جلسة الاثنين 22 مايو 2017
برئاسة السيد القاضي/ عبد العزيز عبد الله الزرعوني رئيس الدائرة وعضوية السادة القضاة: مصطفى عطا محمد الشناوي، مصبح سعيد ثعلوب، محمود فهمي سلطان وأحمد عبد الله حسين.
----------------
(40)
الطعن رقم 349 لسنة 2017 "جزاء"
(1) تقادم. حكم "بيانات الحكم" "تسبيبه: تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع: ما لا يوفره". دعوى جزائية "انقضاؤها: مضي المدة".
وجوب اشتمال الحكم على ذكر البيانات الضرورية من تاريخ وقوع الجريمة. ذكر تاريخ البلاغ. غير كاف. علة ذلك. مراقبة سقوط الحق بمضي المدة. خطأ الحكم في بيان تاريخ الواقعة. لا يعيبه. شرط ذلك.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة".
لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه. طالما له مأخذه الصحيح بالأوراق.
(3 ، 4) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في مسائل الإثبات: في شهادة الشهود".
(3) وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات. من سلطة محكمة الموضوع. أخذها بشهادتهم. مفاده. إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
(4) تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله أو تناقض رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها. لا يعيب الحكم. شرط ذلك.
(5) تهديد. قصد جنائي. تمييز "أسباب الطعن: ما لا يقبل منها". محكمة الموضوع "سلطتها في الجرائم: في التهديد".
كل عبارة من شأنها إزعاج المجني عليه أو إلقاء الرعب في نفسه أو إحداث الخوف عنده من خطر يراد إيقاعه ضد نفسه أو ماله. يعد تهديدا معاقبا عليه سواء كتابة أو شفاهة أو بالهاتف. عدم اشتراط أن يكون مصحوبا بطلب أو نية تحقيق ما هدد به. كفاية أن تكون عبارات التهديد من شأنها التأثير في نفس المجني عليه. الأسلوب الذي تصاغ فيه. لا أثر له. القصد الجنائي. غير لازم. استخلاص المحكمة من عبارة التهديد وظروف الواقعة أن الطاعن هو المهدد بارتكاب هذه الجريمة رغم صياغة عبارة التهديد صياغة غامضة. لا يصح مصادرتها بما استنبطته. شرط ذلك. النعي في هذا الشأن. جدل موضوعي. عدم جواز مصادرة عقيدة محكمة الموضوع فيه أمام محكمة التمييز. م 352 عقوبات.
(6) دفوع "الدفوع الموضوعية: الدفع بإنكار التهمة".
الدفع بإنكار التهمة ونفي الاتهام. من الدفوع الموضوعية. لا تستأهل من المحكمة ردا خاصا. قضاؤها بإدانة الطاعن استنادا إلى أدلة الثبوت الواردة في الحكم. مفاده. إطراحه هذا الدفع.
(7) اختصاص "اختصاص ولائي". دعوى مدنية.
رفع الدعوى المدنية أمام المحاكم الجزائية. جائز متى كانت تابعة للدعوى الجزائية وكان الضرر ناشئا مباشرة عن الفعل الخاطئ المكون للجريمة. التعويض. ماهيته. مطالبة المدعية بالحقوق المدنية بتعويض مؤقت عن الضرر نتيجة الجريمة. أثره. قبول الدعوى المدنية أمام المحكمة الجزائية.
(8) مسئولية مدنية. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الضرر".
الضرر المستوجب للتعويض. كفاية أن يثبت الحكم إدانة المحكوم عليه عن الفعل الذي قضى بالتعويض من أجله. تقديره. من سلطة محكمة الموضوع. أثره. عدم قبول مناقشتها متى قضت به. شرط ذلك.
(9) حكم "تسبيب الحكم: تسبيب غير معيب". مسئولية مدنية.
المسئولية المدنية. الأصل فيها وجوب تعويض كل من أصيب بضرر سواء المادي أو الأدبي. انتهاء الحكم إلى تعويض المدعية بالحقوق المدنية عما لحقها من ضرر نتيجة لجريمة ارتكبها الطاعن ضدها وأثبتت توافر أركانها. لا خطأ.
(10) دعوى مدنية. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير التعويض".
حكم المحكمة للمدعية بالحقوق المدنية بالتعويض المؤقت. كفايته لتبرير التعويض المقضي به. بيان الضرر الذي يستوجب التعويض المطالب به. على المحكمة التي ترفع أمامها الدعوى به.
(11) دعوى مدنية. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير التعويض".
قضاء الحكم بالتعويض المؤقت للمدعية بالحقوق المدنية. لا إثراء فيه بلا سبب. م 318 معاملات. إعمال هذا الدفع. مجاله عند المطالبة بالتعويض أمام المحكمة المدنية المختصة. مؤدى ذلك. عدم قبول ما يعيبه الطاعن على الحكم في شأن الدعوى المدنية وتقدير التعويض.
------------------
1 - المقرر أنه يجب اشتمال الحكم على ذكر البيانات الضرورية من تاريخ وقوع الجريمة وعدم الاكتفاء بذكر تاريخ البلاغ الذي تقدم بشأنه لمراقبة مسألة سقوط الحق في إقامة الدعوى بشأنها لمضي المدة وخلو الحكم منه بموجب نقضه، إذ يصعب حينئذ على محكمة التمييز بما لها من الحق في مراقبة تطبيق القانون معرفة إذا كانت هذه الجريمة سقطت بمضي المدة أم لا، إلا أن خطأ الحكم في بيان تاريخ الواقعة لا يعيبه طالما أن هذا التاريخ لا يتصل بحكم القانون على واقعة الدعوى وما دام الطاعن لم يدع أن الدعوى الجزائية قد انقضت بمضي المدة.
2 - المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن لهذا الدليل مأخذه الصحيح بالأوراق.
3 - إذ كان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
4 - تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله أو تناقض رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته مادام الثابت منه أنه استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصا سائغا لا تناقض فيه ومادام لم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في حكمه.
5 - النص في المادة 352 من قانون العقوبات مفاده وفقا لما هو مقرر أن كل عبارة من شأنها إزعاج المجني عليه أو إلقاء الرعب في نفسه أو إحداث الخوف عنده من خطر يراد إيقاعه ضد نفسه أو ماله يعتبر تهديدا معاقبا عليه ويستوي أن يكون التهديد كتابة أو شفاهة أو بواسطة الهاتف ولا يشترط التهديد أن يكون مصحوبا بطلب وفقا للمادة سالفة الذكر التي دين بها الطاعن كما لا يشترط أن تكون لدى الجاني نية تحقيق ما هدد به إذ يكفي أن تكون عبارات التهديد من شأنها التأثير في نفس المجني عليه ولا عبرة بعد ذلك بالأسلوب أو القالب الذي تصاغ فيه متى كان المفهوم منها أن الجاني قصد ترويع المجني عليه ولا يلتزم التحدث استقلالا عن القصد الجنائي فإذا كانت المحكمة قد استخلصت من عبارة التهديد ومن ظروف الواقعة وملابساتها أن الطاعن رمى إلى إثارة الرعب والفزع في نفس المجني عليها وأنه هو المهدد فعلا بارتكاب هذه الجريمة رغم أن عبارة التهديد قد صيغت صياغة غامضة وأفرغت في قالب يوهم بأن الطاعن محذر من جريمة سوف يرتكبها فلا يصح مصادرتها فيما استنبطته طالما كان استخلاصها سائغا لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي ومادامت قد أقامت قضاءها على أسباب من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها.
6 - المقرر أن الدفع بإنكار التهمة ونفي الاتهام هو من الدفوع الموضوعية التي لا تستأهل من المحكمة ردا خاصا إذ في قضائها بإدانة الطاعن استنادا إلى أدلة الثبوت التي أوردتها في حكمها ما يفيد إطراحه.
7 - المقرر أن الأصل في الدعاوى المدنية أن ترفع إلى المحاكم المدنية وإنما أباح القانون استثناء رفعها إلى المحكمة الجزائية متى كانت تابعة للدعوى الجزائية وكان الحق المدعى به - الضرر - ناشئا مباشرة عن الفعل الخاطئ المكون للجريمة موضوع الدعوى الجزائية وكان القانون لا يمنع المضرور من المطالبة بالتعويض عن الضرر إذا كان الضرر ناتجا عن الجريمة مباشرة- التي لحقت بالمجني عليه- والتعويض بمعناه العام هو إصلاح هذا الضرر إما بدفع مبلغ مالي للمضرور أو أداء أمر معين متصل بالعمل غير المشروع والمتضرر من الجريمة له أن يطالب بالوصف الذي يراه والتعويض الأدبي أيا كانت صورته.
8 - المقرر أنه يكفي في بيان وجه الضرر المستوجب للتعويض أن يثبت الحكم إدانة المحكوم عليه عن الفعل الذي قضى بالتعويض من أجله وأن تقدير طلب التعويض من سلطة محكمة الموضوع وفقا لما تبينته من مختلف ظروف الدعوى وأنها متى قضت به فلا يقبل المناقشة بشرط أن يكون الحكم قد أحاط بعناصر المسئولية المدنية من خطأ وضرر وعلاقة سببية.
9 - إذ كان الأصل في المسئولية المدنية وجوب تعويض كل من أصيب بضرر يستوي في ذلك الضرر المادي والضرر الأدبي وكان الحكم قد انتهى إلى تعويض المدعية بالحقوق المدنية عما لحقها من ضرر نتيجة الجريمة التي ارتكبها الطاعن ضدها وأثبت توافر أركانها في حقه فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
10 - المقرر أنه إذا كانت المحكمة قد حكمت للمدعية بالحقوق المدنية بالتعويض المؤقت بمبلغ مالي قدره [21.000] درهم الذي طلبته ليكون نواة التعويض الكامل الذي ستطالب به بانية على ما ثبت لها من أن المحكوم عليه هو الذي ارتكب الفعل الضار المسند إليه فهذا يكفي لتبرير التعويض الذي قضت به أما بيان الضرر فإنما يستوجبه التعويض الذي تطالب به بعد وهذا يكون على المحكمة التي ترفع أمامها الدعوى به.
11 - إذ كان قضاء الحكم بالتعويض المؤقت وقدره (21) ألف درهم للمدعية بالحقوق المدنية ليس فيه ثمة إثراء بلا سبب حسبما تقضي به بالمادة 318 من قانون المعاملات المدنية وعلى ضوء ما سلف بيانه فضلا عن أن إعمال هذا الدفع مجاله عند المطالبة بالتعويض أمام المحكمة المدنية المختصة.
-------------
الوقائع
وحيث إن النيابة العامة اتهم----- إنه بتاريخ 3/5/2016م وبدائرة مركز شرطة الرفاعة.
أولا: استغل خدمات الاتصالات في الإساءة وإيذاء مشاعر الآخرين بأن سب (طليقته) المجني عليها/ ------- عن طريق الهاتف بما يخدش شرفها واعتبارها (يا ...... يا بنت ...... أمك ......).
ثانيا: هدد المجني عليها/ المذكورة في البند أولا شفاهة بارتكاب جناية ضد نفسها بأن قرر لها (أنا بفرجيكي).
وطلبت معاقبته بالمادتين (72/2، 76) من القانون الاتحادي رقم 3 لسنة 2003 في شأن تنظيم قطاع الاتصالات وتعديلاته لغاية 2008م، وبالمادة (352) من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 وتعديلاته.
وادعت المجني عليها مدنيا طالبة إلزام المتهم بأن يؤدي لها مبلغ (21.000) درهم على سبيل التعويض المؤقت.
وبتاريخ 5/12/2016 حكمت محكمة أول درجة حضوريا بمعاقبة المتهم بتغريمه مبلغ عشرة آلاف درهم عن التهمتين للارتباط وإلزامه بأن يؤدي للمدعية بالحق المدني تعويضا مؤقتا 21 ألف درهم فضلا عن المصاريف وأتعاب المحاماة.
لم يرتض المحكوم عليه هذا الحكم فطعن عليه بالاستئناف رقم 8310/ 2016.
وبتاريخ 6/4/2017 حكمت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف بالاكتفاء بمعاقبة المتهم بتغريمه مبلغ خمسة آلاف درهم وبرد مبلغ التأمين.
طعن المحكوم عليه في هذا الحكم بالتمييز الماثل بموجب تقرير مؤرخ في 1/5/2017 مرفق به مذكرة بأسباب الطعن موقع عليها من محاميه الموكل طلب فيها نقضه وسدد مبلغ التأمين.
-----------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وتلاوة تقرير التلخيص الذي أعده السيد القاضي/ ----- وسماع المرافعة والمداولة قانونا.
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ذلك أن الحكم أغفل الرد على دفاع الطاعن بأن الحكم الابتدائي أورد تاريخا لحدوث واقعة الدعوى باعتماده على تقرير الخبرة عند فحص التسجيل الباطل الذي تم في 27/3/2016 في ارتكاب الطاعن الجريمة فيه وهو ما يخالف تاريخ ما أدلت به الشاكية بأن الواقعة حدثت في 3/5/2016 والوارد في أمر الإحالة وعول الحكم على أقوال الشاكية بأن تواجدها بصرافة ---- لوجود حوالة قادمة لها من أحد أقاربها بتاريخ 3/5/2016 دون أن تقدم دليلا على ذلك وشاب التناقض بين ما دلت به المجني عليها والتسجيل الصوتي المقدم بالدعوى بتاريخ 27/3/2016 وما شهد به شاهد المجني عليها ------ رغم أن التسجيل الصوتي مفبرك وتم إدخاله على هاتف الشاكية وتمسك الطاعن أن الإبلاغ عن واقعة لم تحدث على ضوء ما أبلغت به الشاكية وشهد به شاهدها وإنما هناك جريمة بلاغ كاذب وشهادة كاذبة مما كان يستوجب إحالة الأوراق إلى النيابة العامة طبقا لنص المادة 17 من قانون الإجراءات الجزائية إلا أن الحكم لم يرد على هذا الدفاع أو يورده وأنكر الطاعن الاتهام المسندة إليه كما أن المادة المحال بها الطاعن 352 التهديد لم تقترن بما يفيد ارتكاب جناية أو حتى جنحة وهو ما لم يعن بدفاعه في هذا الصدد كما أن كلمة بفرجيكي لا تعني تهديدا وإن الطاعن تمسك أمام محكمة الاستئناف برفض الدعوى المدنية لعدم اقترافه الجريمة المسندة إليه وبراءته منها وعلى فرض استحقاق المدعية بالحق المدني القضاء لها بدعواها المدنية فإن ما يقضي به هو تعويض أدبي الذي لم يبينه فإن التعويض يكون رمزيا يتناسب عن ضيق انتاب المضرور وبقدره أمام القضاء بمبلغ [21.000] درهم على أنه تعويض مؤقت يكون قد تجاوز الضرر الأدبي بمراحل ألزم فيه المحكمة المدنية بالقضاء بتعويض نهائي مما يعد إثراء بلا سبب للمدعية بالحق المدني كما أنه تجاوز من محكمتي الموضوع للمحكمة المدنية فيما ألزمها بأن يزيد التعويض الأدبي عما قضت به ويمس اختصاص المحكمة المدنية في حقها في تقدير التعويض لمبالغة محكمتي الموضوع في التعويض الذي قضت به لأنه لا يتناسب مع قدر الضرر وتجاوز اختصاص المحكمة المدنية بتقدير التعويض كان على المحكمة إحالة الدعوى المدنية للمحكمة المدنية المختصة أو تقدير نهائي بمبلغ أقل مما قضى به ليتناسب التعويض مع ما لحق المضرور من ضرر إلا أن المحكمة الاستئنافية أعرضت عنه إيرادا وردا مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المكمل والمؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لها معينها الصحيح بأوراق الدعوى ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة مما قررته المجني عليها ----- و---- بتحقيقات النيابة العامة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يعول في إدانة الطاعن على أي دليل مستمد من تقرير الإدارة العامة للأدلة الجنائية وعلم الجريمة الخاص بتسجيل صوتي وهو ما سوغت به المحكمة إطراحه ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن من تناقض بين الدليل القولي والدليل الفني الذي لم يأخذ به. لما كان ذلك، وإن كان من المقرر أنه يجب اشتمال الحكم على ذكر للبيانات الضرورية من تاريخ وقوع الجريمة وعدم الاكتفاء بذكر تاريخ البلاغ الذي تقدم بشأنه لمراقبة مسألة سقوط الحق في إقامة الدعوى بشأنها لمضي المدة وخلو الحكم منه بموجب نقضه إذ يصعب حينئذ على محكمة التمييز بما لها من الحق في مراقبة تطبيق القانون معرفة إذا كانت هذه الجريمة سقطت بمضي المدة أم لا، إلا أن خطأ الحكم في بيان تاريخ الواقعة لا يعيبه طالما أن هذا التاريخ لا يتصل بحكم القانون على واقعة الدعوى وما دام الطاعن لم يدع أن الدعوى الجزائية قد انقضت بمضي المدة. لما كان ذلك، وكانت منازعة الطاعن قد انصبت على الاختلاف في تاريخ الواقعة بين ما هو ثابت بأمر الإحالة وأقوال المجني عليها أنها تمت في 3/5/2016 وما استظهره الحكم أن الواقعة حدثت في 27/3/2016 دون أن تدور حول انقضاء المدة المقررة قانونا لجريمة السب وهي ثلاثة أشهر التي لم تنقض ومن ثم فلا على الحكم إن لم يرد على هذا الدفاع باعتباره دفاعا قانونيا ظاهر البطلان. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن لهذا الدليل مأخذه الصحيح بالأوراق وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها كما أن تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله أو تناقض رواية الشهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته مادام الثابت منه أنه استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصا سائغا لا تناقض فيه ومادام لم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في حكمه. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المكمل والمؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد اطمأن لأقوال الشاكية وشاهد الإثبات وحصل أقوالهما بما لا تناقض فيه فإن ما يثيره الطاعن من جدل حول شهادتهما لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة وتقدير أدلة الدعوى وبيان معتقدها كما ارتسمت صورتها في وجدانها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز. لما كان ذلك، وكانت المادة 352 من قانون العقوبات التي جرى نصها على أنه "يعاقب بالحبس من هدد آخر بارتكاب جناية ضد نفسه أو ماله أو ضد نفس أو مال غيره أو بإسناد أمور خادشة للشرف أو الاعتبار أو إفشائها في غير الحالات المبينة في المادة السابقة" وكان مفاد هذه المادة وفقا لما هو مقرر أن كل عبارة من شأنها إزعاج المجني عليه أو إلقاء الرعب في نفسه أو إحداث الخوف عنده من خطر يراد إيقاعه ضد نفسه أو ماله يعتبر تهديدا معاقبا عليه ويستوي أن يكون التهديد كتابة أو شفاهة أو بواسطة الهاتف ولا يشترط التهديد أن يكون مصحوبا بطلب وفقا للمادة سالفة الذكر التي دين بها الطاعن كما لا يشترط أن تكون لدى الجاني نية تحقيق ما هدد به إذ يكفي أن تكون عبارات التهديد من شأنها التأثير في نفس المجني عليه ولا عبرة بعد ذلك بالأسلوب أو القالب الذي تصاغ فيه متى كان المفهوم منها أن الجاني قصد ترويع المجني عليه ولا يلتزم التحدث استقلالا عن القصد الجنائي فإذا كانت المحكمة قد استخلصت من عبارة التهديد ومن ظروف الواقعة وملابساتها أن الطاعن رمى إلى إثارة الرعب والفزع في نفس المجني عليها وأنه هو المهدد فعلا بارتكاب هذه الجريمة رغم أن عبارة التهديد قد صيغت صياغة غامضة وأفرغت في قالب يوهم بأن الطاعن محذر من جريمة سوف يرتكبها فلا يصح مصادرتها فيما استنبطته طالما كان استخلاصها سائغا لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي ومادامت قد أقامت قضاءها على أسباب من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها ومن ثم فإن منعي الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي فيما تستقل به محكمة الموضوع بتقديره مما لا يجوز الخوض أو مصادرة عقيدة محكمة الموضوع فيه أمام محكمة التمييز. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بإنكار التهمة ونفي الاتهام هو من الدفوع الموضوعية التي لا تستأهل من المحكمة ردا خاصا إذ في قضائها بإدانة الطاعن استنادا إلى أدلة الثبوت التي أوردتها في حكمها ما يفيد إطراحه ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن من أن المحكمة لم تعن بإنكاره. لما كان ذلك، وكان الحكم قد انتهى صائبا إلى توافر أركان الجريمتين في حق الطاعن ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في باقي أسباب طعنه لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير محكمة الموضوع لأدلة الدعوى وبيان معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز. لما كان ذلك، وإن كان من المقرر أن الأصل في الدعاوى المدنية أن ترفع إلى المحاكم المدنية وإنما أباح القانون استثناء رفعها إلى المحكمة الجزائية متى كانت تابعة للدعوى الجزائية وكان الحق المدعى به - الضرر - ناشئا مباشرة عن الفعل الخاطئ المكون للجريمة موضوع الدعوى الجزائية وكان القانون لا يمنع المضرور من المطالبة بالتعويض عن الضرر إذا كان الضرر ناتجا عن الجريمة مباشرة- التي لحقت بالمجني عليه- والتعويض بمعناه العام هو إصلاح هذا الضرر إما بدفع مبلغ مالي للمضرور أو أداء أمر معين متصل بالعمل غير المشروع والمتضرر من الجريمة له أن يطالب بالوصف الذي يراه والتعويض الأدبي أيا كانت صورته ولما كانت مطالبة المدعية بالحقوق المدنية بتعويض مؤقت عن الضرر الذي لحق بها بدفع مبلغ مالي قدره [21.000] درهم نتيجة الجريمة التي وقعت عليها من الطاعن التي هي موضوع الدعوى الجزائية فإن الدعوى المدنية تكون مقبولة أمام المحكمة الجزائية ويكون الحكم إذ فصل فيها لم يخالف قواعد الاختصاص الولائي في شيء. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يكفي في بيان وجه الضرر المستوجب للتعويض أن يثبت الحكم إدانة المحكوم عليه عن الفعل الذي قضى بالتعويض من أجله وأن تقدير طلب التعويض من سلطة محكمة الموضوع وفقا لما تبينته من مختلف ظروف الدعوى وأنها متى قضت به فلا يقبل المناقشة بشرط أن يكون الحكم قد أحاط بعناصر المسئولية المدنية من خطأ وضرر وعلاقة سببية. لما كان ذلك، وكان مفاد ما أورده الحكم الابتدائي المكمل والمؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بعد أن أحاط بكل هذه العناصر وأورد على ثبوتها أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليه وقضى للمدعية بالحقوق المدنية بالتعويض عن الضرر الذي أصابها من الجريمة موضوع الدعوى الجزائية وكان الأصل في المسئولية المدنية وجوب تعويض كل من أصيب بضرر يستوي في ذلك الضرر المادي والضرر الأدبي وكان الحكم قد انتهى إلى تعويض المدعية بالحقوق المدنية عما لحقها من ضرر نتيجة الجريمة التي ارتكبها الطاعن ضدها وأثبت توافر أركانها في حقه فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت وقوع الفعل الضار وهو بيان يتضمن بذاته الإحاطة بأركان المسئولية المدنية من خطأ وضرر وعلاقة سببية مما يستوجب الحكم على مقارفة بالتعويض فلا تثريب على المحكمة إن هي لم تبين الضرر بنوعيه المادي والأدبي الذي حاق بالمدعية بالحقوق المدنية لما هو مقرر من أنه إذا كانت المحكمة قد حكمت للمدعية بالحقوق المدنية بالتعويض المؤقت بمبلغ مالي قدره [21.000] درهم الذي طلبته ليكون نواة التعويض الكامل الذي ستطالب به بانية على ما ثبت لها من أن المحكوم عليه هو الذي ارتكب الفعل الضار المسند إليه فهذا يكفي لتبرير التعويض الذي قضت به أما بيان الضرر فإنما يستوجبه التعويض الذي تطالب به بعد وهذا يكون على المحكمة التي ترفع أمامها الدعوى به. لما كان ذلك، وكان قضاء الحكم بالتعويض المؤقت وقدره (21) ألف درهم للمدعية بالحقوق المدنية ليس فيه ثمة إثراء بلا سبب حسبما تقضي به بالمادة 318 من قانون المعاملات المدنية وعلى ضوء ما سلف بيانه فضلا عن أن إعمال هذا الدفع مجاله عند المطالبة بالتعويض أمام المحكمة المدنية المختصة. لما كان ذلك، فإن ما يعيبه الطاعن على الحكم في شأن الدعوى المدنية التبعية وتقدير التعويض لا يكون مقبولا. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعين الرفض مع مصادرة التأمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق