الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 25 ديسمبر 2022

الطعن 13263 لسنة 81 ق جلسة 1 / 12 / 2018 مكتب فني 69 ق 157 ص 1081

جلسة 1 من ديسمبر سنة 2018
برئاسة السيد القاضي/ سمير فايزي عبد الحميد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ عبد الصمد محمد هريدي، محمد مأمون سليمان، عبد الناصر عبد اللاه فراج وعبد العزيز محمد صلاح نواب رئيس المحكمة.
------------

(157)
الطعن رقم 13263 لسنة 81 القضائية

(1) اختصاص "الإحالة للمحكمة المختصة: حجية الحكم بعدم الاختصاص والإحالة".
الحكم بعدم الاختصاص القيمي والإحالة للمحكمة المختصة. قضاء ينهى الخصومة كلها بصدد الاختصاص. صيرورة هذا القضاء نهائيا. مؤداه. التزام المحكمة المقضي باختصاصها بحكم الإحالة ولو خالف حجية حكم سابق لها أو بني على قاعدة غير صحيحة في القانون. علة ذلك. م 110 مرافعات.

(2) حكم "حجية الأحكام: ما يحوز الحجية: أجزاء الحكم التي تحوز الحجية".
حجية الحكم. ثبوتها لما فصل فيه بصفة صريحة أو ضمنية سواء في المنطوق أو في الأسباب التي لا يقوم المنطوق بدونها بعد تناقش طرفي النزاع فيما فصل فيه واستقرت حقيقته بالحكم استقرارا جامعا مانعا. م 101 إثبات.

(3) نظام عام "الاختصاص الولائي والنوعي والقيمي للمحاكم".
قواعد الاختصاص الولائي والنوعي والقيمي. تعلقها بالنظام العام. أثره.

(4 - 7) إيجار "القواعد العامة في الإيجار: تطبيق قواعد القانون المدني في الإيجار" "انتهاء عقد الإيجار" "تشريعات إيجار الأماكن: نطاق سريانها: من حيث المكان".
(4) القانون المدني. الشريعة العامة لسائر المعاملات. الأصل. تطبيق أحكامه على عقود الإيجار. قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية. تشريعات خاصة في طبيعتها ونطاقها. علة ذلك. قصر تطبيقها في النطاق المشار إليه فيها.

(5) قوانين إيجار الأماكن. سريان أحكامها على عواصم المحافظات والبلاد المعتبرة مدنا. عدم سريان أحكامها على القرى إلا بقرار من وزير الإسكان والمرافق. م 1 ق 49 لسنة 1977 وم 1 ق 52 لسنة 1975.

(6) تواجد شقة النزاع بعزبة تابعة إداريا لقرية. مؤداه. انحسار قواعد قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية عن عقد إيجارها ولو كانت القرية قد صدر من وزير الإسكان قرار بتطبيق أحكامه عليها. قضاء المحكمة الجزئية بعدم اختصاصها قيميا بنظر دعوى الطاعن بالإخلاء وإحالتها إلى المحكمة الابتدائية على سند من خضوع عين النزاع لقوانين الإيجار الاستثنائية. مؤداه. عدم اكتساب ذلك الحكم حجية بشأن سبب الدعوى. علة ذلك. اقتصار حجيته على إلزام المحكمة المحال إليها بالفصل في موضوع الدعوى دون التقريرات الخاطئة الزائدة عن سبب عدم الاختصاص. م 110 مرافعات. قضاء الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه برفض الدعوى على ذات أسباب حكم الإحالة. مخالفة للقانون وخطأ.

(7) ثبوت إبرام عقد إيجار عين النزاع مشاهرة وإبداء الطاعن (المؤجر) رغبته في إنهائه. أثره. انتهاء الرابطة العقدية بين الطرفين وصيرورة يد المطعون ضدها (المستأجرة) بلا سند. مخالفة الحكم الابتدائي هذا النظر. موجب لإلغائه.

----------------

1 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن الحكم بعدم الاختصاص القيمي والإحالة إلى المحكمة المختصة- وفقا لنص المادة 110 من قانون المرافعات- ينهي الخصومة كلها فيما فصل فيه، ويحسمها بصدد الاختصاص، إذ لا يعقبه حكم آخر في موضوع الدعوى من المحكمة التي أصدرته، ويكون قابلا للاستئناف في حينه، فإذا لم يستأنف أصبح نهائيا، والتزمت به المحكمة التي قضى باختصاصها، ولو خالف حجية حكم سابق لها في هذا الشأن أو بني على قاعدة غير صحيحة في القانون.

2 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن النص في المادة 101 من قانون الإثبات يدل على أن حجية الحكم لا تكون إلا فيما فصل فيه بين الخصوم بصفة صريحة أو ضمنية حتمية، سواء كان ذلك في المنطوق أو في الأسباب التي لا يقوم المنطوق بدونها بعد أن يكون الطرفان تناقشا فيما فصل فيه واستقرت حقيقته بالحكم استقرارا جامعا مانعا.

3 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن قواعد الاختصاص الولائي والنوعي والقيمي تتعلق بالنظام العام، فيجوز الدفع بها من كل ذي مصلحة في أي حالة كانت عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة النقض، وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها، وهو لا ينعقد باتفاق الخصوم ولكن بقيام موجبه.

4 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن التقنين المدني يعتبر الشريعة العامة، فتسود أحكامه سائر معاملات الناس على سبيل الدوام والاستقرار، بحيث تعتبر النصوص المنظمة لعقد الإيجار هي الواجبة التطبيق أصلا ما لم تطرأ ظروف معينة يرى المشرع معها ضرورة تعطيل بعض أحكامه أو إحلال تشريعات خاصة بديلا عنها، وتعتبر قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية بشأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين تشريعات خاصة في طبيعتها ونطاقها، إذ خرج بها المشرع عن الأحكام العامة لعقد الإيجار، ووضع لها أحكاما خاصة فرض بمقتضاها التزامات معينة على كل من المؤجر والمستأجر قصد بها الحد من حرية المؤجر في تحديد الأجرة، وفي طلب الإخلاء، وقصر تطبيقها على الأماكن المشار إليها فيها.

5 - المقرر- في قضاء محكمة النقض بهيئتيها- أن المشرع حدد في كافة التشريعات المتعاقبة- في شأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين- النطاق المكاني لسريان أحكامها، فنص في المادة الأولى من كل من المرسوم بقانون رقم 140 لسنة 1946 والقانون رقم 121 لسنة 1947 على سريان أحكامه على المدن والجهات والأحياء المبينة في الجدول المرافق، ثم استحدث في القانون رقم 157 لسنة 1962 تعديلات للقانون رقم 121 لسنة 1947 أصبحت بمقتضاه المناطق الخاضعة لأحكامه هي عواصم المحافظات والبلاد المعتبرة مدنا بالتطبيق لأحكام قانون نظام الإدارة المحلية رقم 124 لسنة 1960، أما القرى فلا تسري عليها أحكام هذا القانون إلا بقرار من وزير الإسكان والمرافق، ولما أصدر الشارع القانون رقم 52 لسنة 1969 التزم في المادة الأولى منه نهجه السابق في تحديد البلاد التي تسري عليها أحكامه، كما التزمه في المادة الأولى من القانون رقم 49 لسنة 1977 محيلاً إلى أحكام القانون رقم 52 لسنة 1975 بإصدار قانون نظام الحكم المحلي الذي حل محل قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 124 لسنة 1960.

6 - إذ كان البين من الواقع المطروح بالأوراق- وبلا منازعة من طرفي الخصومة- أن عقد الإيجار المؤرخ 1/12/1984 محله شقة بعقار الطاعن الكائن بعزبة بدران النواوي التابعة إداريا لقرية كفر حجازي مركز المحلة الكبرى، ومن ثم فإن المنازعات الناشئة عن هذا العقد تحكمها قواعد القانون المدني دون قواعد قانون إيجار الأماكن الاستثنائية التي ينحسر سريانها عن العزب التابعة للقرى حتى ولو كانت القرية قد صدر من وزير الإسكان قرار بتطبيق أحكام قانون إيجار الأماكن على العلاقات الإيجارية المبرمة عن أماكن فيها، ولا يجوز للمحافظ المختص ولا لوزير الإسكان بوصفهما ممثلين للسلطة التنفيذية ولا للمحاكم باختلاف درجاتها أن تمد نطاق تطبيق قانون إيجار الأماكن على العزب باعتبار أن ذلك كله من اختصاص السلطة التشريعية، وكان الحكم الابتدائي بعد الإحالة قد أسس قضاءه برفض الدعوى على ما أورده بأسبابه من أن العقار الكائنة به شقة النزاع يقع في عزبة بدران النواوي التابعة لقرية كفر حجازي، وأن القرية خاضعة لأحكام قانون إيجار الأماكن بموجب قرار وزير الإسكان رقم 91 لسنة 1983 المنشور بالجريدة الرسمية في 4/2/1984، دون أن يفطن إلى أن العزب خارج النطاق المكاني لتطبيق أحكام قوانين إيجار الأماكن مطلقا حتى ولو كانت تابعة إداريا لقرية من القرى التي خضعت لأحكام قانون إيجار الأماكن، وكان الطاعن قد أقام الدعوى ابتداء أمام المحكمة الجزئية بطلب الحكم بالطرد مستندا إلى أن عقد الإيجار تحكمه القواعد العامة في القانون المدني دون قواعد وأحكام قانون إيجار الأماكن باعتبار أن عين النزاع في عقار كائن بعزبة بدران التابعة لقرية كفر حجازي، وإذ قضت المحكمة الجزئية بعدم اختصاصها قيميا ونوعيا بنظر الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الابتدائية دون أن تتطرق في أسباب حكمها لسبب الدعوى إيرادا وردا مجتزئة القول أن قرية كفر حجازي قد خضعت لأحكام قانون إيجار الأماكن بموجب قرار من وزير الإسكان، ومن ثم فإن حكمها لا تكون له حجية في المسألة القانونية سبب الدعوى، بل تقتصر حجيته- بعد صيرورته نهائيا- على إلزام المحكمة المحال إليها بالفصل في موضوع الدعوى عملا بنص المادة 110 من قانون المرافعات، ودون أن تتقيد بالتقريرات الواردة بأسباب حكم الإحالة لورودها خارج نطاق سبب الدعوى، وإذ قضت المحكمة الابتدائية برفض الدعوى على ذات أسباب حكم الإحالة بما كان يوجب على محكمة الاستئناف باعتبارها محكمة موضوع أن تبسط رقابتها على أسباب الحكم الابتدائي، وأن تقيم جنوحه واعوجاج أسبابه بالتصدي لسبب الدعوى، والفصل في المسألة القانونية السالف ذكرها، وصولا إلى مدى أحقية الطاعن في طلب الطرد المؤسس على سبب الدعوى، وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض الاستئناف متدثرا بما اعتقده من أن حكم الإحالة الصادر من المحكمة الجزئية قد حاز حجية لعدم الطعن عليه بالاستئناف على الرغم من أن حجيته قاصرة على عدم اختصاصها بنظر الدعوى قيميا سواء كان عقد الإيجار قد انتهى بانتهاء مدته أو كان ممتدا بقوة القانون، وأن التقريرات الخاطئة الزائدة عن سبب عدم الاختصاص القيمي لا تحوز حجية، بما يعيب الحكم المطعون فيه.

7 - إذ كان عقد الإيجار المؤرخ 1/12/1984 قد أبرم مشاهرة، ومحله شقة بعقار كائن في عزبة بدران النواوي التابعة لقرية كفر حجازي مركز المحلة الكبرى، وكان الطاعن قد أنذر المطعون ضدها في 12/9/2009 بعدم رغبته في تجديد مدة عقد الإيجار، ومن ثم تكون الرابطة الإيجارية قد انتهت بهذا الإنذار عملا بنص المادة 563 من القانون المدني، وأصبحت يد المطعون ضدها على عين النزاع بلا سند بما يوجب القضاء بطردها، وإذ خالف الحكم الابتدائي- المستأنف- هذا النظر، فإنه يتعين القضاء بإلغاء الحكم المستأنف وبطرد المطعون ضدها من عين النزاع.

------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضده الدعوى رقم ... لسنة 2010 أمام محكمة مركز المحلة الكبرى الجزئية بطلب الحكم بطردها من الشقة المبينة بالصحيفة وعقد الإيجار المؤرخ 1/12/1984، وقال بيانا لذلك إنه أجر للمطعون ضدها عين النزاع الكائنة بعزبة بدران النواوي التابعة لقرية كفر حجازي مركز المحلة الكبرى بموجب العقد المذكور لاستعمالها للسكنى مشاهرة مقابل أجرة مقدارها 17.5 جنيها شهريا، ولعدم رغبته في تجديد مدة العقد فقد أنذرها على يد محضر بتاريخ 12/9/2009 بالإخلاء، ولما لم تمتثل أقام الدعوى. حكمت المحكمة بعدم اختصاصها قيميا ونوعيا بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة طنطا الابتدائية- مأمورية المحلة الكبرى- وقيدت برقم ... لسنة 2010 مساكن كلي المحلة الكبرى. حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 5ق طنطا- أمام مأمورية استئناف المحلة الكبرى-، وبتاريخ 30/5/2011 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة- في غرفة مشورة- حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

--------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى بهما الطاعن على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول إن عين النزاع كائنة بعقار يقع في عزبة بدران النواوي التابعة إداريا لقرية كفر حجازي مركز المحلة الكبرى، وإن عقد الإيجار سند الدعوى تحكمه القواعد العامة في القانون المدني لعدم خضوع عزبة بدران النواوي لأحكام قانون إيجار الأماكن بموجب نص المادة الأولى من القانون رقم 49 لسنة 1977- في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر- الذي لا تسري أحكامه على الأماكن المؤجرة بالعزب، وإذ قضى الحكم الابتدائي برفض الدعوى على ما ورد بأسبابه من أن عزبة بدران النواوي تابعة لقرية كفر حجازي الخاضعة لقانون إيجار الأماكن بموجب قرار وزير التعمير والإسكان رقم 91 لسنة 1983، وأيده الحكم المطعون فيه على ما أورده بأسبابه من أن الحكم الصادر في الدعوى رقم ... لسنة 2010 مدني جزئي مركز المحلة القاضي بعدم الاختصاص قيميا ونوعيا وبإحالة الدعوى إلى محكمة طنطا الابتدائية قد ورد بأسبابه أن القرية الكائنة بها عين النزاع تخضع لأحكام قانون إيجار الأماكن ويمتد العقد لمدة غير محددة لم يطعن عليه بالاستئناف، وحاز حجية وأصبح نهائيا لا تجوز مخالفته، فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه من المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن الحكم بعدم الاختصاص القيمي والإحالة إلى المحكمة المختصة- وفقا لنص المادة 110 من قانون المرافعات- ينهى الخصومة كلها فيما فصل فيه، ويحسمها بصدد الاختصاص، إذ لا يعقبه حكم آخر في موضوع الدعوى من المحكمة التي أصدرته، ويكون قابلا للاستئناف في حينه، فإذا لم يستأنف أصبح نهائيا، والتزمت به المحكمة التي قضي باختصاصها، ولو خالف حجية حكم سابق لها في هذا الشأن أو بني على قاعدة غير صحيحة في القانون، وأن النص في المادة 101 من قانون الإثبات يدل على أن حجية الحكم لا تكون إلا فيما فصل فيه بين الخصوم بصفة صريحة أو ضمنية حتمية، سواء كان ذلك في المنطوق أو في الأسباب التي لا يقوم المنطوق بدونها بعد أن يكون الطرفان تناقشا فيما فصل فيه واستقرت حقيقته بالحكم استقرارا جامعا مانعا، ومن المقرر أن قواعد الاختصاص الولائي والنوعي والقيمي تتعلق بالنظام العام، فيجوز الدفع بها من كل ذي مصلحة في أي حالة كانت عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة النقض، وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها، وهو لا ينعقد باتفاق الخصوم ولكن بقيام موجبه، كما أنه من المقرر أن التقنين المدني يعتبر الشريعة العامة، فتسود أحكامه سائر معاملات الناس على سبيل الدوام والاستقرار، بحيث تعتبر النصوص المنظمة لعقد الإيجار هي الواجبة التطبيق أصلا ما لم تطرأ ظروف معينة يرى المشرع معها ضرورة تعطيل بعض أحكامه أو إحلال تشريعات خاصة بديلا عنها، وتعتبر قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية بشأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين تشريعات خاصة في طبيعتها ونطاقها، إذ خرج بها المشرع عن الأحكام العامة لعقد الإيجار، ووضع لها أحكاما خاصة فرض بمقتضاها التزامات معينة على كل من المؤجر والمستأجر قصد بها الحد من حرية المؤجر في تحديد الأجرة، وفي طلب الإخلاء، وقصر تطبيقها على الأماكن المشار إليها فيها، ومن المقرر- في قضاء هذه المحكمة بهيئتيها– أن المشرع حدد في كافة التشريعات المتعاقبة في شأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين النطاق المكاني لسريان أحكامها، فنص في المادة الأولى من كل من المرسوم بقانون رقم 140 لسنة 1946 والقانون رقم 121 لسنة 1947 على سريان أحكامه على المدن والجهات والأحياء المبينة في الجدول المرافق، ثم استحدث في القانون رقم 157 لسنة 1962 تعديلات للقانون رقم 121 لسنة 1947 أصبحت بمقتضاه المناطق الخاضعة لأحكامه هي عواصم المحافظات والبلاد المعتبرة مدنا بالتطبيق لأحكام قانون نظام الإدارة المحلية رقم 124 لسنة 1960، أما القرى فلا تسري عليها أحكام هذا القانون إلا بقرار من وزير الإسكان والمرافق، ولما أصدر الشارع القانون رقم 52 لسنة 1969 التزم في المادة الأولى منه نهجه السابق في تحديد البلاد التي تسري عليها أحكامه، كما التزمه في المادة الأولى من القانون رقم 49 لسنة 1977 محيلا إلى أحكام القانون رقم 52 لسنة 1975 بإصدار قانون نظام الحكم المحلي الذي حل محل قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 124 لسنة 1960. لما كان ما سلف، وكان البين من الواقع المطروح بالأوراق- وبلا منازعة من طرفي الخصومة- أن عقد الإيجار المؤرخ 1/12/1984 محله شقة بعقار الطاعن الكائن بعزبة بدران النواوي التابعة إداريا لقرية كفر حجازي مركز المحلة الكبرى، ومن ثم فإن المنازعات الناشئة عن هذا العقد تحكمها قواعد القانون المدني دون قواعد قانون إيجار الأماكن الاستثنائية التي ينحسر سريانها عن العزب التابعة للقرى حتى ولو كانت القرية قد صدر من وزير الإسكان قرار بتطبيق أحكام قانون إيجار الأماكن على العلاقات الإيجارية المبرمة عن أماكن فيها، ولا يجوز للمحافظ المختص ولا لوزير الإسكان بوصفهما ممثلين للسلطة التنفيذية ولا للمحاكم باختلاف درجاتها أن تمد نطاق تطبيق قانون إيجار الأماكن على العزب باعتبار أن ذلك كله من اختصاص السلطة التشريعية، وكان الحكم الابتدائي بعد الإحالة قد أسس قضاءه برفض الدعوى على ما أورده بأسبابه من أن العقار الكائنة به شقة النزاع يقع في عزبة بدران النواوي التابعة لقرية كفر حجازي، وأن القرية خاضعة لأحكام قانون إيجار الأماكن بموجب قرار وزير الإسكان رقم 91 لسنة 1983 المنشور بالجريدة الرسمية في 4/2/1984، دون أن يفطن إلى أن العزب خارج النطاق المكاني لتطبيق أحكام قوانين إيجار الأماكن مطلقا حتى ولو كانت تابعة إداريا لقرية من القرى التي خضعت لأحكام قانون إيجار الأماكن، وكان الطاعن قد أقام الدعوى ابتداء أمام المحكمة الجزئية بطلب الحكم بالطرد مستندا إلى أن عقد الإيجار تحكمه القواعد العامة في القانون المدني دون قواعد وأحكام قانون إيجار الأماكن باعتبار أن عين النزاع في عقار كائن بعزبة بدران التابعة لقرية كفر حجازي، وإذ قضت المحكمة الجزئية بعدم اختصاصها قيميا ونوعيا بنظر الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الابتدائية دون أن تتطرق في أسباب حكمها لسبب الدعوى إيرادا وردا مجتزئة القول إن قرية كفر حجازي قد خضعت لأحكام قانون إيجار الأماكن بموجب قرار من وزير الإسكان، ومن ثم فإن حكمها لا تكون له حجية في المسألة القانونية سبب الدعوى، بل تقتصر حجيته- بعد صيرورته نهائيا- على إلزام المحكمة المحال إليها بالفصل في موضوع الدعوى عملا بنص المادة 110 من قانون المرافعات، ودون أن تتقيد بالتقريرات الواردة بأسباب حكم الإحالة لورودها خارج نطاق سبب الدعوى، وإذ قضت المحكمة الابتدائية برفض الدعوى على ذات أسباب حكم الإحالة بما كان يوجب على محكمة الاستئناف باعتبارها محكمة موضوع أن تبسط رقابتها على أسباب الحكم الابتدائي، وأن تقيم جنوحه واعوجاج أسبابه بالتصدي لسبب الدعوى، والفصل في المسألة القانونية السالف ذكرها، وصولا إلى مدى أحقية الطاعن في طلب الطرد المؤسس على سبب الدعوى، وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض الاستئناف متدثرا بما اعتقده من أن حكم الإحالة الصادر من المحكمة الجزئية قد حاز حجية لعدم الطعن عليه بالاستئناف على الرغم من أن حجيته قاصرة على عدم اختصاصها بنظر الدعوى قيميا سواء كان عقد الإيجار قد انتهى بانتهاء مدته أو كان ممتدا بقوة القانون، وأن التقريرات الخاطئة الزائدة عن سبب عدم الاختصاص القيمي لا تحوز حجية، بما يعيب الحكم المطعون فيه ويوجب نقضه.
ولما تقدم، وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، وكان عقد الإيجار المؤرخ 1/12/1984 قد أبرم مشاهرة، ومحله شقة بعقار كائن في عزبة بدران النواوي التابعة لقرية كفر حجازي مركز المحلة الكبرى، وكان الطاعن قد أنذر المطعون ضدها في 12/9/2009 بعدم رغبته في تجديد مدة عقد الإيجار، ومن ثم تكون الرابطة الإيجارية قد انتهت بهذا الإنذار عملا بنص المادة 563 من القانون المدني، وأصبحت يد المطعون ضدها على عين النزاع بلا سند بما يوجب القضاء بطردها، وإذ خالف الحكم الابتدائي- المستأنف- هذا النظر، فإنه يتعين القضاء بإلغاء الحكم المستأنف وبطرد المطعون ضدها من عين النزاع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق