جلسة 9 من أكتوبر سنة 1990
برئاسة السيد المستشار/
حسن غلاب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن ومحمود رضوان
نائبي رئيس المحكمة وصلاح عطية ورضوان عبد العليم.
------------------
(156)
الطعن رقم 29273 لسنة 59
القضائية
(1)قتل
عمد. جريمة "أركانها". قصد جنائي. إثبات "بوجه عام". محكمة
الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل أمر خفى. إدراكه
بالأمارات والمظاهر التي تنبئ عنه. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ على
توافر نية القتل في جريمة قتل عمد.
(2) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل"
"تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التناقض الذي يعيب الحكم
ويبطله. ماهيته ؟
(3)قصد جنائي. سبق إصرار. ظروف مشددة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير
معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لا تلازم بين قيام القصد الجنائي
وتوافر سبق الإصرار.
سبق الإصرار ظرف مشدد في جرائم
الاعتداء على الأشخاص.
(4)إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير
الدليل". إكراه. مأمورو الضبط القضائي. دفوع "الدفع ببطلان
الاعتراف". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن.
ما لا يقبل منها".
تقدير صحة الاعتراف
وقيمته في الإثبات. موضوعي.
تقدير محكمة الموضوع عدم
صحة ما ادعاه المتهم من أن اعترافه كان وليد إكراه. لا معقب عليه. ما دامت تقيمه
على أسباب سائغة.
الجدل الموضوعي في تقدير
الدليل غير جائز أمام النقض.
سلطان الوظيفة في حد ذاته
بما يسبغه على صاحبة من اختصاصات. لا يعدو إكراها. ما دام لم يستطل إلى المتهم بأذى
ماديا كان أو معنويا. مجرد الخشية منه لا يعد قرين الإكراه المبطل للاعتراف.
(5)أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". حكم
"تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل عمد.
انتفاء موجب الدفاع الشرعي.
بتوافر سبق الإصرار أو انعقاد الاتفاق على إيقاع الجريمة أو التحيل لارتكابها.
(6)إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير
الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب
الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير القوة التدليلية
لتقرير الخبير. موضوعي.
عدم التزام المحكمة
باستدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته. ما دام أن الواقعة وضحت لديها أو كان الأمر
المطلوب تحقيقه. غير منتج.
------------------
1 - لما كان قصد القتل
أمر خفيا لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات
والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد
من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطة التقديرية، وكان المطعون فيه
قد استظهر نية القتل في قوله "وحيث إن نية القتل قد توافرت في حق المتهمين من
اتفاقهما على نحو ما سلف بيانه على قذف المجنى عليه بالموقد المشتعل ثم غلق الباب
عليه حتى تلهمه النيران قبل أن يتمكن من الخروج والاستنجاد بالأهالي وحتى لا يتمكن
هؤلاء من الدخول إليه لإنفاذه فضلا عن أن الواضح من الاعتراف التفصيلي للمتهة
الثانية أن مقصدها مع المتهم الأول هو التخلص من زوجها المجنى عليه حتى تتمكن من
الزواج من المتهم الأول وهو أمر لا يتأتى إلا بالتخلص نهائيا من المجنى
عليه"، وإذ كان هذا الذي استخلصته المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها هو
استخلاص سائغ وكاف في التدليل على ثبوت توافر نية القتل لدى الطاعنين فانه لا محل للنعي
عليه في هذا الصدد.
2 - التناقض الذي يعيب
الحكم ويبطله هو الذي بين أسبابه بحيث ينفى بعضها ما اثبته البعض الأخرى ولا يعرف
أى الأمرين قصدته المحكمة.
3 - لا تلازم بين قيام
القصد الجنائي وسبق الإصرار فلكل مقوماته فقد يتوافر القصد الجنائي وينتفى في الوقت
ذاته سبق الإصرار الذي هو مجرد ظرف مشدد في جرائم الاعتداء على الأشخاص.
4 - من المقرر أن
الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل
الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها تقدير عدم صحة ما يدعيه المتهم من
أن اعترافه نتيجة إكراه بغير معقب عليه ما دامت تقيمه على أسباب سائغة وكانت
المحكمة قد عرضت لما أثاره الدفاع حول اعتراف الطاعنة واطرحت ما أثير للأسباب
السائغة التي أوردتها وأبانت أنها اقتنعت بصدق ذلك الاعتراف وأنه يمثل الحقيقة فإن
ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن ينحل في واقعة إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما
تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة
النقض. ولا يقدح في هذا ما أثاره الدفاع عن الطاعنة في جلسة المرافعة من وجود أحد
ضباط الشرطة لدى سؤال الطاعنة بتحقيقات النيابة، ذلك أنه من المقرر أنه ليس في حضور
ضابط الشرطة التحقيق ما يعيب إجراءاته، لأن سلطان الوظيفة في ذاته بما يسبغه على
صاحبه من اختصاصات وسلطات لا يعد إكراها ما دام لم يستطل إلى المتهم بالأذى ماديا
كان أو معنويا إذ مجرد الخشية منه لا يعدو من الإكراه المبطل للاعتراف لا معنى ولا
حكما ما لم تستخلص المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها تأثر إرادة المتهم من ذلك
السلطان حين أدلى باعترافه ولما كانت المحكمة استخلصت سلامة اعتراف الطاعنة بتحقيق
النيابة فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد.
5 - من المقرر في صحيح
القانون أنه متى اثبت الحكم التدبير للجريمة سواء بتوافر سبق الإصرار أو انعقاد
الاتفاق على إيقاعها أو التحيل لارتكابها ينتفى حتما موجب الدفاع الشرعي الذي يفترض
ردا حالا لعدوان حال دون الإسلاس له وإعمال الخطة في إنقاذه، وكان الحكم قد اثبت اتفاق
الطاعنين على قتل المجنى عليه وقيامهما بتنفيذ هذا الاتفاق، فلا محل لما أثارته الطاعنة
بهذا الصدد.
6 - من المقرر أن لمحكمة
الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها والفصل
فيما يوجه إليه من اعتراضات وانها لا تلتزم باستدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته ما
دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء أو
كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج، وطالما أن استنادها إلى الرأي الذي انتهى إليه
الخبير هو استناد سليم لا يجافى المنطق والقانون.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعنين بأنهما: قتلا المجنى عليه........ عمدا ومع سبق الإصرار بأن النية وعقدا
العزم على قتله وما أن ظفرا به حتى قام الأول بمقابلته بينما قامت الثانية بمباغته
بأن ألقت عليه موقد كيروسين مشتعل قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة
بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وأحالتهما إلى محكمة جنايات المنيا
لمعاقبتهما طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضوريا
عملاً بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة....... بالأشغال الشاقة المؤبدة
وبمعاقبة...... بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاما عما أسند إليهما. باعتبار أن
جريمة القتل مجردة من سبق الإصرار.
فطعن المحكوم عليهما في هذا
الحكم بطريق النقض... الخ.
المحكمة
حيث إن الطاعنين ينعيان
على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة القتل العمد قد شابه الخطأ في تطبيق
القانون والقصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع
ذلك بأنه قال بتوافر القتل في حق الطاعنين مع أنه نفى عنهما ظرف سبق الإصرار ودلل
على توافر تلك النية بما لا يكفى. كما عول على اعتراف الطاعنة مغفلاً الرد على
الدفع ببطلانه لصدوره تحت تأثير الإكراه الواقع عليهما من جراء حضور الضابط معها
أثناء مباشرة التحقيق. هذا إلى أن الطاعنة قد تمسكت بقيام حالة الدفاع الشرعي
لديها إلا أن الحكم التفت عن الرد على هذا الدفاع ويضاف إلى ذلك أن المحكمة لم
تستجب إلى طلب الدفاع مناقشة الطبيب الشرعي فيما ورد بتقريره من خلو الطاعنة من
أية آثار تدل على وقوع تعذيب عليها كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع
على مدونات الحكم المطعون فيه أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر
القانونية لجريمة القتل العمد الذي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما
أدلة مستقاة من اعترافهما بتحقيقات النيابة. ومن تقرير الصفة التشريحية وتحريات
الشرطة وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك،
وكان لما كان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف
المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره
في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع في حدود سلطة
التقديرية، وكان المطعون فيه قد استظهر نية القتل في قوله "وحيث إن نية القتل
قد توافرت في حق المتهمين من اتفاقهما على نحو ما سلف بيانه على قذف المجنى عليه
بالموقد المشتعل ثم غلق الباب عليه حتى تلتهمه النيران قبل أن يتمكن من الخروج
والاستنجاد بالأهالي وحتى لا يتمكن هؤلاء من الدخول إليه لإنفاذه فضلاً عن أن
الواضح من الاعتراف التفصيلي للمتهة الثانية أن مقصدها مع المتهم الأول هو التخلص
من زوجها المجنى عليه حتى تتمكن من الزواج من المتهم الأول وهو أمر لا يتأتى إلا
بالتخلص نهائيا من المجنى عليه. " وإذ كان هذا الذي استخلصته المحكمة من ظروف
الدعوى وملابساتها هو استخلاص سائغ وكاف في التدليل على ثبوت توافر نية القتل لدى
الطاعنين فإنه لا محل للنعي عليه في هذا الصدد. لما كان ذلك، وكان التناقض الذي يعيب
الحكم ويبطله هو الذي بين أسبابه بحيث ينفى بعضها ما اثبته البعض الأخر ولا يعرف أي
الأمرين قصدته المحكمة، وكان مفاد ما أورده الحكم أن المحكمة وإن اطمأنت إلى توافر
نية القتل في الواقعة إلا أنها من وجه آخر قد أيقنت بابتعاد عنصر سبق الإصرار لما
يبين من أن الحادث لم يكن مسبوقا بفترة من الزمن تسمح للجاني بإعمال الفكر في هدوء
وروية - وهو استخلاص سائغ لا تناقض فيه. ذلك بأنه لا تلازم بين قيام القصد الجنائي
وسبق الإصرار فلكل مقوماته فقد يتوافر القصد الجنائي وينتفى في الوقت ذاته سبق الإصرار
الذي هو مجرد ظرف مشدد في جرائم الاعتداء على الأشخاص. وإذ كان ما قاله الحكم
المطعون فيه في نفى سبق الإصرار لا ينفى نية القتل فإن قالة التناقض والتخاذل
تنحسر عن الحكم المطعون فيه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل
الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها
وقيمتها في الإثبات فلها تقدير عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن اعترافه نتيجة إكراه
بغير معقب عليه ما دامت تقيمه على أسباب سائغة وكانت المحكمة قد عرضت لما أثاره
الدفاع حول اعتراف الطاعنة واطرحت ما أثير للأسباب السائغة التي أوردتها وأبانت أنها
اقتنعت بصدق ذلك الاعتراف وأنه يمثل الحقيقة فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن
ينحل في واقعة إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع ولا
تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض. ولا يقدح في هذا ما
أثاره الدفاع عن الطاعنة في جلسة المرافعة من وجود أحد ضباط الشرطة لدى سؤال
الطاعنة بتحقيقات النيابة، ذلك أنه من المقرر أنه ليس في حضور ضابط الشرطة التحقيق
ما يعيب إجراءاته، لأن سلطان الوظيفة في ذاته بما يسبغه على صاحبه من اختصاصات
وسلطات لا يعد إكراها ما دام لم يستطل إلى المتهم بالأذى ماديا كان أو معنويا إذ
مجرد الخشية منه لا يعدو من الإكراه المبطل للاعتراف لا معنى ولا حكما ما لم
تستخلص المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها تأثر إرادة المتهم من ذلك السلطان حين
أدلى باعترافه ولما كانت المحكمة استخلصت سلامة اعتراف الطاعنة بتحقيق النيابة فإن
ما ينعاه الطاعنان على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان من
المقرر في صحيح القانون أنه متى اثبت الحكم التدبير للجريمة سواء بتوافر سبق الإصرار
أو انعقاد الاتفاق على إيقاعها أو التحيل لارتكابها ينتفى حتما موجب الدفاع الشرعي
الذي يفترض رداً حالاً لعدوان حال دون الإسلاس له وإعمال الخطة في إنفاذه، وكان
الحكم قد أثبت اتفاق الطاعنين على قتل المجنى عليه وقيامهما بتنفيذ هذا الاتفاق،
فلا محل لما أثارته الطاعنة بهذا الصدد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة
الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها والفصل
فيما يوجه إليه من اعتراضات وأنها لا تلتزم باستدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته ما
دام أن الواقعة قد وضحة لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء أو
كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج، وطالما أن استنادها إلى الرأي الذي انتهى إليه
الخبير هو استناد سليم لا يجافى المنطق والقانون، وإذ كانت المحكمة - في الدعوى
الماثلة قد استخلصت من التقرير الطبي الموقع على الطاعنة خلوها من أية آثار تدل
على وقوع تعذيب عليها, وكان ما أوردته في مدونات حكمها وفى ردها على دفاع الطاعنة
ما يبرر رفض طلبها استدعاء الطبيب الشرعي، ومن ثم فلا تثريب عليها إذا هي لم تستجب
إلى هذا الطلب ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد. لما كان ما تقدم فإن
الطعن يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق