الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 28 مارس 2015

الطعن 56449 لسنة 76 ق جلسة 4 / 2 / 2007 مكتب فني 58 ق 20 ص 113

جلسة 4 من فبراير سنة 2007
  برئاسة السيد المستشار/ مجدي الجندي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / أنور محمد جبري ، أحمد جمال الدين عبد اللطيف ، عادل الكناني وسيد الدليل نواب رئيس المحكمة .
------------
(20)
الطعن 56449 لسنة 76 ق
(1)   إعدام . نيابة عامة . محكمة النقض " سلطتها " . نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب . ميعاده " .
إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة العامة في قضايا الإعدام . غير لازم .
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها دون التقيد بالرأي الذي ضمنته النيابة العامة مذكرتها .
(2)  إعدام . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . محكمة الإعادة . نقض " أثر الطعن " " الطعن للمرة الثانية " . محكمة النقض " نظرها موضوع الدعوى " .
وجوب استطلاع محكمة الإعادة رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم بالإعدام . لا يغني عن ذلك سبق أخذ رأيه في المحاكمة الأولى . مخالفة حكم محكمة الإعادة هذا النظر . يبطله . أساس وعلة ذلك ؟
نقض الحكم للمرة الثانية . أثره : وجوب تحديد جلسة لنظر الموضوع . أساس ذلك ؟
مثال .
                     ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كانت النيابة العامة عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة ، عملاً بالمادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 المعدل بالقانون رقم 23 لسنة 1992 ، مشفوعة بمذكرة انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به من إعدام الطاعن دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على مراعاة عرض القضية في موعد الستين يوماً طبقاً لنص المادتين 34، 36 من القانون المذكور، وكان من المقرر على ما جرى به قضاء هذه المحكمة ، أنها تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها ، وتستبين من تلقاء نفسها ، دون أن تتقيد بالرأي الذي تضمنه النيابة العامة مذكرتها ، ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب ، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة العامة في الميعاد المحدد أو بعد فواته ، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية .
       2– حيث إن البين من محاضر الجلسات والمفردات المضمومة أن الحكم المعروض صدر حضورياً بمعاقبة الطاعن بالإعدام ، دون أن تأخذ المحكمة رأي مفتي الجمهورية . وقد أكد ذلك الحكم المطعون فيه بقوله : " القانون حين أوجب على المحكمة أخذ رأي فضيلة المفتي في عقوبة الإعدام قبل توقيعها إنما قصد أن يكون القاضي على بينة مما إذا كانت أحكام الشريعة تجيز الحكم بالإعدام في الواقعة الجنائية المطلوب فيها الفتوى قبل الحكم بهذه العقوبة دون أن يكون ملزماً بالأخذ بمقتضى الفتوى فليس المقصود من الاستفتاء تعرف رأي فضيلة المفتي في تكييف الفعل المسند إلى الجاني وإعطائه الوصف القانوني وكان ذلك الأمر قد تحقق من قبل حين أخذ الحكم الذي تم نقضه برأي المفتي في هذه الدعوى والذي انتهى إلى الإعدام قصاصاً ، ولم يستجد في الأوراق ثمة شبهة دارئة لتوقيع حكم الإعدام مقاماً ومن ثم فتكتفي المحكمة بما سبق أنه أبدي من فتوى دون ما حاجة إلى إعادة استطلاع رأي فضيلة المفتي في ذات الواقعة مرة أخرى " . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم في هذا الشأن غير سليم ، ذلك أن المادة 381/2 من قانون الإجراءات الجنائية قد جرى نصها على أنه " ولا يجوز لمحكمة الجنايات أن تصدر حكماً بالإعدام إلا بإجماع آراء أعضائها ، ويجب عليها قبل أن تصدر هذا الحكم أن تأخذ رأي مفتي الجمهورية ويجب إرسال أوراق القضية إليه فإذا لم يصل رأيه إلي المحكمة خلال العشرة الأيام التالية لإرسال الأوراق إليه حكمت المحكمة في الدعوى " . واستقر قضاء هذه المحكمة ـ محكمة النقض ـ على وجوب استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل الحكم بالإعدام باعتباره شرطاً لازماً لصحة الحكم أوجبه القانون ، لا يغني عنه سبق اتخاذه في المحاكمة الأولى ، لكون نقض الحكم يعيد الدعوى إلى محكمة الإعادة بحالتها قبل إصدار الحكم المنقوض ، فإذا رأت محكمة الإعادة أن تقضي بالإعدام وجب عليها إرسال أوراق القضية إلى مفتي الجمهورية لاستطلاع رأيه حتى تطمئن إلى أن حكمها يوافق أحكام الشريعة الإسلامية ، باعتبارها هيئة حكم جديدة لم يسبق لها نظر الدعوى ، واتجه الرأي عندها إلى الحكم بإعدام المتهم ، ولم تستطلع من قبل رأيه حتى يطمئن وجدانها إلى أن حكمها يوافق أحكام الشريعة الإسلامية ، فضلاً عن أن هذا الإجراء يطمئن المتهم إلى أن المحكمة الجديدة قد استطلعت رأي مفتي الجمهورية قبل الحكم ، حسبما استلزم القانون ، وليكون الرأي العام على بينة من ذلك ، وهي مقاصد لازمة جديرة بالاحترام ، فضلاً على أن هناك جديداً في المحاكمة الثانية ، فبالإضافة إلى أن تشكيل المحكمة أصبح مغايراً فإنه كيف يتم تحديد الجديد الذي يستوجب أخذ رأي مفتي الجمهورية والقديم الذي لا يستلزم ذلك ـ ومن ثم فإذا كانت المحكمة قد أصدرت الحكم المطعون فيه بإعدام الطاعن ، دون أن تأخذ رأي مفتي الجمهورية فإن حكمها يكون باطلاً بما يوجب نقضه بغير حاجة لبحث سائر أوجه الطعن الأخرى . ولما كان النقض لثاني مرة ، فإنه يتعين تحديد جلسة لنظر الموضوع إعمالاً لنص المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :- أولاً : قتل .... عمداً بأن أطلق عليه عياراً نارياً (مقذوف فرد) قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت تلك الجناية بجناية أخرى هي أنه في ذات الزمان والمكان سالفي البيان سرق المنقولات المملوكة للمجني عليه بأن أشهر في وجهه سلاحاً نارياً وأطلق منه عياراً صوبه فشل بذلك مقاومته وتمكن بتلك الوسيلة من الإكراه من سرقته على النحو المبين بالتحقيقات . ثانياً :ـ أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن ( فرد ) . ثالثاً :ـ أحرز ذخائر ( طلقة واحدة ) مما تستعمل على السلاح سالف البيان دون أن يكون مرخصاً له بإحرازه أو حيازته . 
وأحالته إلى محكمة جنايات ... لمعاقبته طبقاً للقيد الوصف الواردين بأمر الإحالة.
     وادعت زوجة المجني عليه عن نفسها وبصفتها مدنياً قبل المتهم بمبلغ ألفين وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت .      
والمحكمة المذكورة قررت في ... بإحالة أوراق القضية إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي الشرعي فيها وحددت جلسة ... للنطق بالحكم .
وبالجلسة المحددة قضت ذات المحكمة حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمادتين 234/ 1ـ 2 ، 314 من قانون العقوبات والمواد 1/1 ـ 6 ، 26/ 1ـ 5 ، 30 /1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 والجدول رقم 2 الملحق بالقانون الأول مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقاً عما أسند إليه ومصادرة السلاح الناري المضبوط وإلزامه بأن يؤدي للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ ألفين وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض قيد بجدولها برقم ....
      وهذه المحكمة قضت في ... بقبول طعن المحكوم عليه شكلاً وبقبول عرض النيابة العامة للقضية وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات ... لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى .
ومحكمة الإعادة (بهيئة أخرى) قضت حضورياً في ...عملاً بالمادة 234/1-3 من قانون العقوبات والمواد 1/1 ، 6 ، 26 /1-5 ، 30 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 والجدول رقم 2 الملحق بالقانون الأول مع تطبيق المادة 32 /2 من قانون العقوبات وبإجماع الآراء بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقاً لما نسب إليه ومصادرة السلاح المضبوط وإلزامه بأن يؤدي للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ ألفين وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت .
   فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ( للمرة الثانية ) .....
وعرضت النيابة العامة القضية مشفوعة بمذكرة برأيها موقعاً عليها من رئيس بها .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن النيابة العامة عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة ، عملاً بالمادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 المعدل بالقانون رقم 23 لسنة 1992 ، مشفوعة بمذكرة انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضي به من إعدام الطاعن دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على مراعاة عرض القضية في موعد الستين يوماً طبقاً لنص المادتين 34، 36 من القانون المذكور، وكان من المقرر على ما جرى به قضاء هذه المحكمة ، أنها تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها ، وتستبين من تلقاء نفسها ، دون أن تتقيد بالرأي الذي تضمنه النيابة العامة مذكرتها ، ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب ، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة العامة في الميعاد المحدد أو بعد فواته ، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية .
   وحيث إن طعن المحكوم عليه قد استوفى الشكل المقرر في القانون .
  وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم القتل العمد المرتبط بجنحة سرقة ، وإحراز سلاح ناري غير مششخن وذخيرته بدون ترخيص ، وعاقبه بالإعدام شنقاً ، قد شابه البطلان في الإجراءات ، ذلك أن المحكمة لم تستطلع رأي مفتي الجمهورية قبل القضاء بتلك العقوبة وفقاً للقانون بقالة سبق اتخاذ هذا الإجراء قبل إصدار الحكم المنقوض وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
    وحيث إن البين من محاضر الجلسات والمفردات المضمومة أن الحكم المعروض صدر حضورياً بمعاقبة الطاعن بالإعدام ، دون أن تأخذ المحكمة رأي مفتي الجمهورية . وقد أكد ذلك الحكم المطعون فيه بقوله: " القانون حين أوجب على المحكمة أخذ رأي فضيلة المفتي في عقوبة الإعدام قبل توقيعها إنما قصد أن يكون القاضي على بينة مما إذا كانت أحكام الشريعة تجيز الحكم بالإعدام في الواقعة الجنائية المطلوب فيها الفتوى قبل الحكم بهذه العقوبة دون أن يكون ملزماً بالأخذ بمقتضى الفتوى فليس المقصود من الاستفتاء تعرف رأي فضيلة المفتي في تكييف الفعل المسند إلى الجاني وإعطائه الوصف القانوني وكان ذلك الأمر قد تحقق من قبل حين أخذ الحكم الذي تم نقضه برأي المفتي في هذه الدعوى والذي انتهى إلى الإعدام قصاصاً ، ولم يستجد في الأوراق ثمة شبهة دارئة لتوقيع حكم الإعدام مقاماً ومن ثم فتكتفي المحكمة بما سبق أنه أبدي من فتوى دون ما حاجة إلى إعادة استطلاع رأي فضيلة المفتي في ذات الواقعة مرة أخرى " . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم في هذا الشأن غير سليم ، ذلك أن المادة 381/2 من قانون الإجراءات الجنائية قد جرى نصها على أنه " ولا يجوز لمحكمة الجنايات أن تصدر حكماً بالإعدام إلا بإجماع آراء أعضائها ، ويجب عليها قبل أن تصدر هذا الحكم أن تأخذ رأي مفتي الجمهورية ويجب إرسال أوراق القضية إليه فإذا لم يصل رأيه إلى المحكمة خلال العشرة الأيام التالية لإرسال الأوراق إليه حكمت المحكمة في الدعوى " . واستقر قضاء هذه المحكمة ـ محكمة النقض ـ على وجوب استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل الحكم بالإعدام باعتباره شرطاً لازماً لصحة الحكم أوجبه القانون ، لا يغني عنه سبق اتخاذه في المحاكمة الأولى، لكون نقض الحكم يعيد الدعوى إلى محكمة الإعادة بحالتها قبل إصدار الحكم المنقوض ، فإذا رأت محكمة الإعادة أن تقضي بالإعدام وجب عليها إرسال أوراق القضية إلى مفتي الجمهورية لاستطلاع رأيه حتى تطمئن إلى أن حكمها يوافق أحكام الشريعة الإسلامية ، باعتبارها هيئة حكم جديدة لم يسبق لها نظر الدعوى ، واتجه الرأي عندها إلى الحكم بإعدام المتهم ، ولم تستطلع من قبل رأيه حتى يطمئن وجدانها إلى أن حكمها يوافق أحكام الشريعة الإسلامية ، فضلاً عن أن هذا الإجراء يطمئن المتهم إلى أن المحكمة الجديدة قد استطلعت رأي مفتي الجمهورية قبل الحكم ، حسبما استلزم القانون ، وليكون الرأي العام على بينة من ذلك ، وهي مقاصد لازمة جديرة بالاحترام ، فضلاً على أن هناك جديداً في المحاكمة الثانية ، فبالإضافة إلى أن تشكيل المحكمة أصبح مغايراً فإنه كيف يتم تحديد الجديد الذي يستوجب أخذ رأي مفتي الجمهورية والقديم الذي لا يستلزم ذلك ـ ومن ثم فإذا كانت المحكمة قد أصدرت الحكم المطعون فيه بإعدام الطاعن ، دون أن تأخذ رأي مفتي الجمهورية فإن حكمها يكون باطلاً بما يوجب نقضه بغير حاجة لبحث سائر أوجه الطعن الأخرى . ولما كان النقض لثاني مرة ، فإنه يتعين تحديد جلسة لنظر الموضوع إعمالاً لنص المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 25585 لسنة 67 ق جلسة 1 / 2 / 2007 مكتب فني 58 ق 19 ص 108

جلسة 1 من فبراير سنة 2007
برئاسة السيد المستشار/ عادل عبد الحميد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / مصطفي الشناوي ، رضا القاضي ، محمد محجوب وعاطف خليل نواب رئيس المحكمة .
-----------
(19)
الطعن 25585 لسنة 67 ق
(1) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . محكمة الجنايات " الإجراءات أمامها " .
   إعادة الإجراءات عند القبض على المحكوم عليه في الحكم الغيابي لا يشترط أن تكون أمام دائرة أخرى غير الدائرة مصدرة الحكم الغيابي . أساس ذلك ؟
( 2 ) فاعل أصلي . مسئولية جنائية . اتفاق . ضرب " ضرب أحدث عاهة " . حكم " تسبيبه . تسبيب غيـر معيب " .
مناط اعتبار الجاني فاعلاً أصلياً في جريمة الضرب المحدث عاهة . أن يكون قد اتفق مع غيره على ضرب المجني عليه وباشره معه ولو لم يكن هو محدث الضربة التي سبـبت العاهة .
       مثال .
( 3 ) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . ضرب " ضرب أحدث عاهة " .
التناقض الذي يعيب الحكم . ماهيته ؟
مثال لما لا يعد تناقضاً في حكم صادر بالإدانة بجريمة إحداث عاهة مستديمة .
( 4 ) عقوبة " العقوبة المبررة " . نقض " المصلحة في الطعن " . ضرب " ضرب أحدث عاهة " . ضرب " ضرب بسيــط " .
   إدانة الطاعنين بجريمة إحداث عاهة مستديمة ومعاقبتهما بالعقوبة المقررة للضـرب البسيط . مؤداه : انتفاء مصلحتهما في المجادلة في شأن توافر قيام العاهة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان قانون الإجراءات الجنائية لم يستوجب في مواد الجنايات أن تعاد المحاكمة أمام هيئة أخرى غير الهيئة التي أصدرت الحكم الغيابي في حالة حضور المحكوم عليه أو القبض عليه قبل سقوط العقوبة المحكوم بها بمضي المدة كشرط لصحة الإجراءات بل كل ما تتطلبه المادة 395 من ذلك القانون في هذه الحالة هو إعادة نظر الدعوى أمام المحكمة ، ومن ثم فإن ما يقول به الطاعنان من وجوب نظرها أمام هيئة أخرى غير الهيئة التي أصدرت الحكم الغيابي لا يكون على سند .
2- من المقرر أن يسأل الجاني بصفته فاعلاً أصلياً في جريمة إحداث عاهة مستديمة وإذا كان قد اتفق مع غيره على ضرب المجني عليه ثم باشر معه الضرب تنفيذاً لهذا الغرض الإجرامي الذي اتفق معه عليه ولو لم يكن هو محدث الضربة أو الضربات التي سببت العاهة بل كان غيره ممن اتفق معهم هو الذي أحدثها ، وكان يبين من مراجعة الحكم المطعون فيه أن ما ساقه من توجه الطاعنين إلى مسكن المجني عليه يحمل أولهما ماسورة حديدية والثاني قبضة حديدية انهالا بهما ضرباً عليه - بسبب خلافات سابقة بينهم - مما يقطع بتوافر اتفاقهما على التعدي على المجني عليه مما يتعين معه مساءلة كل منهما عن جريمة إحداث عاهة مستديمة بصرف النظر عمن باشر منهما الضربة التي نجمت عنها العاهة ويكون منعاهما على الحكم في صدد اعتبار الطاعن الثاني فاعلاً أصلياً في الجريمة غير سديد .
3- لما كان التناقض الذي يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة وهو ما برئ منه الحكم إذ إن التصوير الذي اعتنقه الحكم في بيان واقعة الدعوى وأدلتها قبل الطاعنين من توجههما إلى منزل المجني عليه وتعدي الأول عليه بالضرب على وجهه بماسورة حديدية وتعدي الثاني عليه بالضرب بقبضة حديدية في بطنه وأسفل ذقنه فأحدثا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تنتج عن إحداها عاهة مستديمة بالعين اليسرى لا يتعارض مع ما انتهى إليه الحكم من اعتبار الطاعن الثاني فاعلاً أصلياً وإدانته عن جريمة إحداث العاهة المستديمة ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص بدعوى التناقض في التسبيب لا يكون له محل .
4- لما كان لا مصلحة للطاعنين في النعي على الحكم في خصوص جريمة العاهة مادامت العقوبة المقضي بها عليهما تدخل في حدود عقوبة جنحة الضرب البسيط الذي لم يتخلف عنه عاهة مستديمة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما :- أحدثا عمداً بــ ....  إصابته الموصوفة بتقرير مصلحة الطب الشرعي بأن بيتا النية وعقدا العزم على ضربه وأعدا لذلك أسلحة بيضاء " ماسورة حديدية ، بونيه حديد " وما أن ظفرا به حتى انهالا عليه ضرباً فأحدثا إصابته والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها وهي انخفاض قوة الإبصار بنسبة أربعة وعشرين في المائة 24 % . وأحالتهما إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة . وادعى المجني عليه .... مدنياً قبل المتهمين بإلزامهما بأن يؤديا له مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت . والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 240 / 1 ، 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمين بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وإلزامهما بأن يدفعا للمدعي بالحقوق المدنية مبلغاً وقدره خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت .
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
وحيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة إحداث عاهة مستديمة قد شابه البطلان في الإجراءات والقصور والتناقض في التسبيب والخطأ في الإسناد ؛ ذلك بأن الهيئة التي أصدرت الحكم قام بها سبب من أسباب فقد الصلاحية إذ سبق وأن أصدرت الحكم الغيابي الساقط وتكون بذلك قد أبدت رأيها في الدعوى ، كما أن الحكم المطعون فيه قد أسند إلى الطاعن الثاني إحداث العاهة المستديمة رغم أن الثابت من مدوناته وتحصيله لواقعة الدعوى وأقوال المجني عليه أن الطاعن الثاني تعدي على المجني عليه بالضرب في بطنه وذقنه مما يقطع بانتفاء علاقة السببية بين فعل الضرب وإحداث العاهة ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجـب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكان قانون الإجراءات الجنائية لم يستوجب في مواد الجنايات أن تعاد المحاكمة أمام هيئة أخرى غير الهيئة التي أصدرت الحكم الغيابي في حالة حضور المحكوم عليه أو القبض عليه قبل سقوط العقوبة المحكوم بها بمضي المدة كشرط لصحة الإجراءات بل كل ما تتطلبه المادة 395 من ذلك القانون في هذه الحالة هو إعادة نظر الدعوى أمام المحكمة ، ومن ثم فإن ما يقول به الطاعنان من وجوب نظرها أمام هيئة أخرى غير الهيئة التي أصدرت الحكم الغيابي لا يكون على سند . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن يسأل الجاني بصفته فاعلاً أصلياً في جريمة إحداث عاهة مستديمة وإذا كان قد اتفق مع غيره على ضرب المجني عليه ثم باشر معه الضرب تنفيذاً لهذا الغرض الإجرامي الذي اتفق معه عليه ولو لم يكن هو محدث الضربة أو الضربات التي سببت العاهة بل كان غيره ممن اتفق معهم هو الذي أحدثها ، وكان يبين من مراجعة الحكم المطعون فيه أن ما ساقه من توجه الطاعنين إلى مسكن المجني عليه يحمل أولهما ماسورة حديدية والثاني قبضة حديدية انهالا بهما ضرباً عليه - بسبب خلافات سابقة بينهم - مما يقطع بتوافر اتفاقهما على التعدي على المجني عليه مما يتعين معه مساءلة كل منهما عن جريمة إحداث عاهة مستديمة بصرف النظر عمن باشر منهما الضربة التي نجمت عنها العاهة ويكون منعاهما على الحكم في صدد اعتبار الطاعن الثاني فاعلاً أصلياً في الجريمة غير سديد . لما كان ذلك ، وكان التناقض الذي يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة وهو ما برئ منه الحكم إذ إن التصوير الذي اعتنقه الحكم في بيان واقعة الدعوى وأدلتها قبل الطاعنين من توجههما إلى منزل المجني عليه وتعدي الأول عليه بالضرب على وجهه بماسورة حديدية وتعدي الثاني عليه بالضرب بقبضة حديدية في بطنه وأسفل ذقنه فأحدثا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تنتج عن إحداها عاهة مستديمة بالعين اليسرى لا يتعارض مع ما انتهى إليه الحكم من اعتبار الطاعن الثاني فاعلاً أصلياً وإدانته عن جريمة إحداث العاهة المستديمة ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص بدعوى التناقض في التسبيب لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان لا مصلحة للطاعنين في النعي على الحكم في خصوص جريمة العاهة ما دامت العقوبة المقضي بها عليهما تدخل في حدود عقوبة جنحة الضرب البسيط الذي لم يتخلف عنه عاهة مستديمة . لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً وإلزام الطاعنين المصاريف المدنية .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 16967 لسنة 67 ق جلسة 28 / 1 / 2007 مكتب فني 58 ق 18 ص 105

جلسة 28 من يناير سنة 2007
برئاسة السيد المستشار/ أحمد علي عبد الرحمن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / مجدي أبو العلا ، نبيل عمران ، طلعت عبد الله وعزت المرسي نواب رئيس المحكمة .
---------------
(18)
الطعن 16967 لسنة 67 ق
تزوير " أوراق عرفية " . جريمة " أركانها " . ضرر . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " .
    التزوير . مناط تحققه ؟
مطابقة مضمون المحرر العرفي لإرادة من نُسب إليه . مؤداه : انتفاء التزوير بأركانه ومنها ركن الضرر .
دفاع الطاعن بتحريره المحرر المقول بتزويره بناءً على أمر المطعون ضده . جوهري . عدم تعرض الحكم المطعون فيه له . قصور . علة ذلك ؟
مثال .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما كان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أمام محكمة أول درجة أن الطاعن تمسك أمامها بانعدام جريمة التزوير في حقه استناداً إلى أن المطعون ضده – المدعي بالحقوق المدنية - هو الذي فوض الطاعن في صرف الشيك موضوع المحرر ، ويبين – أيضاً – من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن تمسك لدى سؤاله في محضر الضبط أنه حرر هذا التفويض بناءً على أمر من المطعون ضده ونفاذاً لذلك فقد أودع قيمة الشيك – بعد صرفه – في حسابات الشركة القائمة بين الطرفين . لما كان ذلك ، وكان التزوير أياً كان نوعه يقوم على إسناد أمر لم يقع ممن أسند إليه في محرر أعد لإثباته بإحدى الطرق المنصوص عليها قانوناً ، بشرط أن يكون الإسناد قد ترتب عليه ضرر أو يحتمل أن يترتب عليه ذلك ، أما إذا انتفي الإسناد الكاذب في المحرر، لم يصح القول بوقوع التزوير ، وإذ كان المحرر عرفياً وكان مضمونه مطابقاً لإرادة من نسب إليه معبراً عن مشيئته انتفي التزوير بأركانه ومنها ركن الضرر . وإذ كان ذلك ، فإن دفاع الطاعن بأن المحرر المقول بتزويره قد حرر بناء على أمر من المطعون ضده – المدعي بالحقوق المدنية – يعد دفاعاً جوهرياً ، إذ من شأنه – لو صح – أن تندفع به الجريمة المسندة إلى الطاعن ، وكان الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفاع البتة ، إيراداً له ورداً عليه ، فإنه يكون قاصر البيان منطوياً على إخلال بحق الدفاع ، مما يستوجب نقضه والإعادة بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بوصف أنه : قام بالتزوير في محرر عرفي " التفويض باستلام الشيك " على النحو المبيّن بالأوراق ، وطلبت عقابه بالمادة 215 من قانون العقوبات . ومحكمة جنح قسم ... قضت حضورياً بحبس المتهم شهراً مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً وألزمته بأداء مبلغ خمسمائة وواحد جنيه تعويض مؤقتاً .
استأنف ، ومحكمة ..... الابتدائية " بهيئة استئنافية " قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف .
فطعن الأستاذ ... المحامي عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تزوير محرر عرفي ، فقد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه أغفل الرد على دفاع الطاعن بأنه حرر الورقة المقول بتزويرها بناءً على تفويض شفوي من المدعي بالحقوق المدنية باستلام الشيك المشار إليه بتلك الورقة وتحصيله لصالح الشركة القائمة بينهما ، وأنه حصل قيمته وأودعها خزينة الشركة مما ينتفي معه ركن الضرر اللازم توافره لقيام الجريمة التي دين بها كل ذلك ، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
ومن حيث إن هذا النعي في محله ، إذ الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أمام محكمة أول درجة أن الطاعن تمسك أمامها بانعدام جريمة التزوير في حقه استناداً إلى أن المطعون ضده – المدعي بالحقوق المدنية - هو الذي فوض الطاعن في صرف الشيك موضوع المحرر ، ويبين – أيضاً – من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن تمسك لدى سؤاله في محضر الضبط أنه حرر هذا التفويض بناءً على أمر من المطعون ضده ونفاذاً لذلك فقد أودع قيمة الشيك – بعد صرفه – في حسابات الشركة القائمة بين الطرفين . لما كان ذلك ، وكان التزوير أياً كان نوعه يقوم على إسناد أمر لم يقع ممن أسند إليه ، في محرر أعد لإثباته بإحدى الطرق المنصوص عليها قانوناً ، بشرط أن يكون الإسناد قد ترتب عليه ضرر أو يحتمل أن يترتب عليه ذلك ، أما إذا انتفي الإسناد الكاذب في المحرر ، لم يصح القول بوقوع التزوير ، وإذ كان المحرر عرفياً وكان مضمونه مطابقاً لإرادة من نسب إليه معبراً عن مشيئته انتفي التزوير بأركانه ، ومنها ركن الضرر . وإذ كان ذلك ، فإن دفاع الطاعن بأن المحرر المقول بتزويره قد حرر بناءً على أمر من المطعون ضده – المدعي بالحقوق المدنية – يعد دفاعاً جوهرياً ، إذ من شأنه – لو صح – أن تندفع به الجريمة المسندة إلى الطاعن ، وكان الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفاع البتة ، إيراداً له ورداً عليه ، فإنه يكون قاصر البيان منطوياً على إخلال بحق الدفاع ، مما يستوجب نقضه والإعادة بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن .

الطعن 45348 لسنة 76 ق جلسة 22 / 1 / 2007 مكتب فني 58 ق 17 ص 99

جلسة 22 من يناير سنة 2007
 برئاسة السيد المستشار / محمد حسام الدين الغرياني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / هشام البسطويسي ، رفعت حنا وربيع لبنة نواب رئيس المحكمة ، مهاد خليفة .
-----------
(17)
الطعن 45348 لسنة 76 ق
(1)  شركات توظيف الأموال . قانون " تفسيره " . جريمة " أركانها ". حكم " بيانات حكم الإدانة " " تسبيبه . تسبيب معيب ".
حظر تلقي الأموال من الجمهور لتوظيفها أو استثمارها أو المشاركة بها إلا من الشركات المقيدة في سجل هيئة سوق المال . المادتين 1 ، 21 من القانون رقم 146 لسنة 1988.
الشرط المفترض في الركن المادي في جريمة تلقي الأموال . مناط تحققه ؟
إدانة الحكم الطاعنين في جريمتي تلقي أموال من الجمهور لاستثمارها بالمخالفة للأوضاع المقررة قانوناً والامتناع عن ردها لأصحابها دون استظهار وصف الجمهور ومدى تحققه وعلاقة أصحاب الأموال بهما . قصور . أساس ذلك ؟
مثال لتسبيب معيب لحكم صادر بالإدانة في جريمتي تلقي أموال لاستثمارها بالمخالفة للأوضاع المقررة قانوناً والامتناع عن ردها لأصحابها .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما كان الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله : " إن المتهمين اتفقا سوياً على ممارسة نشاط تجاري تمثل في استثمار الأموال بالبورصة دون الالتزام بأحكام القانون 146 لسنة 1988 الصادر في هذا الشأن وأخبرا المجني عليهم بقدرتهم على تحقيق أرباح طائلة لهم من هذا النشاط فوثقوا فيهما وحصلا من كل من ... و ... و ... و ...  و ... على مبلغ قدره ثلاثمائة وأربعون ألف وسبعمائة جنيه لاستثمارها عن طريق توظيفها في نشاط البورصة المصرية مقابل مضاعفة هذا المبلغ عن طريق تحقيق الأرباح وضماناً لذلك وقعا على شيكات للمجني عليهم بقيمة هذا المبلغ حتى يكتمل المشروع الإجرامي ورغم مرور مدة طويلة دون الوفاء بما التزما به فلم يتسلم أي من المجني عليهم ثمة أرباح فطالبوا برد أموالهم إليهم فامتنعا عن ردها دون وجه حق " . وعول في الإدانة على أقوال المجني عليهم و... المحامي بهيئة سوق المال والنقيب ... وتقرير الهيئة العامة لسوق المال . لما كان ذلك ، وكانت الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 146 لسنة 1988 في شأن الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال لاستثمارها قد حظرت على غير الشركات المقيدة في السجل المعد لذلك بهيئة سوق المال أن تتلقى أموالاً من الجمهور بأية عملة أو بأية وسيلة وتحت أي مسمى لتوظيفها أو استتثمارها أو المشاركة بها سواء كان هذا الغرض صريحاً أو مستتراً . ونصت الفقرة الأولى من المادة 21 من هذا القانون على أنه : " كل من تلقى أموالاً على خلاف أحكام هذا القانون ، أو امتنع عن رد المبالغ المستحقة لأصحابها كلها أو بعضها ، يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد على مثلي ما تلقاه من أموال أو ما هو مستحق ويحكم على الجاني برد الأموال المستحقة إلى أصحابها " . ولما كان نص المادة الأولى المشار إليه يحظر على غير الشركات المحددة فيه تلقي أموال من الجمهور لتوظيفها أو استثمارها أو المشاركة بها ، فإن الشرط المفترض في الركن المادي لتلقي الأموال المؤثم أن يكون التلقي من الجمهور أي من أشخاص بغير تمييز بينهم وبغير رابطة خاصة تربطهم بمتلقي الأموال ، وهو ما يعني أن تلقي الأموال لم يكن مقصوراً على أشخاص معينين بذواتهم أو محددين بأعينهم وإنما كان مفتوحاً لكافة الناس دون تمييز أو تحديد ، دل على ذلك استعمال المشرع لكلمة " الجمهور " للتعبير عن أصحاب الأموال ، فالجمهور في اللغة " الناس جلهم " وأن " الجمهور من كل شئ معظمه " وهو ما يوافق قصد المشرع على ما أفصحت عنه الأعمال التحضيرية لمشروع القانون المشار إليه ومناقشته في مجلس الشعب ، فقد أوضح أحد أعضاء المجلس المقصود من النص المذكور بقوله : " المقصود بهذا النص هو تنظيم مسألة التعرض لأخذ أموال الجمهور بغير تمييز، أما بالنسبة للاتفاقات الخاصة المحددة بين فرد أو أكثر وبعض الأفراد الذين تربطهم علاقات خاصة تدعو للطمأنينة بين بعضهم البعض ، ودون عرض الأمر على عموم الجمهور ، فإن هذه المادة وهذا المشروع لا يتعرض لها . " وأكد وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية المعنى ذاته بقوله : " تلقي الأموال من الجمهور أي من أشخاص غير محددين ومعنى ذلك أن الجمعيات التي تتم بين الأسر في إطار أشخاص محددين أو ما يسمى بشركات المحاصة لا تدخل تحت طائلة مشروع القانون " . لما كان ذلك ، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلص منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة المأخذ وإلا كان قاصراً . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعنين بجريمتي تلقي أموال لاستثمارها بالمخالفة للأوضاع المقررة قانوناً والامتناع عن ردها لأصحابها لم يستظهر وصف الجمهور - على النحو السالف بيانه - ومدى تحققه في الدعوى المطروحة وعلاقة أصحاب الأموال بكل من الطاعنين بحيث يبين ما إذا كان تلقي الأموال من أشخاص غير محددين بذواتهم أم كان على وجه آخر . لما كان ذلك ، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور الذي يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم مما يتعين معه نقضه والإعادة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائــــع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر سبق الحكم عليه بأنهما : 1- تلقيا أموالاً من الجمهور بلغ مقدارها ثلاثمائة وأربعين ألفًا وسبعمائة جنيه مصرياً لتوظيفها واستثمارها في مجال شراء وبيع الأسهم في البورصة المصرية مقابل مضاعفة المبلغ المودع بعد العمل بأحكام القانون رقم 146 لسنة 1988 بإصدار قانون الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال لاستثمارها على خلاف الأوضاع المقررة وحالة كونهما غير مرخص لهما بمزاولة هذا النشاط على النحو المبين بتقرير الهيئة العامة لسوق المال وعلى النحو المبين بالتحقيقات ، 2ـ امتنعا عن رد الأموال المبينة سلفاً بالتهمة الأولى المستحقة للمجني عليهم والتي تلقياها منهم بعد العمل بأحكام القانون 146 لسنة 1988 بشأن الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال لاستثمارها على النحو المبين بالتحقيقات . وأحالتهما إلى محكمة جنايات ... لمعاقبتهما طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة . وادعى المجني عليهم مدنيًا قبل المتهمين بإلزامهما بأن يؤديا لهما مبلغ ... جنيه على سبيل التعويض المؤقت . والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/1 ، 21 ، 26 من القانون رقم 146 لسنة 1988 ، مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبتهما بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريم كل منهما مبلغ مائة ألف جنيه وألزمتهما برد مبلغ ثلاثمائة وأربعون ألف وسبعمائة جنيه مصري إلى المجني عليهم .
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن الثاني - في مذكرتي أسباب طعنه - على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه والطاعن الأول بجريمتي تلقي أموالاً من الجمهور لتوظيفها على خلاف أحكام القانون والامتناع عن ردها قد شابه القصور في التسبيب ، ذلك بأنه لم يبين واقعة الدعوى المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمتين اللتين دانه بهما ولم يفطن إلى ما اشترطه المشرع من أن تلقي الأموال يكون بدعوة الجمهور عن طريق وسيلة علنية إلى الاكتتاب ، مما يعيبه ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله : " إن المتهمين اتفقا سوياً على ممارسة نشاط تجاري تمثل في استثمار الأموال بالبورصة دون الالتزام بأحكام القانون 146 لسنة 1988 الصادر في هذا الشأن وأخبرا المجني عليهم بقدرتهم على تحقيق أرباح طائلة لهم من هذا النشاط فوثقوا فيهما وحصلا من كل من ... و ... و ... و ... و ... على مبلغ قدره ثلاثمائة وأربعون ألف وسبعمائة جنيه لاستثمارها عن طريق توظيفها في نشاط البورصة المصرية مقابل مضاعفة هذا المبلغ عن طريق تحقيق الأرباح وضماناً لذلك وقعا على شيكات للمجني عليهم بقيمة هذا المبلغ حتى يكتمل المشروع الإجرامي ورغم مرور مدة طويلة دون الوفاء بما التزما به فلم يتسلم أي من المجني عليهم ثمة أرباح فطالبوا برد أموالهم إليهم فامتنعا عن ردها دون وجه حق " . وعول في الإدانة على أقوال المجني عليهم و... المحامي بهيئة سوق المال والنقيب ... وتقرير الهيئة العامة لسوق المال . لما كان ذلك ، وكانت الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 146 لسنة 1988 في شأن الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال لاستثمارها قد حظرت على غير الشركات المقيدة في السجل المعد لذلك بهيئة سوق المال أن تتلقى أموالاً من الجمهور بأية عملة أو بأية وسيلة وتحت أي مسمى لتوظيفها أو استثمارها أو المشاركة بها سواء كان هذا الغرض صريحاً أو مستتراً . ونصت الفقرة الأولى من المادة 21 من هذا القانون على أنه : " كل من تلقى أموالاً على خلاف أحكام هذا القانون ، أو امتنع عن رد المبالغ المستحقة لأصحابها كلها أو بعضها ، يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد على مثلي ما تلقاه من أموال أو ما هو مستحق ويحكم على الجاني برد الأموال المستحقة إلى أصحابها " . ولما كان نص المادة الأولى المشار إليه يحظر على غير الشركات المحددة فيه تلقى أموال من الجمهور لتوظيفها أو استثمارها أو المشاركة بها ، فإن الشرط المفترض في الركن المادي لتلقي الأموال المؤثم أن يكون التلقي من الجمهور أي من أشخاص بغير تمييز بينهم وبغير رابطة خاصة تربطهم بمتلقي الأموال ، وهو ما يعني أن تلقي الأموال لم يكن مقصوراً على أشخاص معينين بذواتهم أو محددين بأعينهم وإنما كان مفتوحاً لكافة الناس دون تمييز أو تحديد ، دل على ذلك استعمال المشرع لكلمة " الجمهور " للتعبير عن أصحاب الأموال ، فالجمهور في اللغة " الناس جلهم " وأن " الجمهور من كل شئ معظمه " وهو ما يوافق قصد المشرع على ما أفصحت عنه الأعمال التحضيرية لمشروع القانون المشار إليه ومناقشته في مجلس الشعب ، فقد أوضح أحد أعضاء المجلس المقصود من النص المذكور بقوله : " المقصود بهذا النص هو تنظيم مسألة التعرض لأخذ أموال الجمهور بغير تمييز ، أما بالنسبة للاتفاقات الخاصة المحددة بين فرد أو أكثر وبعض الأفراد الذين تربطهم علاقات خاصة تدعو للطمأنينة بين بعضهم البعض ، ودون عرض الأمر على عموم الجمهور ، فإن هذه المادة وهذا المشروع لا يتعرض لها . " وأكد وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية المعنى ذاته بقوله : " تتلقى الأموال من الجمهور أي من أشخاص غير محددين ومعنى ذلك أن الجمعيات التي تتم بين الأسر في إطار أشخاص محددين أو ما يسمى بشركات المحاصة لا تدخل تحت طائلة مشروع القانون " . لما كان ذلك ، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التى استخلص منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة المأخذ وإلا كان قاصراً . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعنين بجريمتي تلقي أموال لاستثمارها بالمخالفة للأوضاع المقررة قانوناً والامتناع عن ردها لأصحابها لم يستظهر وصف الجمهور - على النحو السالف بيانه - ومدى تحققه في الدعوى المطروحة وعلاقة أصحاب الأموال بكل من الطاعنين بحيث يبين ما إذا كان تلقي الأموال من أشخاص غير محددين بذواتهم أم كان على وجه آخر . لما كان ذلك ، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور الذي يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم مما يتعين معه نقضه والإعادة بالنسبة للطاعنين وذلك بغير حاجة إلى بحث أوجه طعن الطاعن الأول أو باقي أوجه طعن الطاعن الثاني .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 19799 لسنة 67 ق جلسة 18 / 1 / 2007 مكتب فني 58 ق 16 ص 93

جلسة 18 من يناير سنة 2007
  برئاسة السيد المستشار/ وفيق الدهشان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / نيّر عثمان ، محمود مسعود ، فتحي جوده ونجاح موسى نواب رئيس المحكمة
-----------
(16)
الطعن 19799 لسنة 67 ق
تقسيم . تهرب ضريبي . قانون " تفسيره " . جريمة " أركانها " . حكم " تسببيه . تسبيب غير معيب " .
تقسيم الأراضي المؤثم بمقتضى أحكام قانون الضرائب على الدخل . مناط تحققه : أن يكون تقسيماً بقصد البناء . مجرد تجزئة قطعة الأرض . لا يعد كذلك . انتهاء الحكم المطعون فيه إلى إسقاط الالتزام عن المطعون ضده بالإخطار وتقديم الإقرار الضريبي وقضاءه ببراءته استناداً لأن فعله هو بيع لقطعة أرض مجزئة لعدد من المشترين . صحيح . أساس وعلة ذلك ؟
كفاية تشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم للقضاء ببراءته . حد ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما كان القانون رقم 52 لسنة 1940 هو أول من عرف التقسيم بأنه يطلق على كل تجزئة لقطعة أرض إلى عدة قطع بقصد عرضها للبيع أو للمبادلة أو للتأجير أو للتحكير لإقامة مبان عليها متى كانت إحدى هذه القطع غير متصلة بطريق قائم ، وقد ألزمت المادة الثانية عشرة من هذا القانون المقسم أن يزود الأرض المقسمة بمياه الشرب والإنارة وتصريف المياه والمواد القذرة ، وبينت المادة الثانية والعشرون أن القانون المشار إليه لا يطبق إلا على المدن والقرى التي تسري عليها لائحة التنظيم ، ثم صدر من بعده القانون رقم 3 لسنة 1982 بشأن التخطيط العمراني ونص في المادة السادسة منه على إلغاء القانون رقم 52 لسنة 1940 والقانون رقم 28 لسنة 1949 والباب الثاني من القانون رقم 206 لسنة 1951 والقانون رقم 27 لسنة 1956 في شأن نزع ملكية الأحياء لإعادة تخطيطها وتعميرها . وجاء في المادة الثالثة من القانون رقم 3 لسنة 1982 أنه تسرى أحكامه على طلبات التقسيم التي قدمت في ظل القانون رقم 52 لسنة 1940 ولم يصدر بعد قرار باعتمادها ثم جاء في المادة الحادية عشرة أنه يقصد بالتقسيم كل تجزئة لقطعة أرض داخل نطاق المدن إلى أكثر من قطعتين وأنه يعتبر تقسيمها إقامة أكثر من مبنى واحد وملحقاته على قطعة الأرض سواء كانت هذه المباني متصلة أم منفصلة مما يرشح لفهم المقصود بالتجزئة إلى أكثر من قطعتين أنها التجزئة بقصد البناء عليها بدلالة ما ورد في المادة 13 من القانون من أنه : " تحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون المعدلات التخطيطية والقواعد والشروط والأوضاع الواجب مراعاتها في تقسيم الأراضي ، وعلى الأخص في مجالات نسبة المساحة المخصصة للطرق والميادين والحدائق والمتنزهات وعروض التقسيم وعدم جواز أن تشغل المباني في التقسيم مساحة تزيد على 60 % من مساحة القطعة التي تقام عليها . " ، وما نص عليه في المادة 21 من أنه : " يلزم المقسم المرافق العامة اللازمة لأراضي التقسيم . " ، كما جاء بقرار وزير المالية رقم 167 لسنة 1982 بشأن القواعد والأسس المحاسبية لتحديد صافي الأرباح التي يحققها من يشيدون أو يشترون عقارات لحسابهم عادة بقصد بيعها ولتحديد الأرباح الناتجة عن عمليات تقسيم أراضي البناء والتصرف فيها موضحاً في المادة الرابعة منه تحديد ثمن تكلفة أراضي البناء المقسمة وفقاً للأسس المنصوص عليها في المادة الثالثة ويستبعد من التكلفة مساحة الشوارع ويخصم ما يخص المتر المربع من الأراضي المقسمة من تكلفة المرافق ، ثم جاء القانون رقم 187 لسنة 1993 بتعديل أحكام قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 ونص في الفقرة الأولى من المادة 21 منه على أنه : " تسري الضريبة على الأرباح التي يحققها من يزاولون تشييد أو شراء العقارات لحسابهم على وجه الاعتبار بقصد بيعها وعلى الأرباح الناتجة من عمليات تقسيم أراضي البناء التصرف فيها . " ، ومفاد ما سبق جميعه أن التقسيم المعني به في مقام تطبيق القوانين المشار إليها وفي القرار الوزاري آنف الذكر بخصوص ضريبة الدخل إنما ينصرف مجال تطبيقها إلى الأرض التي يجرى تقسيمها بقصد البناء عليها وأنه لا يدخل في مفهوم التقسيم مجرد تجزئة قطعة الأرض . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى خلو الأوراق مما يفيد قيام المطعون ضده بتقسيم الأرض للبناء عليها وفق المنظور السابق عن التقسيم وخلص إلى أنه لم يفعل سوى بيع قطعة أرض مجزئة لعدد من المشترين وانتهى إلى أنه بذلك لا يعتبر مزاولاً لنشاط تجاري في تقسيم أرض البناء وبيعها ومن ثم أسقط عنه الالتزام بالإخطار وتقديم الإقرار الضريبي ثم قضى ببراءة المطعون ضده ، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يكفي أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم كي يقضي له بالبراءة إذ ملاك الأمر كله يرجع إلى وجدانه ما دام الظاهر أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة وأقام قضاءه على أسباب تحمله ، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن بين واقعة الدعوى وعرض لأدلة الثبوت فيها بما يكشف عن تمحيصه لها والإحاطة بظروفها وبأدلة الاتهام خلص إلى أن التهمة الموجهة إلى المطعون ضده محل شك للأسباب السائغة التي أوردها ، وبذلك يضحى ما تنعاه الطاعنة على الحكم في هذا الخصوص لا محل له .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه : أولاً: بصفته مولاً خاضعاً للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية لم يخطر مأمورية الضرائب المختصة عند بدء مزاولته لنشاطه في تقسيم وبيع الأرض (فضاء) خلال الميعاد المحدد قانوناً . ثانياً: بصفته سالفة الذكر تهرب من أداء الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية المقررة قانوناً والمستحقة على نشاطه سالف الذكر والخاضع لتلك الضريبة في غضون الأعوام من عام .... حتى عام .... باستخدام طرق احتيالية وهي إخفاؤه لذلك النشاط بالكامل عن علم مصلحة الضرائب على النحو المبين بالتحقيقات. ثالثاً: بصفته سالفة الذكر لم يقدم لمأمورية الضرائب المختصة إقراراً صحيحاً وشاملاً مبيناً به مقدار أرباحه الحقيقية الخاضعة للضريبة خلال الميعاد المقرر قانوناً. رابعاً: بصفته سالفة الذكر لم يحصل من مأمورية الضرائب المختصة على البطاقة الضريبة على النحو المقرر قانوناً. خامساً: بصفته سالفة الذكر لم يقدم إلى مأمورية الضرائب المختصة إقراراً صحيحاً وشاملاً عن عناصر إيراده الكلي والخاضع لضريبة الدخل العام عن عام .... وحتى عام .... خلال الميعاد المحدد وعلى النحو المقرر قانوناً. سادساً: بصفته سالفة الذكر لم يقدم إلى مأمورية الضرائب المختصة إقراراً بما لديه من ثروة هو وزوجته وأولاده القصر خلال الميعاد المحدد على النحو المقر قانوناً . ومحكمة.... قضت حضورياً ببراءة المتهم مما أسند إليه .
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
وحيث إن ما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من جرائم عدم الإخطار عن بدء مزاولة نشاطه في تقسيم وبيع الأراضي ، والتهرب من أداء الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية المستحقة عن هذا النشاط ، وعدم تقديمه لمأمورية الضرائب إقراراً عن نشاطه ، وعدم تقديمه إقراراً عما لديه وزوجته وأولاده القصر من ثروة ، وعدم حصوله على بطاقة ضريبية ، وعدم تقديمه إقراراً بعناصر إيراده الكلي الخاضع لضريبة الدخل العام قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون ، ذلك أنه لم يحط بظروف الدعوى وأدلة الثبوت فيها وأسس قضاءه بالبراءة على أن تقسيم المطعون ضده للأرض وتصرفه فيها بالبيع لا يخضع للضريبة لأن أعمال التقسيم الفعلية لم يسبقها تمهيد الأرض وشق الطرق وإمدادها بالمرافق في حين أن نص المادة 18 من القانون رقم 157 لسنة 1981 بإصدار قانون الضرائب على الدخل لم تشترط لوصف التقسيم المستحق للضريبة ما كان يشترطه القانون رقم 14 لسنة 1939 من وجوب قيام المقسم بأعمال التمهيد الخاصة بشق الطرق وإمدادها بالمرافق . وذلك بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إنه لما كان القانون رقم 52 لسنة 1940 هو أول من عرف التقسيم بأنه يطلق على كل تجزئة لقطعة أرض إلى عدة قطع بقصد عرضها للبيع أو للمبادلة أو للتأجير أو للتحكير لإقامة مبان عليها متى كانت إحدى هذه القطع غير متصلة بطريق قائم ، وقد ألزمت المادة الثانية عشرة من هذا القانون المقسم أن يزود الأرض المقسمة بمياه الشرب والإنارة وتصريف المياه والمواد القذرة ، وبينت المادة الثانية والعشرون أن القانون المشار إليه لا يطبق إلا على المدن والقرى التي تسري عليها لائحة التنظيم ، ثم صدر من بعده القانون رقم 3 لسنة 1982 بشأن التخطيط العمراني ونص في المادة السادسة منه على إلغاء القانون رقم 52 لسنة 1940 والقانون رقم 28 لسنة 1949 والباب الثاني من القانون رقم 206 لسنة 1951 والقانون رقم 27 لسنة 1956 في شأن نزع ملكية الأحياء لإعادة تخطيطها وتعميرها . وجاء في المادة الثالثة من القانون رقم 3 لسنة 1982 أنه تسري أحكامه على طلبات التقسيم التي قدمت في ظل القانون رقم 52 لسنة 1940 ولم يصدر بعد قرار باعتمادها ثم جاء في المادة الحادية عشر أنه يقصد بالتقسيم كل تجزئة لقطعة أرض داخل نطاق المدن إلى أكثر من قطعتين وأنه يعتبر تقسيمها إقامة أكثر من مبنى واحد وملحقاته على قطعة الأرض سواء كانت هذه المباني متصلة أم منفصلة مما يرشح لفهم المقصود بالتجزئة إلى أكثر من قطعتين أنها التجزئة بقصد البناء عليها بدلالة ما ورد في المادة 13 من القانون من أنه : " تحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون المعدلات التخطيطية والقواعد والشروط والأوضاع الواجب مراعاتها في تقسيم الأراضي ، وعلى الأخص في مجالات نسبة المساحة المخصصة للطرق والميادين والحدائق والمتنزهات وعروض التقسيم وعدم جواز أن تشغل المباني في التقسيم مساحة تزيد على 60% من مساحة القطعة التي تقام عليها " ، وما نص عليه في المادة 21 من أنه : " يلزم المقسم المرافق العامة اللازمة لأراضي التقسيم " ، كما جاء بقرار وزير المالية رقم 167 لسنة 1982 بشأن القواعد والأسس المحاسبية لتحديد صافي الأرباح التي يحققها من يشيدون أو يشترون عقارات لحسابهم عادة بقصد بيعها ولتحديد الأرباح الناتجة عن عمليات تقسيم أراضي البناء والتصرف فيها موضحاً في المادة الرابعة منه تحديد ثمن تكلفة أراضي البناء المقسمة وفقاً للأسس المنصوص عليها في المادة الثالثة ويستبعد من التكلفة مساحة الشوارع ويخصم ما يخص المتر المربع من الأراضي المقسمة من تكلفة المرافق ، ثم جاء القانون رقم 187 لسنة 1993 بتعديل أحكام قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 ونص في الفقرة الأولى من المادة 21 منه على أنه : " تسري الضريبة على الأرباح التي يحققها من يزاولون تشييد أو شراء العقارات لحسابهم على وجه الاعتبار بقصد بيعها وعلى الأرباح الناتجة من عمليات تقسيم أراضي البناء التصرف فيها . " ، ومفاد ما سبق جميعه أن التقسيم المعني به في مقام تطبيق القوانين المشار إليها وفي القرار الوزاري آنف الذكر بخصوص ضريبة الدخل إنما ينصرف مجال تطبيقها إلى الأرض التي يجرى تقسيمها بقصد البناء عليها وأنه لا يدخل في مفهوم التقسيم مجرد تجزئة قطعة الأرض . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى خلو الأوراق مما يفيد قيام المطعون ضده بتقسيم الأرض للبناء عليها وفق المنظور السابق عن التقسيم وخلص إلى أنه لم يفعل سوى بيع قطعة أرض مجزئة لعدد من المشترين وانتهى إلى أنه بذلك لا يعتبر مزاولاً لنشاط تجاري في تقسيم أرض البناء وبيعها ومن ثم أسقط عنه الالتزام بالإخطار وتقديم الإقرار الضريبي ثم قضى ببراءة المطعون ضده ، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يكفي أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم كي يقضي له بالبراءة إذ ملاك الأمر كله يرجع إلى وجدانه ما دام الظاهر أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة وأقام قضاءه على أسباب تحمله ، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن بين واقعة الدعوى وعرض لأدلة الثبوت فيها بما يكشف عن تمحيصه لها والإحاطة بظروفها وبأدلة الاتهام خلص إلى أن التهمة الموجهة إلى المطعون ضده محل شك للأسباب السائغة التي أوردها، وبذلك يضحى ما تنعاه الطاعنة على الحكم في هذا الخصوص لا محل له. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 26156 لسنة 75 ق جلسة 17 / 1 / 2007 مكتب فني 58 ق 15 ص 80

جلسة 17 من يناير سنة 2007
برئاسة السيد المستشار / رضوان عبد العليم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الرؤوف عبد الظاهر ، عمر الفهمي ، نادي عبد المعتمد نواب رئيس المحكمة وعلي نور الدين الناطوري .
-------------
(15)
الطعن 26156 لسنة 75 ق
(1) قتل عمد . جريمـة " أركانها " . قصد جنائي . إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
قصد القتل . أمر خفي . إدراكه بالظروف والأمارات والمظاهر التي  تنبئ عنه . استخلاص توافره . موضوعي .
   مثال لتسبيب سائغ في استظهار نية القتل في جريمة قتل عمد .
(2) قتل عمد . جريمـة " أركانها " . قصد جنائي . باعث .
نشوء نية القتل لدى الجاني إثر مشادة وقتية . جائز .
    الباعث على الجريمة . ليس ركناً من أركانها أو عنصراً من عناصرها .
(3) قتل عمد . رابطة السببية . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر علاقة السببية " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب".
إثبات علاقة السببية في المواد الجنائية. موضوعي . مادام سائغاً.
مثال لتدليل سائغ لاطراح دفاع الطاعن بانتفاء علاقة السببية في جريمة قتل عمد .
(4) قتل عمد . اتفاق . إثبات " بوجه عام " . مسئولية جنائية . محكمة الموضوع " سلطتها فى تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
    اعتبار جريمة ما نتيجة محتملة للاتفاق على أخرى طبقاً للمادة 43 عقوبات . موضوعي . ما دام يساير التطبيق السليم للقانون .
معاقبة الحكم الطاعن الثاني عن جريمة القتل والتي وقعت كنتيجة محتملة لاتفاقه مع الأول على ارتكاب جريمة ضرب المجني عليه . صحيح . ولو لم يكن باشرها بنفسه .
مثال .
(5) إثبات " بوجه عام " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب "  . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .          
أخذ محكمة الموضوع بأقوال الشهود . مفاده ؟
تناقض أقوال الشهود . لا يعيب الحكم . متى استخلص الحقيقة منها بما لا تناقض فيه .
مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح . غير جائزة أمام محكمة النقض .
  مثال .
(6) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقدير جدية التحريات . موضوعي .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير مقبول أمام محكمة النقض .
(7) دفوع " الدفع بتلفيق التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفع بتلفيق الاتهام وكيديته . موضوعي . لا يستوجب رداً صريحاً . ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردها .
 (8) إجراءات " إجراءات التحقيق " " إجراءات المحاكمة " . أمر الإحالة . بطلان . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفع ببطلان الإجراءات السابقة على المحاكمة . وجوب إبداؤه أمام محكمة الموضوع .
الدفع ببطلان قائمة أدلة الثبوت . عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض .
أمر الإحالة وقائمة أدلة الثبوت . عمل من أعمال التحقيق لا يخضع لقواعد بطلان الأحكام . القصور فيهما . لا يبطل المحاكمة ولا يؤثر على إجراءاتها .
(9) إثبات " بوجه عام " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " " تسبيبه . تسبيب غير معيب "  .
الخطأ في الإسناد . لا يعيب الحكم . ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر فى عقيدة المحكمة .
مثال لما لا يعد خطأ من الحكم في الإسناد .
________________
1ــ لما كان الحكم قد استظهر توافر نية القتل في حق الطاعن الأول بقوله : ـ " .... ولما كان ذلك وكان الثابت في الأوراق مما قرر به شاهدا الإثبات واللذان تطمئن إليهما المحكمة أن المتهمين ما إنْ تقابلا مع المجني عليه صحبة الشاهد الأول خطيب شقيقته لتأديبه بالضرب لمغازلته هاتفياً خطيبة المتهم الثاني والذي اتفق مع صديقه المتهم الأول على أن ينفرد هو وحده بإيذائه بالضرب نظراً لكونه أحد رجال الشرطة ، وقد يسبب له ذلك حرجاً لو قام بذلك ، وقد انفرد المتهم الأول حسب هذا الاتفاق بالمجني عليه بعيداً عن مرافقة الشاهد الأول والذي طلب منه المتهم الثاني البقاء بصحبته حتى يفرغ المتهم الأول مما اتفق معه عليه وحتى لا يحول بين اعتداء الأخير على المجني عليه ، وما إنْ احتدت المشادة بين المجني عليه والمتهم الأول وشعر الأخير بامتهان كرامته من استهزاء المجني عليه به حتى عقد العزم وبيت النية على قتله في الحال مستعينا في تنفيذ جريمته بمدية لها سلاح ذو حافة مدببة وهو سلاح خطر ومميت إذا أصاب مقتلا فأشهرها في وجه المجني عليه والذي ما إن رآها حتى ارتعدت فرائصه وحاول الفرار إلا أن المتهم الأول قام بالعدو خلفه وما إنْ تعثرت قدما المجني عليه وسقط أرضاً حتى انقض عليه وطعنه بسلاح مديته ذي الحافة المدببة في مقتل في يسار صدره قاصداً من ذلك قتله ، وما إنْ حاول المجني عليه النهوض من سقطته حتى عاجله بطعنة أخرى أصابته في فخذه الأيمن وقد أحدثت طعنة الصدر من شدتها وقسوتها جرحاً نافذاً من المسافة الضلعية الثالثة محدثاً قطعا بعضلاتها وكسراً قطعياً بأعلى الغضروف الخاص بالضلع الرابع نافذاً للجزوم وقد أحدث أنزفة غزيرة بأنسجته ، كما أحدث قطعاً بالتامور وقطعاً بالأذين الأيمن للقلب مع وجود تجمع دموي بالتامور به بعض الجلطات الدموية ونزيف بالجانب الأيسر من التجويف الصدري وانكماش الرئة اليسرى ، وقد أدت هذه الإصابات بما أحدثته من نزيف دموي إصابي غزير وصدمة نزيفية غير مرتجعة إلى وفاة المجني عليه ، وهو الأمر الذي يستقر معه في يقين المحكمة أن المتهم الأول وبتوجيه طعنة سلاح مديته ذي الحافة المدببة المميت إذا أصاب مقتلاً إلى موضع قاتل في يسار صدر المجني عليه تحديداً دون موضع آخر في جسمه قد ابتغى عن عمد إزهاق روح المجنى عليه ، ويزيد من ذلك أيضا الطعنة الثانية التي كالها للمجني عليه فأصابه في فخذه الأيمن ليقعده عن النهوض من سقطته حتى ينهمر دماء صدره الإصابية الغزيـرة إمعاناً في إزهاق روحه وهو الأمر الذي تتوافر معه في حق المتهم الأول نية قتل المجني عليـه والتي تولدت لديه حال استهزائه به وتوبيخه إثر المشادة التي نشبت بينهما على النحو السالف بيانه ". لما كان ذلك ، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وإذ كان ما أورده الحكم فيما تقدم كافياً وسائغاً في التدليل على ثبوت قصد القتل لدى الطاعنين فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل .
2ــ من المقرر أنه لا مانع قانوناً من اعتبار نية القتل إنما نشأت لدى الجانى إثر مشادة وقتية ، كما أن الباعث على الجريمة ليس ركناً من أركانها أو عنصراً من عناصرها فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون على غير أساس .
3ـــ لما كان  الحكم المطعون فيه قد أورد في بيان واقعة الدعوى أن الطاعن الأول طعن المجني عليه بسلاح أبيض " مطواة قرن غزال " في يسار صدره ثم عاجله بطعنة أخرى بخلفية فخذه الأيمن قاصداً من ذلك قتله بينما الطاعن الثاني يقف بالقرب منه ليمنع الشاهد الأول من التدخل لنجدة المجني عليه فأحدث به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والذى جاء به أن إصابة المجني عليه بيسار صدره هي إصابة طعنية حيوية حدثت من المصادمة والطعن بجسم صلب ذي حافة حادة وطرف مدبب وإصابة الفخذ الأيمن هي إصابة قطعية غائرة حيوية ، وإصابة الأصبع الوسطى اليمنى هي إصابة حيوية وأنه تعزى الوفاة للإصابة الطعنية بالصدر لما أحدثته من قطع بالأذين الأيمن للقلب وما نشأ عن ذلك من نزيف دموي إصابي غزير وصدمة نزفية غير مرتجعة ، وكان إثبات علاقة السببية في المواد الجنائية مسألة موضوعية ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ومتى فصل فيها إثباتا أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدى إليه وكان ما ساقه الحكم - فيما سلف - يسوغ اطراحه دفاع الطاعن الأول بانتفاء علاقة السببية ، فإن منعاه في هذا الشأن يكون في غير محله .
4- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لموقف الطاعن الثاني في الدعوى من جريمة قتل المجنى عليه بقوله :- " ... لما كان ذلك ، وكان الثابت من الأوراق ومما قرره شاهدا الإثبات أن المتهم الثاني وقد أثار حفيظته ما أبلغه به صديقه المتهم الأول من مشاهدته المجني عليه يتحدث هاتفياً مع خطيبته على رقم هاتفها المنزلي يولجها حباً وغراماً فقد اتفق معه على ضرب المجني عليه تأديباً له وانتقاماً منه على أن يقوم المتهم الأول بتنفيذ الجريمة نظراً لكونه من رجال الشرطة ، وقد تسبب له مساهمته في تنفيذها حرجاً لدى جهة عمله فسعى والأخير مساء يوم ... بحثا عنه لتنفيذ جريمتهما وقد تسلح المتهم بسلاح أبيض- مطواة قرن غزال - حسب اتفاقه مع المتهم الثاني وتوجه المتهم الأول إلى مسكنه فلم يجده فانتظره والمتهم الثاني بالطريق المؤدى إلى مسكنه وما إن ظفرا به في الساعة ... من صباح يوم ... وبصحبته الشاهد الأول " خطيب شقيقته " حتى طلب منه المتهم الأول الانفراد به بالطريق بينما طلب المتهم الثاني من الشاهد الأول أن يبقى إلى جواره حتى يفرغ المتهم الأول من تنفيذ ما اتفقا عليه وما إن شاهد الشاهد الأول الأخير وقد أشهر سلاحه الأبيض في وجه المجني عليه إثر احتدام الحوار بينهما وحاول أن يلحق به ليمنعه من الاعتداء على المجني عليه فقد منعه المتهم الثانـي بالقوة وأمسكه من ذراعه حتى يتسنى للمتهم الأول ضرب المجني عليه وكان له ما أراد فلم يلحق الشاهد الأول بالمتهم الأول إلا بعد أن كان قد نفذ جريمته على النحـو السالف بيانه وهو الأمر الذي يؤكد في يقين المحكمة على الصـراط المتقدم أن المتهم الثاني قد اتفق مع المتهم الأول على ضرب المجني عليه لتأديبه والانتقام منه لمغازلته خطيبته هاتفياً على النحو الذي أبلغه به صديقه المتهم الأول وأنه كلفــه بتنفيذ هذه الجريمة وهو يعلم أن صديقه الأخير مسلح بسلاح أبيض وأن من المتصور في المنطق والعقل والمجرى العادي للأمور أن يقاوم المجني عليه المتهم الأول دفاعاً عن نفسه أو أن تفوق قوته العضلية قوة الأخير فيعمل على سحقه فيعقد الأخير حفاظاً على كرامته العزم على قتله أو أن يستهزئ به المجني عليه أو أن ينال بالسب من كرامته أو تتطور المشاجرة بينهما إلى أن تدفع المتهم الأول إلى قتله تلك أمور يتصور في العقل والمنطق والمجرى العادي للأمور حدوثها في مثل هذه الأحوال كان في مقدور المتهم الثاني وهو من رجال الشرطة ومن واجبه أن يتوقع حدوثها ، ومن ثم تكون إرادته قد توجهت إلى ارتكاب جريمة ضرب المجني عليه التي اتفق عليها مع المتهم الأول وإلى كافة نتائجها الطبيعية ، ومن ثم فإن المتهم الثاني يتحمل قانوناً مع المتهم الأول المسئولية الجنائية عن جريمة قتله عمداً المجني عليه باعتبارها نتيجة محتملة لجريمة ضرب المجني عليه المتفق عليها على النحو السالف بيانه ومن ثم تلتفت المحكمة عما أثاره دفاع المتهم الثاني على النحو السالف بيانه ". لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن اعتبار جريمة معينة نتيجة محتملة للاتفاق على جريمة أخرى طبقاً لنص المادة 43 من قانون العقوبات هو أمر موضوعي تفصل فيه محكمة الموضوع بغير معقب ولا رقابة لمحكمة النقض عليها ما دام حكمها يساير التطبيق السليم للقانون وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه إنما عاقب الطاعن الثاني على أساس أن القتل كان نتيجة محتملة لاتفاقه مع الأول على ارتكاب جريمة ضرب المجني عليه بما يجعله في صحيح القانون مسئولاً عن فعل القتل المرتكب ولو لم يكن باشره بنفسه بل ارتكبه الطاعن الأول المتفق معه على ارتكاب جريمة الضرب فإن ما ينعاه الطاعن الثاني على الحكم من خطأ في تطبيق القانون في هذا الخصوص يكون غير سديد .
5ــ من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق . وكان وزن أقوال الشهـود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ومتى أخذت بأقوال الشهود فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وكان التناقض في أقوال الشهود - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم- ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه -  كما هو الشأن في الدعوى الماثلة - وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال الشهود واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التى شهدوا بها وكان ما أورده سائغاً في العقل والمنطق ومقبولاً فى بيان كيفية وقوع الحادث فإن ما يثيره الطاعن الثاني من منازعة في سلامة ما استخلصه الحكم بدعوى الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب في هذا الصدد لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
6ــ من المقرر أن تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع فإن المجادلة في تعويل الحكم على التحريات بدعوى عدم معقوليتها وعدم مطابقتها للواقع تتمخض جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل لا يقبل أمام محكمة النقض .
 7ــ من المقرر أن الدفع بتلفيق الاتهام وكيديته من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً لأدلة الثبوت التي أوردها الحكم وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى الأدلة السائغة التي أوردتها ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الخصوص لا محل له .
8- من المقرر أن أوجه البطلان المتعلقة بالإجراءات السابقة على المحاكمة يجب إبداؤها أمام محكمة الموضوع وكان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن الثاني لم يدفع ببطلان قائمة أدلة الثبوت فإنه لا يجوز له إثارة الدفع به لأول مرة أمام محكمة النقض . هذا فضلاً عن أن أمر الإحالة وقائمة أدلة الثبوت هو عمل من أعمال التحقيق فلا محل لإخضاعه لما يجري على الأحكام من قواعد البطلان ومن ثم فإن القصور فيهما لا يبطل المحاكمة ولا يؤثر على إجراءاتها .
9 ــ من المقرر أن الخطأ فى الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة وكان البين من الحكم المطعون فيه أن ما ينعاه عليه الطاعن الثاني من خطئه في الإسناد فيما أورده الحكم في مجال تحصيله لواقعة الدعوى - على النحو الذي أشار إليه في أسباب طعنه - وعلى فرض وجوده لم يكن له أثر في منطق الحكم واستدلاله على ارتكاب الطاعن للحادث فإن ما يثيره في هذا النعي لا يكون مقبولاً .
________________
الوقائــــع
    اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما : 1- قتلا عمداً ... من غير سبق إصرار ولا ترصد بأن اتفقا سوياً على ضرب المجني عليه وأعدا لذلك سلفاً سلاحاً أبيض – مطواة - وقاما بالبحث عنه وما أن تقابلا معه وآخر حتى انفرد المتهم الأول بالمجني عليه في حوار نشب عنه مشاجرة بينهما تولدت على أثره نية قتل المجني عليه لدى المتهم الأول فتعدى عليه طعناً بسلاحه آنف البيان بصدره من الجهة اليسرى وقد شد المتهم الثاني من أزره لبلوغ مقصدهما المتفق عليه بمنع تدخل الآخر لبدء التعدي على المجني عليه فاستمرأ المتهم الأول فعله وبلوغاً لمقصده والى طعنه بأخرى بخلفية فخذه الأيمن فأحدث به إصابته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته على النحو المبين بالتحقيقات. 2- أحرزا بغير ترخيص سلاحاً أبيض " مطواة قرن غزال ". وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمحاكمتها طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة . والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 234 /1 من قانون العقوبات والمواد 1/1 ،  25 مكرراً/1 ، 30 /1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة  78 ،  165 لسنة 1981 والبند رقم 10 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول ، مع إعمال المادة 32 عقوبات . أولاً : بمعاقبة المتهم الأول بالسجن المؤبد عما أسند إليه . ثانياً : بمعاقبة المتهم الثاني بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات عما أسند إليه . ثالثاً : بمصادرة السلاح الأبيض المضبوط .
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ .
________________
المحكمـــــة
ينعي الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة القتل العمد وإحراز سلاح أبيض " مطواة قرن غزال " بغير ترخيص قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون . ويقول الطاعنان شرحاً لهذه الأسباب أن الحكم لم يدلل تدليلا كافيا وسائغا على توافر نية القتل مكتفياً بإيراد الأفعال المادية وما أورده الحكم بياناً لتلك النية لا تظاهره أقوال الشهود هذا إلى أن الحادث لم يكن إلا مشاجرة وأن صورة الحادث على خلاف ما ذهب إليه الحكم ويقول الطاعن الأول إن الحكم لم يستظهر رابطة السببية بين فعل الضرب ووفاة المجني عليه أما الطاعن الثاني فيقول إن الحكم دانه بموجب المادة 43 من قانون العقوبات وساءله عن جريمة القتل العمد التي اقترفها المتهم الأول وحده باعتبارها نتيجة محتملة لواقعة الاعتداء المتفق عليها دون أن يستظهر الحكم هذا الاتفاق أو يدلل على ثبوته هذا إلى أن ظروف الحادث تنفي قيامه ولم تكن هذه الظروف تؤدي إلى أن تتوقع القتل بحسب المجرى العادي للأمور واستند الحكم في الإدانة من بين ما استند إليه إلى أقوال الشاهد ... رغم ما بينها من تناقض وعدم استقراره على رواية واحدة فضلا عن قرابته للمجني عليه مما يعد مانعا أدبياً يمنعه من الشهادة وأغفل الحكم الرد على دفوع الطاعن بعدم جدية التحريات وعدم معقوليتها وعدم مطابقتها للواقع وبكيدية الاتهام وتلفيقه وببطلان قائمة أدلة الثبوت لذكرها وقائع واعترافات لم تأت بالتحقيقات وأورد أنهما انتظرا المجني عليه بالطريق المؤدى إلى مسكنه وهو ما لا أصل له في الأوراق ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنين بهما وأورد على ثبوتهما في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد استظهر توافر نية القتل في حق الطاعن الأول بقوله : " .... ولما كان ذلك وكان الثابت في الأوراق مما قرر به شاهدا الإثبات واللذان تطمئن اليهما المحكمة أن المتهمين ما إنْ تقابلا مع المجني عليه صحبة الشاهد الأول خطيب شقيقته لتأديبه بالضرب لمغازلته هاتفياً خطيبة المتهم الثانـي والذى اتفق مع صديقه المتهم الأول على أن ينفرد هو وحده بإيذائه بالضرب نظراً لكونه أحد رجال الشرطة وقد يسبب له ذلك حرجاً لو قام بذلك وقد انفرد المتهم الأول حسب هذا الاتفاق بالمجني عليه بعيداً عن مرافقة الشاهد الأول والذى طلب منه المتهم الثانى البقاء بصحبته حتى يفرغ المتهم الأول مما اتفق معه عليه وحتى لا يحول بين اعتداء الأخير على المجني عليه وما إنْ احتدت المشادة بين المجني عليه والمتهم الأول وشعر الأخير بامتهان كرامته من استهــزاء المجني عليه به حتى عقد العزم وبيت النية على قتله في الحال مستعينا في تنفيذ جريمته بمدية لها سلاح ذو حافة مدببة وهو سلاح خطر ومميت إذا أصاب مقتلا فأشهرها في وجه المجني عليه والذى ما إن رآها حتى ارتعدت فرائصه وحاول الفرار إلا أن المتهم الأول قام بالعدو خلفه وما إنْ تعثرت قدما المجني عليه وسقط أرضاً حتى انقض عليه وطعنه بسلاح مديته ذي الحافة المدببة في مقتل في يسار صدره قاصداً من ذلك قتله وما إنْ حاول المجنى عليه النهوض من سقطته حتى عاجله بطعنة أخرى اصابته في فخذه الأيمن وقد أحدثت طعنة الصدر من شدتها وقسوتها جرحاً نافذاً من المسافة الضلعية الثالثة محدثاً قطعا بعضلاتها وكسراً قطعياً بأعلى الغضروف الخاص بالضلع الرابع نافذاً للجزوم وقد أحدث أنزفة غزيرة بأنسجته كما أحدث قطعاً بالتامور وقطعاً بالأذين الأيمن للقلب مع وجود تجمع دموي بالتامور به بعض الجلطات الدموية ونزيف بالجانب الأيسر من التجويف الصدري وانكماش الرئة اليسرى وقد أدت هذه الإصابات بما أحدثته من نزيف دموي إصابي غزير وصدمة نزفية غير مرتجعة إلى وفاة المجني عليه وهو الأمر الذي يستقر معه فى يقين المحكمة أن المتهم الأول وبتوجيه طعنة سلاح مديته ذي الحافة المدببة المميت إذا أصاب مقتلاً إلى موضع قاتل في يسار صدر المجني عليه تحديداً دون موضع آخر في جسمه قد ابتغى عن عمد إزهاق روح المجني عليه ويزيد من ذلك أيضا الطعنة الثانية التي كالها للمجني عليه فأصابه في فخذه الأيمن ليقعده عن النهوض من سقطته حتى ينهمر دماء صدره الإصابية الغزيـرة إمعاناً في إزهاق روحه وهو الأمر الذي تتوافر معه في حق المتهم الأول نية قتل المجني عليه والتي تولدت لديه حال استهزائه به وتوبيخه إثر المشادة التي نشبت بينهما على النحو السالف بيانه ". لما كان ذلك ، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة والإمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وإذ كان ما أورده الحكم فيما تقدم كافياً وسائغاً في التدليل على ثبوت قصد القتل لدى الطاعنين فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل . هذا فضلا عن أنه لا مانع قانوناً من اعتبار نية القتل إنما نشأت لدى الجاني إثر مشادة وقتية ، كما أن الباعث على الجريمة ليس ركناً من أركانها أو عنصراً من عناصرها فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في بيان واقعة الدعوى أن الطاعن الأول طعن المجني عليه بسلاح أبيض " مطواة قرن غزال " في يسار صدره ثم عاجله بطعنة أخرى بخلفية فخذه الأيمن قاصداً من ذلك قتله بينما الطاعن الثاني يقف بالقرب منه ليمنع الشاهد الأول من التدخل لنجدة المجني عليه فأحدث به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والذى جاء به أن إصابة المجني عليه بيسار صدره هي إصابة طعنية حيوية حدثت من المصادمة والطعن بجسم صلب ذي حافة حادة وطرف مدبب وإصابة الفخذ الأيمن هي إصابة قطعية غائرة حيوية وإصابة الأصبع الوسطى اليمنى هي إصابة حيوية وأنه تعزى الوفاة للإصابة الطعنية بالصدر لما أحدثته من قطع بالأذين الأيمن للقلب وما نشأ عن ذلك من نزيف دموي إصابي غزير وصدمة نزفية غير مرتجعة ، وكان إثبات علاقة السببية في المواد الجنائية مسألة موضوعية ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ومتى فصل فيها إثباتا أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إليه وكان ما ساقه الحكم - فيما سلف - يسوغ اطراحه دفاع الطاعن الأول بانتفاء علاقة السببية فإن منعاه في هذا الشأن يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لموقف الطاعن الثاني في الدعوى من جريمة قتل المجني عليه بقوله : " ... لما كان ذلك ، وكان الثابت من الأوراق ومما قرره شاهدا الإثبات أن المتهم الثاني وقد أثار حفيظته ما أبلغه به صديقه المتهم الأول من مشاهدته المجني عليه يتحدث هاتفياً مع خطيبته على رقم هاتفها المنزلي يولجها حباً وغراماً فقد اتفق معه على ضرب المجني عليه تأديباً له وانتقاماً منـه على أن يقوم المتهم الأول بتنفيذ الجريمة نظراً لكونه من رجال الشرطة وقد تسبب له مساهمته في تنفيذها حرجاً لدى جهة عمله فسعى والأخير مساء يوم ... بحثا عنه لتنفيذ جريمتهما وقد تسلح المتهم بسلاح أبيض- مطواة قرن غزال - حسب اتفاقه مع المتهم الثاني وتوجه المتهم الأول إلى مسكنه فلم يجده فانتظره والمتهم الثاني بالطريق المؤدى إلى مسكنه وما إن ظفرا به في الساعة ... من صباح يوم ... وبصحبته الشاهد الأول " خطيب شقيقته " حتى طلب منه المتهم الأول الانفراد به بالطريق بينما طلب المتهم الثاني من الشاهد الأول أن يبقى إلى جواره حتى يفرغ المتهم الأول من تنفيذ ما اتفقا عليه وما إن شاهد الشاهد الأول الأخير وقد أشهر سلاحه الأبيض في وجه المجني عليه إثر احتدام الحوار بينهما وحاول أن يلحق به ليمنعه من الاعتداء على المجني عليه فقد منعه المتهم الثانـي بالقوة وأمسكه من ذراعه حتى يتسنى للمتهم الأول ضرب المجني عليه وكان له ما أراد فلم يلحق الشاهد الأول بالمتهم الأول إلا بعد أن كان قــد نفذ جريمته على النحـو السالف بيانه وهو الأمر الذى يؤكد في يقين المحكمة على الصـراط المتقدم أن المتهم الثاني قد اتفق مع المتهم الأول على ضرب المجني عليه لتأديبه والانتقام منه لمغازلته خطيبته هاتفياً على النحو الذي أبلغه به صديقه المتهم الأول وأنه كلفه بتنفيذ هذه الجريمة وهو يعلم أن صديقه الأخير مسلح بسلاح أبيض وأن من المتصور في المنطق والعقل والمجرى العادي للأمور أن يقاوم المجني عليه المتهم الأول دفاعاً عن نفسه أو أن تفوق قوته العضلية قوة الأخير فيعمل على سحقه فيعقد الأخير حفاظاً على كرامته العزم على قتله أو أن يستهزئ به المجني عليه أو أن ينال بالسب من كرامته أو تتطور المشاجرة بينهما إلى أن تدفع المتهم الأول إلى قتله تلك أمور يتصور في العقل والمنطق والمجرى العادي للأمور حدوثها في مثل هذه الأحوال كان في مقدور المتهم الثاني وهو من رجال الشرطة ومن واجبه أن يتوقع حدوثها ومن ثم تكون إرادته قد توجهت إلى ارتكاب جريمة ضرب المجني عليه التي اتفق عليها مع المتهم الأول وإلى كافة نتائجها الطبيعية ومن ثم فإن المتهم الثاني يتحمل قانوناً مع المتهم الأول المسئولية الجنائية عن جريمة قتله عمداً المجني عليه باعتبارها نتيجة محتملة لجريمة ضرب المجني عليه المتفق عليها على النحو السالف بيانه ومن ثم تلتفت المحكمة عما أثاره دفاع المتهم الثاني على النحو السالف بيانه ". لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن اعتبار جريمة معينة نتيجة محتملة للاتفاق على جريمة أخرى طبقاً لنص المادة 43 من قانون العقوبات هو أمر موضوعي تفصل فيه محكمة الموضوع بغير معقب ولا رقابة لمحكمة النقض عليها ما دام حكمها يساير التطبيق السليم للقانون وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه إنما عاقب الطاعن الثاني على أساس أن القتل كان نتيجة محتملة لاتفاقه مع الأول على ارتكاب جريمة ضرب المجني عليه بما يجعله في صحيح القانون مسئولاً عن فعل القتل المرتكب ولو لم يكن باشره بنفسه بل ارتكبه الطاعن الأول المتفق معه على ارتكاب جريمة الضرب فإن ما ينعاه الطاعن الثاني على الحكم من خطأ في تطبيق القانون في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ومتى أخذت بأقوال الشهود فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وكان التناقض في أقوال الشهود - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم- ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه -  كما هو الشأن في الدعوى الماثلة - وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال الشهود واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهدوا بها وكان ما أورده سائغاً في العقل والمنطق ومقبولاً في بيان كيفية وقوع الحادث فإن ما يثيره الطاعن الثاني من منازعة في سلامة ما استخلصه الحكم بدعوى الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب في هذا الصدد لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع فإن المجادلة في تعويل الحكم على التحريات بدعوى عدم معقوليتها وعدم مطابقتها للواقع تتمخض جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل لا يقبل أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بتلفيق الاتهام وكيديته من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً لأدلة الثبوت التي أوردها الحكم وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى الأدلة السائغة التي أوردتها ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الخصوص لا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن أوجه البطلان المتعلقة بالإجراءات السابقة على المحاكمة يجب إبداؤها أمام محكمة الموضوع وكان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن الثاني لم يدفع ببطلان قائمة أدلة الثبوت فإنه لا يجوز له إثارة الدفع به لأول مرة أمام محكمة النقض . هذا فضلاً عن أن أمر الإحالة وقائمة أدلة الثبوت هو عمل من أعمال التحقيق فلا محل لإخضاعه لما يجرى على الأحكام من قواعد البطلان ومن ثم فإن القصور فيهما لا يبطل المحاكمة ولا يؤثر على إجراءاتها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة وكان البين من الحكم المطعون فيه أن ما ينعاه عليه الطاعن الثاني من خطئه في الإسناد فيما أورده الحكم في مجال تحصيله لواقعة الدعوى - على النحو الذى أشار إليه في أسباب طعنه - وعلى فرض وجوده لم يكن له أثر في منطق الحكم واستدلاله على ارتكاب الطاعن للحادث فإن ما يثيره في هذا النعي لا يكون مقبولاً . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
________________