الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 1 سبتمبر 2014

الطعن 11906 لسنة 63 ق جلسة 18 / 2 / 2002 مكتب فني 53 ق 53 ص 292

جلسة 18 من فبراير سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ محمود إبراهيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسام عبد الرحيم، سمير أنيس، عبد المنعم منصور نواب رئيس المحكمة ونبيه زهران.

---------------

(53)
الطعن رقم 11906 لسنة 63 القضائية

(1) حكم "بيانات حكم الإدانة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حكم الإدانة. بياناته. المادة 310 إجراءات.
بيان الحكم واقعة الدعوى وإيراد مؤدى الأدلة بما يدل على تمحيصها والإلمام بها إلمامًا شاملاً كفايته.
عدم رسم القانون شكلاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده كافيًا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(2) زنا. نيابة عامة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
كفاية إثبات النيابة العامة في جرائم الزنا أن المرأة التي زنى بها متزوجة. إثبات علم شريكها بذلك. غير لازم. علة ذلك؟
مثال لتدليل سائغ على توافر هذا العلم.
(3) تزوير "أوراق رسمية". إجراءات "إجراءات المحاكمة".
اطلاع المحكمة بنفسها على الورقة المزورة. إجراء جوهري. يقتضيه واجبها في تمحيص الدليل الأساسي في الدعوى. إغفاله يعيب إجراءات المحاكمة.
(4) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بأقوال الشاهد. مفاده؟
للمحكمة أن تأخذ بأقوال ينقلها شخص عن آخر. متى اطمأنت إليها.
(5) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد التي اعتمد عليها الحكم. غير لازم.
الجدل في تقدير الدليل. غير مقبول أمام النقض.
(6) إثبات "بوجه عام". حكم "ما لا يعيبه في نطاق الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على الحكم بالخطأ في الإسناد فيما أورده من علم الطاعن بخلو المتهمة من الموانع الشرعية. لا محل له. علة ذلك؟
(7) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". زنا. حكم "تسبيب. تسبيب غير معيب". تزوير "أوراق رسمية".
لمحكمة الموضوع أن تستخلص من جماع الأدلة المطروحة عليها ولو كانت غير مباشرة الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. متى كان ما حصله الحكم منها لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي.
(8) زنا. إثبات "بوجه عام". تلبس. قانون "تفسيره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الاعتماد على أحد الأدلة المحددة في المادة 276 عقوبات لإثبات جريمة الزنا بالمرأة المتزوجة. ولو كان الدليل غير مباشر. جائز. علة ذلك.؟
مشاهدة المتهم حال ارتكاب فعل الزنا. غير لازم لتوافر حالة التلبس. كفاية أن يشاهد في ظروف تنبئ عن وقوع الفعل.
(9) زنا. ارتباط. عقوبة "عقوبة الجريمة الأشد". ظروف مخففة. نقض "المصلحة في الطعن".
نعي الطاعن على الحكم بالقصور في إثبات جريمة الزنا. غير مجد. ما دامت المحكمة قد دانته بجريمة الاشتراك في تزوير محرر رسمي وأوقعت عليه عقوبتها باعتبارها عقوبة الجريمة الأشد. لا يغير من ذلك تقدير المحكمة لمبررات الرأفة ومعاملته بالمادة 17 عقوبات.

---------------
1 - لما كانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانا تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه. وكان يبين مما سطره الحكم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماما شاملا يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة. وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافيا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققًا لحكم القانون ومن ثم فإن منعى الطاعن بأن الحكم شابه الغموض والإبهام يكون لا محل له.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الطاعن من عدم علمه بعدم خلو المتهمة الأولى من الموانع الشرعية وأطرحه بقوله "وحيث إن الاتهام ثابت بشقيه في حق المتهمين من أدلة الإثبات سالفة البيان والتي تطمئن إليها المحكمة والثابت فيها أن المتهمين تزوجا وتعاشرا معاشرة الأزواج رغم زواج المتهمة بآخر بصحيح العقد الشرعي وما زالت في عصمته الأمر الذي يعلمه المتهم الثاني وهو ما تستخلصه المحكمة من ظروف وملابسات واقعة الدعوى وما قررته المتهمة الأولى في تحقيق النيابة عن صداقته لزوجها الذي أكد هذا العلم في أقواله في تحقيق النيابة وهو تدليل سائغ ويؤدى إلى ما رتبه الحكم عليه ذلك أن كل ما يستوجبه القانون على النيابة العامة أن تثبت أن المرأة التي زنى بها متزوجة كما هو الحال في الدعوى، وليس عليها أن تثبت علم الطاعن بأنها كذلك إذ إن علمه بكونها متزوجة أمر مفترض وكان عليه أن يثبت أن الظروف كانت لا تمكنه من معرفة ذلك لو استعصى عنه وهو ما لم يقم به وإذ كان الحكم قد دلل تدليلاً سائغًا على هذا العلم على النحو المتقدم فإنه يكون بريئا من قالة القصور في هذا الصدد.
3 - لما كان من المقرر أن إغفال المحكمة الاطلاع على الورقة محل جريمة التزوير عند نظر الدعوى يعيب إجراءات المحاكمة لأن اطلاع المحكمة بنفسها على الورقة المزورة إجراء جوهري من إجراءات المحاكمة في جرائم التزوير يقتضيه واجبها في تمحيص الدليل الأساسي في الدعوى اعتبارًا بأن تلك الورقة هي الدليل الذي يكمل شواهد التزوير ومن ثم يجب عرضها على بساط البحث والمناقشة بالجلسة في حضور المدافع عن الطاعن لإبداء رأيه فيها وليطمئن إلى أن الورقة موضوع الدعوى هي التي دارت مرافعته عليها إلا أنه لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن وثيقة الزواج المزورة مرفقة بملف الدعوى وأن المحكمة اطلعت عليها وهو ما يتأدى منه أن تلك الوثيقة كانت معروضة على بساط البحث والمناقشة في حضور الخصوم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد.
4 - من المقرر أن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدى فيها شهادته وتعويل القضاء على أقواله مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادته فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وكان لا مانع في القانون من أن تأخذ المحكمة بالأقوال التي ينقلها شخص عن آخر متى اطمأنت إليها ورأت أنها صدرت حقيقة عمن رواها وكانت تمثل الواقع في الدعوى.
5 - من المقرر أنه لا يلزم قانونًا إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد التي اعتمد عليها الحكم بل يكفي أن يورد مضمونها وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه بالنسبة لأقوال المدعي بالحق المدني يحقق غرض الشارع في بيان الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة وحصل مضمونها بطريقة وافية ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في سلامة استناد الحكم إلى أقوال المدعي بالحق المدني ينحل إلى جدل في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب عليها ولا يقبل إثارته أمام محكمة النقض.
6 - لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه سواء فيما أورده في تحصيله لواقعة الدعوى أو فيما أورده من أقواله الشاهد ..... أنه لم يورد أن الطاعن كان يعلم بخلو المتهمة الأولى من الموانع الشرعية - خلافًا لما ذهب الطاعن بأسباب الطعن - وأن ما أورده الحكم في هذا الشأن أن المتهمة الأولى أقرت بخلوها من الموانع الشرعية وأن الطاعن صادقها على ذلك فإن ما يثيره الطاعن بشأن الخطأ في الإسناد لا يكون له محل.
7 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستبين حقيقة الدعوى وتردها إلى صورتها الصحيحة التي تستخلصها من جماع الأدلة المطروحة عليها وهي ليست مطالبة بألا تأخذ إلا بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص الحقائق القانونية من كل ما يقدم إليها من أدلة ولو كانت غير مباشرة متى كان ما حصله الحكم من هذه الأدلة لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي.
8 - من المقرر على ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن المادة 276 من قانون العقوبات وقد حددت الأدلة التي لا يقبل الإثبات بغيرها على الرجل الذي يزنى مع المرأة المتزوجة بأن تكون مؤدية بذاتها فورا ومباشرة إلى ثبوت فعل الزنا فعند توافر دليل من هذه الأدلة المعينة كالتلبس والمكاتيب يصح للقاضي أن يعتمد عليه في ثبوت الزنا ولو لم يكون صريحا في الدلالة عليه ومنصبا على حصوله وذلك متى اطمأن بناء عليه إلى أن الزنا قد وقع فعلا وفي هذه الحالة لا تقبل مناقشة القاضي فيما انتهى إليه على هذه الصورة إلا إذا كان الدليل الذي اعتمد عليه ليس من شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي وصل إليها لأنه بمقتضى القواعد العامة لا يجب أن يكون الدليل الذي ينبني عليه الحكم مباشرًا بل للمحاكم وهذا من أخص خصائص وظيفتها التي أنشئت من أجلها أن تعمل الدليل مستعينة بالعقل والمنطق وتستخلص منه ما ترى أنه لابد مؤد إليه وإذ كانت المادة 276 المذكورة قد نصت على أن التلبس بفعل الزنا كدليل من أدلة الإثبات على المتهم بالزنا مع المرأة المتزوجة لم تقصد التلبس الحقيقي كما عرفته المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية فلم تشترط فيه أن يكون المتهم قد شوهد حال ارتكابه الزنا بالفعل بل يكفى أن يكون قد شوهد في ظروف لا تترك عند قاضى الدعوى مجالا للشك في أنه ارتكب فعل الزنا وإثبات هذه الحالة غير خاضع لشروط وأوضاع خاصة وذلك لأن الغرض من المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية غير الغرض الملحوظ من المادة 276 من قانون العقوبات إذ المقصود من الأولى بيان الحالات الاستثنائية التي يخول فيها لمأموري الضبط القضائي مباشرة أعمال التحقيق أما الثانية فالمقصود منها ألا يعتمد في إثبات الزنا إلا على ما كان من الأدلة ذا مدلول قريب من ذات الفعل وكانت الوقائع التي استظهرت منها المحكمة وقوع فعل الزنا كافية بالفعل وصالحة لأن يفهم منها هذا المعنى ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها فلا محل لما يثيره الطاعن في هذا الشأن لأن تقدير ذلك كله مما يملكه قاضي الموضوع ولا وجه للطعن عليه فيه ومجادلته في ذلك لا يكون لها من معنى سوى فتح باب المناقشة في مبلغ قوة الدليل في الإثبات وهذا غير جائز لتعلقه بالموضوع.
9 - من المقرر أنه لا محل لما ينعاه الطاعن بشأن جريمة الزنا ما دامت المحكمة قد طبقت المادة 32 من قانون العقوبات وعاقبته بالعقوبة الأشد المقررة لجريمة الاشتراك في تزوير محرر رسمي التي أثبتها الحكم في حقه ولا يغير من ذلك كون المحكمة قد عاملته بالمادة 17 من هذا القانون ذلك بأنها إنما قدرت مبررات الرأفة بالنسبة للواقعة الجنائية ذاتها بغض النظر عن وصفها القانوني ولو أنها رأت أن الواقعة في الظروف التي وقعت فيها تقتضىي النزول بالعقوبة إلى أكثر مما نزلت إليه لما منعها من ذلك الوصف الذي وصفتها به.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلا من 1 -..... 2 - ...... "طاعن" بوصف أنهما أولاً: اشتركا بطريق الاتفاق فيما بينهما والمساعدة مع موظف عمومي حسن النية هو مأذون ناحية....... في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو عقد الزواج رقم...... المؤرخ...... حال تحريره المختص بوظيفته وذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمهما بتزويرها بأن أثبتا به على خلاف الحقيقة خلو المتهمة من الموانع الشرعية وفقًا لما قررته هي وصادقها الثاني عليه فتمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة. ثانيًا: المتهمة الأولى ارتكبت الزنا مع المتهم الثاني حال كونها زوجة...... بصحيح العقد الشرعي. ثالثًا: المتهم الثاني "الطاعن" اشترك مع الأولى بطريق الاتفاق والمساعدة في ارتكاب جريمة الزنا بالزواج منها حال كونها زوجة لغيره مع علمه بذلك. وأحالتهما إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهما طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى زوج المتهمة الأولى بمبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضوريًا عملاً بالمواد 40/ 2 - 3، 41، 213، 273، 274، 275 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17، 32 من ذات القانون أولاً: بحبس المتهمين سنة مع الشغل وبإلزامهما متضامنين بأن يؤديا للمدعى بالحقوق المدنية مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. فطعن المحكوم عليه الثاني في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي الاشتراك في تزوير محرر رسمي والزنا قد انطوى على قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وأقيم على إجراء باطل وشابه الخطأ في الإسناد وفي تطبيق القانون ذلك بأنه اعتوره الغموض والإبهام ولم يبين أركان الجريمتين المسندتين له ولم يدلل على علم الطاعن بعدم خلو الزوجة من الموانع الشرعية وأغفلت المحكمة الاطلاع على وثيقة الزواج المزورة وعول على أقوال المدعى بالحق المدني في إثبات جريمة الزنا وحصلها بطريقة مبتسرة وهي شهادة سماعية لا تكفى للإدانة. كما عول على أقوال..... من أن الطاعن كان يعلم بعدم خلو المتهمة الأولى من الموانع الشرعية وهو ما لا أصل له في الأوراق وأن أدلة الاشتراك في الزنا غير متوافرة في حق الطاعن وما استند إليه الحكم من أقوال المدعى بالحق المدني لا يؤدي إلى وقوع الوطء كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله إنه بتاريخ...... بدائرة قسم ..... اتفق المتهمان الأولى..... والثاني...... على الزواج رغم أن المتهمة الأولى ما زالت زوجة لآخر هو.... بصحيح العقد الشرعي فتوجه المتهمان لمأذون ناحية...... وطلبا منه توثيق عقد زواجها وأدلت المتهمة الأولى أمام المأذون بخلوها من الموانع الشرعية خلافا للحقيقة وصادقها المتهم الثاني على ذلك رغم علمه بزواجها فقام المأذون حسن النية بإثبات زواجهما في وثيقة عقد الزواج بالصحيفة رقم...... من الدفتر رقم...... بتاريخ....... فوقعت منه جريمة التزوير في محرر رسمي بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة كما قامت المتهمة الأولى بارتكاب جريمة الزنا مع المتهم الثاني الذي تزوجها وعاشرها معاشرة الأزواج رغم زواجها من آخر واشترك معها المتهم الثاني بطريق الاتفاق والمساعدة في ارتكاب الجريمة بأن واقعها رغم علمه بأنها زوجة لغيره وساق الحكم للتدليل على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات وما قررته المتهمة الأولى بتحقيقات النيابة العامة ومن الاطلاع على وثيقتي عقد الزواج. لما كان ذلك، كانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانا تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه. وكان يبين مما سطره الحكم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلمامًا شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة. وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافيًا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققًا لحكم القانون ومن ثم فإن منعى الطاعن بأن الحكم شابه الغموض والإبهام يكون لا محل له. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الطاعن من عدم علمه بعدم خلو المتهمة الأولى من الموانع الشرعية وأطرحه بقوله "وحيث إن الاتهام ثابت بشقيه في حق المتهمين من أدلة الإثبات سالفة البيان والتي تطمئن إليها المحكمة والثابت فيها أن المتهمين تزوجا وتعاشرا معاشرة الأزواج رغم زواج المتهمة بآخر بصحيح العقد الشرعي وما زالت في عصمته الأمر الذي يعلمه المتهم الثاني وهو ما تستخلصه المحكمة من ظروف وملابسات واقعة الدعوى وما قررته المتهمة الأولى في تحقيق النيابة عن صداقته لزوجها الذي أكد هذا العلم في أقواله في تحقيق النيابة وهو تدليل سائغ ويؤدي إلى ما رتبه الحكم عليه ذلك أن كل ما يستوجبه القانون على النيابة العامة أن تثبت أن المرأة التي زنى بها متزوجة كما هو الحال في الدعوى، وليس عليها أن تثبت علم الطاعن بأنها كذلك إذ إن علمه بكونها متزوجة أمر مفترض وكان عليه أن يثبت أن الظروف كانت لا تمكنه من معرفة ذلك لو استعصى عنه وهو ما لم يقم به وإذ كان الحكم قد دلل تدليلا سائغا على هذا العلم على النحو المتقدم فإنه يكون بريئا من قالة القصور في هذا الصدد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن إغفال المحكمة الاطلاع على الورقة محل جريمة التزوير عند نظر الدعوى يعيب إجراءات المحاكمة لأن اطلاع المحكمة بنفسها على الورقة المزورة إجراء جوهري من إجراءات المحاكمة في جرائم التزوير يقتضيه واجبها في تمحيص الدليل الأساسي في الدعوى اعتبارًا بأن تلك الورقة هي الدليل الذي يكمل شواهد التزوير ومن ثم يجب عرضها على بساط البحث والمناقشة بالجلسة في حضور المدافع عن الطاعن لإبداء رأيه فيها وليطمئن إلى أن الورقة موضوع الدعوى هي التي دارت مرافعته عليها إلا أنه لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن وثيقة الزواج المزورة مرفقة بملف الدعوى أن المحكمة اطلعت عليها وهو ما يتأدى منه أن تلك الوثيقة كانت معروضة على بساط البحث والمناقشة في حضور الخصوم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على أقواله مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهى متى أخذت بشهادته فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وكان لا مانع في القانون من أن تأخذ المحكمة بالأقوال التي ينقلها شخص عن آخر متى اطمأنت إليها ورأت أنها صدرت حقيقة عمن رواها وكانت تمثل الواقع في الدعوى. وكان من المقرر أيضًا أنه لا يلزم قانونًا إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد التي اعتمد عليها الحكم بل يكفي أن يورد مضمونها وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه بالنسبة لأقوال المدعى بالحق المدني يحقق غرض الشارع في بيان الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة وحصل مضمونها بطريقة وافية ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في سلامة استناد الحكم إلى أقوال المدعى بالحق المدني ينحل إلى جدل في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب عليها ولا يقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه سواء فيما أورده في تحصيله لواقعة الدعوى أو فيما أورده من أقوال الشاهد.... أنه لم يورد أن الطاعن كان يعلم بخلو المتهمة الأولى من الموانع الشرعية خلافا لما ذهب الطاعن بأسباب الطعن وأن ما أورده الحكم في هذا الشأن أن المتهمة الأولى أقرت بخلوها من الموانع الشرعية وأن الطاعن صادقها على ذلك فإن ما يثيره الطاعن بشأن الخطأ في الإسناد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستبين حقيقة الدعوى وتردها إلى صورتها الصحيحة التي تستخلصها من جماع الأدلة المطروحة عليها وهى ليست مطالبة بألا تأخذ إلا بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص الحقائق القانونية من كل ما يقدم إليها من أدلة ولو كانت غير مباشرة متى كان ما حصله الحكم من هذه الأدلة لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي. وكانت المحكمة قد استقرت في إدانة الطاعن بالاشتراك في جريمتي التزوير في محرر رسمي والزنا إلى الأدلة المطروحة في الدعوى ومنها عقد الزواج الذي عقد به قرانه على المتهمة الأولى وعولت في حصول الوطء بين الطاعن والمتهمة الأولى على هذا العقد وما تبعه من دخول بالإضافة إلى ما ساقته المحكمة من ظروف وقرائن وما أقرت به المتهمة الأولى وهي الأدلة التي أطمأنت إليها المحكمة في حدود سلطتها التقديرية في تقدير الدليل بما لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي وبأسباب تؤدى إلى النتيجة التي انتهت إليها بما لا تقبل مجادلتها فيه. وكان من المقرر على ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن المادة 276 من قانون العقوبات وقد حددت الأدلة التي لا يقبل الإثبات بغيرها على الرجل الذي يزنى مع المرأة المتزوجة بأن تكون مؤدية بذاتها فورًا ومباشرة إلى ثبوت فعل الزنا فعند توافر دليل من هذه الأدلة المعينة كالتلبس والمكاتبات يصح للقاضي أن يعتمد عليه في ثبوت الزنا ولو لم يكن صريحًا في الدلالة عليه ومنصبًا على حصوله وذلك متى اطمأن بناء عليه إلى أن الزنا قد وقع فعلاً وفي هذه الحالة لا تقبل مناقشة القاضي فيما انتهى إليه على هذه الصورة إلا إذا كان الدليل الذي اعتمد عليه ليس من شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي وصل إليها لأنه بمقتضى القواعد العامة لا يجب أن يكون الدليل الذي ينبني عليه الحكم مباشرًا بل للمحاكم وهذا من أخص خصائص وظيفتها التي أنشئت من أجلها أن تعمل الدليل مستعينة بالعقل والمنطق وتستخلص منه ما ترى أنه لابد مؤد إليه وإذ كانت المادة 276 المذكورة قد نصت على أن التلبس بفعل الزنا كدليل من أدلة الإثبات على المتهم بالزنا مع المرأة المتزوجة لم تقصد التلبس الحقيقي كما عرفته المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية فلم تشترط فيه أن يكون المتهم قد شوهد حال ارتكابه الزنا بالفعل بل يكفي أن يكون قد شوهد في ظروف لا تترك عند قاضى الدعوى مجالا للشك في أنه ارتكب فعل الزنا وإثبات هذه الحالة غير خاضع لشروط وأوضاع خاصة وذلك لأن الغرض من المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية غير الغرض الملحوظ من المادة 276 من قانون العقوبات إذ المقصود من الأولى بيان الحالات الاستثنائية التي يخول فيها لمأموري الضبط القضائي مباشرة أعمال التحقيق أما الثانية فالمقصود منها ألا يعتمد في إثبات الزنا إلا على ما كان من الأدلة ذا مدلول قريب من ذات الفعل وكانت الوقائع التي استظهرت منها المحكمة وقوع فعل الزنا كافية بالفعل وصالحة لأن يفهم منها هذا المعنى ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها فلا محل لما يثيره الطاعن في هذا الشأن لأن تقدير ذلك كله مما يملكه قاضى الموضوع ولا وجه للطعن عليه فيه ومجادلته في ذلك لا يكون لها من معنى سوى فتح باب المناقشة في مبلغ قوة الدليل في الإثبات وهذا غير جائز لتعلقه بالموضوع. هذا فضلاً عن أنه لا محل لما ينعاه الطاعن بشأن جريمة الزنا ما دامت المحكمة قد طبقت المادة 32 من قانون العقوبات وعاقبته بالعقوبة الأشد المقررة لجريمة الاشتراك في تزوير محرر رسمي التي أثبتها الحكم في حقه ولا يغير من ذلك كون المحكمة قد عاملته بالمادة 17 من هذا القانون ذلك بأنها إنما قدرت مبررات الرأفة بالنسبة للواقعة الجنائية ذاتها بغض النظر عن وصفها القانوني ولو أنها رأت أن الواقعة في الظروف التي وقعت فيها تقتضي النزول بالعقوبة إلى أكثر مما نزلت إليه لما منعها من ذلك الوصف الذي وصفتها به. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق