الطعن 27 لسنة 37 ق " منازعة تنفيذ " جلسة 5 / 5 / 2018
الجريدة الرسمية العدد 19 مكرر ب في 13 / 5 / 2018 ص 116
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من مايو سنة 2018 م،
الموافق التاسع عشر من شعبان سنة 1439 هـ.
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: سعيد مرعي عمرو وبولس فهمي إسكندر ومحمود
محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور عبد العزيز محمد سالمان والدكتور
طارق عبد الجواد شبل نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار/ طارق عبد العليم أبو العطا رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 27 لسنة 37
قضائية "منازعة تنفيذ".
----------
الوقائع
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق –
في أن النيابة العامة كانت قد قدمت المدعي – كمتهم أول – وثلاثة آخرين، للمحاكمة
الجنائية أمام محكمة جنايات بني سويف، في القضية رقم 10757 لسنة 2012 جنايات مركز
بني سويف، المقيدة برقم 978 لسنة 2012 كلي بني سويف، بوصف أنهم في يوم 7/ 12/
2011: (1) قتلوا المجني عليه "......" عمدا مع سبق الإصرار والترصد، (2)
المتهمون الثلاث الأول: أحرزوا أسلحة بيضاء (مطواة، كتر، جنزير) بغير مصوغ من
الضرورة الحرفية أو الشخصية، وطلبت عقابهم بالمواد (230, 231, 232) من قانون
العقوبات، والمواد المطبقة من قانون الأسلحة والذخائر الصادر بالقانون رقم 394
لسنة 1954 وتعديلاته، وبجلسة 8/ 4/ 2014، قضت المحكمة حضوريا بمعاقبة المدعي
بالسجن المؤبد، عما أسند إليه من اتهام، ومصادرة السلاح المضبوط (مطواة)، وغيابيا
ببراءة باقي المتهمين، وقد طعن المدعي على ذلك الحكم أمام محكمة النقض، بموجب
الطعن رقم 27969 لسنة 84 قضائية، وبجلسة 6/ 3/ 2017، قضت المحكمة برفض الطعن، وإذ
ارتأى المدعي أن هذا الحكم يمثل عقبة في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا
الصادر بجلسة 4/ 5/ 1985في القضية رقم 20 لسنة 1 قضائية "دستورية"، فقد
أقام دعواه المعروضة، على سند من أنه بتاريخ 4/ 3/ 2013، قبل صدور الحكم بإدانته،
تم عقد مجلس عرفي بديوان مركز شرطة بني سويف، بين عائلته وعائلة المجني عليه،
انتهى فيه المحكمون إلى تغريم عائلته مبلغ مائة وأربعين ألف جنيه، تسلمتها عائلة
المجني عليه، وتنازلوا عن حق القصاص من القاتل، ويطلب المدعي تطبيق أحكام المواد
(2, 7/ 1, 54, 95, 96) من دستور سنة 2014، تطبيقا مباشرا، باعتبارها من قبيل
القانون الأصلح للمتهم زمانيا، لكون تنازل أولياء حق الدم عن القصاص منه، من أحكام
الشريعة الإسلامية الواجبة الإعمال في حقه، وفقا لما تنص عليه المادة (7) من قانون
العقوبات من أنه "لا تخل أحكام هذا القانون في أي حال من الأحوال بالحقوق
الشخصية المقررة في الشريعة الغراء"، وأختصم شيخ الأزهر في الدعوى لإبداء
الرأي في هذا الخصوص، باعتبار أن الأزهر الشريف، وفقا للمادة (7/ 1) من الدستور،
هو المرجع الأساسي في العلوم الدينية والشئون الإسلامية".
بتاريخ السادس عشر من يونيه سنة 2015، أقام المدعي هذه الدعوى، بإيداع
صحيفتها قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طلبا للحكم، أولا: بقبول المنازعة
شكلا. ثانيا: بصفة عاجلة، بوقف تنفيذ وإنهاء الآثار الجنائية للحكم الصادر من
محكمة جنايات بني سويف، بجلسة 8/ 4/ 2014، في الجناية رقم 10757 لسنة 2012
(المقيدة برقم 978 لسنة 2012 كلي بني سويف)، بمعاقبته بالسجن المؤبد، ثالثا:
بالاستمرار في تنفيذ مقتضى الحكمين الصادرين في القضيتين رقمي 48 لسنة 17 قضائية
"دستورية"، و118 لسنة 21 قضائية "دستورية" بشأن وجوب تطبيق
القانون الأصلح للمتهم، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أهمها تطبيق القانون الأصلح
زمانيا.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار
الحكم فيها بجلسة اليوم.
--------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
هذا وقد دفع المدعي بعدم دستورية نص المادة 18 مكررا (أ) من قانون
الإجراءات الجنائية، والمواد (230, 231, 232) من قانون العقوبات، أو أن تعمل هذه
المحكمة رخصة التصدي المخولة لها بموجب نص المادة (27) من قانونها الصادر بالقانون
رقم 48 لسنة 1979، بالنسبة لهذه النصوص، على سند من أن الحكم الصادر في القضية
الدستورية رقم 20 لسنة (1) قضائية، بجلسة 4/ 5/ 1985, قد ورد به أنه اعتبارا من
22/ 5/ 1980, تاريخ تعديل المادة الثانية من دستور سنة 1971، صار المشرع ملزما
فيما يسنه من تشريعات جديدة أو معدلة لتشريعات سابقة، أن تكون متفقة مع مبادئ
الشريعة الإسلامية"، وأنه كان يتعين على المشرع عند إضافته المادة 18 مكررا
(أ) إلى قانون الإجراءات الجنائية بموجب القانون رقم 174 لسنة 1998، ثم استبدالها
بالقانون رقم 145 لسنة 2006، مراعاة توافقها وأحكام الشريعة الإسلامية، بإضافة
جريمة القتل العمد، أسوة بجريمة القتل الخطأ المعاقب عليها بالمادة (238/ 1, 2) من
قانون العقوبات، ضمن الجرائم التي تنقضي فيها الدعوى الجنائية بتصالح المجني عليه
أو ورثته، مع المتهم، ولو كان الحكم الصادر فيها قد صار باتا، وذلك إعمالا لأثر
تنازل أولياء حق الدم عن القصاص من القاتل، باعتباره من أحكام الشريعة الإسلامية،
وهو ما لم يلتزم به المشرع في النصوص المذكورة.
وحال تحضير الدعوى أمام هيئة المفوضين بتاريخ 8/ 11/ 2015, قدم محامي
المدعي مذكرة، ضمنها دفعا بعدم دستورية المادة 18 مكررا (أ) من قانون الإجراءات
الجنائية، المضافة بالقانون رقم 174 لسنة 1998، والمستبدلة بالقانون رقم 145 لسنة
2006، فيما لم تتضمنه من سريان حكمها – بشأن أثر تصالح المجني عليه أو ورثته مع
المتهم، في الجرائم التي عددتها حصرا – على جريمة القتل العمد، لمخالفتها الشريعة
الإسلامية، وطلب تصدي المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية تلك المادة،
إعمالا للمادة (27) من قانونها. وبتاريخ 10/ 1/ 2016، قدم محامي المدعي مذكرة،
ضمنها أولا: إدخال خصمين جديدين، هما: رئيس مجلس النواب، ووزير الشئون القانونية
وشئون مجلس النواب. ثانيا: تعديل الطلبات، لتكون: وقف تنفيذ الحكم الجنائي الصادر
بإدانة المدعي، وإنهاء آثاره الجنائية، المطعون عليه أمام محكمة النقض بالطعن رقم
27969 لسنة 84 قضائية "جنائي بأوجه"، والاستمرار في تنفيذ مقتضي الحكم
الصادر بجلسة 4/ 5/ 1985, في القضية رقم 20 لسنة (1) قضائية "دستورية"،
في شأن التزام المشرع فيما يصدره أو يعدله من تشريعات، بعد تعديل المادة (2) من
دستور سنة 1971 بتاريخ 22/ 5/ 1980, بأن تكون متفقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية،
مع ما يترتب على ذلك من آثار، أهمها تطبيق أحكام المواد (2, 7/ 1, 97, 192, 195,
224) من دستور سنة 2014، تطبيقا مباشرا، باعتبارها من قبيل القانون الأصلح للمتهم
– المدعي - زمانيا.
هذا وقد قدم محامي شيخ الأزهر – المدعى عليه الثالث – مذكرة طلب فيها
إخراجه من الدعوى بلا مصاريف، وحافظة مستندات طويت على الفتوى رقم 340 لسنة 2015،
الصادرة من مفتي الجمهورية جاء بها أنه "إذا تنازل ولي الدم عن القصاص من
القاتل على الدية أو بالعفو مطلقا، فإن ذلك يسقط القصاص عن القاتل، ويجوز لولي
الأمر إذا رأى أن المصلحة في إنزال العقوبة بالجاني، أن يفعله على وجه التعزير، ولو
كان ذلك بعد عفو أولياء الدم".
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قوام منازعة التنفيذ التي
تختص المحكمة الدستورية العليا بالفصل فيها وفقا لنص المادة (50) من قانونها
الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن تعترض تنفيذ حكمها عوائق تحول قانونا –
بمضمونها - دون اكتمال مداه، أو تقيد اتصال حلقاته، بما يعرقل جريان آثاره كاملة
أو يحد منها، ومن ثم تكون هذه العوائق هي محل منازعة التنفيذ التي تستهدف إنهاء
الآثار القانونية الناشئة عنها أو المترتبة عليها، وتتدخل المحكمة الدستورية
العليا لإزاحة هذه العوائق التي يفترض أن تكون قد حالت فعلا، أو من شأنها أن تحول،
دون تنفيذ أحكامها تنفيذا صحيحا مكتملا، وسبيلها في ذلك الأمر بالمضي في تنفيذ
أحكامها، وعدم الاعتداد بذلك الحائل الذي عطل مجراها. بيد أن تدخل المحكمة
الدستورية العليا لهدم عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها
في مواجهة الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين جميعهم ودون تمييز، يفترض أمرين:
(أولهما) أن تكون هذه العوائق – سواء بطبيعتها أم بالنظر إلى نتائجها – حائلة دون
تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها. (ثانيهما) أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام
وربطها منطقيا بها، ممكنا. فإذا لم تكن لها بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم
بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها.
وحيث إن الخصومة في الدعوى الدستورية – وهي بطبيعتها من الدعاوي
العينية – قوامها مقابلة النصوص التشريعية المطعون عليها بأحكام الدستور؛ تحريا
لتطابقها معها؛ إعلاء للشرعية الدستورية، ومن ثم تكون هذه النصوص ذاتها هي موضوع
الدعوى الدستورية أو هي بالأحرى محلها، وإهدارها بقدر تهاترها مع أحكام الدستور هي
الغاية التي تبتغيها هذه الخصومة، وأن الحجية المطلقة للأحكام الصادرة في تلك
الدعوى يقتصر نطاقها على النصوص التشريعية التي كانت مثارا للمنازعة حول دستوريتها
وفصلت فيها المحكمة فصلا حاسما بقضائها، ولا تمتد إلى غير تلك النصوص، حتى ولو
تطابقت في مضمونها، كما أن قوة الأمر المقضي لا تلحق سوى منطوق الحكم وما يتصل به
من الأسباب اتصالا حتميا بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها، فلا يجوز نزع أسباب الحكم
من سياقها، أو الاعتداد بها بذاتها دون المنطوق للقول بأن هناك عقبات تحول دون
سريان تلك الأسباب.
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا سبق لها أن قضت بحكمها الصادر بجلسة
4/ 5/ 1985, في القضية رقم 20 لسنة 1 قضائية "دستورية" برفض الدعوى
المقامة طعنا على نص المادة (226) من القانون المدني، وقد نشر هذا الحكم في
الجريدة الرسمية بالعدد رقم (20) بتاريخ 16/ 5/ 1985، وقد انصبت طلبات المدعي
الختامية في الدعوى المعروضة على القضاء بالاستمرار في تنفيذ مقتضي هذا الحكم،
وإنهاء الآثار الجنائية وعدم الاعتداد بالحكم الصادر بمعاقبته بالسجن المؤبد،
لارتكابه جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، إعمالا لأثر تنازل أولياء حق
الدم عن القصاص منه، الحاصل بتاريخ 4/ 3/ 2013، باعتباره من أحكام الشريعة
الإسلامية واجبة الإتباع وفقا لنص المادة (7) من قانون العقوبات، في ضوء الفتوى
الصادرة من مفتي الجمهورية المقدمة من الأزهر الشريف، وباعتبارها ملزمة إعمالا
للمادة (7/ 1) من الدستور الحالي، فذلك مردود بأن تلك المسألة لم تعرض لها المحكمة
الدستورية العليا في حكمها المشار إليه، ومن ثم لا تمتد إليها الحجية المطلقة
الثابتة لحكمها، بمقتضى نص المادة (195) من الدستور، والمادتين (48, 49) من
قانونها المشار إليه، وليس لها من صلة بقضاء هذه المحكمة، وترتيبا على ذلك لا يعد
حكم محكمة جنايات بني سويف المار ذكره عقبة في تنفيذ حكم هذه المحكمة سالف الذكر،
الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى بالنسبة لهذا الطلب.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من المدعي بعدم دستورية نص المادة 18 مكررا
(أ) من قانون الإجراءات الجنائية، والمواد (230, 231, 232) من قانون العقوبات،
وطلبه إعمال رخصة التصدي المقررة لهذه المحكمة بمقتضى نص المادة (27) من قانونها
بالنسبة لهذه النصوص، وذلك لمخالفتها مبادئ الشريعة الإسلامية، فذلك مردود بأن من
المقرر في قضاء هذه المحكمة أن دستور سنة 1971 وسد بمقتضى نص المادة (175) منه،
والمقابلة لنص المادة (192) من الدستور الحالي، للمحكمة الدستورية العليا وحدها
سلطة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، كما حرص على أن يفوض السلطة
التشريعية في أن تنظم كيفية مباشرة المحكمة الدستورية العليا لرقابتها هذه، دون أن
تنال من محتواها، وفي حدود هذا التفويض، صدر قانون المحكمة الدستورية العليا مفصلا
القواعد الإجرائية التي تباشر من خلالها، وعلى ضوئها، رقابتها على الشرعية
الدستورية، فرسم لاتصال الخصومة الدستورية بها طرائق بذاتها حددتها المادتان (27)
و(29) من هذا القانون باعتبار أن ولوجها من الأشكال الجوهرية التي ينبغي إتباعها
حتى ينتظم التداعي في المسائل الدستورية في إطارها وبمراعاة أحكامها، فلا يتحلل
أحد منها، وباستقراء هاتين المادتين يتبين أن أولاهما تخول المحكمة الدستورية
العليا أن تعمل بنفسها نظرها في شأن دستورية النصوص القانونية التي تعرض لها
بمناسبة ممارسة جميع اختصاصاتها، وذلك بعد اتخاذ الإجراءات المقررة لتحضير الدعاوى
الدستورية، بينما لا تثار دستورية النصوص القانونية، عملا بثانيتهما، إلا من أحد
مدخلين: فإما أن تمنح محكمة الموضوع خصما، أثار أمامها دفعا بعدم دستورية نص
قانوني لازم للفصل في النزاع المعروض عليها، وبعد تقديرها لجدية مناعيه، أجلا لا
يجاوز ثلاثة أشهر يقيم خلالها الدعوى الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا،
وإما أن تحيل بنفسها إلى المحكمة الدستورية العليا نصوصا قانونية يثور لديها شبهة
مخالفتها الدستور، ولا يتصور في المنطق السديد، ولوج المحكمة الدستورية العليا أحد
المدخلين المنصوص عليهما في المادة (29) من قانونها، لتمارس اختصاصها المنفرد
برقابة دستورية ما يعرض لها من نصوص بمناسبة مباشرة عملها القضائي، ذلك أن علة ما
ورد بهذه المادة هو امتناع الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على أي
من جهات القضاء خلا المحكمة الدستورية العليا، فكان لزاما، إذا ما عرض لأي من محاكم
هذه الجهات، بمناسبة مباشرتها لعملها، شبهة عدم دستورية نص قانوني، أن تسعى
لاستنهاض ولاية المحكمة الدستورية العليا؛ إما إحالة وإما تصريحا للخصوم بإقامة
الدعوى الدستورية، ثم توقف من بعد الدعوى المعروضة عليها، حتى يأتيها قول المحكمة
الدستورية العليا الفصل في شأن ما ارتأته من مظنة عدم الدستورية، وهو ما لا يسوغ
القول به في شأن المحكمة الدستورية العليا، إذ تملك ممارسة اختصاصاتها بالرقابة
الدستورية مباشرة أثناء نظرها أي من الدعاوى المعروضة عليها، لتفصل في دستورية ما
عرض لها من نصوص وفي موضوع الدعوى بحكم واحد، ومن ثم؛ تكون رخصة التصدي هي الوسيلة
الوحيدة لممارسة المحكمة الدستورية العليا اختصاصها بالفصل في دستورية النصوص التي
تعرض لها أثناء نظرها للدعاوى المعروضة عليها، وترتيبا على ما تقدم، ينحل الدفع
المبدى بعدم الدستورية في الدعوى المعروضة، في حقيقته، طلبا من المدعي يتغيا حث
المحكمة الدستورية العليا على استعمال رخصة التصدي، المخولة لها بمقتضى نص المادة
(27) من قانونها، هذا وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن إعمالها لرخصة التصدي
المنصوص عليها في المادة (27) من قانونها، التي تخولها الحكم بعدم دستورية نص في
قانون أو لائحة يعرض لها بمناسبة ممارستها لاختصاصاتها، ويتصل بالنزاع المعروض
عليها، يفترض وجود خصومة أصلية طرح أمرها عليها وفقا للأوضاع المنصوص عليها في
قانون إنشائها، وأن ثمة علاقة منطقية تقوم بين هذه الخصومة وما قد يثار عرضا من
تعلق الفصل في دستورية بعض نصوص القانون بها، فإذا لم تستوف الخصومة الأصلية شرائط
قبولها ابتداء، فلا مجال لإعمال رخصة التصدي. متى كان ذلك، وكانت المحكمة قد انتهت
في قضائها إلى عدم قبول الدعوى المعروضة، فإن طلب مباشرة المحكمة لسلطتها في
التصدي المقرر لها بالمادة (27) من قانونها لا يكون له محل.
وحيث إن طلب وقف تنفيذ حكم محكمة جنايات بني سويف المشار إليه يعد
فرعا من أصل النزاع حول منازعة التنفيذ، وإذ تهيأ النزاع المعروض للفصل فيه وقضت
المحكمة بعدم قبوله، فإن قيام هذه المحكمة – طبقا لنص المادة (50) من قانونها –
بمباشرة اختصاص البت في طلب وقف التنفيذ يكون قد بات غير ذي موضوع.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعي المصروفات، ومبلغ مائتي
جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق