جلسة 16 من ديسمبر سنة 2004
برئاسة
السيد
المستشار/ مصطفى الشناوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين /
أحمد عبد القوي أيوب ورضا القاضي وأبو بكر البسيوني أبو زيد وعبد الرسول
طنطاوي نواب رئيس المحكمة
----------
(124)
الطعن 37227 لسنة 73 ق
(1) أسباب
الإباحة وموانع العقاب " الإعفاء من العقوبة". عقوبة " الإعفاء
منها " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ". نقض " أسباب الطعن
. ما لا يقبل منها". مواد مخدرة .
الإعفاء وفقاً للمادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960. حالاته؟
تصدي المحكمة لبحث توافر الإعفاء .
يكون بعد إسباغها الوصف القانوني الصحيح
على الواقعة .
(2) محكمة الموضوع
" سلطتها في تقدير جدية التحريات" . مواد مخدرة . قصد جنائي . حكم
" ما لا يعيبه في نطاق التدليل " " تسبيبه . تسبيب غير معيب
".
لمحكمة
الموضوع أن ترى في تحريات وأقوال الضابط ما يكفي لإسناد واقعة حيازة و أحراز
الجوهر المخدر للمتهم ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذه الحيازة كانت بقصد الإتجار
دون أن يعد ذلك تناقضاً في حكمها.
(3) دفوع " الدفع
ببطلان إذن التفتيش" . تفتيش "إذن التفتيش. إصداره ". محكمة
الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ". حكم " تسبيبه .تسبيب غير معيب
". نقض " أسباب الطعن. ما لا يقبل منها " . بطلان. مواد مخدرة .
صدور إذن التفتيش استناداً إلى ما جاء
بالتحريات من حيازة الطاعن للمخدر . مفاده : أن الجريمة وقعت بالفعل .
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع
ببطلان الإذن بالتفتيش لصدوره عن جريمة مستقبلة.
(4) دفوع "
الدفع ببطلان إذن التفتيش" . تفتيش "إذن التفتيش. إصداره ". محكمة
الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ". حكم " تسبيبه .تسبيب غير معيب
". نقض " أسباب الطعن. ما لا يقبل منها " . بطلان. مواد مخدرة .
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار
الإذن بالتفتيش . موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع
ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات.
(5) استدلالات .
نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " . محكمة الموضوع " سلطتها
في تقدير جدية التحريات ".
عدم بيان مصدر المخدر ونوعه
والمترددين على مسكن الطاعن ومن يشاركه هذا المسكن . غير قادح بذاته في جدية
التحريات .
(6) إثبات "
بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ". حكم
" تسبيبه .تسبيب غير معيب ". نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها
" .
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية .
حق المحكمة في الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية .
(7) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ".
محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل ". دفوع " الدفع بصدور
الإذن بعد القبض والتفتيش ".
الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد
الضبط. موضوعي. يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن
أخذاً بالأدلة التي أوردها الحكم.
مثال .
(8) دفوع " الدفع ببطلان إذن التفتيش". حكم "
تسبيبه .تسبيب غير معيب ". نقض " أسباب الطعن. ما لا يقبل منها "
" الصفة في الطعن" . بطلان.
لا صفة لغير من وقع عليه القبض أن
يدفع ببطلانه ولو كان يستفيد منه . علة ذلك ؟
الطعن بالبطلان على الدليل المستمد من
قبض أو تفتيش باطل . غير جائز إلا ممن شرعت الأوضاع القانونية لحمايتهم .
(9) إثبات " شهود " " اعتراف" . محكمة
الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " " سلطتها في تقدير أقوال
الشهود " . إكراه .
قول متهم علي آخر . حقيقته شهادة .
للمحكمة التعويل عليها .
(10) دفوع "
الدفع ببطلان إذن التفتيش" . تفتيش "إذن التفتيش. إصداره ". محكمة
الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ". حكم " تسبيبه .تسبيب غير معيب
". نقض " أسباب الطعن. ما لا يقبل منها " . بطلان. مواد مخدرة .
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع
ببطلان إذن القبض والتفتيش لعدم جدية التحريات.
(11) نقض " أسباب الطعن . ما
لا يقبل منها " . إجراءات "إجراءات التحقيق".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصلح أن يكون سبباً للطعن على
الحكم .
(12) دفوع "
الدفع ببطلان القبض والتفتيش" . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل
". حكم " تسبيبه .تسبيب غير معيب ". نقض " أسباب الطعن. ما لا
يقبل منها " . بطلان.
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع
ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن.
(13) اختصاص
" الاختصاص المكاني" . مأمورو الضبط القضائي " اختصاصاتهم " .
دفوع " الدفع بعدم الاختصاص".
تمتع مفتشي
الإدارة العامة للمباحث الجنائية بمديرية الأمن بصفة
الضبط القضائي لكافة الجرائم التي تقع
بدائرة المديرية . أساس ذلك ؟
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع
ببطلان إجراءات القبض والتفتيش لتجاوز الضابط حدود الإذن وصلاحياته واختصاصه
المكاني بغير ضرورة .
(14) مأمورو
الضبط القضائي " سلطاتهم " . دفوع " الدفع ببطلان الإجراءات".
بطلان . قبض .
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع
ببطلان الإجراءات برمتها لوقوع الفعل بناء على تحريض من رجال الشرطة .
(15) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع "
سلطتها في تقدير الدليل ". نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".
حق المحكمة أن تكون عقيدتها مما تطمئن
إليه من أدلة وعناصر الدعوى .
المجادلة في تقدير الدليل . لا يجوز
إثارتها أمام محكمة النقض .
(16) إثبات " بوجه عام "" شهود ". محكمة
الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى ""
سلطتها في تقدير أقوال الشهود ". نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها
".
حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة
الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها سواء من الأدلة المباشرة أو
بالاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية . مادام سائغاً .
وزن أقوال الشهود . موضوعي .
أخذ المحكمة بأقوال الشهود . مفاده ؟
الجدل الموضوعي . لا تجوز إثارته أمام
محكمة النقض .
(17) قانون " القانون الأصلح ".
القانون رقم
95 لسنة 2003 . أصلح للمتهم . أساس وأثر ذلك ؟
-------------------
1 – من المقرر أن الأصل وفقاً للمادة 48 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل أن
الإعفاء قاصر على العقوبات الواردة بالمواد 33 ، 34 ، 35 منه وكان تصدي المحكمة
لبحث توافر هذا الإعفاء أو انتفاء مقوماته إنما يكون بعد إسباغها الوصف القانوني
الصحيح على واقعة الدعوى ، وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره ، وبذلك لا يكون هناك محل
لما يثيره الطاعن في هذا الشأن .
2 - من المقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من
سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات وأقوال الضابط ما يكفي لإسناد واقعة حيازة
وإحراز جوهر ونبات مخدر لدى الطاعن ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان
بقصد الاتجار دون أن يعد ذلك تناقضاً في حكمها . ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في
هذا الشأن يكون في غير محله .
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض
لدفع الطاعن ببطلان إذن النيابة بالتفتيش لصدوره عن جريمة مستقبلة ورد عليه في
قوله : " وحيث إنه عن الدفع المبدى من المتهم الأول ببطلان إذن النيابة
بالتفتيش بقالة أنه صدر لضبط جريمة مستقبلة لم يتحقق مقارفتها فمردود بأن المحكمة
يطمئن وجدانها كل الاطمئنان إلى جدية وكفاية ما كشفت عنه التحريات السابقة على إذن
التفتيش والتي تضمنتها ورقة التحري وما كشف عنه من أن المتهم يحوز ويحرز مواد
مخدرة في غير الأحوال المصرح بها قانوناً ومن ثم فلقد قامت تلك التحريات والدلائل
الكافية وقرائن الأحوال التي ترجح معها مقارفة المتهم لتلك الجريمة ، ومن ثم فلقد
صح إصدار إذن التفتيش لضبط أدلة تلك الجريمة التي تحقق مقارفة المتهم لها بما
تنتفي معه مظنة أن الإذن قد صدر عن جريمة لم تتحقق وقوعها ويضحى الدفع على غير سند
من الواقع خليق برفضه " ، فإن مفهوم ذلك أن الإذن قد صدر لضبط جريمة تحقق
وقوعها من مقارفها لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة ، وإذ انتهى الحكم إلى رفض
الدفع ببطلان الإذن على هذا الأساس فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون .
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض
لدفع الطاعن ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات ورد عليه في قوله : "
وحيث إنه عن الدفع ببطلان إذن القبض والتفتيش بقالة ابتنائه على تحريات غير جدية
وغير صحيحة بقالة أن ما ذهب إليه الضابط من مراقبة للمتهم الأول ومسكنه مراقبة
مستمرة إبان التحري لا تتفق مع المنطق والمعقولية بحسبان أنه مدرس وقدم شهادة تفيد
عدم انقطاعه عن العمل ، فضلاً عن أن ذات الضابط كان يتولى التحري في الجناية رقم
.... لسنة 2002 والمتهم فيها المدعو.... والثابت بها أن الضابط هو بذاته الذي حرر
محضر التحريات في تلك الجناية واستصدر إذن التفتيش في ذات فترة التحري التي أجراها
وقدم حافظة طويت على صورة فوتوغرافية من تلك الجناية . فمردود بأن المحكمة
باستقرائها لمحضر التحريات المحرر بتاريخ ... بمعرفة الشاهد الأول وما تضمنه من أن
تحرياته السرية التي أجراها بمعرفته واستقاها من مصادره السرية وتأكدت لديه
بمراقبة المتهم .... مراقبة شخصية أسفرت عن حيازته وإحرازه لمواد مخدرة في غير
الأحوال المصرح بها قانوناً يطمئن وجدانها كل الاطمئنان إلى جديتها وكفايتها وتقر
النيابة العامة فيما ذهبت إليه من اتخاذها مسوغاً كافياً لإصدار إذن التفتيش لضبط
أدلة تلك الجريمة التي قامت الدلائل الكافية بموجب التحريات على مقارفة المتهم لها
والكشف عن مبلغ اتصاله بها وثقة من
المحكمة في عناصر التحري التي أجراها
الضابط والتي قامت بموجبها قرائن الأحوال والدلائل الكافية على حيازة وإحراز
المتهم لمواد مخدرة في غير الأحوال المصرح بها قانوناً ، ولا تغير في ذلك النظر ما
قدمه الدفاع من شهادة رسمية تفيد عدم انقطاع المتهم عن عمله إبان فترة المراقبة
بحسبان أنها لا تطمئن إلى مصداقيتها ، أما ما أشار إليه الدفاع من معاصرة التحري
عن الدعوى الماثلة للمتحرى في الجناية الأخرى التي قدم صورة منها فإنه لا ينال من
مصداقية الضابط فيما أجراه من تحري ثقة من المحكمة في حديثه وكفايته ويضحى الإذن
مسبوقاً بجد التحري في سياج من الشرعية الإجرائية بمنأى عن البطلان " . لما
كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش
هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق وتحت إشراف محكمة
الموضوع ، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت - على ما سلف بيانه - بتوافر مسوغات إصدار
هذا الإذن وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن ، فإنه لا معقب عليها فيما
ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون .
5 - لما كانت المحكمة قد سوغت الأمر
بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة
لا ينازع الطاعن في أن لها أصلاً ثابتاً بالأوراق وكان عدم بيان مصدر المخدر ونوعه
والمترددين على الطاعن بمسكنه ومن يشاركه بهذا المسكن تحديداً في محضر الاستدلال
لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات .
6 – من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل
النفي ولو حملته أوراق رسمية مادام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة
التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى فإن ما يثيره الطاعن
في هذا الصدد يكون لا محل له .
7 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض
لدفع الطاعن ببطلان القبض والتفتيش لحصوله قبل صدور إذن النيابة العامة ورد عليه
في قوله : " وحيث إنه عن الدفع المبدى من المتهم الأول ببطلان القبض والتفتيش
بقالة أنه وقع قبل الإذن وفي غير حالات التلبس معولاً في ذلك على ما قال به المتهم
الأول بالتحقيقات من أنه قبض عليه بمسكنه عند الساعة الثالثة مساء يوم الضبط بيد
أن إذن التفتيش صدر الساعة السادسة والنصف مساء ذات اليوم ، فمردود بأن المحكمة
يطمئن وجدانها إلى ما شهد به الشاهد الأول بشأن ميقات القبض على المتهم أنه كان
عند الساعة السابعة والنصف مساءاً لتنفيذ إذن النيابة بالقبض والتفتيش وأسفر ذلك
التفتيش عن ضبط المخدر سالف الذكر في حيازة المتهم بمسكنه ولا تطمئن إلى ما قاله المتهم
ودفاعه من بعد في هذا الصدد وقد انحلت إلى دفاع مرسل انحسر عنه الدليل على
مصداقيته ومن ثم فإن القبض والتفتيش وما أسفر عنه من دليل تم تنفيذاً لإذن سلطة
التحقيق وأثر من آثاره بمنأى عن البطلان " . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن
الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان
المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن أخذاً بالأدلة التي أوردتها وكانت المحكمة
قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات وصحة تصويره للواقعة وأن الضبط كان بناء على إذن
النيابة العامة بالتفتيش فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي
في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة
عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض .
8 - من المقرر أنه لا صفة لغير من وقع
في شأنه القبض والتفتيش أن يدفع ببطلانه ، ولو كان يستفيد منه ، لأن تحقق المصلحة
لاحق لوجود الصفة فيه ، كما أنه من المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أنه لا يجوز
الطعن بالبطلان في الدليل المستمد من القبض أو التفتيش لسبب عدم مراعاة الأوضاع
القانونية المقررة لذلك إلا ممن شرعت هذه الأوضاع لحمايتهم ، وكان الإذن بالتفتيش
خاصاً بالمحكوم عليه الآخر فإنه لا يقبل من الطاعن الدفع ببطلان الإذن الصادر
بالتفتيش لأنه لا صفة له في التحدث عن ذلك ، ويكون كافة ما يثيره في هذا الخصوص
غير مقبول . هذا فضلاً عن أن المحكمة قد ردت على هذا الدفع من الطاعن ومن المتهم
الأول رداً سليماً سائغاً .
9 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض
لدفع الطاعن ببطلان اعتراف المتهم الأول ضده لكونه وليد إكراه مادي ومعنوي ، ورد
عليه في قوله : " وحيث إنه عما ذهب إليه الدفاع عن الثاني من قالة بإكراه
وضغط تعرض له المتهم الأول من رجال الضبط بقصد الإيقاع بالمتهم الثاني فمردود أن
المحكمة سبق أن قالت كلمتها بشأن ما أثاره الدفاع عن الأول من ادعاء بإكراه مادي
ومعنوي أوقعه رجال الضبط على المتهم الأول أثمر عن إقراره بالحيازة وإخباره عن
المتهم الثاني وخلصت المحكمة في قضائها إلي انتفاء مظنة الإكراه وتطمئن إلى أن ما
أخبر به المتهم الأول بشأن الثاني كان من خلال إرادة حرة واعية ومبادرة تطوعية من
المتهم الأول سيما وأن ما ذهب إليه الدفاع لينحل إلى أنه قول مرسل لا دليل على
صحته والمحكمة تلتفت عنه " ، لما كان من المقرر أن أقوال متهم على آخر هي في
حقيقة الأمر شهادة يسوغ للمحكمة أن تعول عليها في الإدانة متى وثقت فيها وارتاحت
إليها . وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال المحكوم
عليه الآخر في تحقيقات النيابة العامة ومحضر الضبط وأنها صدرت منه عن إرادة حرة
ودون إكراه وعولت على تلك الأقوال في قضائها بالإدانة ، فإن ما ينعاه الطاعن في
هذا الصدد لا يكون سديداً .
10 - لما كان الحكم المطعون فيه بعد
أن بين واقعة الدعوى عرض لدفع الطاعن ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات ورد
عليه في قوله : " وحيث إنه عن الدفع ببطلان إذن القبض والتفتيش المبدى من
الدفاع عن المتهم الثاني بقالة أن الإذن غير مسبوق بتحريات جدية مشروعة وأن ما
توصل إليه الشاهد الثاني من معلومات استقاها من خلال حديث المتهم الأول مع الثاني
تليفونياً تنصت عليه بما يرديه في حومة الجريمة المؤثمة بالمادة 309 عقوبات ويبطل
الإذن ويهدر الدليل المستمد من تنفيذه بحسبانه أنه وقع باطلاً كما يهدر الدليل
المستمد من شهادة من أجراه ، فمردود بما يلي : أولاً : أنه من المستقر عليه قضاءً
أن ما يجرمه القانون بشأن تفتيش الأشخاص ويرتب عليه بطلان الدليل المستمد منه هو
التفتيش أو البطلان على خلاف الأوضاع التي رسمها القانون أما إذا كان مأمور الضبط
القضائي أو رجل السلطة العامة قد حصل على الدليل من غير طريق التفتيش أو القبض كأن
يكون المتهم قد تخلى من تلقاء نفسه طواعية واختياراً عن المخدر فإن ضبط هذا المخدر
من بعد التخلي عنه ثم الاستشهاد به في الدعوى كدليل على أن المتهم الذي كان يحمله
يكون صحيحاً لا بطلان فيه حتى ولو لم تكن الجريمة متلبساً بها . وإذ كان ما تقدم
وكانت صورة ضبط المخدر المنسوب إلى المتهم الثاني كما استخلصتها المحكمة على النحو
سالف البيان ثقة منها واطمئناناً إلى ما شهد به المقدم .... المفتش بإدارة المباحث
الجنائية ..... أنه على أثر ما تلقاه من معلومات من المتهم الأول كشفت عن حيازة
وإحراز المتهم الثاني لمواد مخدرة كان قد عرضها على المتهم الأول في يوم الضبط
وكان محدداً لتسليمها للأخير في ذات اليوم ، فإن طلب الضابط من المتهم الأول
مجاراة المتهم الثاني حتى يتم ضبطه والانتقال وإعداد الأمكنة لضبط أدلة تلك
الجريمة المبلغ بها في سياج من الشرعية طواعية كما تفرضه عليه واجبات الوظيفة
بمقتضى المادة 21 من قانون الإجراءات الجنائية عن الكشف عن الجرائم والتوصل إلى
مرتكبها ومن ثم فكل إجراء يقوم به في هذا السبيل يعتبر صحيحاً منتجاً لأثره مادام
لم يتدخل بفعله في خلق الجريمة أو التحريض على مقارفتها وطالما بقيت إرادة الجاني
حرة غير معدومة وكانت صورة الضبط كما اطمأنت إليها المحكمة أن الضابط ترصد المتهم
الثاني خفية ليرقب واقعة تسليمه المخدر للمتهم
الأول تنفيذاً لاتفاقهما وقد حضر المتهم الثاني طواعية واختياراً منه إلى مكان
الضبط والتقى بالمتهم الأول وذهب طواعية واختياراً بمعزل عن رجال الضبط الذين لم
يكن يعلم برصدهم له وفتح حقيبة سيارته وأخرج منها الحقيبة التي تحتوي على المخدر
وتخلى عنها طواعية وسلمها للمتهم الأول تنفيذاً لاتفاقهما وكان ذلك تحت مراقبة
الضابط القائم بالضبط دون أن يتدخل أي من رجال الضبط بعمل من شأنه التأثير على
إرادة المتهم الثاني يدفعه إلى التخلي عن حقيبة المخدر وتسليمها للمتهم الأول فإن
ما قام به مأمور الضبط القضائي من ضبط تلك الحقيبة مع المتهم الأول واستيقافه لها
أنها تحوي على مخدر حق له ضبطه وضبط المتهم الثاني ويصح الأخذ بما أسفر عنه ذلك
الضبط كدليل قبل المتهم الثاني تم الحصول عليه في سياج من الشرعية الإجرائية
بحسبان أن ضبط المخدر كان مترتباً على تخلي المتهم الثاني تخلياً إرادياً قبل أن
يباشر الضابط أياً من صلاحياته المبينة بإذن التفتيش ومن ثم فإن الدليل الذي تحصل
عليه لم يكن ثمرة من ثمار إذن التفتيش أو مسبوقاً بقبض أو لتفتيش أوقعه الضابط على
المتهم الثاني أي كان وجه الرأي فيه . والمحكمة ثقة منها في قالة الشاهد الثاني
بتحقيقات النيابة العامة يطمئن وجدانها كل الاطمئنان إلى أن الحقيبة التي ضبطت
وتحتوي على سبع لفافات من مخدر البانجو ضبطت بعد أن كان المتهم الثاني محرزاً لها
وتخلي عنها طواعية بمكان الضبط وهي بذاتها التي أخرجها بإرادته الحرة وسلمها إلى
المتهم الثاني وهي أيضاً التي ضبطها الشاهد الثاني بعد تخلي المتهم الثاني عنها
للمتهم الأول وتم ذلك من خلال مراقبة تامة لرجل الضبط هذا بالإضافة إلى أن المحكمة
يطمئن وجدانها إلى ما تحصل عليه الضابط من معلومات بشأن حيازة وإحراز المتهم الثاني
لمخدر كان مرده في الأصل إبلاغاً شفوياً أدلى به المتهم الأول إلى الشاهد الأول
بمناسبة ضبط الثاني للأول محرزاً لمواد مخدرة وكان ذلك الإبلاغ الشفوي صادراً عن
إرادة حرة تطوع به المتهم الأول ولم يكن مصدره الحديث التليفوني بحسبان أن المحكمة
يطمئن وجدانها إلى ما شهد به الشاهد الأول بشأن ما أخبره به المتهم الأول من
معلومات مفادها أن المتهم الثاني كان بصدد تسليم كمية من المخدرات إلى المتهم
الأول في ذات يوم الضبط وكانت تلك الأقوال التي أدلى بها المتهم الأول شفاهة هي
بذاتها الأقوال التي رددها على مسامع الشاهد الثاني حال مناقشته وتلك الأقوال
بذاتها مادام الضابط قد أنس لديها كانت كافية لإصدار إذن التفتيش بمعزل عن ذلك
الحديث التليفوني الذي هو محل جدل من الدفاع بشأن مشروعيته بحسبان أنه ما أسفر إلا عن تأكيد لميقات ومكان التقاء المتهم الأول
والثاني تنفيذاً لعرض مسبق من الثاني على الأول ولعل من نافلة القول أن المحكمة
وقد آخذت المتهم بوصف الإحراز المجرد من القصود فإنها لم تعول على ما أسفر عنه
حديث المتهمين الأول والثاني تليفونياً بشأن الاتفاق على ترويج المخدر والثمن
والكمية الذي قد يكون تدليلاً على قصد الاتجار وهو ما لم تأخذ المحكمة به ومن ثم
انحسرت عن المجادلة بشأن مشروعية ذلك الحديث وما أسفر عنه ما يحقق مصلحة تغير وجه
النظر في الدعوى " ، وهو رد كاف وسائغ لإطراح دفع الطاعن في هذا الصدد ويتفق
مع صحيح القانون .
11 - لما كان البين من محضر جلسة
المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئاً مما ينعاه في أسباب طعنه عن استجواب المتهم الأول
بمعرفة مأمور الضبط القضائي فليس له من بعد أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة
النقض ، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا
يصلح أن يكون سبباً للطعن .
12 - لما كان الحكم المطعون فيه قد
عرض لدفع الطاعن ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن وأطرحه في قوله :
" وحيث إنه عما أثاره الدفاع من جدل حول وجود إذن التفتيش في حوزة الضابط عند
الضبط فمردود بما يلي : " من المستقر عليه قضاءً أنه غير لازم وجود ورقة
الإذن بيد مأمور الضبط القضائي المنتدب للتفتيش وقت إجراءه ، فضلاً عن ذلك فإن
المحكمة خلصت إلى أن الضبط للمخدر الذي نسبته إلى المتهم الثاني كان تأسيساً على
تخلي المتهم الثاني طواعية واختياراً بعد أن توافرت لدى الضابط من خلال المعلومات
التي استقاها ومن خلال مشاهدة المتهم الثاني وما فرط منه ما يقطع بجلاء بإحراز
المتهم الثاني للمخدر المضبوط ". لما كان ذلك ، فإن ما أورده الحكم لإطراح
الدفع ببطلان القبض والتفتيش يكون قد صادف صحيح القانون ويضحى منعى الطاعن في هذا
الخصوص غير سديد .
13 - لما كان الحكم المطعون فيه قد
عرض لدفع الطاعن ببطلان إجراءات القبض والتفتيش لتجاوز الضابط حدود الإذن
وصلاحياته واختصاصه المكاني بغير ضرورة في قوله : " وحيث إنه عن الدفع المبدى
من المتهم الثاني ببطلان إجراءات القبض والتفتيش بقالة أن الضابط قد تجاوز اختصاصه
المكاني وصلاحياته المحددة بإذن التفتيش بقالة أن إذن التفتيش حدد أن يتم الضبط
بدائرة قسم ..... بيد أن الضبط تم بدائرة قسم ..... التي تبعد عن اختصاص الضابط المكاني بحسبان أنه بمقتضى صلاحياته الوظيفية
يختص بالإشراف على وحدات البحث الجنائي بقسم .... - .... وليس من بينها قسم ....
فمردود بما يلى : أولاً : أنه من المستقر عليه قضاءً وقانوناً أن الأصل أن اختصاص
مأموري الضبط القضائي مقصور على الجهات التي يؤدون فيها وظائفهم طبقاً للمادة 23
من قانون الإجراءات الجنائية إلا أنه وقد بدأ الضابط الإجراء في دائرة اختصاصه
المكاني وصادف الضابط المأذون له بالتفتيش ما يستوجب تعقب المتهم المأذون لضبط
شخصه وتفتيشه كأن يكون قد حاول الهرب إلى خارج دائرة اختصاصه المكاني فإن ذلك يعد
ظرفاً اضطرارياً مفاجئاً يجعله يجاوز اختصاصه المكاني لضبط الجريمة مادامت لا توجد
وسائل أخرى لتنفيذ إذن الضبط والتفتيش إذ لا يسوغ مع هذه الظروف وحالة الضرورة أن
يقف مأمور الضبط القضائي مغلول اليدين إزاء المتهم المنوط به تفتيشه لمجرد أنه خرج
خارج حدود اختصاصه المكاني . إذ كان ما تقدم وكانت صورة الواقعة كما استخلصتها
المحكمة لثقة منها في أقوال الشاهد الثاني أنه بعد أن ترصد المتهم الثاني بدائرة
قسم .... في المكان المحدد لتسليم المخدر إلي الثاني فوجئ من خلال اتصال المتهم
الأول بالثاني تليفونياً أن الأخير عمد فجأة إلى تغيير المكان إلى موقع عند مقهى
..... بدائرة قسم ..... وكان الميقات المحدد لإذن التفتيش ست ساعات من ميقات
إصداره فإن المحكمة ترى فيما حاق بالضابط من ظروف أمراً يشكل ظروفاً طارئة وحالة
من حالات الضرورة تخوله تجاوز ذلك الاختصاص سيما وأن الدفاع لا يماري في اختصاص
الضابط المكاني الذي بدأ منه الإجراء وهو دائرة قسم ..... . ثانياً : لعل من نافلة
القول أن الثابت من كتاب مديرية أمن ..... بشأن الإفادة باختصاص الشاهد الثاني
الوظيفي وقت الضبط أنه أحد مفتشي الإدارة العامة لمباحث مديرية أمن ..... ومن ثم
فهو تابع لمديرها وحكمدارها فإنه بذلك له صفة مأمور الضبط القضائي بوجه عام
بالنسبة لجميع الجرائم بدائرة المديرية ولا يؤثر في ذلك أن يكون مدير الأمن قد
أسند إلى ذلك الضابط بوجه خاص الإشراف على بعض وحدات البحث الجنائي بأقسام الشرطة
وليس من بينها قسم .... الذي تم فيه الضبط لأن ذلك ليس من شأنه أن ينتزع صلاحياته
من حيث الاختصاص المكاني التي يستمدها من القانون طبقاً بما تقضي به المادة 38
إجراءات جنائية ومن ثم فإن ما ذهب إليه في هذا الصدد فيه مجافاة لصحيح القانون
خليق برفضه " . لما كان ذلك ، وكانت حالة الضرورة التي وصفها الحكم قد أوجدها
الطاعن بصفة وهي التي دعت الضابط إلى القيام بضبط هذا الطاعن بمكان الضبط ، ولما كانت المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية فضلاً عن
أنها منحت الضباط العاملين بمصلحة الأمن العام وفي شعب البحث الجنائي بمديريات
الأمن سلطة عامة وشاملة في ضبط جميع الجرائم فإنها كذلك قد خولتهم هذه السلطة في
كافة أنحاء الجمهورية . لما كان ذلك ، وكان القائم بالضبط مفتش بإدارة المباحث
الجنائية بمديرية أمن ...... على النحو المار بيانه فإنه يكون غير صحيح في القانون
النعي ببطلان الإجراءات في هذا الصدد .
14 - لما كان الحكم المطعون فيه قد
عرض لدفع الطاعن ببطلان الإجراءات برمتها لوقوع الفعل بناء على تحريض من رجال
الشرطة ورد عليه في قوله : " وحيث إنه عن ما ذهب إليه الدفاع عن المتهم
الثاني من دفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش بقالة أنها وليدة إجراء تحريضي من
الضابط أوقعه على المتهم الأول بقصد الإيقاع بالمتهم الثاني فمردود أنه من المقرر
قانوناً لمأمور الضبط القضائي بمقتضى صلاحياته المستمدة من القانون بالكشف عن
الجرائم والتوصل إلى معاقبة مرتكبها ما لم يتدخل بفعله في خلق الجريمة أو التحريض
على مقارفتها وطالما بقيت إرادة الجاني حرة غير معدومة فلا تثريب على مأمور الضبط
القضائي أن يصطنع في تلك الحدود من الوسائل البارعة ما يسلس لمقصوده في الكشف عن
الجريمة ولا تتصادم مع أخلاق الجماعة . إذ كان ذلك وكانت صورة الواقعة كما
استخلصتها المحكمة أن الشاهد الثاني نما إلى علمه من المتهم الأول أن المتهم
الثاني لديه كمية من المخدرات كان قد عرض عليه أمر استلامها منه من قبل إلى موعد
محدد فانتقل الضابط صحبة المتهم وترصد المتهم الثاني في الميقات والمكان المحدد فأخرج
المتهم الثاني الحقيبة التي تحتوي على المخدر وسلمها طواعية للمتهم الأول فألقى
الضابط القبض على المتهم الثاني بعد ضبط الحقيبة مع المتهم الأول ولعثوره بها على
مخدر ، فإن ما قام به الضابط يكون في حماية من الشرعية الإجرائية انحسرت عنه قالة
التحريض على الجريمة مادام كان إحراز المتهم الثاني للمخدر عملاً إرادياً وتسليمه
والتخلي عنه للثاني اختيارياً ودون أن يأتي الضابط ما من شأنه أن يدفعه إلى ذلك
الإحراز أو التخلي الذى قارفه المتهم الثاني طواعية واختياراً " . لما كان
ذلك ، وإذ كان الحكم قد أوضح - في حدود سلطته التقديرية - رداً على الدفع بأن
الواقعة تمت بتحريض ضباط الشرطة . أن الجريمة وقعت بإرادة الطاعن وبالترتيب الذى
وضعه لها وأن ما اتخذه ضابط الشرطة من إجراءات لضبطه في هذه الواقعة بعد التبليغ عنها
من المتهم الأول لم يكن بقصد التحريض على ارتكابها بل كان لاكتشافها وليس من شأنه أن يؤثر في قيام الجريمة ذاتها . فإن منعاه على الحكم في
خصوص رفضه هذا الدفع يكون في غير محله .
15 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن
تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر في الدعوى ، وكانت المحكمة قد استخلصت
من الأدلة السائغة التي أوردتها إلى أن ما تحصل عليه الضابط من معلومات بشأن حيازة
وإحراز المتهم الثاني للمخدر كان مرده في الأصل إبلاغاً شفوياً أدلى به المتهم
الأول إلى الشاهد الأول بمناسبة ضبط الثاني للأول محرزاً لمواد مخدرة وكانت تلك
الأقوال التي أدلى بها المتهم الأول شفاهة هي بذاتها الأقوال التي رددها على مسامع
الشاهد الثاني حال مناقشته تلك الأقوال بذاتها مادام الضابط قد أنس لديها كانت
كافية لإصدار الإذن بالتفتيش وأطرحت في حدود سلطتها التقديرية دفاع الطاعن في شأن
المحادثة الهاتفية التي تمت بين المتهم الأول والمتهم الثاني . فإن ما يثيره
الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في مسائل واقعية تملك محكمة
الموضوع التقدير فيها بلا معقب عليها من محكمة النقض .
16 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن
تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة
الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى
مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصل في
الأوراق وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل
القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات ، كل ذلك مرجعه
إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير
معقب ، ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات
التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وإذ كانت المحكمة في الدعوى الماثلة
وقد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة من أن الطاعن قد تخلى
اختياراً عن النبات المخدر المضبوط فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل
موضوعي وهو مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها
في شأنه أمام محكمة النقض .
17 - لما كان الحكم المطعون فيه قد
قضى بمعاقبة الطاعنين بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة سبع سنوات وكان قد صدر من بعد
القانون رقم 95 لسنة 2003 بتعديل بعض أحكام قانوني العقوبات والإجراءات الجنائية ونص في مادته الثانية
على أن تلغى عقوبة الأشغال الشاقة أينما وردت في قانون العقوبات أو في أي قانون أو
نص عقابي آخر ويستعاض عنها بعقوبة " السجن المؤبد " إذا كانت مؤبدة
وبعقوبة " السجن المشدد " إذا كانت مؤقتة وهو ما يتحقق به معنى القانون
الأصلح للمتهم في حكم المادة الخامسة من قانون العقوبات . لما كان ذلك ، فإنه
يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه عملاً بنص المادة 35 من القانون
رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض بجعل العقوبة
المقضي بها " السجن المشدد " بالإضافة إلى عقوبتي الغرامة والمصادرة
المقضي بهما ورفض الطعن فيما عدا ذلك .
------------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين أنهما:
المتهم الأول : أ - حاز بقصد الاتجار جوهر الحشيش المخدر في غير الأحوال المصرح
بها قانوناً . ب - حاز بغير ترخيص سلاحاً أبيض " سكين " بغير مسوغ من
الضرورة الشخصية أو الحرفية . المتهم الثاني : أحرز بقصد الاتجار نبات الحشيش
المخدر وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً .
وأحالتهما إلى محكمة جنايات ....
لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً
بالمواد 1/1 ، 29 ، 38/ 1 ، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم
122 لسنة 1989 والبند رقم 1 من الجدول الخامس الملحق بالقانون الأخير بالنسبة
للمتهمين والبند 57 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 بالنسبة للمتهم الأول بمعاقبة
المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات وبتغريم كل منهما مائتي ألف جنيه ومصادرة
المخدر المضبوط باعتبار أن الإحراز مجرد من القصود .
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم
بطريق النقض ...... إلخ .
--------------------
المحكمة
أولاً : عن الطعن المقدم من الطاعن
الأول " .... " .
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم
المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة جوهر ونبات الحشيش المخدرين بغير قصد
الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه الفساد في الاستدلال والقصور في
التسبيب وانطوى على الإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون والتناقض ، ذلك
بأنه نفي عن الطاعن قصد الاتجار الذي شمله أمر الإحالة مما حال بينه وبين الإفادة
من الإعفاء المنصوص عليه في المادة 48 من القانون 182 لسنة 1960 باعتبار أنه أرشد
عن الطاعن الثاني وتم ضبطه ورد الحكم على هذا الدفاع بما لا يسوغ ، كما عول في
الإدانة على تحريات الشرطة وأقوال الضابط شاهد الإثبات بينما لم يعتد بها عند
التحدث عن قصد الاتجار ونفي توافره في حق الطاعن ، كما دفع المدافع عن الطاعن ببطلان
إذن التفتيش لصدوره عن جريمة مستقبلة ولقيام الإذن على تحريات غير جدية لأن مراقبة
المتهم ومسكنه إبان التحري مراقبة مستمرة لا تتفق مع المنطق والمعقولية بحسبان أنه
مدرس . وقدم شهادة تفيد عدم انقطاعه عن العمل فضلاً عن معاصرة التحري في الدعوى
الماثلة للتحري في جناية أخرى كما لم يحدد نوع المخدر الذي يتجر به ومصدر حصوله
عليه والمترددين عليه بالوكر الذي قرر به ضابط الواقعة ومكان هذا الوكر ومن يشاركه
فيه . وقد رد الحكم على هذا الدفع بما لا يصلح رداً ، كما اطرح دفاعه ببطلان القبض والتفتيش لحصوله قبل صدور إذن النيابة
العامة بدلالة تقارب الوقت بين استصدار الإذن وتنفيذه بما لا يسوغ به اطراحه . وكل
ذلك مما يعيب الحكم ويوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين
واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة حيازة جوهر ونبات
الحشيش المخدرين وأورد على ثبوتها في حق الطاعن أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها
، عرض لقصد الاتجار واطرحه بقوله : " وحيث إنه عن قصد المتهم الأول من حيازة
ما ضبط لديه في مسكنه من مخدر فإن المحكمة لا تساير النيابة العامة فيما ذهبت إليه
بوصف الاتهام وكذلك بالنسبة للمتهم الثاني بشأن ما أحرزه من نبات مخدر وآية ذلك أن
المحكمة لا تجد من أوراق الدعوى ثمة دليلاً كافياً للوصول بقناعتها إلى مرتبة
الجزم واليقين لإسناد قصد معين إلى أي من المتهمين من وراء حيازة الأول لما ضبط لديه
من مخدر وإحراز الثاني للمخدر المضبوط بعد أن تخلى عنه سواءً كان الاتجار أو
التعاطي أو الاستعمال الشخصي ، ومن ثم فإن المحكمة تأخذهما باليقين في أمرهما
باعتبار أن حيازة الأول وإحراز الثاني للمخدر كان عارياً من تلك القصود جميعها ،
ولا يغير من ذلك النظر بالنسبة للمتهم الأول ما أسفرت عنه التحريات وما شهد به
مجريها بالتحقيقات من اتجار المتهم الأول بالمخدر بحسبان أن التحريات بذاتها لا
تنهض دليلاً جازماً في هذا المقام وتنحل إلى أنها لا تعدو إلا أن تكون رأياً
لصاحبها يتطرق إليه الاحتمال ومن ثم فإن المحكمة تسقطها من عقيدتها في مقام
الاستدلال في هذا الشق من الدعوى " ، ثم مضى الحكم إلى الرد على ما أثاره
الطاعن من تمسكه بالإعفاء المنصوص عليه في المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960
بقوله : " وحيث إنه عن طلب المتهم الأول إعفاءه من العقاب عملاً بنص المادة
48/2 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بقالة أنه أرشد إرشاداً جدياً أسفر عن ضبط
المتهم الثاني فمردود بأن ذلك الطلب قد انحسرت عنه مسوغات قبوله بحسبان أن مناط
توافره أن يثبت في حق المتهم إحدى الجرائم المؤثمة بالمواد 33 ، 34 ، 35 من
القانون المطبق ، ولما كان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه
النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم فهو ليس نهائياً وعلى المحكمة أن ترد
الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم وكانت المحكمة قد خلصت في قضائها
إلى تعديل وصف التهمة الأولى والثانية بالنسبة للمتهم الأول إلى حيازة المخدر
المضبوط بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي المعاقب عليها بمقتضى
المادة 38 من القانون المطبق ومن ثم فلقد انحسرت عن الواقعة التي حوكم المتهم بها
شرائط تطبيق المادة 48 من القانون المطبق " . لما كان ذلك ، وإذ كان الأصل
وفقاً للمادة 48 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل أن الإعفاء قاصر على العقوبات
الواردة بالمواد 33 ، 34 ، 35 منه وكان تصدي المحكمة لبحث توافر هذا الإعفاء أو
انتفاء مقوماته إنما يكون بعد إسباغها الوصف القانوني الصحيح على واقعة الدعوى ،
وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره وبذلك لا يكون هناك محل لما يثيره الطاعن في هذا
الشأن . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من
سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات وأقوال الضابط ما يكفي لإسناد واقعة حيازة
وإحراز جوهر ونبات مخدر لدى الطاعن ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان
بقصد الاتجار دون أن يعد ذلك تناقضاً في حكمها . ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في
هذا الشأن يكون في غير
محله . لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن ببطلان إذن
النيابة بالتفتيش لصدوره عن جريمة مستقبلة ورد عليه في قوله : " وحيث إنه عن
الدفع المبدى من المتهم الأول ببطلان إذن النيابة بالتفتيش بقالة أنه صدر لضبط
جريمة مستقبلة لم يتحقق مقارفتها فمردود بأن المحكمة يطمئن وجدانها كل الاطمئنان
إلى جدية وكفاية ما كشفت عنه التحريات السابقة على إذن التفتيش والتي تضمنتها ورقة
التحري وما كشف عنه من أن المتهم يحوز ويحرز مواد مخدرة في غير الأحوال المصرح بها
قانوناً ومن ثم فلقد قامت تلك التحريات والدلائل الكافية وقرائن الأحوال التي ترجح
معها مقارفة المتهم لتلك الجريمة ، ومن ثم فلقد صح إصدار إذن التفتيش لضبط أدلة
تلك الجريمة التي تحقق مقارفة المتهم لها بما تنتفي معه مظنة أن الإذن قد صدر عن
جريمة لم تتحقق وقوعها ويضحى الدفع على غير سند من الواقع خليق برفضه " ، فإن
مفهوم ذلك أن الإذن قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من مقارفها لا لضبط جريمة
مستقبلة أو محتملة ، وإذ انتهى الحكم إلى رفض الدفع ببطلان الإذن على هذا الأساس
فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض
لدفع الطاعن ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات ورد عليه في قوله : "
وحيث إنه عن الدفع ببطلان إذن القبض والتفتيش بقالة ابتنائه على تحريات غير جدية
وغير صحيحة بقالة أن ما ذهب إليه الضابط من مراقبة للمتهم الأول ومسكنه مراقبة
مستمرة إبان التحري لا تتفق مع المنطق والمعقولية بحسبان أنه مدرس وقدم شهادة تفيد
عدم انقطاعه عن العمل فضلاً عن أن ذات الضابط كان يتولى التحري في الجناية رقم
.... لسنة ..... والمتهم فيها المدعو.... والثابت بها أن الضابط هو بذاته الذي حرر
محضر التحريات في تلك الجناية واستصدر إذن التفتيش في ذات فترة التحري التي أجراها
وقدم حافظة طويت على صورة فوتوغرافية من تلك الجناية . فمردود بأن المحكمة
باستقرائها لمحضر التحريات المحرر بتاريخ ..... بمعرفة الشاهد الأول وما تضمنه من
أن تحرياته السرية التي أجراها بمعرفته واستقاها من مصادره السرية وتأكدت لديه
بمراقبة المتهم .... مراقبة شخصية أسفرت عن حيازته وإحرازه لمواد مخدرة في غير
الأحوال المصرح بها قانوناً يطمئن وجدانها كل الاطمئنان إلى جديتها وكفايتها وتقر
النيابة العامة فيما ذهبت إليه من اتخاذها مسوغاً كافياً لإصدار إذن التفتيش لضبط
أدلة تلك الجريمة التي قامت الدلائل الكافية بموجب التحريات على مقارفة المتهم لها
والكشف عن مبلغ اتصاله بها وثقة من المحكمة في عناصر التحري التي أجراها الضابط
والتي قامت بموجبها قرائن الأحوال والدلائل
الكافية على حيازة وإحراز المتهم لمواد مخدرة في غير الأحوال المصرح بها قانوناً
ولا تغير في ذلك النظر ما قدمه الدفاع من شهادة رسمية تفيد عدم انقطاع المتهم عن
عمله إبان فترة المراقبة بحسبان أنها لا تطمئن إلى مصداقيتها ، أما ما أشار إليه
الدفاع من معاصرة التحري عن الدعوى الماثلة للمتحرى في الجناية الأخرى التي قدم
صورة منها فإنه لا ينال من مصداقية الضابط فيما أجراه من تحري ثقة من المحكمة في
حديثه وكفايته ويضحى الإذن مسبوقاً بجد التحري في سياج من الشرعية الإجرائية بمنأى
عن البطلان " . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات
وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى
سلطة التحقيق وتحت إشراف محكمة الموضوع ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت - على ما سلف
بيانه - بتوافر مسوغات إصدار هذا الإذن وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن ،
فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون . ولما كانت المحكمة
قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التى
سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعن في أن لها أصلاً ثابتاً بالأوراق وكان عدم بيان
مصدر المخدر ونوعه والمترددين على الطاعن بمسكنه ومن يشاركه بهذا المسكن تحديداً
في محضر الاستدلال لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات . لما كان ذلك ،
وكانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته
أوراق رسمية مادام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها
المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون
لا محل له . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن ببطلان
القبض والتفتيش لحصوله قبل صدور إذن النيابة العامة ورد عليه في قوله " وحيث
إنه عن الدفع المبدى من المتهم الأول ببطلان القبض والتفتيش بقالة أنه وقع قبل
الإذن وفي غير حالات التلبس معولاً في ذلك على ما قال به المتهم الأول بالتحقيقات
من أنه قبض عليه بمسكنه عند الساعة الثالثة مساء يوم الضبط بيد أن إذن التفتيش صدر
الساعة السادسة والنصف مساء ذات اليوم فمردود بأن المحكمة تطمئن وجدانها إلى ما
شهد به الشاهد الأول بشأن ميقات القبض على المتهم أنه كان عند الساعة السابعة
والنصف مساء لتنفيذ إذن النيابة بالقبض والتفتيش وأسفر ذلك التفتيش عن ضبط المخدر
سالف الذكر في حيازة المتهم بمسكنه ولا تطمئن إلى ما قاله المتهم ودفاعه من بعد في
هذا الصدد وقد انحلت إلى دفاع مرسل انحسر عنه الدليل على مصداقيته ومن ثم فإن
القبض والتفتيش وما أسفر عنه من دليل تم تنفيذاً لإذن سلطة التحقيق وأثر من آثاره
بمنأى عن البطلان " . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن
بالتفتيش بعد الضبط هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط
بناء على الإذن أخذاً بالأدلة التي أوردتها وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال
شاهد الإثبات وصحة تصويره للواقعة وأن الضبط كان بناء على إذن النيابة العامة
بالتفتيش فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل
وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه
أمام محكمة النقض . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس .
ثانياً : عن الطعن المقدم من الطاعن
الثاني " ..... " .
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم
المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز نبات الحشيش المخدر بغير قصد الاتجار أو
التعاطي أو الاستعمال الشخصي في غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد شابه القصور في
التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق والإخلال بحق الدفاع
والخطأ في تطبيق القانون والبطلان . ذلك بأنه تمسك ببطلان إذن تفتيش المتهم الأول
لعدم جدية التحريات التي بني عليها ، وببطلان اعتراف المتهم الأول ضده لكونه وليد
إكراه وتهديد ضابط الشرطة له وللوعد الذي تلقاه بأن يظفر بالإعفاء من العقاب في
حالة اعترافه ضد الطاعن بيد أن المحكمة اطرحت الدفعين برد قاصر غير سائغ على الرغم
من توافر مصلحة الطاعن في التمسك بها ، كما تمسك ببطلان إذن تفتيشه لكونه غير
مسبوق بتحريات جدية ومشروعة بحسبان أن الضابط تحصل على المعلومات التي عول عليها
لإصدار الإذن من خلال عمل غير مشروع ونتيجة لاستجواب محظور على رجل الضبط القضائي
، وبطلان قبضه لوقوعه في وقت سابق على صدور إذن النيابة بدلالة عدم معقولية مواقيت
الضبط بدءاً من إصدار الإذن وانتهاءً بمواقيت الانتقال المتعددة وضبطه ، وبطلان
إجراءات القبض والتفتيش لتجاوز الضابط حدود الإذن وصلاحياته المحددة بالإذن والتي
اشترط فيها توافر إحدى حالات التلبس ولتجاوزه اختصاصه المكاني بغير ضرورة ، ولوقوع
الفعل بناء على تحريض من ضابط الشرطة ولكن الحكم رد على هذه الدفوع كلها بما لا
يتفق مع صحيح القانون ولا يصلح رداً كما ذهب الحكم المطعون فيه إلى صحة صدور الإذن
بالتفتيش في حق الطاعن استناداً إلى أن أقوال المتهم الأول لضابطي الواقعة تكفي وحدها لكي تكون مسوغاً لاستصدار هذا الإذن رغم أن جميع
الشهود وخاصة محرر المحضر قرروا أنه لولا المكالمة الهاتفية لما تم تحرير المحضر
الذي صدر الإذن بناءً عليه ، كما اعتنق الحكم صورة للدعوى استمدها من أقوال شاهدي
الإثبات رغم أن تلك الأقوال هي بذاتها محل النعي بمخالفتها للحقيقة . وكل ذلك مما
يعيب الحكم ويوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة
الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد
على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لما كان ذلك ،
وكان من المقرر أنه لا صفة لغير من وقع في شأنه القبض والتفتيش أن يدفع ببطلانه
ولو كان يستفيد منه لأن تحقق المصلحة لاحق لوجود الصفة فيه ، كما أنه من المستقر
عليه في قضاء هذه المحكمة أنه لا يجوز الطعن بالبطلان في الدليل المستمد من القبض
أو التفتيش لسبب عدم مراعاة الأوضاع القانونية المقررة لذلك إلا ممن شرعت هذه
الأوضاع لحمايتهم وكان الإذن بالتفتيش خاصاً بالمحكوم عليه الآخر فإنه لا يقبل من
الطاعن الدفع ببطلان الإذن الصادر بالتفتيش لأنه لا صفة له في التحدث عن ذلك ،
ويكون كافة ما يثيره في هذا الخصوص غير مقبول . هذا فضلاً عن أن المحكمة قد ردت
على هذا الدفع من الطاعن ومن المتهم الأول رداً سليماً سائغاً . لما كان ذلك ،
وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن ببطلان اعتراف المتهم الأول ضده لكونه
وليد إكراه مادي ومعنوي ورد عليه في قوله : " وحيث إنه عما ذهب إليه الدفاع
عن الثاني من قالة بإكراه وضغط تعرض له المتهم الأول من رجال الضبط بقصد الإيقاع
بالمتهم الثاني فمردود أن المحكمة سبق أن قالت كلمتها بشأن ما أثاره الدفاع عن
الأول من ادعاء بإكراه مادي ومعنوي أوقعه رجال الضبط على المتهم الأول أثمر عن
إقراره بالحيازة وإخباره عن المتهم الثاني وخلصت المحكمة في قضائها إلي انتفاء
مظنة الإكراه وتطمئن إلى أن ما أخبر به المتهم الأول بشأن الثاني كان من خلال
إرادة حرة واعية ومبادرة تطوعية من المتهم الأول سيما وأن ما ذهب إليه الدفاع
لينحل إلى أنه قول مرسل لا دليل على صحته والمحكمة تلتفت عنه " ، لما كان من
المقرر أن أقوال متهم على آخر هي في حقيقة الأمر شهادة يسوغ للمحكمة أن تعول عليها
في الإدانة متى وثقت فيها وارتاحت إليها . وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال
المحكوم عليه الآخر في تحقيقات النيابة العامة ومحضر الضبط وأنها صدرت منه عن
إرادة حرة ودون إكراه وعولت على تلك الأقوال في قضائها بالإدانة فإن ما ينعاه
الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً . لما كان ذلك ،
وكان الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى عرض لدفع الطاعن ببطلان إذن
التفتيش لعدم جدية التحريات ورد عليه في قوله : " وحيث إنه عن الدفع ببطلان إذن
القبض والتفتيش المبدى من الدفاع عن المتهم الثاني بقالة أن الإذن غير مسبوق
بتحريات جدية مشروعة وأن ما توصل إليه الشاهد الثاني من معلومات استقاها من خلال
حديث المتهم الأول مع الثاني تليفونياً تنصت عليه بما يرديه في حومة الجريمة
المؤثمة بالمادة 309 عقوبات ويبطل الإذن ويهدر الدليل المستمد من تنفيذه بحسبانه
أنه وقع باطلاً كما يهدر الدليل المستمد من شهادة من أجراه ، فمردود بما يلي :
أولاً : أنه من المستقر عليه قضاءً أن ما يجرمه القانون بشأن تفتيش الأشخاص ويرتب
عليه بطلان الدليل المستمد منه هو التفتيش أو البطلان على خلاف الأوضاع التي رسمها
القانون أما إذا كان مأمور الضبط القضائي أو رجل السلطة العامة قد حصل على الدليل
من غير طريق التفتيش أو القبض كأن يكون المتهم قد تخلى من تلقاء نفسه طواعية
واختياراً عن المخدر فإن ضبط هذا المخدر من بعد التخلي عنه ثم الاستشهاد به في
الدعوى كدليل على أن المتهم الذي كان يحمله يكون صحيحاً لا بطلان فيه حتى ولو لم
تكن الجريمة متلبساً بها . وإذ كان ما تقدم وكانت صورة ضبط المخدر المنسوب إلى
المتهم الثاني كما استخلصتها المحكمة على النحو سالف البيان ثقة منها واطمئناناً
إلى ما شهد به المقدم .... المفتش بإدارة المباحث الجنائية ..... أنه على أثر ما
تلقاه من معلومات من المتهم الأول كشفت عن حيازة وإحراز المتهم الثاني لمواد مخدرة
كان قد عرضها على المتهم الأول في يوم الضبط وكان محدداً لتسليمها للأخير في ذات
اليوم ، فإن طلب الضابط من المتهم الأول مجاراة المتهم الثاني حتى يتم ضبطه
والانتقال وإعداد الأكمنة لضبط أدلة تلك الجريمة المبلغ بها في سياج من الشرعية
طواعية كما تفرضه عليه واجبات الوظيفة بمقتضى المادة 21 من قانون الإجراءات
الجنائية عن الكشف عن الجرائم والتوصل إلى مرتكبها ومن ثم فكل إجراء يقوم به في
هذا السبيل يعتبر صحيحاً منتجاً لأثره مادام لم يتدخل بفعله في خلق الجريمة أو
التحريض على مقارفتها وطالما بقيت إرادة الجاني حرة غير معدومة وكانت صورة الضبط
كما اطمأنت إليها المحكمة أن الضابط ترصد المتهم الثاني خفية ليرقب واقعة تسليمه
المخدر للمتهم الأول تنفيذاً لاتفاقهما وقد حضر المتهم الثاني طواعية واختياراً
منه إلى مكان الضبط والتقى بالمتهم الأول وذهب طواعية واختياراً بمعزل عن رجال
الضبط الذين لم يكن يعلم برصدهم له وفتح حقيبة سيارته وأخرج منها الحقيبة التي تحتوي على المخدر وتخلى عنها طواعية
وسلمها للمتهم الأول تنفيذاً لاتفاقهما وكان ذلك تحت مراقبة الضابط القائم بالضبط
دون أن يتدخل أي من رجال الضبط بعمل من شأنه التأثير على إرادة المتهم الثاني
يدفعه إلى التخلي عن حقيبة المخدر وتسليمها للمتهم الأول فإن ما قام به مأمور الضبط
القضائي من ضبط تلك الحقيبة مع المتهم الأول واستيقافه لها أنها تحوي على مخدر حق
له ضبطه وضبط المتهم الثاني ويصح الأخذ بما أسفر عنه ذلك الضبط كدليل قبل المتهم
الثاني تم الحصول عليه في سياج من الشرعية الإجرائية بحسبان أن ضبط المخدر كان
مترتباً على تخلي المتهم الثانى تخلياً إرادياً قبل أن يباشر الضابط أياً من
صلاحياته المبينة بإذن التفتيش ومن ثم فإن الدليل الذي تحصل عليه لم يكن ثمرة من
ثمار إذن التفتيش أو مسبوقاً بقبض أو لتفتيش أوقعه الضابط على المتهم الثاني أياً
كان وجه الرأي فيه . والمحكمة ثقة منها في قالة الشاهد الثاني بتحقيقات النيابة
العامة يطمئن وجدانها كل الاطمئنان إلى أن الحقيبة التي ضبطت وتحتوي على سبع
لفافات من مخدر البانجو ضبطت بعد أن كان المتهم الثاني محرزاً لها وتخلي عنها
طواعية بمكان الضبط وهي بذاتها التي أخرجها بإرادته الحرة وسلمها إلى المتهم الثاني
وهي أيضاً التي ضبطها الشاهد الثاني بعد تخلي المتهم الثاني عنها للمتهم الأول وتم
ذلك من خلال مراقبة تامة لرجل الضبط هذا بالإضافة إلى أن المحكمة يطمئن وجدانها
إلى ما تحصل عليه الضابط من معلومات بشأن حيازة وإحراز المتهم الثاني لمخدر كان
مرده في الأصل إبلاغاً شفوياً أدلى به المتهم الأول إلى الشاهد الأول بمناسبة ضبط
الثاني للأول محرزاً لمواد مخدرة وكان ذلك الإبلاغ
الشفوي صادراً عن إرادة حرة تطوع به المتهم الأول ولم يكن مصدره الحديث التليفوني
بحسبان أن المحكمة يطمئن وجدانها إلى ما شهد به الشاهد الأول بشأن ما أخبره به
المتهم الأول من معلومات مفادها أن المتهم الثاني كان بصدد تسليم كمية من المخدرات
إلى المتهم الأول في ذات يوم الضبط وكانت تلك الأقوال التي أدلى بها المتهم الأول
شفاهة هي بذاتها الأقوال التي رددها على مسامع الشاهد الثاني حال مناقشته وتلك
الأقوال بذاتها مادام الضابط قد أنس لديها كانت كافية لإصدار إذن التفتيش بمعزل عن
ذلك الحديث التليفوني الذي هو محل جدل من الدفاع بشأن مشروعيته بحسبان أنه ما أسفر
إلا عن تأكيد لميقات ومكان التقاء المتهم الأول والثاني تنفيذاً لعرض مسبق من
الثاني على الأول ولعل من نافلة القول أن المحكمة وقد آخذت المتهم بوصف الإحراز
المجرد من القصود فإنها لم تعول على ما أسفر عنه حديث المتهمين الأول والثاني تليفونياً بشأن الاتفاق على
ترويج المخدر والثمن والكمية الذي قد يكون تدليلاً على قصد الاتجار وهو ما لم تأخذ
المحكمة به ومن ثم انحسرت عن المجادلة بشأن مشروعية ذلك الحديث وما أسفر عنه ما
يحقق مصلحة تغير وجه النظر في الدعوى " ،
وهو رد كاف وسائغ لإطراح دفع الطاعن في هذا الصدد ويتفق مع صحيح القانون .
لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئاً مما ينعاه
في أسباب طعنه عن استجواب المتهم الأول بمعرفة مأمور الضبط القضائي فليس له من بعد
أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض ، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً
للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصلح أن يكون سبباً للطعن . لما كان ذلك ،
وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل
صدور الإذن وأطرحه في قوله : " وحيث إنه عما أثاره الدفاع من جدل حول وجود
إذن التفتيش في حوزة الضابط عند الضبط فمردود بما يلى : " من المستقر عليه
قضاءً أنه غير لازم وجود ورقة الإذن بيد مأمور الضبط القضائي المنتدب للتفتيش وقت
إجرائه ، فضلاً عن ذلك فإن المحكمة خلصت إلى أن الضبط للمخدر الذي نسبته إلى
المتهم الثاني كان تأسيساً على تخلي المتهم الثاني طواعية واختياراً بعد أن توافرت
لدى الضابط من خلال المعلومات التي استقاها ومن خلال مشاهدة المتهم الثاني وما فرط
منه ما يقطع بجلاء بإحراز المتهم الثاني للمخدر المضبوط ". لما كان ذلك ، فإن
ما أورده الحكم لإطراح الدفع ببطلان القبض والتفتيش يكون قد صادف صحيح القانون
ويضحى منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه
قد عرض لدفع الطاعن ببطلان إجراءات القبض والتفتيش لتجاوز الضابط حدود الإذن
وصلاحياته واختصاصه المكاني بغير ضرورة في قوله : " وحيث إنه عن الدفع المبدى
من المتهم الثاني ببطلان إجراءات القبض والتفتيش بقالة أن الضابط قد تجاوز اختصاصه
المكاني وصلاحياته المحددة بإذن التفتيش بقالة أن إذن التفتيش حدد أن يتم الضبط
بدائرة قسم ..... بيد أن الضبط تم بدائرة قسم ..... التي تبعد عن اختصاص
الضابط المكاني بحسبان أنه بمقتضى صلاحياته الوظيفية يختص بالإشراف على وحدات
البحث الجنائي بقسم .... ، ..... وليس من بينها قسم ..... فمردود بما
يلى : أولاً : أنه من المستقر عليه قضاء وقانوناً أن الأصل أن اختصاص مأموري الضبط
القضائي مقصور على الجهات التي يؤدون فيها وظائفهم طبقاً للمادة 23 من قانون
الإجراءات الجنائية إلا أنه وقد بدأ الضابط الإجراء في دائرة اختصاصه المكاني
وصادف الضابط المأذون له بالتفتيش ما يستوجب تعقب المتهم المأذون لضبط شخصه
وتفتيشه كأن يكون قد حاول الهرب إلى خارج دائرة اختصاصه المكاني فإن ذلك يعد ظرفاً
اضطرارياً مفاجئاً يجعله يجاوز اختصاصه المكاني لضبط الجريمة مادامت لا توجد وسائل
أخرى لتنفيذ إذن الضبط والتفتيش إذ لا يسوغ مع هذه الظروف وحالة الضرورة أن يقف
مأمور الضبط القضائي مغلول اليدين إزاء المتهم المنوط به تفتيشه لمجرد أنه خرج
خارج حدود اختصاصه المكاني . إذ كان ما تقدم وكانت صورة الواقعة كما استخلصتها
المحكمة لثقة منها في أقوال الشاهد الثاني أنه بعد أن ترصد المتهم الثاني بدائرة
قسم ...... في المكان المحدد لتسليم المخدر إلي الثاني فوجئ من خلال اتصال المتهم
الأول بالثاني تليفونياً أن الأخير عمد فجأة إلى تغيير المكان إلى موقع عند مقهى
..... بدائرة قسم .... وكان الميقات المحدد لإذن التفتيش ست ساعات من ميقات إصداره
فإن المحكمة ترى فيما حاق بالضابط من ظروف أمراً يشكل ظروفاً طارئة وحالة من حالات
الضرورة تخوله تجاوز ذلك الاختصاص سيما وأن الدفاع لا يماري في اختصاص الضابط
المكاني الذي بدأ منه الإجراء وهو دائرة قسم .... . ثانياً : لعل من نافلة القول
أن الثابت من كتاب مديرية أمن ..... بشأن الإفادة باختصاص الشاهد الثاني
الوظيفي وقت الضبط أنه أحد مفتشي الإدارة العامة لمباحث مديرية أمن ........ ومن
ثم فهو تابع لمديرها وحكمدارها فإنه بذلك له صفة مأمور الضبط القضائي بوجه عام
بالنسبة لجميع الجرائم بدائرة المديرية ولا يؤثر في ذلك أن يكون مدير الأمن قد
أسند إلى ذلك الضابط بوجه خاص الإشراف على بعض وحدات البحث الجنائي بأقسام الشرطة
وليس من بينها قسم ...... الذي تم فيه الضبط لأن ذلك ليس من شأنه أن ينتزع
صلاحياته من حيث الاختصاص المكاني التي يستمدها من القانون طبقاً بما تقضي به
المادة 38 إجراءات جنائية ومن ثم فإن ما ذهب إليه في هذا الصدد فيه مجافاة لصحيح
القانون خليق برفضه " . لما كان ذلك ، وكانت حالة الضرورة التي وصفها الحكم
قد أوجدها الطاعن بصفة وهي التي دعت الضابط إلى القيام بضبط هذا الطاعن بمكان
الضبط ولما كانت المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية فضلاً عن أنها منحت الضباط
العاملين بمصلحة الأمن العام وفي شعب البحث الجنائي بمديريات الأمن سلطة عامة
وشاملة في ضبط جميع الجرائم فإنها كذلك قد خولتهم هذه السلطة في كافة أنحاء
الجمهورية . لما كان ذلك ، وكان القائم بالضبط مفتشاً بإدارة المباحث الجنائية
بمديرية أمن ..... على النحو المار بيانه فإنه يكون غير صحيح في
القانون النعى ببطلان الإجراءات في هذا الصدد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون
فيه قد عرض لدفع الطاعن ببطلان الإجراءات برمتها لوقوع الفعل بناء على تحريض من
رجال الشرطة ورد عليه في قوله: " وحيث إنه عن ما ذهب إليه الدفاع عن المتهم
الثاني من دفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش بقالة أنها وليدة إجراء تحريضي من
الضابط أوقعه على المتهم الأول بقصد الإيقاع بالمتهم الثاني فمردود أنه من المقرر
قانوناً لمأمور الضبط القضائي بمقتضى صلاحياته المستمدة من القانون بالكشف عن
الجرائم والتوصل إلى معاقبة مرتكبها ما لم يتدخل بفعله في خلق الجريمة أو التحريض
على مقارفتها وطالما بقيت إرادة الجاني حرة غير معدومة فلا تثريب على مأمور الضبط
القضائي أن يصطنع في تلك الحدود من الوسائل البارعة ما يسلس لمقصوده في الكشف عن
الجريمة ولا تتصادم مع أخلاق الجماعة . إذ كان ذلك وكانت صورة الواقعة كما
استخلصتها المحكمة أن الشاهد الثاني نما إلى علمه من المتهم الأول أن المتهم
الثاني لديه كمية من المخدرات كان قد عرض عليه أمر استلامها منه من قبل إلى موعد
محدد فانتقل الضابط صحبة المتهم وترصد المتهم الثاني في الميقات والمكان المحدد فأخرج
المتهم الثاني الحقيبة التي تحتوي على المخدر وسلمها طواعية للمتهم الأول فألقى
الضابط القبض على المتهم الثاني بعد ضبط الحقيبة مع المتهم الأول ولعثوره بها على
مخدر ، فإن ما قام به الضابط يكون في حماية من الشرعية الإجرائية انحسرت عنه قالة
التحريض على الجريمة مادام كان إحراز المتهم الثاني للمخدر عملاً إرادياً وتسليمه
والتخلي عنه للثاني اختيارياً ودون أن يأتي الضابط ما من شأنه أن يدفعه إلى ذلك
الإحراز أو التخلي الذى قارفه المتهم الثاني طواعية واختياراً " . لما كان
ذلك ، وإذ كان الحكم قد أوضح - في حدود سلطته التقديرية - رداً على الدفع بأن
الواقعة تمت بتحريض ضباط الشرطة . أن الجريمة وقعت بإرادة الطاعن وبالترتيب الذى
وضعه لها وأن ما اتخذه ضابط الشرطة من إجراءات لضبطه في هذه الواقعة بعد التبليغ
عنها من المتهم الأول لم يكن بقصد التحريض على ارتكابها بل كان لاكتشافها وليس من
شأنه أن يؤثر في قيام الجريمة ذاتها . فإن منعاه على الحكم في خصوص رفضه هذا الدفع
يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تكون
عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر في الدعوى ، وكانت المحكمة قد استخلصت من
الأدلة السائغة التي أوردتها إلى أن ما تحصل عليه الضابط من معلومات بشأن حيازة وإحراز المتهم الثاني للمخدر كان مرده في الأصل إبلاغاً
شفوياً أدلى به المتهم الأول إلى الشاهد الأول بمناسبة ضبط الثاني للأول محرزاً
لمواد مخدرة وكانت تلك الأقوال التي أدلى بها المتهم الأول شفاهة هي بذاتها
الأقوال التي رددها على مسامع الشاهد الثاني حال مناقشته تلك الأقوال بذاتها مادام
الضابط قد أنس لديها كانت كافية لإصدار الإذن بالتفتيش وأطرحت في حدود سلطتها
التقديرية دفاع الطاعن في شأن المحادثة الهاتفية التي تمت بين المتهم الأول
والمتهم الثاني . فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً
موضوعياً في مسائل واقعية تملك محكمة الموضوع التقدير فيها بلا معقب عليها من
محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال
الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة
الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور آخرى مادام
استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصل في الأوراق وأن وزن أقوال الشهود وتقدير
الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من
مطاعن وحام حولها من الشبهات ، كل ذلك
مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه
بغير معقب ، ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع
الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها
على عدم الأخذ بها وإذ كانت المحكمة في الدعوى الماثلة وقد اطمأنت إلى أقوال شهود
الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة من أن الطاعن قد تخلى اختياراً عن النبات المخدر
المضبوط فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي وهو مما تستقل به
محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض
. لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان
الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعنين بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة سبع
سنوات وكان قد صدر من بعد القانون رقم 95 لسنة 2003 بتعديل بعض أحكام قانوني
العقوبات والإجراءات الجنائية ونص في مادته الثانية على أن تلغى عقوبة الأشغال
الشاقة أينما وردت في قانون العقوبات أو في أي قانون أو نص عقابي آخر ويستعاض عنها
بعقوبة " السجن المؤبد " إذا كانت مؤبدة وبعقوبة " السجن المشدد
" إذا كانت مؤقتة وهو ما يتحقق به معنى القانون الأصلح للمتهم في حكم المادة
الخامسة من قانون العقوبات . لما كان ذلك ، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه
نقضاً جزئياً وتصحيحه عملاً بنص المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام
محكمة النقض بجعل العقوبة المقضي بها " السجن المشدد " بالإضافة إلى
عقوبتي الغرامة والمصادرة المقضي بهما ورفض الطعن فيما عدا ذلك .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق