جلسة 19 من يناير سنة 1995
برئاسة السيد المستشار/
محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح البرجي ومجدي
الجندي ومحمد حسين وإبراهيم الهنيدي نواب رئيس المحكمة.
---------------
الوقائع
المحكمة
صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ عَلَى رَوْحٌ وَالِدِيَّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَغَفَرَ لَهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا وَقْفِيَّة عِلْمِيَّة مُدَوَّنَةٌ قَانُونِيَّةٌ مِصْرِيّة تُبْرِزُ الْإِعْجَازَ التَشْرِيعي لِلشَّرِيعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ وروائعِ الْفِقْهِ الْإِسْلَامِيِّ، مِنْ خِلَالِ مَقَاصِد الشَّرِيعَةِ . عَامِلِةَ عَلَى إِثرَاءٌ الْفِكْرِ القَانُونِيِّ لَدَى الْقُضَاة. إنْ لم يكن للهِ فعلك خالصًا فكلّ بناءٍ قد بنيْتَ خراب ﴿وَلَقَدۡ وَصَّلۡنَا لَهُمُ ٱلۡقَوۡلَ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ﴾ القصص: 51
جلسة 19 من يناير سنة 1995
برئاسة السيد المستشار/
محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح البرجي ومجدي
الجندي ومحمد حسين وإبراهيم الهنيدي نواب رئيس المحكمة.
---------------
الوقائع
المحكمة
جلسة 19 من يناير سنة 1995
برئاسة السيد المستشار/ محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح البرجي ومجدي الجندي وحسين الشافعي ومحمود شريف فهمي نواب رئيس المحكمة.
------------------
(29)
الطعن رقم 2329 لسنة 63 القضائية
تهرب ضريبي. عقوبة "تقديرها". قانون "تفسيره". تعويض. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون" "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
النص في المادة 181 من القانون 157 لسنة 1981 بإلزام المتهم بتعويض يعادل ثلاثة أمثال ما لم يؤد من الضرائب المستحقة. جزاء نسبي. يلازم عقوبة السجن التي يحكم بها على الجاني ويغلب عليه معنى العقوبة وإن انطوى على عنصر التعويض.
وجوب تعيين الحكم مقدار ما لم يدفع من الضريبة أو تقديره ما لم يكن مقدراً.
دفاع الطاعن بأن تقدير الضريبة. غير نهائي. جوهري. إغفال المحكمة تحقيقه وقضاؤها بالتعويض استناداً إلى تقرير مكتب الخبراء للضريبة دون استظهار ذلك. قصور وخطأ في تطبيق القانون.
مثال.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: بصفته ممولاً خاضعاً للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية لم يخطر مصلحة الضرائب عند بدء مزاولته نشاطه في المقاولات المعمارية وتشغيل اللودرات وذلك في خلال الميعاد المحدد وعلى النحو المقرر قانوناً. ثانياً: بصفته سالفة الذكر تهرب من أداء الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية المستحقة على أرباحه المبينة قدراً بالأوراق من نشاطيه سالفي الذكر عن كل من السنوات من سنة 1978 حتى سنة 1984 وذلك باستعمال إحدى الطرق الاحتيالية بإخفاء هذين النشاطين عن علم مصلحة الضرائب - ثالثاً: بصفته سالفة الذكر لم يقدم إقراراً صحيحاً وشاملاً عن أرباحه من نشاطيه سالفي البيان عن كل من السنوات من سنة 1978 حتى سنة 1984 في خلال الميعاد المحدد قانوناً في كل منهما رابعاً: بصفته ممولاً خاضعاً للضريبة العامة على الدخل لم يقدم إلى مصلحة الضرائب إقراراً صحيحاً وشاملاً عن عناصر الإيراد العام الخاضع لتلك الضريبة عن كل من السنوات المشار إليها في خلال الميعاد المحدد قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 13، 14، 23، 24، 31، 34، 37، 102، 104، 123، 178 الفقرة الأولى والبند رقم 6 من الفقرة الثانية 181، 187 فقرة ثانياً من القانون رقم 157 لسنة 1981 مع إعمال المادتين 17، 32 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وبإلزامه بأن يدفع لمصلحة الضرائب مبلغ 238920.330 مليمجـ وهي ثلاثة أمثال الضرائب المستحقة عليه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بعدة جرائم منها جريمة التهرب من أداء الضريبة المستحقة على أرباحه التجارية والصناعية قد شابه قصور في التسبيب وخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن الطاعن تمسك في دفاعه أمام المحكمة بأن تقدير الضريبة الواجب أداؤها لم يصبح نهائياً بعد لتقدمه بطعن في هذا التقدير لدى مصلحة الضرائب، غير أن المحكمة أطرحت هذا الدفاع برد غير سائغ وقضت بإلزامه بالتعويض الذي ينسب إلى ما لم يؤد من الضريبة قبل أن يصبح هذا التقدير نهائياً مما يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة التي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن الطاعن أثار في دفاعه أن تقدير الضريبة الواجب أداؤها لم يصبح نهائياً بعد لتقديمه بطعن في هذا التقدير لدى مصلحة الضرائب وقد عرض الحكم لهذا الدفاع ورد عليه بقوله "ومن حيث إنه عن القول بعدم صيرورة الضرائب موضوع الاتهام نهائية... فإنه لا محل لهذا القول لأن الدعوى الماثلة ليست دعوى مدنية موضوعها المطالبة بأداء تلك الضرائب حتى يمكن أن يثار فيها مثل هذا الدفاع وإنما هذه دعوى جنائية قوامها جرائم محددة توافرت أركانها... ومن جهة أخرى فإن القانون لم يرسم طريقاً معيناً لإثبات عناصر تلك الجرائم وأركانها ولم يلزم المحكمة باتباع وسيلة محددة لإثبات الضرائب المتهرب من أدائها ومقدارها، وإذ كانت المحكمة تطمئن إلى ما انتهى إليه تقدير مكتب الخبراء في هذا الصدد فلا وجه بالتالي لكافة ما يثيره الدفاع في هذا الشأن." لما كان ذلك، وكان القانون رقم 157 لسنة 1981 بإصدار قانون الضرائب على الدخل الذي دين الطاعن بمقتضاه قد أوجب في المادة 181 في فقرتها الأولى إلزام المتهم بتعويض يعادل ثلاثة أمثال ما لم يؤد من الضرائب المستحقة، وهذا الجزاء النسبي المشار إليه في المادة سالفة الذكر يلازم عقوبة السجن التي يحكم بها على الجاني ويغلب عليه معنى العقوبة وإن انطوى على عنصر التعويض وينسب إلى ما لم يدفع من الضرائب في الميعاد المقرر وهو الجزء الذي كان عرضه للضياع على الدولة بسبب مخالفة الممول للقانون، ويجب لكي يقضي بزيادة ما لم يدفع من الضريبة أن يعين الحكم مقدار ما لم يدفع أو تقديره ما لم يكن مقدراً، وإذ كان دفاع الطاعن قد قام على أن هذا التقدير قد طعن فيه أمام مصلحة الضرائب ولم يصبح نهائياً وهو دفاع جوهري لتعلقه بالواقعة وكونه إذا صح - منتجاً فيها فقد كان من المتعين على المحكمة أن تحققه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه أما وهي لم تفعل وبنت قضاءها بإلزام الطاعن بالتعويض الذي فرضه القانون على أساس تقدير مكتب الخبراء للضريبة التي لم تدفع وردت على الدفاع المثار بشأنه على النحو السالف بيانه دون أن تستظهر في حكمها أن تقدير الضريبة التي لم تدفع - والتي ينسب إليها التعويض المحكوم به - قد أصبح نهائياً، فإن الحكم المطعون فيه فوق قصوره قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.
جلسة 19 من يناير سنة 1995
برئاسة السيد المستشار/ محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح البرجي ومجدي الجندي وحسين الشافعي نواب رئيس المحكمة ومحمد فؤاد الصيرفي.
-----------------
(28)
الطعن رقم 2322 لسنة 63 القضائية
(1) مأمورو الضبط القضائي "اختصاصهم". استدلالات. قبض. دفوع "الدفع ببطلان القبض". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وجوب قبول مأمور الضبط القضائي التبليغات والشكاوى الواردة إليهم بشأن الجرائم وأن يقوموا بأنفسهم أو بواسطة مرؤسيهم بإجراء التحريات اللازمة عنها.
إطراح الحكم الدفع ببطلان القبض استناداً إلى أن استدعاء الطاعن من إجراءات الاستدلال وليس قبضاً وفقاً للمادة 29 إجراءات. صحيح.
(2) مأمورو الضبط القضائي "اختصاصهم". استدلالات. قبض. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الحق المخول لمأموري الضبط القضائي بمقتضى المادة 29 إجراءات. نطاقه؟
الاستدعاء الذي يقوم به مأمورو الضبط القضائي إبان جمع الاستدلالات ولا يتضمن تعرضاً مادياً. ليس قبضاً ولو كان ذلك بواسطة أحد رجال السلطة العامة.
(3) استجواب. إجراءات "إجراءات التحقيق". مأمورو الضبط القضائي "سلطاتهم".
الاستجواب المحظور على مأمور الضبط إجرائه. ماهيته؟
مواجهة الضابط للمتهمين بتحرياته. اعترافهما بارتكابها للجريمة. لا يعد استجواباً.
(4) دفوع "الدفع ببطلان الاستجواب". استجواب. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على الحكم القصور في الرد على الدفع ببطلان استجواب المتهم بمحضر الضبط. غير مجد. ما دام لم يتساند الحكم في الإدانة إلى دليل مستمد منه.
مثال.
(5) إثبات "اعتراف". دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف للإكراه". إكراه. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات. حق لمحكمة الموضوع. لها تقدير صحة ادعاء المتهم انتزاع الاعتراف منه بطريق الإكراه.
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع بأن الاعتراف وليد إكراه.
(6) عقوبة "العقوبة المبررة". سرقة "سرقة بإكراه". إكراه. ظروف مشددة.
النعي على الحكم القصور في استظهار ظرف الليل. غير مجد. ما دامت المحكمة دانته بعقوبة السرقة بإكراه المقرر لها العقوبة ذاتها.
(7) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير مقبول أمام النقض.
(8) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
تناقض أقوال الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها. لا يعيب الحكم. متى استخلصت المحكمة الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما في ليلة... أولاً: المتهمان: سرقا المبلغ المبين قدراً بالتحقيقات المملوك... بأن دخلا داره بواسطة تسور جداره وبطريق الإكراه الواقع على كريمته... بأن كم المتهم الثاني فاها وهددها بسلاح ظاهر كان يحمله فشل بذلك مقاومتها وتمكنا بهذه الوسيلة من إتمام السرقة. ثانياً: - المتهم الثاني أيضاً: أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيض "مطواة قرن غزال". وأحالتهما إلى محكمة جنايات أسيوط لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 313 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكرراً، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 65 لسنة 1981 والبند رقم 10 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالسجن لمدة ثلاث سنوات ومصادرة السلاح المضبوط.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
من حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمة السرقة بطريق الإكراه ليلاً وبواسطة التسور وثانيهما بجريمة إحراز سلاح أبيض بدون ترخيص قد انطوى على خطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في البيان والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك بأن الحكم المطعون فيه رد على الدفع المبدى من الطاعن الأول ببطلان القبض بما لا يصلح رداً ولم يفطن إلى بطلان استجواب المتهمين بمحضر الضبط، كما عول على اعترافهما بتحقيقات النيابة العامة برغم صلته بالقبض الباطل، هذا إلى أنه قد أطرح دفاع الطاعن الأول أيضاً بعدم توافر ظرفي الليل والتسور بما لا يسوغ إطراحه خاصة أن المستفاد من أقوال المجني عليه أن السرقة لم تتم بطريق التسور ولم يثبت ذلك من المعاينة، وأخيراً فإن الحكم أغفل دفاع الطاعنين من أن المجني عليه الأول لم ير الواقعة بنفسه وأن رؤية المجني عليهما الأخيرتين لمرتكبي الحادث كانت من ظهرهما مما يفيد عدم تحديدهما لشخصيتهما ويعدم الدليل على وجود ظرفي الإكراه أو التسور أو وجود السلاح كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتهما في حقهما أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليهما وقد تناول في أسبابه الدفع ببطلان القبض على الطاعن الأول وأطرحه استناداً إلى ما استخلصته المحكمة من أن استدعاء الطاعن لسؤاله في محضر الضبط كان من بين إجراءات جمع الاستدلالات التي أجازت المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية لمأمور الضبط القضائي مباشرتها بشأن ما يقع من جرائم ولا يعتبر في حكم القبض المحظور عليه في غير حالات التلبس. ولما كان هذا الذي خلص إليه الحكم صحيحاً في القانون ذلك أن من الواجبات المفروضة قانوناً على مأموري الضبط القضائي في دائرة اختصاصهم أن يقبلوا التبليغات والشكاوى التي ترد إليهم بشأن الجرائم وأن يقوموا بأنفسهم أو بواسطة مرؤوسيهم بإجراء التحريات اللازمة عن الوقائع التي يعلمون بها بأية كيفية كانت وأن يتحصلوا على جميع الإيضاحات والاستدلالات المؤيدة لثبوت ونفي الوقائع المبلغ بها إليهم والتي يشاهدونها بأنفسهم، كما أن المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية تخول مأموري الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات أن يسمعوا أقوال من يكون لديهم معلومات عن الوقائع الجنائية ومرتكبيها وأن يسألوا المتهم عن ذلك، ولما كان استدعاء مأمور الضبط القضائي للطاعن بسبب اتهامه في جريمة سرقة بإكراه ليلاً لا يعدو أن يكون توجيه الطلب إليه بالحضور لسؤاله عن الاتهام الذي حام حوله في نطاق ما يتطلبه جمع الاستدلالات ولا يقدح في ذلك أن يتم هذا الاستدعاء بواسطة أحد رجال السلطة العامة طالما أنه لم يتضمن تعرضاً مادياً للمستدعي يمكن أن يكون فيه مساس بحريته الشخصية أو تقييد لها مما قد يتلبس حينئذ بإجراء القبض المحظور على مأمور الضبط القضائي إذا لم تكن الجريمة في حالة تلبس وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى أن استدعاء الطاعن الأول لم يكن مقروناً بإكراه ينتقص من حريته فإن رفضها للدفع ببطلان القبض يكون سليما تنتفي معه قالة الخطأ في القانون. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاستجواب الذي حظره القانون على غير سلطة التحقيق هو مجابهة المتهم بالأدلة المختلفة قبله ومناقشته مناقشة تفصيلية كيما يفندها إن كان منكراً أو يعترف بها إن شاء الاعتراف، وكان الطاعن الأول لا يدعي في أسباب طعنه أن مأمور الضبط القضائي ناقشه مناقشة تفصيلية في الأدلة القائمة قبله وكان الحكم قد أورد في رده على دفاع الطاعنين أن الضابط سألهما عما جاء بالتحريات قبلهما فأقر بصحتها واعترفا بارتكابهما للجريمة فأثبت ذلك بمحضره وقام بإرسالهما للنيابة العامة التي باشرت التحقيق معهما فإن ما انتهى إليه الحكم في الرد على الدفع ببطلان الاستجواب يكون مقترناً بالصواب، فضلاً عن أنه لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان استجواب المتهم بمحضر الضبط ما دام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من الاستجواب المدعي ببطلانه وإنما أقام قضاءه على الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات واعتراف المتهم بتحقيقات النيابة العامة وهو دليل مستقل عن الاستجواب فإن ما يثيره الطاعن الأول في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن من أن الاعتراف المعزو إليه كان وليد الإكراه لصدوره نتيجة قبض باطل من أنه ليس ثمة قبضاً قد وقع على المتهمين على نحو ما سلف بيانه مما يضحى معه الدفع قد قام على غير سند، وما أورده الحكم من ذلك سائغ في القانون ذلك أن الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بما لا معقب عليها، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أوقع على الطاعن عقوبة السجن لمدة ثلاث سنوات فلا جدوى للنعي على الحكم بالقصور في استظهار ظرف الليل ما دامت الواقعة حسبما أثبتها الحكم توفر في حق الطاعن بغير توافر هذا الظرف جناية السرقة بإكراه المقرر لها العقوبة ذاتها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان الحكم المطعون فيه قد ساق على ثبوت الواقعة لديه على الصورة التي اعتنقها أدلة استمدها من أقوال شهود الإثبات واعتراف الطاعن الأول أمام النيابة العامة وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ولا ينازع الطاعنان في أن لها مأخذها الصحيح من الأوراق، فإن ما يثيرانه من منازعة في الصورة الصحيحة للواقعة ينحل إلى جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض، فضلاً أنه من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب. لما كان ذلك، وكان الأصل أنه متى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها كما أن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه كما هو الحال في الدعوى المطروحة فإن كافة ما يثيره الطاعنان بشأن أقوال المجني عليهما ووالدهما وشهود الإثبات يكون على غير أساس ويضحى ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد غير سديد. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
جلسة 18 من يناير سنة 1995
برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف علي أبو النيل وعمار إبراهيم فرج ومحمد إسماعيل موسى نواب رئيس المحكمة ويحيى محمود خليفة.
-----------------
(27)
الطعن رقم 2185 لسنة 63 القضائية
(1) دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف للإكراه". إثبات "اعتراف". إكراه. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
الاعتراف في المسائل الجنائية. من عناصر الاستدلال. تقدير صحته وقيمته في الإثبات. موضوعي.
تقدير محكمة الموضوع عدم صحة ما ادعاه المتهم من أن اعترافه كان وليد إكراه. لا معقب عليها. ما دام سائغاً.
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة. غير جائز أمام النقض.
(2) شروع. جريمة "أركانها".
الشروع في حكم المادة 45 عقوبات. ماهيته؟
لا يشترط لتحقق الشروع أن يبدأ الفاعل بتنفيذ جزء من الأعمال المكونة للركن المادي للجريمة. كفاية أن يبدأ في تنفيذ فعل ما سابق مباشرة على الركن المادي لها ومؤد إليه حتماً لاعتباره شارعاً في ارتكاب جناية أو جنحة.
مثال.
(3) شروع. جريمة "الجريمة الخائبة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". سرقة "بإكراه".
تقدير العوامل التي أدت إلى وقف الفعل الجنائي أو خيبة أثره وكون الأسباب التي من أجلها لم تتم الجريمة هي إرادية أم خارجة عن إرادة الجاني. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ لشروع في سرقة بإكراه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه شرع في سرقة السيارة والمبلغ النقدي المبين وصفاً وقدراً بالأوراق المملوكين.... وكان ذلك بطريق الإكراه بأن دس له مادة مخدرة داخل علبة عصير أفقدته الوعي وشلت مقاومته إثر احتسائه لها وأوقف أثر الجريمة بسبب لا دخل لإرادته فيه وهو ضبطه والجريمة متلبس بها. وأحالته إلى محكمة جنايات طنطا لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45/ 1، 46/ 2، 314/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنين عما أسند إليه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الشروع في السرقة بطريق الإكراه قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه دفع ببطلان الاعتراف المعزو إليه لصدوره تحت تأثير الإكراه ولمخالفته للواقع بيد أن الحكم - على الرغم من تعويله على هذا الاعتراف ضمن أدلة الدعوى - أطرح هذا الدفع برد قاصر غير سائغ، ودانه رغم عدم توافر أركان الجريمة لعدوله اختيارياً عن تنفيذها وخلا الحكم من بيان الأفعال التي اعتبرها بدءاً في ارتكاب الجريمة، وذلك كله يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها أن تأخذ به متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للواقع، كما أن لها أن تقدر عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف قد انتزع منه بطريق الإكراه بغير معقب عليها ما دام أنها تقيم تقديرها على أسباب سائغة. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن قد أرسل القول ببطلان الاعتراف المعزو إليه لصدوره نتيجة الإكراه ومخالفته للواقع، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لهذا الدفع وأفصح عن اطمئنان المحكمة إلى سلامة هذا الاعتراف وخلوه مما يشوبه، وأن دفع الطاعن في شأنه جاء مرسلاً، ولما ارتأته المحكمة من مطابقته للحقيقة والواقع الذي استظهرته من باقي عناصر الدعوى وأدلتها، فإن ما يثيره الطاعن من مجادلة في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة المحكمة في تقدير الأدلة مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم قد حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أن الطاعن عقد العزم وأعد العدة لارتكاب جريمة السرقة وجهز مادة مخدرة دسها في أحد معلبات العصائر وتوجه إلى محطة انتظار السيارات الخاصة واستأجر السيارة قيادة المجني عليه في طريقه إلى مدينة طنطا وقبل بلوغه إياها طلب من المجني عليه التوقف بالسيارة لإحضار بعض الأطعمة من أحد الباعة القابعين على الطريق، وبعد أن تناولاها سوياً قدم له علبة العصائر التي كان قد دس بها المادة المخدرة بقصد تخديره وسرقة نقوده، وبعد أن فرغ المجني عليه من تناول محتويات هذه العلبة واستأنف قيادة السيارة بدت عليه مظاهر التأثر بتلك المادة المخدرة، وقبيل وصوله إلى مدينة طنطا - اصطدمت السيارة بإفريز في منتصف الطريق، وإذ ذاك تصادف مرور رئيس وحدة مباحث طنطا فتوجه صوب السيارة فلاحظ مظاهر الإعياء الشديد على المجني عليه بينما حاول الطاعن الذي كان يجلس بجواره الفرار فأسرع بالقبض عليه، ثم أورد أدلة الثبوت التي استمد منها ثبوت الواقعة في حق الطاعن من شهادة المجني عليه ورئيس وحدة مباحث مركز طنطا والكيميائي الشرعي وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وخلص منها إلى إدانة الطاعن بجريمة الشروع في سرقة المبلغ النقدي المملوك للمجني عليه بطريق الإكراه. لما كان ذلك، وكانت المادة 45 من قانون العقوبات قد عرفت الشروع بأنه "البدء في تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة إذا أوقف أو خاب أثره لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها" فلا يشترط لتحقق الشروع أن يبدأ الفاعل بتنفيذ جزء من الأعمال المكونة للركن المادي للجريمة بل يكفي لاعتبار أنه شرع في ارتكاب جريمة - جناية أو جنحة - أن يبدأ في تنفيذ فعل ما سابق مباشرة على تنفيذ الركن المادي لها ومؤد إليه حتماً، وبعبارة أخرى يكفي أن يكون الفعل الذي باشره الجاني هو الخطوة الأولى في سبيل ارتكاب الجريمة وأن يكون بذاته مؤدياً حالاً ومن طريق مباشر إلى ارتكاب الجريمة ما دام قصد الجاني من هذا الفعل معلوماً وثابتاً، وكان من المقرر أن تقدير العوامل التي أدت إلى وقف الفعل الجنائي أو خيبة أثره، وكون الأسباب التي من أجلها لم تتم الجريمة هي إرادية أم خارجة عن إرادة الجاني هو أمر متعلق بالوقائع يفصل فيه قاضي الموضوع، وكان الثابت من الحكم على السياق المتقدم - أن الطاعن عقد العزم وأعد عدته للسرقة ووضع المادة المخدرة في شراب قدمه للطاعن بقصد تخديره وإفقاده مقاومته لسرقة نقوده - وأنه ما حال دون بلوغ غايته إلا اصطدام السيارة بإفريز الطريق وتصادف وجود ضابط المباحث الذي قبض على الطاعن عن محاولته الهرب، فإن ما خلص إليه الحكم من تحقق أركان هذه الجريمة وأن الطاعن لم يعدل إرادياً عن ارتكابها بل كان ذلك لسبب خارج عن إرادته يكون قد أصاب صحيح القانون، ويكون منعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.