الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

السبت، 28 يونيو 2025

الطعن 17551 لسنة 92 ق جلسة 25 / 2 / 2023

باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة الجنائية
دائرة السبت (د)
المؤلفة برئاسة السيد المستشار / محمد رضا حسين نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ علي حسنين و عادل عمارة هشام الجندي نواب رئيس المحكمة ومحمد كامل باشا

بحضور السيد رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / زاهر الحسيني.

وأمين السر السيد / فتحي يونس .

في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بمدينة القاهرة .
في يوم السبت 4 من شعبان سنة 1444 ه الموافق 25 من فبراير سنة 2023م.
أصدرت الحكم الآتي :
في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 17551 لسنة 92 القضائية .

المرفوع من
....... " المحكوم عليه "
ضد
النيابة العامة

---------------

" الوقائع "

اتهمت النيابة العامة كلًا من -١- .... " طاعن " ٢- ..... " قُضي بإعفائه من العقوبة " في قضية الجناية رقم ١٢٤٣٩ لسنة ٢٠٢١ قسم مصر الجديدة (والمقيدة بالجدول الكلي برقم ٤٨۰۲ لسنة ٢٠٢١ شرق القاهرة )
أنهما في غضون شهري أبريل ومايو سنة ۲۰۲۱ بدائرة قسم مصر الجديدة محافظة القاهرة
أولًا: المتهم الأول:
- بصفته موظفًا عموميًا " المستشار القانوني لجهاز حماية المستهلك " طلب وأخذ لنفسه عطايا لأداء عمل من أعمال وظيفته ولاستعمال نفوذه الحقيقي للحصول من سلطة عامة علي مزية بأن طلب من المتهم الثاني ساعة يد من طراز رولكس ومكملات غذائية بقيمة مائتين وسبعة وثمانين ألف جنيه، كما طلب وأخذ منه مأكولات وطبقًا من الفضة وفائدة تمثلت في جلستي العلاج جميعها بقيمة اثني عشر ألفا ومائة وستة وسبعين جنيهًا مصريًا وذلك مقابل رفع الحظر الإعلاني المفروض من جهاز حماية المستهلك على منتجات شركة المتهم الثاني بإبداء رأيه الاستشاري لرئيس الجهاز بعدم قانونية ذلك الحظر وكذا التدخل لدي مدير وحدة الرصد الإعلامي بجهاز حماية المستهلك لإعداد مذكرة يوصي فيها برفع الحظر المار بيانه وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
ثانيًا: المتهم الثاني:
قدم وعدًا وعطايًا إلى موظف عمومي لأداء عمل من أعمال وظيفته ولاستعمال نفوذه الحقيقي للحصول من سلطة عامة علي مزية بأن قدم للمتهم الأول وعداً وعطايا الرشوة موضوع الاتهام الوارد بالبند أولًا، وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالتهما إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهما طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا بجلسة ٢٢ من يونيو سنة ۲۰۲۲ عملًا بالمواد ۱۰۳ ،١٠٤، ١٠٦ مكرر/ ۱ ، ۱۰۷ ، ۱۰۷ مكرر من قانون العقوبات، مع إعمال المواد ۱۷ ،٢٤ ، ٢٥/ أولًا ، ٢٦ من القانون ذاته في حق المتهم الأول - أولًا: بمعاقبة ..... بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه خمسين ألف جنيه وعزله من الوظائف الأميرية لما أسند إليه وإلزامه المصاريف. ثانيًا: بإعفاء ..... من العقوبة المقررة قانونًا.
فطعن المحكوم عليه الأول/ ..... في الحكم بطريق النقض بتاريخ 21 من يوليو سنة 2022 وأودعت أربع مذكرات بأسباب الطعن بتاريخي 18 و20 من أغسطس سنة 2022 موقع على الأولى من الأستاذ/ ....، وعلى الثانية من الأستاذة الدكتورة/ .... ، وعلى الثالثة من الأستاذ الدكتور/ ..... ، وعلى الرابعة من الأستاذ الدكتور/ ...... المحامين .
وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.
---------------

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق وتلاوة تقرير التلخيص والمرافعة والمداولة .
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بمذكرات أسباب طعنه الأربع أنه إذ دانه بجريمتي طلب وأخذ رشوة واستغلال النفوذ لدى سلطة عامة للحصول على مزية قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في الإسناد ، ذلك بأن اعتوره الغموض والإبهام وعدم الإلمام بوقائع الدعوى وأدلتها، ولم يبين واقعة الدعوى والظروف التي وقعت فيها والأفعال والمقاصد التي تتكون منها أركان الجريمتين اللتين دان الطاعن بهما، وأثبت في بيانه لواقعة الدعوى عبارات خارجة عن سياقها مكتفيًا بإيراد عبارات إنشائية، ولم يورد مضمون تسجيل المحادثات التليفونية واستعلام شركة اتصالات مصر وأقوال عضو الرقابة الإدارية وتقرير خبير الأصوات بالهيئة الوطنية للإعلام كاملًا ، والذي اقتصر على بيان نتيجته، كما لم يورد مضمون التحريات التي استند إليها ضمن أدلة الثبوت، كما خلا من بيان اسم الضابط الذي أجرى التحريات ، ولم يضمِّن أسبابه بيانًا لتاريخ وساعة محضر التحريات الذي افتتحت به تلك الإجراءات، وأورد أقوال شهود الإثبات واعتراف المتهم الثاني والدليل المستمد من التسجيلات الصوتية بطريقة مبتسرة بأن اقتطع أجزاءً هامة منها تنفي الاتهام عنه ، مما أدى إلى عدم التعرف على حقيقة الواقعة ، ولم يوازن الحكم بين أدلة الثبوت وأدلة النفي ، كما لم يدلل علي توافر أركان الجريمتين اللتين دانه بهما بركنيهما المادي والمعنوي ، واطرح بما لا يسوغ دفعه بانتفائها ، رغم عدم اختصاصه الوظيفي بفحص التظلم المقدم من المتهم الثاني لكونه يعمل مستشارًا قانونيًا منتدبًا لجهاز حماية المستهلك وغير مختص بإصدار قرار برفع الحظر الإعلامي المفروض على المتهم الثاني من جهاز حماية المستهلك، وخلو الأوراق من دليل علي استعمال نفوذه على مدير المرصد الإعلامي والإعلانات المضللة الذي قام بفحص التظلم المقدم من المتهم الثاني، ورغم أن جريمة استغلال النفوذ ارتكبها المحامي ..... والذي لم ترفع الدعوى الجنائية قبله، ولم يدلل على اتفاق الطاعن مع المتهم الثاني على ارتكاب الجريمتين ، هذا إلى أن المدافع عن الطاعن تمسك بدفوع ودفاع بجلسات المحاكمة وبمذكرة دفاعه حاصلها: بطلان الأذون الصادرة من النيابة العامة بتسجيل المحادثات التليفونية وبتسجيل اللقاءات بين الطاعن وبين المتهم الثاني لابتنائها علي تحريات سماعية وباطلة ومنعدمة، وللخطأ في بيان محل إقامة الطاعن الفعلي وعدم بيان مصدرها، ولأن عضو هيئة الرقابة الإدارية كان متنصتًا على المحادثات وليس بناءً على تحريات سابقة ولانحسار اختصاصه بالتحريات ، بحسبان الطاعن عضو هيئة قضائية، ولصدور الأذون لضبط جريمة مستقبلة ، وببطلان الإجراءات والتحقيقات لإقامة الدعوى وللتحقيق مع الطاعن قبل الحصول على إذن من المجلس الأعلى لهيئة النيابة الإدارية إعمالًا لنص المادة 197 من دستور سنة 2014 ، ولأن إجراءات التحقيق مع الطاعن والأمر الصادر بضبطه وإحضاره وتفتيش مسكنه وتجديد الأذنين المؤرخين في 22/ 5/ 2021 ، 20/ 6/ 2021 من غير المختص ولإجرائها من أعضاء نيابة بدرجة رئيس نيابة ووكيل نيابة ، ومن غير إذن من المحامي العام لنيابة أمن الدولة العليا بالمخالفة لنص المادة 40 مكرر/ 2 من القانون رقم 117 لسنة 1958 المعدل بالقانون رقم 12 لسنة 1989 ، وببطلان التسجيلات وما تلاها من إجراءات والدليل المستمد منها لتمامها قبل صدور إذن النيابة العامة ، ولتجاوز القائم بها حدود الأذون بتسجيله مكالمات لأشخاص لم تشملهم تلك الأذون الصادرة بالتسجيل والمراقبة - والتي اقتصرت على هواتف الطاعن والمتهم الثاني- ، وبطلان الدليل المستمد من رسائل الواتس آب لامتداد يد العبث إليها ، وببطلان محضر الإجراءات المؤرخ في 1/ 8/ 2021 لتجاوز القائم بالمراقبة والتسجيل حدود الإذن الصادر بتاريخ 20/ 6/ 2021 لعرضه المحضر عقب نهاية مدة الثلاثين يومًا من تاريخ انتهاء مدة الإذن ، وببطلان استجواب الطاعن بتحقيقات النيابة العامة لعدم حضور محام معه ، بالمخالفة لنص المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية ولكونه وليد إكراه مادي ومعنوي وقع عليه من عضو الرقابة الإدارية ووعد ووعيد بحفظ التحقيق معه حال تقديم استقالته ولطول مدة الاستجواب ، مما أصابه بالإرهاق أثناء التحقيق، والثابت بتظلم شقيق الطاعن للنائب العام، وببطلان وقصور تحقيقات النيابة العامة التي تمت في الدعوى لافتقادها للحيدة ولعدم مواجهته بالأدلة وبالتهمتين المسندتين إليه ، ولمواجهة الطاعن بجريمة غسل الأموال قبل ورود تقرير البنك المركزي وبأقوال الضابط قبل سؤاله بالتحقيقات ، ولرفض النيابة العامة طلب ندب قاضي تحقيق مع الطاعن وقيام النيابة بإجرائها ، ولبطلان الحبس الاحتياطي ، ولسقوط مدة الحجز القانونية له، وببطلان أمر الإحالة ، وببطلان اعترافات المتهم الثاني والدليل المستمد منها لصدورها تحت تأثير إكراه مادي ومعنوي ووعد بالإعفاء من العقاب، ولعدم صدقها وتناقضها فيما بينها أمام المحكمة والتحقيقات ، وبكيدية الاتهام وتلفيقه ، وانتفاء صلته بالواقعة وعدم ارتكابه لها، وقدم حوافظ حوت عدة مستندات مؤيدة لدفاعه، إلا أن الحكم أغفل الرد على بعض هذه الدفوع وجاء رده على بعضها الآخر غير سائغ ودون تحقيق، ولم تجبه المحكمة إلى طلباته التي أبداها بجلسات المحاكمة ومذكرة دفاعه رغم ما ساقه من شواهد وقرائن ودلائل تؤازر دفاعه ودفوعه وطلباته - عدَّدها بأسباب طعنه - ، كما التفت الحكم عن المستندات التي قدمها، واعتنق صورتين متناقضتين للواقعة معولًا على أدلة شابها الاضطراب، فضلًا عن تناقض أسبابه مع بعضها البعض ، بأن حصَّل مضمون شهادة عضو الرقابة الإدارية بأن تحرياته أسفرت عن طلب الطاعن وأخذه لعطايا ، كما أثبت بمدوناته رفض رئيس جهاز حماية المستهلك للتظلم بتاريخ 25/ 4/ 2021 ، كل ذلك بما يتناقض والمستندات المقدمة من شهود الإثبات والتسجيلات - والتي عوَّل عليها الحكم - الثابت منها أنها كانت سابقة في تاريخ حدوثها على التحريات والإذن الأول بالمراقبة والتسجيل الصادر من المحامي العام لنيابة أمن الدولة العليا بتاريخ 24/ 4/ 2021 ، فضلًا عن أن الحكم أورد أن الطاعن عضو هيئة قضائية ثم انتهى إلى أنه من المنتمين للجهات المدنية ، مما ينبئ عن اختلال فكرة الحكم عن عناصر الواقعة وعدم استقرارها الاستقرار الذي يجعلها في حكم الوقائع الثابتة، واعتنق الحكم صورة للواقعة لا تتفق والعقل والمنطق، لا سيما وأن الأوراق قد خلت من دليل يقيني على تلك الصورة التي اعتنقها الحكم ، وتساند إلى أدلة تنفي الجريمة عنه ولا تصلح للإدانة، ولا تجدي في إثبات ارتكابه الجريمتين المسندتين إليه لشواهد وقرائن عددها بأسباب الطعن، فضلاً عن تناقض التسجيلات مع أقوال الشاهد الأول والمتهم الثاني وتناقض المحادثات الهاتفية المسجلة بشأن تاريخ حدوثها، كما جاء اعتراف المتهم الثاني وأقوال الشهود ظنية وكاذبة ومتناقضة فيما بينها وبين تحريات الشرطة في كثير من المواضع، ولتعدد رواياتهم بتحقيقات النيابة وجلسة المحاكمة، كما أن منهم من جاءت شهادتهم سماعية وجميعهم لهم مصلحة في الإضرار به ليستفيد المتهم الثاني من الإعفاء المقرر قانونًا ، بما يبعث على الشك فيها ، وينم عن أن الحكم المطعون فيه قد بني على الفرض والاحتمال، واطرح بما لا يسوغ الأدلة والقرائن التي تقطع ببراءة ساحته، لاسيما وأن الأدلة تصُبُّ في مصلحته ، ودانه الحكم رغم عدم القبض عليه متلبسًا حال استلام أية عطايا ورغم اصطناع فواتير شرائها، ومع خلو الأوراق والتسجيلات من دليل على استغلال النفوذ ومن قول للطاعن بطلب وأخذ عطايا من المتهم الثاني على سبيل الرشوة ، واعتمد في قضائه على تقرير خبير الأصوات رغم تضمنه عبارات غير واضحة من شأنها تغيير مجرى الحوار ووقائع الدعوى ، وعوَّل على تحريات الرقابة الإدارية وهي لا تصلح دليلًا للإدانة، فضلًا عن أنه تولدت في نفس قضاة المحكمة الرغبة في إدانة المحكوم عليه ، ودانته المحكمة دون أن تُعمل في حقه قاعدة أن الأصل في الإنسان افتراض البراءة ، ونسب الحكم للطاعن إقرارًا بتحقيقات النيابة العامّة باستغلال نفوذه وباختصاصه الوظيفي بالتظلم وإقرارًا للمتهم الثاني بأن المحادثات التليفونية بينه وبين الطاعن حدثت بعد 24/ 4/ 2021 على خلاف الثابت بالأوراق، وأورد الحكم مضمون محضر تحريات الرقابة الإدارية المؤرخ 24/ 4/ 2021 وتساند إلى أن التحريات أسفرت على أن الطاعن بصفته مستشارًا قانونيًا لرئيس الجهاز طلب عطايا على سبيل الرِشوة من المتهم الثاني لإبداء رأيه برفع الحظر الإعلاني عن المتهم الثاني في حين أن ذلك لم يرد بمحضر التحريات بل ورد بأقوال عضو الرقابة الإدارية بالتحقيقات، كما أورد الحكم بمدوناته مضمون التسجيلات للمحادثات الهاتفية المقيدة بأرقام 11 و 13 و 15 و24 و38 و 39 و 43 و 52 بمحضر استماع النيابة العامة وأثبت مطابقتها لما جاء لاستماع المحكمة لتلك المحادثات - وبما لا أصل له بمحضر جلسة 23/ 3/ 2021 - وتقرير خبير الأصوات مما يصم الحكم بالخطأ في الإسناد، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلمامًا شاملًا يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وإذ كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلًا أو نمطًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، والمقصود من عبارة بيان الواقعة هو أن يثبت قاضي الموضوع في حكمه الأفعال والمقاصد التي تتكون منها أركان الجريمة ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافيًا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون مُحققًا لحكم القانون ، وكان الحكم قد بيَّن بوضوح سواء في معرض إيراده الواقعة أو في سرده لأدلة الثبوت فيها تفصيل الوقائع والأفعال المثبتة لأركان الجريمتين ، فإن الحكم إذ خلص إلى إدانة الطاعن على هذا الأساس يكون قد اقترن بالصواب ، ومن ثم فإن منعى الطاعن بالقصور الذي رمى به الحكم يكون في غير محله . لما كان ذلك، وكان تحصيل المحكمة للواقعة في حدود الدعوى المطروحة قد جاء وافيًا في شأن بيان الأفعال المادية التي أتاها الطاعن بما يفصح عن الدور الذي قام به في الجريمتين اللتين دانه الحكم بهما، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن البيان المعوَّل عليه في الحكم هو ذلك الجزء الذي يبدو فيه اقتناع القاضي دون غيره من الأجزاء الخارجية عن سياق هذا الاقتناع ، وأن تزيُّد الحكم فيما استطرد إليه لا يعيبه ما دام أنه غير مؤثر في منطقه أو في النتيجة التي انتهى إليها ، وكان ما يثيره الطاعن من أن الحكم أورد في بيانه لواقعة الدعوى عبارات إنشائية خارجة عن سياقها على النحو الذي أثاره بأسباب طعنه ، إنما كان ذلك قبل أن تقول المحكمة كلمتها في واقعات الدعوى فإن ذلك يعد تزيدًا غير مؤثر في منطق الحكم أو في النتيجة التي خلص إليها فإن نعي الطاعن على الحكم في هذا الصدد لا يكون مقبولًا . لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد مضمون الدليل المستمد من تسجيلات المحادثات التليفونية والاستعلام الوارد من شركة اتصالات مصر ومؤدى أقوال عضو الرقابة الإدارية - والتي كانت من بين الأدلة التي استخلص منها الإدانة - في بيان يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها فإنه تنحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد بيانًا للدليل المستمد من تقرير خبير الأصوات بقوله: " وحيث ثبت بتقرير خبير الأصوات بالهيئة الوطنية للإعلام مطابقة صوتي المتهمين للصوتين المنسوبين إليهما بالتسجيلات المأذون بها "، فإن الحكم بذلك يكون قد أورد مضمون ومؤدى الدليل المستمد من تقرير خبير الأصوات بالهيئة الوطنية للإعلام على السياق المتقدم، وكان لا ينال من سلامته عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل فحواه وأجزائه؛ ومن ثم فإن دعوى القصور في التسبيب تضحى غير صحيحة. لما كان ذلك، وكان البيِّن من الحكم المطعون فيه أنه بيًّن- خلافًا لما يقوله الطاعن - مضمون التحريات واسم مجريها مما يكفي لتحقق الغاية التي توخاها القانون من إيجاب اشتمال الحكم على هذه البيانات، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلوه من مواقيت تحرير محضر التحريات ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون سديد. لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يلزم قانونًا إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد واعتراف المتهم والتسجيلات الصوتية التي اعتمد عليها الحكم بل يكفي أن يورد مضمونها، ولا يقبل النعي على المحكمة إسقاطها بعضها لأن فيما أوردته منها وعوَّلت عليه ما يعني أنها اطرحت ما لم تُشر إليه منها لما للمحكمة من حرية في تجزئة الدليل والأخذ منه بما ترتاح إليه والالتفات عما لا ترى الأخذ به ما دام أنها قد أحاطت بأقوال الشهود واعتراف المتهم الثاني والتسجيلات الصوتية ومارست سلطتها في تجزئتها بغير بتر لفحواها أو مسخ لها بما يحيلها عن معناها أو يحرِّفها عن مواضعها كما هو الحال في الدعوى المطروحة، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الخصوص على النحو الذي يردده بأسباب طعنه لا يكون له محل. لما كان ذلك ، وكان تقدير الأدلة وترجيح بعضها على بعض من أخص خصائص محكمة الموضوع تقرر فيه ما تراه بلا منازع ولا رقيب ، وكان لا يعيب الحكم عدم التعرض لأدلة النفي لأن مؤدى هذا السكوت أن المحكمة اطرحتها اطمئنانًا منها لأدلة الثبوت التي أوردتها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بشأن أن الحكم لم يوازن بين أدلة الثبوت وأدلة النفي في الدعوى ينحل إلى جدلٍ موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير الأدلة القائمة في الدعوى ومبلغ اطمئنانها إليها مما لا يجوز مصادرتها فيه أو الخوض بشأنه لدى محكمة النقض . لما كان ذلك، وكان المستفاد من نص المادة 103 من قانون العقوبات، أن جريمة الرشوة تتحقق في جانب الموظف ومن في حكمه متى قبل أو طلب أو أخذ وعدًا أو عطية لأداء عمل من أعمال الوظيفة ولو كان حقًا، وكان نص الشارع في المادة 104 من القانون سالف الذكر التي عددت صور الرشوة على الإخلال بواجبات الوظيفة كغرض من أغراض الرشوة وجعله بالنسبة إلى الموظف ومن في حكمه بامتناعه عن عمل من أعمال الوظيفة وقد جاء التعبير بالإخلال بواجبات الوظيفة مطلقا من التقيد بحيث يتسع مدلوله لاستيعاب كل عيب يمس الأعمال التي يقوم بها الموظف وكل تصرف وسلوك ينتسب إلى هذه الأعمال ويُعد من واجبات أدائها على الوجه السوي الذي يكفل لها دائمًا أن تجرى على سند قويم، وقد استهدف المشرع من النص على مخالفة واجبات الوظيفة كصورة من صور الرشوة مدلولًا عامًا أوسع من أعمال الوظيفة التي تنص عليها القوانين واللوائح والتعليمات بحيث يشمل أمانة الوظيفة ذاتها فكل انحراف عن واجب من تلك الواجبات أو امتناع عن القيام به يجرى عليه وصف الإخلال بواجبات الوظيفة الذي عناه الشارع في النص، فإذا تقاضى الموظف جُعلًا عن هذا الإخلال كان فعله ارتشاء، وليس من الضروري في جريمة الرشوة أن تكون الأعمال التي يطلب من الموظف أداؤها داخلة في نطاق الوظيفة مباشرة بل يكفي أن يكون لها اتصال يسمح بتنفيذ الغرض المقصود من الرشوة وأن يكون الراشي قد اتجر معه على هذا الأساس، كما لا يشترط في جريمة الرشوة أن يكون الموظف المرشو والذي عرضت عليه الرشوة هو وحده المختص بالقيام بجميع العمل المتصل بالرشوة بل يكفي أن يكون له نصيب من الاختصاص يسمح أيهما له بتنفيذ الغرض من الرشوة، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بيَّن حدود اختصاص الموظف ونوع العمل المقصود في جريمة الرشوة، كما استظهر الحكم المطعون فيه وأثبت بأدلة سائغة أن الطاعن موظفٌ عمومي " نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية والمنتدب مستشارًا قانونيًا لجهاز حماية المستهلك " طلب وأخذ لنفسه عطايا لأداء عمل من أعمال وظيفته ولاستعمال نفوذه الحقيقي للحصول من سلطة عامة على مزية بأن طلب من المتهم الثاني ساعة يد من طراز " رولكس " ومكملات غذائية بقيمة مائتين وسبعة وثمانين ألف جنيه ، كما طلب وأخذ منه مأكولات وطبقًا من الفضة وفائدة تمثلت في جلستي علاج جميعها بقيمة اثني عشر ألفا ومائة وستة وسبعين جنيهًا مصريًا وذلك مقابل رفع الحظر الإعلاني المفروض من جهاز حماية المستهلك علي منتجات شركة المتهم الثاني بإبداء رأيه الاستشاري لرئيس الجهاز بعدم قانونية ذلك الحظر وكذا التدخل لدي مدير وحدة الرصد الإعلامي بجهاز حماية المستهلك لإعداد مذكرة يوصي فيها برفع الحظر المار بيانه ودانه على هذا الاعتبار، فإنه يكون قد طبَّق القانون على واقعة الدعوى تطبيقًا صحيحًا ، فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في الرشوة يتوافر بمجرد علم المرتشي عند طلب أو قبول الوعد أو العطية أو الفائدة أنه يفعل هذا لقاء القيام بعمل أو الامتناع عن عمل من أعمال الوظيفة أو الإخلال بواجباتها وأنه ثمن لاتجاره بوظيفته أو استغلالها، ويستنتج هذا الركن من الظروف والملابسات التي صاحبت العمل أو الامتناع أو الإخلال بواجبات الوظيفة، ولما كان الحكم المطعون فيه قد دلَّل على أن العطايا قُدمت للطاعن تنفيذًا للاتفاق السابق الذي انعقد بينه وبين المتهم الثاني لقاء رفع الحظر الإعلامي المفروض من جهاز حماية المستهلك على منتجات الشركة المملوكة للمتهم الثاني ، فهذا مما يتحقق به معنى الاتجار في الوظيفة ويقوم به القصد الجنائي كما هو معرف في القانون، ولا يشترط أن يستظهر الحكم هذا الركن على استقلال ما دامت الوقائع كما أثبتها تفيد توافره ، ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير سديد، هذا فضلًا عن أن الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن من عدم توافر أركان جريمة الرشوة لعدم اختصاص الطاعن بفحص التظلم المقدم من المتهم الثاني لكونه مستشارًا قانونيًا لجهاز حماية المستهلك بما لا يسمح له بأن يكون صاحب قرار برفع الحظر الإعلامي المفروض على المتهم الثاني من جهاز حماية المستهلك واطرحه بردٍ سائغٍ فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله . لما كان ذلك ، وكان يكفي لقيام جريمة الاتجار بالنفوذ المنصوص عليها في المادة 106 مكررًا من قانون العقوبات أن يطلب الفاعل لنفسه أو لغيره أو يقبل أو يأخذ وعدًا أو عطية تذرعًا بنفوذه الحقيقي أو المزعوم بغرض الحصول أو محاولة الحصول على مزية للغير من أية سلطة عامة ، وبذلك تتحقق المساءلة ولو كان النفوذ مزعومًا ، والزعم هنا هو مطلق القول دون اشتراط اقترانه بعناصر أخرى أو وسائل احتيالية ، فإن كان الجاني موظفًا عموميًا وجب توقيع عقوبة الجناية المنصوص عليها في المادة 104 من قانون العقوبات وإلا وقعت عقوبة الجنحة المنصوص عليها في عجز المادة 106 مكررًا عقوبات ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر ما وقع من الطاعن - وهو موظف عام - من طلب وأخذ العطايا السالف بيانها علي سبيل الرشوة من المتهم الثاني المقضي بإعفائه من العقاب ليقوم الطاعن بإبداء رأيه الاستشاري لرئيس جهاز حماية المستهلك بعدم قانونية القرار الصادر منه بحظر الإعلان عن المنتجات الخاصة بالمتهم الثاني ومن ثم رفع هذا الحظر ومعاودة ظهور المتهم الثاني إعلاميًا والإعلان عن منتجاته محققًا لجناية الاتجار بالنفوذ ، فإنه يكون قد أعمل القانون على وجهه الصحيح ، هذا فضلًا عن أن القصد الجنائي في هذه الجريمة يتحقق بالعلم بوجود النفوذ الحقيقي أو كذب الادعاء بالنفوذ المزعوم ، والعلم بنوع المزية التي يعد بالحصول عليها أو محاولة ذلك وبأن الاختصاص بمنحها هو لسلطة عامة وطنية ، وهو ما استظهره الحكم في حق الطاعن ، فضلًا عن أن الحكم قد عرض لما يثيره الطاعن من خلو الأوراق من دليل على استعماله لثمة نفوذ على مدير مركز الرصد الإعلامي للإعلانات المضللة بجهاز حماية المستهلك والذي قام بفحص التظلم المقدم من المتهم الثاني واطرحه بردٍ سائغ ، فإن كافة ما يثيره بشأن توافر أركان الجريمة يكون بعيدًا عن محجة الصواب . لما كان ذلك، وكان لا يجدي الطاعن ما يثيره من وجود متهمين آخرين في الدعوى طالما أن اتهام آخرين فيها لم يكن ليحول دون مساءلة الطاعن عن الجريمتين اللتين دين بهما، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص أن الطاعن ارتكب الأفعال المادية للجريمة بوصفه فاعلًا أصليًا للأدلة والاعتبارات السائغة التي أوردها وأن العطايا كان يجري تقديمها تنفيذًا لاتفاق عقد بين الطاعن والمتهم الثاني، فإنه لا جدوى ولا وجه لما يثيره الطاعن نعيًا على الحكم بقالة القصور في استظهار اتفاقه مع المتهم الثاني على ارتكاب الجريمة ولا يخرج منعاه في هذا الصدد عن كونه جدلًا موضوعيًا ، وهو لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان الأذون الصادرة من النيابة العامة بتسجيل المحادثات التليفونية وبتسجيل اللقاءات بين الطاعن والمتهم الثاني لابتنائها على تحريات باطلة ومنعدمة ولإجرائها بمعرفة عضو الرقابة الإدارية كونه غير مختص بالتحري عن أعضاء الهيئات القضائية واطرحه بقوله :" وحيث إنه عن الدفع ببطلان الأذون الصادرة من النيابة العامة بتسجيل المحادثات التليفونية وبتسجيل اللقاءات بين المتهمين الأول والثاني لابتنائها على تحريات باطلة ومنعدمة لإجرائها بمعرفة عضو الرقابة الإدارية كونه غير مختص بالتحري عن أعضاء الهيئات القضائية ، فإن من المقرر قانونًا أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتسجيل والمراقبة هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها الإذن بالتسجيل والمراقبة وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة العامة على تصرفها في هذا الشأن فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، لما كان ذلك وكانت الفقرة ح من المادة الثانية من القانون رقم ٥٤ لسنة ١٩٦٤ بإعادة تنظيم الرقابة الإدارية بعد تعديلها بالقانون رقم 71 لسنة ۱۹٦٩ قد جرى نصها على : مع عدم الإخلال بحق الجهة الإدارية في الرقابة وفحص الشكاوى والتحقيق تختص الرقابة الإدارية بالآتي (ج) الكشف عن المخالفات الإدارية والمالية والجرائم الجنائية التي تقع من العاملين أثناء مباشرتهم لواجبات وظائفهم أو بسببها كما تختص بكشف وضبط الجرائم التي تقع من غير العاملين والتي تستهدف المساس بسلامة أداء واجبات الوظيفة أو الخدمات العامة ، وذلك بشرط الحصول على إذن كتابي من النيابة العامة قبل اتخاذ الإجراء" ، لما كان ذلك، وكان نص المادة الثامنة من القانون رقم ٢٠٧ لسنة ٢٠١٧ الصادر في ۱۸/ 10/ 2017 بشأن تعديلٍ لبعض أحكام قانون هيئة الرقابة الإدارية قد جرى على أنه يجوز لهيئة الرقابة الإدارية كلما رأت مقتضى لذلك أن تجرى التحريات فيما يتعلق بالجهات المدنية وإذا أسفرت التحريات عن أمور تستوجب التحقيق تحال الأوراق إلى النيابة الإدارية أو النيابة العامة أو سلطة التحقيق المختصة بحسب الأحوال ، ومن ثم فقد اضحى أعضاء الرقابة الإدارية مختصين بإجراء التحريات عن جميع المنتمين للجهات المدنية دون استثناء على أن تبقى النيابة المختصة هي صاحبة التصرف في مصير هذه التحريات، لما كان ذلك، وكان واقع الحال في الدعوى الماثلة أنه عند توافر المعلومات لدى عضو الرقابة الإدارية / السيد عبد الرحمن علي كامل الحوام بطلب المتهم الأول حال انتدابه مستشارًا قانونيًا لجهاز حماية المستهلك لعطايا عينيه على سبيل الرشوة من المتهم الثاني/ هشام أحمد عبد الستار أبو اليزيد مستغلًا نفوذه بحكم وظيفته سالفة البيان بجهاز حماية المستهلك مقابل إبداء رأيه الاستشاري لرئيس جهاز حماية المستهلك بعدم قانونية القرار الصادر منه بحظر ظهوره الإعلامي والإعلان عن المنتجات الخاصة بشركته وما أسفرت عنه تحرياته من صحة هذه المعلومات فقد هرع للنيابة العامة عارضًا تلك المعلومات والتحريات على المحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة العليا بشخصه - والذي كانت تحت بصيرته هذه المعلومات وتلك التحريات - وأصدر - بعد إثبات اطلاعه عليها واطمئنانه لما ورد فيها من وقوع جريمة بالفعل - الإذن بتسجيل المحادثات التليفونية واللقاءات بين المتهمين الأول والثاني وأرقام تليفوناتهما المبينة سلفًا ، لما كان ذلك، وكان المحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة العليا هو المختص بإصدار هذا الإذن إعمالًا لنص المادة ٤٠ مكرر / ٢ من القانون رقم ١٢ لسنة ۱۹۸۹ بشأن تنظيم النيابة الإدارية المعدل بالقانون رقم ١٥ لسنة ۱۹۹۹، لما كان ذلك، وكان ما يجريه عضو الرقابة الإدارية من تحريات لا يندرج في إجراءات التحقيق كونها إجراءات غير ماسة بشخص عضو الهيئة القضائية أو حرمة مسكنه ، ومن ثم فإن ما صدر من أذون بتسجيل المحادثات التليفونية على أرقام الهواتف المحمولة الخاصة بالمتهمين وتصوير لقاءاتهما يكون في سياج الشرعية الاجرائية ويضحي ما يثيره الدفاع في هذا الخصوص قائمًا على غير سند من الواقع أو القانون" . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالمراقبة والتسجيل هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها الإذن وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة العامة على تصرفها في هذا الشأن ، فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتسجيل والمراقبة وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات بأدلة منتجة ، وأقرت النيابة العامة على تصرفها في هذا الشأن - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. وكان الخطأ في محل إقامة الطاعن في محضر جمع الاستدلالات - بفرض حصوله - لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات ، كما لا يعيب الإجراءات أن تبقى شخصية المرشد غير معروفة وأن لا يفصح عنها رجل الضبط القضائي الذي اختاره لمعاونته في مهنته، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكانت الفقرة (ج) من المادة الثانية من القانون رقم 54 لسنة 1964 بإعادة تنظيم الرقابة الإدارية بعد تعديلها بالقانونين رقمي 71 لسنة 1969 و 207 لسنة 2017 تنص على أن " مع عدم الإخلال بحق الجهة الإدارية في الرقابة وفحص الشكاوى والتحقيق تختص الرقابة الإدارية بالآتي....... (ج) الكشف عن المخالفات الإدارية والمالية والجرائم الجنائية التي تقع من العاملين أثناء مباشرتهم لواجبات وظائفهم أو بسببها، وكما تختص بكشف وضبط الجرائم التي تقع من غير العاملين والتي تستهدف المساس بسلامة أداء واجبات الوظيفة أو الخدمات العامة، وذلك بشرط الحصول على إذن كتابي من النيابة العامة قبل اتخاذ الإجراء ولهيئة الرقابة الإدارية في سبيل ممارسة الاختصاصات سالفة الذكر الاستعانة برجال الشرطة وغيرهم من رجال الضبطية القضائية وذوي الخبرة مع تحرير محضر أو مذكرة حسب الأحوال". وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته أن عضو الرقابة الإدارية توصلت تحرياته السرية إلى طلب الطاعن والمنتدب مستشارًا قانونيًا لجهاز حماية المستهلك لعطايا عينية علي سبيل الرشوة من المتهم الثاني صاحب المركز الدولي لعلاج السمنة والنحافة والتغذية العلاجية وشركة فيتارم جلوبال للمكملات الغذائية مقابل أداء عمل من أعمال وظيفته وهو إبداء الرأي الاستشاري والسعي لدى المختصين بجهاز حماية المستهلك لإلغاء قرار رفع الحظر الإعلامي عن ظهوره إعلاميًا والإعلان عن منتجات شركته بالقنوات الفضائية والصادر من رئيس جهاز حماية المستهلك، ومن ثم قام بعرض ما لديه من معلومات مؤكدة بالتحريات السرية على النيابة العامة وأصدر المحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة العليا الإذن الأول بمراقبة وتصوير وتسجيل اللقاءات والمحادثات الهاتفية التي تتم بين المتهمين سالفي الذكر استنادًا إلى التحريات المذكورة، فإن الإذن يكون قد صدر صحيحًا ممن يملك إصداره إلى المختص بتنفيذه، هذا فضلًا عن أنه من المقرر أن من الواجبات المفروضة قانونًا على مأموري الضبط القضائي في دوائر اختصاصهم أن يقبلوا التبليغات والشكاوى التي ترد إليهم بشأن الجرائم وأن يقوموا بأنفسهم أو بواسطة مرؤوسيهم بإجراء التحريات اللازمة عن الوقائع التي يعلمون بها بأي كيفية كانت وأن يستحصلوا على جميع الإيضاحات والاستدلالات المؤدية لثبوت أو نفي الوقائع المبلغ بها إليهم أو التي يشاهدونها بأنفسهم، وكان من المقرر في صحيح القانون أن إجراءات الاستدلال أياً كان من يباشرها لا تعتبر من إجراءات الخصومة الجنائية بل هي من الإجراءات الأولية التي لا يرد عليها قيد الشارع في توقفها على الطلب أو الإذن رجوعًا إلى حكم الأصل في الإطلاق وتحريًا للمقصود في خطاب الشارع بالاستثناء وتحديدًا لمعنى الدعوى الجنائية على الوجه الصحيح دون ما يسبقها من الإجراءات الممهدة لنشوئها إذ لا يملك تلك الدعوى غير النيابة العامة وحدها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر في الرد على الدفع ببطلان الأذون الصادرة من النيابة العامة لانحسار اختصاص عضو الرقابة الإدارية عن التحري عن أعضاء هيئة النيابة الإدارية ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته أن أذون النيابة العامة بالمراقبة وتسجيل المحادثات الهاتفية قد صدرت بعد أن أثبت عضو الرقابة الإدارية قيام الطاعن بطلب عطايا عينية علي سبيل الرشوة من المتهم الثاني مقابل إبداء رأيه الاستشاري لرئيس جهاز حماية المستهلك بعدم قانونية القرار الصادر منه بحظر الإعلان عن المنتجات الخاصة بالمتهم الثاني فإن مفهوم ذلك أن الإذن قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من الطاعن، لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ، ويضحى ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن على غير أساس. لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان الإجراءات ولإقامة الدعوى لحصولهم قبل الحصول على إذن من المجلس الأعلى للنيابة الإدارية إعمالًا لنص المادة ۱۹۷ من دستور سنة ۲۰۱٤ ولأن إجراءات التحقيق تمت دون صدور قرار من المحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة العليا وكذا أذني النيابة العامة بالتسجيل المؤرخين ٢٢/ ٥/ ٢٠٢١ ، ٢٠/ 6/ 2021 وما تلاهما من إجراءات وما أسفر عنهما من أدلة وكذا الأمر الصادر بضبط وإحضار الطاعن واطرحه بقوله :" لما كان ذلك وكان ما يثيره الدفاع بشأن ما ورد بالمادة ۱۹۷ من دستور سنة ٢٠١٤ بشأن النيابة الإدارية فمردود بأن ما تضمنه الدستور في هذا الشأن لا يفيد نصًا صريحًا بوجوب إصدار إذن المجلس الأعلى للنيابة الإدارية قبل إجراء التحقيق مع عضو النيابة الإدارية وأن تطبيق هذا النص الدستوري لا يجوز إلا باستجابة المشرع والتدخل منه لإفراغ ما تضمنه الدستور في نص تشريعي محدد منضبط إلى مجال العمل والتنفيذ يلتزم الكافة بمقتضاه بدءًا من التاريخ الذي تحدده السلطة التشريعية لسريان أحكامه وماهية هذه الأحكام تحديدًا، هذا إلى أن نص المادة ٤٠ مكرر/ ٢ من القانون ۱۲ لسنة ۱۹۸۹ بشأن تنظيم النيابة الإدارية المعدل بالقانون رقم ١٥ لسنة ۱۹۹۹ قد جرى على أنه (لا يجوز في غير حالات التلبس بالجريمة القبض على عضو النيابة الإدارية أو حبسه احتياطيًا أو اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق أو رفع الدعوى الجنائية عليه إلا بعد الحصول على إذن من المحامي العام المختص وفي حالة التلبس يجب عند القبض على عضو النيابة الإدارية أن يخطر المحامي العام المختص ليقرر حبسه أو الإفراج عنه بكفالة أو بغير كفالة وذلك بعد تحقيق يندب لإجرائه أحد أعضاء النيابة العامة) ، لما كان ذلك وكان يبين من استقراء ذلك النص الواجب التطبيق على واقعة الدعوى أنه يجب صدور إذن من المحامي العام المختص قبل البدء في اتخاذ اجراءات التحقيق مع عضو النيابة الادارية، لما كان ذلك، وكان الثابت حسبما سلف بيانه أن السيد المحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة العليا قد أصدر في 24/ 4/ 2021 الإذن بإجراء تسجيل المحادثات التليفونية الجارية على أرقام الهواتف المحمولة الخاصة بالمتهمين وتصوير لقاءاتهما وأن هذا الإذن بلا شك هو إجراء من إجراءات التحقيق ومن ثم فإن إجراءات التحقيق تكون قد بدأت بإصدار السيد المحامي العام الأول سالف الذكر هذا الإذن ، لما كان ذلك، وكان الثابت من التحقيقات الجارية بمعرفة أعضاء النيابة العامة أن كلًا منهم قد أثبت أن السيد المحامي العام قد عهد إليه بما أجراه من تحقيقات ، لما كان ذلك وكان نص المادة ٤٠ مكرر / ٢ من قانون تنظيم هيئة النيابة الإدارية قد اشترط للبدء في إجراءات التحقيق مع عضو هيئة النيابة الإدارية الإذن فقط من المحامي العام ولم يتطلب القانون شكلًا معينًا أو صيغة محددة لهذا الإذن، لما كان ذلك وكان الدفاع لا يماري في صدور الإذن المؤرخ ٢٤/ ٤/ ۲۰۲۱ بإجراء تسجيل المحادثات التليفونية على الهواتف المحمولة الخاصة بالمتهمين وتصوير لقاءاتهما من السيد المحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة العليا وكذا لا يماري في صحة ما أثبته أعضاء النيابة العامة بالتحقيقات أن المحامي العام الأول ذاته هو من عهد إليهم بإجراء ما قاموا به من تحقيقات ، لما كان ذلك وكان من المقرر أن الأصل في الاجراءات هو الصحة، لما كان ذلك وكان الدفاع لم يقدم ما يدحض الثابت بالتحقيقات من أنها - حسبما سلف بيانه - قد تمت بإذن من السيد المحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة العليا ولم يطعن بالتزوير على ذلك، وكان نص المادة سالفة الذكر لم تتطلب أن تتم جميع إجراءات التحقيق مع عضو النيابة الإدارية بمعرفة الأخير ومن ثم فإن جميع إجراءات تحقيق النيابة العامة تكون صحيحة خالية من ثمة بطلان ويكون ما يثيره الدفاع في هذا الخصوص غير سديد "، وكان ما أورده الحكم على السياق المتقدم كافيًا وسائغًا في الرد على الدفع ويتفق وصحيح القانون واتسع رده ليشمل الدفع المبدى من الطاعن ببطلان تفتيش مسكنه في هذا الخصوص فلا محل للنعي على الحكم إغفاله الرد على هذا الدفع ، كما أن ما يثيره الطاعن ببطلان تحريك الدعوى الجنائية قبله وبطلان الأذون وأمر ضبطه وإحضاره وتفتيش مسكنه لما تضمنه الدستور الحالي الصادر عام ٢٠١٤ بالمادة ١٩٧ من مساواة أعضاء هيئة النيابة الإدارية بأعضاء السلطة القضائية فيما يخص الضمانات والحقوق والواجبات المقررة، فمردود بأن ما قضى به الدستور في المادة 197 " من أن النيابة الإدارية هيئة قضائية مستقلة تتولى التحقيق في المخالفات الإدارية والمالية، وكذا التي تحال إليها ويكون لها بالنسبة لهذه المخالفات السلطات المقررة لجهة الإدارة في توقيع الجزاءات التأديبية، ويكون الطعن في قراراتها أمام المحكمة التأديبية المختصة بمجلس الدولة، كما تتولى تحريك ومباشرة الدعاوى والطعون التأديبية أمام محاكم مجلس الدولة وذلك كله وفقًا لما يتضمنه القانون. ويحدد القانون اختصاصاتها الأخرى، ويكون لأعضائها كافة الضمانات والحقوق والواجبات المقررة لأعضاء السلطة القضائية، وينظم القانون مساءلتهم تأديبيًا "، إنما هو حكم غير قابل للإعمال بذاته إذ إن ما تضمنه الدستور في هذا الشأن لا يفيد وجوب تطبيق هذا التعديل إلا باستجابة المشرع والتدخل منه لإفراغ ما تضمنه في نص تشريعي محدد ومنضبط ينقله إلى مجال العمل والتنفيذ يلتزم الكافة بمقتضاه بدءًا من التاريخ الذي تحدده السلطة التشريعية لسريان أحكامه، وكان لم يصدر قانون بعد ينسخ حكم المادة 40 مكررًا/ ٢ من القرار بقانون رقم 117 لسنة 1958 بإنشاء هيئة النيابة الإدارية الواجبة التطبيق والتي تجيز اتخاذ إجراءات التحقيق ورفع الدعوى الجنائية قبل أعضاء الهيئة في غير حالة التلبس بالجريمة طالما صدر الإذن بذلك من المحامي العام وهو ما أثبت الحكم حصوله في الدعوي ، فإن ما يثيره الطاعن في خصوص ما سلف بيانه لا يكون سديدًا .لما كان ذلك ، وكان الحكم قد رد على دفع الطاعن ببطلان إجراء التسجيلات لحصولها قبل صدور الإذن بما أوضح عنه من اطمئنان المحكمة من أن التسجيلات قد تمت بعد صدور الإذن ، وهو من الحكم ردٌ سائغ يستقيم به ما خلص إليه من رفض الدفع ، وذلك لما هو مُقرر من أن الدفع بصدور الإذن بعد إجراءات التسجيلات هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع التسجيلات بناءً على الإذن أخذًا منها بالأدلة السائغة التي توردها - وهو الشأن في الدعوى الماثلة - فإن ما يُثيرهُ الطاعن في هذا الصدد يكون على غير أساس ، كما أنه من المقرّر أنّ بطلان التسجيلات - بفرض وقوعه - لا يحول دون أخذ القاضي بجميع عناصر الإثبات الأخرى المستقلّة عنه والمؤدّية إلى النتيجة الّتي أسفر عنها التسجيل، ومن بينها أقوال شهود الإثبات وإقرار المتّهمين، كما لا يحول دون أخذ المحكمة بأقوال رجال الضبط فيما باشروه من إجراءات، ونما إليهم من معلومات فيما لا يتّصل بالتسجيل المدّعى ببطلانه، ومن ثمّ فإنّ كل ما يثيره الطاعن في خصوص ما سلف بيانه لا يكون مقبولًا. لما كان ذلك ، وكان من المقرر قانونًا أن لمأموري الضبط القضائي إذا ما صدر إليهم إذن من النيابة العامة بتسجيل الأحاديث في الجرائم التي يجيز فيها القانون للنيابة العامة إصدار مثل ذلك الإذن كالشأن في جريمة الرشوة عملًا بالمادة ٧/ ٢ من القانون رقم ١٠٥ لسنة ١٩٨٠ بشأن محاكم أمن الدولة أن يتخذوا ما يرونه كفيلًا بتحقيق الغرض من الإذن دون أن يلتزموا في ذلك طريقة معينة ما داموا لا يخرجون في إجراءاتهم على القانون . لما كان ذلك ، وكان تسجيل الأحاديث في هذه الدعوى مأذونًا به قانونًا ، فلا تثريب على مأمور الضبط إن هو استمع إلى الأحاديث المسجلة ما دام أنه قد رأى أن ذلك الاستماع ضروري لاستكمال إجراءاته وهو على بينة من أمره ، فضلًا عن أن دفاع الطاعن ببطلان إجراءات التسجيل لتجاوز القائم بها حدود الإذن لإجراء التسجيل والمراقبة على أشخاص وهواتف لم يشملها الإذن ، وإن كان له مصلحة في هذا الدفع، إلا أنه ليس له صفة في إبدائه، وكانت الصفة تسبق المصلحة، ومع هذا فقد عرض الحكم لدفع الطاعن ببطلان إجراءات تسجيل ومراقبة الهواتف التي لم يشملها الإذن الصادر من المحامي العام لنيابة أمن الدولة العليا الأول في 24/ 4/ 2021 - واطرحه بردٍ كافٍ وسائغٍ ويتفق وصحيح القانون، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير قويم. لما كان ذلك، ولئن كان الأصل أن من يقوم بإجراءٍ باطلٍ لا تُقبل منه الشهادة عليه، إلا أن ذلك لا يكون إلا عند قيام البطلان وثبوته، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى سديدًا إلى صحة الإجراءات التي تمت قبل الطاعن، فإن في هذا ما يتضمن بذاته الرد على ما أثاره الطاعن في شأن بطلان الدليل المستمد منها ، ولا تثريب عليه إن هو عوَّل في الإدانة على أقوال عضو الرقابة الإدارية ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير قويم. لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن من وجود عبث برسائل الواتس آب إن هو إلَّا جدل في تقدير الدليل المستمد منها بعد أن اطمأنت إليها محكمة الموضوع فلا يجوز مجادلتها أو مصادرتها في عقيدتها في تقدير الدليل وهو من إطلاقاتها ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا محل له .لما كان ذلك، وكان من المقرر أن انقضاء الأجل المحدد للمراقبة والتسجيل في الأمر الصادر لا يترتب عليه بطلانه وإنما لا يصح التنفيذ بمقتضاه بعد ذلك إلى أن يجدد مفعوله، وإذ كان الثابت من المفردات المضمومة - أن الإذن الصادر بتاريخ 20/ 6/ 2021 بالمراقبة والتسجيل أنه قد حددت مدته بثلاثين يومًا مع تحرير محضر بالإجراءات يعرض في حينه، وأنه عقب انتهاء مدة سريان الإذن قام عضو الرقابة الإدارية بتحرير محضر بتاريخ 1/ 8/ 2021 بما تم من إجراءات خاصة بتسجيل المكالمات الهاتفية للطاعن والمتهم الثاني خلال مدة سريان الإذن آنف البيان، فإن هذا الأمر لا يترتب عليه بطلان ، هذا فضلًا عن أن ما يثيره الطاعن بشأن بطلان محضر الإجراءات لتأخير عرضه على النيابة العامة ، مردود بأنه لما كانت المادة ٢٤/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية والفقرة (ج) من المادة الثانية من القانون رقم 54 لسنة 1964 بإعادة تنظيم الرقابة الإدارية بعد تعديلها بالقانون 207 لسنة 2017 لم يرتبا البطلان على عدم مراعاة أحكامهما مما يجعل الأمر فيها راجعًا إلى تقدير محكمة الموضوع لسلامة الإجراءات التي اتخذها مأمور الضبط القضائي ، ومن ثم فإن كل ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكانت المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية المستبدلة بالقانونين 145 لسنة 2006 ، 74 لسنة 2008 قد جرى نصها على أنه " لا يجوز للمحقق في الجنايات والجنح المعاقب عليها بالحبس وجوبًا أن يستجوب المتهم أو يواجهه بغيره من المتهمين أو الشهود إلا بعد دعوة محاميه للحضور عدا حالة التلبس وحالة السرعة لشبهة الخوف من ضياع الأدلة على النحو الذي يُثبتهُ المحقق بالمحضر وعلى المتهم أن يعلن اسم محاميه بتقرير لدى قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن ويخطر به المحقق، كما يجوز لمحاميه أن يتولى هذا الإعلان والإخطار، فإذا لم يكن للمتهم محام أو لم يخطر محاميه بعد دعوته وجب على المحقق من تلقاء نفسه أن ينتدب له محاميًا "، ومفاد ذلك أن المشرع وضع ضمانة خاصة لكل متهم في جناية معاقب عليها بالحبس وجوبًا وهي وجوب دعوة محاميه إن وجد قبل استجوابه أو مواجهته بغيره من المتهمين أو الشهود وأعطى للمتهم الحق في اختيار محاميه وذلك بإعلان اسمه بتقرير لدي قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن أو أن يقوم المحامي بذلك ، فاذا لم يكن للمتهم محامٍ وجب على المحقق أن ينتدب له محاميًا من تلقاء نفسه ، واستثنى المشرع من ذلك حالتين توخى فيهما الحفاظ على أدلة الدعوى وهما حالة التلبس وحالة السرعة لشبهة الخوف من ضياع الأدلة ، واستلزم أن يثبت المُحقق حالة السرعة التي دعته إلى التحقيق مع المتهم دون دعوة أو انتظار محاميه تطمينًا للمتهم وصونًا لحقه في الدفاع عن نفسه ، لما كان ذلك ، وكان الحكم قد اطرح دفع الطاعن في هذا الشأن بما مفاده أن المحقق أثبت أن المتهم نفى أن يكون لديه محام ولم يُفصح عن اسم محاميه ولم يتخذ الإجراءات المنصوص عليها في المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية، وأنه لما تبين عدم وجود محام له أرسل المحقق إلى نقابة المحامين ليندب له أحد المحامين إلا أنه لم يجد أحدًا منهم فلم يجد مناصًا من إجراء التحقيق وقام باستجوابه وعقب ذلك حضر محامي مع الطاعن جلسات التحقيق اللاحقة ، وكان هذا الذي أورده الحكم كافيًا وسائغًا في اطراح الدفع، ذلك أن المشرع لم يُحدد شكلًا أو نمطًا معينًا يتم ندب المحامي بموجبه ما دام أن المتهم لم يفصح عن اسم محاميه، فقد يتم الندب بخطاب على يد محضر أو بمعرفة أحد رجال السلطة العامة ، فإذا أصبح ندب المحامي أمرًا غير ممكن ، فلا تثريب على النيابة إن هي باشرت التحقيق مع المتهم في غيبة أحد المحامين ، لما في غير ذلك من تعطيل للنيابة عن أداء وظيفتها إذا ما تعذر دعوة المحامي أو حضوره ، بما يكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك، وإذ ما كان الحكم قد اطمأن إلى سلامة ما أدلى به الطاعن من أقوال بالتحقيقات بعد أن فند دفاع الطاعن ببطلان استجوابه، فلا معقب عليه في ذلك . لما كان ذلك، وكان طول أمد استجواب الطاعن واستغراق ذلك لساعات طويلة متصلة لا يُعد إكراهًا ما دام لم يستطل إلى المتهم بالأذى ماديًا أو معنويًا، إذ مجرد طول هذه الإجراءات لا يُعد من الإكراه المُبطل للأقوال لا معنى ولا حكمًا ما لم تستخلص المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها تأثر إرادة المتهم مع ذلك ومرجع الأمر في ذلك لمحكمة الموضوع ، كما أن إطالة أمد التحقيق لا يُعد إكراهًا إلا إذا كان المتهم منكرًا وتعمد المحقق إطالة مدة التحقيق لإرهاقه بغية الحصول منه على اعتراف، وليس الحال كذلك في الدعوى إذ إن الثابت من الحكم والمفردات المضمومة أن الطاعن أنكر الاتهام ، ولما كانت المحكمة قد استخلصت سلامة أقوال الطاعن التي اعتدت بها فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ بأقوال المتهم في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنها بعد ذلك ، متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الطاعن بتحقيقات النيابة العامة على النحو الذى أورده الحكم ، كما أن استطالة زمن التحقيق لاستكمال إجراءاته في عدة جلسات متلاحقة لا يؤثر على سلامة إرادة المتهم ولا يعيب أقواله، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ولا عليها إن هي التفتت عن أي دليل آخر لأن في عدم إيرادها له ما يفيد اطراحه وعدم التعويل عليه، ومن ثم فإن نعي الطاعن على الحكم إغفاله ما جاء بالتظلم المقدم من شقيق الطاعن للنائب العام لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن بخصوص بطلان وقصور تحقيقات النيابة العامة ولحبسه احتياطيًا من غير مختص ولسقوط مدة الحجز القانونية ،لا يعدو أن يكون تعييبًا للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سببًا للطعن على الحكم، كما أن البيِّن من الحكم المطعون فيه أنه لم يعوِّل في إدانة الطاعن على دليل مستمد من الحبس الاحتياطي الذي أجرته النيابة العامة ، فإنه لا جدوى من النعي على الحكم في هذا الشأن ، هذا فضلًا عن أن ما يثيره الطاعن بشأن عدم عرضه على النيابة العامة خلال المدة المحددة قانونًا - بفرض صحته - فإنه غير مجدٍ طالما أن القانون لم يرتب البطلان جزاءً لذلك، ويكون منعى الطاعن غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن أمر الإحالة هو عمل من أعمال التحقيق، فلا محل لإخضاعه لما يجري على الأحكام من قواعد البطلان، ومن ثم فإن القصور في أمر الإحالة لا يبطل المحاكمة، ولا يؤثر على صحة إجراءاتها، كما أن إبطال أمر إحالة الدعوى إلى محكمة الموضوع بعد اتصالها بها يقتضي إعادتها إلى مرحلة الإحالة، وهو أمر غير جائز باعتبار تلك المرحلة لا تخرج عن كونها جهة تحقيق فلا يجوز إعادة الدعوى إليها بعد دخولها في حوزة المحكمة، مما يكون معه نعي الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع ببطلان اعتراف المتهم الثاني وأنه صدر منه لدرء العقوبة عنه ولصدوره وليد إكراه مادي ومعنوي ولإغرائه بالإعفاء من العقاب عملًا بالمادة ۱۰۷ مكرر عقوبات واطرحه في قوله :" لما كان ذلك وكان اعتراف المتهم الثاني بارتكاب الجريمة المسندة إليه وكذا ما ارتكبه المتهم الأول من جريمة الرشوة واستغلال النفوذ بتحقيقات النيابة العامة وبجلسة المحاكمة قد اطمأنت إليه المحكمة تمام الاطمئنان ومن أنه صادر عن إرادة حرة وطواعية وقد خلت أوراق الدعوى من ثمة دليل على قالة دفاع المتهم الأول من صدور هذا الاعتراف وليد ثمة إكراه مادي أو معنوي كما تطمئن المحكمة إلى سلامة اعتراف المتهم الثاني حسبما سلف بيانه والذي لم يفصح عن أنه تعرض لثمة إكراه مادي أو معنوي أو وعدٍ من سلطة التحقيق للتمتع بالإعفاء المقرر قانونًا بل جاء اعتراف المتهم الثاني متسقًا ومتكاملًا مع باقي الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة ومن ثم فإن ما يثيره الدفاع في هذا الخصوص يكون غير سديد "، وهذا الذي أورده الحكم سائغًا وكافيًا للرد على هذا الدفع لما هو مقرر من أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، وأن لها السلطة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين وفي أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك، ومتى خلصت إلى سلامة الدليل المستمد من الاعتراف فإن مفاد ذلك أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، كما أن لمحكمة الموضوع أن تجزئ هذا الاعتراف وتأخذ منه ما تطمئن إلى صدقه وتطرح ما سواه مما لا تثق به دون أن تكون ملزمة ببيان علة ذلك، كما لا يلزم في الاعتراف أن يرد على الواقعة بكافة تفاصيلها بل يكفي فيه أن يرد على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية والاستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة، وكان لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته تناقض رواية المتهم الثاني أو تضاربها في بعض تفاصيلها ما دام قد استخلص الحقيقة من أقواله استخلاصًا سائغًا لا تناقض فيه وما دام لم يورد هذه التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته وهو الحال في الدعوى المطروحة، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر مؤدى اعترافات المتهم سالف الذكر بالتحقيقات وبجلسات المحاكمة ، وخلص إلى سلامة الدليل المستمد من هذه الاعترافات لما ارتآه من مطابقته للواقع، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك؛ وكان من المقرر أن الدفع بانتفاء الصلة بالواقعة وعدم ارتكابها وكيدية الاتهام وتلفيقه مردودًا بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردًا طالما كان الرد عليها مستفادًا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لآن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلًا موضوعيًا في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو بالرد عليه هو الطلب الجازم الذي يقرع سمع المحكمة ويُصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، وإذ كان البيِّن من محضر جلسة المحاكمة الختامية أن الدفاع الحاضر عن الطاعن اختتم مرافعته بطلب البراءة ، ومن ثم فليس له أن ينعى على المحكمة قعودها عن تحقيق دفوعه أو الاستجابة لما يثيره بأسباب الطعن وإن كان قد طلب ذلك في جلسات سابقة أو تضمنته مذكرات الدفاع بتلك الجلسات والجلسة الأخيرة ما دام لم يُصر عليها في طلباته الختامية ، ومن ثم - وعلى فرض أن تلك المذكرات التي كانت معدة سلفًا تضمنت هذه الطلبات - لا يقبل من الطاعن النعي على المحكمة عدم إجابته إلى طلب أمسك هو عن المطالبة به في مرافعته الختامية، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير صائب. لما كان ذلك، وكانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعية، وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية، ما دام يصح في العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم لالتفاته عن المستندات التي قدمها للتدليل على صحة دفاعه ودفوعه لا يكون مقبولًا. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة والذي من شأنه أن يجعل الدليل متهادمًا متساقطًا لا شيء فيه باقيًا يمكن أن يعتبر قوامًا لنتيجة سليمة يصح الاعتماد عليها، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق صورة واحدة للواقعة ودلَّل على ثبوتها في حق الطاعن ثم ساق الحكم أدلة الثبوت التي استمد منها عقيدته دون تناقض، فإن ما يثيره الطاعن من دعوى التناقض في التسبيب يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد بيَّن واقعة الدعوى على نحو يكشف عن وضوح فكرتها في عقيدة المحكمة وبما تتوافر به عناصرها القانونية، فإن ما يدعيه الطاعن من اختلال فكرة الحكم عن موضوع الدعوى وعناصرها يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بسط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهام وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، كما أنه من المقرر أن تأخذ المحكمة بأقوال الشاهد لو كانت سماعية، ذلك أن الأصل في الشهادة هو تقرير الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحواسه، وكان الطاعن لا يماري في طعنه أن الشهود يتمتعون بسائر الحواس الطبيعية، فلا على الحكم إن هو أخذ بشهادتهم، كما أن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصًا سائغًا لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى الراهنة -، كما أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى ولو خالفت أقواله أمامها، وأنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها، وأنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي يركن إليها الحكم بحيث ينبئ كل دليلٍ منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضًا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وكان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شهود الإثبات وباقي الأدلة واقتناعه بحدوث الواقعة على الصورة التي شهدوا بها ، وكانت الأدلة التي استند إليها في ذلك سائغة ومقبولة في العقل والمنطق، فإن كل ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة وأدلة الثبوت أو في تصديقها لأقوال شهود الإثبات أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدلٍ موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة ترتد إلى أصل صحيح في الأوراق واستخلصت في منطقٍ سائغ صحة إسناد التهم إلى الطاعن، وكان قضاؤها في هذا الشأن مبنيًا على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين ولم يكن حكمها مؤسسًا على الفرض والاحتمال حسبما يذهب إليه الطاعن، فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يخرج عن كونه جدلًا موضوعيًا لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم ودلَّل به على مقارفة الطاعن للجريمتين اللتين دين بهما كافيًا وسائغًا ، ولا يتنافر مع الاقتضاء العقلي والمنطقي ، فإن ما يثيره من منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات لا يعدو أن يكون جدلًا موضوعيًا في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ، هذا فضلًا عن أن تقدير الدليل موكول لمحكمة الموضوع ، ومتى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا مُعَقِّب عليها في ذلك، وإذ كانت الأدلة التي ساقها الحكم من شأنها أن تؤدي إلى ما رتَّبه عليها من ثبوت مقارفة الطاعن للجريمتين اللتين دانه بهما - حسبما تقدم بيانه - فإن ما يثيره في هذا الصدد يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان القانون قد أمد القاضي في المسائل الجنائية بسلطة واسعة وحرية كاملة في سبيل تقصي ثبوت الجرائم أو عدم ثبوتها والوقوف على حقيقة علاقة المتهمين ومدى اتصالهم بها ففتح له باب الإثبات على مصراعيه يختار من كل طرقه ما يراه موصلًا إلى الكشف عن الحقيقة ويزن قوة الإثبات المستمدة من كل عنصر بمحض وجدانه فيأخذ بما تطمئن إليه عقيدته ويطرح ما لا ترتاح إليه غير ملزم بأن يسترشد في قضائه بقرائن وأدلة معينة بل له مطلق الحرية في تقدير ما يُعرض عليه منها ووزن قوته التدليلية في كل حالة حسبما يُستفاد من وقائع الدعوى وظروفها بغية الحقيقة بنشرها إن وجدها ومن أي سبيل يجده مؤديًا إليها ولا رقيب عليه في ذلك غير ضميره وحده ، هذا هو الأصل العام الذي أقام عليه القانون الجنائي قواعد الإثبات لتكون موائمة لما تستلزمه طبيعة الأفعال الجنائية وتقتضيه مصلحة الجماعة من وجوب معاقبة كل جان وتبرئة كل برئ ، فإن ما ينعاه الطاعن من عدم ضبطه متلبسًا بأخذ أية عطايا واصطناع فواتير شرائها وخلو الأوراق من دليل على إدانته ينحل إلى جدلٍ موضوعي في حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى وتكوين معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك ، وكان تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن ، مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير ، شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة ، ولا يقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى تقرير خبير الأصوات بالهيئة الوطنية للإعلام ، فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة في ذلك ولا مصادرة عقيدتها أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان للمحكمة أن تعوِّل في تكوين عقيدتها على تحريات الرقابة الإدارية باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون قويمًا. لما كان ذلك ، وكانت حالة الرغبة في إدانة المحكوم عليه من المسائل الداخلية تقوم في نفس القاضي وتتعلق بشخصه وضميره، وترك المشرع أمر تقدير الإدانة لتقدير القاضي وما تطمئن إليه نفسه ويرتاح إليه وجدانه ، ومن ثم فإن ما يثار في هذا المنحى لا يصح أن ينبني عليه وجه الطعن . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن افتراض البراءة وصون الحرية الشخصية من كل عدوان عليها أصلان كفلهما الدستور بالمادتين 41 ، 67 منه ، فلا سبيل لدحض أصل البراءة بغير الأدلة التي تقيمها النيابة العامة وتبلغ قوتها الإقناعية مبلغ الجزم واليقين مثبتة بها الجريمة التي نسبتها إلى المتهم في كل ركن من أركانها وبالنسبة لكل واقعة ضرورية لقيامها ، وبغير ذلك لا ينهدم أصل البراءة ، إذ هو من الركائز التي يستند عليها مفهوم المحاكمة المنصفة، وهذا القضاء تماشيًا مع ما نصت عليه المادة 67 من الدستور من أن " المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه " ومفاد هذا النص الدستوري أن الأصل في المتهم البراءة وأن إثبات التهمه قبله يقع على عاتق النيابة العامة ، فعليها وحدها عبء تقديم الدليل ولا يلزم المتهم بتقديم أي دليل على براءته، كما لا يملك الشارع أن يفرض قرائن قانونية لإثبات التهمة أو لنقل عبء الإثبات على عاتق المتهم . لما كان ذلك، وكان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن - في الدعوى الماثلة - قد واجه الأدلة التي قدمتها النيابة العامة قبله ، وكفلت له المحكمة الحق في نفيها بالوسائل التي قدر مناسبتها وفقًا للقانون ، وقد حضر معه محام للدفاع عنه وترافع في الدعوى وأبدى ما عن له من أوجه الدفاع فيها ثم قضت المحكمة - من بعد - بإدانته تأسيسًا على أدلة مقبولة وسائغة لها أصلها في الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلي ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا المنحى يضحى غير سديد . لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن ما حصَّله الحكم من أقوال الطاعن بتحقيقات النيابة العامة له صداه وأصله الثابت في الأوراق، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد على النحو الذي أورده بوجه النعي لا يكون له محل، بما تنحل معه منازعته في سلامة استخلاص الحكم لأدلة الإدانة في الدعوى إلى جدل موضوعي حول تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى ومصادرتها في عقيدتها وهو ما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه لم ينسب للمتهم الثاني في معرض بيانه لمضمون الدليل المستمد من أقواله قولًا بأن المحادثات الهاتفية بينه وبين الطاعن قد حدثت بعد يوم 24/ 4/ 2021 - على خلاف ما يذهب إليه الطاعن - ومن ثم فإن دعواه في هذا المقام تكون عارية عن سندها، واجبة الرفض. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من خطأ الحكم بشأن ما أورده نقلًا عن محضر التحريات المؤرخ 24/ 4/ 2021 وما أثبته الحكم بمدوناته من مطابقة التسجيلات بمحاضر استماع النيابة العامة لاستماع المحكمة لتلك التسجيلات، لا يقدح في سلامة الحكم لما هو مقرر بأن الخطأ في بيان مصدر الدليل بفرض وقوعه لا يضيع أثره ما دام له أصل صحيح في الأوراق ، هذا فضلًا عن أن من المقرر أن الأصل في الإجراءات الصحة ولا يجوز الادعاء بما يخالف ما يثبت منها سواء في محضر الجلسة أو الحكم إلا بالطعن بالتزوير ومن ثم فإنه لا يقبل من الطاعن قوله إن الحكم أثبت بمدوناته مطابقة استماع المحكمة للتسجيلات لمحاضر استماع النيابة العامة لها على خلاف الثابت بمحضر الجلسة ما دام لم يتخذ من جانبه إجراء الطعن بالتزوير فيما دون بالحكم ويكون ما ورد في طعنه في هذا الصدد غير سديد، كما أن الطاعن لم يسلك الإجراءات التي نصت عليها المادة ٤٩ من قانون الإثبات والتي أوجبت أن يكون الادعاء بالتزوير بتقرير في قلم الكتاب ، كما أنه يجوز أن يحصل التقرير به قبل الجلسة الأولى المحددة لنظر الطعن أمام محكمة النقض ، فإن نعى الطاعن يكون ولا أثر له قانونًا ، هذا بالإضافة إلى أنه من المقرر أن الحكم يكمل محضر الجلسة في خصوص إجراءات المحاكمة، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن المحكمة استمعت للتسجيلات، وأكمل الحكم إثبات مطابقة استماع المحكمة للتسجيلات لمحاضر استماع النيابة العامة لها، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون على غير أساس . لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يعوِّل في إدانة الطاعن على شيء مما أسفر عنه تفريغ خبير الأصوات للمكالمات الهاتفية المسجلة، وكان ما أورده الحكم من تقرير خبير الأصوات إنما هو تحصيل لما ورد به من مطابقة صوتي الطاعن والمتهم الثاني للصوتين المنسوبين إليهما بالتسجيلات ولم يورد الحكم شيئًا عن تفريغ خبير الأصوات للمكالمات الهاتفية ، فإنه لا يجدي الطاعن ما يدعيه بشأن مخالفة تحصيل الحكم للمكالمات الهاتفية بمحضر استماع النيابة العامة للثابت بمحضر تفريغ المكالمات الهاتفية بتقرير خبير الأصوات ، ويكون غير منتج النعي على الحكم بالخطأ في الإسناد ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل، هذا فضلًا عن أنه لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على فحوى الدليل الناتج من تلك التسجيلات، وإنما استندت إليها كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها، فإنه لا جناح على الحكم إن هو عوَّل على تلك القرينة تأييدًا وتعزيزًا للأدلة الأخرى التي اعتمد عليها في قضائه، ما دام لم يتخذ من نتيجة هذه التسجيلات دليلًا أساسيًا على ثبوت الاتهام قبل المتهم، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من مخالفة ما نقله الحكم عنها للثابت بالأوراق يكون غير مقبول، كما أنه من المقرر أن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة، وكان البيِّن من الحكم المطعون فيه أن ما ينعاه عليه الطاعن من خطئه في الإسناد فيما أورده الحكم في مجال تحصيله لمضمون الدليل المستمد من تسجيل المكالمات الهاتفية وأقوال المتهم الثاني وتحريات عضو الرقابة الإدارية - على النحو الذي أشار إليه في أسباب طعنه- وعلى فرض وجوده لم يكن له أثر في منطق الحكم واستدلاله على ارتكاب الطاعن للواقعة فإن ما يثيره في هذا النعي لا يكون مقبولًا. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:- بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق