الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 19 يونيو 2024

مذكرة إيضاحية عامة

عودة إلى صفحة : مشروع قانون العقوبات في إقليمي الجمهورية (مصر & سوريا ) 1959 ومذكرته الإيضاحية


(1) عندما اتجهت النية إلى توحيد التشريع الجزائي في إقليمي الجمهورية شكلت في وزارة العدل بالقاهرة لجنة تحضيرية من الأستاذ علي بدوي رئيسا ومن السيد المستشار محمود إبراهيم إسماعيل رئيس الدائرة الجنائية بمحكمة النقض والسيد الدكتور علي احمد راشد أستاذ القانون الجنائي بكلية الحقوق بجامعة عين شمس وتولى أعمال السكرتارية الفنية الأستاذ محمد أبو الفضل رئيس النيابة والأستاذ محمد سعيد الهراس القاضي المنتدب بالمكتب الفني بمحكمة النقض .

وقد بدأت هذه اللجنة التحضيرية أعمالها في شهر يوليه سنة ١٩٥٨ فعقدت نحو مائة جلسة في دار محكمة النقض خلال النصف الأخير من عام ١٩٥٨ والنصف الأول من عام سنة ١٩٥٩ حتى أنجزت مشروعاً كاملاً لقانون العقوبات بقسميه العام والخاص ، متخذة القانون السوري أساسا للبحث مع مشروع القانون المصري والقانون المصري ذاته ومع الرجوع إلى مصادرها التشريعية ، مراعية اختيار أصلح المصطلحات من الوجهة العلمية دون التقيد بتشريع معين ووضع أحكام قانون العقوبات على قسمين ، الأول قسم المبادئ العامة منسقة بحسب الترتيب الطبيعي لعناصر هذا القانون ، والقسم الثاني يتناول الجرائم المختلفة من جنايات وجنح مرتبة في أبوابها وفصولها بحسب طبيعة الجرائم التي نص عليها ، بعد أن استبعدت منه المخالفات ليصدر بها قوانين أو قرارات خاصة طبقا لما تتطلبه ضرورات الحياة اليومية في المجتمع بالإقليمين.

(۲) وبتاريخ 29 يناير كانون الثاني 1959 صدر قرار من وزير العدل المركزي بتشكيل اللجنة المشتركة التي عهد إليها بتوحيد قانون العقوبات وقانون الأحداث وقانون الإجراءات الجنائية من الأستاذ على بدوي رئيساً ومن السيد المستشار محمد عزت عبد المحسن بمجلس الدولة للإقليم المصري والسيد الدكتور عدنان الخطيب النائب العام وحاليا الأمين العام بمجلس الدولة للإقليم السوري .

وعقدت اللجنة المشتركة الدورة الأولى من جلساتها في خلال شهر فبراير سنة ١٩٥٩ في دار القضاء العالي بالقاهرة وتولى السكرتارية الفنية فيها الأستاذ محمد أبو الفضل رئيس النيابة والأستاذ محمد سعيد الهراس القاضي المنتدب بالمكتب الفني بمحكمة النقض حيث استعرضت أعمال اللجنة التحضيرية ، فأقرت الأسس التي بني عليها مشروعها ثم أخذت في دراسة النصوص التي يتناولها القسم العام من قانون العقوبات فأحدثت فيها من التعديلات وأضافت إليها من الأحكام ما رأته ضروريا لإخراج مشروع يحقق في نظرها الغرض الذي يستهدفه توحيد التشريع بين إقليمي الجمهورية

ثم عقدت الدورة الثانية من جلساتها طوال شهر يونيه سنة ١٩٥٩ بقصر العدلية في مدينة دمشق حيث أنجزت استعراض مشروع القسم الخاص ودراسة أحكامه ووضع نصوصه النهائية بعد إعادة البحث في مشتملاتها وفي صياغتها وفي تبويبها .

وأخيراً انتهزت فرصة بدء الدورة الثالثة من جلساتها بالإسكندرية في أوائل شهر يوليو لبحث مشروع قانون الإجراءات الجزائية فأتمت وضع المذكرة الإيضاحية ومشروع قانون الإصدار لكل من قانوني العقوبات والأحداث .

(3) وقد كانت اللجنة تستهدف في بحث أحكام القسم العام من قانون العقوبات غايتين :

الأولى : أن يتحقق التوفيق بين التشريعين السوري والمصري في الأحكام الجوهرية بالرغم من قيام الخلاف بين التشريعين فيها ، وبالأخص في أحكام المساهمة في الجريمة وأحكام العود أو التكرار في الإجرام وأحكام التشديد والتخفيف في العقوبات ، هذا فضلاً عن الخلافات في كثير من الأحكام التفصيلية . وقد بذلت اللجنة في هذه المهمة الشاقة جهوداً متواصلة ووفقت إلى حد بعيد في إنجازها .

(٤) والغاية الثانية أن تصاغ أحكام القسم العام على أسس علمية وأن تكون منسجمة مع الاتجاهات الحديثة في ميدان الجريمة والجزاء .

وعلي هذه الأسس صيغت الأحكام الخاصة بأركان الجريمة والقواعد المتصلة بمسئولية المجرم والمبادئ المتعلقة بالجزاء ونوعيه وأسباب التخفيف والتشديد فيه صيغت كلها في نصوص منتظمة في ترتيب علمي يتمشى مع طبيعة هذه الأحكام من جهة ومع أحدث الاتجاهات العلمية من جهة أخرى .

فعولجت أحكام الدفاع الشرعي في موطنها الطبيعي بين قواعد استعمال الحق وأداء الواجب في نطاق الركن الشرعي للجريمة ، وأحكام الشروع وصلة السببية ووسائل العلانية بين قواعد الركن المادي ، وأحكام القصد الإجرامي والغلط والباعث بين قواعد الركن الأدبي . واشتمل القسم العام على أحكام الجريمة السياسية وأحكام المسئولية المفترضة عند الأشخاص الاعتباريين وفي جرائم النشر وتوحدت العقوبات السالبة للحرية المقررة للجنايات تمشياً مع المبادئ التي استقرت عليها المؤتمرات الدولية من حيث وجوب تنويع الأعمال على المحكوم عليهم بهذه العقوبات بحسب حالة المجرم البدنية والعقلية بصرف النظر عن نوع هذه العقوبة سجناً أكانت أم أشغالاً شاقة أم اعتقالا . وقد اختير لها التعبير الأخير وهو التعبير الذي اتفقت عليه الآراء بين أعضاء اللجنة التحضيرية واللجنة المشتركة جميعاً والذي أطلقه التشريع السوري ذاته في نصوصه على العقوبة السالبة للحرية في الجرائم السياسية وفي بعض جرائم القتل العادية . كما أقرته لجنة سبق تشكيلها بالمكتب الفني برئاسة مجلس الوزراء من بعض الشخصيات الفقهية والقضائية من إقليمي الجمهورية .

(5) ولم تجد اللجنة صعوبة في تحقيق هذه الغاية الأخيرة نظراً لأن كلا من قانون العقوبات السوري ومشروع القانون المصري قد احتوى الكثير من العناصر التي ساعدت على ذلك وبالأخص في باب التدابير الاحترازية حيث اشتمل التشريع السوري على طائفة قيمة من القواعد والأحكام المستمدة من أحدث النظم الجزائية في القانون المقارن لمعالجة أحوال المجرمين بعد الحكم عليهم وإعدادهم للاندماج في المجتمع من جديد أو لإبعادهم عنه حماية له من خطر عودهم إلى الإخلال بكيانه . وقد كان لهذه الأحكام أكبر الأثر في تنظيم باب الجزاء في القسم العام من مشروع القانون الموحد .

(6) وفي معالجة أحكام القسم الخاص من قانون العقوبات قد راعت اللجنة العمل على تحقيق الهدفين السابق ذكرهما في شأن القسم العام . وقد استطاعت اللجنة أن تحقق الكثير منهما . ولذلك لم تجد بدا من إعادة النظر في تبويب الجرائم الخاصة وترتيبها ومن أن تدرج في مواد القسم الخاص من المشروع الموحد نصوصاً عن بعض جرائم واردة في القانون السوري دون أن يكون لها نصوص مقابلة في التشريع المصري حتى لا تعتبر في ذاتها أعمالاً مباحة إذا أغفلت النصوص الخاصة بها . وكذلك تضمن قانون العقوبات السوري أحكاماً عن جرائم صدرت بها قوانين خاصة في مصر فرؤي استبعاد ها من المشروع المقترح للقانون حتى يصدر بها تشريع موحد كما هو الأمر في حماية الملكية الأدبية والفنية وفي نظام المياه وفي أحكام الموازين والمكاييل وغش البضائع .

وأخيراً استقر الرأي على أن لا يشمل قانون العقوبات الموحد طائفة المخالفات وأن يخصص لها مجموعة مستقلة عن القانون ذاته أخذاً بالاتجاه الحديث في التشريع المقارن .

(7) وقد رؤي من الأفضل أن يلحق بالنصوص المقترحة في هذا المشروع ما يتصل بها من تعليقات وإيضاحات مبررة لما انتهت إليه اللجنة من أحكام ومبادئ .

(8) ونختتم هذه المذكرة بأن ما وصلت إليه اللجنة في هذا المشروع إنما كان بإجماع الآراء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق