جلسة 4 من أكتوبر سنة 1998
برئاسة السيد المستشار/ محمود إبراهيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسام عبد الرحيم وسمير أنيس وفتحي الصباغ وسمير مصطفى نواب رئيس المحكمة.
---------------
(133)
الطعن رقم 21138 لسنة 66 القضائية
(1) خطف. جريمة "أركانها". إكراه. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
جريمة خطف أنثى بالتحيل أو الإكراه المؤثمة بالمادة 290 عقوبات. مناط تحققها؟
تقدير توافر ركن التحيل أو الإكراه. موضوعي. ما دام سائغاً.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر أركان جريمة خطف أنثى بالتحيل أو الإكراه.
(2) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
المجادلة في ذلك أمام النقض. غير جائز.
(3) ظروف مخففة. عقوبة "تطبيقها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير العقوبة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". خطف. هتك عرض. إكراه.
تقدير ظروف الرأفة من محكمة الموضوع يكون بالنسبة للواقعة الجنائية التي ثبتت لديها قبل المتهم.
اعتبار أن الجريمتين اللتين دين الطاعن بهما مشروع إجرامي واحد ومعاقبته بعقوبة الجريمة الأشد والنزول بالعقوبة إلى حد يبيحه نص المادة 17 عقوبات دون النزول إلى أكثر من ذلك. مفاده؟
2 - من المقرر أن الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وإذ كانت الصورة التي استخلصتها المحكمة من أقوال المجني عليها وسائر الأدلة التي سلفت الإشارة إليها لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي، فإن نعي الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله إذ هو في حقيقته لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة واستخلاص ما تؤدى إليه مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب. طالما كان استخلاصها سائغاً فلا يجوز منازعتها في شأنه أمام محكمة النقض.
3 - لما كان تقدير ظروف الرأفة من محكمة الموضوع إنما يكون بالنسبة للواقعة الجنائية أتى ثبتت لديها قبل المتهم - فإذا اعتبرت أن الجريمتين اللتين دين الطاعن بهما وهما جريمتا الخطف والتحيل والإكراه وهتك العرض بالقوة والتهديد انتظمهما مشروع إجرامي واحد وعاقبته بعقوبة الجريمة الأولى الأشد وعاملته بالمادة 17 من قانون العقوبات وأوقعت عليه عقوبة الأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً - فهذا مفاده أنها أخذت في اعتبارها الحد الأقصى للعقوبة المقررة في المادة 290/ 1 من قانون العقوبات وهي الأشغال الشاقة المؤبدة ثم نزلت بها إلى العقوبة التي أباح لها هذا النص النزول إليها جوازياً، وكان في وسع المحكمة - لو كانت قد أرادت أن تنزل بالعقوبة إلى أكثر مما نزلت إليه أن تنزل إلى السجن وفقاً للحدود المرسومة بالمادة 17 من قانون العقوبات، وما دامت لم تفعل ذلك فإنها تكون قد رأت تناسب العقوبة التي قضت بها فعلاً مع الواقعة التي ثبتت لديها ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: 1 - خطف.... بالتحيل والإكراه أثناء استقلالها للسيارة الأجرة قيادته بأن سلك طريقاً فرعياً وطريق الصرف لكونه خالياً من الآدميين. 2 - هتك عرض المجني عليها سالفة الذكر بالقوة والتهديد بأن اقتادها إلى المكان المبين بالوصف الأول وهددها بقصافة وضربها في فمها وقام بتقبيلها وتمزيق ملابسها وكشف عن صدرها واحتضنها على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالته إلى محكمة جنايات كفر الشيخ لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعي والد المجني عليها بصفته ولياً طبيعياً على ابنته مدنياً قبل المتهم بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 290/ 1، 268/ 1 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17، 23/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم خمسة عشر عاماً عما أسند إليه وإلزامه بأن يؤدى للمدعي بالحق المدني مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.
المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي خطف أنثى بالتحيل والإكراه وهتك عرضها بالقوة والتهديد، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الثابت من الأوراق أن المجني عليها صحبت الطاعن باختيارها في سيارته التي يستخدمها في نقل الركاب بالأجر ودون أن يكرهها على ذلك وأنه لم يقم بخطفها. وقد جاء الحكم قاصراً في استظهار أركان جريمة الخطف التي دان الطاعن بها وتساند في إثباتها إلى أسباب غير مقبولة، وقد جاء تصوير الحكم للواقعة مخالفاً لطبيعة الأمور، إذ وقع الحادث نهاراً في منطقة حقول أهل المجني عليها وذويها وأن الطاعن قد عاد بالمجني عليها إلى المكان الذي استقلت منه السيارة وهي أمور تنفى توافر القصد الجنائي لدى الطاعن، هذا إلى أن الحكم قضى بمعاقبته بالأشغال الشاقة المؤقتة رغم إعماله نص المادة 17 من قانون العقوبات، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله "إن واقعة الدعوى مستخلصة من سائر أوراقها تتحصل في أن المتهم يعمل سائقاً على سيارة ربع نقل تستغل في نقل الركاب من قرى مركز.... بمحافظة كفر الشيخ وبتاريخ.... وإذ ركبت الطالبة.... الطالبة بالسنة.... بالمعهد.... في كبينة سيارته بغية الوصول إلى قريتها النائية..... وإذ خلت السيارة من ركابها لعب الشيطان برأس المتهم فانحرف بسيارته إلى طريق فرعي غير مأهول وأخذ يراود المجني عليها عن نفسها إلا أنها رفضت فجذبها من شعرها وقبلها رغم إرادتها وإذ رفضت مسايرته تعدى عليها بالضرب فأدمى فمها مهدداً إياها بمطواة - قصافة - وأخرج قضيبه بعد أن نحى عنه ملابسه محاولاً إرغامها على الإمساك به وأخرج ثديها بعد أن قام بتكتيفها واحتضنها كرهاً عنها وجثم فوقها وإذ فشل في بلوغ مقصده أعادها إلى الطريق الطبيعي مهدداً إياها بتمزيقها فيما لو أبلغت أحداً بالواقعة". وأورد الحكم ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة مستمدة من أقوال المجني عليها وباقي شهود الإثبات وما أقر به الطاعن بتحقيقات النيابة العامة وما ثبت من التقرير الطبي، وهي أدلة كافية وسائغة لا يجادل الطاعن في أن لها مأخذها الصحيح الثابت بالأوراق. لما كان ذلك، وكانت جريمة خطف أنثى بالتحيل والإكراه المنصوص عليها في المادة 290 من قانون العقوبات تتحقق بإبعاد هذه الأنثى عن المكان الذي خطفت منه أياً كان هذا المكان بقصد العبث بها، وذلك عن طريق استعمال طرق احتيالية من شأنها التغرير بالمجني عليها أو باستعمال أية وسائل مادية أو أدبية من شأنها سلب إرادتها. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استظهر ثبوت الفعل المادي للخطف وتوافر ركن الإكراه والقصد الجنائي في هذه الجريمة وتساند في قضائه إلى أدلة منتجة من شأنها أن تؤدى إلى ما انتهى إليه، وكان ما أورده الحكم بياناً لواقعة الدعوى تتحقق به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بارتكابهما كما هي معرفة به في القانون، وكان تقدير توافر ركن التحيل أو الإكراه في جريمة الخطف مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب، وما دام استدلالها سليماً، وكان الثابت من أقوال المجني عليها وشهود الإثبات ما يوفر هذا الركن خلافاً لما يدعيه الطاعن في طعنه، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد، لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من أن تصوير الحكم للواقعة يجافى طبيعة الأمور مردوداً بأن الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وإذ كانت الصورة التي استخلصتها المحكمة من أقوال المجني عليها وسائر الأدلة التي سلفت الإشارة إليها لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي، فإن نعي الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله إذ هو في حقيقته لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة واستخلاص ما تؤدى إليه مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب. طالما كان استخلاصها سائغاً - كما هو الحال في واقعة الدعوى - فلا يجوز منازعتها في شأنه أمام محكمة النقض، لما كان ذلك وكان تقدير ظروف الرأفة من محكمة الموضوع إنما يكون بالنسبة للواقعة الجنائية التي ثبتت لديها قبل المتهم - فإذا اعتبرت أن الجريمتين اللتين دين الطاعن بهما وهما جريمتا الخطف والتحيل والإكراه وهتك العرض بالقوة والتهديد انتظمهما مشروع إجرامي واحد وعاقبته بعقوبة الجريمة الأولى الأشد وعاملته بالمادة 17 من قانون العقوبات وأوقعت عليه عقوبة الأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً - فهذا مفاده أنها أخذت في اعتبارها الحد الأقصى للعقوبة المقررة في المادة 290/ 1 من قانون العقوبات وهي الأشغال الشاقة المؤبدة ثم نزلت بها إلى العقوبة التي أباح لها هذا النص النزول إليها جوازياً، وكان في وسع المحكمة - لو كانت قد أرادت - أن تنزل بالعقوبة إلى أكثر مما نزلت إليه أن تنزل إلى السجن وفقاً لحدود المرسومة بالمادة 17 من قانون العقوبات، وما دامت لم تفعل ذلك فإنها تكون قد رأت تناسب العقوبة التي قضت بها فعلاً مع الواقعة التي ثبتت لديها ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق