مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
الدائرة الثالثة
في الدعوي رقم 65468 لسنة 79 ق
المقامة من/ ..............
ضــــــــــــــــد /
1 - نقيب المحامين "بصفته"
2 - ............... "خصم متدخل"
3 - .............. "خصم متدخل"
---------------
" الوقائع "
أقام المدعي دعواه الماثلة بموجب عريضة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ
11/ 6/ 2025 ، طلب في ختامها الحكم بقبول الدعوي شكلا ، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ
قرار نقيب وأعضاء مجلس النقابة العامة للمحامين بتاريخ 14/ 5/ 2025 بالدعوة
لانعقاد الجمعية العمومية غير العادية للمحامين يوم السبت الموافق 21/ 6/ 2025
بمقر النقابة العامة للمحامين بالقاهرة للاعتراض على فرض رسوم قضائية بالمحاكم
مقابل الخدمات المميكنة ، مع ما يترتب على ذلك من آثار ، أخصها الزام نقيب
المحامين بالدعوة لانعقاد الجمعية العمومية العادية للمحامين بشكل صحيح تنفيذا
للحكم الصادر في الطعن رقم 61633 لسنة 77 ق بجلسة الأحد الموافق 25/ 5/ 2025 للنظر
في الميزانيات المتراكمة للنقابة المصابة بعيب المخالفات مع ما يترتب على ذلك من
آثار ، والزام النقابة المدعي عليها المصروفات .
وذكر المدعي شرحا لدعواه : أنه بتاريخ 14/ 5/ 2025 صدر قرار نقيب
وأعضاء مجلس النقابة العامة للمحامين بدعوة الجمعية العمومية غير العادية للمحامين
للانعقاد يوم السبت الموفق 21/ 6/ 2025 بمقر النقابة العامة للمحامين بالقاهرة ،
للاعتراض على فرض رسوم قضائية بالمحاكم مقابل الخدمات المميكنة ، وقد ورد بالقرار
أن تظل دعوة الجمعية العمومية سارية ما لم يتم الغاء الرسوم المشار اليها وبدون
جدول أعمال ، كما خلا القرار المذكور من النظر في ميزانيات نقابة المحامين وذلك
على النحو الثابت في الحكم الصادر من محكمة القضاء الاداري في الدعوي رقم 61633
لسنة 77 ق بجلسة 25/ 5/ 2025 ، ونعي المدعي على القرار المطعون فيه مخالفة القانون
، الأمر الذي حدا به الي اقامة دعواه الماثلة بطلباته سالفة البيان .
وتحدد لنظر الشق العاجل من الدعوي أمام المحكمة جلسة 15/ 6/ 2025 ،
وفيها حضر المدعي بشخصه وقدم حافظة مستندات طويت على المستندات المعلاه بغلافها ،
كما قدم الحاضر عن النقابة المدعي عليها حافظة مستندات طويت على المستندات المعلاه
بغلافها ، كما حضر الاستاذ/ حسين عبد الله محمـد وطلب تدخله انضماميا الي النقابة
المدعي عليها وقدم صحيفة تدخل معلنه ، وبها كلفت المحكمة النقابة المدعي عليها
بتقديم محضر اجتماع مجلس نقابة المحامين بجلسة 14/ 5/ 2025 الصادر فيه القرار
المطعون فيه ، وبجلسة اليوم قدم الحاضر عن النقابة المدعي عليها حافظة مستندات
طويت على المستندات المعلاه بغلافها ، كما حضر الاستاذ/ حسين عبد الله محمـد طال
التدخل وقدم مذكرة دفاع واعلان بالتدخل ، كما حضر الاستاذ/ مصطفي شعبان وطلب تدخله
انضماميا للنقابة المدعي عليها ، وبذات الجلسة قررت المحكمة تأجيل نظر الدعوي لمدة
ساعة للاطلاع والرد على ما قدم بجلسة اليوم ، وعقب انقضاء الجل المضروب سلفا فقد
تداولت المحكمة نظر الدعوي حيث حضر المدعي بشخصه وقدم حافظة مستندات أطلعت عليها
النقابة المدعي عليها طويت على المستندات المعلاه بغلافها ومذكرة دفاع ، وبها قررت
المحكمة حجز الدعوي للحكم آخر الجلسة ، حيث صدر الحكم ، وأودعت مسودته المشتملة
على منطوقه لدي النطق به .
---------------
" المحكمـــة "
بعد الاطلاع على الأوراق ، وسماع الايضاحات ، وبعد المداولة قانونا :
وحيث ان المدعي يطلب الحكم - وفقا للتكييف القانوني الصحيح لحقيقه
طلباته - بقبول الدعوي شكلا ، وبوقف تنفيذ ثم الغاء قرار مجلس النقابة العامة
للمحامين الصادر بتاريخ 14/ 5/ 2025 فيما تضمنه من دعوة الجمعية العمومية غير
العادية للمحامين للانعقاد يوم السبت الموافق 21/ 6/ 2025 ، مع ما يترتب على ذلك
من آثار ، والزام المدعي عليه بصفته المصروفات .
وحيث انه عن طلبي التدخل الانضمامي المقدمين من/ حسين عبد الله محمـد
، ومصطفي شعبان ، الي النقابة المدعي عليها :
فان الثابت أن طالبي التدخل أعضاء بالجمعية العمومية لنقابة المحامين
، ومن ثم يكون لهما مصلحة في التدخل في الدعوي ، واذ استوفي طلبهما الاجراءات
المقررة قانونا لقبولهما على وفق المادة 126 من قانون المرافعات ، الأمر الذي تقضي
معه المحكمة بقبول طلب تدخلهما انضماميا الي جانب النقابة المدعي عليها ، مع
الاكتفاء بذكر ذلك في أسباب الحكم دون منطوقه .
وحيث انه عن شكل الدعوي ، واذ استوفت الدعوي سائر أوضاعها الشكلية
المقررة قانونا ، فمن ثم تغدو مقبولة شكلا .
ومن حيث انه وعن طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه : فان المادة 49 من
قانون مجلس الدولة الصادر بقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 تنص على أن (لا يترتب على
رفع الطلب الي المحكمة وقف تنفيذ القرار المطلوب الغاؤه على أنه يجوز للمحكمة أن
تأمر بوقف تنفيذه اذا طلب ذلك في صحيفة الدعوي ورأت المحكمة أن نتائج التنفيذ قد
يتعذر تداركها....) ومفاد ذلك أن ولاية محاكم مجلس الدولة في وقف تنفيذ القرارات
الادارية مشتقة من ولايتها في الالغاء وفرع منها ، ومردها الي الرقابة القانونية
التي يسلطها القضاء الاداري على القرار ، على أساس وزنه بميزان القانون وزنا مناطه
مبدأ المشروعية ، اذ يتعين على القضاء الاداري ألا بوقف قرارا اداريا الا اذ تبين
له بحسب الظاهر من الأوراق ودون المساس بأصل الحق أن طلب وقف التنفيذ قد توافر فيه
ركنان : أولهما : ركن الجدية بأن يكون الطلب قائما على أسباب جدية تبرره تحمل على
ترجيح الحكم بالغائه عند نظر الموضوع ، وثانيهما : ركن الاستعجال بأن يكون من شأن
تنفيذ القرار أو الاستمرار في تنفيذه آثار لا يمكن تدركها فيما لو قضي بالغائه
"حكم المحكمة الادارية العليا في الطعن رقم 13729 لسنة 62ق عليا - جلسة 1/ 7/
2017".
ومن حيث انه عن ركن الجدية : فان المادة 15 من الدستور المصري الحالي
الصادر عام 2014 تنص على أن "الاضراب السلمي حق ينظمه القانون".
وتنص المادة 65 من الدستور ذاته تنص على أن "حرية الفكر والرأي
مكفولة ، ولكل انسان حق التعبير عن رأيه بالقول ، أو بالكتابة ، أو بالتصوير ، أو
غير ذلك من وسائل التعبير والنشر".
وتنص المادة 77 من الدستور ذاته على أن "ينظم القانون انشاء
النقابات المهنية واداراتها على أساس ديمقراطي ، ويكفل استقلالها ، ويحدد مواردها
، وطريقة قيد أعضائها ، ومساءلتهم عن سلوكهم في ممارسة نشاطهم المهني ، وفقا
لمواثيق الشرف الأخلاقية ، ولا تنشأ لتنظيم المهنة سوي نقابة واحدة ، ولا يجوز فرض
الحراسة عليه أو تدخل الجهات الادارية في شئونها ، كما لا يجوز حل مجالس ادارتها
الا بحكم قضائي ، ويؤخذ رأيها في مشروعات القوانين المتعلقة بها".
وتنص المادة 94 منه على أن "سيادة القانون أساس الحكم في الدولة
، وتخضع الدولة للقانون ، واستقلال القضاء ، وحصانته ، وحيدته ، ضمانات أساسية
لحماية الحقوق والحريات" .
وتنص المادة 97 منه على أن "التقاضي حق مصون ومكفول للكافة .
وتلتزم الدولة بتقريب جهات التقاضي ، وتعمل على سرعة الفصل في القضايا ، ويحظر
تحصين أي عمل أو قرار اداري من رقابة القضاء ، ولا يحاكم شخص الا أمام قاضيه
الطبيعي ، والمحاكم الاستثنائية محظورة".
ومن حيث ان المادة 1 من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة
1983 تنص على أن "المحاماة مهنة حرة تشارك السلطة القضائي في تحقيق العدالة
وفي تأكيد سيادة القانون وفي كفالة حق الدفاع عن حقوق المواطنين وحرياتهم ، ويمارس
مهنة المحاماة المحامون وحدهم في استقلال ، ولا سلطان عليه في ذلك الا لضمائرهم
وحكم القانون".
وتنص المادة 120 من القانون ذاته على أنه "نقابة المحامين مؤسسة
مهنية مستقلة تضم المحامين في جمهورية مصر العربية المقيدين بجداولها ، وتتمتع
بالشخصية الاعتبارية ، ومقرها مدينة القاهرة وتتبعها نقابات فرعية على النحو الذي
ينظمه هذا القانون".
وتنص المادة 121 منه على أن "تعمل النقابة على تحقيق الأهداف
الآتية وفق أحكام هذا القانون :
أ - تنظيم ممارسة مهنة المحاماة وضمان حسن أدائها .
ب - كفالة حق الدفاع للمواطنين وتقديم المساعدات القضائية لغير
القادرين منهم .
ج - العناية بمصالح أعضائها وتزكية روح التعاون بينهم وضمان استقلالهم
في أداء رسالتهم .......".
وتنص المادة 123 منه على أن "تمارس النقابة العامة نشاطها عن
طريق الأجهزة الآتية :
أ - الجمعية العمومية .
ب - مجلس النقابة ".
وتنص المادة 124 منه على أن "تتكون الجمعية العمومية للنقابة
العامة سنويا من المحامين المقبولين أمام محكمة النقض ومحاكم الاستئناف والمحاكم
الابتدائية الذين سددوا رسوم الاشتراك المستحقة عليهم أو أعفوا منها حتي آخر السنة
السابقة على موعد انعقاد الجمعية العمومية وقبل اجتماعها بشهر على الأقل.....".
وتنص المادة 126 منه على أن "علاوة على ما ورد بشأنه نص خاص في
هذا القانون ، تختص الجمعية العمومية في اجتماعها السنوي بما يأتي :
1 - النظر في تقرير مجلس النقابة ومراقبي الحسابات عن الحساب الختامي
للنقابة عن السنة المنتهية واقرار الميزانية التقديرية عن السنة المقبلة .
2 - تعديل رسوم القيد والاشتراك ورسوم الدمغة التي يؤديها المحامون لصالح
النقابة بناء على اقتراح مجلس النقابة .
3 - تعديل مقدار المعاش المقرر للمحامين والمستحقين عنهم وتعديل قواعد
استحقاق المعاش بناء على اقتراح مجلس النقابة ووفقا لتقرير خبيرين اكتواريين
يختارهما مجلس النقابة .
وتنص المادة 128 منه - والمستبدلة بالقانون رقم 147 لسنة 2019 - على
أن "الجمعية العمومية أن تعقد اجتماعات غير عادية بناء على دعوة مجلس النقابة
العامة ، أو بناء على طلب كتابي يقدم الي النقيب من عدد لا يقل عن خمس نقابات
فرعية ، أو ألفي عضو من أعضاء جمعية الانتخاب مصدقا على توقيعاتهم من النقابة
الفرعية المختصة أو مصلحة الشهر العقاري ، ويجب أن يبين في الطلب أسبابه وجدول
الأعمال المقترح ، ويتولي النقيب توجيه الدعوة للاجتماع خلال ثلاثين يوما على
الأكثر من تاريخ تقديم الطلب.
واذا لم يوجه النقيب الدعوة خلال المدة المذكورة ، اجتمعت الجمعية
العمومية غير العادية بقوة القانون في اليوم التالي لانتهاء تلك المدة".
وتنص المادة 129 منه والمستبدلة بالقانون رقم 147 لسنة 2019 على أنه
"اذا كان طلب عقد الجمعية العمومية غير العادية لسحب الثقة من النقيب أو عضو
أو أكثر من أعضاء مجلس النقابة ، فيشترط لصحة انعقادها توقيع عدد لا يقل عن خمس
عدد الأصوات الحاصل عليها النقيب أو العضو المطلوب سحب الثقه منه مصدقا على
توقيعاتهم من النقابة الفرعية المختصة وموضحا فيه أسباب الطلب وأسانيده ومستنداته ،
ويجب لانعقادها حضور عدد لا يقل عن عشر عدد أعضاء الجمعية العمومية ، وتكون
رئاستها في هذه الحالة لأكبر الأعضاء سنا من غير أعضاء مجلس النقابة .
وفي حالة عدم اكتمال نصاب انعقاده يعتبر الطلب كأن لم يكن.
..............".
وتنص المادة 131 من القانون ذاته - والمستبدلة بالقانون رقم 147 لسنة
2019 - على أن "يشكل مجلس النقابة العامة من :
1 - نقيب المحامين .
2 - ثمانية وعشرين عضوا.....".
وتنص المادة 138 منه على أن "نقيب المحامين هو الذي يمثل
المحامين ويتكل باسمهم ويحافظ على كرامة النقابة وكرامة أعضائها ويرعي الالتزام بتقاليدها
ويشرف بوجه عام على سير أعمال النقابة وفق أحكام هذا القانون ، وله أن يتخذ صفة
المدعي أو أن يتدخل بنفسه أو بواسطة من ينيبه من المحامين في الدعاوي التي تتعلق
بكرامة النقابة أو أحد أعضائها.....".
وتنص المادة 139 منه على أن "يعقد مجلس النقابة العامة اجتماع
دوريا كل خمسة عشر سوما على الأقل بناء على دعوة النقيب ، ويكون اجتماعه صحيحا اذا
حضره أكثر من نصف أعضائه.
وتصدر قراراته بأغلبية أصوات الحاضرين ، فاذا تساوت الأصوات ، يرجح
الجانب الذي منه الرئسي ، ويجوز أن بعقد المجلس اجتماعات غير عادية بناء على دعوة
من النقيب أو بناء على طلب عشرة من أعضاء المجلس أو بناء على طلب مجالس خمس نقابات
فرعية على الأقل ، وذلك بكتاب موجه الي النقيب مرفقا به جدول الأعمال المقترح".
وتنص المادة 140 منه على أن "تحرر محاضر لجلسات المجلس وتثبن في
دفتر خاص يوقع عليه من النقيب أو من يحل محله ومن أمين عام المجلس .
ويبين النظام الداخلي للنقابة اجراءات دعوة المجلس الي الانعقاد
وكيفية اعداد جدول أعماله ونظام العمل فيه .
وتنص المادة 143 منه - والمستبدلة بالقانون رقم 147 لسنة 2019 - على
أن "يكون لمجلس النقابة العامة جميع الصلاحيات اللازمة في كل ما يتعلق بادارة
شئون النقابة وتحقيق أهدافها ، ويكون له بالاضافة للاختصاصات الأخري المقررة في
هذا القانون الآتي :............".
وحيث ان المحكمة تمهد لقضائها بأن حقيقة المنازعة المعروضة على هيئتها
تطرح عددا من المسائل القانونية التي ما فتأت أن شغلت بال المشتغلين بمجالات الفقه
القانوني وتردد صداها في أحكام القضاء الدستوري والاداري المصري لعقود طويلة ،
وتدور رحا تلك المسائل ، أولا : حول الحماية الدستورية للحقوق والحريات العامة ،
وفي القلب منها حرية الرأي والتعبير ، وأطر تلك الحماية وضوابطها ، أما المسألة
الثانية فتتعلق بطبيعة الدور الذي يمثله مبدأ الفصل بين السلطات في النظم
الديمقراطية المعاصرة وآليات وسبل الاعتراض على القرارات الادارية - غير المشروعة
- في تلك النظم ، في حين تنصرف المسألة الثالثة الي تحقيق أطر توزيع الاختصاصات
بين الجمعيات العمومية لنقابة المحامين برافديها - العادية وغير العادية - من جانب
، وممثليها الشرعيين سواء مجلس النقابة العامة أو نقيبها من جانب آخر ، والآليات
والممكنات المخولة لمجلس النقابة للاعتراض على القرارات الادارية - غير المشروعة ،
على النحو الذي يوجب على المحكمة بداءة اماطة اللثام عن تلك المسائل قبل أن تعمد
الي انزالها منزل التطبيق العملي على واقعات التداعي .
وحيث انه أولا وعن الحماية الدستورية للحقوق والحريات العامة وأطر تلك
الحماية وضوابطها :
فقد حرصت الدساتير المصرية المتعاقبة وآخرها الدستور المصري الحالي
الصادر عام 2014 على افراد الحماية الدستورية للحقوق والحريات العامة وفي القلب
منها حرية الرأي والتعبير ، بحسبانها الحرية الأم التي تتفرع عنها باقي الحريات
كحرية الاجتماع والتظاهر والاضراب السلمي ، بيد أن حرية الرأي والتعبير - شأنها
شأن باقي الحقوق والحريات الأخري - ليست مطلقة من كل قيد ، عصية على التنظيم ،
فالحريات لا تستعصي على التنظيم الذي تقتضيه مصلحة المجتمع ، فيجوز تنظيمها على
أسس موضوعية ، بما لا يحد منها أو يهدر كيانها ، أو يضيق نطاقها (حكم المحكمة
الادارية العليا في الطعن رقم 1785 لسنة 46ق.ع جلسة 7/ 2/ 2004) ، اذ انه من المقرر
أن تنظيم الحقوق والحريات الفردية هو السبيل الوحيد الي ممارستها ، باعتبارها أصلا
قانونيا يسري الحقوق والحريات التي لا تعرف الاباحة المطلقة ، اذ لا حرية مع
الاطلاق في فهمها ، أو الاضطراب في استخدامها (راجع في ذلك حكم المحكمة الادارية
العليا في الطعون أرقام 48967 ، 5221 ، 54130 لسنة 60ق.ع جلسة 25/ 7/ 2015).
وحيث انه وعن المسألة الثانية المتعلقة بالدور الذي يمارسه مبدأ الفصل
بين السلطات في النظم الديمقراطية المعاصرة وآليات الممارسة الديمقراطية للحق في
الاعتراض في تلك النظم : فان الدولة القانونية في مفهومها الحديث هي تلك الدولة
التي تقوم على الآلية المؤسسية ، بحيث يكون لكل مؤسسة من مؤسسات الدولة اختصاص
مقرر دستوريا ، لا تشاركه فيه غيرها ، ولا تتدخل في أعمالها سواها ، وهي أيضا تلك
الدولة التي تخضع كافة مؤسساتها لحكم القانون ، بحسبانه المنظم لشئونها ، المهيمن على
أحوالها ، المحدد لسبل مراجعتها فيما تصدره من قرارات ، وآليات تلك المراجعة ، وقد
استوي التنظيم الدستوري المصري قائما على أسس عمادها عدم تحصن أي عمل أو قرار
اداري من الطعن عليه أمام القضاء ، بحسبانها الآلية الدستورية والقانونية التي
تتواءم مع مقتضيات الدولة القانونية التي لا يمكن أن تكون لمواجهة القرارات
الادارية - غير المشروعة - سبيل سوي التداعي بشأنها أمام القضاء ، أما سلوك سبيل
الاعتراض على تلك القرارات باستخدام آليات أخري كالحق في التجمع والتعبير عن الرأي
، وهي بلا مراء آليات لها سندها الدستوري ، الا أن استخدامها كسبيل للاعتراض على
القرارات الادارية التي يري ذوي الشأن عدم مشروعيتها يفضي - بلا مراء - الي جسر
الهوة التي تفصل بين الدول المستقرة دستوريا وقانونيا والدول التي تعاني من فترات
الفراغ الدستوري أو القانوني لأي سبب من الأسباب .
وحيث انه عن المسألة الثالثة المتعلقة بطبيعة الدور الذي تمارسه
الجمعية العمومية لنقابة المحامين من جانب وممثليها الشرعيين (مجلس النقابة العام
أو نقيبها) من جانب آخر ، والآليات المخولة للاعراض على القرارات الادارية - غير
المشروعة : فان الأصل المقرر أن الجمعية العمومية لنقابة المحامين هي الكيان
المنظم لأعضائها ، السلطة الأعلي في كل ما يتعلق بادارة شئونها ، وتنقسم أحوال
انعقاد تلك الجمعية الي الانعقاد العادي لها والانعقاد غير العادي ، ولكل منها
اختصاصاته المحددة قانونا ، فتختص الجمعية العمومية العادية بممارسة الاختصاصات
المنصوص عليها بالمادة 126 من القانون المشار اليه سلفا ، في حين تختص الجمعية
العمومية غير العادية بالانعقاد في حالتين أساسيتين ، اما لسحب الثقة من النقيب أو
أحد أعضاء مجلس النقابة ، وفقا للضوابط المنصوص عليها بالمادة 139 من القانون سالف
الذكر ، أو بناء على دعوة مجلس النقابة العامة أو في ضوء طلب كتابي يقدم الي
النقيب ، وفقا للضوابط الواردة بالمادة 128 من القانون آنف البيان.
وقد حدد القانون رقم 17 لسنة 1983 باصدار قانون المحاماة وتعديلاته
الاختصاصات المنوطة بمجلس النقابة العامة للمحامين والنقيب العام لها ، وبموجب
المادة 138 من القانون المشار اليه فان النقيب العام للمحامين أضحي هو الممثل
لجموع المحامين وهو مت يتكلم باسمهم ويحافظ على كرامة النقابة وكرامة أعضائها ،
وبموجب نص المادة 143 من القانون ذاته منح مجلس النقابة العامة جميع الصلاحيات في
كل ما يتعلق بادارة شئون النقابة وتحقيق أهدافها .
وقد كفل المشرع للممثلين الشرعيين للنقابة المدعي عليها مع مختلف
القوانين والقرارات الادارية التي تصدر عن جهات الاختصاص ويري أن جانبا منها قد
يصيب المصالح المشروعة للمحامين بالضرر ، وما ذلك الا يمانا منه بأن حقيقة المصالح
التي يرعاها هؤلاء لا تقف عند حدود المصالح الضيقة لجموع المحامين بل تتعدي آفاقها
الي الدفاع عن مصلحة موكيلهم في تحقيق العدالة ، ومن هنا فقد كان المشرع حريصا على
مددهم بالعديد من الآليات القانونية التي تمكنهم من المشاركة الايجابية بشأن تلك
القوانين والقرارات ، اذ خولهم مكنة مخاطبة سلطات الدولة الثلاث ، التشريعية
والتنفيذية والقضائية ، فمنحهم حق المشاركة الفعالة في اعداد مشروعات القوانين
التي تخص شئون مهنة المحاماة ، بما يوفر آلية ديمقراطية تكفل صدور تلك القوانين
متماشية مع المصالح المشروعة للمحامين ، وبما يضمن أيضا صدور القرارات الادارية
على ذات النهج اعمالا لمبدأ تدرج القواعد القانونية ، كما أناط بهم مخاطبة السلطات
التنفيذية بالدولة وابداء رأيهم في عموم القرارات الادارية التي تتناول جانبا من
جوانب مهنة المحاماة بالتنظيم ، ولم يغب عن ناظري المشرع أنه قد تنغلق الأفق أمام
محاولات المراجعة التشريعية والتنفيذية المشار اليهما سلفا ، ومن ثم فقد كان لزاما
أن تكون هناك مراجعة قضائية لتلك القرارات ، مراجعة تتولي زمام أمورها السلطة
القضائية ، وبولوج سبيل التقاضي بشأن تلك القرارات تتغلق الآليات الدستورية
والقانونية بشأنها .
وهديا بما تقدم وبتطبيقه على وقائع الدعوي الماثلة ، ولما كان البين
من ظاهر الأوراق - وبالقدر اللازم للفصل في الشق العاجل من الدعوي - أنه بتاريخ
14/ 5/ 2025 عقد اجتماع مشترك بين مجلس النقابة العامة للمحامين والنقباء الفرعيين
لبحث قرارات رؤساء محاكم الاستئناف بفرض رسوم مقابل الخدمات المميكنة ، وقد خلص
الاجتماع الي أولا : دعوة الجمعية العمومية العادية للمحامين بجمهورية مصر العربية
للانعقاد بوصفها السلطة العليا لنقابة المحامين ، لاتخاذ ما تراه في هذا الشأن ،
وقد تحدد لموعد انعقاد الجمعية تمام الساعة الواحدة من ظهر يوم السبت الموافق 21/
6/ 2025 بمقر النقابة العامة الكائن 49 أ شارع رمسيس - القاهرة ، على أن تظل هذه
الدعوة سارية ما لم يتم وقف العمل بهذه القرارات غير الدستورية ، ثانيا : دعوة
الجمعيات العمومية بالنقابات الفرعية لوقفات احتجاجية أمام كافة المحاكم
الابتدائية على مستوي الجمهورية وذلك يومي 29/ 5/ 2025 ، 18/ 6/ 2025 من الساعة
الواحدة ظهرا ولمدة ساعة ، ثالثا : الامتناع عن حضور الجلسات أمام كافة المحاكم
للجنايات على مستوي الجمهورية أيام 18، 19/ 5/ 2025 ، رابعا : احالة المخالفين
لقرار الامتناع عن حضور الجلسات سالف الاشارة للتأديب مع وقفهم عن ممارسة المهنة ،
وكذا وقف كافة الخدمات النقابية عنهم بعد استيفاء التحقيق معهم ، وأعقب ذلك اجتماع
مجلس النقابة العامة للمحامين بالتاريخ ذاته حيث أصدر القرار المطعون عليه متضمنا :
المادة الأولي : دعوة الجمعية العمومية لنقابة المحامين للانعقاد لجلسة
طارئة يوم السبت الموافق 21/ 6/ 2025 الساعة الواحدة ظهرا وما بعدها بمقر النقابة
العامة للمحامين الكائن ب 49 أ رمسيس - القاهرة - ونشر هذا القرار في الموقع
الرسمي للنقابة العامة للمحامين اعمالا للائحة الداخلية وذلك لمناقشة البنود
الآتية .
المادة الثانية : جدول الأعمال
1 - عرض كافة القرارات الادارية الصادرة من رؤساء محاكم الاستئناف بفرض ما
يسمي رسم الخدمات المميكنة .
2 - اتخاذ قرار نقابي موحد تجاه تلك القرارات حتي تمام الغائها.
3 - تفويض مجلس النقابة في اتخاذ كافة الاجراءات اللازمة لتنفيذ القرارات
الصادرة عن اجتماع الجمعية العمومية ، وتحديد مواعيد تنفيذ تلك القرارات .
المادة الثالثة : "تتولي النقابات الفرعية على مستوي الجمهورية
وضع هذا القرار موضع التنفيذ واتخاذ ما يلزم تجاه جمعياتها العمومية في هذا الشأن".
المادة الرابعة : التصويت على :
1 - الاضراب العام
2 - الاعتصام العام بمقر النقابات الفرعية على مستوي الجمهورية.
المادة الخامسة "اقتصر جدول أعمال الجمعية على ما سبق من بنود.
واذ أقام المدعي دعواه الماثلة بغية الحكم بوقف تنفيذ ثم الغاء قرار
مجلس النقابة العامة للمحامين الصادر بتاريخ 14/ 5/ 2025 فيما تضمنه من دعوة
الجمعية العمومية غير العادية للمحامين للانعقاد يوم السبت الموافق 21/ 6/ 2025 ،
مع ما يترتب على ذلك من آثار ، على سند من عدم مشروعية القرار الطعين .
ولما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد كلفت النقابة المدعي عليها بجلسة 15/
6/ 2025 بتقديم محضر اجتماع مجلس نقابة المحامين الصادر بجلسة 14/ 5/ 2025 -
المتضمن القرار المطعون عليه - الا أنها نكلت عن تقديمه ، مما يحجب عن المحكمة
رقابة صحة اجراءات انعقاد المجلس وصحة النصاب المقرر للتصويت على قراراته الصادرة
باجتماعه آنف البيان ، ولما كان من المقرر قانونا ان رقابة المشروعية التي يمارسها
القاضي الاداري تمتد لتشمل كامل جوانب القرار الاداري المطعون فيه ، فانه وبفرض
صحة اجراءات انعقاد مجلس النقابة ، فان البين من مطالعة القرار الصادر من نقيب
المحامين والمنسوب الي مجلس النقابة أنه قد تضمن دعوة الجمعية العمومية غير
العادية للمحامين للانعقاد يوم السبت الموافق 21/ 6/ 2025 ، كما ورد به أيضا اقرار
مجلس النقابة لقرارات أخري تضمنت تنظيم وقفات احتجاجية ضد القرار أنف الذكر وذلك
يومي 29/ 5/ 2025 ، 18/ 6/ 2025 من الساعة الواحدة ظهرا ولمدة ساعة ، والامتناع عن
حضور الجلسات أمام كافة المحاكم للجنايات على مستوي الجمهورية أيام 18 ، 19/ 5/
2025 ، على نحو يبين منه - بجلاء - أن قرار دعوة الجمعية العمومية غير العادية
للانعقاد بوصفه المذكور سلفا لا يعدو أن يكون احدي حلقات الاعتراض على قرارات
زيادة الرسوم القضائية بالمحاكم ، لما كان ذلك ، فانه ولئن كانت حرية الرأي
والتعبير مكفولة دستوريا وقانونيا ، فان مبادئ الفصل بين السلطات وآليات الممارسة
الدستورية والقانونية للحق في الاعتراض على القرارات الادارية من المسلمات
الدستورية والقانونية أيضا ، ومن ثم فان التوفيق بين تلك المبادئ جميعها يوجب وضع
ضوابط وأطر لممارسة كل منها ، بحيث ل تطغي احداها على الآخر .
لما كان ما تقدم وكان البين من الأوراق أنه وفي أعقاب صدور قرارات
زيادة الرسوم القضائية بالمحاكم مقابل الخدمات المميكنة ، اجتمع مجلس النقابة
العامة للمحامين بتاريخ 14/ 5/ 2025 وقد أفصح المجلس باجتماعه آنف الذكر عن حقيقة
موقفه الرافض لتلك القرارات معتبرا اياها قد صدرت بالمخالفة لصحيح حكم القانون ،
وأن تنفيذها قد يصيب المصالح المشروعية لجموع المحامين بالضرر ، لما كان ذلك ،
وكان مجلس النقابة العامة يتمتع بالصلاحية القانونية لادارة جميع شئونها ، ومن
بينها ولوج سبل الاعتراض - الدستورية والقانونية - على القرارات محل التداعي ، وقد
بأن للمجلس - حسبما ارتأه - وجه الرأي بشأن تلك القرارات ، على النحو المذكور سلفا
، فلم يعد في تلك القرارات ما يستعصي على المجلس فض أسراره ، بل اتخذ منها موقفا
موحدا يدلل على وضوح الرؤية بشأن حقيقة موقفة الرافض لها ، ومن ثم فلم يعد هناك ما
يحول دون ممارسة المجلس لاختصاصاته المقررة قانونا بالذود عن حقيقة موقفه بالطرق
والوسائل المقررة قانونا ، سواء بمخاطبة جهات الاختصاص بشأنها أو الطعن عليها
قضائيا ، لما كان ما تقدم ، وكان البين من قرار مجلس النقابة العامة للمحامين -
المطعون عليه - أنه قد تضمن في المادة الرابعة منه عرض أحد أمرين على الجمعية
العمومية المزمعانعقادها للاختيار بينهما اما باقرار الاضراب العام أو الاعتصام
العام بمقر النقابات الفرعية على مستوي الجمهورية ، وذلك لمواجهة قرارات رؤساء
محاكم الاستئناف بفرض رسوم مقابل الخدمات المميكنة ، الأمر الذي يغدو معه القرار
الطعين تمهيدا لتكريس أمر واقع بانتزاع مجلس نقابة المحامين ما يدعيه حقا بغير
الأطر الدستورية الحاكمة في الدولة القانونية ، مما يترتب عليه تعطيل مرفق العدالة
والنيل من حق التقاضي والانتقاص منه ، والاخلال بدولة القانون ، ويغدو ذلك توظيفا
لاختصاص مجلس النقابة في غير ما شرع له ، والتستر خلف حرية الرأي والتعبير في غير
الأحوال المقررة ، وتسلبا من المجلس المذكور في ممارسة اختصاصاته الموسدة له
قانونا والدفع بها الي غمار الجمعية العمومية ، في غير الأحوال الموجبة لها ، لا
سيما أن جدول أعمال الجمعية المزمع انعقادها يتضمن بنودا تتعدي آثارها الي غير
الممتهنين بمهنة المحاماة ، من المتقاضين ، او طالبي الترضية القضائية ، على نحو
يضحي معه القرار الطعين قد صدر - بحسب الظاهر من الأوراق - غير قائم على سببه الصحيح
من الواقع أو القانون ، ويكون بالتالي مرجع الالغاء عند نظر موضوع الدعوي مما
يتوافر معه ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه .
ومن حيث ان تنفيذ القرار المطعون فيه يترتب عليه نتائج يتعذر تداركه ،
تتمثل في تعطيل واعاقة مرفق القضاء عن القيام بمهامه في حال اقرار ما ورد بجدول
أعمال الجمعية العمومية المزمع انعقادها ، مما يتوافر معه ركن الاستعجال في طلب
وقف تنفيذه .
ومن حيث ان تنفيذ القرار المطعون فيه يترتب عليه نتائج يتعذر تداركه ،
تتمثل في تعطيل واعاقة مرفق القضاء عن القيام بمهامه في حال اقرار ما ورد بجدول
أعمال الجمعية العمومية المزمع انعقادها ، مما يتوافر معه ركن الاستعجال في طلب
وقف تنفيذه .
ومن حيث انه واذ استقام لطلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه ركناه ،
جدية واستعجالا ، فمن ثم يتعين الحكم بوقف تنفيذه ، مع ما يترتب على ذلك من آثار ،
أخصها وقف انعقاد الجمعية العمومية غير العادية للمحامين المقرر لها يوم السبت
الموافق 21/ 6/ 2025 ، بمقر النقابة العامة للمحامين الكائن في 49 أ شارع رمسيس -
القاهرة ، على أن يتم تنفيذ الحكم بموجب مسودته دون اعلان لتوفر موجبات ذلك وفقا
لحكم المادة 286 من قانون المرافعات.
ومن حيث انه من يخسر الدعوي يلزم بمصروفاتها عملا بحكم المادة 184 من
قانون المرافعات ، ومبلغ مائة جنيه عملا بحكم المادة 187 من قانون المحاماة رقم 17
لسنة 1983 المعدل بالقانون رقم 147 لسنة 2019.
فلهذه الأسباب :
حكمت المحكمة : بقبول الدعوي شكلا ، وبوقف تنفيذ قرار مجلس النقابة العامة
للمحامين الصادر في 14/ 5/ 2025 فيما تضمنه من دعوة الجمعية العمومية غير العادية
للمحامين للانعقاد يوم السبت الموافق 21/ 6/ 2025 ، مع ما يترتب على ذلك من آثار ،
على النحو المبين بالأسباب ، وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته دون اعلان ، وباحالة
الدعوي الي هيئة مفوضي الدولة لاعداد تقرير بالرأي القانوني في طلب الالغاء .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق