذي يعمل به المدعي، قد أرسل في 21 من أكتوبر سنة 1961 كتاباً إلى ديوان الموظفين، جاء فيه أن التفتيش جرى على إلحاق عمال باليومية المؤقتة به، لرصد مناسيب الآبار ومنح هؤلاء العمال أجوراً تتفاوت على حسب طبيعة العمل ومدى أهميته، ولما كانت مهنة "راصد مناسيب" لم يرد لها ذكر بكادر العمال، فإن التفتيش يواجه صعوبة عند منح هؤلاء العمال إعانة غلاء المعيشة المقررة قانوناً للعمال المؤقتين، واقترح التفتيش تقسيم هذه المهنة إلى ثلاث فئات:
( أ ) "عامل رصد" وهي لا تحتاج إلى الإلمام بالقراءة والكتابة، والأجر المقترح لها هو 140 مليماً في اليوم، في درجة عامل عادي.
(ب) "راصد مناسيب" وهي تحتاج إلى الإلمام بالقراءة والكتابة، وبعض الخبرة، والأجر المقترح لها هو 160 مليماً في اليوم في درجة رئيس عمال.
(جـ) "ملاحظ رصد" وتحتاج إلى الإلمام بالقراءة والكتابة، وإلى خبرة متوسطة، والأجر المقترح لها هو 200 مليم في اليوم، في درجة صانع غير دقيق. وأضافت المحكمة أن ديوان الموظفين لم ير مانعاً من منح العاملين هذه الأجور وذلك في كتابه الذي أرسله إلى التفتيش في أول نوفمبر سنة 1961، ومن ثم فإن أجر المدعي في وظيفة "عامل رصد" يكون 140 مليماً في اليوم، ويستحق إعانة غلاء المعيشة طوال مدة عمله في هذه الوظيفة، على أساس هذا الأجر.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن منح العامل المؤقت 140 مليماً في اليوم لا يكون إلا بعد أن يمضي في العمل أربع سنوات على الأقل، على أن يسمح الاعتماد المعين عليه بذلك، ولا إلزام على التفتيش بأن يمنح مثل هذا العامل أجراً يزيد على بداية الدرجة المحددة للعامل الدائم في كادر العمال وقدرها 120 مليماً في اليوم.
ومن حيث إن النزاع يثور في هذا الطعن حول تحديد أجر المدعي الذي تحسب على أساسه إعانة غلاء المعيشة له، اعتباراً من أول ديسمبر سنة 1955.
ومن حيث إن المدعي عين في 13 من ديسمبر سنة 1954 "عامل رصد" ومنح عند تعيينه أجراً يومياً شاملاً إعانة غلاء المعيشة مقداره 200 مليم، وبعد مضي سنة عليه في الخدمة حدد أجره بمبلغ 120 مليماً في اليوم، ومنح إعانة الغلاء المقررة بقرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952، الذي نظم منح هذه الإعانة للموظفين والمستخدمين والعمال المعينين بصفة غير منتظمة على اعتمادات مؤقتة بالميزانية، على أساس هذا الأجر.
ومن حيث إن وظيفة "عامل رصد" التي عين فيها المدعي، لم ترد ضمن المهن التي حددت أجورها بالجداول الملحقة بكادر العمال، ومن ثم فإن جهة الإدارة تترخص في تقدير أجر العاملين لديها في هذه الوظيفة، وذلك على حسب طبيعة العمل فيها، ومستوى الأجور السائدة بالنسبة لها، بمراعاة كفاية الاعتماد المالي المخصص لصرف هذه الأجور والتزام حدوده، ومن مقتضى ذلك أن تخضع الأجور التي تمنح لشاغلي تلك الوظيفة لهذه الاعتبارات، إلا إذا رأت جهة الإدارة، تحديد قيمة معينة للعاملين فيها - حسبما فعلت في سنة 1961 - ومن ثم يكون الأجر الممنوح للعامل المؤقت الذي يشغل إحدى هذه الوظائف، في اليوم التالي لمضي سنة على تعيينه في وظيفته، هو الأجر القانوني الذي تحسب على أساسه إعانة غلاء المعيشة المقررة بقرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952 المشار إليه، وهو ما فعلته الوزارة المدعى عليها في حق المدعي منذ استحقاقه إعانة الغلاء في 13 من ديسمبر سنة 1955 حتى 9 من نوفمبر سنة 1961.
ومن حيث إنه فضلاً عما تقدم، فقد منح المدعي إعانة غلاء المعيشة، منذ أن عين في 13 من ديسمبر سنة 1954، إذ أنه منح أجراً شاملاً لإعانة الغلاء هذه مقداره 200 مليم في اليوم طوال السنة الأولى التي عين فيها، على خلاف أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952، الذي قضى بصرف هذه الإعانة لمستحقيها اعتباراً من اليوم التالي لمضي سنة عليهم في الخدمة وبالمزيد على ما تقضي به هذه الأحكام، كما منح إعانة غلاء المعيشة اعتباراً من 10 من نوفمبر سنة 1961 - تاريخ شغله وظيفة "راصد مناسيب" - على أساس 160 مليماً، على خلاف ما سبق أن قضت به هذه المحكمة من أن المشرع قد وضع معياراً ثابتاً للأساس الذي تمنح على مقتضاه هذه الإعانة بالنسبة إلى العمال المؤقتين (وهو الأجر القانوني الذي يمنح للعامل اعتباراً من اليوم التالي لمضي سنة عليه في الخدمة) بما لا يسمح بتعديل هذا الأساس بعد ذلك عند النقل أو الترقية من مهنة أو درجة إلى أخرى، ومن ثم فما كان بسائغ منح المدعي إعانة الغلاء على أساس أجر قدره 160 مليماً، ويكون المذكور قد حصل على أكثر مما يستحق من هذه الإعانة.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم، تكون مطالبة المدعي بالحكم باستحقاقه إعانة غلاء المعيشة على أساس أجر قدره 200 مليم في اليوم على غير أساس سليم من القانون، كما يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى باستحقاق المذكور هذه الإعانة من 13 من ديسمبر سنة 1955 حتى 10 من نوفمبر سنة 1961 على أساس أجر يومي قدره 140 مليماً قد جانب الصواب في تأويل القانون وتطبيقه، ويتعين - والحالة هذه - القضاء بإلغائه، وبرفض الدعوى، مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 440 لسنة 31 ق جلسة 8 / 12 / 1966 مكتب فني 17 ج 4 ق 264 ص 1830

جلسة 8 من ديسمبر سنة 1966
برياسة السيد المستشار محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف، وحافظ محمد بدوى، وعباس عبد الجواد، ومحمد صدقي البشبيشي.
----------------
(264)
الطعن رقم 440 لسنة 31 القضائية
(أ) مقاولة. "مسئولية المقاول ورب العمل". "خطأ رب العمل".
مسئولية المقاول مع رب العمل عما يحدث في البناء من عيوب إذا كان قد علم بالخطأ في التصميم الذى وضعه رب العمل ومع ذلك أقره المقاول أو كان الخطأ واضحا لا يخفى أمره على المقاول المجرب. انتفاء مسئولية المقاول إذا نبه رب العمل إلى الخطأ في التصميم ومع ذلك أصر على تنفيذه ومتى كان رب العمل يفوق المقاول في الخبرة وفن البناء. الضرر في هذه الحالة يرجع إلى خطأ رب العمل وحده.
(ب) نقض. "التقرير بالطعن". "الخصوم في الطعن". شركات. "شركة تضامن".
توجيه الطعن إلى المطعون ضده باعتباره ممثلا لشركاء متضامنين. اعتباره موجها إلى شركة التضامن كشخصية مستقلة عن شخصية مديرها ما دامت المقصودة بالخصومة وذكر اسمها في تقرير الطعن وأعلنت به في مركز إدارتها في شخص ممثلها الحقيقي. الخطأ بتقرير الطعن في أسماء الأشخاص الطبيعيين الممثلين للشركة لا يبطل الطعن.
-----------------
1 - المقاول الذي يعمل بإشراف رب العمل الذى وضع التصميم والذي جعل نفسه مكان المهندس المعماري يشترك مع رب العمل في المسئولية عما يحدث في البناء من عيوب إذا كان قد علم بالخطأ في التصميم وأقره أو كان ذلك الخطأ من الوضوح بحيث لا يخفى أمره على المقاول المجرب، إلا أنه إذا كان المقاول قد نبه رب العمل إلى ما كشفه من خطأ في التصميم فأصر على تنفيذه وكان لرب العمل من الخبرة والتفوق في فن البناء ما يفوق خبرة وفن المقاول فإن إذعان المقاول لتعليمات رب العمل في هذه الحال لا يجعله مسئولا عما يحدث في البناء من تهدم نتيجة في التصميم إذ الضرر يكون راجعا إلى خطأ رب العمل وحده فيتحمل المسئولية كاملة.
2 - متى كان الطعن قد وجه للمطعون ضده باعتباره ممثلا لشركاء متضامنين فإنه يكون موجها إلى الشركة باعتبارها شركة تضامن لها شخصية مستقلة عن شخصية مديريها وما دامت الشركة هي الأصيلة المقصودة بذاتها في الخصومة دون ممثليها وقد ذكر اسمها المميز لها عن غيرها في التقرير بالطعن وأعلنت به في مركز إدارتها في شخص ممثلها الحقيقي فإن الطعن يكون صحيحا وفقا لما نصت عليه المادة 14 فقرة رابعة من قانون المرافعات دون اعتداد بما يكون قد وقع في تقرير الطعن من خطأ في أسماء الأشخاص الطبيعيين الممثلين للشركة (1).
---------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع تتحصل - كما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن المطعون ضده عن نفسه وبصفته رفع على الطاعن بصفته الدعوى رقم 1949 لسنة 1953 قائلا في تبيان دعواه أن بلدية الإسكندرية التي يمثلها الطاعن أشهرت عن مناقصة لإنشاء حوض للسباحة وساحة لكرة السلة بملعب فؤاد الأول كما أصدر قسما الهندسة والمبانى ببلدية الاسكندرية كل فى حدود اختصاصه بيانا بتفاصيل المنشآت المطلوبة مرفقا بها الرسومات والتصميمات التى وضعها أستاذ الخرسانة المسلحة بكلية الهندسة بجامعة الاسكندرية بناء على تكليف من البلدية - وقد تقدم المطعون ضده بعطائه مع التأمين المطلوب وقدره 2% من مجموع تكاليف المشروع حسب التقدير الابتدائى ولما رست المناقصة عليه طلبت منه البلدية تكملة التأمين إلى النصاب المطلوب وقدره 10% فقدم خطاب ضمان من البنك البلجيكى بالاسكندرية بمبلغ 11950 ج ثم أصدرت البلدية أمر التشغيل وأبلغته به فى 22/ 11/ 1950 إعلانا ببدء العمل فشرع فى إقامة المنشآت على أساس الرسومات والتصميمات الموضوعة وتحت إشراف المهندسين المنتدبين لمراقبة أعماله وأثناء سير العمل طلبت منه البلدية إجراء تعديلات وإضافات كبيرة تختلف عن أصل المشروع وتزيد عليه بلغت تكاليفها نيفا وأربعين ألفا من الجنيهات وبعد الانتهاء من إقامة المنشآت سلمها إلى البلدية ممثلة فى لجنة من أربعة من مهندسيها وقد تم ذلك التسليم المؤقت بموجب محرر رسمى فى 20/ 9/ 1951 جاء به أنه بعد المعاينة اتضح مطابقة المنشآت لشروط ومواصفات العطاء كما جاء به أيضا أن بعض الأعمال فى حاجة إلى إنجاز (تشطيبات) وإصلاحات قبلت البلدية القيام بها مع إخلاء مسئولية المقاول وبعد مرور سنة على التسليم المؤقت وهو الميعاد المحدد فى 47 من عقد المقاولة للتسليم النهائى طلب من البلدية القيام باستلام المنشآت استلاما نهائيا إلا أنها لم تضع إلى طلبه - وبعد مضى سنتين من الاستلام المؤقت فوجئ من البلدية برفع دعوى مستعجلة قيدت برقم 1087 سنة 1953 مدنى مستعجل الاسكندرية طلبت فيها ندب خبير أو أكثر لمعاينة حوض السباحة وإثبات حالته من هبوط فى منسوبه: تشريخات فى حوائطه وأرضيته وكسوته وكذلك معاينة الكسور فى مواسير التغذية والصرف مع تقدير تكاليف الإصلاح وقد أجابت المحكمة طلب البلدية إلى ندب ثلاثة خبراء معينين بالاسم بعد موافقة المطعون ضده عليهم للقيام بتلك المهمة وقدم الخبراء تقريرهم الذى انتهوا فيه إلى أن العيوب التى حدثت بالمنشآت إنما ترجع إلى تربة الأراضى التى اختارتها البلدية لإقامة حمام السباحة عليها إذ أنها كانت تربة غير متجانسة ومكونة من ردم منقول من هضاب قديمة وأن المسئولية فى ذلك لا تقع على المقاول الذى اقتصر عمله على القيام بالتنفيذ. وعلى الرغم من ذلك فان البلدية تراخت فى الاستلام النهائى ولما كان يستحق قبلها مبلغ 18817 ج و29 م من واقع المستخلص النهائى وأعمال المقاولة فقد رفع هذه الدعوى طالبا الحكم به مع الفوائد من تاريخ المطالبة الرسمية مضيفا إليه مبلغ عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض لحرمانه من المبالغ المستحقة له وللتعريض بكفايته الفنية - كما طلب الحكم له بالإفراج عن مبلغ التأمين المصرفى المقدم منه وقدره 11950 ج مع الفوائد من تاريخ محضر الاستلام المؤقت وبندب خبير لمراجعة حسابات المستخلص الختامى وتقدير الفروق التى يستحقها والناشئة عن أخطاء التقدير وبخس أثمان الاعمال الإضافية بالمقارنة بأثمان المثل. دفع الطاعن الدعوى طالبا رفضها تأسيسا على أن نصوص عقد المقاولة تلزم المقاول بعمل حساب ودراسة طبيعة الأرض وترتيب طبقاتها - كما أنه ملزم بمراجعة الرسومات والتصميمات الخاصة بالعمل قبل الشروع فيه وأنه مسئول عنها كما لو كانت مقدمة منه ما لم يكن سبق التنبيه منه كتابة بوجود عيب أو خطأ فنى فيها ثم وجه الطاعن بجلسة 25/ 12/ 1954 إلى المطعون ضده طلبا عارضا بفسخ عقد المقاولة فسخا جزئيا بالنسبة لحوض السباحة وبرد المبلغ المقابل لهذا الجزء من المقاولة وقدره 14900 جنيه علاوة على تعويض قدره ستة عشر ألف جنيه نظير عدم تنفيذ المقاول شروط العقد. ومحكمة الاسكندرية الابتدائية قضت فى 31 من ديسمبر سنة 1957 فى الدعوى الأصلية - بالزام المدعى عليه بصفته (الطاعن) بالإفراج عن التأمين المصرفى وقدره 11950 جنيها وبإلزام المدعى عليه بصفته (الطاعن) بأن يدفع للمدعى بصفته (المطعون ضده) مبلغ 18817 ج و29 م مع الفوائد بواقع 4% سنويا من تاريخ الحكم حتى السداد ورفض طلبى التعويض والفوائد عن المدة السابقة على الحكم. وقبل الفصل فى الموضوع بندب خبير لتقدير الفروق التى يستحقها المطعون ضده عن أخطاء التقدير إن وجدت أو عن بخس الأعمال الإضافية بالمقارنة إلى ثمن المثل وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة فى 23 أبريل سنة 1959 بالزام الطاعن بصفته بأن يدفع للمطعون ضده بصفته مبلغ 11639 ج و343 م - استأنف الطاعن هذين الحكمين وقيد استئنافه برقمى 49 سنة 14 قضائية، 178 سنة 15 قضائية كما استأنف المطعون ضده الحكم الأول فيما قضى به من رفض طلبى التعويض والفوائد عن المدة السابقة للحكم - وبتاريخ 25 من نوفمبر سنة 1961 قضت محكمة استئناف الاسكندرية بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن وحدد لنظر الطعن جلسة 10/ 11/ 1966 وبالجلسة المحددة صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن المطعون ضده دفع ببطلان الطعن تأسيسا على أن دائرة فحص الطعون أصدرت قرارها باحالة الطعن إلى هذه الدائرة بجلسة 6 من ابريل سنة 1965 ولم يقم الطاعن باعلان المطعون ضده بالطعن إلا فى 8 من مايو سنة 1965 أى بعد مضى أكثر من خمسة عشر يوما من صدور قرار الإحالة مخالفا بذلك نص المادة الحادية عشر من القانون رقم 57 لسنة 1959 التى تلزم الطاعن بإعلان الطعن إلى جميع الخصوم الذين وجه إليهم مؤشرا عليه بقرار الاحالة فى الخمسة عشر يوما التالية لقرار الإحالة مما يترتب عليه بطلان الطعن.
وحيث إن هذا الدفع مردود بأن قضاء هذه المحكمة قد استقر فى ظل القانون رقم 106 لسنة 1962 والذى نقل عبء إعلان الطعن من عاتق الطاعن إلى عاتق قلم الكتاب على أن ميعاد هذا الإعلان لم يعد - بعد صدور القانون المشار إليه - ميعادا حتميا بل مجرد ميعاد تنظمى لا يترتب على تجاوزه البطلان ومن ثم يتعين رفض هذا الدفع.
وحيث إن المطعون ضده دفع بعدم قبول الطعن لرفعه على غير ذى صفة تأسيسا على أن الثابت من تقرير الطعن أنه وجه إلى المرحوم يوسف أحمد يوسف عن نفسه وبصفته ممثلا لأنجال المرحوم محمد أحمد أبو يوسف مع أنه كان قد توفى فى شهر مارس سنة 1960 وحل محله السيد/ محمود أحمد يوسف فلم يعد خصما فى الاستئناف وبالتالى لم يكن خصما فى الحكم المطعون فيه ولما كانت الخصومة فى الطعن لا تكون إلا بين من كانوا خصوما بعضهم لبعض أمام المحكمة التى أصدرت الحكم المطعون فيه فان الطعن يكون مرفوعا على غير ذى صفة وبالتالى يكون غير مقبول.
وحيث إن هذا الدفع فى غير محله ذلك أن الثابت من الأوراق أن كلا من السيدين/ يوسف محمد أحمد أبو يوسف ومحمود أحمد أبو يوسف حينما مثلا فى الخصومة فقد كان ذلك بوصفهما ممثلين لأنجال المرحوم محمد أحمد أبو يوسف وإذ كان الثابت من ملخص عقد الشركة الذى حضرا فى الخصومة على أساسه أن أنجال المرحوم محمد أحمد أبو يوسف يكونون شركة تضامن فان الطعن إذا ما وجه إلى السيد/ يوسف محمد أحمد أبو يوسف باعتباره ممثلا لأنجال المرحوم محمد أحمد أبو يوسف فانه يكون موجها إلى الشركة باعتبارها شركة تضامن لها شخصية مستقلة عن شخصية مديريها - وما دامت الشركة هى الأصلية والمقصودة بذاتها فى الخصومة دون ممثليها وقد ذكر اسمها المميز لها عن غيرها فى التقرير بالطعن وأعلنت به فى مركز إدارتها فى شخص ممثلها الحقيقى السيد/ محمود أحمد يوسف فإن الطعن يكون صحيحا وفقا لما نصت عليه المادة 14 فقرة رابعة من قانون المرافعات وذلك دون اعتداد بما يكون قد وقع فى تقرير الطعن من خطأ فى أسماء الأشخاص الطبيعيين الممثلين للشركة وقد تداركت الطاعنة هذا الخطأ قبل إعلان الطعن فنبهت على قلم الكتاب بتوجيه الاعلان إلى الشركة المطعون ضدها فى شخص ممثلها الحقيقى السيد/ محمود أحمد يوسف وقد تم إعلانها إعلانا صحيحا بالطعن ومن ثم يكون هذا الدفع على غير أساس ويتعين رفضه - ولما كان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فانه يكون مقبولا شكلا.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة المادة 651 من القانون المدنى والخطأ فى تطبيقها ذلك أنه أقام قضاءه على أن العيوب التى ظهرت فى حوض السباحة إنما ترجع إلى عيب فى طبيعة الأرض التى اختارتها البلدية لإقامة الحوض عليها وإلى الخطأ فى التصميم الذى وضعته البلدية وهما أمران لا يسأل عنهما المقاول الذى تقتصر مسئوليته فى هذه الحالة على أعمال التنفيذ - وقد استند الحكم المطعون فيه فى هذا الصدد إلى قضاء الحكم الابتدائى الذى أقيم على نص الفقرة الثانية من المادة 897 من المشروع التمهيدى للقانون المدنى مع أن تلك الفقرة قد عدل المشرع عنها - وعلى نص المادة 652 من القانون المدنى الذى استنتج منها الحكم بطريق مفهوم المخالفة قصر مسئولية المقاول على العيوب الناشئة عن التنفيذ دون تلك الناشئة عن التصميم وترى الطاعنة أن ذلك من الحكم خطأ فى القانون إذ نص المادة 651 صريح فى قيام مسئولية المقاول ولو كان التهدم ناشئا عن عيب فى الأرض ذاتها - حتى لو كان رب العمل عالما بذلك العيب - كما أنه لا محل للاستناد إلى المادة 652 من القانون المدنى لاختلاف دور المهندس عن دور المقاول الذى من واجبه أن يدرس التصميم قبل البدء فى التنفيذ - كما تنعى الطاعنة بالوجه الثانى من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ فى القانون حين قرر عدم مسئولية المقاول عن العيوب الناشئة عن التصميم تأسيسا على أن التصميم قد عمل بمعرفة مهندس البلدية والمهندس الذى انتدبه لهذا الغرض مع أن دور مهندسى البلدية فى تمثيلهم لها كان منحصرا فى مراقبة سير العمل دون أن يكون لهم دخل فى وضع التصميم أو إحداث تغيير فيه كما أن انتداب مهندس لوضع التصميم لا يخلى مسئولية المقاول طبقا لنص المادتين 651 و652 المشار إليهما - هذا إلى أن الحكم قد أخطأ فى القانون أيضا حين استند فى تقرير مسئولية البلدية إلى آراء الخبراء مع أن تقرير تلك المسئولية هو مسألة قانونية من صميم عمل المحكمة وحدها.
وحيث إن هذا النعى بجميع أوجهه غير سديد ذلك أنه وإن كان غير صحيح ما قرره الحكم المطعون فيه - على وجه الاطلاق - من أن المقاول الذى يعمل باشراف رب العمل الذى وضع التصميم والذى جعل نفسه مكان المهندس المعمارى لا يسأل إلا عن العيوب الناشئة عن التنفيذ دون تلك الناشئة عن التصميم - بل الصحيح أن المقاول فى هذا الفرض يشترك فى المسئولية مع رب العمل إذا كان قد علم بالخطأ فى التصميم وأقره أو كان ذلك الخطأ من الوضوح بحيث لا يخفى أمره على المقاول المجرب - إلا أنه مع ذلك إذا كان المقاول قد نبه رب العمل إلى ما كشفه من خطأ فى التصميم فأصر على تنفيذه وكان لرب العمل من الخبرة والتفوق فى فن البناء ما يفوق خبرة وفن المقاول فان اذعان المقاول لتعليمات رب العمل فى هذه الحال لا يجعله مسئولا عما يحدث فى البناء من تهدم نتيجة الخطأ فى التصميم إذ الضرر يكون راجعا إلى خطاب رب العمل وحده فيحتمل المسئولية كاملة ولما كانت البلدية بمهندسيها ومن انتدبتهم من المهندسين فى مركز المتفوق خبرة وفنا بالنسبة للمطعون ضده وكان الثابت من تقريرات الحكم المطعون فيه أنها هى التى أمرت المقاول بتنفيذ التصميم الذى وضعته رغم تنبيه المقاول لها بوجود عيب فى ذلك التصميم وقد تسبب الضرر المدعى به عن هذا العيب فان المقاول لا يسأل عن هذا الضرر - ومتى كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى هذا النظر فإن النعى عليه بالوجه الأول يكون غير منتج - كما يكون كذلك النعى عليه بالوجه الثانى وعلاوة على ذلك فان هذا الوجه لم تتمسك به الطاعنة أمام محكمة الموضوع فلا يجوز لها التحدى به أمام محكمة النقض - كما أنه ليس بصحيح ما جاء بالنعى من أن الحكم المطعون فيه قد اعتمد فى تقرير مسئولية البلدية من الوجهة القانونية على آراء الخبراء إذ أن الحكم وإن كان قد استند فى استخلاصه لعناصر المسئولية إلى تقارير الخبراء إلا أنه حين جاء دور التطبيق القانون عليها قد أقامها على القواعد والنصوص القانونية التى ساقها فى أسبابه ومن ثم يكون النعى بهذين الوجهين على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثالث من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة شروط العقد والخطأ فى تفسيره ذلك أن الفقرة الثانية من المادة 40 من شروط العقد تلزم المقاول بأن يراجع الرسومات والتصميمات الخاصة بالعمل قبل الشروع فيه وبأن يبلغ البلدية فى الوقت المناسب ملاحظاته بشأن هذه الرسوم والتصميمات وتعتبره فى كل حال مسئولا وحده عن جميع الرسومات والتصميمات الخاصة بالأعمال موضوع هذا العقد كما لو كانت مقدمة منه ما لم يكن قد سبق التنبيه منه كتابة بوجود عيب أو خطأ فنى فيها كما نصت مقايسة العملية فى بعض بنودها على أن على كل مناقص أن يعاين موقع العمل وأن يعمل جسات على حسابه وعلى أن ما قامت به البلدية من جسات لم يكن إلا للاسترشاد بها على مسئولية المقاول وأن على المناقص أن يقوم بدراسة طبيعة الأرض دراسة مستوفاة لمعرفة طبيعتها وترتيب طبقاتها وتحديد أعماق الطبقات ومقاومة كل منها وتقول البلدية أن هذه النصوص والشروط قد فرضت على المقاول التزاما حتميا بدراسة طبيعة الأرض ومراجعة الرسومات والتصميمات قبل المشروع فى التنفيذ لضمان سلامتها على أن يقدم ملاحظاته بشأنها كتابة إلى البلدية - فإن لم يفعل كان مسئولا عن نتائج عمله وإذ لم يصدر من المطعون ضده أى اعتراض كتابى على طبيعة الأرض أو على الرسومات والتصميمات فإن المسئولية تلزمه حتما ولا يعفيه منها علم مهندسى البلدية بعيب الأرض التى أقيم عليها حمام السباحة ومن ثم فإذا جاء الحكم المطعون فيه وقرر أنه لا عبرة بالإخطار الكتابى ما دام مهندسو البلدية كانوا على علم بعيب الأرض فإنه يكون مخالفا لشروط العقد وبالتالى مخالفا للقانون كما خالف الحكم شروط العقد أيضا حين أيد الحكم الابتدائى فى قضائه بتعيين خبير لمراجعة حساب العملية والمستخلصات الختامية وتقدير الفروق التى يستحقها المطعون ضده والناشئة عن أخطاء التقدير أو عن بخس اثمان الأعمال الإضافية بالمقارنة إلى اثمان المثل مع أن المطعون ضده كان قد حوسب عن العملية كلها بموجب مستخلصات نهائية أقر على كل صفحة منها بعد مراجعتها بأنه قبل هذه المستخلصات نهائيا وليس له أى مطالبة ضد البلدية بشأنها - هذا إلى أن الحكم قد خالف شروط العقد باعتماده تقرير الخبير بالنسبة لتقدير الأعمال الإضافية مع أن الخبير لم يراع فى هذا التقرير الأسس التى بينتها المادة 39 من العقد.
وحيث إن هذا النعى فى شقه الأول مردود بما أورده الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه لأسبابه من قوله "وحيث إنه تبين من الاطلاع على صور المستندات والتقارير المحررة بمعرفة مهندسى البلدية والخطابات المتبادلة بينهم والمستخرجة بمعرفة الخبراء سالفى الذكر من ملف العملية الموجود بلجنة التطهير والمرفقة بالملفات رقم 2 و3 أن المدعى (المطعون ضده) أخطر كبير مهندسى البلدية بتاريخ 2/ 4/ 1951 بطبيعة الأرض الغير متجانسة وطلب تعديل المواصفات" - ومفاد ذلك أن إخطار المطعون ضده لكبير مهندسى البلدية فى 2/ 4/ 1951 بطبيعة الأرض غير المتجانسة وطلب تعديل المواصفات كان ثابتا بصور المستندات وتقارير المهندسين والخطابات المتبادلة بينهم والمستخرجة من ملف العملية المودع بلجنة التطهير مما يدل على أن هذا الإخطار كان إخطارا كتابيا - ولما كان ما أورده الحكم فى هذا الخصوص ليس محل نعى فإن المطعون ضده يكون قد قام بواجب الإخطار طبقا لما تتطلبه الفقرة الثانية من المادة الأربعين من العقد مما يعفيه من المسئولية عن عيب الأرض وفقا لما اتفق عليه فى هذا الشرط ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه لا يكون مخالفا لشروط العقد - وما دام الحكم قد أثبت حصول الإخطار الكتابى بالفعل على النحو السالف بيانه فإن ما أورده بعد ذلك فى أسبابه من عدم لزوم الإخطار الكتابى ما دام مهندسو البلدية كانوا على علم عيب الأرض يكون استطرادا زائدا على حاجة الدعوى لا يؤثر الخطأ فيه سلامة الحكم أما عن النعى عليه لتأييده الحكم الابتدائى فيما قضى به من تعيين خبير لمراجعة حساب العملية والمستخلصات النهائية على الرغم من توقيع المقاول على إقرار بذيل هذه المستخلصات بنهائية تلك المستخلصات وبعدم مطالبة البلدية بشىء منها فمردود بأن الطاعنة لم تقدم هذه المستخلصات ولا تلك الإقرارات حتى تتبين هذه المحكمة مضمونها وما إذا كانت تعتبر مانعة من معاودة بحث المستخلصات أم لا ومن ثم يكون هذا النعى عاريا عن الدليل.
وحيث إن ما جاء بالنعى من اعتماد تقرير الخبير بالنسبة لتقدير الأعمال الإضافية دون مراعاة الأسس المبينة بنص المادة 39 من العقد فان الحكم الإبتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أورد فى هذا الصدد ما يأتى: "وترى المحكمة أن الخبير قد رد على ذلك بما جاء فى تقريره فى الصفحة رقم 29 بأن البلدية قد كلفت المدعى (المطعون ضده) بالقيام بالأعمال الإضافية التى لم تكن داخلة فى التصميمات وطلبت من المدعى أن يقوم بها فى زمن قصير فقام بها على أكمل وجه وقد ارتفع سعر الخرسانة وارتفع ثمن الحديد واستلزم الأمر ايجاد عمال يعملون بالليل والنهار لإنجاز العمل بسرعة وأن الأعمال الاضافية التى قام بها المدعى كبيرة وليست صغيرة أو محدودة حتى يمكن القول بأنها أعمال اضافية فى نطاق ضيق الأمر الذى ترى معه المحكمة الأخذ بما اتجه إليه الخبير فى هذا الجزء من الأعمال" ويبين من ذلك أن الحكم المطعون فيه قد استند فى عدم إعمال المادة 39 من شروط العقد إلى أن الأعمال الاضافية التى قام بها المطعون ضده هى أعمال جسيمة بحيث لا يصدق عليها وصف الأعمال الاضافية - ولما كانت المادة المذكورة قد خولت البلدية الحق فى تعديل الأعمال التى يقوم بها المقاول سواء بالزيادة أو بالنقص أى خولت لها تكليف المقاول القيام بأعمال اضافية وفى الوقت نفسه افترضت أن هذه الأعمال الإضافية قد لا تزيد على عشرين فى المائة من قيمة العقد وقد تزيد على ذلك ثم بينت الأسس الواجب اتباعها فى تقدير تلك الأعمال الإضافية سواء ما لم يزد منها على عشرين فى المائة أو ما زاد عليها ومهما بلغت هذه الزيادة ومن ثم فقد تضمنت هذه المادة أسس تقدير الأعمال الاضافية أيا كانت جسامتها فإذا جاء الحكم المطعون فيه وقرر أن ما قام به المطعون ضده من أعمال اضافية يخرج عن نطاق المادة 39 المذكورة وقدرها على أسس مغايرة لتلك التى وردت بهذه المادة فانه يكون قد خالف القانون بمخالفته شروط العقد ولا يغير من هذا النظر ما قرره الحكم المطعون فيه عن ارتفاع أسعار الخرسانة والحديد كمبرر لمخالفة شروط العقد والأخذ بالأسس التى اعتمدها وذلك لما للعقد من قوة ملزمة يجب النزول على حكمها إلا فى أحوال خاصة لم يدع أحد قيامها فى هذه الدعوى ومن ثم فانه يتعين نقض الحكم المطعون فيه فيما قضى به من تأييد الحكم الإبتدائى الصادر فى 23 من ابريل سنة 1959 والقاضى بالزام الطاعنة بمبلغ 11639 ج و343 م الذى قدره الخبير دون مراعاة الأسس الواردة فى المادة 39 من شروط العقد.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثانى على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال ذلك أن الحكم الإبتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه قد انتهى فى قضائه إلى أن إرادة الطرفين قد اتجهت إلى إقامة حوض السباحة ليبقى لمدة أقل من عشر سنوات إذ عمل خصيصا لإقامة الدورة الأوليمبية التى كان محددا لها 5 من اكتوبر سنة 1951 وذلك أخذا بما استبان له من ظروف الدعوى ومحاضر الخبراء وأقوال الطرفين فيها دون أن يبين الحكم محاضر الخبراء وأقوال الطرفين التى استخلص منها تلك النتيجة وبذلك جاء الحكم مشوبا بالقصور هذا إلى أنه استدل فى استخلاصه تلك النتيجة بما جاء بتقرير خبراء إثبات الحالة من أن البلدية اضطرت إلى إقامة الحوض حسب التصميم المعيب حتى لا تتعطل الدورة الأوليمبية فجاء الحكم بذلك مشوبا بفساد الاستدلال إذ أن ما جاء بتقرير الخبراء لا يعدو أن يكون رأيا شخصيا كما أن ظروف انشاء الحوض والاهتمام بوضع تصميمه وارتفاع تكاليفه تنبئ عن أن انشاءه قد قصد به أن يبقى مدة أطوال من عشر سنوات - هذا إلى أن الطاعنة قدمت لمحكمة الدرجة الأولى مذكرة ضمنتها عشر ملاحظات على تقرير الخبير الذى ندبته المحكمة لمراجعة حسابات العملية وقد ردت المحكمة على ثلاث ملاحظات واكتفت فى الرد على الباقى منها بأنها غير مبنية على أسس سليمة وأن الخبير قد ناقشها فلما استأنفت الطاعنة هذا الحكم عابت عليه الطاعنة عدم رده على تلك الملاحظات ردا مقنعا مما كان يجب معه على الحكم المطعون فيه أن يعنى بالرد عليها لكنه لم يفعل فجاء معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الخاص بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بأن النعي بهما غير منتج لما جاء في الرد على السبب الأول إذ أن أسباب الحكم التي يتناولها النعي تعتبر زائدة على حاجة الدعوى فمهما اعتورها من عيب فانه لا يفسد الحكم. ومردود في شقه الخاص بعدم الرد على الملاحظات التي أثارتها الطاعنة على تقرير الخبير بأن هذا النعي أصبح ولا محل لبحثه بعد أن انتهت هذه المحكمة إلى نقض الحكم المطعون فيه فيما أخذ به من تقديرات الخبير التي وجهت بشأنها تلك الملاحظات.
--------------------
(1) نقض 3/ 1/ 1963 بمجموعة المكتب الفني س 14 ص 67 و14/ 4/ 1966 س 17 ص 862.

الطعن 176 لسنة 12 ق جلسة 13 / 4 / 1968 إدارية عليا مكتب فني 13 ج 2 ق 105 ص 787

جلسة 13 من إبريل سنة 1968

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز زخاري ومحمد طاهر عبد الحميد ومحمد صلاح الدين السعيد ومحمد بهجت عتيبة المستشارين.

----------------

(105)

القضية رقم 176 لسنة 12 القضائية

(أ) موظف "تأديب". تكليف 

- تقدير الجزاء التأديبي - الأصل فيه أنه من إطلاقات جهة الإدارة - يحد سلطتها في ذلك قيام المشرع بتحديد جزاء معين للمخالفة - مثال ذلك ما تنص عليه المادة 95 من القانون رقم 26 لسنة 1954 بشأن بعض الأحكام الخاصة بالشركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة، معدلة بالقانون رقم 155 لسنة 1955، من توقيع جزاء الفصل من الوظيفة العامة على العامل الذي يجمع بين عمل الوظيفة العامة الذي يتقاضى عنه مرتباً والقيام بإدارة أو عضوية مجلس إدارة إحدى الشركات المساهمة أو الاشتراك في تأسيسها أو الاشتغال ولو بصفة عرضية بأي عمل ولو استشاري فيها، وسواء كان بأجر أو بغير أجر - لا يمنع من وجوب إنزال هذا الجزاء الحتمي كون العامل المخالف مهندساً خاضعاً لأحكام القانون رقم 296 لسنة 1956 بشأن تكليف المهندسين - عدم الاعتداد بما يكون قد تقدم به من استقالة.
(ب) موظف "تأديب" 

سقوط حكم المادة 95 من القانون رقم 26 لسنة 1954 المشار إليها في مجال التطبيق بالنسبة لشركات القطاع العام طبقاً للفقرة الثانية من المادة التاسعة من القانون رقم 32 لسنة 1966 بإصدار قانون المؤسسات العامة وشركات القطاع العام، وذلك اعتباراً من تاريخ العمل بهذا القانون - الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في حكم المحكمة التأديبية لقيام حالة من أحوال الطعن في الحكم تستوجب إلغاءه - عدم التقيد بنص المادة 95 المشار إليها عند تقديرها الجزاء على المخالفة المتقدم ذكرها (1) - سلطة المحكمة في تقدير الجزاء.

-----------------
1 - إن المستفاد من أحكام القانون رقم 296 لسنة 1956 أن المشرع حظر على مهندسي الوزارات والهيئات والمؤسسات العامة من الدرجة الثالثة فما دونها الامتناع عن أداء أعمال وظائفهم إلا إذا انتهت مدة خدمتهم بأحد الأسباب المنصوص عليها في المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 وأن مقتضى حكم المادة 95 من القانون رقم 26 لسنة 1954 حظر الجمع بين الوظائف العامة التي يتناول صاحبها مرتباً وبين إدارة أو عضوية مجلس إدارة إحدى الشركات المساهمة أو الاشتراك في تأسيسها أو الاشتغال ولو بصفة عرضية بأي عمل أو استشارة فيها سواء أكان ذلك بأجر أم بغير أجر وقد رتبت هذه المادة جزاء الفصل من الوظيفة العامة على مخالفة هذا الحظر، لذلك فإنه لا اعتداد بالاستقالة التي قدمها المطعون ضده في 4 من سبتمبر سنة 1963 والتي أفصحت الإدارة عن عدم قبولها وكلفته العودة إلى العمل بعد تقديمها توكيداً لقيام العلاقة الوظيفية بينها وبين المطعون ضده، وقيام هذه الرابطة يقتضيه مزاولة مهام الوظيفة فإذا تخلف عن أداء هذه المهام والتحق بالعمل في إحدى الشركات المساهمة دون ترخيص رغم قيام رابطة الوظيفة بينه وبين وزارة الري فإنه يكون قد خرج على مقتضيات الوظيفة وارتكب ذنباً إدارياً يستوجب مجازاته عنه بالجزاء الحتمي الوارد على سبيل التحديد في البناء (2) من المادة 95 من القانون رقم 26 لسنة 1954 سالف الذكر، دون أن يكون للقضاء سلطة في تقدير الجزاء وتوقيع جزاء آخر غير هذا الجزاء الذي حدده القانون.
2 - إن قيام سبب للطعن في حكم المحكمة التأديبية بعد سقوط أحكام القانون رقم 26 لسنة 1954 والقوانين المعدلة له من مجال التطبيق بالنسبة لشركات القطاع العام طبقاً لما تقضي به الفقرة الثانية من المادة التاسعة من القانون رقم 32 لسنة 1966 بإصدار قانون المؤسسات العامة وشركات القطاع العام الذي سرى العمل به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية في 5 من أغسطس سنة 1966 يجعل المحكمة الإدارية العليا وهي بصدد إنزال حكم القانون غير مقيدة بالجزاء الحتمي المنصوص عليه في المادة 95 من القانون رقم 26 لسنة 1954 الذي سقط من مجال التطبيق بالنسبة إلى الشركة التي التحق بها المطعون ضده وهي شركة مساهمة من شركات القطاع العام وإنما تنزل على المطعون ضده أحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1964 إعمالاً للأثر المباشر لهذا القانون، الذي أورد الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على العاملين ولم ينص على توقيع جزاءات معينة على سبيل التحديد تاركاً التقدير للسلطة المختصة بتوقيع الجزاء.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن النيابة الإدارية أقامت الدعوى التأديبية ضد المهندس محمد محمد الطويل بإيداع أوراقها سكرتيرية المحكمة التأديبية بالإسكندرية في 6 من يوليه 1964 وقد حدد قرار الاتهام المخالفة المنسوبة إلى المهندس المتهم وحاصلها أنه خلال الفترة من 3 من أكتوبر 1963 حتى 9 من إبريل سنة 1964 بدائرة محافظة البحيرة، بصفته من المهندسين الذين يشغلون درجة دون الثانية خالف القانون وخرج على مقتضى الواجب بأن انقطع عن مباشرة عمله بعد انتهاء إجازته الاعتيادية دون أن تنتهي مدة خدمته بأحد الأسباب المنصوص عليها قانوناً. وذلك بالمخالفة لنصوص المواد 57، 62، 83 من القانون رقم 210 لسنة 1951 والمادة الخامسة من القانون رقم 296 لسنة 1956 المعدل بالقانون رقم 74 لسنة 1964، ولدى نظر الدعوى أمام المحكمة التأديبية بالإسكندرية بجلسة 28 من نوفمبر سنة 1964 قرر المهندس المتهم أنه عين بمصلحة الميكانيكا والكهرباء في شهر مارس سنة 1950 وعمل في عدة جهات نائية بأنحاء الجمهورية وأنه رغبة منه في رعاية أسرته المكونة من والدين مسنين مريضين يقيمان بالإسكندرية فإنه قدم استقالته من العمل الحكومي في 3 من سبتمبر سنة 1963 والتحق بالعمل بالشركة الأهلية للغزل والنسيج في 4 من سبتمبر سنة 1963 في وظيفة مهندس براتب شهري مقداره 57 جنيهاً وهو يقل في مقداره عن الراتب الذي كان يتقاضاه في عمله الحكومي وأنه قبل العمل براتب أقل لظروفه آنفة الذكر، وقد وجهت النيابة الإدارية إلى المهندس المتهم في ذات الجلسة تهمة ثانية حاصلها أنه خلال الفترة من 4 من سبتمبر سنة 1963 حتى الآن جمع بين وظيفته الحكومية وبين العمل في شركة مساهمة هي الشركة الأهلية للغزل والنسيج وذلك بالمخالفة للمواد 95 من القانون رقم 26 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 155 لسنة 1955 و79 من القانون رقم 210 لسنة 1952 و54 من القانون رقم 46 لسنة 1964.
وبجلسة 30 من أكتوبر سنة 1965 حكمت المحكمة التأديبية بالإسكندرية بمجازاة المهندس محمد محمد الطويل بخصم ثلاثة أيام من مرتبه وأقامت قضاءها على أن الثابت بالأوراق وبإقرار المهندس المذكور أن المتهم مهندس متخرج من كلية الهندسة بجامعة الإسكندرية ويشغل وظيفة دون الدرجة الثانية بالحكومة وأنه قدم استقالته في 4 من سبتمبر سنة 1963 وانقطع عن العمل من 3 أكتوبر سنة 1963 ولا يزال منقطعاً عنه بغير إذن وقبل أن تنتهي خدمته بأحد الأسباب المنصوص عليها في المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 وذلك فيما عدا الاستقالة سواء كانت صريحة أو ضمنية كما أنه جمع منذ 4 من سبتمبر سنة 1963 بين وظيفته العامة وبين العمل بالشركة الأهلية للغزل والنسيج بالإسكندرية وهي شركة مساهمة عربية وبذلك يكون قد خالف أحكام القانون مما يستوجب مساءلته تأديبياً وأوردت المحكمة في أسباب الحكم أنها وهي في مقام تقدير الجزاء المناسب تأخذ في الاعتبار الدوافع التي حدت بالمخالف إلى ارتكاب المخالفة وهي على ما يبين من كتاب السيد المهندس رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب للشركة الأهلية للغزل والنسيج المؤرخ 30 من نوفمبر سنة 1964 والموجه إلى السيد المهندس وزير الري تجمل في تدهور حالة أسرته بتكليفه وتكليف أخويه المهندسين للعمل بوزارة الكهرباء أحدهما بمنخفض القطارة والآخر في أسوان واستشهاد شقيقه الملازم عبد الحميد الطويل باليمن ورعاية المخالف لزوجته وأولاده القصر ومرض والديه الطاعنين في السن وأن هذه الأسباب مجتمعة هي التي حدت به إلى الاستقالة ليكون بجانب أسرته ليرعاها باعتباره عائلها الوحيد وأن الغرض المادي لم يكن هو الدافع على تقديمها حيث لم يحصل على أية ميزات مادية نتيجة لتلك الاستقالة وأن هذه الدوافع كانت محل تقدير واعتبار السيد المهندس وزير الري حيث وافق في 20 من مارس سنة 1965 على نقل المخالف إلى المؤسسة المصرية العامة للغزل والنسيج وطلبت الوزارة التي يتبعها المخالف من المؤسسة موافاتها بموافقة لجنة شئون العاملين على هذا النقل وذلك بالكتاب رقم 3/ 8/ 2007 - 83742 بتاريخ 9 من مايو سنة 1965 وهذا يعني عدم الحاجة إلى المخالف للعمل بالوزارة التي يتبعها كما تأخذ المحكمة في الاعتبار ما استظهرته من الأوراق من حاجة الشركة التي ألحق للعمل بها لخبرته وهي شركة من شركات القطاع العام تؤدي رسالة هامة في تنمية الاقتصاد القومي الأمر الذي ترى معه المحكمة الاكتفاء بمجازاة المخالف بخصم ثلاثة أيام من مرتبه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن القانون رقم 26 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 155 لسنة 1955 قد حظر الجمع بين الوظيفة العامة والعمل في الشركات المساهمة ورتب على هذا الجمع فصل الموظف المخالف فمن ثم تلتزم المحاكم التأديبية في كل الحالات التي يتحقق فيها من جمع الموظف بين عمله في الحكومة وتأدية أي عمل للشركات المساهمة ولو بصفة عرضية أو على سبيل الاستشارة أن تصدر حكمها بعزل الموظف المخالف من عمله في الحكومة ولا يجوز لها العدول عن الجزاء المحدد قانوناً بمقولة إن توقيع هذه العقوبة يتنافى والحكمة التي هدف إليها المشرع، وأن الثابت بالأوراق ومن إقرار المخالف أنه التحق بالعمل بالشركة الأهلية للغزل والنسج بالإسكندرية اعتباراً من 4 من سبتمبر سنة 1963 ولا يزال يعمل بها حتى الآن ومن ثم فقد جمع بين الوظيفة العامة كمهندس بمحطات العطف الكهربائية بتفتيش غرب الدلتا والعمل بإحدى الشركات المساهمة ويكون قيامه بهذا الجمع أمراً محظوراً قد اقترفه مخالفاً بذلك نص المادة 95 من القانون رقم 26 لسنة 1945 معدلة بالقانون رقم 155 لسنة 1955 ويكون بذلك قد خالف واجبات وظيفته وخرج على مقتضى الواجب في أعمالها وفقاً لما يقضي به القانون وبالتالي يقع تحت طائلة الجزاء الحتمي الذي لا مناص منه وهو الوارد على سبيل التحديد دون أن يكون للقضاء سلطة تقدير العقوبة المنصوص عليها في البند الثاني من المادة 95 آنفة الذكر وهذا الجزاء هو الفصل من الوظيفة وبذلك يكون حكم المحكمة التأديبية المطعون فيه قد جانب الصواب ويتعين القضاء بإلغائه.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن المطعون ضده حصل على بكالوريوس في الهندسة الميكانيكية من جامعة الإسكندرية عام 1949 وعين في 16 من إبريل سنة 1950 في وظيفة مهندس من الدرجة السادسة بمصلحة الميكانيكا والكهرباء وتدرج في الترقيات إلى أن رقي إلى الدرجة الثالثة اعتباراً من 17 من سبتمبر سنة 1961 وقد ألحق بمحطة توليد القوى بالقصاصين وبعد أن منح إجازة اعتيادية في المدة من 4 من سبتمبر سنة 1963 إلى 3 من أكتوبر 1963 تقدم باستقالة مؤرخة 4 من سبتمبر سنة 1963 وصدر قرار بنقله إلى تفتيش محطات غرب الدلتا بالمحمودية اعتباراً من 7 من سبتمبر سنة 1963 فتقدم في التاريخ المذكور بطلب لإخلاء طرفه من محطة توليد القوى بالقصاصين ليتسلم عمله في الجهة المنقول إليها إلا أنه لم يتسلم عمله في التفتيش المنقول إليه فأخطر في أول أكتوبر سنة 1963 بموجب الكتاب الموصى عليه رقم 56355 بعدم قبول طلب الاستقالة المقدم منه وبضرورة عودته إلى العمل طبقاً لما تقضي به أحكام القانون رقم 296 لسنة 1956 وأن الوزارة ستقوم بإبلاغ النيابة العامة بالواقعة في حالة تخلفه إلا أنه لم يأبه بهذا الإخطار وظل منقطعاً عن العمل فأبلغت النيابة العامة بالواقعة بتاريخ 12 من ديسمبر سنة 1963 كما أبلغت النيابة الإدارية فأجرت تحقيقاً سمعت فيه أقوال السيد/ محمد السعيد شلبي رئيس مكتب تفتيش محطات وطلمبات غرب الدلتا بالمحمودية الذي قرر أن المهندس/ محمد محمد الطويل لم يتسلم عمله بتفتيش غرب الدلتا المنقول إليه وأن مصلحة الميكانيكا والكهرباء سبق أن أخطرته بكتابها رقم 56355 بتاريخ أول أكتوبر سنة 1963 بعدم قبول استقالته وضرورة عودته إلى العمل وسئل المهندس المتهم في التحقيق فقرر أنه قدم استقالته لظروف عائلية إذ أنه أكبر أفراد العائلة ويعول والده ووالدته المسنين وأنه سبق أن أمضى خمسة عشر عاماً في العمل بوزارة الري تنقل خلالها إلى عدة جهات حيث عمل في السودان ونجع حمادي والفيوم والقصاصين ومديرية التحرير وأن حالة أولاده الصحية تستوجب وجوده بالإسكندرية واعترف بأنه انقطع عن العمل وأنه لم يتسلم عمله بمحطات طلمبات غرب الدلتا بعد نقله إليها وأنه أخطر بعدم قبول استقالته وذكر أنه لم يلتحق بأي عمل آخر وأنه يعمل كمهندس استشاري يقدم مشورته لمن يطلبها ثم قرر أمام المحكمة التأديبية بالإسكندرية بجلسة 28 من نوفمبر سنة 1964 أنه التحق بالعمل بالشركة الأهلية للغزل والنسج في 4 من سبتمبر سنة 1963 في وظيفة براتب شهري مقداره 57 جنيهاً.
ومن حيث إن المادة الثالثة من القانون رقم 296 لسنة 1956 في شأن أوامر التكليف للمهندسين المصريين خريجي الجامعات المصرية تنص على أن يصدر الوزير المختص أو من ينيبه أمر تكليف إلى الخريجين الذين رشحتهم اللجنة للعمل في الوظائف التي عينتها ويكون هذا الأمر نافذاً لمدة سنتين قابلة للامتداد، كما تنص المادة الخامسة منه على أن يحظر على مهندسي الوزارات والهيئات والمؤسسات العامة من الدرجة الثالثة فما دونها الامتناع عن تأدية أعمال وظائفهم ما لم تنته خدمتهم بأحد الأسباب المنصوص عليها في المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 وذلك فيما عدا الاستقالة سواء كانت صريحة أو ضمنية فإنها تعتبر كأن لم تكن، كما تنص المادة 95 من القانون رقم 26 لسنة 1954 بشأن بعض الأحكام الخاصة بشركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة معدلة بالقانون رقم 155 لسنة 1955 على أنه: بند (1) لا يجوز الجمع بين وظيفة من الوظائف العامة التي يتناول صاحبها مرتباً وبين إدارة أو عضوية مجلس إدارة إحدى شركات المساهمة أو الاشتراك في تأسيسها أو الاشتغال ولو بصفة عرضية بأي عمل فيها ولو على سبيل الاستشارة سواء كان ذلك بأجر أم بغير أجر حتى ولو كان حاصلاً من الجهة الإدارية التابع لها على ترخيص يخوله العمل خارج وظيفته العامة، ومع ذلك يجوز لمجلس الوزراء أن يرخص في الاشتغال بمثل هذه الأعمال بمقتضى إذن خاص يصدر في كل حالة بذاتها. بند (2) ويفصل الموظف الذي يخالف هذا الحظر من وظيفته بقرار من الجهة التابع لها بمجرد تحققها من ذلك كما يكون باطلاً كل عمل يؤدي بالمخالفة لحكم الفقرة السابقة ويلزم المخالف بأن يؤدي ما يكون قد قبضه من الشركة لخزانة الدولة.
ومن حيث إن المستفاد من أحكام القانون رقم 296 لسنة 1956 أن المشرع حظر على مهندسي الوزارات والهيئات والمؤسسات العامة من الدرجة الثالثة فما دونها الامتناع عن أداء أعمال وظائفهم إلا إذا انتهت مدة خدمتهم بأحد الأسباب المنصوص عليها في المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 وأن مقتضى حكم المادة 95 من القانون رقم 26 لسنة 1954 آنف الذكر حظر الجمع بين الوظائف العامة التي يتناول صاحبها مرتباً وبين إدارة أو عضوية مجلس إدارة إحدى الشركات المساهمة أو الاشتراك في تأسيسها أو الاشتغال ولو بصفة عرضية بأي عمل أو استشارة فيها سواء أكان ذلك بأجر أم بغير أجر وقد رتبت هذه المادة جزاء الفصل من الوظيفة العامة على مخالفة هذا الحظر، لذلك فإنه لا اعتداد بالاستقالة التي قدمها المطعون ضده في 4 من سبتمبر سنة 1963 والتي أفصحت الإدارة عن عدم قبولها وكلفته بالعودة إلى العمل بعد تقديمها توكيداً لقيام العلاقة الوظيفية بينها وبين المطعون ضده، وقيام هذه الرابطة يقتضيه مزاولة مهام الوظيفة فإذا تخلف عن أداء هذه المهام والتحق بالعمل في إحدى الشركات المساهمة دون ترخيص رغم قيام رابطة الوظيفة بينه وبين وزارة الري فإنه يكون قد خرج على مقتضيات الوظيفة وارتكب ذنباً إدارياً يستوجب مجازاته عنه بالجزاء الحتمي الوارد على سبيل التحديد في البند (2) من المادة 95 من القانون رقم 26 لسنة 1954 سالف الذكر، دون أن يكون للقضاء سلطة في تقدير الجزاء وتوقيع جزاء آخر غير هذا الجزاء الذي حدده القانون، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه وقد قضى بتوقيع جزاء بخصم ثلاثة أيام من مرتب المطعون ضده يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وهو ما كان يقتضي في الأصل إلغاء الحكم وتوقيع الجزاء الحتمي الذي نص عليه البند (2) من المادة 95 آنفة الذكر وهو الفصل من الوظيفة العامة، على أنه قد قام في الحكم سبب من أسباب الطعن بعد أن سقطت أحكام القانون رقم 26 لسنة 1954 والقوانين المعدلة له من مجال التطبيق بالنسبة لشركات القطاع العام طبقاً لما تقضي به الفقرة الثانية من المادة التاسعة من القانون رقم 32 لسنة 1966 بإصدار قانون المؤسسات العامة وشركات القطاع العام الذي سرى العمل به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية في 5 من أغسطس سنة 1966 والتي تنص على أنه لا تسري على شركات القطاع العام أحكام القانون رقم 26 لسنة 1954 بشأن بعض الأحكام الخاصة بشركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة والقوانين المعدلة له. لذلك فإن هذه المحكمة وهي بصدد إنزال حكم القانون بعد أن قام في الحكم سبب من أسباب الطعن لا تكون مقيدة بالجزاء الحتمي المنصوص عليه في المادة 95 من القانون رقم 26 لسنة 1954 الذي سقط من مجال التطبيق على الشركة الأهلية للغزل والنسيج بالإسكندرية التي التحق بها المطعون ضده وهي شركة مساهمة من شركات القطاع العام وإنما تنزل على المطعون ضده أحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1964 إعمالاً للأثر المباشر لهذا القانون، ولما كانت المادة 61 من القانون المذكور قد أوردت الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على العاملين ولم ينص على توقيع جزاءات معينة على سبيل التحديد تاركة التقدير للسلطة المختصة بتوقيع الجزاء، لذلك وفي ضوء الاعتبارات التي أوردتها المحكمة التأديبية بالإسكندرية والسالف بيانها فإن المحكمة ترى أن خصم ثلاثة أيام من راتب المطعون ضده هو جزاء مناسب لما فرط منه في ضوء الملابسات التي سبقت الإشارة إليها وهو ما يتعين معه الإبقاء على هذا الجزاء وما يقتضيه ذلك من رفض الطعن.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً.


(1) قارن حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 25 من فبراير سنة 1967 المنشور بمجموعة السنة الثانية عشرة - العدد الثاني - المبدأ رقم 73.

الطعن 11505 لسنة 88 ق جلسة 2 / 11 / 2019 مكتب فني 70 ق 81 ص 745

جلسة 2 من نوفمبر سنة 2019
برئاسة السيد القاضي / وجيه أديب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / بدر خليفة ، خالد جاد ، خالد إلهامي وممدوح فزاع نواب رئيس المحكمة .
-----------------
(81)
الطعن رقم 11505 لسنة 88 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
حكم الإدانة . بياناته ؟ المادة 310 إجراءات جنائية .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون مجموع ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
مثال .
(2) قصد جنائي . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي " . قتل عمد .
قصد القتل . أمر خفي . إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه . استخلاص توافره . موضوعي.
مثال لتدليل سائغ على توافر نية القتل في جريمة قتل عمد مع سبق الإصرار .
(3) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
النعي بخصوص شهادة لم يتساند الحكم إليها . غير مقبول .
(4) باعث . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
الباعث على الجريمة . ليس من عناصرها القانونية . التفات الحكم عنه . لا يعيبه .
(5) سبق إصرار . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر سبق الإصرار " .
سبق الإصرار . حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني . للقاضي استخلاص توافره من الوقائع والظروف الخارجية . ما دام سائغاً . توافره في حقه . شرطه ؟
مثال .
(6) اقتران . قتل عمد . ظروف مشددة . عقوبة " العقوبة المبررة " . نقض " المصلحة في الطعن " .
إثبات الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما . كفايته لتغليظ العقاب عملاً بالمادة 234/2 عقوبات .
نعي الطاعن بشأن توافر ظرف الاقتران . غير مجد . ما دامت العقوبة الموقعة عليه مقررة للجريمة التي دين بها مجردة من ذلك الظرف .
مثال لتدليل سائغ على توافر ظرف الاقتران في جريمة القتل العمد .
(7) إثبات " بوجه عام " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟
ورود شهادة الشاهد على الحقيقة المراد إثباتها بجميع تفاصيلها . غير لازم . شرط ذلك ؟
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان المحكمة بالدليل الصحيح . غير جائزة أمام محكمة النقض .
(8) إثبات " بوجه عام " . استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل "" سلطتها في تقدير جدية التحريات " .
حرية القاضي في تكوين عقيدته والأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه . عدم جواز مطالبته بالأخذ بدليل معين . حد ذلك ؟
للمحكمة التعويل على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة .
(9) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
النعي على المحكمة استنادها لوقائع لا أصل لها . غير مقبول . ما دامت قد أثبتتها مما له سنده ومعينه من التحقيقات .
(10) إثبات " بوجه عام " " شهود " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
عدم التزام المحكمة بأن تورد في حكمها من الأدلة وأقوال الشهود إلا ما تقيم قضاءها عليه . إغفالها بعض الوقائع . مفاده : اطراحها .
مثال .
(11) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . جريمة " أركانها " . قتل عمد . ذخائر .
نعي الطاعن بشأن نوع العيار محدث الإصابة . دفاع موضوعي . لا يستلزم رداً صريحاً .
آلة القتل . ليست من الأركان الجوهرية في الجريمة . النعي بشأن ذلك . غير مجد .
(12) إثبات " خبرة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير آراء الخبراء " .
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات . موضوعي .
مثال .
(13) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر رابطة السببية " . قتل عمد .
تقدير توافر علاقة السببية . موضوعي . حد ذلك ؟
مثال لتدليل سائغ على توافر علاقة السببية في جريمة قتل عمد .
(14) إثبات " شهود " . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
للمحكمة الاستغناء عن سماع شهود الإثبات مع الاعتماد على أقوالهم بالتحقيقات . شرط ذلك ؟
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها . غير مقبول .
(15) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الطلب الجازم الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه . ماهيته ؟
مثال لما لا يعد طلباً جازماً .
(16) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً ومحدداً .
مثال .
(17) إعدام . شريعة إسلامية .
النعي على الحكم مخالفته لمبادئ الشريعة الإسلامية لقضائه بالإعدام على قاتل ابنه . غير مقبول . علة ذلك ؟
(18) قانون " إلغاؤه " . اتفاقيات دولية . إعدام . عقوبة " تطبيقها " .
إلغاء النص التشريعي . حالاته ؟
تطبيق أحكام العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية . لا يؤثر في مجال توقيع عقوبة الإعدام المعمول بها في جمهورية مصر العربية . علة وأساس ذلك ؟
عدم توقيع جمهورية مصر العربية على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي والخاص بإلغاء عقوبة الإعدام . أثره : عدم التزامها به . النعي على الحكم مخالفته للاتفاقيات الدولية . غير مقبول .
(19) إعدام . نيابة عامة . محكمة النقض " سلطتها " .
إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة في قضايا الإعدام أو توقيعها من محام عام بتوقيع مقروء . غير لازم . اتصال محكمة النقض بها بمجرد عرضها عليها دون التقيد بالرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها . أساس وعلة ذلك ؟
(20) محاماة . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
حضور محام مقبول للمرافعة أمام محكمة الجنايات مدافعاً عن المحكوم عليه بالإعدام . أثره : صحة إجراءات محاكمته . علة وأساس ذلك ؟
استعداد المدافع أو عدم استعداده . موكول لتقديره حسبما يمليه عليه ضميره ويوحي به اجتهاده وتقاليد مهنته . ترافعه فيما نسب للطاعن . كفايته .
(21) إثبات " بوجه عام " . قتل عمد . إعدام . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة لثبوت جريمة القتل ومعاقبة مرتكبها بالإعدام . غير لازم . للمحكمة تكوين اعتقادها بالإدانة من ظروف الدعوى وقرائنها .
(22) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
إحالة الحكم في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر . لا يعيبه . حد ذلك ؟
عدم التزام المحكمة بسرد روايات الشهود إن تعددت . حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه . لا يغير من ذلك اختلافهم في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم .
مثال .
(23) إثبات " خبرة " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
عدم إيراد الحكم نص تقرير الخبير بكل أجزائه . لا ينال من سلامته .
مثال .
(24) إعدام . حكم " بيانات حكم الإدانة " .
الحكم الصادر بالإعدام . ما يلزم من تسبيب لإقراره ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله : " ..... أن المتهم .... زوج المجني عليها الشاهدة الأولى .... ولديه منها من الأولاد ثلاثة في مقتبل العمر .... و .... و .... وقد ارتبط بعلاقة غير شرعية بشقيقة زوجته وتدعى .... منذ أن عملت لديه بمزرعته الخاصة وقد بدأت الخلافات تتولد مع زوجته منذ أن نما إلى علمها بتلك العلاقة ولم تُجد محاولاتها نفعاً في إثنائه عن الاستمرار في تلك العلاقة ورغبة منه بعدم انقطاع تلك العلاقة الآثمة وللتخلص من خلافاته مع زوجته والتفرغ لعلاقته الآثمة فقط طرأت في نفسه فكرة وسيطرت على وجدانه وما وسوس به شيطانه من التخلص من أفراد أسرته جميعاً - زوجته وأولاده الصغار - ، وفكر في هدوء وروية وخطط لذلك الأمر قبل تنفيذه حتى وصل إلى عقيدة راسخة وإصرار وتصميم لا رجعة فيه ولا عدول عنه وراح يتدبر أمره في كيفية تنفيذ مخططه الإجرامي حتى ارتسمت الخطة إليه وهداه الشيطان إليها ودلف بهدوء وثبات إلى مرحلة البدء في التنفيذ لا يردعه رادع من خالق أو من ضمير غير عابئ بكلام الله عز وجل بتحريم قتل النفس ، وفي يوم الواقعة وحسب الخطة التي رسمها استدرج المجني عليهم ليلاً بالسيارة والتي احتفظ بسلاح ناري " مسدس " بها مسبقاً إلى مكان غير آهل بالسكان بعيد عن أعين المارة بوسط الزراعات رسمه في خطته لتنفيذ جريمته فيه بعد أن أوهمهم بأنه سيمر على المزرعة لأخذ مبلغ مالي من أحد أصدقائه ، وعند وصوله إلى المكان المحدد ترجل من السيارة محرزاً السلاح الناري آنف البيان والذي أعده لهذا الغرض وتوجه ناحية مكان جلوس زوجته المجني عليها بالسيارة بجواره وأطلق صوب رأسها عياراً نارياً قاصداً قتلها ولم تشعر حينها بما يدور حولها محدثاً إصابتها الموصوفة بتقرير الطب الشرعي ، واستكمالاً لما عقد العزم عليه من مذبحة لأفراد أسرته وجه سلاحه نحو أطفاله الثلاث الجالسين بالمقعد الخلفي وأطلق صوب رأس الطفلين المجني عليهما .... و .... كل عياراً نارياً فأحدث إصابتهما الموصوفة بتقريري الصفة التشريحية التي أودت بحياتهما ونظراً لحالة الهلع والفزع التي انتابت الطفلة الثالثة .... من هول المذبحة البشعة التي ارتكبها والدها بدأت في الصراخ والتوسل إليه بعدم قتلها وترك السلاح من يده فتدخلت العناية الإلهية وكتب الله لها عمراً جديداً بنجاتها من تلك المذبحة ، واستقل المتهم السيارة عائداً إلى منزله تاركاً إياها أمام المنزل وبها المجني عليهم والطفلة الناجية وفر هارباً فأسرعت الأخيرة بالاستغاثة بجيرانها الذين تجمعوا وقاموا بنقل المجني عليهم إلى المستشفى " ، وقد ساق الحكم على صحة الواقعة وإسنادها إلى الطاعن أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات وما ثبت بالتقرير الطبي الشرعي الخاص بإصابة المجني عليها .... ومن تقريري الصفة التشريحية الخاصين بالمجني عليهما .... و .... وحصّل الحكم مؤدى هذه الأدلة تحصيلاً سليماً له أصله الثابت في الأوراق – على ما يبين من المفردات المضمومة – . لما كان ذلك ، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان المحكوم عليه بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه ، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان هذا محققاً لحكم القانون ، ومن ثم يضحى منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد .
2- لما كان الحكم المطعون فيه قد دلل على توافر نية القتل في حق الطاعن في قوله : " .... قد توافرت تلك النية لدى المتهم وتولدت لديه من حاصل ما طرحته المحكمة من انتواء المتهم قتل المجني عليهم وإزهاق أرواحهم وبين ذلك من استدراجه للمجني عليهم ليلاً لمنطقة حددها مسبقاً ليكونوا بمنأى عن الأعين حسب الخطة التي رسمها وإعداده لسلاح ناري وهو قاتل بطبيعته ومن جسامة الإصابات ، وما إن تحين الوقت المناسب وظفر بهم قام بتوجيه سلاحه صوب رؤوس المجني عليهم مباشرة وهو موضع قاتل في أجسامهم ومن مسافة قريبة جداً حددها تقرير الطب الشرعي بما تقل عن الربع متر حال جلوسهم بالسيارة فلا مفر من الهرب ، وأطلق الأعيرة النارية صوب رؤوسهم مباشرة حتى أبصرهم وقد سقطوا فوراً مضرجين في دمائهم وقد أيقن موت طفليه في الحال ، وشاءت عناية الله التدخل وإيقاف مسيرته نحو استكمال مذبحته وإنقاذ المجني عليها الأولى بمداركتها بالعلاج وهو ما لا يغير من الأمر شيئاً إذ تبقى نية القتل متوافرة في حقه ومن جميع تلك الملابسات ما يدل وبحق ويقطع بتوافر قصد القتل في حق المتهم كما هو معرف قانوناً دلت عليه الظروف المحيطة بالدعوى والمظاهر والأمارات الخارجية التي أتاها المتهم وتنم عما يضمره في نفسه من انتوائه قتل المجني عليهم " . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه ، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية ، وكان الحكم قد دلل تدليلاً سائغاً على توافر نية القتل في حق الطاعن فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون غير سديد .
3- لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يتساند في إدانة الطاعن إلى شهادة الطفلة .... ولم يورد لها ذكراً فيما سطره ، فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل .
4- لما كان القول بانعدام الباعث على ارتكاب الجريمة فإنه ليس من العناصر القانونية للجريمة ، فلا يعيب الحكم التفاته عنه .
5- من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني ، فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة بل تستفاد من وقائع خارجية يستخلص منها القاضي مدى توافره ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج ، ويشترط لتوفره في حق الجاني أن يكون في حالة يتسنى له فيها التفكير في عمله والتصميم عليه في روية وهدوء ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استظهر توافر ظرف سبق الإصرار بقوله : " .... حيث إنه عن ظرف سبق الإصرار والذي هو حالة ذهنية تقوم في نفس الجاني قد لا يكون لها في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما يستفاد من ظروف الدعوى وعناصرها ، ومناط سبق الإصرار هو أن يرتكب الجاني الجريمة وهو هادئ البال بعد إعمال فكر وروية فيما اعتزمه وهو مطمئن النفس يقلب الأمر على كافة صوره فيستقر مختاراً على سلوك الجريمة ، وهو أمر ثابت في الدعوى متوافر في حق المتهم من الخلافات القائمة بينه وبين زوجته المجني عليها الأولى ومن توافر الباعث على القتل وهو الاستمرار في علاقته الآثمة مع شقيقة زوجته دون أن يعكر صفوه أحد ، ومن إعداده خطة للانفراد بالمجني عليهم ليلاً وبمكان خفي عن الأعين حتى لا يشعر بهم أحد وإعداده للسلاح الناري مسبقاً والاحتفاظ به بالسيارة ، وقد أعمل فكره في هدوء وروية وراح يتدبر أمره وتحديد الخطة التي رسمها قبل الواقعة بعقيدة راسخة وإصرار وتصميم لا رجعة فيه ولا عدول عنه واستدراجه للمجني عليهم بذلك المكان واهماً إياهم بالمرور على المزرعة لإحضار مبلغ مالي من أصدقائه حتى تحين الفرصة ونفذ ما خطط له وهو هادئ البال بإطلاق الأعيرة النارية صوبهم من السلاح الناري إحرازه ، ثم استقلال السيارة من بعد وبها المجني عليهم والعودة إلى المنزل وترك السيارة والفرار هرباً ، كل ذلك يدل وبيقين على قيام المتهم بارتكاب جريمته وهو في حالة هدوء نفسي وبعد روية وتفكير وبعيداً عن ثورة الغضب والانفعال ويتوافر معه ظرف سبق الإصرار في حقه كما هو معرف قانوناً دلت عليه ظروف وملابسات الحادث وتصرفات المتهم " ، وكان ما ساقه الحكم مما سلف سائغاً ويتحقق به توافر ظرف سبق الإصرار حسبما هو معرف به في القانون ، ومن ثم فإنه لا محل للنعي على الحكم في هذا الخصوص .
6- لما كان الحكم قد استظهر ظرف الاقتران في قوله : " .... وحيث إنه عن الاقتران فإنه يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات أن يثبت استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد أو في فترة قصيرة من الزمن ، فإذا كان ذلك وكان الثابت من ماديات الدعوى أن ما أتاه المتهم من أفعال من تصويب سلاحه الناري نحو المجني عليها الأولى وإطلاق عيار ناري صوب رأسها قاصداً قتلها محدثاً إصابتها الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وقد خاب أثر جريمته لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو مداركتها بالعلاج ، ومن ثم تكون جناية الشروع في القتل قد توافرت في حقه وما وقع منه بعد ذلك من تصويب سلاحه نحو طفليه الجالسين بالمقعد الخلفي للسيارة وإطلاق عيار ناري صوب رأس كل منهما مباشرة بقصد قتلهما وإحداث إصابتهما بالرأس الموصوفة بتقريري الصفة التشريحية والتي أحدثت الوفاة كل ذلك يوفر في حقه ظرف الاقتران لوقوع الجرائم في مكان واحد وزمن قصير وبفعل مادي مستقل لكل جريمة ، الأمر الذي يتحقق به توافر ظرف الاقتران الوارد في الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات " ، فإن ما ساقه الحكم فيما تقدم يتفق وصحيح القانون ويتحقق به معنى الاقتران ، لما هو مقرر من أنه يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجرائم قد ارتكبت في وقت واحد وفي فترة قصيرة من الزمن ، وتقدير ذلك مما يستقل به قاضي الموضوع ما دام يقيمه على ما يسوغه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ، هذا فضلاً عن أن عقوبة الإعدام الموقعة على الطاعن مقررة لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار التي أثبتها الحكم في حقه مجردة من ظرف الاقتران ، فإن ما يثيره الطاعن من قصور الحكم في بيان ظرف الاقتران – بفرض صحة ذلك – يكون غير مجد .
7- من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق – كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحلمها على عدم الأخذ بها ، وكان لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بكاملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يجب أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ، وكان لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، ولا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن أن أياً من شهود الإثبات لم ير واقعات الحادث ولم يعاصر أحدهم تعديه على المجني عليهم لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان المحكمة بالدليل الصحيح ، وهو ما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض .
8- من المقرر أن الإثبات في المسائل الجنائية يقوم على حرية القاضي في تكوين عقيدته فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين إذ جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ، وكان للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من الأدلة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل .
9- لما كان ما أورده الحكم بياناً لواقعة الدعوى " أن الطاعن وجه سلاحه نحو أطفاله الجالسين بالمقعد الخلفي للسيارة وأطلق صوب رأس الطفلين .... و .... عياراً نارياً " ، وما أورده في أقوال الشاهدة الأولى " أنها فوجئت بقيام الطاعن بإطلاق عيار ناري صوبها شعرت بعدها بالدماء تسيل من رأسها " له سنده ومعينه الصحيح من التحقيقات على ما يبين من المفردات المضمومة ، فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون على غير أساس .
10- من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة لا تورد من الأدلة وأقوال الشهود إلا ما تقيم قضاءها عليها ، وفي إغفالها بعض الوقائع ما يفيد ضمناً أنها اطرحتها ولم تعول عليها في حكمها ، ومن ثم فإنه لا محل لما ينعاه الطاعن من إغفالها الوقائع التي أشار إليها في أسباب طعنه ووردت على لسانه لأنها وقائع يريد الطاعن لها معنى لم تسايره فيه المحكمة .
11- لما كان ما يثيره الطاعن من تحريز فوارغ طلقات بالسيارة لمحدث صوت وهو ما يتعارض وما ورد بالتقرير الطبي الشرعي الخاص بالمجني عليها - الشاهدة الأولى - من إصابتها بعيار مختلف إنما قصد به إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ويعتبر من قبيل الدفاع الموضوعي الذي لا يستلزم من المحكمة رداً صريحاً ، هذا فضلاً عن أن آلة القتل ليست من الأركان الجوهرية في الجريمة فلا يجدي الطاعن المنازعة في هذا الخصوص ، فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون على غير سند .
12- من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بين تقاريرهم والفصل فيما يوجه إليها من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة ، فلها الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ، وكانت المحكمة في الدعوى الماثلة قد اطمأنت إلى ما ورد بتقرير الطب الشرعي الخاص بالمجني عليها .... أن إصابتها جرحية نارية على هيئة فتحة دخول بخلفية يمين الرأس ومثلها يحدث من مثل الإصابة بمقذوف عيار ناري مفرد يتعذر الجزم بعياره نظراً لاستقراره بالجسم وصعوبة استخراجه حفاظاً على حياة المجني عليها ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون على غير سند .
13- من المقرر أن علاقة السببية مسألة موضوعية ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ، ومتى فصل فيها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إليه ، وكان الواضح من مدونات الحكم أنه استظهر قيام علاقة السببية بين إصابات المجني عليهما التي أوردها تفصيلياً بتقريري الصفة التشريحية وبين وفاتهما ، فأورد من واقع التقريرين أن وفاة المجني عليهما نتيجة إصابة كل منهما بالرأس بمقذوف ناري أطلق من سلاح ناري غير مششخن ومن مسافة جاوزت مدى الإطلاق القريب نجم عنه بالنسبة للمجني عليها الأولى كسور بالجمجمة واصلة لقاعها وتهتك بالمخ والسحايا المغلفة له وما نتج عن ذلك من فشل بالمراكز العليا للمخ ، وما نجم عنه بالنسبة للثاني من كسر بعظام الوجنة اليسرى وتهتك بأنسجة المخ وما نتج عنه من نزيف دموي جسيم وما أدت إليه من ضغط على المراكز العصبية الحيوية بالمخ ، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الصدد في غير محله .
14- من المقرر أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً دون أن يحول عدم سماعهم من أن تعتمد على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث ، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة .... أن النيابة العامة والدفاع اكتفيا بأقوال الشهود الواردة بالتحقيقات والمحكمة أمرت بتلاوتها وتليت ، ولم يثبت أن الطاعن قد اعترض على ذلك أو طلب هو أو المدافع عنه سماع أقوالهم فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ، ويكون منعاه في هذا الصدد غير سديد.
15- لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن وإن أبدى بالجلسة الأولى والثانية طلب مناقشة أحد الخبراء النفسيين إلا أنه لم يصر عليه في ختام المرافعة بالجلسة التي تمت فيها المرافعة وصدر بها قرار المحكمة بإحالة أوراق الدعوى إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي وتحديد جلسة .... للنطق بالحكم الذي صدر بها فعلاً ولم يضمنه طلباته الختامية ، فلا على المحكمة إن هي التفتت عن هذا الطلب دون أن تضمن حكمها ردها عليه ، لما هو مقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يقرع سمع المحكمة ويصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية ، هذا فضلاً عن أن الطاعن لم يكشف - أمام محكمة الموضوع - عن الوقائع التي يرغب مناقشة المذكور فيها حتى يتبين للمحكمة مدى اتصالها بواقعة الدعوى المعروضة وتعلقها بموضوعها ، ومن ثم فإن الطلب يغدو طلباً مجهلاً عن سببه ومرماه فلا على المحكمة إن هي التفتت عنه ولم تجب الطاعن إليه .
16- من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يفصح عن ماهية أوجه الدفاع والدفوع التي يقول أنه أثارها ومضمون المستندات التي قدمها وأغفل الحكم التعرض لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة ، فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يكون مقبولاً .
17- من المقرر أن ما نص عليه الدستور في المادة الثانية منه أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع ليس واجب الإعمال بذاته وإنما هو دعوة للشارع كي يتخذ الشريعة الإسلامية مصدراً رئيسياً فيما يستنه من قوانين ، ومن ثم فإن أحكام تلك الشريعة لا تكون واجبة التطبيق بالتعويل على نص الدستور المشار إليه إلا إذا استجاب الشارع لدعوته وأفرغ هذه الأحكام في نصوص تشريعية محددة ومنضبطة تنقلها إلى مجال العمل والتنفيذ ، وبالتالي فإنه لا مجال للتحدي بأحكام الشريعة الإسلامية ما دام أن السلطة التشريعية لم تفرغ مبادئها في تشريع وضعي ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل .
18- لما كانت المادة رقم 93 من دستور جمهورية مصر العربية المعدل لسنة 2014 تنص على أن " تلتزم الدولة بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تصدق عليها مصر وتصبح لها قوة القانون بعد نشرها وفقاً للأوضاع المقررة " ، وكان من المقرر أنه لا يجوز إلغاء نص تشريعي إلا بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع ، وكانت الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية ( العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ) التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16/12/1966 والتي وقعت عليها جمهورية مصر العربية بتاريخ 4/8/1967 وصدر بشأنها قرار رئيس الجمهورية رقم 536 لسنة 1981 المنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 15/4/1982 هي مجرد دعوة من الدول بصفتهم أشخاص القانون الدولي العام إلى القيام بعمل منسق لضمان الحق في الحياة ، ويبين من الاطلاع على نصوصها أنها لم تلغ أو تعدل - صراحة أو ضمناً - أحكام القوانين العقابية التي تنص على عقوبة الإعدام المعمول بها في الدول الموقعة عليها ، وتركت توقيعها على أشد الجرائم للقوانين المحلية في الدول المنضمة إليها ، ويؤكد ذلك ما جرى به نص الفقرة الثانية من المادة السادسة من الجزء الثالث منها من أنه " لا يجوز في البلدان التي لم تقم بإلغاء عقوبة الإعدام أن يحكم بهذه العقوبة إلا جزاءً على أشد الجرائم خطورة ووفقاً للقوانين التي تكون سارية عند ارتكاب الجريمة وغير مخالفة لأحكام هذا العهد ولاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها ، ولا يجوز تطبيق هذه العقوبة إلا تنفيذاً لحكم نهائي صادر عن محكمة مختصة " ، ومن ثم فإن تطبيق أحكام هذه الاتفاقية لا يؤثر في مجال تطبيق أحكام القوانين العقابية فيما تضمنته من توقيع عقوبة الإعدام المعمول بها في جمهورية مصر العربية ، هذا فضلاً عن أن جمهورية مصر العربية لم توقع ولم تصدق على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق ( العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ) التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 15/12/1989 بهدف العمل على إلغاء عقوبة الإعدام ومن ثم بات غير ملزم لها ، ويكون هذا الوجه من الطعن غير سديد .
19- لما كانت النيابة العامة عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة مشفوعة بمذكرة برأيها خلصت فيها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به حضورياً من إعدام المحكوم عليه .... إعمالاً لنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 وموقعاً عليها بتوقيع غير مقروء منسوب للأستاذ .... رئيس النيابة الكلية ودون إثبات تاريخ تقديمها ليستدل منه على مراعاة ميعاد الستين يوماً المحدد في المادة 34 من هذا القانون ، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد وعدم التوقيع على المذكرة بتوقيع مقروء لمحام عام على الأقل وفقاً للتعديل الوارد على المادة سالفة البيان بالقانون رقم 74 لسنة 2007 وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة العامة مذكرتها ما عسي أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة العامة قد تم في الميعاد المحدد أو بعد فواته أو تم بمذكرة لم تستوف بعض أوضاعها الشكلية ، ومن ثم فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية شكلاً .
20- من المقرر أن المادة 377 من قانون الإجراءات الجنائية تقضي بأن المحامين المقبولين للمرافعة أمام محاكم الاستئناف أو المحاكم الابتدائية يكونون مختصين دون غيرهم بالمرافعة أمام محكمة الجنايات ، وكان الثابت من كتاب نقابة المحامين المرفق بملف الطعن أن الأستاذ .... الذي تولى الدفاع عن المحكوم عليه بالإعدام من المحامين المقبولين للمرافعة أمام محكمة النقض ، ومن ثم فإن إجراءات محاكمته تكون قد تمت صحيحة . لما كان ذلك ، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن المحكوم عليه ترافع في موضوع الجرائم المسندة إليه ولم يقصر في إبداء أوجه الدفاع ، وكان من المقرر أن استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده أمر موكول إلى تقديره هو حسبما يمليه عليه ضميره ويوحي به اجتهاده وتقاليد مهنته ، فإن ذلك يكفي لتحقيق غرض الشارع .
21- من المقرر أنه لا يشترط لثبوت جريمة القتل والحكم بالإعدام على مرتكبها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجريمة من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها ، ومتى رأت الإدانة كان لها أن تقضي بالإعدام على مرتكب الفعل المستوجب للقصاص دون حاجة إلى إقرار منه أو شهادة شاهدين برؤيته حال وقوع الفعل منه أو ضبطه متلبساً بها ، ومن ثم فإن ما قد يثار من عدم وجود شهود رؤية للحادث يكون على غير أساس .
22- من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، وأن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود - إن تعددت - وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه ، ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم ، وإذ كان المحكوم عليه لا يجادل في أن ما نقله من أقوال شاهدة الإثبات الثانية .... له أصله الثابت بالأوراق ولم يخرج الحكم عن مدلول شهادتها ، وكان البين من المفردات أن أقوال الشهود " الثانية ومن الثالث وحتى السادسة " تتفق في جملتها مع ما استند إليه الحكم منها فلا ضير على الحكم من بعد إحالته في بيان أقوال الشهود من الثالث وحتى السادسة إلى ما أورده من أقوال الشاهدة الثانية ، مما ينحسر عن الحكم دعوى القصور في التسبيب .
23- لما كان ما حصله الحكم من تقرير الطب الشرعي الخاص بالمجني عليها الأولى وتقريري الصفة التشريحية الخاص بالمجني عليهما الطفلين – التي عول عليها في قضائه – ما يكفي بياناً لمضمون هذه التقارير وكان لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكل أجزائه ، مما ينحسر عن الحكم دعوى القصور في التسبيب .
24- لما كان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان المحكوم عليه – المقضي بإعدامه - بها وساق عليها أدلة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وقد صدر الحكم حضورياً بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381/2 من قانون الإجراءات الجنائية ، وجاء الحكم متفقاً وصحيح القانون وخلواً من قالة مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله ، وقد صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه هذا الحكم على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات ، ومن ثم يتعين معه قبول عرض النيابة العامة للقضية وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه .... .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
1- قتل المجني عليهما .... و .... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية وعقد العزم على ذلك وأعد لهذا الغرض سلاحاً نارياً غير مششخن " مسدس " وما إن ظفر بهما حتى قام بإطلاق أعيرة نارية من السلاح آنف البيان صوبهما قاصداً من ذلك قتلهما فأحدث بهما الإصابات الموصوفة بتقريري الصفة التشريحية والتي أودت بحياتهما على النحو المبين بالتحقيقات ، وقد اقترنت تلك الجناية وتقدمتها جناية أخرى وهي أنه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر : شرع في قتل المجني عليها .... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية وعقد العزم على ذلك وأعد لهذا الغرض سلاحاً نارياً غير مششحن " مسدس " وما إن ظفر بها حتى قام بإطلاق أعيرة نارية نارية من السلاح آنف البيان صوبها قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي المرفق إلا أنه قد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو مداركتها بالعلاج وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
2- أحرز بدون ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن " مسدس " .
3- أحرز ذخائر مما تستعمل على السلاح الناري آنف البيان دون أن يكون مرخصاً له بحيازته أو إحرازه .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصـــف الواردين بأمـر الإحالة .
وادعت المجني عليها .... مدنياً قبل المتهم بمبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .
والمحكمة المذكورة قررت وبإجماع الآراء بإحالة أوراق الدعوى إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي الشرعي فيما ارتكبه الطاعن وحددت جلسة .... للنطق بالحكم .
وبالجلسة المحددة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45 /1 ، 46 /1 ، 230 ، 231 ، 234 /2 من قانون العقوبات ، والمواد 1/1 ، 6 ، 26 /1 ، 4 ، 30 /1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 والجدول رقم 2 الملحق بالقانون الأول ، مع إعمال المادة 32/2 من قانون العقوبات وبإجماع الآراء بمعاقبته بالإعدام عما أسند إليه وبإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ .
كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
أولاً : عن الطعن المقدم من المحكوم عليه .... :
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي القتل العمد مع سبق الإصرار المقترن بجناية الشروع في القتل - عمداً مع سبق الإصرار - وإحراز سلاح ناري غير مششخن " مسدس " وذخيرته بغير ترخيص قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأنه خلا من بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجرائم التي دانه بها ، ولم يورد مؤدى الأدلة التي عول عليها في قضائه ، ولم يدلل على توافر نية القتل في حقه وتساند في ذلك إلى ما قررته الطفلة .... رغم أنه لا يجوز التعويل على شهادتها لكونها غير مميزة ولتناقض أقوالها بالتحقيقات وما قررته بجلسة المحاكمة ، ورغم عدم توافر الباعث على القتل ، ولم يستظهر ظرف سبق الإصرار ويدلل على توافره ، كما لم يدلل على توافر ظرف الاقتران وأعمل في حقه المادة 32 من قانون العقوبات بما يدل على أن الجرائم المسندة إليه ارتكبت لغرض إجرامي واحد بما ينتفي معه ذلك الظرف ، وعول في قضائه على أقوال الشهود رغم عدم معقولية تصويرهم للواقعة وأن أياً منهم لم يشاهد مقارفته للجريمة ، كما عول على التحريات التي هي مجرد رأي لمجريها وأنها لا تصلح دليلاً ، وحصل واقعة الدعوى أن الطاعن وجه سلاحه نحو أطفاله الجالسين بالمقعد الخلفي للسيارة وأطلق صوب رأس الطفلين .... و .... عياراً نارياً وهو ما ليس له أصل بالأوراق ، كما حصل أقوال الشاهدة الأولى أنها فوجئت بقيام الطاعن بإطلاق عيار ناري صوبها شعرت بعدها بالدماء تسيل من رأسها بالمخالفة لما قررته بالتحقيقات أنها لم تشاهده حال إطلاق الأعيرة النارية ، ولم تفطن المحكمة إلى ما قرره الطاعن من قيام آخرين بالاعتداء عليه وأفراد أسرته ، وأنه تم تحريز فوارغ طلقات بالسيارة لمحدث صوت وهو ما يتعارض وما ورد بالتقرير الطبي الشرعي الخاص بالمجني عليها - الشاهدة الأولى - من إصابتها بعيار مختلف ، دون أن يستظهر الحكم علاقة السببية بين فعل الطاعن وإصابة المجني عليهما ورابطة السببية بين تلك الإصابات ووفاتهما من واقع تقريري الصفة التشريحية ، ولم تجبه المحكمة إلى طلب مناقشة شهود الإثبات والطبيب الشرعي والخبير النفسي الذي تمسك به بجلسات المحاكمة ، ولم تعرض لكامل دفاعه ودفوعه وحافظة مستنداته ، وأخيراً أوقع الحكم عليه عقوبة الإعدام بالمخالفة لمبادئ الشريعة الإسلامية وما استقرت عليه آراء المذاهب الفقهية من أنه لا يقتل الرجل بابنه ولمخالفتها للاتفاقيات الدولية ، كل ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله : " ..... أن المتهم .... زوج المجني عليها الشاهدة الأولى .... ولديه منها من الأولاد ثلاثة في مقتبل العمر .... و .... و .... وقد ارتبط بعلاقة غير شرعية بشقيقة زوجته وتدعى .... منذ أن عملت لديه بمزرعته الخاصة وقد بدأت الخلافات تتولد مع زوجته منذ أن نما إلى علمها بتلك العلاقة ولم تُجد محاولاتها نفعاً في إثنائه عن الاستمرار في تلك العلاقة ورغبة منه بعدم انقطاع تلك العلاقة الآثمة وللتخلص من خلافاته مع زوجته والتفرغ لعلاقته الآثمة فقط طرأت في نفسه فكرة وسيطرت على وجدانه وما وسوس به شيطانه من التخلص من أفراد أسرته جميعاً - زوجته وأولاده الصغار - ، وفكر في هدوء وروية وخطط لذلك الأمر قبل تنفيذه حتى وصل إلى عقيدة راسخة وإصرار وتصميم لا رجعة فيه ولا عدول عنه وراح يتدبر أمره في كيفية تنفيذ مخططه الإجرامي حتى ارتسمت الخطة إليه وهداه الشيطان إليها ودلف بهدوء وثبات إلى مرحلة البدء في التنفيذ لا يردعه رادع من خالق أو من ضمير غير عابئ بكلام الله عز وجل بتحريم قتل النفس ، وفي يوم الواقعة وحسب الخطة التي رسمها استدرج المجني عليهم ليلاً بالسيارة والتي احتفظ بسلاح ناري " مسدس " بها مسبقاً إلى مكان غير آهل بالسكان بعيد عن أعين المارة بوسط الزراعات رسمه في خطته لتنفيذ جريمته فيه بعد أن أوهمهم بأنه سيمر على المزرعة لأخذ مبلغ مالي من أحد أصدقائه ، وعند وصوله إلى المكان المحدد ترجل من السيارة محرزاً السلاح الناري آنف البيان والذي أعده لهذا الغرض وتوجه ناحية مكان جلوس زوجته المجني عليها بالسيارة بجواره وأطلق صوب رأسها عياراً نارياً قاصداً قتلها ولم تشعر حينها بما يدور حولها محدثاً إصابتها الموصوفة بتقرير الطب الشرعي ، واستكمالاً لما عقد العزم عليه من مذبحة لأفراد أسرته وجه سلاحه نحو أطفاله الثلاث الجالسين بالمقعد الخلفي وأطلق صوب رأس الطفلين المجني عليهما .... و .... كل عياراً نارياً فأحدث إصابتهما الموصوفة بتقريري الصفة التشريحية التي أودت بحياتهما ونظراً لحالة الهلع والفزع التي انتابت الطفلة الثالثة .... من هول المذبحة البشعة التي ارتكبها والدها بدأت في الصراخ والتوسل إليه بعدم قتلها وترك السلاح من يده فتدخلت العناية الإلهية وكتب الله لها عمراً جديداً بنجاتها من تلك المذبحة ، واستقل المتهم السيارة عائداً إلى منزله تاركاً إياها أمام المنزل وبها المجني عليهم والطفلة الناجية وفر هارباً فأسرعت الأخيرة بالاستغاثة بجيرانها الذين تجمعوا وقاموا بنقل المجني عليهم إلى المستشفى " ، وقد ساق الحكم على صحة الواقعة وإسنادها إلى الطاعن أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات وما ثبت بالتقرير الطبي الشرعي الخاص بإصابة المجني عليها .... ومن تقريري الصفة التشريحية الخاصين بالمجني عليهما .... و .... وحصّل الحكم مؤدى هذه الأدلة تحصيلاً سليماً له أصله الثابت في الأوراق – على ما يبين من المفردات المضمومة – . لما كان ذلك ، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان المحكوم عليه بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه ، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان هذا محققاً لحكم القانون ، ومن ثم يضحى منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على توافر نية القتل في حق الطاعن في قوله : " .... قد توافرت تلك النية لدى المتهم وتولدت لديه من حاصل ما طرحته المحكمة من انتواء المتهم قتل المجني عليهم وإزهاق أرواحهم وبين ذلك من استدراجه للمجني عليهم ليلاً لمنطقة حددها مسبقاً ليكونوا بمنأى عن الأعين حسب الخطة التي رسمها وإعداده لسلاح ناري وهو قاتل بطبيعته ومن جسامة الإصابات ، وما إن تحين الوقت المناسب وظفر بهم قام بتوجيه سلاحه صوب رؤوس المجني عليهم مباشرة وهو موضع قاتل في أجسامهم ومن مسافة قريبة جداً حددها تقرير الطب الشرعي بما تقل عن الربع متر حال جلوسهم بالسيارة فلا مفر من الهرب ، وأطلق الأعيرة النارية صوب رؤوسهم مباشرة حتى أبصرهم وقد سقطوا فوراً مضرجين في دمائهم وقد أيقن موت طفليه في الحال ، وشاءت عناية الله التدخل وإيقاف مسيرته نحو استكمال مذبحته وإنقاذ المجني عليها الأولى بمداركتها بالعلاج وهو ما لا يغير من الأمر شيئاً إذ تبقى نية القتل متوافرة في حقه ومن جميع تلك الملابسات ما يدل وبحق ويقطع بتوافر قصد القتل في حق المتهم كما هو معرف قانوناً دلت عليه الظروف المحيطة بالدعوى والمظاهر والأمارات الخارجية التي أتاها المتهم وتنم عما يضمره في نفسه من انتوائه قتل المجني عليهم " . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه ، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية ، وكان الحكم قد دلل تدليلاً سائغاً على توافر نية القتل في حق الطاعن فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يتساند في إدانة الطاعن إلى شهادة الطفلة .... ولم يورد لها ذكراً فيما سطره ، فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان القول بانعدام الباعث على ارتكاب الجريمة فإنه ليس من العناصر القانونية للجريمة ، فلا يعيب الحكم التفاته عنه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني ، فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة بل تستفاد من وقائع خارجية يستخلص منها القاضي مدى توافره ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج ، ويشترط لتوفره في حق الجاني أن يكون في حالة يتسنى له فيها التفكير في عمله والتصميم عليه في روية وهدوء ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استظهر توافر ظرف سبق الإصرار بقوله : " .... حيث إنه عن ظرف سبق الإصرار والذي هو حالة ذهنية تقوم في نفس الجاني قد لا يكون لها في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما يستفاد من ظروف الدعوى وعناصرها ، ومناط سبق الإصرار هو أن يرتكب الجاني الجريمة وهو هادئ البال بعد إعمال فكر وروية فيما اعتزمه وهو مطمئن النفس يقلب الأمر على كافة صوره فيستقر مختاراً على سلوك الجريمة ، وهو أمر ثابت في الدعوى متوافر في حق المتهم من الخلافات القائمة بينه وبين زوجته المجني عليها الأولى ومن توافر الباعث على القتل وهو الاستمرار في علاقته الآثمة مع شقيقة زوجته دون أن يعكر صفوه أحد ، ومن إعداده خطة للانفراد بالمجني عليهم ليلاً وبمكان خفي عن الأعين حتى لا يشعر بهم أحد وإعداده للسلاح الناري مسبقاً والاحتفاظ به بالسيارة ، وقد أعمل فكره في هدوء وروية وراح يتدبر أمره وتحديد الخطة التي رسمها قبل الواقعة بعقيدة راسخة وإصرار وتصميم لا رجعة فيه ولا عدول عنه واستدراجه للمجني عليهم بذلك المكان واهماً إياهم بالمرور على المزرعة لإحضار مبلغ مالي من أصدقائه حتى تحين الفرصة ونفذ ما خطط له وهو هادئ البال بإطلاق الأعيرة النارية صوبهم من السلاح الناري إحرازه ، ثم استقلال السيارة من بعد وبها المجني عليهم والعودة إلى المنزل وترك السيارة والفرار هرباً ، كل ذلك يدل وبيقين على قيام المتهم بارتكاب جريمته وهو في حالة هدوء نفسي وبعد روية وتفكير وبعيداً عن ثورة الغضب والانفعال ويتوافر معه ظرف سبق الإصرار في حقه كما هو معرف قانوناً دلت عليه ظروف وملابسات الحادث وتصرفات المتهم " ، وكان ما ساقه الحكم مما سلف سائغاً ويتحقق به توافر ظرف سبق الإصرار حسبما هو معرف به في القانون ، ومن ثم فإنه لا محل للنعي على الحكم في هذا الخصوص . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد استظهر ظرف الاقتران في قوله : " .... وحيث إنه عن الاقتران فإنه يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات أن يثبت استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد أو في فترة قصيرة من الزمن ، فإذا كان ذلك وكان الثابت من ماديات الدعوى أن ما أتاه المتهم من أفعال من تصويب سلاحه الناري نحو المجني عليها الأولى وإطلاق عيار ناري صوب رأسها قاصداً قتلها محدثاً إصابتها الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وقد خاب أثر جريمته لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو مداركتها بالعلاج ، ومن ثم تكون جناية الشروع في القتل قد توافرت في حقه وما وقع منه بعد ذلك من تصويب سلاحه نحو طفليه الجالسين بالمقعد الخلفي للسيارة وإطلاق عيار ناري صوب رأس كل منهما مباشرة بقصد قتلهما وإحداث إصابتهما بالرأس الموصوفة بتقريري الصفة التشريحية والتي أحدثت الوفاة كل ذلك يوفر في حقه ظرف الاقتران لوقوع الجرائم في مكان واحد وزمن قصير وبفعل مادي مستقل لكل جريمة ، الأمر الذي يتحقق به توافر ظرف الاقتران الوارد في الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات " ، فإن ما ساقه الحكم فيما تقدم يتفق وصحيح القانون ويتحقق به معنى الاقتران ، لما هو مقرر من أنه يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجرائم قد ارتكبت في وقت واحد وفي فترة قصيرة من الزمن ، وتقدير ذلك مما يستقل به قاضي الموضوع ما دام يقيمه على ما يسوغه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ، هذا فضلاً عن أن عقوبة الإعدام الموقعة على الطاعن مقررة لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار التي أثبتها الحكم في حقه مجردة من ظرف الاقتران ، فإن ما يثيره الطاعن من قصور الحكم في بيان ظرف الاقتران – بفرض صحة ذلك – يكون غير مجد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق – كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحلمها على عدم الأخذ بها ، وكان لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بكاملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يجب أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ، وكان لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، ولا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن أن أياً من شهود الإثبات لم ير واقعات الحادث ولم يعاصر أحدهم تعديه على المجني عليهم لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان المحكمة بالدليل الصحيح ، وهو ما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الإثبات في المسائل الجنائية يقوم على حرية القاضي في تكوين عقيدته فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين إذ جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ، وكان للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من الأدلة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم بياناً لواقعة الدعوى " أن الطاعن وجه سلاحه نحو أطفاله الجالسين بالمقعد الخلفي للسيارة وأطلق صوب رأس الطفلين .... و .... عياراً نارياً " ، وما أورده في أقوال الشاهدة الأولى " أنها فوجئت بقيام الطاعن بإطلاق عيار ناري صوبها شعرت بعدها بالدماء تسيل من رأسها " له سنده ومعينه الصحيح من التحقيقات على ما يبين من المفردات المضمومة ، فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة لا تورد من الأدلة وأقوال الشهود إلا ما تقيم قضاءها عليها ، وفي إغفالها بعض الوقائع ما يفيد ضمناً أنها اطرحتها ولم تعول عليها في حكمها ، ومن ثم فإنه لا محل لما ينعاه الطاعن من إغفالها الوقائع التي أشار إليها في أسباب طعنه ووردت على لسانه لأنها وقائع يريد الطاعن لها معنى لم تسايره فيه المحكمة . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن من تحريز فوارغ طلقات بالسيارة لمحدث صوت وهو ما يتعارض وما ورد بالتقرير الطبي الشرعي الخاص بالمجني عليها - الشاهدة الأولى - من إصابتها بعيار مختلف إنما قصد به إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ويعتبر من قبيل الدفاع الموضوعي الذي لا يستلزم من المحكمة رداً صريحاً ، هذا فضلاً عن أن آلة القتل ليست من الأركان الجوهرية في الجريمة فلا يجدي الطاعن المنازعة في هذا الخصوص ، فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون على غير سند . لما كان ذلك ، وكان تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بين تقاريرهم والفصل فيما يوجه إليها من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة ، فلها الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ، وكانت المحكمة في الدعوى الماثلة قد اطمأنت إلى ما ورد بتقرير الطب الشرعي الخاص بالمجني عليها .... أن إصابتها جرحية نارية على هيئة فتحة دخول بخلفية يمين الرأس ومثلها يحدث من مثل الإصابة بمقذوف عيار ناري مفرد يتعذر الجزم بعياره نظراً لاستقراره بالجسم وصعوبة استخراجه حفاظاً على حياة المجني عليها ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون على غير سند . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن علاقة السببية مسألة موضوعية ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ، ومتى فصل فيها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إليه ، وكان الواضح من مدونات الحكم أنه استظهر قيام علاقة السببية بين إصابات المجني عليهما التي أوردها تفصيلياً بتقريري الصفة التشريحية وبين وفاتهما ، فأورد من واقع التقريرين أن وفاة المجني عليهما نتيجة إصابة كل منهما بالرأس بمقذوف ناري أطلق من سلاح ناري غير مششخن ومن مسافة جاوزت مدى الإطلاق القريب نجم عنه بالنسبة للمجني عليها الأولى كسور بالجمجمة واصلة لقاعها وتهتك بالمخ والسحايا المغلفة له وما نتج عن ذلك من فشل بالمراكز العليا للمخ ، وما نجم عنه بالنسبة للثاني من كسر بعظام الوجنة اليسرى وتهتك بأنسجة المخ وما نتج عنه من نزيف دموي جسيم وما أدت إليه من ضغط على المراكز العصبية الحيوية بالمخ ، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الصدد في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً دون أن يحول عدم سماعهم من أن تعتمد على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث ، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة .... أن النيابة العامة والدفاع اكتفيا بأقوال الشهود الواردة بالتحقيقات والمحكمة أمرت بتلاوتها وتليت ، ولم يثبت أن الطاعن قد اعترض على ذلك أو طلب هو أو المدافع عنه سماع أقوالهم فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ، ويكون منعاه في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن وإن أبدى بالجلسة الأولى والثانية طلب مناقشة أحد الخبراء النفسيين إلا أنه لم يصر عليه في ختام المرافعة بالجلسة التي تمت فيها المرافعة وصدر بها قرار المحكمة بإحالة أوراق الدعوى إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي وتحديد جلسة .... للنطق بالحكم الذي صدر بها فعلاً ولم يضمنه طلباته الختامية ، فلا على المحكمة إن هي التفتت عن هذا الطلب دون أن تضمن حكمها ردها عليه ، لما هو مقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يقرع سمع المحكمة ويصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية ، هذا فضلاً عن أن الطاعن لم يكشف - أمام محكمة الموضوع - عن الوقائع التي يرغب مناقشة المذكور فيها حتى يتبين للمحكمة مدى اتصالها بواقعة الدعوى المعروضة وتعلقها بموضوعها ، ومن ثم فإن الطلب يغدو طلباً مجهلاً عن سببه ومرماه فلا على المحكمة إن هي التفتت عنه ولم تجب الطاعن إليه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يفصح عن ماهية أوجه الدفاع والدفوع التي يقول أنه أثارها ومضمون المستندات التي قدمها وأغفل الحكم التعرض لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة ، فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان ما نص عليه الدستور في المادة الثانية منه أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع ليس واجب الإعمال بذاته وإنما هو دعوة للشارع كي يتخذ الشريعة الإسلامية مصدراً رئيسياً فيما يستنه من قوانين ، ومن ثم فإن أحكام تلك الشريعة لا تكون واجبة التطبيق بالتعويل على نص الدستور المشار إليه إلا إذا استجاب الشارع لدعوته وأفرغ هذه الأحكام في نصوص تشريعية محددة ومنضبطة تنقلها إلى مجال العمل والتنفيذ ، وبالتالي فإنه لا مجال للتحدي بأحكام الشريعة الإسلامية ما دام أن السلطة التشريعية لم تفرغ مبادئها في تشريع وضعي ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكانت المادة رقم 93 من دستور جمهورية مصر العربية المعدل لسنة 2014 تنص على أن " تلتزم الدولة بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تصدق عليها مصر وتصبح لها قوة القانون بعد نشرها وفقاً للأوضاع المقررة " ، وكان من المقرر أنه لا يجوز إلغاء نص تشريعي إلا بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع ، وكانت الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية ( العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ) التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16/12/1966 والتي وقعت عليها جمهورية مصر العربية بتاريخ 4/8/1967 وصدر بشأنها قرار رئيس الجمهورية رقم 536 لسنة 1981 المنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 15/4/1982 هي مجرد دعوة من الدول بصفتهم أشخاص القانون الدولي العام إلى القيام بعمل منسق لضمان الحق في الحياة ، ويبين من الاطلاع على نصوصها أنها لم تلغ أو تعدل - صراحة أو ضمناً - أحكام القوانين العقابية التي تنص على عقوبة الإعدام المعمول بها في الدول الموقعة عليها ، وتركت توقيعها على أشد الجرائم للقوانين المحلية في الدول المنضمة إليها ، ويؤكد ذلك ما جرى به نص الفقرة الثانية من المادة السادسة من الجزء الثالث منها من أنه " لا يجوز في البلدان التي لم تقم بإلغاء عقوبة الإعدام أن يحكم بهذه العقوبة إلا جزاءً على أشد الجرائم خطورة ووفقاً للقوانين التي تكون سارية عند ارتكاب الجريمة وغير مخالفة لأحكام هذا العهد ولاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها ، ولا يجوز تطبيق هذه العقوبة إلا تنفيذاً لحكم نهائي صادر عن محكمة مختصة " ، ومن ثم فإن تطبيق أحكام هذه الاتفاقية لا يؤثر في مجال تطبيق أحكام القوانين العقابية فيما تضمنته من توقيع عقوبة الإعدام المعمول بها في جمهورية مصر العربية ، هذا فضلاً عن أن جمهورية مصر العربية لم توقع ولم تصدق على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق ( العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ) التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 15/12/1989 بهدف العمل على إلغاء عقوبة الإعدام ومن ثم بات غير ملزم لها ، ويكون هذا الوجه من الطعن غير سديد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

ثانياً : عن عرض النيابة العامة للقضية على محكمة النقض :
من حيث إن النيابة العامة عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة مشفوعة بمذكرة برأيها خلصت فيها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به حضورياً من إعدام المحكوم عليه .... إعمالاً لنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 وموقعاً عليها بتوقيع غير مقروء منسوب للأستاذ .... رئيس النيابة الكلية ودون إثبات تاريخ تقديمها ليستدل منه على مراعاة ميعاد الستين يوماً المحدد في المادة 34 من هذا القانون ، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد وعدم التوقيع على المذكرة بتوقيع مقروء لمحام عام على الأقل وفقاً للتعديل الوارد على المادة سالفة البيان بالقانون رقم 74 لسنة 2007 وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة العامة مذكرتها ما عسي أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة العامة قد تم في الميعاد المحدد أو بعد فواته أو تم بمذكرة لم تستوف بعض أوضاعها الشكلية ، ومن ثم فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية شكلاً . لما كان ذلك ، وكانت المادة 377 من قانون الإجراءات الجنائية تقضي بأن المحامين المقبولين للمرافعة أمام محاكم الاستئناف أو المحاكم الابتدائية يكونون مختصين دون غيرهم بالمرافعة أمام محكمة الجنايات ، وكان الثابت من كتاب نقابة المحامين المرفق بملف الطعن أن الأستاذ .... الذي تولى الدفاع عن المحكوم عليه بالإعدام من المحامين المقبولين للمرافعة أمام محكمة النقض ، ومن ثم فإن إجراءات محاكمته تكون قد تمت صحيحة . لما كان ذلك ، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن المحكوم عليه ترافع في موضوع الجرائم المسندة إليه ولم يقصر في إبداء أوجه الدفاع ، وكان من المقرر أن استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده أمر موكول إلى تقديره هو حسبما يمليه عليه ضميره ويوحي به اجتهاده وتقاليد مهنته ، فإن ذلك يكفي لتحقيق غرض الشارع . لما كان ذلك ، وكان لا يشترط لثبوت جريمة القتل والحكم بالإعدام على مرتكبها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجريمة من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها ، ومتى رأت الإدانة كان لها أن تقضي بالإعدام على مرتكب الفعل المستوجب للقصاص دون حاجة إلى إقرار منه أو شهادة شاهدين برؤيته حال وقوع الفعل منه أو ضبطه متلبساً بها ، ومن ثم فإن ما قد يثار من عدم وجود شهود رؤية للحادث يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، وأن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود - إن تعددت - وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه ، ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم ، وإذ كان المحكوم عليه لا يجادل في أن ما نقله من أقوال شاهدة الإثبات الثانية .... له أصله الثابت بالأوراق ولم يخرج الحكم عن مدلول شهادتها ، وكان البين من المفردات أن أقوال الشهود " الثانية ومن الثالث وحتى السادسة " تتفق في جملتها مع ما استند إليه الحكم منها فلا ضير على الحكم من بعد إحالته في بيان أقوال الشهود من الثالث وحتى السادسة إلى ما أورده من أقوال الشاهدة الثانية ، مما ينحسر عن الحكم دعوى القصور في التسبيب . لما كان ذلك ، وكان ما حصله الحكم من تقرير الطب الشرعي الخاص بالمجني عليها الأولى وتقريري الصفة التشريحية الخاص بالمجني عليهما الطفلين – التي عول عليها في قضائه – ما يكفي بياناً لمضمون هذه التقارير وكان لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكل أجزائه ، مما ينحسر عن الحكم دعوى القصور في التسبيب . لما كان ما تقدم ، وكان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان المحكوم عليه – المقضي بإعدامه - بها وساق عليها أدلة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وقد صدر الحكم حضورياً بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381/2 من قانون الإجراءات الجنائية ، وجاء الحكم متفقاً وصحيح القانون وخلواً من قالة مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله ، وقد صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه هذا الحكم على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات ، ومن ثم يتعين معه قبول عرض النيابة العامة للقضية وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه .... .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ