الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 24 يناير 2024

الطعن 1559 لسنة 8 ق جلسة 22 / 6 / 1963 إدارية عليا مكتب فني 8 ج 3 ق 128 ص 1365

جلسة 22 من يونيه سنة 1963

برئاسة السيد/ الإمام الإمام الخريبي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة مصطفى كامل إسماعيل وحسن السيد أيوب والدكتور ضياء الدين صالح ومحمد مختار العزبي المستشارين.

-----------------

(128)

القضية رقم 1559 لسنة 8 القضائية

موظف - تأديب 

- مسئولية نظار المدارس عن العهد والمخازن - منشور وزارة التربية والتعليم رقم 211 المؤرخ 13/ 8/ 1956 بشأن اشتراك الرؤساء المباشرين مع مرؤوسيهم فيما يقع من إهمال أو اختلاس في العهد والمخازن - المخازن التابعة لجمعية العروة الوثقى الملحقة بإحدى مدارسها التي استولت عليها الوزارة لعجز الجمعية عن إدارتها - دخول الإشراف والرقابة عليها ضمن اختصاصات الناظر دون أن يمنع من ذلك تبعية المخازن للجمعية لا للمدرسة - أساس ذلك.

----------------
صدر قرار بالاستيلاء النهائي من جانب منطقة التربية والتعليم بمحافظة الإسكندرية على مدرسة الشاطبي الصناعية الإعدادية في 19 من نوفمبر سنة 1960 وكان ذلك نتيجة لعجز جمعية العروة الوثقى عن إدارة تلك المدرسة الإعدادية وكذلك الثانوية الصناعية وعجزها عن تمويلها وتقديم الإمكانيات اللازمة لها من خامات وعدد وأدوات وذلك على الرغم من أن الوزارة كانت تعينها في تعيين الناظر والمدرسين الفنيين والإداريين وتدفع مرتباتهم، هذا إلى أن جمعية العروة الوثقى لها مدارس خاصة معانة من الوزارة طبقاً للقانون رقم 160 لسنة 1958 والقرارات المنفذة له يؤكد قيام تلك العلاقة الإدارية وما يترتب عليها من التزام بالإشراف وواجب مباشرة الرقابة المحكمة من جانب الموظف الإداري الرئيسي على من وما يقع تحت هيمنته من مرؤوسين ومخازن وأموال سائبة جارية هي حصيلة لبيع مشغولات الجمعية يؤكد ذلك ما جاء على لسان الطاعن في محضر تحقيق النيابة الإدارية في وقائع الاختلاس والتزوير والتبديد والتلاعب التي قام بها المتهم الأول إسماعيل أمين المخازن من أنه كان بإقراره يقوم بقسط من الإشراف والمراقبة قل مداه أو زاد فقد باشر الإشراف بالفعل فهو يقول: "كنت أراجع الأذون" ومارس الرقابة عملاً لأنه يقول: "قمت بجرد الخامات أحياناً" وواضح من الأوراق أنه لم يكن في ذلك متفضلاً بالجهد وإنما هو بوصفه ناظراً لتلك المدرسة وخلفاً لسلفه الناظر السابق، استشعر أن من واجب وظيفته أن يقوم بما قام به وأن يؤدي واجبه الذي تمليه اختصاصات وظيفة ناظر المدرسة التي يقوم بأعبائها وفي ذلك قبول فعلي منه ورضاء واضح عملي من جانبه أن يباشر ما سبق لسلفه مباشرته من أعمال. فإنكار تقرير الطعن قبول الطاعن القيام بهذا العمل على غرار سلفه يتعارض مع ما سبق أن أدلى به الطاعن في محضر تحقيق النيابة الإدارية من إقرار.
ولا جدال في أن المنشور العام رقم 211 الصادر في 13/ 8/ 1956 بشأن اشتراك الرؤساء المباشرين مع مرؤوسيهم فيما يقع من إهمال أو اختلاس، هو منشور عام يصادف في وقائع هذه الدعوى مجال تطبيقه تماماً فقد جاء في عبارات هذا المنشور "أن وزارة التربية والتعليم أصدرت منشورات متعددة منذ سنة 1928 حتى سنة 1953 نبهت فيها إلى ما لوحظ من تكرار وقوع حوادث التلاعب في حساب الأوراق المدموغة وفي بعض التحصيلات الأميرية وغير الأميرية في المدارس فضلاً عن الإهمال في قيد العهد وضبطها. وإذ تبين أن كل ذلك يرجع في أغلب الحالات إلى ضعف إشراف الرؤساء على الموظفين القائمين بهذه الأعمال وجهت الوزارة نظر السادة نظار المدارس ورؤساء الفروع في المنشور العام رقم 22 لسنة 1928 إلى أنه من الواجب عليهم القيام بجرد خزائن أرباب العهد من وقت لآخر والتأكد من توريد المبالغ المحصلة إلى الخزائن المختصة في حينها مع مراعاة التأشير على آخر قسيمة استخرجت من قسائم التحصيل بما يفيد مراجعة جملة المتحصلات ومطابقتها لحوافظ التوريد، كما حذرت الوزارة في منشورها رقم 34 لسنة 1929 السادة نظار المدارس من عدم قيامهم بمراجعة أعمال الموظفين الذين في عهدتهم النقود ارتكاناً منهم على حسن ظنهم بذمة الموظف المنوط به عملية التحصيل أو بدعوى كثرة الأعمال لديهم..." ثم استطرد المنشور العام بقوله: "ولكن الذي يؤسف له أن الإهمال من جانب الجميع قد بلغ حداً لا يمكن التسامح فيه أو الإغضاء عنه بحال من الأحوال ولهذا نوجه النظر إلى أنه عند إجراء بحث أو تحقيق في أية مخالفة مالية أو إدارية سيتناول التحقيق فضلاً عن الموظف المسئول الرؤساء المباشرين في المدارس وفي أقسام المناطق وإدارات الوزارة لينال كل جزاءه بقدر نصيبه من الإهمال أو التراخي. وقد وقع المنشور وكيل الوزارة الدائم السيد يوسف في 13/ 8/ 1956". فالمنشور عام وفيه توجيه سديد حازم من وكيل الوزارة إلى نظار المدارس بشأن العهد والمخازن. والطاعن ناظر المدرسة فيها وملحق بها أو يتبعها مخزن أشغال تباع وتحصل أثمانها أمانة باسم جمعية العروة الوثقى التي اطمأنت على حصيلة أموالها لوجودها تحت إشراف ناظر المدرسة السابق وبعد وفاته استمر إشراف السيد الناظر الجديد الذي أقر بأنه باشر مراجعة الأذون عملاً وقام بجرد الخامات أحياناً وهو في ذلك ينفذ توجيه المنشور العام ويلتزم حدوده.
فإذا كان الحكم المطعون فيه قد سجل في أسبابه أن الطاعن قد خالف أحكام المواد 73، 82 مكرراً، 83 من القانون رقم 210 لسنة 1951 وتكون التهمة الإدارية الواردة بحقه في تقرير الاتهام ثابتة قبله ويترتب عليها مجازاته بخصم خمسة عشر يوماً من راتبه. فإن هذا الحكم يكون قد أصاب وجه الحق والعدل ولا سبيل إلى الطعن فيه.


إجراءات الطعن

في 25 من أغسطس سنة 1962 أودع الأستاذ المحامي عن الطاعن السيد/ مصطفى مصطفى مصطفى الفقي ناظر مدرسة الشاطبي الإعدادية الصناعية بالإسكندرية سكرتيرية المحكمة تقرير طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 1559 لسنة 8 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالإسكندرية بجلسة 30 من يونيه سنة 1962 في الدعوى التأديبية المقيدة بالسجل العام تحت رقم 446 لسنة 4 القضائية المقامة من النيابة الإدارية ضد (1) إسماعيل محمد علي الاخطابي أمين مخزن (2) مصطفى مصطفى مصطفى الفقي ناظر مدرسة بالدرجة الرابعة والذي قضى "حكمت المحكمة بفصل إسماعيل محمد علي الاخطابي من الخدمة مع احتفاظه بالمعاش أو المكافأة وحرمانه من مرتبه خلال مدة وقفه ومجازاة مصطفى مصطفى مصطفى الفقي بخصم خمسة عشر يوماً من راتبه". وطلب الأستاذ المحامي عن الطاعن "الفقي" للأسباب التي استند إليها في تقرير طعنه "قبول طعنه شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبراءة الطاعن مما أسند إليه وإلزام الوزارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة" وقد أعلن هذا الطعن إلى وزارة التربية والتعليم في 2/ 9/ 1962 وإلى النيابة الإدارية في 6 من سبتمبر سنة 1962 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 10 من ديسمبر سنة 1962 وبجلسة 11 من يناير سنة 1963 قررت الدائرة التأجيل للمرافعة بجلسة 26 من يناير سنة 1963 ومنها لجلسة 30 من مارس سنة 1963 حيث قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا بجلسة 2 من مايو سنة 1963 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة ثم قررت المحكمة إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من أوراق الطعن تتحصل في أن النيابة الإدارية قد أقامت ضد الطاعن مصطفى مصطفى مصطفى الفقي ناظر مدرسة الشاطبي الإعدادية الصناعية بالإسكندرية وآخرين الدعوى التأديبية رقم 46 لسنة 4 القضائية أمام المحكمة التأديبية لجميع المصالح بالإسكندرية مسندة إلى الطاعن التهمة التأديبية الآتية: أنه في الفترة من يناير سنة 1958 حتى 15 من يناير سنة 1960 بمدرسة الشاطبي الإعدادية الصناعية وبوصفه ناظراً لتلك المدرسة ويشرف على أعمال المتهم الأول أمين المخزن إسماعيل محمد علي الاخطابي قصر في أداء الأعمال المنوط به أداؤها ولم يقم بالإشراف والمراجعة على المتهم الأول كما لم يقم بعمل جرد جزئي على مخزن المشغولات وكان من نتيجة إهماله وعدم إشرافه على مرؤوسيه أن تمكن المتهم الأول من ارتكاب ما نسب إليه وطلبت النيابة الإدارية توقيع الجزاء التأديبي عليه بمقتضى أحكام المواد 73، 82 مكرراً فقرة رابعة، 83 من القانون رقم 210 لسنة 1951 ومحاكمته تأديبياً على مقتضى المادتين 14، 31 من القانون رقم 117 لسنة 1958. وتتحصل وقائع الدعوى التأديبية في أن منطقة الإسكندرية للتربية والتعليم قد أحالت رفق كتابها المؤرخ 11 من يونيو سنة 1960 صورة من القرار النهائي الذي تقدمت به في 19/ 6/ 1960 لجنة شكلت من المفتش الإداري بالمنطقة ومفتش المخازن بها ووكيل مدرسة الشاطبي الإعدادية الصناعية ومندوب جمعية العروة الوثقى لفحص أعمال السيد/ إسماعيل محمد علي الاخطابي أمين مخازن مدرسة الشاطبي الإعدادية الصناعية الحرة المعانة والذي انتهى إلى أن المذكور اختلس مبالغ ومشغولات بلغت جملتها "1717" جنيهاً من أموال الجمعية وقد تبين من تحقيقات النيابة الإدارية أنه في 17/ 11/ 1959 تقدم السيد مفتش ديوان المحاسبات بمذكرة إلى السيد رئيس جمعية العروة الوثقى الخيرية بالإسكندرية مبيناً بها المخالفات التي تكشفت أثناء التفتيش على مخازن المشغولات بمدرسة الشاطبي الإعدادية ومن بينها وجود عجز بالمخازن بلغت قيمته 334.179 جنيه وطلب سيادته لذلك تشكيل لجنة لحصر كافة أوامر التشغيل الخاصة بالمدرسة ومراجعة الأصناف المبيعة على أذون الصرف وقسائم التوريد فأخطرت الجمعية في 19/ 11/ 1959 منطقة التربية والتعليم بالإسكندرية بصورة من مذكرة مفتش ديوان المحاسبات المشار إليها فشكلت المنطقة اللجنة المطلوبة على الوجه المتقدم بيانه وقامت اللجنة بفحص أعمال المتهم الأول "أمين المخازن إسماعيل محمد علي الاخطابي" وثبت لها اختلاسه لمبالغ وصل مجموعها إلى 1717.810 جنيه "قيمة أثمان لمشغولات المدرسة ووجدت عجزاً عند جرد اللجنة ومبالغ استخراج عنها المتهم قسائم بأقل من قيمة المشغولات الحقيقة ومبالغ استخراج عنها قسائم وبها كشط وتزوير وثمن مشغولات ذكر المتهم أرقام قسائم وهمية على أذون صرفها وثمن مشغولات أدعى المتهم إضافتها إلى معرض الجمعية وثمن مشغولات ادعى المتهم إضافتها إلى معرض المدرسة بأذون إضافية وهمية وثمن مشغولات لم يقم بترحيلها بالدفاتر الجديدة وأثمان مشغولات عجز بمعرض الجمعية وثمن مشغولات ادعى المتهم أنها تحت التحصيل وقد أشارت اللجنة في نهاية تقريرها إلى أن تبعة الحادث تنحصر في المتهم الأول من إدارة الجمعية التي لم تضع نظاماً يكفل المحافظة على أموالها ويحكم الرقابة على المتهم كما تمتد إلى المرحوم "فؤاد علي زكي الشماع" ناظر المدرسة السابق الذي قبل القيام بالإعمال المالية والإدارية بالمدرسة وأشرك معه أمين المخزن إسماعيل المتهم الأول في تلك الأعمال حتى يناير سنة 1957 ووقع إلى جانب المذكور على المستندات التي ظهر بها الاختلاس مما يحتمل معه أن يكون شريكاً له. وكذلك السيد/ مصطفى مصطفى مصطفى الفقي ناظر المدرسة الحالي المشرف على أعمال المتهم اعتباراً من يناير سنة 1958 لعدم مراجعته المتحصلات على أذون صرف المشغولات المبيعة ولعدم قيامه بعمل جرد جزئي على مخزن المشغولات كما تبين أن النيابة العامة التي أبلغت بالحادث في حينه قد انتهت إلى قيد جنحة بالمادة 341 عقوبات ضد إسماعيل الاخطابي لأنه في 17/ 11/ 1960 بدائرة قسم باب شرقي بالإسكندرية بدد المبالغ المبينة بتقرير اللجنة المؤرخ 19/ 5/ 1960 المملوكة لجمعية العروة الوثقى والتي لم تسلم إليه إلا على وجه الوديعة فاختلسها إضراراً بالمجني عليها وقدمت الجنحة رقم 11555/ 60 باب شرقي لجلسة 27 من ديسمبر سنة 1960 وما زالت القضية الجنائية منظورة أمام تلك المحكمة.
وبجلسة 30 من يونيه سنة 1962 حكمت المحكمة التأديبية بالإسكندرية "بفصل إسماعيل محمد الاخطابي من الخدمة مع احتفاظه بالمعاش أو المكافأة وحرمانه من مرتبه خلال مدة وقفه ومجازاة مصطفى مصطفى مصطفى الفقي بخصم خمسة عشر يوماً من راتبه". وأقامت قضاءها فيما يتعلق بالطاعن الفقي على أن النيابة الإدارية أسندت إليه وحده أنه في الفترة من يناير سنة 1958 حتى 25 من يناير سنة 1960 بمدرسة الشاطبي الإعدادية الصناعية وبوصفه ناظراً لتلك المدرسة ويشرف على أعمال المتهم الأول إسماعيل أمين المخازن قصر في أداء الأعمال المنوط به أداؤها ولم يقم بالإشراف والمراجعة على المتهم الأول إسماعيل كما لم يقم بعمل جرد جزئي على مخزن المشغولات وكان من نتيجة إهماله وعدم إشرافه على مرؤوسيه أن تمكن المتهم الأول من ارتكاب ما نسب إليه وما أدى إلى إحالته إلى محكمة الجنح وقد دفع الطاعن التهمة المسندة إليه بأن الجمعية هي التي أهملت في المحافظة على أموالها وهي التي مكنت أمين المخازن من الاستيلاء على هذه الأموال والتزوير في القسائم بسبب تهاونها في الجرد ومراجعة أعماله التي توجد دفاترها طرف إدارة الجمعية وأن عمله كان يقتصر على العهد الواردة من الوزارة ونقود النشاط وأثمان الكتب وهذه لم يظهر بشأنها أي عجز واستطرد الحكم التأديبي المطعون فيه يقول أن اللجنة المشكلة لفحص أعمال المتهم الأول إسماعيل قد انتهت في تقريرها إلى مسئولية المرحوم فؤاد علي زكي الشماع ناظر المدرسة السابق الذي قبل القيام بالإعمال المادية والإدارية بالمدرسة وأشرك معه أمين المخزن إسماعيل في تلك الأعمال حتى يناير سنة 1957 ووقع إلى جانب المتهم إسماعيل على المستندات التي ظهر بها الاختلاس مما يحتمل معه أن يكون شريكاً لإسماعيل في الجريمة كما انتهت اللجنة في تقريرها كذلك إلى مسئولية الطاعن الفقي باعتباره مشرفاً على أعمال المتهم الأول من أول يناير سنة 1958 حتى الآن ورأت أنه كان عليه أن يراجع المتحصلات على أذون صرف المشغولات المبيعة عند التوريد للجمعية وعمل جرد جزئي بين الحين والآخر على مخزن المشغولات.
ومن حيث إن هذا الطعن المقدم من المتهم الثاني وحده يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تحديد اختصاص الطاعن ناظر المدرسة بالنسبة إلى عهدة المتهم الأول إسماعيل وما يمكن أن يسأل عنه الناظر الطاعن وما لا وجه لسؤاله عنه فاللجنة الإدارية ومن ورائها المحكمة التأديبية قد خلطت بين عهدة المتهم الأول المملوكة لجمعية العروة الوثقى والجهة المختصة بالإشراف عليها وبين العهدة المملوكة لمنطقة الإسكندرية التعليمية وهذه العهدة الأخيرة هي وحدها التي تحت إشراف الطاعن ولذلك لم يصبها ما أصاب العهدة الأولى من تلاعب واختلاس وتزوير إلخ.. أما الإشارة إلى المنشور العام رقم 311 الصادر في سنة 1956 فقد جاءت في غير محلها لأن مناط الرقابة التي فرضها هذا المنشور هو عمل المرؤوسين الخاضع لإشراف رؤسائهم لا العمل الخاضع لجهة أخرى ليست من مصالح الحكومة وكذلك الإشارة إلى المادة 418 من لائحة المخازن والمشتريات هي بدورها لا صلة لها بواقعة الدعوى لأن الجرد الذي يجريه مدير المخازن إنما يكون لمتعلقات الحكومة وليس لمتعلقات جهة غير حكومية وخلص تقرير الطعن إلى أن إدانة الطاعن الفقي قد قامت على نظر خاطئ في طبيعة وظيفة المتهم الأول اختصاص الطاعن بالإشراف فقط على ما يدخل في اختصاصه وخروج كل ما يتعلق بعهدة جمعية العروة الوثقى عن اختصاصه وانتهى تقرير الطعن إلى طلب الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبراءة الطاعن مما اسند إليه وإلزام الوزارة المصروفات ومقابل الأتعاب.
ومن حيث إنه يتعين بادئ ذي بدء تحديد العلاقة القائمة بين جمعية العروة الوثقى ومدرسة الشاطبي الصناعية الإعدادية التي يقوم الطاعن على نظارتها في جانب من الفترة الممتدة التي وقعت خلالها جرائم الاختلاس والتزوير والتلاعب في أموال وأوراق الجمعية وثابت من الأوراق أنه قد صدر قرار بالاستيلاء النهائي من جانب منطقة التربية والتعليم بمحافظة الإسكندرية على مدرسة الشاطبي الصناعية الإعدادية في 19 من نوفمبر سنة 1960 وكان ذلك نتيجة لعجز الجمعية عن إدارة تلك المدرسة الإعدادية وكذلك الثانوية الصناعية وعجزها عن تمويلها وتقديم الإمكانيات اللازمة لها من خامات وعدد وأدوات وذلك على الرغم من أن الوزارة كانت تعينها في تعيين الناظر والمدرسين الفنيين والإداريين وتدفع مرتباتهم. وثابت أيضاً أن جمعية العروة الوثقى لها مدارس خاصة معانة من الوزارة طبقاً للقانون رقم 160 لسنة 1958 والقرارات المنفذة له يؤكد قيام تلك العلاقة الإدارية وما يترتب عليها من التزام بالإشراف وواجب مباشرة الرقابة المحكمة من جانب الموظف الإداري الرئيسي على من وما يقع تحت هيمنته من مرؤوسين ومخازن وأموال سائبة جارية هي حصيلة لبيع مشغولات الجمعية يؤكد ذلك ما جاء على لسان الطاعن في محضر تحقيق النيابة الإدارية في وقائع الاختلاس والتزوير والتبديد والتلاعب التي قام بها المتهم الأول إسماعيل أمين المخازن فقد وجه المحقق إلى الطاعن السؤال الآتي: لماذا لم تراجع التحصلات على أذون صرف المشغولات المباعة؟ أجاب الطاعن: "كنت أراجع الأذون في الفترة الوجيزة التي قمت بنظارتها ولكن أغلب العجز الموجود كان في خلال الفترة السابقة وأنا استلمت المدرسة في يناير سنة 1958 وقد ظهر العجز واكتشف في نوفمبر سنة 1959 تقريباً". (س): وهل جردت مخزن المشغولات؟. (جـ) كانت الجمعية تقوم سنوياً بجرد المخزن وتحتفظ بكشوف الجرد طرفها. وقد قمت بجرد الخامات أحياناً فكنت أجد بها كميات بسيطة زائدة (س): وهل كنت تجرد مخزن المشغولات جرداً جزئياً خلال السنة (جـ) لا أذكر ذلك. فأغلب المشغولات كانت تباع أولاً بأول". ومفاد ذلك أن الطاعن كان بإقراره يقوم بقسط من الإشراف والمراقبة قل مداه أو زاد فقد باشر الإشراف بالفعل فهو يقول: "كنت أراجع الأذون" ومارس الرقابة عملاً لأنه يقول: "قمت بجرد الخامات أحياناً" وواضح من الأوراق أنه لم يكن في ذلك متفضلاً بالجهد وإنما هو بوصفه ناظراً لتلك المدرسة وخلفاً لسلفه الناظر السابق، استشعر أن من واجب وظيفته أن يقوم بما قام به وأن يؤدي واجبه الذي تمليه اختصاصات وظيفة ناظر المدرسة التي يقوم بأعبائها وفي ذلك قبول فعلي منه ورضاء واضح عملي من جانبه أن يباشر ما سبق لسلفه مباشرته من أعمال فإنكار تقرير الطعن قبول الطاعن القيام بهذا العمل على غرار سلفه بتعارض مع ما سبق أن أدلى به الطاعن في محضر تحقيق النيابة الإدارية من إقرار.
ومن حيث إنه لا جدال في أن المنشور العام رقم 211 الصادر في 13/ 8/ 1956 بشأن اشتراك الرؤساء المباشرين مع مرؤوسيهم فيما يقع من إهمال أو اختلاس هو منشور عام يصادف في وقائع هذه الدعوى مجال تطبيقه فقد جاء في عبارات هذا المنشور "أن وزارة التربية والتعليم أصدرت منشورات متعددة منذ سنة 1928 حتى سنة 1953 نبهت فيها إلى ما لوحظ من تكرار وقوع حوادث التلاعب في حساب الأوراق المدموغة وفي بعض التحصيلات الأميرية وغير الأميرية في المدارس فضلاً عن الإهمال في قيد العهد وضبطها. وإذ تبين أن كل ذلك يرجع في أغلب الحالات إلى ضعف إشراف الرؤساء على الموظفين القائمين بهذه الأعمال وجهت الوزارة نظر السادة نظار المدارس ورؤساء الفروع في المنشور العام رقم 22 لسنة 1928 إلى أنه من الواجب عليهم القيام بجرد خزائن أرباب العهد من وقت لآخر والتأكد من توريد المبالغ المحصلة إلى الخزائن المختصة في حينها مع مراعاة التأشير على آخر قسيمة استخرجت من قسائم التحصيل بما يفيد مراجعة جملة المتحصلات ومطابقتها لحوافظ التوريد كما حذرت الوزارة في منشورها رقم 34 لسنة 1929 السادة نظار المدارس من عدم قيامهم بمراجعة أعمال الموظفين الذين في عهدتهم النقود ارتكاناً منهم على حسن ظنهم بذمة الموظف المنوط به عملية التحصيل أو بدعوى كثرة الأعمال لديهم..." ثم استطرد المنشور العام بقوله: "ولكن الذي يؤسف له أن الإهمال من جانب الجميع قد بلغ حداً لا يمكن التسامح فيه أو الإغضاء عنه بحال من الأحوال ولهذا نوجه النظر إلى أنه عند إجراء بحث أو تحقيق في أية مخالفة مالية أو إدارية سيتناول التحقيق فضلاً عن الموظف المسئول الرؤساء المباشرين في المدارس وفي أقسام المناطق وإدارات الوزارة لينال كل جزاءه بقدر نصيبه من الإهمال أو التراخي. توقيع المنشور: وكيل الوزارة الدائم السيد يوسف في 13/ 8/ 1956". فالمنشور عام وفيه توجيه سديد حازم من وكيل الوزارة إلى نظار المدارس بشأن العهد والمخازن والطاعن ناظر لمدرسة فيها أو ملحق بها أو يتبعها مخزن أشغال تباع وتحصل أثمانها أمانة باسم جمعية العروة الوثقى التي اطمأنت على حصيلة أموالها لوجودها تحت إشراف ناظر المدرسة السابق وبعد وفاته استمر إشراف السيد الناظر الجديد الذي أقر بأنه باشر مراجعة الأذون عملاً وقام بجرد الخامات أحياناً وهو في ذلك ينفذ توجيه المنشور العام ويلتزم حدوده.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ سجل في أسبابه أن الطاعن قد خالف أحكام المواد 73، 82 مكرراً، 83 من القانون رقم 210 لسنة 1951 وتكون التهمة الإدارية الواردة بحقه في تقرير الاتهام ثابتة قبله ويترتب عليها مجازاته بخصم خمسة عشر يوماً من راتبه فإن هذا الحكم يكون قد أصاب وجه الحق والعدل ولا سبيل إلى الطعن فيه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن بالمصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق