الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

السبت، 24 مايو 2025

الطعن 11520 لسنة 84 ق جلسة 26 / 2 / 2020 مكتب فني 71 ق 39 ص 349

جلسة 26 من فبراير سنة 2020
برئاسة السيد القاضي / هاني مصطفي كمال نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / علي عبد البديع ، عبد النبي عز الرجال وسامح أبو باشا نواب رئيس المحكمة وصابر جمعة .
------------------
(39)
الطعن رقم 11520 لسنة 84 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وإيراده على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها . كفاية أن يكون ما أورده الحكم مؤدياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
إحالة الحكم في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر . لا يعيبه . ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها .
مثال .
(3) جريمة " أركانها " . استعمال القوة والعنف مع موظف عام . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
الركنان المادي والأدبي في الجناية المنصوص عليها في المادة 137 مكرراً (أ) عقوبات . مناط تحققهما ؟
مثال لتسبيب سائغ لحكم صادر بالإدانة بجناية استعمال القوة والعنف مع موظف عام .
(4) باعث . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
الباعث على الجريمة . ليس ركناً من أركانها . التحدث عنه استقلالاً وإيراد الأدلة على توافره . غير لازم .
(5) أسباب الإباحة وموانع العقاب " الدفاع الشرعي " . استعمال القوة والعنف مع موظف عام . مأمورو الضبط القضائي " سلطاتهم " .
حق الدفاع الشرعي . لا يبيح مقاومة مأمور الضبط ما دام يقوم بعمل من أعمال وظيفته بحسن نية ولو تخطى حدودها إلا إذا خيف بسبب معقول حصول موت أو جراح بالغة . نعي الطاعنين بأن مقاومتهما للمكلفين بتنفيذ الأحكام لكون الحكم ضد أحدهما غير واجب النفاذ . غير مقبول . أساس ذلك ؟
(6) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود ". نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بأقوال الشاهد . مفاده ؟
المنازعة في صورة الواقعة وأقوال المجني عليهم . جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها . غير جائز إثارته أمام محكمة النقض .
(7) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقدير جدية التحريات . موضوعي .
للمحكمة التعويل في تكوين عقيدتها على تحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(8) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
المنازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى . جدل موضوعي في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها . غير جائز أمام محكمة النقض .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لمَّـا كان الحكم المطعون فيه بيَّـن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما ثبت من ملاحظات النيابة العامة وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلي ما رتَّـبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه - خلافاً لقــول الطاعنين - قد بيَّـن مضمون الأدلة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، وتتوافر به جميع الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها ، كان ذلك محققاً لحكم القانون .
2- من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، وكان الطاعنان لا يجادلان في أنَّ أقوال شهود الإثبات بالتحقيقات متفقة مع أقوال الملازم أول / .... التي أحال عليها الحكم ، فإنَّ ما ينعاه الطاعنان على الحكم من قصور في هذا الصدد في غير محله .
3- لما كان الركن الأدبي في الجناية المنصوص عليها في المادة 137 مكــرراً " أ " من قانون العقوبات لا يتحقق إلا إذا توافرت لدى الجاني نيَّـة خاصة بالإضافة إلى القصد الجنائي العام تتمثل في انتوائه الحصول من الموظف المعتدى عليه على نتيجة معينة هي أن يؤدي عملاً لا يحل له أن يؤديه أو يستجب لرغبة المعتدي فيمتنع عن أداء عمل كلف بأدائه ، وأنَّ الشارع قد أطلق حكم هذه المادة لينال بالعقاب كل من يستعمل القوة أو العنف أو التهديد مع الموظف العام أو الشخص المكلف بخدمة عامة على قضاء أمر غير حق أو اجتناب أداء عمله المكلف به ، ويستوي في ذلك أن يقع الاعتداء أو التهديد أثناء قيام الموظف بعمله لمنعه من المضي في تنفيذه أو في غير فترة قيامه به لمنعه من أدائه في المستقبل . لمَّـا كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد من وقائع الاعتداء الحاصلة من الطاعنين ما يكفي لتوافر الركن المادي للجناية المذكورة ، قد استظهر استظهاراً سليماً من ظروف الواقعة أنَّ نيَّـة الطاعنين مما وقع منهم من أفعال مادية تمثلت في تعدي الطاعنين بالضرب على أمين الشرطة / .... وتمزيق ملابس الرقيب / .... قد انصرفت إلى منع الضابط - شاهد الإثبات الأول - والقوة المرافقة له من أداء أعمال وظيفتهم وعدم تمكينهم من ضبط الطاعن الأول تنفيذاً لحكم قضائي ضده في القضية رقم .... جنح .... ولم يتمكنا بما استعملاه في حق هذا الضابط وقوته المرافقة من وسائل العنف والتعدي من بلوغ مقصدهما ، فإنَّ هذا الذي أورده الحكم - على السياق المتقدم - تتوافر به أركان الجناية المنصوص عليها في المادة 137 مكرراً " أ " من قانون العقوبات ، ويتضمن اطراح دفاع الطاعنين بانتفاء تلك الأركان في حقهما ، ومن ثم فإنَّ منعاهما في هذا الشأن يكون غير سديد .
4- لما كان لا يقبل من الطاعنين نعيهما على الحكم بانتفـاء الباعث عليها لأنَّ الباعث على الجريمة ليس ركنـاً من أركان الجريمة حتى تلتزم المحكمة بالتحدث عنه استقلالاً وإيراد الأدلة على توافره ، فإنَّ ما ينعاه الطاعنان على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل .
5- من المقرر طبقاً لنص المادة 248 من قانون العقوبات أنَّ حق الدفاع الشرعي لا يبيح مقاومة أحد مأموري الضبط أثناء قيامه بأمر بناء على واجبات وظيفته مع حسن النية ولو تخطى هذا المأمور حدود وظيفته إلا إذا خيف أن ينشأ عن أفعاله موت أو جراح بالغة وكان لهذا التخوف سبب معقول ، وكان مفاد هذا النص أنَّ حق الدفــاع الشرعي لا يبيح مقاومة مأمور الضبط ما دام يقوم بعمل من أعمال وظيفته ، كأن يقبض على متهم بمقتضى أمر بالقبض باطل من حيث الشكل أو أن يقبض بحسن نية على شخص غير الذى عُين في أمر القبض ، أو أن يشاهد وقوع فعل يظنه بحسن نية جريمة تبيح القبض فيقبض على مرتكبه ، أو أن يقبض بحسن نيته متهـم صادر ضده حكم غيابي معتقداً أنَّ هذا الحكم يجوز تنفيذه قبل أن يصبح نهائياً ، ففي هذه الأحوال وما شاكلها لا يجوز مقاومة مأمور الضبط لأنَّ القبض على المحكوم عليهم لتنفيذ الأحكام الصادرة ضدهم هو من أعمال وظيفته ، ولمَّـا كان المجني عليهم من المكلفين بتنفيذ الأحكام بحكم وظائفهم كانوا يقومون بعمل من أعمال وظائفهم وهو تنفيذ الحكم الصادر ضد الطاعن الأول في القضية رقم .... جنح .... ، فإنَّ ما يثيـره الطاعنان بأسباب طعنهما من أن هذا الحكم غيــر واجب التنفيذ - وبفرض صحة ذلك - يكون على غير أساس ، هــذا فضلاً عن أنَّ دفاع الطاعنين بأنَّ الحكم الصادر ضد الطاعن الأول غير واجب النفاذ لم يكن له اعتبار في إدانتهما ، ولا تعلق له بجوهر الأسباب ، إذ أنَّ التهمة التي دین الطاعنين بارتكابها هي استعمال القوة والعنف مع موظفين عموميين فإنَّ ما يثيــره الطاعنان في هذا الصدد لا يكون مقبولاً .
6- من المقرر أنَّ لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامهـا على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعــها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، وكان الأصل أنَّـه متى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإنَّ ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفـاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان الحكم المطعون فيه قد ساق على ثبوت الواقعة لديه على الصورة التي اعتنقها أدلة استمدها من أقوال شهود الإثبات ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها ولا ينازع الطاعنان في أنَّ لها مأخذها الصحيح من الأوراق ، فإنَّ ما يثيره الطاعنان بشأن صورة الواقعة وأقوال المجني عليهم ينحل إلى جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها ممَّـا لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض .
7- لمَّا كان تقدير جدية التحريات وكفايتها من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع فلا تجوز مجادلتها في ذلك ، وكان لمحكمة الموضوع أن تعوّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية في الدعوى ، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى جدية تحريات الشرطة وإلى أقوال مجريها فإنَّ منازعة الطاعنين في كل ذلك تنحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض بما يكون نعي الطاعنين غير مقبول .
8- لمَّـا كان ما أورده الحكم ودلل به على مقارفة الطاعنين للجريمة التي أدينا بها كافٍ وسائغ ولا يتنافر مع الاقتضاء العقلي والمنطقي فإنَّ ما يثيره الطاعنان من منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدهـا ممَّـا لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما : استعملا القوة والعنف والتهديد مع موظفين عموميين وهم ملازم أول / .... وأفراد القــوة المرافقة له لحملهم بغير حق على الامتناع عن عمل من أعمـال وظيفتهم وهو ضبط المتهم الأول الصادر ضده حكم قضائي واجب النفاذ وذلك بأن تعدوا على الأول بالسبّ وعلى الأخرين بأن قـام المتهم الأول بإحداث إصابة أمين الشرطة / .... بينما قـام المتهم الثاني بجذب السترة الميري وتمزيقها الخاصة برقيب الشرطة / .... إلا أنهم لم يبلـغوا من ذلك قصدهم وهو فرار المتهم الأول .
وأحالتهما لمحكمة جنايات .... لمعاقبتهما طبقـاً للقيد والوصف الواردين بأمـر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً وعملاً بالمواد 133 ، 136 ، 137 /1 ، 137 مكرراً/1 ، 242 /1 من قـانون العقــوبات ، وإعمال المادة 17 من ذات القـانون بمعاقبة كلٍ من .... ، .... بالحبس مع الشـغل لمدة سنة واحدة عمَّـا أُسند إليهما .
فطعن المحكوم عليـهما في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة استعمال القوة والعنف مع موظفين عموميين لحملهم بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهم ولم يبلغا من ذلك مقصدهما قد شابـه القصور في التسبيب ، والإخلال بحق الدفاع ، ذلك أنه لم يبين واقعة الدعوي والظروف التي وقعت فيها وخلا من بيان مؤدى أدلة الثبوت ووجه استدلاله بها ، ولم يبين أركان الجريمة التي دانهما بها رغم تمسكهما بانتفائها وانتفاء الباعث ، كما أنَّ الحكم الصادر ضد الطاعن الأول غير واجب النفاذ ، فضلاً عن عدم معقولية الواقعة وتصوير المجني عليهم لها ، وأخيراً دفعـا بعدم جدية التحريات وخلو الأوراق من دليل يقيني قبلهمـا ، وذلك ممَّا يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
حيث إنَّ الحكم المطعون فيه بيَّـن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما ثبت من ملاحظات النيابة العامة وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلي ما رتَّـبه الحكم عليها . لمَّـا كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه - خلافاً لقول الطاعنين - قد بيَّـن مضمون الأدلة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، وتتوافر به جميع الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها ، كان ذلك محققاً لحكم القانون . ولمَّـا كان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، وكان الطاعنان لا يجادلان في أنَّ أقوال شهود الإثبات بالتحقيقات متفقة مع أقوال الملازم أول / .... التي أحال عليها الحكم ، فإنَّ ما ينعاه الطاعنان على الحكم من قصور في هذا الصدد في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الركن الأدبي في الجناية المنصوص عليها في المادة 137 مكرراً " أ " من قانون العقوبات لا يتحقق إلا إذا توافرت لدى الجاني نيَّـة خاصة بالإضافة إلى القصد الجنائي العام تتمثل في انتوائه الحصول من الموظف المعتدى عليه على نتيجة معينة هي أن يؤدي عملاً لا يحل له أن يؤديه أو يستجب لرغبة المعتدي فيمتنع عن أداء عمل كلف بأدائه ، وأنَّ الشارع قد أطلق حكم هذه المادة لينال بالعقاب كل من يستعمل القوة أو العنف أو التهديد مع الموظف العام أو الشخص المكلف بخدمة عامة على قضاء أمر غير حق أو اجتناب أداء عمله المكلف به ، ويستوي في ذلك أن يقع الاعتداء أو التهديد أثناء قيام الموظف بعمله لمنعه من المضي في تنفيذه أو في غير فترة قيامه به لمنعه من أدائه في المستقبل . لمَّا كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد من وقائع الاعتداء الحاصلة من الطاعنين ما يكفي لتوافر الركن المادي للجناية المذكورة ، قد استظهر استظهاراً سليماً من ظروف الواقعة أنَّ نيَّـة الطاعنين مما وقع منهم من أفعال مادية تمثلت في تعدي الطاعنين بالضرب على أمين الشرطة / .... وتمزيق ملابس الرقيب / .... قد انصرفت إلى منع الضابط - شاهد الإثبات الأول - والقوة المرافقة له من أداء أعمال وظيفتهم وعدم تمكينهم من ضبط الطاعن الأول تنفيذاً لحكم قضائي ضده في القضية رقم .... جنح .... ولم يتمكنا بما استعملاه في حق هذا الضابط وقوته المرافقة من وسائل العنف والتعدي من بلوغ مقصدهما ، فإنَّ هذا الذي أورده الحكم - على السياق المتقدم - تتوافر به أركان الجناية المنصوص عليها في المادة 137 مكرراً " أ " من قانون العقوبات ، ويتضمن اطراح دفاع الطاعنين بانتفاء تلك الأركان في حقهما ، ومن ثم فإنَّ منعاهما في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان لا يقبل من الطاعنين نعيهما على الحكم بانتفـاء الباعث عليها لأنَّ الباعث على الجريمة ليس ركنـاً من أركان الجريمة حتى تلتزم المحكمة بالتحدث عنه استقلالاً وإيراد الأدلة على توافره ، فإنَّ ما ينعاه الطاعنان على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل . لمَّـا كان ذلك ، وكان من المقرر طبقاً لنص المادة 248 من قانون العقوبات أنَّ حق الدفاع الشرعي لا يبيح مقاومة أحد مأموري الضبط أثناء قيامه بأمر بناء على واجبات وظيفته مع حسن النية ولو تخطى هذا المأمور حدود وظيفته إلا إذا خيف أن ينشأ عن أفعاله موت أو جراح بالغة وكان لهذا التخوف سبب معقول ، وكان مفاد هذا النص أنَّ حق الدفــاع الشرعي لا يبيح مقاومة مأمور الضبط ما دام يقوم بعمل من أعمال وظيفته ، كأن يقبض على متهم بمقتضى أمر بالقبض باطل من حيث الشكل أو أن يقبض بحسن نية على شخص غير الذي عُين في أمر القبض ، أو أن يشاهد وقوع فعل يظنه بحسن نية جريمة تبيح القبض فيقبض على مرتكبه ، أو أن يقبض بحسن نيته متهـم صادر ضده حكم غيابي معتقداً أنَّ هذا الحكم يجوز تنفيذه قبل أن يصبح نهائياً ، ففي هذه الأحوال وما شاكلها لا يجوز مقاومة مأمور الضبط لأنَّ القبض على المحكوم عليهم لتنفيذ الأحكام الصادرة ضدهم هو من أعمال وظيفته ، ولمَّـا كان المجني عليهم من المكلفين بتنفيذ الأحكام بحكم وظائفهم كانوا يقومون بعمل من أعمال وظائفهم وهو تنفيذ الحكم الصادر ضد الطاعن الأول في القضية رقم .... جنح .... ، فإنَّ ما يثيـره الطاعنان بأسباب طعنهما من أن هذا الحكم غيــر واجب التنفيذ - وبفرض صحة ذلك - يكون على غير أساس ، هــذا فضلاً عن أنَّ دفاع الطاعنين بأنَّ الحكم الصادر ضد الطاعن الأول غير واجب النفاذ لم يكن له اعتبار في إدانتهما ، ولا تعلق له بجوهر الأسباب ، إذ أنَّ التهمة التي دين الطاعنين بارتكابها هي استعمال القوة والعنف مع موظفين عموميين فإنَّ ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يكون مقبولاً . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أنَّ لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامهـا على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعــها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، وكان الأصل أنَّـه متى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإنَّ ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفـاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان الحكم المطعون فيه قد ساق على ثبوت الواقعة لديه على الصورة التي اعتنقها أدلة استمدها من أقوال شهود الإثبات ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها ولا ينازع الطاعنان في أنَّ لها مأخذها الصحيح من الأوراق ، فإنَّ ما يثيره الطاعنان بشأن صورة الواقعة وأقوال المجني عليهم ينحل إلى جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها ممَّـا لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض . لمَّـا كان ذلك ، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع فلا تجوز مجادلتها في ذلك ، وكان لمحكمة الموضوع أن تعوّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية في الدعوى ، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى جدية تحريات الشرطة وإلى أقوال مجريها فإنَّ منازعة الطاعنين في كل ذلك تنحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض بما يكون نعي الطاعنين غير مقبول . لمَّا كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم ودلل به على مقارفة الطاعنين للجريمة التي أدينا بها كافٍ وسائغ ولا يتنافر مع الاقتضاء العقلي والمنطقي فإنَّ ما يثيــره الطاعنان من منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدهـا ممَّـا لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لمَّا كان ما تقدم ، فإنَّ الطعن برمَّته يكون على غير أساس متعیَّناً رفضه موضوعاً .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق