الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 14 يناير 2024

الطعن 924 لسنة 8 ق جلسة 11 / 5 / 1963 إدارية عليا مكتب فني 8 ج 3 ق 110 ص 1172

جلسة 11 من مايو 1963

برئاسة السيد/ الإمام الإمام الخريبي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة مصطفى كامل إسماعيل وحسن السيد أيوب والدكتور ضياء الدين صالح ومحمد مختار العزبي المستشارين.

-------------

(110)

القضية رقم 924 لسنة 8 القضائية

موظف - تأديب 

- انطواء الفعل المنسوب إلى الموظف على إخلال خطير بواجبات الوظيفة يفقده الصلاحية للبقاء فيها دون نظر إلى ضآلة قيمة الشيء المنسوب إليه اختلاسه أو العبث به - أساس ذلك: تعلق ما ارتكبه بالذمة والأمانة وهما صفتان لا غنى عنهما للموظف - لا يغير من ذلك إحالة النيابة العامة الأمر إلى الجهة الإدارية رغم ثبوت التهمة اكتفاء الجزاء الإداري.

----------------
إذا كان الثابت أن الواقعة التي استظهرها الحكم المطعون فيه ونسبها إلى الطاعن تنطوي على إخلال خطير بواجبات الوظيفة إذ تتعلق بالذمة والأمانة وهما صفتان لا غنى عنهما في الموظف العامل فإذا افتقدهما أصبح غير صالح للبقاء في الوظيفة مهما تضاءلت قيمة الشيء المنسوب إليه اختلاسه أو العبث به، وهنا قد يختلف الأمر بالنسبة للعقوبة الجنائية أو النظرة الجنائية للموضوع عنه في مجال توقيع العقوبات الإدارية، وهذا ما حدا بالنيابة العامة مع ثبوت التهمة ضد هذا المتهم إلى أن تحيل الأمر إلى الجهة الإدارية اكتفاء منها بالجزاء الإداري بدلاً من محاكمته جنائياً.


إجراءات الطعن

في 25 من مارس سنة 1962 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة - بناء على طلب السيد/ زكي حسن وقاد - سكرتيرية هذه المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة المواصلات بجلسة 8 من فبراير سنة 1962 في الدعوى التأديبية رقم 11 لسنة 4 القضائية المقامة من النيابة الإدارية ضد الطاعن وآخر والقاضي "بعزل الطالب من وظيفته مع حفظ حقه فيما قد يستحقه من معاش أو مكافأة.." وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين "قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات".
وقد أعلن هذا الطعن لذوي الشأن، ثم نظر أمام دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا التي بعد أن سمعت ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن النيابة الإدارية أقامت الدعوى التأديبية ضد الطاعن السيد/ زكي حسن وقاد وآخر نسبت إليه فيها أنه بصفته فراشاً وخفيراً لمكتب بريد أبنوب أولاً: اشترك مع المتهم الأول في استعمال طوابع بريدية سبق استعمالها في التخليص على بعض الخطابات المسجلة والطرود الصادرة من مكتب بريد أبنوب يقصد الاستيلاء على قيمتها بدون وجه حق - ثانياً: أثبت بالدفتر (10) ث تسليم السجل رقم 406 إلى المرسل منه على خلاف الحقيقة - ثالثاً - استولى على أدوات مصلحية ورد ذكرها في الأوراق واحتفظ بها في منزله. "وطلبت النيابة الإدارية محاكمتهما طبقاً للمواد 73 و82 م و83 من القانون رقم 210 لسنة 1951 والقوانين المعدلة له والمادة (31) من القانون رقم 117 لسنة 1958، والمواد 44 و45 و47 من القرار الجمهوري 2191/ 1959 بشأن نظام موظفي هيئة بريد مصر والمادة (1) من القرار 634 لسنة 1960 بشأن قواعد تأديب عمال اليومية الحكوميين. وأرفقت النيابة الإدارية مذكرة بقرار الاتهام يبين منها أن الطاعن قد تولى أعمال الشباك بوصفه قائماً بعمل الفراز لمدة تسعة أيام من بينها التخليص على السجل رقم 406 الذي يحمل مظروفه طوابع سبق استعمالها كما ثبت وجود توقيع بالدفتر (10) ث منسوب إلى المرسل منه المدعوة أم كلثوم اتضح عدم صحته باعتراف الأخيرة كذلك ثبت أن الطاعن هو الذي أجرى التخليص على كل من المسجلين رقمي 317 و329 بتاريخ 13/ 8/ 1960 استناداً إلى ما ثبت من غياب الفراز (المتهم الآخر) عن المكتب في اليوم المذكور وإلى ما أجمع عليه المختصون ممن سئلوا بأن المسئول عن التخليص هو الذي يتولى تحرير الإيصالات طبقاً للتعليمات... وقد عثر في منزل الطاعن بمحضر التفتيش والضبط المؤرخ في 21/ 9/ 1960 على طوابع من فئة 35 و10 مليمات سبق استعمالها وعلى ثلاث لفات من الدوبارة ملفوفة بطريقة تتميز بها هيئة البريد.
قدم الطاعن مذكرة برده على التهمة المنسوبة إليه جاء فيها أن وكيل المكتب، كان يكلفه من حين لآخر بمساعدة فراز المكتب (المتهم الآخر) في أعمال التسجيل فكان يقوم بتحرير إيصالات التسجيل.. وحدث أثناء تفتيش مكتب بريد أبنوب أن وجد بأعمال المكتب عدة مخالفات إدارية ووجه إليه وإلى زميله الفراز تهمة الاشتراك في استعمال طوابع سبق استعمالها في التخليص على الخطابات المسجلة - وقد قامت النيابة بتفتيش منزل الطاعن فوجدت به بعض طوابع مستعملة مختلفة القيمة بعضها للجمهورية العربية المتحدة وبعضها الآخر لدول أجنبية وكلها عبارة عن طوابع تذكارية أو طوابع تمثل مجموعة البريد... وثابت من وقائع الدعوى أن أعمال التخليص على الخطابات المسجلة ليست من اختصاص الطاعن إذ أنه يعمل فراشاً بالمكتب وعندما كان يكلفه وكيل المكتب بالمساعدة في أعمال التسجيل كان يقوم فقط باستخراج الإيصالات الخاصة بها ويترك التخليص عليها للفراز المختص فالطوابع عهدة لديه وهو المختص بلصقها، وهذا ثابت من التعليمات المصلحية ومن أقوال السيد/ محمد حسن عبد الرحمن الذي قرر في محضر تحقيق النيابة الإدارية "بأنه إذا فرض وساعد الفراش في استخراج الإيصالات فالمعروف أن يقدم الفراش الخطابات والنقدية للفراز لأن الأول ليس لديه عهدة طوابع - وقرر أيضاً السيد وكيل مكتب البريد في محضر تحقيق النيابة الإدارية بأنه كان يكلف الطاعن بالمساعدة في أعمال الفراز من تحرير إيصالات التسجيل وفرز الخطابات... والثابت من وقائع الدعوى ومن محاضر التفتيش أنه لم يعثر مع الطاعن على طوابع والطوابع التي عثر عليها تخص شقيقه الذي يقيم معه ومع والده في مسكن مشترك. وقد أقر الشقيق بذلك في محضر التحقيق... والسير العادي للأمور والمنطق يستوجبان حتى يتمكن الشخص من استعمال طوابع سبق استعمالها أن يوجد مثل هذه الطوابع معه أو في محل عمله أما أن توجد بمنزله - مع التسليم - جدلاً بملكيته لها - فكيف يتسنى له استعمالها في المكتب وهي بعيدة عن متناول يده، ومما يؤكد أن حيازة الطوابع المضبوطة كانت حيازة هواية أنها طوابع تذكارية لبلاد مختلفة غير الجمهورية العربية المتحدة... أما بالنسبة للاتهام التالي وهو استيلاء الطاعن على أدوات مصلحية عبارة عن ثلاث بكرات من الدوبارة المستعمل في مكاتب البريد، فالثابت من التحقيق أن الدوبار الذي وجد بمنزل والد الطاعن هو ملك والده اشتراه بفواتير وله مثيل في السوق وليس خاصاً بهيئة البريد، وقد جاء بأقوال السيد وكيل مكتب بريد أبنوب أنه لم يلاحظ وجود أي تصرف في كرات الدوبارة عهدة المكتب طوال مدة عمله".
وبتاريخ 8 من فبراير سنة 1962 قضت المحكمة التأديبية المذكورة: "ببراءة المتهم الأول (عبد المنعم ميخائيل عبد المسيح المسيرى) من التهمة الأولى وإدانته في التهمة الثانية ومجازاته عنها بخصم خمسة أيام من راتبه - وبإدانة المتهم الثاني (الطاعن) في جميع التهم الموجهة إليه ومجازاته عنها بالعزل من وظيفته مع حفظ حقه فيما قد يستحقه من معاش أو مكافأة..." بانية حكمها بالنسبة للطاعن على أنه هو الذي أجرى التخليص على المسجلين رقمي 317 و329 بتاريخ 13/ 8/ 1960 استناداً إلى ما ثبت من غياب الفراز عن المكتب في هذا اليوم كما ثبت أيضاً أنه أجرى التخليص على الطرد برقم 26 المرسل إلى منفلوط وثبت أيضاً أن هذا المتهم تولى أعمال الشباك بوصفه قائماً بعمل الفراز بالمكتب في سنة 1959 وقام بالتخليص على المسجل رقم 604 في 8/ 10/ 1959 والذي يحمل مظروفه طابع بريد بمبلغ 35 مليمات سبق استعماله وثبت وجود توقيع بالدفتر 10 ث منسوب إلى المرسل منه المدعوة أم كلثوم التي نكرت توقيعها عليه بما يفيد إعادة المسجل إليها، وهذه الواقعة تنطوي على جريمتين، وهما التخليص على الخطاب بطابع مستعمل ثم حصول المتهم على المسجل والتوقيع بذلك بإمضاء مزور... بتفتيش منزل هذا المتهم عثر فيه على طوابع من فئة 35 و10 مليمات سبق استعمالها كما عثر فيه على ثلاث كرات دوبارة ملفوفة بطريقة تتميز بها هيئة البريد وقد قرر في محضر التفتيش والضبط المؤرخ 21/ 9/ 1960 أنه استحضر هذه اللفات من مكتب بريد أبنوب بإذن من وكيل المكتب لاستعمالها في شئونه الخاصة... وبسؤال المتهم عن هذه الموضوعات نفى الاتهام المنسوب إليه بدعوى أنه لا يختص أصلاً بالتخليص والمسئول عن ذلك هو الفراز (المتهم الأول)، وأن دوره في التسجيل أو الطرود كان لا يجاوز تحرير الإيصالات تنفيذاً للأمر الصادر إليه من وكيل المكتب بالمعاونة في أعمال الشباك، وأن عمله بالنسبة للمسجلين رقمي 317 و329 وحافظة الطرد رقم 26 كان قاصراً على تحرير الإيصالات ثم سلمها إلى الفراز (المتهم الأول) للصق الطوابع عليها بالاشتراك مع الوكيل ودلل على ذلك بوجود ختم المكتب عهدة الوكيل على حافظة الطرد - ونفى أيضاً علمه بأمر الطوابع المستعملة على المسجل رقم 604 قسيمة 8/ 10/ 1959 أو بالتوقيع المنسوب إلى المرسل منه. وقال عن الطوابع التي وجدت بمنزله أنها تخص أخيه وعن الدوبارة أنها تخص والده وكلاهما قد عجز عن إثبات مصدر ملكيته الأمر الذي يقلل من شهادتهما لصالح الفراش المتهم ويدعو المحكمة إلى استبعادها... وقد أجمع كل من سئل من المختصين بالمنطقة أن المسئول عن التخليص هو الذي يتولى تحرير الإيصالات طبقاً للتعليمات... ومن ثم فإنه يخلص من كل ما تقدم أن المتهم (الطاعن) هو الذي وضع الطوابع السابق استعمالها على الخطابات المسجلة وعلى حافظة الطرد وهي تصرفات في منتهى الخطورة وعدم الأمانة... وقد نفى وكيل المكتب علمه بأي شيء من هذا بدعوى أنه كان مشغولاً بأعمال الخزينة ولم يستبعد تعاون الفراش والفراز وتلاعبهما بدليل قيام الفراش (المتهم الطاعن) بالاستيلاء على ختم الخزينة وختم حافظة الطرد رقم 26 به للإيهام بعرضه على الوكيل على غير الحقيقة... هذه الاتهامات عرضت على النيابة العامة التي قررت أنه وإن كانت الواقعة تتضمن جناية اختلاس إلا أنه حرصا على مستقبل المتهمين حتى تكون أمامهم فرصة أخيرة لعلهم يسلكون السبيل المستقيم مما يدعو المجتمع إلى التغاضي عن حقه في محاكمتهم جنائياً جزء ما قدمت يداهم والاكتفاء بمحاكمتهم إدارياً.
ومن حيث إن المتهم زكي حسن وقاد الذي قضى بفصله من الخدمة قدم طلباً إلى هيئة المفوضين في 15/ 3/ 1962 للطعن في هذا الحكم لمجانبته الصواب بالتطبيق لنص المادة (32) من القانون رقم 117 لسنة 1958 وتنفيذاً لحكم القانون - والطعن في هذه الحالة وجوبي - قامت هيئة المفوضين بالتقرير بالطعن على النحو السالف الإشارة إليه ثم قدمت الهيئة المذكورة مذكرة برأيها القانوني في هذا الطعن انتهت فيها إلى قبوله شكلاً ورفضه موضوعاً تأسيساً على أن ما نسب إلى الطاعن قد ثبت في حقه ثبوتاً كافياً فهو الذي أجرى التخليص على المسجلين رقمي 317 و329 بتاريخ 13/ 8/ 1960 وكذلك على الطرد رقم 26 المرسل إلى منفلوط واستعمل في ذلك طوابع بريد سبق استعمالها كما ثبت أن الطاعن هو الذي قام بالتخليص على المسجل رقم 604 بتاريخ 8/ 10/ 1959 ووضع عليه أيضاً طابع بريد سبق استعماله وهو الذي أثبت إعادة هذا المسجل إلى المرسل منه بالدفتر (10) ث ثم ثبت عدم صحة هذه الواقعة إذ ثبت أن التوقيع الموجود بالسجل والمنسوب إلى المرسل منه ليس توقيعه وإنما هو توقيع مزور، وهذا إلى أنه عند تفتيش الطاعن عثر على بعض الطوابع المستعملة والتي لم يستطع أن يعلل سبب احتفاظه بها في منزله بعلة مقبولة كما عثر في منزله على كرات دوبار من متعلقات المصلحة... وهذه التصرفات واضحة الدلالة على انحراف الطاعن انحرافاً شديداً عن مقتضى الأمانة الواجبة لأعمال الوظيفة العامة الأمر الذي يفقده شرط الصلاحية للبقاء فيها... وطالما أن الأمور التي نسبت إلى الطاعن جاءت مستندة إلى وقائع صحيحة لها أصل ثابت في الأوراق وقد كيفتها المحكمة تكييفاً سليماً واستخلصت نتيجة سائغة تبرر اقتناعها الذي بنت عليه قضاءها وأوقعت لذلك الجزاء المناسب، فلا سبيل إلى أعمال الرقابة على ما كونت منه عقيدتها واقتناعها فيما انتهت إليه..."
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن الطعن الحالي إنما ينصب فقط على الشطر من الحكم المطعون فيه الخاص بالطاعن، وعلى النحو السالف بيانه فقد قام هذا الحكم على أن هذا المتهم هو الذي وضع الطوابع السابق استعمالها على الخطابات المسجلة وعلى حافظة الطرد رقم 26 المرسل إلى منفلوط...
ومن حيث إنه يبين من الوقائع السالفة الذكر ومن الأوراق المودعة ملف الطعن أن المحررات التي تحمل الطوابع السابق استعمالها قد تم تسلمها وتسجيلها في وقت كان المتهم الطاعن هو القائم بأعمال الشباك نيابة عن الفراز المختص أصلاً بهذه الأعمال، وقد جاء في قرار اللجنة التي شكلت لفحص أعمال المكتب أن الوكيل قد أهمل إهمالاً جسيماً في عمله وأن الفراز استلم المسجلين 317 و329 من المتهم الطاعن بعد عودته من المأمورية المكلف بها بعد ظهر يوم 13/ 8/ 1960 دون مراجعة، وأن الفراش (المتهم الطاعن) هو الذي استلم المسجلين المشار إليهما وخلص على كل منهما برسوم قدرها 55 مليم في 13/ 8/ 1960 كما ثبت أيضاً أن هذا المتهم هو الذي استلم الطرد رقم 26 الصادر من أبنوب إلى منفلوط في 18/ 7/ 1960 وخلص على المحافظة بقيمة الرسوم المقررة بطوابع قدرها 65 مليماً منها ما قيمته طابع فئة 30 مليماً سبق استعماله ثم ختم الطوابع خلسة بخاتم الوكيل، وقد تبين كذلك أن المتهم المذكور استولى على المسجل الخاص بسيده تدعى أم كلثوم وموقع باسمها بأنها استلمته وخلص عليه بطوابع بريد فئة 35 مليماً، واتضح للجنة أن هذا المتهم كان يقوم بأعمال الفراز من تسجيل صادر ووارد وطرود فكلها بخطه وكان يقحم نفسه ويفرض شخصيته ليقوم بأعمال خارجة عن مهام وظيفته بسوء نية وبقصد العبث والتلاعب... وبسؤال المتهم الطاعن ومواجهته بما ظهر اعترف صراحة بأنه كان يقوم فعلاً بعمل الفراز في حالة غيابه وبمساعدته أثناء وجوده وأن عمله في ذلك كان قاصراً على استخراج الإيصالات فلم يكن من شأنه لصق الطوابع أو التخليص إذ هو من اختصاص الفراز أو الوكيل.
ومن حيث إن التحقيق الإداري وتحقيق النيابة العامة وما أدلى فيهما من أقوال على الوجه المفصل فيهما وما انتهى إليه الرأي في كليهما من مساءلة هذا المتهم عن العبث الذي وقع في المحررات المشار إليها، كذلك ما أسفر عنه محضر الضبط والتفتيش عن وجود طوابع بريدية مستعملة وبكر من الدوبار في منزل الطاعن واعترافه فيه بأن الدوبار من متعلقات المصلحة وأنه أخذه بإذن من وكيل المكتب لاستعماله الشخصي، وإنكار هذا الوكيل ما ادعاه المتهم المذكور وما ثبت أن العبث قد وقع في وقت انفراد فيه هذا المتهم بعمل الشباك لغياب الفراز وما انطوى عليه تصرفه حيال المسجل رقم 604 بتاريخ 8/ 10/ 1959 وتضارب أقواله في شأنه - كلها أدلة وشواهد قدمت ضد المتهم الطاعن انبنى عليها اتهامه ثم الحكم عليه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه على وقائع لها أصول ثابتة في الأوراق واستخلص منها الدليل على اقتراف المتهم الطاعن أفعالاً تشكل ذنباً إدارياً يستوجب مؤاخذته عنه بما يتلاءم وهذا الذنب وأنه يكون بمنأى عن الطعن ما دام أن استخلاصه للدليل كان استخلاصاً سائغاً تؤدي إليه الوقائع الثابتة المطروحة ورقابة المحكمة الإدارية العليا لا تتعدى هذه الناحية، ولما كان الثابت أن الواقعة التي استظهرها الحكم المطعون فيه ونسبها إلى الطاعن تنطوي على إخلال خطير بواجبات الوظيفة إذ تتعلق بالذمة والأمانة وهما صفتان لا غنى عنهما في الموظف العامل فإذا افتقدهما أصبح غير صالح للبقاء في الوظيفة مهما تضاءلت قيمة الشيء المنسوب إليه اختلاسه أو العبث به، وهنا قد يختلف الأمر بالنسبة للعقوبة الجنائية أو النظرة الجنائية للموضوع عنه في مجال توقيع العقوبات الإدارية، وهذا ما حدا بالنيابة العامة مع ثبوت التهمة ضد هذا المتهم إلى أن تحيل الأمر إلى الجهة الإدارية اكتفاء منها بالجزاء الإداري بدلاً من محاكمته جنائياً.
ومن حيث إنه لذلك ولكل ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في قضائه مما يتعين معه الحكم برفض الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق