الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 1 أبريل 2025

الطعن 10727 لسنة 87 ق جلسة 19 / 9 / 2019 مكتب فني 70 ق 60 ص 550

جلسة 19 من سبتمبر سنة 2019
برئاسة السيد القاضي / د. عبد الرحمن هيكل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / أحمد مصطفى، نبيل الكشكي، محمد عبده صالح وأشرف الفيومي نواب رئيس المحكمة .
------------------
(60)
الطعن رقم 10727 لسنة 87 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به عناصر الجريمتين اللتين دان بهما الطاعن وإيراده على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون مجموع ما أورده مؤدياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها . أساس ذلك ؟
(2) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
صيغة الاتهام المبينة بالحكم . جزء منه . كفاية الإحالة إليها بياناً للواقعة . النعي على الحكم بالقصور في هذا الشأن . غير مقبول .
(3) قصد جنائي . استعراض القوة .
القصد الجنائي في جريمة استعراض القوة أو التلويح بالعنف أو التهديد به . تحققه : بارتكاب الجاني الفعل مدركاً أثره من إيقاع الرعب في نفس المجني عليه بغرض التأثير في إرادته لإجباره على القيام بعمل أو حمله على الامتناع عنه . بغض النظر عما إذا كان قد قصد استعمال القوة والعنف أو تنفيذ التهديد فعلاً . تحدث الحكم عنه استقلالاً . غير لازم . متى كان مفهوماً من عباراته وظروف الواقعة .
(4) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . دفوع " الدفع بتلفيق التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
لمحكمة الموضوع الأخذ بشهادة الشاهد ولو بينه وبين المتهم خصومة قائمة .
الدفع بتلفيق التهمة . موضوعي . لا يستوجب رداً صريحاً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(5) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير الدليل " . إثبات " بوجه عام " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . استعراض القوة . سلاح .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي .
الأصل في المحاكمات الجنائية . باقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه . له تكوين عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح لها . حد ذلك ؟
القانون الجنائي . لم يجعل لإثبات الجرائم على اختلاف أنواعها طريقاً خاصاً .
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
تدليل الحكم سائغاً على ثبوت جريمتي استعراض القوة وإحراز سلاح أبيض في حق الطاعن . النعي بهذا الشأن . غير مقبول .
(6) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
النعي بتأثر عقيدة المحكمة برأي النيابة وتحريات الشرطة . غير مقبول . متى قضت في الدعوى حسب العقيدة التي تكونت لديها بحرية بغير تأثير خارجي .
(7) عقوبة " تطبيقها " . استعراض القوة . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " " عدم جواز مضارة الطاعن بطعنه " . محكمة النقض " سلطتها " .
معاقبة الطاعن عن جريمة استعراض القوة والتلويح بالعنف المؤثمة بالفقرة الثانية من المادة 375 مكرراً عقوبات بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة . خطأ في تطبيق القانون . لا تملك محكمة النقض تصحيحه . علة وأساس ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان بهما الطاعن وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة ، لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة ، كان ذلك محققاً لحكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله.
2- لما كانت صيغة الاتهام المبينة في الحكم تعتبر جزءاً منه ، فيكفي في بيان الواقعة الإحالة عليها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور لاكتفائه بترديد صيغة الاتهام بياناً للواقعة يكون لا محل له .
3- من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة استعراض القوة أو التلويح بالعنف أو التهديد يتوافر متى ثبت للمحكمة أن الجاني ارتكب تلك الأفعال وهو يدرك أثرها من حيث إيقاع الرعب في نفس المجني عليه وترويعه أو تكدير أمنه أو سكينته أو تعريض حياته أو سلامته للخطر أو إلحاق الضرر بشيء من ممتلكاته أو مصالحه أو المساس بحريته الشخصية أو شرفه أو اعتباره ، وأنه يريد تحقيق ذلك الأثر بما قد يترتب عليه من التأثير في إرادة المجني عليه لفرض السطوة عليه أو إرغامه على القيام بعمل أو حمله على الامتناع عنه أو لتعطيل تنفيذ القوانين أو التشريعات أو الأحكام أو الأوامر أو الإجراءات القضائية واجبة التنفيذ أو تكدير الأمن أو السكينة العامة ، وذلك بغض النظر عما إذا كان الجاني قد قصد إلى استعمال القوة والعنف أو تنفيذ التهديد بالفعل ومن غير حاجة إلى تعرف مدى الأثر الفعلي الذي أحدثه استعراض القوة أو التلويح بالعنف أو التهديد في نفس المجني عليه ، ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا الركن بل يكفي أن يكون مفهوماً من عباراته وظروف الواقعة كما أوردها - وهو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم يكون منعاه في هذا الصدد في غير محله .
4- لما كان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، ولها أن تأخذ بشهادة شاهد ولو كانت بينه وبين المتهم خصومة قائمة ، وكان ما يثيره الطاعن من تشكيك في أقوال المجني عليه وما ساقه من قرائن تشير إلى تلفيق التهمة لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من الحكم بل أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال المجني عليه وصحة تصويره للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض .
5- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من مجموع الأدلة والعناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ، وكان الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه ، فله أن يكوّن عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ، ولما كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات الجرائم على اختلاف أنواعها طريقاً خاصاً ، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهى إليه ، وكان مجموع ما أورده الحكم من الأدلة والقرائن التي اطمأنت المحكمة إليها يسوغ ما رتب عليه ويصح استدلال الحكم به على ثبوت جريمتي استعراض القوة وإحراز سلاح أبيض في حق الطاعن ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل .
6- من المقرر أن للقاضي أن يحكم في الدعوى حسب العقيدة التي تكوّنت لديه بكامل حريته بغير تأثير خارجي أياً كان مصدره سواء من النيابة العامة أو ما أسفرت عنه تحريات الشرطة ، وكان يبين مما سطره الحكم وأثبته في مدوناته أنه قد التزم هذا النظر ، فإن ما يثيره الطاعن بدعوى تأثر عقيدة المحكمة برأي النيابة العامة وتحريات الشرطة بشأن صورة الواقعة يكون في غير محله .
7- لما كانت المادة 375 مكرر فقرة ثانياً من قانون العقوبات قد نصت على أن : " تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنوات إذ وقع الفعل من شخصين فأكثر ، أو باصطحاب حيوان يثير الذعر أو بحمل أية أسلحة أو عصي أو الآلات أو أدوات أو مواد حارقة أو كاوية أو غازية أو مخدرات أو منومة أو أية مواد أخرى ضارة ... " وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة إلا أنه لما كان الطعن مرفوعاً من المتهم المحكوم عليه فإن محكمة النقض لا تملك تصحيحه في هذا الحالة ، لأن من شأن ذلك الإضرار بالمتهم وهو ما لا يجوز عملاً بمقتضى المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 وتقضي في حدود قاعدة أن الطاعن لا يضار بطعنه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة كلاً من 1- .... 2- .... (الطاعن) بأنهما :
المتهم الأول : أحرز سلاحاً نارياً مششخناً (بندقية آلية سريعة الطلقات) حال كونه مما لا يجوز الترخيص بحيازته أو إحرازه .
المتهم الثاني : أحرز سلاحاً أبيض (مطواة قرن غزال) دون مسوغ قانوني .
المتهمان : استعرضا القوة ولوحا بالعنف والتهديد ضد المجني عليه/ .... وذلك بقصد ترويعه للتأثير في إرادته لفرض السطوة عليه وحمله على إجبار نجله على التنازل عن محاضر محررة ضدهما حال كونهما حاملين للسلاحين آنفي البيان على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للثاني (الطاعن) وغيابياً للأول عملاً بالمادة 375 مكرر من قانون العقوبات ، والمواد 1/1 ، 25 مكرر/1 ، 26 /1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقوانين 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 ، 6 لسنة 2012 والبند (5) من الجدول رقم (1) والجدول رقم (2) الملحقين بالقانون الأول ، مع إعمال نص المادة 32 من قانون العقوبات - أولاً: بمعاقبة الأول /.... بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه خمسة آلاف جنيه عما أسند إليه . ثانياً: بمعاقبة الثاني /.... بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما أسند إليه . ثالثاً: بإلزام المحكوم عليهما بالمصاريف الجنائية مع وضعهما تحت مراقبة الشرطة لمدة سنة واحدة . بعد أن عدلت وصف اتهام السلاح إلى إحراز المتهم الأول بغير ترخيص سلاح ناري غير مششخن " بندقية " .
فطعن المحكوم عليه الثاني في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي استعراض القوة والتلويح بالعنف وإحراز سلاح أبيض بدون مسوغ ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ؛ ذلك بأن الحكم لم يبين واقعة الدعوى بياناً كافياً تتحقق به أركان الجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، ولم يورد مضمون أدلة الثبوت التي عول عليها في قضائه بالإدانة ومؤداها ، واكتفى في بيان واقعة الدعوى على ما ورد عنها بوصف الاتهام ، ولم يستظهر القصد الجنائي لجريمة استعراض القوة ، واعتنق التصوير الذي أدلى به المجني عليه على الرغم من أنه يستعصى على التصديق ، مما يؤكد تلفيق الاتهام لوجود خصومة بين الطاعن والمجني عليه ، كما خلت أوراق الدعوى من دليل على ارتكاب الطاعن الحادث إذ لم يشاهده أحد حال ارتكابه للجريمة ، ولم يضبط متلبساً بها ولم يتم ضبط أسلحة ، وقضى الحكم بالإدانة متأثراً في ذلك برأي النيابة العامة وما أسفرت عنه تحريات الشرطة ، كل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان بهما الطاعن وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة ، لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة ، كان ذلك محققاً لحكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله . لما كان ذلك ، وكانت صيغة الاتهام المبينة في الحكم تعتبر جزءاً منه ، فيكفي في بيان الواقعة الإحالة عليها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور لاكتفائه بترديد صيغة الاتهام بياناً للواقعة يكون ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة استعراض القوة أو التلويح بالعنف أو التهديد يتوافر متى ثبت للمحكمة أن الجاني ارتكب تلك الأفعال وهو يدرك أثرها من حيث إيقاع الرعب في نفس المجني عليه وترويعه أو تكدير أمنه أو سكينته أو تعريض حياته أو سلامته للخطر أو إلحاق الضرر بشيء من ممتلكاته أو مصالحه أو المساس بحريته الشخصية أو شرفه أو اعتباره ، وأنه يريد تحقيق ذلك الأثر بما قد يترتب عليه من التأثير في إرادة المجني عليه لفرض السطوة عليه أو إرغامه على القيام بعمل أو حمله على الامتناع عنه أو لتعطيل تنفيذ القوانين أو التشريعات أو الأحكام أو الأوامر أو الإجراءات القضائية واجبة التنفيذ أو تكدير الأمن أو السكينة العامة ، وذلك بغض النظر عما إذا كان الجاني قد قصد إلى استعمال القوة والعنف أو تنفيذ التهديد بالفعل ومن غير حاجة إلى تعرف مدى الأثر الفعلي الذي أحدثه استعراض القوة أو التلويح بالعنف أوالتهديد في نفس المجني عليه ، ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا الركن بل يكفي أن يكون مفهوماً من عباراته وظروف الواقعة كما أوردها - وهو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم يكون منعاه في هذا الصدد في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، ولها أن تأخذ بشهادة شاهد ولو كانت بينه وبين المتهم خصومة قائمة ، وكان ما يثيره الطاعن من تشكيك في أقوال المجني عليه وما ساقه من قرائن تشير إلى تلفيق التهمة لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من الحكم بل أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال المجني عليه وصحة تصويره للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من مجموع الأدلة والعناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ، وكان الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه ، فله أن يكوّن عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ، ولما كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات الجرائم على اختلاف أنواعها طريقاً خاصاً ، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهى إليه ، وكان مجموع ما أورده الحكم من الأدلة والقرائن التي اطمأنت المحكمة إليها يسوغ ما رتب عليه ويصح استدلال الحكم به على ثبوت جريمتي استعراض القوة وإحراز سلاح أبيض في حق الطاعن ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للقاضي أن يحكم في الدعوى حسب العقيدة التي تكوّنت لديه بكامل حريته بغير تأثير خارجي أياً كان مصدره سواء من النيابة العامة أو ما أسفرت عنه تحريات الشرطة ، وكان يبين مما سطره الحكم وأثبته في مدوناته أنه قد التزم هذا النظر ، فإن ما يثيره الطاعن بدعوى تأثر عقيدة المحكمة برأي النيابة العامة وتحريات الشرطة بشأن صورة الواقعة يكون في غير محله . ومن حيث إن المحكمة تنوه إلى أنه ولئن كانت المادة 375 مكرر فقرة ثانياً من قانون العقوبات قد نصت على أن : " تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنوات إذ وقع الفعل من شخصين فأكثر ، أو باصطحاب حيوان يثير الذعر أو بحمل أية أسلحة أو عصي أو الآلات أو أدوات أو مواد حارقة أو كاوية أو غازية أو مخدرات أو منومة أو أية مواد أخرى ضارة ... " وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة إلا أنه لما كان الطعن مرفوعاً من المتهم المحكوم عليه فإن محكمة النقض لا تملك تصحيحه في هذا الحالة ، لأن من شأن ذلك الإضرار بالمتهم وهو ما لا يجوز عملاً بمقتضى المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 وتقضي في حدود قاعدة أن الطاعن لا يضار بطعنه . لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق