الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

السبت، 21 يونيو 2025

الطعن 892 لسنة 2015 ق جلسة 18 / 1 / 2016 جزائي دبي مكتب فني 27 ق 1 ص 13

جلسة الاثنين 18 يناير 2016
برئاسة السيد القاضي/ عبد العزيز عبد الله الزرعوني رئيس الدائرة وعضوية السادة القضاة: مصطفى عطا محمد الشناوي، مصبح سعيد ثعلوب، محمود مسعود متولي شرف ومحمود فهمي سلطان.
-----------------
(1)
الطعن رقم 892 لسنة 2015 "جزاء"
(1) حكم "بيانات الحكم" "تسبيب الحكم: تسبيب غير معيب".
عدم رسم القانون شكلا خاصا لصياغة الحكم. كفاية تفهم الواقعة بأركانها وظروفها من مجموع ما أورده الحكم. م 216 إجراءات.
(2) إثبات "الأدلة في المواد الجزائية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة". حكم "تسبيبه: تسبيب غير معيب".
المحاكمات الجنائية العبرة فيها هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه. له أن يستمد من أي دليل يطمئن إليه. طالما كان له مأخذه الصحيح من أوراق الدعوى المطروحة على بساط البحث. استناد محكمة الموضوع في حكمها لذات الأدلة في إدانة المتهمين في ذات الواقعة. لا عيب. متى اطمأنت إليها ووجدت فيها ما يقنعها بارتكاب الجريمة. سلامة الحكم. لا يؤثر فيه أن يكون قد نسب إلى متهم خلاف ما نسب إلى متهم آخر. ما دامت الأدلة تصلح في حد ذاتها كدليل للإدانة فيما ارتكبه المتهمون من جرائم. تقدير الدليل. من سلطة محكمة الموضوع.
(3) اشتراك. تزوير. جريمة "أركانها". محكمة الموضوع "سلطتها في الجرائم: في جريمة التزوير". حكم "تسبيبه: تسبيب غير معيب".
الاشتراك في التزوير. تمامه غالبا دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة. كفاية استخلاص المحكمة حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها. ما دام سائغا. تحدث الحكم صراحة واستقلالا عن كل ركن من أركان الجريمة. غير لازم. ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه للقاضي أن يكون عقيدته في جريمة التزوير دون التقيد بدليل معين.
(4) رشوة. قصد جنائي. جريمة "أركانها".
موظف عام. ثبوت قيام الطاعن بعرض الرشوة على الموظف العام. يتحقق به معني حمل الموظف على الإخلال بواجبات وظيفته. عرض الرشوة على الموظف العام بالقول الصريح أو المباشر. غير لازم. كفاية أن يكون من خلال وسيط. القصد الجنائي. مناط توافره. استظهار الحكم القصد الجنائي على استقلال. غير لازم. ما دامت وقائع الحكم تفيد بذاتها توافره.
(5) قانون "تفسيره".
القوانين الجنائية. وجوب التحرز في تفسيرها والتزام الدقة في ذلك وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل. وضوح عبارة القانون. وجوب اعتبارها تعبيرا صادقا عن إرادة المشرع. عدم جواز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل.
(6) رشوة. موظف عام.
عبارة الطلب أو القبول. قاصرة على الجاني المرتشي سواء كان موظفا عاما أو غير موظف عام. المواد 234 – 235 – 236 - 236 مكرر- 237 مكرر عقوبات. تعلق المادة 237 من ذات القانون بالراشي العارض أو الواعد أو الوسيط بينهما وبين الموظف العام أو غير العام المرتشي. مؤداه. معاقبة الموظف العام وغير الموظف العام بعقوبة الغرامة النسبية الذي يقوم من جانبه الطلب أو القبول. أثر ذلك. خروج كل من عارض الرشوة على الموظف العام أو غيره أو الواعد بها أو من توسط بينه وبين العارض من سياق نص المادة 238 عقوبات.
-----------------------
1 - المقرر أن القانون لم يرسم شكلا خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كما هو الحال في الدعوى المطروحة كافيا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان هذا محققا لحكم القانون بحسب ما تقضي به المادة 216 من قانون الإجراءات الجزائية.
2 - المقرر أن العبرة في المحاكمات الجزائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه وأن يستمد اقتناعه من أي دليل يطمئن إليه طالما كان له مأخذه الصحيح من أوراق الدعوى المطروحة على بساط البحث تحت نظر الخصوم، ولا ضير على محكمة الموضوع إذ هي استندت في حكمها لذات الأدلة في أدانت متهمين في ذات الواقعة متى اطمأنت إليها ووجدت فيها ما يقنعها بارتكابه الجريمة المسندة إليه ولا يؤثر من بعد في سلامة الحكم أن يكون قد نسب إلى متهم خلاف ما نسب إلى متهم آخر ما دامت الأدلة تصلح في حد ذاتها كدليل للإدانة فيما ارتكبه المتهمون من جرائم وللمحكمة تقدير الدليل المستمد من ذلك بجميع الظروف المحيطة به كما تفعل بالنسبة إلى سائر الأدلة.
3 - المقرر أن الاشتراك في التزوير يتم غالبا دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة وبالتالي فإنه يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد استخلصت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها متى كان استخلاصها سائغا تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم ولا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالا عن كل ركن من أركان الجريمة ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه وللقاضي أن يكون عقيدته في جريمة التزوير دون التقيد بدليل معين.
4 - إذ كان ما أثبته الحكم الابتدائي المكمل والمؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه في حق الطاعن من أنه قد قام بعرض الرشوة على الموظف العام مأمور جوازات لدى قطاع شؤون المنافذ بالإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب فإن في ذلك ما يتحقق به معني حمل الموظف على الإخلال بواجبات وظيفته ولا يشترط في هذا العرض أن يكون الطاعن قد عرض الرشوة على الموظف العام بالقول الصريح أو المباشرة بل يكفي أن يكون ذلك دون أن يتحدث إلى الموظف العام إلا من خلال وسيط ويتوافر القصد الجنائي في هذه الجريمة بما هو معروف في القانون بالعلم والإرادة ولا يشترط أن يستظهر الحكم هذا الركن على استقلال ما دامت الوقائع كما أثبتها الحكم تفيد بذاتها توافره.
5 - المقرر أنه يجب التحرز في تفسير القوانين الجزائية والتزام الدقة في ذلك وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل وأنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها فإنه يجب أن تعد تعبيرا صادقا عن إرادة المشرع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير والتأويل أيا كان الباعث على ذلك.
6 - إذ كان البين من نص المادة 238 من قانون العقوبات الاتحادي أنه بدأ بعبارة (وجوب الحكم على الجاني في جميع الأحوال المبينة في المواد السابقة بغرامة تساوي ما طلب أو قبل على ألا تقل عن ألف درهم) بما مفاده أن عبارة الطلب أو القبول جاءت قاصرة على الجاني المرتشي سواء كان موظفا عاما أو غير موظف عام وذلك بصريح عبارات نصوص المواد 234 – 235 – 236 - 236 مكرر - 237 مكرر عقوبات في حين أن المادة 237 من ذات القانون قد جاءت متعلقة بالراشي العارض أو الواعد أو الوسيط بينهما وبين الموظف العام أو غير الموظف العام المرتشي وهو ما يعني عزوف المشرع عن معاقبة هؤلاء بعقوبة الغرامة النسبية وقصرها على الموظف العام وغير الموظف العام الذي يقوم من جانبه الطلب أو القبول ولا يتصور قيامه من المذكورين وبذلك يكون المشرع قد أخرج كلا من عارض الرشوة على الموظف العام أو غيره أو الواعد بها أو من توسط بينه وبين العارض من سياق نص المادة 238 عقوبات.
--------------
الوقائع
وحيث إن النيابة العامة اتهمت:
1 ........... 2 ..........
لأنهما خلال الفترة من 10/11/2011 حتى 8/7/2012 بدائرة مركز شرطة المطار.
أولا - المتهم الثاني فقط:
1- عرض عطية على موظف عام (مأمور جوازات) لدى قطاع شؤون المنافذ بالإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب وهو المتهم الأول المذكور أعلاه لحمله على أداء عمل من أعمال الوظيفة وذلك بأن عرض عليه في عدة مرات مختلفة مبالغ مالية بلغت جملتها 600.227 درهما مقابل إدخال بيانات لحركات مغادرة لعدد 569 شخصا أجنبيا مخالفا من جنسيات مختلفة واردة أسماؤهم في الأوراق وتسديد قيودهم بمغادرتهم الدولة على خلاف الواقع عن طريق التزوير بمستندات إلكترونية في النظام المعلوماتي الإلكتروني المعمول به في تلك الإدارة وذلك بإدخال بيانات غير صحيحة بما يفيد مغادرتهم للدولة رغم وجودهم وبقائهم فيها دون المغادرة الفعلية وكذلك بإدخاله تواريخ مغادرة سابقة للمخالفين منهم لإسقاط الغرامات عنهم إخلالا بواجباته الوظيفية، على النحو المبين بالأوراق.
2- اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول المذكور أعلاه في ارتكاب الجريمتين الواردتين أدناه في الوصفين (2، 3) من البند الثاني فوقعت هاتان الجريمتان بناء على ذلك الاتفاق وتلك الأعمال المساعدة، على النحو المبين بالأوراق.
ثانيا - المتهم الأول:
1- حال كونه موظفا عاما (مأمور جوازات لدى قطاع شؤون المنافذ بالإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب طلب وقبل لنفسه عطية من المتهم الثاني المذكور أعلاه لأداء عمل من أعمال الوظيفة وذلك بأن طلب وقبل لنفسه في عدة مرات مختلفة مبالغ مالية بلغت جملتها (227.600) درهم مقابل إدخال بيانات لحركات مغادرة لعدد (569) شخصا أجنبيا مخالفا من طرف المتهم الثاني من جنسيات مختلفة واردة أسماؤهم في الأوراق وتسديد قيودهم بمغادرتهم للدولة على خلاف الواقع عن طريق التزوير بمستندات إلكترونية في النظام المعلوماتي الإلكتروني المعمول به في تلك الإدارة وذلك بإدخال بيانات غير صحيحة بما يفيد مغادرتهم للدولة رغم وجودهم وبقائهم فيها دون المغادرة الفعلية وكذلك بإدخاله تواريخ مغادرة سابقة للمخالفين منهم لإسقاط الغرامات عنهم إخلالا بواجباته الوظيفية على النحو المبين بالأوراق.
2- زور في مستندات إلكترونية رسمية (مستندات إلكترونية تابعة للإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب) وذلك بأن استغل صلاحياته كموظف لدى قطاع المنافذ في تلك الإدارة في صالة القادمين والمغادرين بالمبنى رقم 3 لمطار دبي الدولي بالدخول إلى النظام المعلوماتي الإلكتروني المعمول به لديهم باستخدام رقمه وأحقية مروره وأرقام وأحقية عدد أربعة من زملائه بالعمل ومن ثم الدخول إلى ملفات إلكترونية لعدد (569) شخصا أجنبيا مخالفا من طرف المتهم الثاني وهم من جنسيات مختلفة واردة أسماؤهم بالأوراق وتسديد القيود عنهم بإدخال بيانات بمغادرتهم للدولة على خلاف الواقع وكذلك بإدخال تواريخ مغادرة سابقة للمخالفين منهم لإسقاط الغرامات عنهم، على النحو المبين بالأوراق.
3- استعمل المستندات الإلكترونية المزورة الواردة في الوصف (2) وذلك بتخزينها في النظام المعلوماتي في الإدارة الواردة في الوصف أولا وإبلاغ المتهم الثاني بشأن عدد 569 معاملة والذي بدوره أبلغ أصحاب تلك المعاملات عنها، على النحو المبين بالأوراق.
وطلبت معاقبتهما بالمواد (5/ 1، 6، 7، 82/ 1، 121/ 1، 216/ 7، 218/ 1، 234، 237/ 1، 238) من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لعام 1987م وتعديلاته لغاية 2006م والمواد (1، 14/ 3، 23، 25، 26) من القانون الاتحادي رقم 2 سنة 2006م في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات.
وبتاريخ 29/7/2013م حكمت محكمة أول درجة حضوريا للأول وغيابيا للثاني بمعاقبة كل من ..... و..... بالحبس لمدة سنتين عما أسند إليهما وبتغريمهما مبلغا مساويا لمبلغ الرشوة والبالغ قدره مائتان وسبعة وعشرون ألف وستمائة درهم (227.600) درهم.
لم يرتض المحكوم عليه ...... هذا الحكم فطعن عليه بالاستئناف رقم 5862/ 2013م.
وبتاريخ 20/11/2013م حكمت محكمة الاستئناف بقبول استئنافه شكلا وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف بالاكتفاء بحبس المتهم لمدة ستة أشهر عما أسند إليه وبمحو التسجيلات المزورة وبتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك.
طعن المحكوم عليه ...... في هذا الحكم بالتمييز رقم 827/ 2013م.
وبتاريخ 17/2/2014م حكمت محكمة التمييز برفض الطعن.
وإذ قدم المحكوم عليه غيابيا ..... نفسه لتنفيذ أمام محكمة أول درجة دائرة الجنايات.
وبتاريخ 28/5/2015م حكمت محكمة أول درجة (دائرة الجنايات) حضوريا بمعاقبة ..... بالحبس لمدة ستة أشهر عما نسب إليه وبتغريمه مبلغ 227.600 درهم بالتضامن مع المتهم الأول الذي سبق الحكم عليه وبمحو البيانات الإلكترونية المزورة.
لم يرتض المحكوم عليه .... هذا الحكم فطعن عليه بالاستئناف رقم 4364/ 2015م، وبتاريخ 11/11/2015م حكمت المحكمة برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
طعن المحكوم عليه ..... في هذا الحكم بالتمييز الماثل بموجب تقرير مؤرخ 10/12/2015م مرفق به مذكرة بأسباب الطعن موقع عليها من محاميه الموكل طلب فيها نقضه.
--------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وتلاوة تقرير التلخيص الذي أعده السيد القاضي/ ..... وسماع المرافعة والمداولة قانونا.
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون لاستناد الحكم في إدانة الطاعن لذات الأدلة التي استند إليها في إدانة المتهم الأول التي لا تصلح أن تكون دليلا ضد الطاعن لكونه قدم للمحاكمة على أساس كونه راشيا وليس طالب رشوة أو عطية وقبوله لها كما أن تلك الأدلة لا تحمل في طياتها أي صورة من صور عرض الرشوة والرسائل لا تخص أيا من المخالفين الصادر بشأنهم كتاب ..... وهو ما التفت عنه الحكم دون تحقيق دفاعه الجوهري في هذا الشأن وعرض الرشوة لا بد أن تكون بالقول الصريح وأن يأتي الشريك فعلا إيجابيا يتجاوب صداه مع الجاني مع توافر القصد الجنائي المنتفي لدى الطاعن وقضى بعقوبة الغرامة على الطاعن خلافا لنص المادة 238/ 1 عقوبات التي لم يتضمن النص على توقيع عقوبة الغرامة على من يعرض الرشوة على الموظف العام أو المكلف بخدمة عامة مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المكمل والمؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لها معينها الصحيح بأوراق الدعوى ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة مما شهد به الوكيل .... بأمن المنافذ الجوية والبحرية والبرية بالإدارة العامة لإقامة وشؤون الأجانب ومما ثبت من مستخرجات جهاز الحاسب الآلي بالإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب ومما ثبت من مستخرجات شركة الاتصالات ومما ثبت من كشف الأسماء الأشخاص الذين تم تسديد حركات مغادرة لهم من الدولة وما ثبت من الكشف المتضمن بيان الشركات السياحية التي يتبعها الأشخاص الذي تم تسديد حالتهم ومما ثبت من كتاب الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية المؤرخ 21/6/2012م وما ثبت من كتاب شركة ..... المؤرخ 14/10/2012م وما ثبت من تقرير الأمن المؤرخ 8/1/2012م لما كان ذلك وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلا خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كما هو الحال في الدعوى المطروحة كافيا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان هذا محققا لحكم القانون بحسب ما تقضي به المادة 216 من قانون الإجراءات الجزائية وكان من المقرر أن العبرة في المحاكمات الجزائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه وأن يستمد اقتناعه من أي دليل يطمئن إليه طالما كان له مأخذه الصحيح من أوراق الدعوى المطروحة على بساط البحث تحت نظر الخصوم ولا ضير على محكمة الموضوع إذ هي استندت في حكمها لذات الأدلة في إدانته متهمين في ذات الواقعة متى اطمأنت إليها ووجدت فيها ما يقنعها بارتكابه الجريمة المسندة إليه ولا يؤثر من بعد في سلامة الحكم أن يكون قد نسب إلى متهم خلاف ما نسب إلى متهم آخر ما دامت الأدلة تصلح في حد ذاتها كدليل للإدانة فيما ارتكبه المتهمون من جرائم والمحكمة تقدير الدليل المستمد من ذلك بجميع الظروف المحيطة به كما تفعل بالنسبة إلى سائر الأدلة. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أطمأن من جماع ما حصله من أدلة المطروحة عليه على بساط البحث إلى ارتكاب الطاعن للجرائم المسندة إليه فمن ثم فإن ما يثيره الطاعن من جدل حول تقدير ما أخذت به محكمة الموضوع من أدلة وهو من إطلاقاتها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاشتراك في التزوير يتم غالبا دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة وبالتالي فإنه يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد استخلصت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها متى كان استخلاصها سائغا تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم ولا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالا عن كل ركن من أركان الجريمة ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه وللقاضي أن يكون عقيدته في جريمة التزوير دون التقيد بدليل معين. لما كان ذلك، وكانت المحكمة اطمأنت من ظروف الدعوى وملابساتها على ثبوت ارتكاب الطاعن والمتهم الآخر التزوير المنسوبة إليهما والتي أدينا بها فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان ما أثبته الحكم الابتدائي المكمل والمؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه في حق الطاعن من أنه قد قام بعرض الرشوة على الموظف العام مأمور جوازات لدى قطاع شؤون المنافذ بالإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب فإن في ذلك ما يتحقق به معنى حمل الموظف على الإخلال بواجبات وظيفته ولا يشترط في هذا العرض أن يكون الطاعن قد عرض الرشوة على الموظف العام بالقول الصريح أو المباشرة بل يكفي أن يكون ذلك دون أن يتحدث إلى الموظف العام إلا من خلال وسيط ويتوافر القصد الجنائي في هذه الجريمة بما هو معرف في القانون بالعلم والإرادة ولا يشترط أن يستظهر الحكم هذا الركن على استغلال ما دامت الوقائع كما أثبتها الحكم تفيد بذاتها توافره كما في الدعوى المطروحة ومن ثم يكون صحيحا ما انتهى إليه الحكم بتوافر أركان الجريمة المسندة إلى الطاعن ويكون نعيه على الحكم في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب التحرز في تفسير القوانين الجزائية والتزام الدقة في ذلك وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل وأنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها فإنه يجب أن تعد تعبيرا صادقا عن إرادة المشرع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير والتأويل أيا كان الباعث على ذلك. لما كان ذلك، وكان البين من نص المادة 238 من قانون العقوبات الاتحادي أنه بدأ بعبارة وجوب الحكم على الجاني في جميع الأحوال المبينة في المواد السابقة بغرامة تساوي ما طلب أو قبل على ألا تقل عن ألف درهم بما مفاده أن عبارة الطلب أو القبول جاءت قاصرة على الجاني المرتشي سواء كان موظفا عاما أو غير موظف عام وذلك بصريح عبارات نصوص المواد 234 – 235 – 236 - 236 مكرر- 237 مكرر عقوبات في حين أن المادة 237 من ذات القانون قد جاءت متعلقة بالراشي العارض أو الواعد أو الوسيط بينهما وبين الموظف العام أو غير الموظف العام المرتشي وهو ما يعني عزوف المشرع عن معاقبة هؤلاء بعقوبة الغرامة النسبية وقصرها على الموظف العام وغير الموظف العام الذي يقوم من جانبه الطلب أو القبول ولا يتصور قيامه من المذكورين وبذلك يكون المشرع قد أخرج كلا من عارض الرشوة على الموظف العام أو غيره أو الواعد بها أو من توسط بينه وبين العارض من سياق نص المادة 238 عقوبات. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المكمل والمؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بمعاقبة الطاعن عارض الرشوة بالحبس لمدة سنتين عما أسند إليه وتغريمه بالتضامن مبلغا مساويا لمبلغ الرشوة والبالغ (227.600) درهم فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه نقضا جزئيا وتصحيحه بالنسبة للطاعن والحكم بإلغاء ما قضى به من غرامة وتأييد الحكم فيما عدا ذلك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق