الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 6 يناير 2024

الطعن 2545 لسنة 59 ق جلسة 27 / 7 / 1989 مكتب فني 40 ق 118 ص 702

جلسة 27 من يوليو سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن وعبد الوهاب الخياط نائبي رئيس المحكمة وعبد اللطيف أبو النيل وعمار إبراهيم.

-----------------

(118)
الطعن رقم 2545 لسنة 59 القضائية

(1) شيك بدون رصيد. جريمة "أركانها". إثبات "قرائن قانونية".
توقيع الشيك على بياض دون إثبات قيمته أو تاريخه. لا يؤثر على صحته. مفاده: تفويض المستفيد في تحرير بياناته. افتراض هذا التفويض. ما لم يقم الدليل على خلافه.
(2) إكراه. الحصول على سند بطريق التهديد. شيك بدون رصيد. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استخلاص الحكم واقعة إكراه المجني عليه على إمضاء شيكات على بياض بما يثبت حقوقاً لهم قبله. كفايته لتوافر الجريمة المنصوص عليها في المادة 325 عقوبات.
(3) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي.
الجدل في تصوير الواقعة. غير جائز أمام النقض.
(4) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الأدلة في المواد الجنائية متساندة. لا يلزم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى. يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها.
(5) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها. كفاية استخلاصه بالاستنتاج من الظروف والقرائن.
(6) استدلالات. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لا ينال من صحة التحريات أن تكون ترديداً لما أبلغ به المجني عليه. علة ذلك؟

---------------
1 - من المقرر أن توقيع الساحب على الشيك على بياض دون أن يدرج فيه القيمة التي يحق للمستفيد تسلمها من المسحوب عليه أو دون إثبات تاريخ به لا يؤثر على صحة الشيك إذ أن إعطاء الشيك بغير إثبات القيمة أو التاريخ يفيد في ظاهره - أن مصدره قد فوض المستفيد في وضع هذين البيانين قبل تقديم الشيك للمسحوب عليه، وينحسر عنه بالضرورة عبء إثبات وجود هذا التفويض وطبيعته ومداه، وينقل هذا العبء إلى من يدعي خلاف هذا الظاهر.
2 - لما كان الحكم قد استخلص من ظروف الدعوى أن الطاعن وباقي المحكوم عليهم كانوا يبغون من إكراه المجني عليه على إمضاء الشيكات الثلاثة على بياض استيفاء بياناتها بما يثبت حقوقاً لهم قبله، ودلل على ما استخلصه من ذلك تدليلاً كافياً يتفق مع العقل والمنطق، فإنه إذ تأدى من ذلك إلى تحقق جريمة إكراه المجني عليه على التوقيع على تلك الشيكات الثلاثة على بياض وهي الجريمة المنطبق عليها نص المادة 325 من قانون العقوبات، بركنيها المادي والمعنوي، يكون قد اقترن بالصواب ويضحى منعى الطاعن عليه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب غير سديد.
3 - لما كان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفه من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان الحكم المطعون فيه قد بين صورة الواقعة كما استقرت في عقيدة المحكمة مما أخذت به من الأدلة القائمة فيها، فإن النعي على الحكم إطراح تصوير الطاعن للواقعة وما ساقه من مستندات تظاهره لا يعدو أن يكون جدلاً في شأن تصوير الواقعة مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تقبل مجادلتها فيه لدى محكمة النقض.
4 - من المقرر أنه لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
5 - لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات.
6 - لما كان لا ينال من صحة التحريات أن تكون ترديداً لما أبلغ به المجني عليه لأن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق ذلك البلاغ، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن - بفرض صحته - يكون غير قويم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه وآخرين - سبق الحكم عليهم - أولاً: شرعوا في إكراه..... على توقيع ثلاث شيكات على بياض بقصد ملء بياناتها بكتابة تثبت لهم حقوقاً قبله بأن حجزوه دون وجه حق وهددوه بالقتل فقام بالتوقيع عليها بناء على هذا الإكراه. ثانياً: قبضوا على المجني عليه سالف الذكر وحجزوه دون وجه حق بغير أمر أحد من الحكام المختصين قانوناً وفي غير الأحوال المحددة لذلك على النحو المبين بالأوراق. وأحالتهم إلى محكمة جنايات قنا لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بعد أن عدلت وصف التهمة الأولى إلى جريمة تامة عملاً بالمادتين 280، 325 من قانون العقوبات. بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات عن التهمة الأولى وبانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة بالنسبة للتهمة الثانية وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الإكراه على إمضاء ثلاثة شيكات على بياض قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأن اعتبر الواقعة جريمة تامة ينطبق عليها نص المادة 325 من قانون العقوبات على خلاف النظر الصحيح في القانون، ولم يستظهر القصد الجنائي في حق الطاعن، والتفت عن دفاعه المؤيد بما قدمه من مستندات بعدم صحة صورة الواقعة كما رواها المجني عليه، واستند في إدانة الطاعن إلى أقوال المحكوم عليه الآخر...... مع أنها خلت مما يفيد استخدام الطاعن سلاحاً في إكراه المجني عليه، وإلى تحريات الشرطة رغم إنها مجرد ترديد لأقوال المجني عليه. كل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله "إنها تتحصل في أنه توجد ثمة معاملات مالية بين المتهم...... والمجني عليه...... نتيجة لأعمال المقاولات التي يشتركان فيها سوياً وقد ترتب على ذلك حدوث خلافات مالية لم تفلح الطرق الودية في تسويتها، فاتفق هذا المتهم مع باقي المتهمين في استدراج المجني عليه إلى القاهرة حتى يكون تحت سيطرتهم وتهديدهم، حتى يتمكنوا من الحصول على ما يكون له من حقوق طرفه بأخذ إمضاءاته عنوة على شيكات تثبت حقوقاً له، وتنفيذاً لما اتفق عليه فقد توجه كل من..... و..... و.... إلى المجني عليه في بلدته بتاريخ 21/ 2/ 1979 وتمكنوا بطريق الخداع من استدراجه في سيارة بيجو بحجة العمل على إصلاح سيارة المتهم النقل المعطلة في الطريق ولكنه ما لبث أن اكتشف المجني عليه هذه الحيلة وحاول الاستغاثة فلم يغثه أحد ولم يتمكن من الإفلات منهم فقد كان واقعاً تحت التهديد بسلاح ناري مع..... وسكيناً مع...... ثم طلب منه....... تحت التهديد والوعيد التوقيع على ثلاثة شيكات على بياض لصالح شقيقه....... إلا أنه لم يمتثل له فاقتادوه عنوة إلى شقة المتهم الكائنة بالمطرية بالقاهرة وفيها تم احتجازه بالقوة وتحت التهديد والقسر الوعيد بأنه لن يطلق سراحه ما لم يوقع على ثلاثة شيكات لصالح المتهم الماثل وظل يقاوم حتى انهارت مقاومته وأوجس منهم في نفسه خيفة فاستجاب لهم ووقع على الشيكات الثلاثة فأخلوا سبيله بعد الحصول على بغيتهم وما أن أعادوه إلى بلدته حتى أسرع بإبلاغ الشرطة". وأورد الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعن أدلة استمدها من أقوال المجني عليه واعتراف المتهم....... ومن تحريات الشرطة، وهي أدلة لم يجادل الطاعن في أنها ترتد إلى أصول ثابتة في الأوراق. لما كان ذلك وكان الحكم قد أثبت في حق الطاعن - في بيان كاف - إقدامه والمحكوم عليهم الآخرين على ارتكاب الجريمة متوخين تعطيل إرادة المجني عليه عن طريق تهديدهم له باستعمال السلاح أثناء اقتيادهم له في السيارة وحمله كرهاً إلى منزل الطاعن وتهديده وهو في قبضتهم محجوزاً دون وجه حق مما كان من شأنه ترويع المجني عليه وانقياده كرهاً عنه إلى التوقيع على الشيكات الثلاثة التي طلبوا منه التوقيع عليها، وكان من المقرر أن توقيع الساحب على الشيك على بياض دون أن يدرج فيه القيمة التي يحق للمستفيد تسلمها من المسحوب عليه أو دون إثبات تاريخ به لا يؤثر على صحة الشيك إذ أن إعطاء الشيك بغير إثبات القيمة أو التاريخ يفيد في ظاهره - أن مصدره قد فوض المستفيد في وضع هذين البيانين قبل تقديم الشيك للمسحوب عليه، وينحسر عنه بالضرورة عبء إثبات وجود هذا التفويض وطبيعته ومداه وينقل هذا العبء إلى من يدعي خلاف هذا الظاهر، ولما كان الحكم قد استخلص من ظروف الدعوى أن الطاعن وباقي المحكوم عليهم كانوا يبغون من إكراه المجني عليه على إمضاء الشيكات الثلاثة على بياض استيفاء بياناتها بما يثبت حقوقاً لهم قبله، ودلل على ما استخلصه من ذلك تدليلاً كافياً يتفق مع العقل والمنطق، فإنه إذ تأدى من ذلك إلى تحقق جريمة إكراه المجني عليه على التوقيع على تلك الشيكات الثلاثة على بياض وهي الجريمة المنطبق عليها نص المادة 325 من قانون العقوبات، بركنيها المادي والمعنوي، يكون قد اقترن بالصواب ويضحى منعى الطاعن عليه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب غير سديد. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفه من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان الحكم المطعون فيه قد بين صورة الواقعة كما استقرت في عقيدة المحكمة مما أخذت به من الأدلة القائمة فيها، فإن النعي على الحكم إطراح تصوير الطاعن للواقعة وما ساقه من مستندات تظاهره لا يعدو أن يكون جدلاً في شأن تصوير الواقعة مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تقبل مجادلتها فيه لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم قد حصل أقوال المحكوم عليه...... بقوله "وقد اعترف..... في تحقيقات النيابة تفصيلاً بالواقعة. فقد قرر بأنه يعمل سائقاً لدى المتهم..... (الطاعن) وفي يوم 21/ 2/ 1979 تقابل معه..... واصطحبه في سيارة بيجو وكان معهما كل من...... و...... إلى غارب بحجة إحضار سيارة نقل ملك...... كانت معطلة في الطريق ولكنه لم يجد السيارة وقصدوا جميعاً إلى منزل المجني عليه واصطحبوه معهم في السيارة البيجو لذات الحجة، ولما اكتشف المجني عليه خديعتهم حاول الإفلات منهم فلم يستطع، وطلب منه....... التوقيع على ثلاثة شيكات على بياض لصالح....... بالقوة ولكنه لم يستجب فاصطحبوه إلى القاهرة وفي شقة في المطرية كان المتهم الماثل (الطاعن) في انتظارهم وانتهى دوره عند هذا الحد فدخل حجرة للنوم ولا يدري ماذا حدث بعد ذلك، ولكن المجني عليه بات ليلته وفي اليوم التالي وقع على ثلاثة شيكات لصالح المتهم". وكان من المقرر أنه لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - كما أنه لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات. من ثم فإن ما يثيره الطاعن في حصول تعويل الحكم على اعتراف المحكوم عليه الآخر رغم خلوه مما يفيد استخدام الطاعن سلاحاً في إكراه المجني عليه يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان لا ينال من صحة التحريات أن تكون ترديداً لما أبلغ به المجني عليه لأن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق ذلك البلاغ، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن - بفرض صحته - يكون غير قويم. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعين الرفض مع إلزام الطاعن المصاريف المدنية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق