بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 01-07-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعنين رقمي 616 ، 640 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
ف. ي. و.
مطعون ضده:
أ. و. ش. ل. ش.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2024/1608 استئناف تجاري بتاريخ 23-04-2025
أصدرت القرار التالي
بعد الاطلاع على الملف الإلكتروني والمداولة. حيث إن الوقائع -على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعنين- تتحصل في أن الطاعن -في الطعن رقم 616 لسنة 2025- أقام على الشركة المطعون ضدها فيه الدعوى رقم 1298 لسنة 2024 تجاري أمام محكمة دبي الابتدائية بطلب الحكم بإلزامها بأن ترد إليه مبلغ 3,640000 درهم المتبقي مما تحصلت عليه من مبالغ بعد خصم ما قامت بإنجازه من أعمال والفائدة بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة وحتى تمام السداد ، وذلك تأسيساً على أنه اتفق مع الشركة المطعون ضدها بناءً على عرض مالي مقدم منها وقبله في شأن تنفيذ أعمال تجهيز وأكساء مطعم كان ينوي افتتاحه وأمدها بمبلغ 3,696000 درهم للبدء في التنفيذ، إلا أنه قرَّر عدم استكمال المشروع وأنذرها بإيقاف الأعمال، وقدر قيمة ما قامت به من أعمال بالمطعم بمبلغ 50000 درهم وفق القيمة السوقية لها، ومن ثم يترصد في ذمتها المبلغ المطالب به امتنعت عن أداءه ، ومن ثم فأقام الدعوى ، وجَّهَت الشركة المطعون ضدها طلباً عارضاً بطلب الحكم بإلزام الطاعن بأن يؤدي إليها مبلغ 2,083650 درهماً تشمل قيمة ما قامت به من أعمال والتعويض عما لحقها من ضرر بفوات فرصة الربح بالإضافة إلى ضريبة القيمة المضافة بواقع 5% على المبلغ المطالب به، كما أدّخَلت المطعون ضده الثاني في الطعن رقم 1369 لسنة 2024 -سيناء محمود عبد الله كاظم- بطلب الحكم بإلزامه بأن يرد إليها مبلغ 880000 درهم والفائدة القانونية بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة وحتى تمام السداد . تأسيساً علي أنها كانت قد سددت له هذا المبلغ عمولة سمسرة عن إجمالي كامل الاتفاق الحاصل بينها وبين الطاعن وكان الاتفاق لم يتم استكمال الاعمال المتفق علي إنجازها بالمطعم فيحق لها استرداد مبلغ العمولة منه ومن ثم وجهت طلبها ، ندبت المحكمة خبيراً ، وبعد أن أودع تقريره، حكمت في 29/8/2024 في الدعوى الأصلية بإلزام الشركة المطعون ضدها بأن تؤدي إلى الطاعن مبلغ 1,612350 درهماً والفائدة القانونية بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة وحتى تمام السداد، وفي الدعوى المتقابلة بإلزام الطاعن بأن يؤدي إلى الشركة المطعون ضدها مبلغ 2,083650 درهماً والفائدة القانونية بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة وحتى تمام السداد، وبرفض موضوع طلب الإدخال . استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 1608 لسنة 2024 تجاري، كما استأنفته الشركة المطعون ضدها بالاستئناف رقم 1640 لسنة 2024 تجاري ، وبتاريخ 14/10/2024 قررت المحكمة بغرفة مشورة -بدون مرافعة- بتحديد جلسة 30/10/2024 للنطق بالحكم في الاستئنافين وبهذا التاريخ قضت -بغرفة مشورة- في الاستئناف الأول بتعديل الحكم المستأنف في شأن المبلغ المقضي به بجعله 3,450982 درهماً، وفي الثاني برفضه ، طعن الطاعن في هذا الحكم بالتمييز رقم 1365 لسنة 2024 تجاري ، كما طعن فيه المطعون ضده بالتمييز رقم 1369 لسنة 2024 تجاري ، وبتاريخ 18/2/2025 حكمت المحكمة في الطعنين بنقض الحكم المطعون فيه وبإحالة الدعوى إلى محكمة الاستئناف لتقضي فيها من جديد تأسيساً علي أن قضاء محكمة الاستئناف في غرفة مشورة بتعديل المبلغ المقضي به ابتدائياً ودون إحالة الاستئناف لجلسة مرافعة مع إعلان طرفيه ، ليقدما ما لديهم من مستندات وأوجه دفاع ودفوع تكون قد خالفت اجراءات التقاضي وهو ما يستتبع نقض الاستئنافين للارتباط ، وبعد الإحالة قضت محكمة الاستئناف بتاريخ 23/4/2025 في موضوع الاستئناف المرفوع من الطاعن بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى الأصلية بجعله الزام المطعون ضدها بأن تؤدى للطاعن مبلغ 3,450982 درهم وتأييده فيما عدا ذلك . وفي موضوع الاستئناف رالمرفوع من المطعون ضده برفضه ، طعن الطاعن في هذا الحكم بالتمييز رقم 616 لسنة 2025 طعن تجاري ب موجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى بتاريخ 19/5/2025 طلب فيها نقضه ، قدم محامي المطعون ضده مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الطعن ، كما طعن المطعون ضده في ذات الحكم بالتمييز رقم 640 لسنة 2025 تجاري ب موجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى بتاريخ 22/5/2025 طالب فيها نقضه ، قدم المطعون ضده الأول مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الطعن ، وإذ عُرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنهما جديران بالنظر وحددت جلسة لنظرهما ، وبها ضمت الطعن الثاني للطعن الأول للإرتباط .
وحيث إنه لما كان من المُقَرَّر في قضاءِ محكمةُ التمييز أنه يجوز لصاحب العمل أن يتَحلَّل بإرادتِه المُنفَرِدة من عقدِ المقاولة قبل تنفيذه أياً كانت الأسباب والبواعث التي دفعته لذلك، ويُعتَبر إعطاء صاحب العمل هذه الرخصة خروجاً على قاعدة أن العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه أو تعديله إلا باتفاقهما، والحكمة من هذا الاستثناء أن تنفيذ عقد المقاولة كثيراً ما يستغرق وقتاً أو زمناً طويلاً، أو أنه في الفترة ما بين إبرام العقد وإتمام تنفيذ الأعمال المُتَفَق عليها قد تَتَغير الظروف، فرعاية لجانب صاحب العمل ومنعاً لإجباره على صرفِ نفقات غير نافعة خَوَّله القانون سلطة التحَلُّل من عقدِ المقاولة بإرادتِه المُنفَرِدة، ولكن المُشرع مع مراعاة جانب صاحب العمل بتَخّويله هذه الرخصة لم يُهدِر مصلحة المقاول، ولذلك ألزم صاحب العمل الذي يُنهي عقد المقاولة بإرادتِه المُنفَرِدة أن يعوض المقاول ليس فقط عما أنفقه من مصروفات وما أنجزه من الأعمالِ، بل وعمَّا كان يستطيع كسبه لو أنه أتم العمل، وأن تقدير ما أنفقه المقاول من مصروفات وما أنجزه من أعمال وما كان يستطيع كسبه لو أنه أتم العمل هو من أمورِ الواقع التي تستقلُ محكمة الموضوع بتقديرها بِما لها من سلطة فهم الواقع وتقدير الأدلة والمستندات وتقارير الخبراء المُقدمة في الدعوى، وكذا بِما لها من سلطة تفسير المحرَّرَات والعقود والمشارطات وبما لا يخرج عن النيةِ المشتركة للمتعاقدين، ووفقاً للظروف والملابسات المحيطة بإبرام العقد وتنفيذه وقيمته ومدته والعرف السائد في المقاولات، متى أقامت قضاءها على أسبابٍ سائغةٍ ولها أصلها الثابت في الأوراقِ. وأن تقدير الضَرَّر ومراعاة الظروف الملابسة في تحديدِ مبلغ الضمان التعويض الجابر له من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع ما دام القانون لم يوجب اتّباع معايير معينة للتقدير، إذ هي تقضي بِما تراه مناسباً وفقاً لما تَتَبينه من ظروفِ الدعوى، وأنها متى استقر في تقديرها مبلغ معين فلا تُقبل المناقشة فيه ولا مُعقب عليها في ذلك من محكمة التمييز ما دام أنها أبانت عناصر الضَرَّر ووجه أحقية طالب التعويض الضمان عنها من واقع ما هو مطروح عليها من الأوراق. وكان الحكم المطعون فيه قد خَلُص في قضائه في دعوي الطاعن -في الطعن رقم 616 لسنة 2025 تجاري- وفي ضوءِ ما اطمأن إليه من تقرير الخبير المُنتدب في الدعوى إلى أن الطاعن قد قرَّر عدم الاستمرار في استكمال وتنفيذ الاتفاق الخاص المُبرَّم بينه وبين الشركة المطعون ضدها في شأن تجهيز وإكساء المطعم -موضوع الدعوى- بعد أن سَلَّم المساحة التي كان يستأجرها لهذا الغرض إلى المؤجر مِمَّا يُعد إنهاءً للاتفاق بينهما بإرادتِه المُنفَرِدة، وانتهي أن تصرف الطاعن هذا قد ألحق بالمطعون ضدها أضراراً من عدمِ استكمال تنفيذ العقد مقابل ما تكبدته من مصروفات تجهيز للرسومات الفنية خاصة المشروعِ واستخراج الموافقات والتراخيص اللازمة له وما كانت تتوقعه من استفادة مالية منه ، ورتَب الحكم على ذلك أحقيتها في مبلغ ضمان عمَّا لحِقها من ضّرَّر وما فاتها من ربح، وانتهى إلي إلزام الطاعن بأن يؤدي إليها المبلغ المقضي به إليها بأسبابٍ سائغةٍ لها أصلها في الأوراق وفيها الرد الضمني المسقط لكل حُجة تخالفه. وكان من المُقَرَّر أيضاً في قضاءِ محكمةُ التمييز أن تقدير ما أنفقه المقاول من مصروفات وما أنجزه من أعمال، وما كان يستطيع كسبه لو أنه أتم العمل، هو من أمور الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها بِما لها من سلطة فهم الواقع وتقدير الأدلة والمستندات وتقارير الخبراء المُقدمة في الدعوى، ووفقاً للظروف والملابسات المحيطة بإبرَّام العقد وتنفيذه وقيمته ومدته والعرف السائد في المقاولات، متى أقامت قضاءها على أسبابٍ سائغةٍ ولها أصلها الثابت في الأوراق. ومن المقرر كذلك أن السَمسَرة هي عقد يتعهد فيه السِمسَار لشخص بالبحث عن طرف ثالث لإبرام عقد معين، وبالوساطة في المفاوضات لإنجاز هذا العقد وذلك مقابل أجر يستحقه السِمسَار، وأن مهمة هذا الأخير تقتصر على التقريب بين وجهتي نظر المتعاقدين وتنتهى بإبرام الصفقة بينهما، وعندها يستحق أجره المُتفق عليه بغير حاجة لإثبات أن من تعاقد معه على السَمسَرة قد استوفى حقوقه من الطرف المتعاقد معه طالما لم يُتفق بينهما على ذلك، وأن العِبرة في استحقاق السِمسَار لعمولته هو إبرام العقد ولو لم يُنَفذ، إلا اذا قضى الاتفاق أو العرف على غير ذلك، وأن استخلاص قيام السِمسَار بما التزم به واستحقاقه لأجره هو من مسائل الواقع التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصل ثابت بالأوراق ، وأنه إذا فُسخ العقد الذي توسط السِمسَار في إبرامه، جاز للسِمسَار المطالبة بأجره أو الاحتفاظ به إن كان قد قبضه إلا إذا ثَبُت الغش أو الخطأ الجسيم من جانبه. وكان الحكم المطعون فيه قد خَلُص في قضائه وفي ضوءِ ما اطمأن إليه من تقرير الخبير المُنتدب في الدعوى إلى أن المطعون ضده الأول سَدَّد للشركة الطاعنة ?في الطعن رقم 640 لسنة 2025-مبلغ 3,696,000 درهم قيمة الدفعة المُقدمة، وأن الأعمال التي قامت بها الشركة الأخيرة تُقَدر قيمتها بمبلغ 245017 درهماً وفقاً للمستندات المُقدمة من طرفي الدعوي ، فيكون قد سدد إليها بالزيادة مبلغ 3،450982 درهماً، ورتَب الحكم على ذلك تَرَصُد المبلغ الأخير في ذمةِ الشركة الطاعنة لصالح المطعون ضده الأول ، وانتهى في قضائه في الطلب العارض المبدى من الطاعنة وبِما له من سلطة تقديرية إلى تأييد الحكم المستأنف من استحقاقها لمبلغ التعويض المقضي به - 2,083650 درهم- كما انتهى في دعواها -الطاعنة- قبل المطعون ضده الثاني إلي رفض طلبها الزامه بردِ مبلغ عمولة السَمسَّرة المُتَفَق عليها بما خلص إليه من أن الأخير -السِمسَّار- قد توَسَط في المفاوضات بين الشركة الطاعنة وبين المطعون ضده الأول لإنجاز العقد -خطاب النوايا- المُبرَّم بينهما المؤرخ 14/9/2023 وذلك مقابل أجر يستحقه، وأن مهمته تَقتَصر على التقريب بين وجهتي نظر المتعاقدين وقد تم بإبرَّام الصفقة بينهما بناءً علي وساطته بينهما ، ومن ثم يستحق الأجر المُتَفَق عليه ولو فُسِخ العقد بعد ذلك بسببِ أحد المتعاقدين، وكان ما انتهي إليه الحكم في هذا الخصوص جاء بأسبابٍ سائغةٍ لها أصلها في الأوراق وفيها الرد الضمني المسقط لكل حُجَة تخالفه ، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه من الطاعن -في الطعن الأول رقم 616 لسنة 2025- من أن إنهائه لتعاقده مع المطعون ضده كان نتيجة لتوقف تمويل المشروع موضوع المقاولة واضطراره لتسليم المحل المستأجر -موضوع المقاولة- لمالكه المؤجر مما جعل تنفيذه لالتزامه مستحيلاً وهو ما ينتفي معه الضَرَّر الموجب لهذا الضمان اكتفاءً بما قدرته الخبرة من تعويض للمطعون ضدها بقيمة ما قامت به من أعمال والبالغة 245017 درهماً ، ومن الطاعنة ? في الطعن الثاني رقم 640 لسنة 2025 - من تَرصُد مبلغ 6,068632 درهماً في ذمةِ المطعون ضده الأول لقاء ما تكبدته من مصروفات تحضير ورسومات وتكاليف عطاءات وعن مبالغ مؤقتة خاصة بعناصر هندسية وتوريد ومبلغ 3,30000 درهم على سبيلِ التعويض عمَّا لحِق بها من أضرَّار وما فاتها من ربح بمقدار 15% من قيمة العقد نتيجة لإنهاء المطعون ضده الأول لعقد الإيجار بإرادته المنفردة و تسليمه المساحة المستأجرة للمؤجر ، ومن أحقيتها في استرداد مبلغ العمولة 880000 من المطعون ضده الثاني نتيجة لذلك الإنهاء ، لا يعدو أن يكون جدلًا في سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع في الدعوى وفي تقدير الأدلة المقدمة فيها مما لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة. ومن ثم يكون الطعنين مقامين على غير الأسباب الواردة بالمادة 175(1 ،2) من قانون الإجراءات المدنية ويتعين الأمر بعدم قبولهما عملًا بالمادة 185(1) من ذات القانون.
فلهذه الأسباب
أمرت المحكمة في غرفة المشورة بعدم قبول الطعنين وألزمت كل طاعن بمصروفات طعنه وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة مع مصادرة التأمين في الطعنين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق