برئاسة محمد احمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية عبد اللطيف على ابو النيل ومحمد اسماعيل موسى ومصطفى محمد صادق ومحمد على رجب نواب رئيس المحكمة.
---------------------
1 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط اليحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق.
2 - لما كان الأصل أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفنى بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولى ـ كما أخذت به المحكمة ـ غير متناقض مع الدليل الفنى تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق ، وكان الحكم قد حصل أقوال شهود الإثبات بما مفاده أن الطاعنين الأولين قد انهالا على المجنى عليه ضرباً أولهما بمطواة والثانى بسكين مما تستعمل فى قطع الموز وأصاباه فى مناطق متفرقة من جسده بينما كان الطاعن الثالث يقف بمكان الحادث حاملاً قطعة من الحديد يشد أزرهما ويمنع من يحاول الذود عن المجنى عليه ونقل عن تقرير الصفة التشريحية أن اصابات المجنى عليه عبارة عن جرح طعنى نافذ بيسار العنق وجرحين طعنيين نافذين بيمين التجويف الصدرى وجرح قطعى غائر باصبع الابهام الأيمن وأن تلك الاصابات تحدث من التعدى على المجنى عليه بالطعن بمطواة أو سكين أو ما فى حكمهما ولايوجد ما نيفى إمكانية حصول اصابات المجنى عليه من مثل الأسلحة المضبوطة ـ وهى مطواة قرن غزال وسلاح أبيض يتكون من نصل معدنى ذو حافة واحدة وطرف مدبب ومثبت فى يد معدنية ـ ووفقاً للتصوير الوارد بمذكرة النيابة العامة وفى تاريخ بتفق وتاريخ الواقعة ، كما نقل عن تقرير نائب كبير الأطباء الشرعيين أن اصابات المجنى عليه من الجائز حدوثها من مثل الأصلحة الحادة المرسلة ووفقاً للتصوير الوارد بمذكرة النيابة العامة ، وإذ كان ما أورده الحكم من أقوال الشهود لايتعارض بل يتلاءم مع ما نقله عن الدليل الفنى فإن ما يثيره الطاعنون فى هذا الصدد يكون على غير أساس .
3 - لما كان لمحكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها والفصل فيما يوجه إليه من اعتراضات وأنها لا تلتزم باستدعاء الطبيب الشعرى أو كبير الأطباء الشرعيين لمناقشة مادام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هى من جانبها حاجة الى اتخاذ هذا الإجراء أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج فى الدعوى وطالما أن استنادها إلى الرأى الذى انتهى إليه الخبير هو استناد سليم لايجافى المنطق أو القانون ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى صورة الواقعة حسبما وردت بأقوال الشهود المؤيدة بالتقرير الطبى الشرعى وأطرحت دفاع الطاعنين فى هذا الشأن وطلبهم مناقشة الطبيب الشرعى استناداً إلى الأسباب السائغة التى أوردتها فإن ما يثيرونه من منازعة فى التصوير الذى أخذت به المحكمة أو انتفاتها عن دعوة كبير الأطباء الشرعيين لمحاولة مناقضة الصورة التى أعتنقتها ينحل إلى جدل موضوعى فى تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها فى شأنه أمام محكمة النقض.
4 - من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم فى مناحى دفاعه الموضوعى وفي كل شبهة يثيرها والرد يستفاد ضمناً من القضاء بالادانة استناداً إلى أدلة الثبوت السائغة التى أوردها الحكم .
5 - من المقرر أن الطلب الذي لا يتجه مباشرة إلى نفى الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود ، بل كان المقصود به إثارة الشبهة فى الدليل الذى اطمأنت إليه المحكمة يعتبر دفاعاً موضوعياً لاتلتزم المحكمة بإجابته . وكان ما يثيره الطاعن الأول من تشكيك فى أقوال ضباط المباحث وما ساقه من قرائن تشير إلى تلفيق التهمة لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التى لا تستوجب رداً صريحاً من الحكم بل أن الرد يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التى أوردها . كما أن البين من طلب إجراء تجربة على السروال المضبوط إنما أريد به اختبار مدى ملاءمته لجسم الطاعن ومن ثم فهو لا يتجه إلى نفى الفعل المكون للجريمة أو استحالة حصول الواقعة وإنما الهدف منه مجرد التشكيك فيها وإثارة الشبهة فى أدلة الثبوت التى اطمأنت إليها المحكمة فلا عليها إن هى أعرضت عنه والتفتت عن إجابته ويكون ما يثيره الطاعن المذكور فى هذا الشأن فى غير محله .
6 - من المقرر أن الأدلة فى المواد الجنائية اقتناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفى ولو حملته أوراق رسمية مادام يصح فى العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التى اطمأنت إليها من باقى الأدلة فى الدعوى ، ولها أيضاً أن تعرض عن قالة شهود النفى ما دامت لاتثق بما شهدوا به وهى غير ملزمة بالاشارة إلى أقوالهم مادامت لم تستند إليها ، كما أنها لا تلتزم بالرد صراحة على أدلة النفى التى يتقدم بها المتهم مادام الرد عليها مستفاداً ضمناً من الحكم بالادانة أعتماداً على أدلة الثبوت التى أوردتها ، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويتسقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التى صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة المتهم للجريمة المسندة إليه ولا عليه أن يتعقبه فى كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى شأن عدم وجوده على مسرح الجريمة وقت وقوعها بدلالة الشهادة الرسمية الصادرة من جهة عمله وشهادة زملائه فى العمل لايعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فى تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى وأستنباط معتقدها وهو ما لايجوز إثارته أمام محكمة النقض .
7 - لما كان الحكم قد عرض لنية القتل وأثبت توافرها فى حق الطاعنين بقوله ...... فإذا كان البين من مدونات الدعوى وجود خلافات سابقة بين المتهمين الثلاث الأول وعائلة المجنى عليه بسبب معاملات مالية مردها اقتراض المتهم الثانى من زوجة ...... وحدوث عدة مشاجرات بين أفراد من العائلتين ـ عائلة المجنى عليه وعائلة المتهمين ـ وكذلك حمل المتهمين المذكورين للأدوات المضبوطة ـ مطواة وسكين وقطعة من الحديد ـ وبغير مسوغ من ضرورة مهنية أو حرفية وهى أدوات تحدث الموت عادة إذا ما أصابت من الشخص مقتلاً ، وإذ أعمل المتهمين الأول مطواته والثانى سكينة فى جسد المجنى عليه فأحدثا به الاصابات الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى والتى أودت بحياته بينما وقف المتهم الثالث ليؤازرهماويمنع من يحاول رد اعتدائهما على المجنى عليه حتى أزهقا روحه ، فهو ما يكشف عن توافر نية القتل لدى المتهمين ويقطع بأنهم لم يقصدوا من أعتدائهم إلا اعتيال المجنى عليه وازهاق روحه إذ أنه فضلاً عما تقدم لم يكتفوا عن مواصلة الاعتداء على المجنى عليه إلا بعد أن تأكدوا من أنه قد فارق الحياة ومن ثم فإن ما يثيره الدفاع فى هذا الصدد يضحى غير سديد . وإذ كان قصد القتل أمراً خفياً لايدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه ، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية ، وكان ما أورده الحكم تدليلاً على قيام نية القتل لدى الطاعنين من الظروف والملابسات التى أوضحها هو تدليل سائغ وكاف لحمل قضائه فإن منعاهم على الحكم فى هذا الخصوص يكون فى غير محله.
8 - لما كان الحكم قد عرض لظروف سبق الإصرار وأثبت توافره فى حق الطاعنين بقوله . وحيث إنه عن ظرف سبق الإصرار فإنه لما كان الثابت من أقوال شهود الواقعة وتحريات المباحث أن نزاعاً وقع بين عائلة المتهمين الثلاث الأول وبين عائلة المجنى عليه وأن المتهمين المذكورين عقدوا العزم فيما بينهم فى هدوء وروية وبعيداً عن الانفعال وبمنأى عن جماع الغضب على قتل أحدافراد عائلة المدعو ...... فخططوا لجريمتهم بقتل المجنى عليه فأعد الأول مطواة قرن غزال والثانى سكين والثالث قطعة من الحديد وما أن ظفروا بالمجنى عليه حتى انهال عليه المتهمين الأول والثانى بالطعن فى أجزاء عدة من جسده وبدون مقدمات ، بما تستدل معه المحكمة ومن جماع ما تقدم على توافر ظروف سبق الاصرار فى حق المتهمين المذكورين وتلتفت بالتالى عن منازعة الدفاع فى هذا الصدد . لما كان ذلك وكان من المقرر فى تفسير المادة 231 من قانون العقوبات أن سبق الاصرار ـ وهو ظرف مشدد عام فى جرائم القتل والجرح والضرب ـ يتحقق باعداد وسيلة الجريمة ورسم خطة تنفيذها بعيداً عن سورة الانفعال ، مما يقتضى الهدوء والروية قبل ارتكابه ، لا أن تكون وليدة الدفعة الأولى فى نفس جاشت بالاضطراب وجمح بها الغضب حتى خرج صاحبها عن طوره ، وكلما طال الزمن بين الباعث عليها وبين وقوعها صح افتراضه ، وليست العبرة فى توافر ظرف سبق الاصرار بمضى الزمن لذاته بين التصميم على الجريمة ووقوعها ـ طال هذا الزمن أو قصر ـ بل العبرة هى بما يقع فى ذلك الزمن من التفكير والتدبير ، وهو يتحقق كذلك ولو كانت خطة التنفيذ معلقة على شرط أو ظرف ، بل ولو كانت نية القتل لدى الجانى غير محددة قصد بها شخصاً معيناً أو غير معين صادفه , وتقدير الظروف التى يستافد منها توافر سبق الاصرار من الموضوع الذى يستقل به قاضيه بغير معقب مادام استخلاصه سائغاً ، وإذ كان الحكم قد استدل على توافر هذا الظرف ـ على نحو ما تقدم ـ من ثبوت وجود ضغينة سابقة بين أسرة الطاعنين وأسرة المجنى عليه ومن إعداد الطاعنين الالات المتعملة فى الجريمة واستعانتهم ببعضهم البعض وقت الاعتداء ومبادرتهم المجنى عليه بالاعتداء دون أن يسبق هذا الاعتداء حديث أو مشادة ، فإن ما أورده الحكم من ذلك يعد سائغاً فى الدليل على توافر سبق الإصرار وكافياً لحمل قضائه وينأى به عن قالة القصور فى البيان التى يرمية به الطاعنون .
9 - لما كانت العقوبة الموقعة على الطاعنين وهى الأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات ـ تدخل فى الحدود المقررة لجريمة القتل العمد مجردة من أى ظروف مشددة فلا مصلحة لهم فيما يثيرونه من قصور الحكم فى استظهار ظروف سبق الإصرار .
------------------
إتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم أولا : قتلوا عمدا ......... بأن إنهال عليه الأول والثانى ضربا بسلاحين أبيضين حادين (مطواة وسكين) فى أجزاء متفرقة من جسده قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته بينما وقف الثالث يشد من أزرهما . ثانيا : المتهمان الأول والثانى : أحرزا سلاحين أبيضين (مطواة وسكين) فى غير الأحوال المصرح بها قانونا . وأحالتهم إلى محكمة جنايات سوهاج لمعاقبتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة . وإدعت أرملة المجنى عليه ووالدته مدنيا قبل الطاعنين ، بمبلغ مائتين وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت . والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 45/1 ، 46 ، 234/1 من قانون العقوبات و 1/1 ، 25 مكررا و 30 من القانون رقم 394 لسنه 1954 المعدل بالقانونين رقمى 26 لسنه 1978 و 165 لسنه 1981 والبند رقم 10 من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول بمعاقبة كل من الطاعنين بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات ومصادرة الأسلحة المضبوطة وإلزامهم بأن يؤدوا للمدعيتين بالحقوق المدنية مبلغ مائتى وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت .
فطعن المحكوم عليهم فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ .
فطعن المحكوم عليهم فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ .
--------------------
من حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمتي القتل العمد مع سبق الإصرار وإحراز الأول والثاني أسلحة بيضاء بغير ترخيص قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنهم أقاموا دفاعهم على استحالة وقوع الحادث بالصورة التي قرر بها شهود الإثبات واستحالة حدوث إصابات المجني عليه من الأسلحة المضبوطة أو تلك التي قرر بها الشهود، ودفعوا بتعارض الدليل القولي مع الدليل الفني في هذا الشأن وطلبوا تحقيق هذا الدفاع بمناقشة كبير الأطباء الشرعيين، بيد أن المحكمة أعرضت عن هذا الطلب وردت على دفاعهم بما لا يصلح ردا عليه، كما دفع الطاعن الأول بأن السروال المضبوط لا يخصه وأن الضابط لوثه بدماء المجني عليه وأوعز إليه أن يقر في التحقيقات بأنه سرواله وطلب تحقيقا لدفاعه إجراء تجربة السروال المضبوط عليه لبيان ما إذا كان له من عدمه، بيد أن المحكمة التفتت عن هذا الطلب ولم تعن بالرد عليه، ونفى الطاعن الثالث وجوده بمكان الحادث وقت وقوعه بدلالة الشهادة الرسمية التي قدمها والتي تثبت وجوده بمقر عمله في ذلك الوقت وما شهد به زملاؤه في العمل، إلا أن الحكم اطرح هذا الدفاع بما لا يسيغ إطراحه، كما اطرح دفعهم بانتفاء نية القتل وظرف سبق الإصرار ولم يدلل تدليلا سائغا على توافرهما في حقهم، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي القتل العمد مع سبق الإصرار وإحراز أسلحة بيضاء بغير ترخيص اللتين دان الطاعنين بهما وأورد على ثبوتهما في حقهم أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وتقرير الصفة التشريحية وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان الأصل أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي - كما أخذت به المحكمة - غير متناقض مع الدليل الفني تناقضا يستعصي على الملاءمة والتوفيق، وكان الحكم قد حصل أقوال شهود الإثبات بما مفاده أن الطاعنين الأولين قد أنهالا على المجني عليه ضربا أولهما بمطواة والثاني بسكين مما تستعمل في قطع الموز وأصاباه في مناطق متفرقة من جسد بينما كان الطاعن الثالث يقف بمكان الحادث حاملا قطعة من الحديد يشد أزرهما ويمنع من يحاول الذود عن المجني عليه ونقل عن تقرير الصفة التشريحية أن إصابات المجني عليه عبارة عن جرح قطعي نافذ بيسار العنق وجرحين طعنيين نافذين بيمين التجويف الصدري وجرح طعني غائر بإصبع الإبهام الأيمن وأن تلك الإصابات تحدث من التعدي على المجني عليه بالطعن بمطواة أو سكين أو ما في حكمهما ولا يوجد ما ينفي إمكانية حصول إصابات المجني عليه من مثل الأسلحة المضبوطة - وهي مطواة قرن غزال وسلاح أبيض يتكون من نصل معدني ذو حافة واحدة وطرف مدبب ومثبت في يد معدنية - ووفقا للتصوير الوارد بمذكرة النيابة العامة وفي تاريخ يتفق وتاريخ الواقعة، كما نقل عن تقرير نائب كبير الأطباء الشرعيين أن إصابات المجني عليه من الجائز حدوثها من مثل الأسلحة الحادة المرسلة ووفقا للتصوير الوارد بمذكرة النيابة العامة، وإذا كان ما أورده الحكم من أقوال الشهود لا يتعارض بل يتلاءم مع ما نقله عن الدليل الفني فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعنين القائم على أن إصابات المجني عليه لا تحدث من الأدوات المضبوطة وطلبهم مناقشة الطبيب الشرعي في شأن ذلك وأطرحه بقوله "وحيث إنه عما يجادل فيه دفاع المتهمين الثلاث الأول من أن إصابات المجني عليه..... لا تحدث من المطواة أو السكين المضبوطين وطلبه مناقشة الطبيب الشرعي فيما يتعلق بالأدوات المضبوطة وكيفية حدوث الوفاة منها فهو أمر تلتفت عنه المحكمة ذلك أن التقرير الطبي الشرعي والتقرير الصادر من نائب كبير الأطباء الشرعيين المودعين بالأوراق قد أثبتا أن وفاة المجني عليه من الجائز حدوثها من مثل المطواة والسكين المضبوطين ووفقا للتصوير الوارد بمذكرة النيابة وبتاريخ يتفق وتاريخ الواقعة، بما مفاده أن منازعة الدفاع في هذا الشأن غير ذات سند، لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها والفصل فيما يوجه إليه من اعتراضات وأنها لا تلتزم باستدعاء الطبيب الشرعي أو كبير الأطباء الشرعيين لمناقشته مادام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى وطالما أن استنادها إلى الرأي الذي انتهى إليه الخبير هو استناد سليم لا يجافي المنطق أو القانون، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى صورة الواقعة حسبما وردت بأقوال الشهود المؤيدة بالتقرير الطبي الشرعي وأطرحت دفاع الطاعنين في هذا الشأن وطلبهم مناقشة الطبيب الشرعي استنادا إلى الأسباب السائغة التي أوردتها فإن ما يثيرونه من منازعة في التصوير الذي أخذت به المحكمة أو التفاتها عن دعوة كبير الأطباء الشرعيين لمحاولة مناقضة الصورة التي اعتنقتها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض، لما كان ذلك، وكانت المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك مادام الرد يستفاد ضمنا من القضاء بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم، وكان من المقرر أن الطلب الذي لا يتجه مباشرة إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود، بل كان المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة يعتبر دفاعا موضوعيا لا تلتزم المحكمة بإجابته. وكان ما يثيره الطاعن الأول من تشكيك في أقوال ضابط المباحث وما ساقه من قرائن تشير إلى تلفيق التهمة لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب ردا صريحا من الحكم بل إن الرد يستفاد ضمنا من أدلة الثبوت التي أوردها، كما أن البين أن طلب إجراء تجربة على السروال المضبوط إنما أريد به اختبار مدى ملاءمته لجسم الطاعن ومن ثم فهو لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة أو استحالة حصول الواقعة وإنما الهدف منه مجرد التشكيك فيها وإثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة فلا عليها إن هي أعرضت عنه والتفتت عن إجابته ويكون ما يثيره الطاعن المذكور في هذا الشأن في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أطرح دفاع الطاعن الثاني القائم على نفي وجوده بمكان الحادث وقت وقوعه، اطمئنانا من المحكمة إلى أدلة الثبوت التي أوردتها ولما كان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية اقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية مادام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى، ولها أيضا أن تعرض عن قالة شهود النفي مادامت لا تثق بما شهدوا به وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم مادامت لم تستند إليها، كما أنها لا تلتزم بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم مادام الرد عليها مستفادا ضمنا من الحكم بالإدانة اعتمادا على أدلة الثبوت التي أوردتها، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة المتهم للجريمة المسندة إليه ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الثاني في شأن عدم وجوده على مسرح الجريمة وقت وقوعها بدلالة الشهادة الرسمية الصادرة من جهة عمله وشهادة زملائه في العمل لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لنية القتل وأثبت توافرها في حق الطاعنين بقوله ".... فإذا كان ذلك، وكان البين من مدونات الدعوى وجود خلافات سابقة بين المتهمين الثلاث الأول وعائلة المجني عليه بسبب معاملات مالية مردها اقتراض المتهم الثاني من زوجة...... وحدوث عدة مشاجرات بين أفراد العائلتين - عائلة المجني عليه وعائلة المتهمين - وكذلك حمل المتهمين المذكورين للأدوات المضبوطة - مطواة وسكين وقطعة من الحديد - وبغير مسوغ من ضرورة مهنية أو حرفية وهي أدوات تحدث الموت عادة إذا ما أصابت من الشخص مقتلا، وإذ أعمل المتهمين الأول مطواته والثاني سكينه في جسد المجني عليه فأحدثا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي أودت بحياته بينما وقف المتهم الثالث ليؤازرهما ويمنع من يحاول رد اعتدائهما على المجني عليه حتى أزهقا روحه، فهو ما يكشف عن توافر نية القتل لدى المتهمين ويقطع بأنهم لم يقصدو من اعتدائهم إلا اغتيال المجني عليه وإزهاق روحه إذ أنه فضلا عما تقدم لم يكفوا عن مواصلة الاعتداء على المجني عليه إلا بعد أن تأكدوا من أنه قد فارق الحياة ومن ثم فإن ما يثيره الدفاع في هذا الصدد يضحى غير سديد". وإذ كان قصد القتل أمرا خفيا لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان ما أورده الحكم تدليلا على قيام نية القتل لدى الطاعنين من الظروف والملابسات التي أوضحها هو تدليل سائغ وكاف لحمل قضائه فإن منعاهم على الحكم في هذا الخصوص يكون في غير محله، لما كان ذلك وكان الحكم قد عرض لظرف سبق الإصرار وأثبت توافره في حق الطاعنين بقوله "وحيث أنه عن ظرف سبق الإصرار فإنه لما كان الثابت من أقوال شهود الواقعة وتحريات المباحث أن نزاعا وقع بين عائلة المتهمين الثلاث الأول وبين عائلة المجني عليه وأن المتهمين المذكورين عقدوا العزم فيما بينهم في هدوء وروية وبعيدا عن الانفعال وبمنأى عن جماح الغضب على قتل أحد أفراد عائلة المدعو.... فخططوا لجريمتهم بقتل المجني عليه فأعد الأول مطواة قرن غزال والثاني سكين والثالث قطعة من الحديد وما أن ظفروا بالمجني عليه حتى انهال عليه المتهمين الأول والثاني بالطعن في أجزاء عدة من جسده وبدون مقدمات، بما تستدل معه المحكمة ومن جماع ما تقدم على توافر ظرف سبق الإصرار في حق المتهمين المذكورين وتلتفت بالتالي عن منازعة الدفاع في هذا الصدد". لما كان ذلك، وكان من المقرر في تفسير المادة 231 من قانون العقوبات أن سبق الإصرار - وهو ظرف مشدد عام في جرائم القتل والجرح والضرب - يتحقق بإعداد وسيلة الجريمة ورسم خطة تنفيذها بعيدا عن ثورة الانفعال، مما يقتضي الهدوء والروية قبل ارتكابه، لا أن تكون وليدة الدفعة الأولى في نفس جاشت بالاضطراب وجمح بها الغضب حتى خرج صاحبها عن طوره، وكلما طال الزمن بين الباعث عليها وبين وقوعها صح افتراضه، وليست العبرة في توافر ظرف سبق الإصرار بمضي الزمن لذاته بين التصميم على الجريمة ووقوعها - طال هذا الزمن أو قصر - بل العبرة هي بما يقع في ذلك الزمن من التفكير والتدبير، وهو يتحقق كذلك ولو كانت خطة التنفيذ معلقة على شرط أو ظرف، بل ولو كانت نية القتل لدى الجاني غير محددة قصد بها شخصا معينا أو غير معين صادفه، وتقدير الظروف التي يستفاد منها توافر سبق الإصرار من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغير معقب مادام استخلاصه سائغا، وإذ كان الحكم قد استدل على توافر هذا الظرف - على نحو ما تقدم - من ثبوت وجود ضغينة سابقة بين أسرة الطاعنين وأسرة المجني عليه ومن إعداد الطاعنين الآلات المستعملة في الجريمة واستعانتهم ببعضهم البعض وقت الاعتداء ومبادرتهم المجني عليه بالاعتداء دون أن يسبق هذا الاعتداء حديث أو مشادة، فإن ما أورده الحكم من ذلك يعد سائغا في التدليل على توافر سبق الإصرار وكافيا لحمل قضائه وينأى به عن قالة القصور في البيان التي يرميه بها الطاعنون، وفضلا عن هذا فإنه لما كانت العقوبة الموقعة على الطاعنين وهي الأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات - تدخل في الحدود المقررة لجريمة القتل العمد مجردة من أي ظروف مشددة فلا مصلحة لهم فيما يثيرونه من قصور الحكم في استظهار ظرف سبق الإصرار، لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا مع إلزام الطاعنين المصاريف المدنية.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي القتل العمد مع سبق الإصرار وإحراز أسلحة بيضاء بغير ترخيص اللتين دان الطاعنين بهما وأورد على ثبوتهما في حقهم أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وتقرير الصفة التشريحية وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان الأصل أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي - كما أخذت به المحكمة - غير متناقض مع الدليل الفني تناقضا يستعصي على الملاءمة والتوفيق، وكان الحكم قد حصل أقوال شهود الإثبات بما مفاده أن الطاعنين الأولين قد أنهالا على المجني عليه ضربا أولهما بمطواة والثاني بسكين مما تستعمل في قطع الموز وأصاباه في مناطق متفرقة من جسد بينما كان الطاعن الثالث يقف بمكان الحادث حاملا قطعة من الحديد يشد أزرهما ويمنع من يحاول الذود عن المجني عليه ونقل عن تقرير الصفة التشريحية أن إصابات المجني عليه عبارة عن جرح قطعي نافذ بيسار العنق وجرحين طعنيين نافذين بيمين التجويف الصدري وجرح طعني غائر بإصبع الإبهام الأيمن وأن تلك الإصابات تحدث من التعدي على المجني عليه بالطعن بمطواة أو سكين أو ما في حكمهما ولا يوجد ما ينفي إمكانية حصول إصابات المجني عليه من مثل الأسلحة المضبوطة - وهي مطواة قرن غزال وسلاح أبيض يتكون من نصل معدني ذو حافة واحدة وطرف مدبب ومثبت في يد معدنية - ووفقا للتصوير الوارد بمذكرة النيابة العامة وفي تاريخ يتفق وتاريخ الواقعة، كما نقل عن تقرير نائب كبير الأطباء الشرعيين أن إصابات المجني عليه من الجائز حدوثها من مثل الأسلحة الحادة المرسلة ووفقا للتصوير الوارد بمذكرة النيابة العامة، وإذا كان ما أورده الحكم من أقوال الشهود لا يتعارض بل يتلاءم مع ما نقله عن الدليل الفني فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعنين القائم على أن إصابات المجني عليه لا تحدث من الأدوات المضبوطة وطلبهم مناقشة الطبيب الشرعي في شأن ذلك وأطرحه بقوله "وحيث إنه عما يجادل فيه دفاع المتهمين الثلاث الأول من أن إصابات المجني عليه..... لا تحدث من المطواة أو السكين المضبوطين وطلبه مناقشة الطبيب الشرعي فيما يتعلق بالأدوات المضبوطة وكيفية حدوث الوفاة منها فهو أمر تلتفت عنه المحكمة ذلك أن التقرير الطبي الشرعي والتقرير الصادر من نائب كبير الأطباء الشرعيين المودعين بالأوراق قد أثبتا أن وفاة المجني عليه من الجائز حدوثها من مثل المطواة والسكين المضبوطين ووفقا للتصوير الوارد بمذكرة النيابة وبتاريخ يتفق وتاريخ الواقعة، بما مفاده أن منازعة الدفاع في هذا الشأن غير ذات سند، لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها والفصل فيما يوجه إليه من اعتراضات وأنها لا تلتزم باستدعاء الطبيب الشرعي أو كبير الأطباء الشرعيين لمناقشته مادام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى وطالما أن استنادها إلى الرأي الذي انتهى إليه الخبير هو استناد سليم لا يجافي المنطق أو القانون، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى صورة الواقعة حسبما وردت بأقوال الشهود المؤيدة بالتقرير الطبي الشرعي وأطرحت دفاع الطاعنين في هذا الشأن وطلبهم مناقشة الطبيب الشرعي استنادا إلى الأسباب السائغة التي أوردتها فإن ما يثيرونه من منازعة في التصوير الذي أخذت به المحكمة أو التفاتها عن دعوة كبير الأطباء الشرعيين لمحاولة مناقضة الصورة التي اعتنقتها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض، لما كان ذلك، وكانت المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك مادام الرد يستفاد ضمنا من القضاء بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم، وكان من المقرر أن الطلب الذي لا يتجه مباشرة إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود، بل كان المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة يعتبر دفاعا موضوعيا لا تلتزم المحكمة بإجابته. وكان ما يثيره الطاعن الأول من تشكيك في أقوال ضابط المباحث وما ساقه من قرائن تشير إلى تلفيق التهمة لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب ردا صريحا من الحكم بل إن الرد يستفاد ضمنا من أدلة الثبوت التي أوردها، كما أن البين أن طلب إجراء تجربة على السروال المضبوط إنما أريد به اختبار مدى ملاءمته لجسم الطاعن ومن ثم فهو لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة أو استحالة حصول الواقعة وإنما الهدف منه مجرد التشكيك فيها وإثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة فلا عليها إن هي أعرضت عنه والتفتت عن إجابته ويكون ما يثيره الطاعن المذكور في هذا الشأن في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أطرح دفاع الطاعن الثاني القائم على نفي وجوده بمكان الحادث وقت وقوعه، اطمئنانا من المحكمة إلى أدلة الثبوت التي أوردتها ولما كان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية اقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية مادام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى، ولها أيضا أن تعرض عن قالة شهود النفي مادامت لا تثق بما شهدوا به وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم مادامت لم تستند إليها، كما أنها لا تلتزم بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم مادام الرد عليها مستفادا ضمنا من الحكم بالإدانة اعتمادا على أدلة الثبوت التي أوردتها، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة المتهم للجريمة المسندة إليه ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الثاني في شأن عدم وجوده على مسرح الجريمة وقت وقوعها بدلالة الشهادة الرسمية الصادرة من جهة عمله وشهادة زملائه في العمل لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لنية القتل وأثبت توافرها في حق الطاعنين بقوله ".... فإذا كان ذلك، وكان البين من مدونات الدعوى وجود خلافات سابقة بين المتهمين الثلاث الأول وعائلة المجني عليه بسبب معاملات مالية مردها اقتراض المتهم الثاني من زوجة...... وحدوث عدة مشاجرات بين أفراد العائلتين - عائلة المجني عليه وعائلة المتهمين - وكذلك حمل المتهمين المذكورين للأدوات المضبوطة - مطواة وسكين وقطعة من الحديد - وبغير مسوغ من ضرورة مهنية أو حرفية وهي أدوات تحدث الموت عادة إذا ما أصابت من الشخص مقتلا، وإذ أعمل المتهمين الأول مطواته والثاني سكينه في جسد المجني عليه فأحدثا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي أودت بحياته بينما وقف المتهم الثالث ليؤازرهما ويمنع من يحاول رد اعتدائهما على المجني عليه حتى أزهقا روحه، فهو ما يكشف عن توافر نية القتل لدى المتهمين ويقطع بأنهم لم يقصدو من اعتدائهم إلا اغتيال المجني عليه وإزهاق روحه إذ أنه فضلا عما تقدم لم يكفوا عن مواصلة الاعتداء على المجني عليه إلا بعد أن تأكدوا من أنه قد فارق الحياة ومن ثم فإن ما يثيره الدفاع في هذا الصدد يضحى غير سديد". وإذ كان قصد القتل أمرا خفيا لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان ما أورده الحكم تدليلا على قيام نية القتل لدى الطاعنين من الظروف والملابسات التي أوضحها هو تدليل سائغ وكاف لحمل قضائه فإن منعاهم على الحكم في هذا الخصوص يكون في غير محله، لما كان ذلك وكان الحكم قد عرض لظرف سبق الإصرار وأثبت توافره في حق الطاعنين بقوله "وحيث أنه عن ظرف سبق الإصرار فإنه لما كان الثابت من أقوال شهود الواقعة وتحريات المباحث أن نزاعا وقع بين عائلة المتهمين الثلاث الأول وبين عائلة المجني عليه وأن المتهمين المذكورين عقدوا العزم فيما بينهم في هدوء وروية وبعيدا عن الانفعال وبمنأى عن جماح الغضب على قتل أحد أفراد عائلة المدعو.... فخططوا لجريمتهم بقتل المجني عليه فأعد الأول مطواة قرن غزال والثاني سكين والثالث قطعة من الحديد وما أن ظفروا بالمجني عليه حتى انهال عليه المتهمين الأول والثاني بالطعن في أجزاء عدة من جسده وبدون مقدمات، بما تستدل معه المحكمة ومن جماع ما تقدم على توافر ظرف سبق الإصرار في حق المتهمين المذكورين وتلتفت بالتالي عن منازعة الدفاع في هذا الصدد". لما كان ذلك، وكان من المقرر في تفسير المادة 231 من قانون العقوبات أن سبق الإصرار - وهو ظرف مشدد عام في جرائم القتل والجرح والضرب - يتحقق بإعداد وسيلة الجريمة ورسم خطة تنفيذها بعيدا عن ثورة الانفعال، مما يقتضي الهدوء والروية قبل ارتكابه، لا أن تكون وليدة الدفعة الأولى في نفس جاشت بالاضطراب وجمح بها الغضب حتى خرج صاحبها عن طوره، وكلما طال الزمن بين الباعث عليها وبين وقوعها صح افتراضه، وليست العبرة في توافر ظرف سبق الإصرار بمضي الزمن لذاته بين التصميم على الجريمة ووقوعها - طال هذا الزمن أو قصر - بل العبرة هي بما يقع في ذلك الزمن من التفكير والتدبير، وهو يتحقق كذلك ولو كانت خطة التنفيذ معلقة على شرط أو ظرف، بل ولو كانت نية القتل لدى الجاني غير محددة قصد بها شخصا معينا أو غير معين صادفه، وتقدير الظروف التي يستفاد منها توافر سبق الإصرار من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغير معقب مادام استخلاصه سائغا، وإذ كان الحكم قد استدل على توافر هذا الظرف - على نحو ما تقدم - من ثبوت وجود ضغينة سابقة بين أسرة الطاعنين وأسرة المجني عليه ومن إعداد الطاعنين الآلات المستعملة في الجريمة واستعانتهم ببعضهم البعض وقت الاعتداء ومبادرتهم المجني عليه بالاعتداء دون أن يسبق هذا الاعتداء حديث أو مشادة، فإن ما أورده الحكم من ذلك يعد سائغا في التدليل على توافر سبق الإصرار وكافيا لحمل قضائه وينأى به عن قالة القصور في البيان التي يرميه بها الطاعنون، وفضلا عن هذا فإنه لما كانت العقوبة الموقعة على الطاعنين وهي الأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات - تدخل في الحدود المقررة لجريمة القتل العمد مجردة من أي ظروف مشددة فلا مصلحة لهم فيما يثيرونه من قصور الحكم في استظهار ظرف سبق الإصرار، لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا مع إلزام الطاعنين المصاريف المدنية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق