جلسة 21 من مارس سنة 1976
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ مصطفى كمال إبراهيم - رئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة: محمد فهمي طاهر ومحيي الدين طاهر وأحمد سعد الدين قمحه ومحمد بدير الألفي - المستشارين.
------------------
(36)
القضية رقم 314 لسنة 14 القضائية
عاملون مدنيون بالدولة - نقل - ترقية - تخطي في الترقية - قرار إداري.
تنص الفقرة الأولى من المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة على أنه يجوز نقل الموظف من إدارة أو مصلحة أو وزارة إلى أخرى إذا كان النقل لا يفوت عليه دوره في الترقية بالأقدمية أو كان بناء على طلبه - خضوع القرارات الصادرة بالنقل لرقابة القضاء الإداري إذا كانت الجهة الإدارية ترمي من وراء النقل استبعادهم من دائرة المتطلعين للترقية باعتبار هذه القرارات مقدمة للتخطي ووسيلة للحيلولة بين الموظف وبين الحصول على حقه في الترقية بالأقدمية - طلب الموظف المنقول إلغاء قرار الترقية الذي أصدرته الجهة المنقول منها فيما تضمنه من تخطيه يهدف ابتداء إلغاء القرار الصادر بالنقل - أساس ذلك أن طلب إلغاء قرار الترقية في هذه الحالة لا يستقيم إلا كنتيجة لإلغاء قرار النقل - صدور قرار الترقية يكشف عن الهدف الذي كانت تتغياه جهة الإدارة من قرار النقل ومن ثم يعتد في حساب ميعاد الطعن بتاريخ صدور قرار الترقية المطعون فيه.
-----------------
إن المطعون ضدها إذ طلبت في دعواها إلغاء القرار الصادر من وزارة التربية والتعليم في 27/ 11/ 1962 بإجراء ترقيات إلى الدرجة الخامسة الفنية العالية بين موظفي الوزارة المذكورة فيما تضمنه من تخطيها في الترقية إلى تلك الدرجة فهي تهدف من دعواها ابتداء إلغاء القرار الصادر في 13/ 8/ 1962 بنقلها من وزارة التربية والتعليم إلى وزارة الثقافة والإرشاد القومي ذلك أن تخطيها في الترقية بالأقدمية المطلقة بموجب القرار المطعون فيه كان سببه أنها لم تكن إذ ذاك من موظفي وزارة التربية والتعليم بعد أن نقلت منها بقرار النقل المشار إليه ومن ثم فإن طلبها إلغاء قرار الترقية الصادر في 27/ 11/ 1962 لا يستقيم إلا كنتيجة لإلغاء قرار النقل.
ومن حيث إنه من ناحية أخرى فإن قرار النقل الذي يستر وسيلة للتخطي في الترقية قد يستعصى على صاحب الشأن إدراك مراميه ومن ثم فهو لا يحاسب على ميعاد الطعن فيه قبل أن يظهر له هدفه ودواعيه وتنكشف له الغاية التي كانت تتغياها جهة الإدارة من ورائه، ومن ثم فإذا تبين أن المدعية لم يتهيأ لها كشف قصد الإدارة من وراء قرار النقل ولم تتبين مدى تأثر مركزها القانوني بذلك القرار إلا حين صدور قرار الترقية فيما تضمنه من تخطيها كان من الحق ألا تحاسب على ميعاد الطعن إلا من ذلك الحين (حكم المحكمة الإدارية العليا بجلسة 10/ 2/ 1962 في الطعن رقم 760 لسنة 5 ق) وعلى ذلك وإذا كان الثابت أن قرار الترقية المطعون فيه قد صدر في 27/ 11/ 1962 ونشر في نشرة وزارة التربية والتعليم في 1/ 1/ 1963 بعد أن كانت المدعية قد نفذت قرار نقلها إلى وزارة الثقافة والإرشاد القومي منذ 29/ 10/ 1962. وليس ثمة دليل من الأوراق يقوم عليه علمها علماً يقينياً بقرار الترقية قبل أن تتظلم منه في 22/ 10/ 1963، وإذا كانت المدعية قد أقامت دعواها بعد ذلك عن طريق المساعدة القضائية بإيداع صحيفة الدعوى في 15/ 8/ 1964 بعد أن تقدمت في 18/ 2/ 1964 بطلب إعفائها من الرسوم الذي قبل في 30/ 6/ 1964 فإن دعواها تكون قد أقيمت في الميعاد القانوني وبالتالي فهي مقبولة شكلاً.
وحيث إن المادة 47 من نظام موظفي الدولة الصادر بالقانون رقم 210 لسنة 1951 وهو القانون الذي يحكم المنازعة الماثلة - قد نصت في فقرتها الأولى على أنه يجوز نقل الموظف من إدارة إلى أخرى ويجوز نقله من مصلحة أو وزارة إلى مصلحة أو وزارة أخرى إذا كان النقل لا يفوت عليه دوره في الترقية بالأقدمية أو كان بناء على طلبه - "وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أنه ولئن كان القضاء الإداري غير مختص في الأصل بمراقبة قرار النقل إلا أن عدم اختصاصه بذلك مشروط بما إذا كان هذا القرار مكانياً صرفاً لا تحركه سوى حوافز الصالح العام وحسن التنظيم المرفقي المبرر لإعادة توزيع عمال المرافق العامة أو ما إذا كانت الجهة الإدارية ترمي من وراء النقل إلى غمط حقوق أصحاب الدور في الترقية من الموظفين المستحقين لها بإلحاقهم بإدارات أو وزارات أخرى بغية استبعادهم من دائرة المتطلعين للترقية، وفى هذه الحالة الأخيرة يكون قرار النقل من القرارات التي تخضع لرقابة القضاء الإداري اعتباراً بأنه مقدمة للتخطي ووسيلة مستورة للحيلولة بين صاحب الدور وبين الحصول على حقه في الترقية بالأقدمية فما لم يكن النقل بناء على طلب الموظف فإنه يكون باطلاً لمخالفته القانون طالما أن جهة الإدارة قد قصدت من ورائه تفويت الترقية على الموظف المنقول، أما إذا تم النقل وفقاً لمقتضيات صالح العمل ومتطلبات المصلحة العامة فإن للإدارة الحق في أن تجريه بما تتمتع به من سلطة تقديرية بلا معقب عليها في ذلك ما دامت قد تغيت عند إصدار القرار الصالح العام ولم تتعسف في استعمال سلطتها ولم تخالف القانون.
وحيث إن الثابت في خصوص المنازعة الماثلة أن وزير الثقافة والإرشاد القومي قد أرسل كتاباً إلى وزير التربية والتعليم في 26/ 6/ 1962 جاء فيه أن مدرسة الباليه بصدد إنشاء قسم ثانوي في العام الدراسي 1962/ 1963 وتدعيم القسمين الابتدائي والإعدادي مما يحتاج إلى عدد من المدرسين والمدرسات ذوي الخبرة الفنية ضماناً لاستقرار التعليم بالمدرسة في طورها الجديد لتنهض برسالتها، وأن مديرة المدرسة قد وقع اختيارها على المدرسين والمدرسات المطلوب نقلهم وندبهم للعمل بها والموضحة أسماؤهم ودرجاتهم والجهات التي يعملون بها في الكشوف المرافقة، وأنه لما كانت وزارة التربية والتعليم حريصة على مسايرة النهضة العلمية ومؤازرتها. ومساعدة دور التعليم في أداء رسالتها، فإن وزارة الثقافة والإرشاد القومي تطلب الموافقة على نقل وندب المدرسين والمدرسات اللازمين لهذه المدرسة لكي تتمكن من أداء رسالتها، هذا وقد ورد اسم المدعية من بين المدرسات الخمسة الذين طلبت وزارة الثقافة إلى وزارة التربية والتعليم ندبهن للعمل بها، وتضمنت الكشوف أسماء مدرسات ثمانية أخريات طلبت الوزارة المذكورة نقلهن إليها، وقد تبين من الاطلاع على القرار الصادر من سكرتير عام وزارة الثقافة والإرشاد القومي برقم 542 لسنة 1962 في 27/ 10/ 1962 بنقل المدعية ومدرسات غيرها إلى الوزارة المذكورة أنه أشار في ديباجته إلى موافقة لجنة شئون الموظفين بوزارة التربية والتعليم بجلسة 2/ 8/ 1962 على نقل كل السيدات والآنسات فاطمة الجمال وليلى أبو الحسن وفاطمة محمد يوسف بكير وفتحية مطاوع ومنيره وهبي واعتدال عبد العزيز والمدعية ونوال يوسف ورجاء عطا الله وسلوى حسين وفوزيه الخامي. وهؤلاء جميعاً من المدرسات اللائي وردت أسماؤهن في الكشوف المرافقة لكتاب وزير الثقافة والإرشاد القومي السالف الذكر واللاتي رشحتهن مديرة مدرسة الباليه للنقل أو الندب إلى المدرسة المذكورة.
وحيث إنه يخلص من ذلك أن وزارة التربية والتعليم لم تهدف من وراء نقل المدعية إلى وزارة الثقافة والإرشاد القومي تفويت الدور عليها في الترقية إلى الدرجة الخامسة وإنما جاء نقلها استجابة لدواعي الصالح العام التي أشار إليها وزير الثقافة في كتابه إلى وزير التربية والتعليم وكما شملها قرار النقل فقد شمل غيرها من المدرسات اللاتي ارتأت وزارة الثقافة بالاتفاق مع وزارة التربية والتعليم اختيارهن للنهوض بالتدريس في مدرسة الباليه، ومن ثم فإن نقل المدعية من وزارة التربية والتعليم لا يخضع للقيد الوارد في المادة 47 السالفة الذكر طالما أنه لم يتم في ظروف عادية وإنما تطلبته دواع طارئة من شأنها أن تشكل سبباً صحيحاً في الواقع والقانون لقرار النقل وتنفي عن جهة الإدارة وأنها قصدت به تفويت الترقية على المدعية ويبقى أن لجهة الإدارة أن تجري النقل بما تتمتع به من سلطة تقديرية بلا معقب عليها طالما أنها لم تخالف القانون ولم تتعسف في استعمال السلطة وبهذه المثابة يكون قرار النقل قد جاء سليماً لا مطعن عليه وبالتالي لا يكون ثمة مطعن على قرار الترقية المطعون فيه.
وحيث إنه وقد ذهب الحكم المطعون عليه مذهباً مخالفاً فإنه يتعين القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعية المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق