باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثامن من مارس سنة 2025م،
الموافق الثامن من رمضان سنة 1446هـ.
برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة
المستشارين: الدكتور محمد عماد النجار والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وخالد أحمد
رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز وصلاح محمد الرويني ومحمد أيمن سعد
الدين عباس نواب رئيس المحكمة وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري
رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 155 لسنة 34
قضائية دستورية
المقامة من
الشركة المصرية للأسمدة
ضد
1- رئيس الجمهوريـة
2- رئيس مجلس الـــوزراء
3- وزيــــر الماليـة
4- رئيس مصلحة الجمـــارك
5- رئيس مصلحة الضرائب
6- رئيس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة
-----------------
" الإجراءات "
بتاريخ الثالث من أكتوبر سنة 2012، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه
الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبةً الحكم بعدم دستورية نص البندين
(أولًا وثانيًا) من المادة الحادية عشرة من القانون رقم 114 لسنة 2008 بفتح
اعتمادين إضافيين بالموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2007/ 2008 وتقرير علاوة
خاصة للعاملين بالدولة، وزيادة المعاشات والمعاشات العسكرية، وتعديل بعض أحكام
القوانين أرقام: 90 لسنة 1975 بشأن المعاشات العسكرية، و147 لسنة 1984 بفرض رسم
تنمية الموارد المالية للدولة والجدول المرفق بقانون الضريبة العامة على المبيعات
الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 وقانون ضمانات وحوافز الاستثمار الصادر بالقانون
رقم 8 لسنة 1997، وإلغاء القانون رقم 17 لسنة 1991 بإعفاء أذون الخزانة من
الضرائب، وإلغاء بعض أحكام قانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة
2005.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وقدمت الشركة المدعية مذكرة، صممت فيها على طلباتها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة
إصدار الحكم بجلسة اليوم، وصرحت بتقديم مذكرات في أسبوعين، فقدمت هيئة قضايا
الدولة مذكرة تمسكت فيها بطلبها السابق، كما قدمت الشركة المدعية مذكرة صممت فيها
على طلباتها سالفة البيان.
-----------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل -على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق-
فى أن الشركة المدعية أقامت أمام محكمة القاهرة الاقتصادية الدعوى رقم 650 لسنة
2012 اقتصادي القاهرة، طلبًا للحكم: 1- بإلزام المدعى عليه الثالث برد مبلغ 195021
جنيهًا، قيمة الضرائب على المبيعات التي سددتها دون وجه حق. 2- بإلزامه برد مبلغ
113038 جنيهًا، قيمة الضرائب الجمركية المسددة من الشركة دون وجه حق، مع إلزامه
بالفوائد القانونية من تاريخ المطالبة حتى تمام السداد، وذلك على سند من القول إنه
في عام 1998 صدر ترخيص من الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة بتأسيس الشركة
المدعية شركة مساهمة مصرية، تعمل بنظام المناطق الحرة الخاصة، في مجال إنتاج
الأسمدة، على أن تكون مدة المشروع خمسة وعشرين عامًا قابلة للتجديد بموافقة مسبقة
من الهيئة المذكورة. وإذ صدر القانون رقم 114 لسنة 2008، ناصًّا في مادته الحادية
عشرة على إنهاء جميع تراخيص مشروعات الاستثمار بنظام المناطق الحرة في بعض
الصناعات ومنها صناعة الأسمدة، فقد أُنهي ترخيص الشركة اعتبارًا من 5/ 5/ 2008،
وتم تعديل النظام الأساسي للشركة لتعمل بنظام الاستثمار الداخلي. وبتاريخ 18/ 11/
2011، استوردت الشركة بعض الأدوات والأجهزة اللازمة لمزاولة نشاطها، فأخضعتها
مصلحة الجمارك للضريبة الجمركية والضريبة العامة على المبيعات، فاضطرت لسدادها،
وإذ صار إلزامها بهاتين الضريبتين دون وجه حق؛ فقد أقامت دعواها بطلباتها آنفة
البيان. وفي أثناء نظر تلك الدعوى، دفعت الشركة المدعية بعدم دستورية نص البندين
(أولًا وثانيًا) من المادة الحادية عشرة من القانون رقم 114 لسنة 2008 المشار
إليه. وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع، وصرحت بإقامة الدعوى الدستورية؛ فأقامت الدعوى
المعروضة، ناعيةً على النصين المطعون فيهما مخالفتهما للمواد (6 و7 و18) من
الإعلان الدستوري الصادر بتاريخ 30/ 3/ 2011، والمواد (4 و8 و23 و24 و32 و64 و65
و187) من دستور عام 1971.
وحيث إن المادة الحادية عشرة من القانون رقم 114 لسنة 2008 المار ذكره
تنص على أنه:
أولًا: تنهى جميع تراخيص مشروعات الاستثمار بنظام المناطق الحرة في
مجال صناعات الأسمدة، والحديد والصلب، وتصنيع البترول، وتصنيع وتسييل ونقل الغاز
الطبيعي، القائمة في تاريخ العمل بهذا القانون، وتسري في شأنها ــ فيما لا يتعارض
مع ذلك ــ أحكام قانون ضمانات وحوافز الاستثمار الصادر بالقانون رقم 8 لسنة 1997،
ودون أن تتحمل بأية أعباء إضافية، وتلتزم الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة
ومكاتب السجل التجاري بالتأشير بما يفيد ما تقدم واعتماد ما يترتب عليه من آثار.
ثانيًا: لا يترتب على إنهاء تراخيص المشروعات المشار إليها في البند
السابق سداد أية ضرائب أو رسوم جمركية أو ضريبة مبيعات عما استوردته من معدات
وآلات وأجهزة وخطوط إنتاج وأجزائها وقطع غيار لازمة لها اقتضاها نشاط المشروع، كما
لا يترتب على هذا الإنهاء أي مساس بحقوق العاملين في المشروع.
وإذا كان المشروع ما زال تحت التأسيس ولم يستكمل استيراد المعدات
والآلات والأجهزة وخطوط الإنتاج وأجزائها وقطع غيارها، اللازمة لبدء نشاطه، فيعفى
ما يستورده منها من الضرائب والرسوم الجمركية وضريبة المبيعات مما يكون لازمًا
لبدء النشاط، وذلك لمدة ثلاث سنوات من تاريخ العمل بهذا القانون أو حتى بدء النشاط
أيهما أقرب.
وحيث إن البين من استقراء نص البند أولًا من المادة الحادية عشرة من
القانون سالف البيان، أنه قد تضمن حكمين مرتبطين ارتباطًا بسيطًا يقبل التجزئة
والتبعيض، أولهما: إنهاء تراخيص مشروعات الاستثمار بنظام المناطق الحرة في
المجالات المبينة بهذا النص في تاريخ العمل بهذا القانون، وثانيهما: سريان أحكام
قانون ضمانات وحوافز الاستثمار الصادر بالقانون رقم 8 لسنة 1997 في شأن هذه المشروعات
دون أن تتحمل بأية أعباء إضافية، وذلك بقيدين أفصح النص عن أولهما، ومقتضاه ألا
يتعارض ترخيص المشروع مع قانون ضمانات وحوافز الاستثمار المشار إليه، ونصت المادة
(70) من قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية
المحدودة وشركات الشخص الواحد الصادر بالقانون رقم 159 لسنة 1981 على ثانيهما،
ومؤداه: قبول السلطة المختصة - الجمعية العامة - في الشركات التي تتبعها هذه
المشروعات، توفيق أوضاعها إلى نظام الاستثمار الداخلي، وحالئذٍ تلتزم الهيئة
العامة للاستثمار والمناطق الحرة ومكاتب السجل التجاري بالتأشير بما يفيد ما تقدم،
واعتماد ما يترتب على ذلك من آثار.
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشـــرة، وهى شـــرط لقبـــول الدعــوى
الدستورية، مناطها ــــ على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة ــــ قيام رابطة منطقية
بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم فى المسألة
الدستورية فى الطلبات المرتبطة بها، المطروحة على محكمة الموضوع، وترتبط المصلحة
الشخصية المباشرة بالخصم الذى أثار المسألة الدستورية، وليس بهذه المسألة فى ذاتها
منظورًا إليها بصفة مجردة، ومن ثم فلا تقوم هذه المصلحة إلا بتوافر شرطين يحددان
بتكاملهما معًا مفهوم المصلحة الشخصية المباشـــرة كشرط لقبول الدعوى الدستورية،
أولهما: أن يقيم المدعي الدليل على أن ضررًا واقعيًّا قد لحق به، ويتعين أن يكون
هذا الضرر مباشرًا ومستقلًا بعناصره، ممكنًا إدراكه ومواجهته بالترضية القضائية،
وليس ضررًا متوهمًا أو نظريًّا أو مجهلًا، وثانيهما: أن يكون مرد هذا الضرر إلى
النص التشريعي المطعون فيه، بما مؤداه قيام علاقة سببية بينهما، تحتم أن يكون مرد
الأمر فى هذا الضرر إلى ذلك النص، لكون شرط المصلحة الشخصية هو الذى يحدد فكرة
الخصومة الدستورية، ويبلور نطاق المسألة الدستورية التى تدعى هذه المحكمة للفصل
فيها، ويؤكد ضرورة أن تكـون المنفعة التى يقرهــا القانون هــي محصلتها
النهائيــــة. ومن المقرر - أيضًا - في قضاء هذه المحكمة أن شرط المصلحة منفصل
دومًا عن توافق النص التشريعي المطعون فيه مع أحكام الدستور أو مخالفته لها،
اعتبارًا بأن هذا التوافق أو الاختلاف هو موضوع الدعوى الدستورية، فلا تخوض فيه
المحكمة إلا بعد قبولها.
وحيث إنه من المقرر في قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم
والشركات ذات المسئولية المحدودة وشركات الشخص الواحد، سالف الذكر، أن للجمعية
العامة غير العادية للشركة المساهمة - متى اجتمعت بدعوة من مجلس الإدارة بناءً على
طلب المساهمين الممثلين لنسبة (10٪) من رأس المال على الأقل وأودعوا أسهمهم مركز
الشركة أو أحد البنوك المعتمدة، واستوفت الأغلبية المنصوص عليها في المادة (70) من
القانون المار بيانه - تعديل نظام الشركة، بما فى ذلك النظر فى أمر إطالة أمد
الشركة، باعتبار أن الأصل فى الشركات التي تأخذ صورة شركة مساهمة هو الاستمرار في
ممارسة نشاطها، متى رغب في ذلك أغلبية الشركاء، ولو عارض الآخرون، وذلك تسليطًا من
المشرع للاستمرار والبقاء على الحل والانقضاء، وأنه إذا ما صدر قرار الجمعية
العامة غير العادية مستوفيًا لشرائط صحته، وَجبَ الالتزام به من جميع المساهمين
سواء كانوا حاضري الاجتماع أو غائبين أو مخالفين فى الرأي لهذا القرار، باعتباره
يمثل رأي أغلبية المساهمين، كما يلتزم مجلس الإدارة باتخاذ ما يلزم من إجراءات
لتنفيذ هذا القرار.
متى كان ذلك، وكان النزاع الموضوعي يدور حول طلب الشركة المدعية الحكم
بإلزام المدعى عليه الثالث باسترداد ما سددته من مبالغ قيمة الضريبة الجمركية
والضريبة العامة على المبيعات، حال استيرادها بعض الوحدات والأدوات والأجهزة
اللازمة لمزاولة نشاطها، وإذ كانت الواقعة المنشئة لاستحقاق الضريبة - بنوعيها -
قد تحققت خلال عام 2011، وكان ذلك تاليًا على تعديل النظام الأساسي للشركة
وتحويلها إلى شركة تعمل بنظام الاستثمار الداخلي، وكان هذا التعديل قد أنبته قرار
الجمعية العامة غير العادية للشركة المنعقدة بتاريخ 6/ 8/ 2009، المتضمن الموافقة
على تعديل اسمها ونشاطها، وتم اعتماد مشروع التعديل بتاريخ 1/ 10/ 2009، والتصديق
عليه بمكتب توثيق الاستثمار بتاريخ 5/ 10/ 2009، بموجب محضر تصديق رقم 1589 (و)
لسنة 2009؛ ومن ثم فإن الضرر المدعى به في الدعوى المعروضة، وجوهره عدم حصول
الشركة المدعية على الإعفاءات الضريبية، وغيرها من المزايا التي كانت لها بمقتضى
نظام المناطق الحرة الخاصة، بعد خضوعها لقانون ضمانات وحوافز الاستثمار آنف
البيان، قد تحقق أثرًا لقرار جمعيتها العامة غير العادية المنعقدة بتاريخ 6/ 8/
2009، بخضوعها لنظام الاستثمار الداخلي المنصوص عليه في قانون ضمانات وحوافز
الاستثمار، والذي صادقت عليه الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة بموجب قرارها
رقم (1867) بتاريخ 14/ 10/ 2009، بما يتآدى إلى فصم عرى العلاقة القانونية بين حكم
إنهاء ترخيص مشروع الشركة بموجب البند أولًا من المادة الحادية عشرة من القانون
المار ذكره -المطعون فيه- وبين الضرر المُدعى به في الدعوى الموضوعية، الذي تحقق
في تاريخ لاحق على توفيق أوضاع الشركة المدعية؛ وبالتالي يكون ذلك الضرر عائدًا
إلى قرار الجمعية العامة غير العادية للشركة بتعديل النظام القانوني لها إلى
الاستثمار الداخلي، ويضحى هذا القرار هو الذي يحول ـــ بذاته ـــ دون استفادة
الشركة من الإعفاءات الضريبية؛ ومن ثم فلا يكون الفصل في دستورية البندين المطعون
فيهما ذا أثر أو انعكاس على الطلبات في الدعوى الموضوعية، بما تنتفي معه المصلحة
الشخصية المباشرة للشركة المدعية في الدعوى المعروضة، ويغدو متعينًا - والحال
كذلك- القضاء بعدم قبولها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت الشركة
المدعية المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق