الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 30 أكتوبر 2023

الطعن 1343 لسنة 6 ق جلسة 3 / 12 / 1960 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 1 ق 34 ص 234

جلسة 3 من ديسمبر سنة 1960

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة علي إبراهيم بغدادي ومحمود محمد إبراهيم وحسني جورجي ومحمود مختار العزبي المستشارين.

----------------

(34)

القضية رقم 1343 لسنة 6 القضائية

ترخيص استيراد - مصادرة إدارية 

- الأمر العسكري رقم 556 لسنة 1945 بحظر استيراد البضائع والمنتجات المعمول به بالمرسوم بقانون رقم 105 لسنة 1945 باستمرار العمل بالتدابير المقررة ببعض الأوامر العسكرية - إجازته المصادرة في حالتين - الأولى الاستيراد بدون ترخيص، الثانية مخالفة البضاعة المستوردة للترخيص - القرار الجمهوري رقم 970 لسنة 1957 بالسماح باستيراد سيارات الركوب الصغيرة استثناء من الحظر الوارد بالأمر العسكري سالف الذكر - تحديد وزير الاقتصاد مبلغ 450 جنيهاً كحد أعلى لسعر السيارة الصغيرة خالصاً المصروفات لميناء الوصول - استيراد سيارات من طراز معين مطابقة للترخيص - عدم جواز مصادرتهما إدارياً - التحدي بأن السيارات المستوردة ليست صغيرة - غير جائز ما دام قد رخص باستيرادها فعلاً - مجاوزة سعرها الحقيقي لمبلغ 450 جنيهاً - لا يجيز المصادرة ما دامت الشركة المنتجة ارتضت هذا السعر - بيان ذلك - مثال.

----------------
إذا كان الثابت أن السيارات التي استوردت بناء على هذا الترخيص والتي صدر القرار المطعون فيه بمصادرتها هي بذاتها السيارات الصادر بها الترخيص، فإن القول بأن سعرها الحقيقي يجاوز 450 جنيهاً الذي حدده وزير الاقتصاد بناء على قرار رئيس الجمهورية رقم 970 لسنة 1957 بالسماح باستيراد السيارات الصغيرة بفرض صحته لا يؤثر في حقيقة الواقع من أن السيارات المستوردة هي نفسها الصادر عنها الترخيص وأن الثمن الذي اشتريت به هو 450 جنيهاً مصرياً وأن هذا السعر هو سعر خاص ارتضته الشركة المنتجة لتصريف ما لديها من سيارات طراز سنة 1958 ولكي يتمشى مع القوانين المصرية الخاصة بالاستيراد، ومن ثم تكون هذه السيارات قد استوردت في حدود الترخيص الصادر للشركة المدعية الأولى وبالتالي لا يجوز مصادرتها إدارياً استناداً إلى الأمر العسكري رقم 556 لسنة 1945 الذي استمر العمل به بالمرسوم بقانون رقم 105 لسنة 1945، إذ أن المصادرة الإدارية بمقتضى هذا الأمر لا تجوز إلا في حالة استيراد البضاعة بدون ترخيص سابق أو استيراد بضاعة مخالفة للترخيص، ولا يجدي بعد ذلك الحكومة القول بأن السيارات المستوردة ليست صغيرة ما دام أنها رخصت باستيرادها فعلاً.


إجراءات الطعن

في 28 من إبريل سنة 1960 أودع السيد النائب عن الحكومة طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة أول مارس سنة 1960 في الدعوى رقم 115 لسنة 14 القضائية المرفوعة من (1) شركة التجارة والتبادل للشرق الأوسط (2) شركة منير مقار وشركاه ضد مجلس الوزراء التنفيذي واللجنة الوزارية للشئون الاقتصادية التنفيذية ووزراء الاقتصاد والتموين والخزانة القاضي "بوقف تنفيذ قرار وزير الاقتصاد الصادر بتاريخ 10 من أكتوبر سنة 1959 بمصادرة 140 سيارة فوكسهول كريستا موضوع ترخيص الاستيراد رقم 7325 (على بنك القاهرة) المؤرخ 26 من أغسطس سنة 1958 والصادر للمدعية الأولى وما تضمنه من تكليف مصلحة الجمارك اتخاذ الإجراءات الخاصة ببيع السيارات المذكورة وتسوية المتحصل لحساب وزارة الاقتصاد" وطلب الطاعن للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن الحكم "بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض طلب وقف التنفيذ بالطعن رقم 115 لسنة 14 القضائية مع إلزام المطعون ضدهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة في جميع الأحوال"، وقد أعلن الطعن للمدعين في 11 من مايو سنة 1960 وعين لنظره أمام هيئة فحص الطعون جلسة 2 من أكتوبر سنة 1960 - وبجلسة 13 من نوفمبر سنة 1960 قررت الهيئة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لجلسة 31 من ديسمبر سنة 1960 ثم أجل نظره لجلسة 19 من نوفمبر سنة 1960 ومنها أحيلت لجلسة 26 من نوفمبر سنة 1960 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ثم أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أنه بصحيفة أودعت سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 25 من أكتوبر سنة 1959 أقامت الشركتان المدعيتان الدعوى رقم 115 لسنة 14 القضائية ضد رئيس مجلس الوزراء التنفيذي وآخرين طلبتا فيها الحكم بوقف تنفيذ قرار اللجنة الوزارية للشئون الاقتصادية الصادر بجلسة 2 من أغسطس سنة 1959 والمؤيد بقرارها الصادر في 22 من سبتمبر سنة 1959 والمصدق عليه من المجلس التنفيذي في 23 من سبتمبر سنة 1959 وقرار وزير الاقتصاد الصادر في 10 من أكتوبر سنة 1959 والمتضمن مصادرة 140 سيارة فوكسهول كريستا وكذا ما تضمنه القرار الأخير من تكليف مصلحة الجمارك اتخاذ الإجراءات الخاصة ببيع السيارات المذكورة، وفي الموضوع بإلغاء القرارات سالفة الذكر واعتبارها منعدمة لصدورها ممن لا ولاية له وإلزام المدعى عليهم على وجه التضامن بأن يدفعوا للمدعيتين مبلغ ثلاثين ألف جنيه على سبيل التعويض عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بهما مع الفوائد بواقع 4% حتى تمام الوفاء مع حفظ حقهما في تعديل هذا المبلغ نتيجة لما تسفر عنه هذه الدعوى وما تتكشف عنه حالة السيارات وما أصابها من تلف نتيجة تخزينها إلى أن يتم الإفراج عنها مع إلزامهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقالتا بياناً لذلك إن الشركة الأولى تقدمت بطلب ترخيص في استيراد 140 سيارة فوكسهول كريستا ستة سلندرات أربعة أبواب وذلك في ظل نظام الاستيراد المعلن عنه في ملحق الوقائع رقم 54 في 14 من يوليه سنة 1958 والذي يسمح باستيراد سيارات الركوب الصغيرة التي لا تزيد قيمتها على 450 جنيهاً سيف مقابل سداد قيمتها خضراً وبطاطس ومنتجات خان الخليلي وبعض أصناف أخرى وقد صدر إليها الترخيص رقم 7325 (بنك القاهرة) في 26 من أغسطس سنة 1958 ونص فيه في خانة الصنف المرخص في استيراده "سيارات فوكسهول كريستا ستة سلندرات أربعة أبواب" (وافق السيد وزير الاقتصاد والتجارة على إعفاء هذه العملية من أحكام الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 وذلك بموجب الخطاب المؤرخ 24 من أغسطس سنة 1958 ملف رقم 264 - 4/ 321) ونص في خانة الوحدات "140 سيارة صغيرة بسعر السيارة (439 جنيهاً و200 مليم) حسب الفاتورة المرفقة بحيث لا يزيد سعرها على 450 جنيهاً سيف"، وبموجب عقد ثابت التاريخ في 26 من أغسطس سنة 1958 باعت الشركة الأولى إلى الشركة الثانية السيارات المذكورة بسعر 1062 جنيهاً و500 مليم للسيارة الواحدة تسليم سيف القاهرة، وعندما بدأ ورود السيارات أرسلت الإدارة العامة للاستيراد خطاباً إلى الشركة الأولى تخطرها فيه بأن مصلحة الجمارك قد اعترضت على القيمة الواردة بالفاتورة وهي 450 جنيهاً للسيارة وقدرتها بمبلغ 569 ج. ك و9 شلن فوب للسيارة الواحدة وقد عرض الموضوع على اللجنة الوزارية للشئون الاقتصادية بجلسة 9 من نوفمبر سنة 1958 فقررت أن تستولي وزارة التموين على السيارات المذكورة وتوزيعها بمعرفتها وقامت الإدارة العامة للاستيراد بإخطار وزارة التموين ومصلحة الجمارك بهذا القرار في 11 من نوفمبر سنة 1958، وقد ردت الشركة على الإدارة العامة للاستيراد في 22 من نوفمبر سنة 1958 بأنها باعت السيارات قبلاً إلى شركة منير مقار بعقد ثابت التاريخ في 26 من أغسطس سنة 1958 وأن هذه السيارات استوردت لبيعها لشركة منير مقار التي تمثل مصانع فوكسهول في مصر وأنها وردت بمستندات مصرفية تحمل اسم شركة منير مقار وعلى ذلك فإنه يستحيل تنفيذ قرار اللجنة لوقوعه على بضائع غير مملوكة لها، ولفتت الشركة النظر إلى أن اعتراض مصلحة الجمارك على قيمة السيارات الواردة بالفاتورة يرد عليه بالآتي: أولاً - أن سعر السيارات هو سعر تصفية خاص ممنوح من شركة فوكسهول وقد خفض تخفيضاً خاصاً لظروف خاصة أي أنه أقل من السعر الأصلي، كما لم تبد المراقبة أي اعتراض على استيراد هذه السيارات بل أصدرت الترخيص ونص فيه على أن السيارات هي سيارات فوكسهول كريستا ستة سلندرات أربعة أبواب مع ذكر أنها سيارات صغيرة، وأيد السيد وزير الاقتصاد ذلك بإعفائه السيارات من أحكام الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 وقد وردت السيارات مطابقة لما دون بترخيص الاستيراد، ثانياً: أن السيارات استوردت مقابل تصدير بطاطس، ومن المعلوم أن مصلحة الجمارك تراقب أسعار التصدير للتأكد من أنها وفق الأسعار السارية. وقد أرفقت الشركة المدعية بكتابها إلى مراقبة الاستيراد صورة فوتوغرافية من خطاب مؤرخ 11 من نوفمبر سنة 1958 موجه من شركة فوكسهول موتورز إلى مؤسسة ماتفين تؤيد فيه أنها منحتها خصماً استثنائياً على السيارات المذكورة حتى يتمشى سعرها مع اللوائح المصرية لاستيراد سيارات الركوب ولأن الشركة السويسرية كانت وسيطة في تصدير عدد كبير من السيارات واللوريات والموتورات إنتاج شركة فوكسهول موتورز، كما أرفقت صورة فوتوغرافية من كتاب مؤسسة ماتفين تؤيد نجاحها في أن تشتري للشركة الأولى لحساب الشركة الثانية السيارات المشار إليها بسعر استثنائي مخفض قدره 450 جنيهاً إسترلينياً شاملاً الشحن للأسباب التي ذكرتها في كتابها أهمها أن مؤسسة ماتفين تعتبر لدى شركة فوكسهول عميلاً كبيراً، كما أن الشركة المنتجة قد عرضت الموديل الجديد للسيارات لعام 1959 في الوقت الذي تملك فيه رصيداً كبيراً من موديل 1958 الذي تمت فيه صفقة الـ 140 سيارة فكان من مصلحة شركة فوكسهول موتورز التخلص من موديل 1958 ولو بتخفيض في السعر، وقالت الشركة بعد ذلك أنها تتظلم من قرار اللجنة الوزارية للشئون الاقتصادية والتمست إعادة عرض الموضوع عليها مع تبيان جميع النقط الموضحة بكتابها حتى لا تكون هناك تفرقة بين الشركة وغيرها من الشركات وتفادياً لما تتعرض له من أضرار. وقد عرض الأمر على إدارة الفتوى والتشريع المختصة فأفتت اللجنة الثالثة للقسم الاستشاري بأن المستولي لديه في الحالة المعروضة هو شركة منير مقار وأنه يختص بالتعويض فيجب الالتجاء إلى الاتفاق فإن تعذر فيدفع له ثمن المثل في السوق وقت الأداء مخصوماً منه ما قد يكون هناك من أرباح نتيجة الاحتكار. وقد حققت إدارة المخابرات ثم النيابة الإدارية الموضوع وانتهى الأمر بالاقتناع بسلامة الموضوع. وفي 14 من إبريل سنة 1959 أرسلت الشركة الأولى إلى السيد وزير التموين صورة من الخطاب المرسل إليها من بنك جنيفواز للتجارة والائتمان بجنيف بشأن تلك السيارات ويبين منه أن شركة فوكسهول موتورز منحت مؤسسة ماتفين التي مولت العملية خصماً يبلغ 24000 جنيه إسترليني وأن هذا الخصم منح خصيصاً لخفض ثمن تصدير السيارات لمصر إلى 450 جنيهاً للسيارة الواحدة ليتفق مع القرار الخاص باستيراد السيارات، والتمست الشركة الإفراج عن السيارات كما تظلمت للسيد وزير الاقتصاد ثم للسيد وزير التموين. وقد أعادت وزارة الاقتصاد عرض الموضوع على اللجنة الوزارية للشئون الاقتصادية بجلسة 20 من يوليه سنة 1959 وبينت سلامة العملية واقترحت الإفراج عن السيارات فوافقت اللجنة على ذلك بالرجوع إلى مصلحة الجمارك للتأكد من أنه ليس هناك مخالفات جمركية، ثم أعيد عرض الموضوع على اللجنة في 2 من أغسطس سنة 1959 دون انتظار وصول رأي مصلحة الجمارك فقررت مصادرة السيارات، وفي هذه الأثناء شكلت مصلحة الجمارك لجنة لدراسة الموضوع فقررت سلامة عملية الاستيراد وعدم وجود مخالفات جمركية وكتبت بذلك إلى وزارة التموين، ولكن هذا الرأي وصل بعد صدور قرار اللجنة الوزارية، فتقدمت الشركة بمذكرة في 5 من سبتمبر سنة 1959 للسيد رئيس اللجنة ورئيس المجلس التنفيذي ضمنتها الحقائق المتقدمة غير أنها علمت بأن اللجنة الوزارية أيدت قرارها السابق بجلستها المنعقدة في 22 من سبتمبر سنة 1959 كما أيد المجلس التنفيذي قرار اللجنة الوزارية في 23 من سبتمبر سنة 1959 ووافق السيد وزير الاقتصاد في 10 من أكتوبر سنة 1959 على هذه المصادرة وتكليف مصلحة الجمارك اتخاذ الإجراءات الخاصة ببيعها وتسوية المتحصل لحساب وزارة الاقتصاد، وقد طعنت الشركتان في القرارات السالفة الذكر طالبة بصفة مستعجلة وقف تنفيذها وفي الموضوع بإلغائها مستندة في ذلك إلى ما يأتي: أولاً - بالنسبة لطلب وقف التنفيذان أركان طلب وقف التنفيذ متوفرة، ذلك أن تنفيذ قرار المصادرة من شأنه إفلاس المدعيتين فقد كان تمويل هذه العملية عن طريق البنوك، ففي حالة تنفيذ المصادرة ستقوم البنوك فوراً بالمطالبة بقروضها وهو أمر تنوء به ميزانية كل من الشركتين ويؤدي إلى نتائج يتعذر تداركها، هذا إلى أن المصادرة هنا إجراء غير قانوني لصدوره من جهة غير مختصة بإصداره ولأنه من الناحية الموضوعية لا تجوز المصادرة أصلاً نظراً لسلامة إجراءات الاستيراد حسبما سلف البيان. ثانياً - أما عن الموضوع فقد أشارت المدعيتان أولاً إلى أن ملخص قرار وزير الاقتصاد الصادر في 10 من أكتوبر سنة 1959 قد أبلغ إليها في 21 من أكتوبر سنة 1959 أما الشركة الثانية فلم يعلن إليها ذلك القرار ومن ثم لم تعرف المدعيتان مشتملاته على وجه يقيني؛ ومن ثم فإن ميعاد الطعن فيه ما زال مفتوحاً إلى أن تعلم به المدعيتان العلم اليقيني ويمضي ميعاد الستين يوماً ومن ثم يكون الطلب قد قدم في الميعاد، ثم انتقلت المدعيتان إلى موضوع الدعوى فبينتا مراحل عملية الاستيراد حسبما سلف إيضاحه ثم قالتا إن السعر المقدر للسيارات بني على أساس تخفيض خاص مما يدل على أن السعر الأصلي كان أعلى من ذلك لولا أن شركة فوكسهول موتورز قد رأت لاعتبارات تتعلق بعلاقاتها مع الشركة السويسرية الوسيطة (مؤسسة ماتفين) إذ اشترت منها لحساب المدعية الأولى بضائع تبلغ قيمتها 1.642.213 جنيهاً و102 مليماً كما أن الموديل الجديد للسيارة سنة 1959 قد عرض وما زال متبقياً لدى شركة فوكسهول كميات كثيرة من موديل 1958 لذلك قبلت هذه الشركة إجراء الخفض المذكور في الثمن إبقاء على العلاقات ولتصريف المخزون من موديل 1958. وهناك اعتبار آخر هو المحافظة على السوق المصرية والعملاء المصريين، ثم قالتا إن الشركة الأولى قد ذكرت في طلب الاستيراد نوع السيارة وعدد السلندرات وعدد الأبواب فلم تر مراقبة الاستيراد أن السيارة المذكورة لا تعتبر صغيرة فأعطت الترخيص؛ ذلك أن كل ما يعني مراقبة الاستيراد حين أصدرت تعليماتها بخصوص الاستيراد هو توفير العملة الأجنبية فكان المعيار لديها هو الثمن الذي يدفع في السيارة وكان هذا هو المقياس في تحديد وصف كلمة صغيرة، وإزاء ذلك وأمام سلامة المستندات وصدقها وما أثبتته الشركة من أن الخصم الذي تم هو خصم خاص وبصفة غير متكررة للاعتبارات التي سلف ذكرها أصدرت اللجنة الاقتصادية قراراً بالإفراج عن السيارات على أن يستولى عليها، فلما تظلمت الشركة من ذلك القرار وعرض الأمر على إدارة الفتوى والتشريع التي أشارت بأن الاستيلاء يجب أن يوجه للشركة الثانية وأن يكون ذلك بسعر السوق لم تقنع وزارة التموين بذلك وطوت قرار الاستيلاء لأنه لم يحقق لها ما كانت تهدف إليه من الحصول على الصفقة بسعر 450 جنيهاً للسيارة وجاءت بفكرة جديدة هي جواز مصادرة السيارات بقرار من وزير الاقتصاد طبقاً لأحكام الأمر رقم 556 لسنة 1945 المعدل بالمرسوم بقانون رقم 105 لسنة 1945 والقانون رقم 9 لسنة 1959 بل ذهبت إلى اعتبار فاتورة شركة ماتفين سنداً مصطنعاً تحكمه المادة 336 من قانون العقوبات وانتهت وزارة التموين إلى إحالة الموضوع إلى وزارة الاقتصاد لإبداء الرأي، غير أن وزارة الاقتصاد لم تقرها على ما ذهبت إليه ورأت أن الأمر رقم 556 لسنة 1945 سالف الذكر لا ينطبق في هذه الخصوصية لأن الأمر المذكور يحظر استيراد البضائع والمنتجات من أي بلد في الخارج إلا بعد الحصول على رخصة استيراد من وزارة المالية وقد حصلت الشركة المدعية على ترخيص قبل الاستيراد، كما أن الأمر العسكري لم يتعرض للمستندات المصطنعة إذ أن هذا الحكم مستحدث في القانون رقم 9 لسنة 1959 ومن غير الجائز إقامة الدعوى طبقاً للمادة العاشرة من القانون المذكور لأن الوقائع المعروضة حدثت في ظل الأمر العسكري رقم 556 لسنة 1945 وتم الاستيراد قبل العمل بالقانون الجديد، كما أن المادة 336 عقوبات الخاصة بالنصب غير منطبقة لوجود نص خاص في القانون رقم 623 لسنة 1955 في شأن أحكام التهريب الجمركي يعالج هذه الحالات ومن المقرر أن الخاص يقيد العام. ثم انتقلت المدعيتان بعد ذلك إلى بحث ما إذا كان قرار المصادرة قد صدر من جهة مختصة بإصداره أم أنه صدر من جهة لا ولاية لها أصلاً ومن ثم يكون قراراً منعدماً، وإذا فرض أنه صدر من جهة مختصة بإصداره فهل تملك إصداره حسب القوانين واللوائح. أما عن الأمر الأول فقد استعرضت المدعيتان أحكام الأمر العسكري رقم 556 لسنة 1945 وهو يقضي بحظر الاستيراد دون رخصة من وزارة المالية كما ينص على أن تصادر إدارياً جميع البضائع التي تستورد بالمخالفة لأحكامه، ولما كانت مراقبة الاستيراد ومصلحة الجمارك قد أبديا رأيهما في سلامة إجراءات الاستيراد، كما أن الأمر العسكري قد خلا من أي تفويض لوزارة التموين أو اللجنة الاقتصادية فمن ثم يكون قرار اللجنة المذكورة بالمصادرة قد صدر من جهة لا تملكه وليست لها ولاية أصلاً في إصداره فهو والحالة هذه معدوم لا يعتد به ويكون قرار وزير الاقتصاد في 10 من أكتوبر سنة 1959 بالموافقة على المصادرة معدوماً. ثم استعرضت المدعيتان بعد ذلك أحكام القانون رقم 623 لسنة 1955 في شأن أحكام التهريب الجمركي وانتهيا إلى أنه يبين من هذه النصوص أنها خلت من نص يخول المصادرة إدارياً بل أوجب القانون أن يصدر بها حكم قضائي، أما القانون رقم 9 لسنة 1959 في شأن الاستيراد الصادر في 12 من يناير لسنة 1959 الذي ينص في المادة العاشرة منه على تخويل وزير الاقتصاد أو من ينيبه الاكتفاء بمصادرة السلع المستوردة إدارياً فلا يسري على الحالة المعروضة لأن واقعة الاستيراد تمت قبل صدوره، أما عن الأمر الثاني فإن القانون رقم 623 لسنة 1955 لا يخول المصادرة الإدارية بل يستلزم صدور حكم بها من المحكمة ومن ثم فإن اللجنة الوزارية لا تملك هي أو غيرها من الجهات الإدارية إصدار قرار بالمصادرة الإدارية ويكون القرار والحالة هذه قد صدر بالمخالفة لأحكام القانون، أما عن الأمر الثالث وهو افتراض صدور القرار من جهة تملك إصداره فهل صدر القرار سليماً أم مشوباً بعيبي مخالفة القانون وإساءة استعمال السلطة. وقد استعرضت المدعيتان مراحل عملية الاستيراد وانتهت إلى أنها عملية سليمة ولذلك قررت اللجنة الوزارية الإفراج عن السيارات مع الاستيلاء عليها ثم عادت اللجنة فأصدرت قراراً بالمصادرة دون انتظار رأي مصلحة الجمارك كما سلف البيان وهذا يدل على الانحراف بالسلطة كما صدر بدوافع شخصية للحصول على السيارات بغير مقابل ولذلك يكون قرار اللجنة باطلاً. وعن طلب التعويض قالت المدعيتان أنه قد ترتب على قرار المصادرة بقاء السيارات في مخازن الاستيداع فتحملت المدعية الثانية مصروفات التخزين والتأمين والصيانة علاوة على ثمن السيارات الذي تحصلت عليه عن طريق التمويل بواسطة البنوك، كما أن ما اتخذ مع الشركة الأولى من إجراءات وتحقيق وما نسب إليها ابتداء من اصطناع مستندات، كل ذلك أصاب المدعيتين بأضرار مادية وأدبية تقدر مؤقتاً بثلاثين ألف جنيه. وقد ردت الحكومة على الدعوى بما محصله أنه بعد أن حصلت الشركة الأولى على ترخيص باستيراد السيارات موضوع هذه الدعوى على النحو السابق تفصيله وردت منها 49 سيارة في 29 من أكتوبر سنة 1958، وعند النظر في تحديد الرسوم الجمركية عليها اعترضت مصلحة الجمارك على القيمة الواردة بالفاتورة الأصلية إذا ثبت لها من القوائم الموجودة لديها أن سعر السيارة بالمصنع هو 633 جنيهاً إسترلينياً فوب أي بما يساوي 562 جنيهاً مصرياً فضلاً عن أن السيارات مزودة بإضافات أخرى كجهاز راديو وأشياء أخرى لا تدخل قيمتها في سعر السيارة كما اتضح من المعاينة أنها لا تدخل في عداد السيارات الصغيرة وإنما هي من السيارات للاستيراد بهذه المخالفات متوسطة الحجم ومن ثم قامت بإخطار الإدارة العامة وقررت عدم الإفراج عنها، وقد تقدمت الشركة بمذكرة جاء بها أن السعر الوارد بالفاتورة هو سعر تصفية وليس السعر الحقيقي وقدمت الخطابات الواردة من شركة فوكسهول موتورز وبنك جنيفواز للتجارة ومؤسسة ماتفين - وهي التي سبقت الإشارة إليها - وعرض الأمر على اللجنة الوزارية للشئون الاقتصادية بجلسة 9 من نوفمبر سنة 1958 فقررت الإفراج عن السيارات على أن تستولي عليها وزارة التموين وتقوم بتسعيرها، إلا أن وزارة التموين بحثت الموضوع واتضح لها أن العملية غير سليمة وأن الشركة المدعية قد لجأت إلى طرق غير مشروعة واستخدمت وسائل ملتوية للتحايل على أحكام القانون وخالفت بذلك أنظمة الاستيراد المعمول بها إذ استوردت سيارات يزيد سعرها على 450 جنيهاً باستخدام مستندات مصطنعة وفواتير صورية فطلبت إعادة عرض الأمر على اللجنة الوزارية فوافقت اللجنة على مصادرة السيارات لحساب الحكومة بجلستها المنعقدة في 2 من أغسطس سنة 1959 لورودها بالمخالفة لأنظمة الاستيراد سواء من حيث الوصف إذ وصفت بأنها صغيرة أو من حيث القيمة نظراً للملابسات التي أحاطت بالفاتورة المقدمة ولما ثبت أيضاً من أن السيارات مزودة بإضافات أخرى لم يرد لها ذكر في الفاتورة ثم أيدت اللجنة رأيها بجلسة 22 من سبتمبر سنة 1959 وصدق عليه المجلس التنفيذي في 23 من سبتمبر سنة 1959، فأقامت المدعيتان هذه الدعوى. ويتحصل دفاع الحكومة في أنه صدر القرار الجمهوري رقم 970 لسنة 1957 بالسماح باستيراد السيارات الصغيرة وذلك استثناء من قرار الحظر الصادر بالأمر رقم 556 لسنة 1945 والمعدل بالمرسوم بقانون رقم 105 لسنة 1945، وحددت اللجنة الوزارية للشئون الاقتصادية أسعار السيارات الصغيرة بما يتراوح بين 380 و440 جنيهاً مصرياً سيف ثم حدد وزير الاقتصاد بناء على تفويض اللجنة له بجلستها المنعقدة في 3 من مايو سنة 1958 سعر السيارة الواحدة خالصة المصاريف لميناء الوصول "سيف" بمبلغ 450 جنيهاً كحد أعلى، وتنفيذاً لذلك أذاعت وزارة الاقتصاد (الإدارة العامة للاستيراد) في ملحق العدد رقم 54 من الوقائع المصرية الصادر في 14 من يونيه سنة 1958 النص التالي "يسمح باستيراد سيارات الركوب الصغيرة التي لا تزيد قيمتها على 450 جنيهاً سيف مقابل سداد قيمتها بخضر وفواكه... الخ - ومفاد ذلك أنه يجب لكي تطابق السيارة المستوردة نظام الاستيراد أن تكون من سيارات الركوب الصغيرة وألا يزيد ثمنها على 450 جنيهاً وأن يتم سداد قيمتها بالخضر والفواكه.. الخ، فالأصل هو حظر استيراد السيارات على اختلاف أنواعها فإذا أباح المشرع استثناء استيراد سيارات وجب التقيد بالقيود التي نص عليها. فهل وردت السيارات موضوع الدعوى بالمطابقة للشروط سالفة الذكر؟ تنطق أوراق الدعوى بأن السيارات المستوردة ليست صغيرة وهذا ثابت من تأشيرة الجمارك على الطلب المقدم من الشركة لسداد الرسم الجمركي، حيث جاء بها أن السيارات كبيرة وأن سعرها 569 جنيهاً و9 شلن إسترليني بالإضافة إلى أن الفواتير المقدمة غير أصلية بالنسبة للمصنع المنتج، كما ورد بتقرير لمراقبة التعريفات "أن قوة هذه السيارات 23.4 حصاناً فإذا أضيف إلى ذلك أنها من ذات الست سلندرات فإنها تعتبر في رأينا من السيارات متوسطة الحجم إذ أن السيارات الصغيرة تكون عادة ذات أربعة سلندرات وتتراوح قوتها بين 11.4 حصاناً و17.4 حصاناً. أما السيارات الكبيرة فهي ذات ستة أو ثمانية سلندرات ولا تقل قوتها عن 30 حصاناً، وثابت أيضاً باعتراف الشركة أن سعر السيارات بالمصنع في لندن يزيد على السعر المقرر كحد أعلى للسماح بالاستيراد بل إن الشركة قررت بأن هذا السعر منح لها بقصد التغلب على أنظمة الاستيراد الموجودة بمصر وقدمت المستندات الدالة على ذلك، وهذا القول على فرض صحته لا يغير من واقع الأمر شيئاً، هذا إلى أن نظرة واحدة إلى مستندات الشركة تقطع بصوريتها وتؤكد أنها اصطنعت خصيصاً بغرض التحايل على أنظمة الاستيراد، ولا أدل على ذلك مما ورد بكتاب بنك جنيفواز إلى الشركة المدعية المؤرخ 4 من إبريل سنة 1959 من أنه "... يمكننا أن نؤكد بأن شركة فوكسهول قد قبلت لمجرد تسهيل إدخال هذه السيارات إلى مصر فقط أن تمنح بصفة استثنائية وعلى خلاف العرف التجاري خصماً قدره 3% على جملة مبيعات شركة ماتفين المقدرة بحوالي 800.000 جنيه إسترلينياً من مختلف السيارات المباعة لها من شركة فوكسهول وشركة جنرال موتورز وذلك لكي يتسنى لمؤسسة ماتفين وهي الشركة الوسيطة تغطية الفرق بين سعر المصنع بالنسبة إلى 140 سيارة كريستا لمصر وهي 633 جنيهاً إسترلينياً و2 شلن و6 بنس للسيارة الواحدة وبين السعر المحدد للاستيراد في هذا القطر وهو 450 جنيهاً للسيارة المسموح به عند وصول هذه السيارات إلى مصر" وظاهر من هذا الخطاب أن الخصم الممنوح لمؤسسة ماتفين على جملة مبيعاتها هو خصم استثنائي بحت وعلى خلاف العرف التجاري المألوف وأن القصد منه فقط التحايل على أنظمة الاستيراد الموجودة في مصر فليس أقطع في الدلالة على صورية هذه المستندات واصطناعها من تلك العبارات، وإذا كان العرف التجاري يجيز خصم 3% من قيمة السلعة بسبب كثرة المعاملات فإن خصم 3% من قيمة مبيعات مؤسسة ماتفين وقدره 24000 جنيه وتحميل هذا الخصم بأكمله على صفقة السيارات المصدرة إلى مصر يجعل هذا الخصم غير مألوف تجارياً إذ يبلغ 28% من قيمة السلعة مما يدل على عدم مشروعية هذا الخصم، يؤيد ذلك أيضاً ما ورد بخطاب شركة فوكسهول إلى مؤسسة ماتفين المؤرخ 11 من نوفمبر سنة 1958 حيث جاء به ما يلي: "بالإشارة إلى محادثاتنا الأخيرة بشأن الصعوبات التي لاقيتموها والتي تلاقونها والمتعلقة بتصدير السيارات الفوكسهول والبدفورد إلى مصر أود أن أؤكد النقاط التالية، إننا نعلم تمام العلم أن القواعد والتعليمات الخاصة بنظام تصدير السيارات إلى مصر تقوم عقبة في سبيل إرسال هذا النوع من الرسائل وقد علمنا أخيراً أن ثمة تشريعاً حديثاً قد صدر بشأن تحديد ثمن سيارات الركوب التي قد تستورد لمصر مما يزيد الموضوع صعوبة ونحن من جانبنا قد سبق أن أخبرناكم في أكثر من مناسبة بأن لنا سياسة ثابتة بخصوص الأسعار وأن سيارات الفوكسهول والبدفورد تباع لجميع موزعينا فيما وراء البحار بنفس أسعار المصنع - إلا أنه بالرغم من هذه السياسة ونظراً إلى تلك المشاكل المذكورة بصدر هذا الخطاب والتي يجب أن تتغلبوا عليها شرط القيمة قد وافقنا بخصوص رسالة الكريستا الجاري توريدها أن نعطيكم خصماً خصوصياً لمساعدتكم لتخطي هذه العقبات التي تعترضكم" وهذا المستند كسابقه دليل جديد على صورية الثمن الوارد بالفاتورة وأن الهدف من إجراء هذا الخصم الصوري هو مجرد التحايل على أنظمة الاستيراد الموجودة بمصر. هذا وثابت أيضاً من صحيفة الدعوى ومن المستندات المقدمة من المدعيتين أن دور شركة التجارة والتبادل اقتصر على تمويل العملية إذ باعت السيارات قبل ورودها إلى شركة منير مقار وشركاه وليس من المعقول في العرف التجاري أن يتعدى ربح الممول في عملية تشبه عملية البنوك أكثر من 10% بأي حال من الأحوال والأمر على خلاف ذلك بالنسبة لهذه الصفقة إذ يبلغ ربح تلك الشركة 50% من قيمة التكلفة الخاصة بهذه السيارات، وهذا يؤكد أن السعر الوارد بالفاتورة لا يمكن أن يكون الثمن الحقيقي لها وأنه لا يمكن بحال ما أن يرتفع ثمن السيارة إلى هذا القدر إلا أن يكون ذلك بقصد التحايل على أنظمة الاستيراد باستعمال وسائل غير مشروعة. ثم قالت الحكومة إن المستندات التي قدمتها الشركتان مؤرخة في تواريخ لاحقة على وصول السيارات وحجزها في الجمرك لمخالفتها لنظام الاستيراد إذ أنها مؤرخة 11 من نوفمبر سنة 1958 و4 من إبريل سنة 1959 مما يدل على أنها اصطنعت خصيصاً لإيهام المسئولين بسلامة العملية ولإضفاء صفة المشروعية على الثمن الصوري. وما يؤكد هذا القول أن المدعيتين زعمتا في أول الأمر أن السعر هو سعر تصفية خاص على النحو الوارد بالفاتورة المقدمة منهما ثم عجزتا عن إقامة الدليل على ذلك وفشلتا في حمل الشركة على إعطائهما ما يؤيد ذلك القول إذ خشيت شركة فوكسهول أن يتحرج مركزها بالنسبة إلى وكلائها الآخرين عن نفس السيارة إذ تقرر هذه الشركة في خطاباتها السالفة الذكر أن لها سعراً ثابتاً بالنسبة لجميع عملائها، لجأتا إلى هذه الحيلة المكشوفة وقدمتا الخطابات المشار إليها في تاريخ لاحق على حجز الصفقة بالجمارك مما يدل على تناقضهما في بيان سبب نقص الثمن بالفاتورة عن ثمن المصنع، ومؤدى هذا بلا جدال أن الثمن الوارد بالفاتورة هو ثمن صوري وأن المستندات سالفة الذكر مصطنعة، ثم تساءلت الحكومة عن سبب تداخل شركة ماتفين وشركة التجارة والتبادل في هذه العملية التي كان يجب أن تتم بين شركة فوكسهول وشركة منير مقار وهي الوكيلة الوحيدة عن شركة فوكسهول ثم قالت إن الإجابة عن ذلك هي أن المعروف أن شركة التجارة والتبادل تقوم بالاتجار في العملات الأجنبية في الخارج وفي النقد وهي الوكيلة في مصر عن شركة ماتفين التي تقوم بتمويل العمليات بشراء العملات وبيعها بعد الحصول على عمولة كما تحصل على ربح نتيجة الشراء والبيع في العملات، وعلى ذلك فإن شركة منير مقار قد وسطت شركة التجارة والتبادل بالاتصال بشركة ماتفين لتمويل صفقة الـ 140 سيارة نظير عمولة تستبقيها لها في مصر أو نظير تسوية فرق السعر عنها في الخارج عن عملات أجنبية مملوكة لشركة منير مقار ومودعة بالخارج وكلا الأمرين يكون مخالفة نقدية صريحة وفقاً لأحكام القانون رقم 80 لسنة 1947 والمعدل بالقوانين التالية له، وخلصت الحكومة من كل ذلك إلى أن السيارات المستوردة ليست من السيارات الصغيرة كما أن ثمنها يزيد على 450 جنيهاً وهو الحد الأعلى لما يسمح باستيراده من سيارات الركوب، وبذلك تكون هذه السيارات قد خالفت نظام الاستيراد وشروط الترخيص وتصبح وكأنها قد استوردت بدون ترخيص أصلاً، ومن ثم وجبت مصادرتها إدارياً تطبيقاً لأحكام القانون. ثم ردت الحكومة بعد ذلك على ما ورد بصحيفة الدعوى من العدول عن قرار الاستيلاء وشهادة مصلحة الجمارك ومراقبة الاستيراد بسلامة العملية وباختصاص اللجنة الاقتصادية بإصدار قرار المصادرة، كما ردت على ما أثارته الشركتان وهما بصدد وقف التنفيذ من أن حجز السيارات سيؤدي بهما إلى الإفلاس، وقالت إن الثابت أن ثمن السيارات على النحو الذي تقول به المدعية لا يزيد على 60000 جنيه بينما رأس مال هذه الشركة هو 140000 جنيه، وانتهت الحكومة من ذلك كله إلى طلب رفض الدعوى وفي طلب وقف التنفيذ برفضه وإلزام المدعيتين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وبعد أن تبادل الطرفان المذكرات حكمت المحكمة بجلسة أول مارس سنة 1960 "بوقف تنفيذ قرار وزير الاقتصاد الصادر في 10 من أكتوبر سنة 1959 بمصادرة 140 سيارة فوكسهول كريستا موضوع ترخيص الاستيراد رقم 7325 (على بنك القاهرة) المؤرخ 26 من أغسطس سنة 1958 والصادر للمدعية الأولى وما تضمنه من تكليف مصلحة الجمارك اتخاذ الإجراءات الخاصة ببيع السيارات المذكورة وتسوية المتحصل لحساب وزارة الاقتصاد" وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت أن السيارات التي استوردت بناء على هذا الترخيص والتي صدر القرار المطعون فيه بمصادرتها هي بذاتها السيارات الصادر بها الترخيص، أما القول بأن سعرها الحقيقي يجاوز 450 جنيهاً فإنه بفرض صحته لا يؤثر في حقيقة الواقع من أن السيارات المستوردة هي نفسها الصادر عنها الترخيص وأن الثمن الذي اشتريت به هو 450 جنيهاً مصرياً وأن هذا السعر هو سعر خاص ارتضته الشركة المنتجة لتصريف ما لديها من سيارات طراز سنة 1958 ولكي يتمشى مع القوانين المصرية الخاصة بالاستيراد. ومن ثم تكون هذه السيارات قد استوردت في حدود الترخيص الصادر للشركة المدعية الأولى وبالتالي لا يجوز مصادرتها إدارياً استناداً إلى الأمر العسكري رقم 556 لسنة 1945؛ إذ أن المصادرة الإدارية بمقتضى هذا الأمر لا تجوز إلا في حالة استيراد البضاعة بدون ترخيص سابق أو استيراد بضاعة مخالفة للترخيص، ولا يجدي بعد ذلك الحكومة القول بأن السيارات المستوردة ليست صغيرة ما دام أنها رخصت باستيرادها فعلاً.
ومن حيث إن الطعن يقوم على نفس الأسباب التي استندت إليها الحكومة في مذكراتها ولا يخرج رد المدعيتين على عريضة الطعن عما أوردتاه في مذكراتهما السابقة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في قضائه للأسباب التي قام عليها والتي تقرها هذه المحكمة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً وألزمت الحكومة بالمصروفات، ومبلغ ألف قرش مقابل أتعاب المحاماة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق