الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 24 مارس 2023

الطعن 532 لسنة 35 ق جلسة 5 / 5 / 1970 مكتب فني 21 ج 2 ق 128 ص 787

جلسة 5 من مايو سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام.

---------------

(128)
الطعن رقم 532 لسنة 35 القضائية

(أ) إعلان. "توقيع المحضر". بطلان. "بطلان الإجراءات".
عدم وضوح اسم المحضر أو توقيعه. لا بطلان في الإعلان.
(ب) حكم. "بيانات الحكم". بطلان. "بطلان الأحكام".
إثبات تاريخ إصدار الحكم في نهايته. لا بطلان.
(ج) حوادث طارئة. "شروط الحادث الطارئ". إصلاح زراعي. حكم. "عيوب التدليل. قصور".
الحادث الطارئ. شروطه. أن يكون حادثاً استثنائياً عاماً. غير ممكن التوقع. غير مألوف ونادر الوقوع. قانون الإصلاح الزراعي لم يتناول أمر تخفيض المساحة التي تزرع من محاصيل معينة. عدم بيان الحكم سنده في اعتبار تخفيض المساحة التي تزرع قصباً حادثاً استثنائيا عاماً. قصور.
(د) حوادث طارئة. "توزيع الخسارة بين المتعاقدين".
تطبيق نص المادة 147/ 2 مدني. يوجب تحميل المدين الخسارة المألوفة التي كان يمكن توقعها عادة وقت التعاقد. تقسيم ما يزيد على ذلك من خسارة غير مألوفة بين المتعاقدين.

----------------
1 - إذا كان يبين من أصل ورقة إعلان الطعن أنه ورد فيها اسم المحضر الذي باشر الإعلان والمحكمة التي يتبعها ثم ذيل الإعلان بتوقيع المحضر، فقد تحقق ما قصدت إليه المادة العاشرة في قانون المرافعات السابق من بيان اسم المحضر والمحكمة التي يعمل بها في ورقة الإعلان، ولا ينال من ذلك أن يكون خط المحضر غير واضح وضوحاً كافياً في خصوص ذكر اسمه ولا أن يكون توقيعه كذلك ما دام أن المطعون عليه (المعلن إليه) لم يدع أن من قام بإجراء الإعلان من غير المحضرين (1).
2 - لما كان يبين من صورة الحكم المطعون فيه أنه قد اشتمل في نهايته على تاريخ إصداره، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الترتيب الوارد في المادة 349 من قانون المرافعات السابق بشأن البيانات التي يجب تدوينها في الحكم ليس ترتيباً حتمياً يترتب على الإخلال به أي جزاء، فإن النعي على الحكم بالبطلان يكون على غير أساس (2).
3 - مفاد نص المادة 147/ 2 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه يشترط في الحادث الطارئ من حيث طبيعته أن يكون حادثاً استثنائياً عاماً، غير ممكن توقعه ويخرج عن المألوف ونادر الوقوع (3)، ويكون الحادث الاستثنائي عاماً إذا انصرف أثره إلى عدد كبير من الناس، وإذ لم يتناول قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 بنصوصه التي صدر بها في 9 سبتمبر سنة 1952 أمر تخفيض المساحة التي تزرع محاصيل معينة، وكان الحكم المطعون فيه لم يبين الأسباب التي استند إليها في اعتبار تخفيض المساحة التي تزرع قصباً حادثاً استثنائياً عاماً يجيز للقضاء التدخل تبعاً للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين لرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول، فإن الحكم يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
4 - مفاد نص الفقرة الثانية من المادة 147 من القانون المدني وما ورد في الأعمال التحضيرية بشأنه أنه متى توافرت الشروط التي يتطلبها القانون في الحادث الطارئ، فإن للقاضي سلطة تعديل العقد برد الالتزام الذي صار مرهقاً إلى الحد المعقول، وهو حين يختار - في حدود سلطته التقديرية الطريق المناسب لمعالجة الموقف الذي يواجهه، لا يرفع كل خسارة عن عاتق المدين ويجعلها على الدائن وحده، لكنه يحد من فداحة هذه الخسارة التي ستصيب المدين، ويصل بها إلى الحد المعقول بتحميل المدين الخسارة المألوفة التي كان يمكن توقعها عادة وقت التعاقد، ويقسم ما يزيد على ذلك من خسارة غير مألوفة على المتعاقدين، وذلك مراعاة للموازنة بين مصلحة كل منهما.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهم أقاموا الدعوى رقم 930 سنة 1955 مدني كلي القاهرة، وقالوا بياناً لها إنهم بموجب اتفاقات عرفية اشتروا من الشركة الطاعنة 426 ف و6 ط و5 س استبعد منها ثمانية أفدنة وكسور لإنشاء مصرف فأصبح المقدار الباقي 418 ف وذلك مقابل ثمن قدره 113681 ج وفوائد مقدارها 32220 ج وكانت أسعار الأراضي الزراعية مرتفعة وقت الشراء كما كانوا يقومون باستئجار أراضي أخرى ويؤجرونها من باطنهم، ثم صدر القانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي ومنع تأجير الأطيان الزراعية من الباطن وحدد أجرة الفدان بسبعة أمثال الضريبة، وحدد ملكية الأراضي الزراعية وجعل سعر الفدان سبعين مثلاً للضريبة وقد ترتب على ذلك وعلى ارتفاع أجرة الري الذي تقوم الشركة الطاعنة به وعلى إنقاص مساحة الأرض التي تزرع قصباً وعلى تخفيض سعر قنطار القصب من 11.5 ق إلى 10.5 ق أن هبط ثمن الأرض الزراعية التي اشتروها من الشركة الطاعنة. وإذ جعلت هذه الظروف التزامهم مرهقاً إلى حد العجز عن سداد باقي الثمن إذ بلغ ما سددوه من ثمن الصفقة مبلغ 59820 ج وكانوا يقدرون ثمن الفدان الواحد بناء على هذه الظروف الطارئة بمبلغ 90 ج فيكون مجموع ثمن الصفقة 38000 ج فقد أقاموا دعواهم بطلب رد مبلغ 21820 ج وحبس المطلوبات الباقية للشركة الطاعنة تحت أيديهم حتى يفصل في الدعوى وتعديل الثمن إلى مبلغ 38000 ج، وأثناء نظر الدعوى أضافوا طلب تخفيض سعر الفائدة على الثمن بجعله 5% فائدة بسيطة غير مركبة. وبتاريخ 30 يناير سنة 1956 قضت المحكمة بندب مكتب الخبراء الزراعيين بوزارة العدل لتقدير القيمة المعقولة لأرض النزاع بعد العمل بقانون الإصلاح الزراعي رقم 178 سنة 1952 والأسس التي أقام عليها تقديره وفحص حسابات الشركة الطاعنة للتعرف على مساحة الصفقة والثمن المبيعة به والآجال المحددة لدفع الأقساط ومدى ما استحق ويستحق على ذلك الثمن من فائدة ومقدار ما دفعه المطعون عليهم من ثمن أو من فائدة ومقدار الباقي عليهم من ذلك وشروط الوفاء به وليكشف عن مدى إرهاق المطعون عليهم إن كان بسبب تنفيذ العقد. وقد أورد هذا الحكم أن قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 سنة 1952 هو مجال طبيعي لتطبيق نص المادة 147/ 2 من القانون المدني، وأن معيار الإرهاق في مجال تطبيق المادة 147/ 2 هو معيار موضوعي يتعلق بالصفقة المعقودة وليس معياراً ذاتياً وإلى أن مدى إرهاق المطعون عليهم بالصفقة محل الدعوى والموازنة بين صالح كل من المشتري والبائع مما قد يكشف عنه خبير يؤدي المأمورية السالف بيانها. وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة بتاريخ 30 ديسمبر سنة 1957 باعتبار سعر الفدان من الأطيان موضوع الدعوى المباعة من الطاعنة إلى المطعون عليهم مبلغ 203 ج و490 م وباعتبار أن سعر الفائدة عن المبالغ المتأخرة بذمة المطعون عليهم للطاعنة 6% سنوياً بسيطة غير مركبة وبرفض طلب حق الحبس الذي يطالب به المطعون عليهم وبندب مكتب الخبراء بوزارة العدل لبيان ثمن جميع الأطيان المبيعة من الطاعنة للمطعون عليهم على أساس أن ثمن الفدان من هذه الأطيان 203 ج و490 م وبيان قيمة ما سدد من ثمن جميع الأطيان وقت التعاقد والباقي منه وقيمة الفوائد المستحقة للشركة على هذه المبالغ باعتبار أن سعر الفائدة 6% بسيطة غير مركبة مع خصم ما قد يكون قد دفع من المطعون عليهم أولاً بأول من الفائدة ثم من رأس المال وتصفية الحساب بين طرفي الخصومة. استأنفت الطاعنة الحكمين الصادرين بتاريخي 30 يناير سنة 1956، 30 ديسمبر سنة 1957 بالاستئنافين رقمي 138، 574 سنة 75 ق القاهرة، وبتاريخ 3 مايو سنة 1960 وبعد أن قدم الخبير تقريره صدر حكم محكمة أول درجة برفض طلب المطعون عليهم الخاص برد مبلغ 21820 ج. قدم المطعون عليهم أثناء نظر الاستئنافين المقدمين من الطاعنة استئنافاً مقابلاً قيد برقم 801 سنة 78 ق وطلبوا فيه رد الالتزام إلى مبلغ 103 ج وتقسيط الثمن على عشرين سنة بفائدة 3% وبحبس الثمن حتى يصفى الحساب بين الطرفين. وبتاريخ 9 يونيه سنة 1965 قضت محكمة الاستئناف برفض الاستئنافين 138، 574 سنة 75 ق وتأييد الحكمين المستأنفين الصادر أولهما بتاريخ 30/ 1/ 1956 وثانيهما بتاريخ 30/ 12/ 1957 وبرفض الاستئناف المقابل رقم 801 سنة 78 ق وتأييد الأحكام المستأنفة الصادرة في الدعوى رقم 930 سنة 1955 كلي القاهرة. قررت الطاعنة الطعن في الحكم بطريق النقض. دفع المطعون عليهما الأول والثالث ببطلان الطعن لعدم ذكر بعض البيانات في ورقة الإعلان للمطعون عليه الأول. كما دفع المطعون عليه الثاني ببطلان الطعن أيضاً لعدم إعلانه في الميعاد الوارد به وأبدت النيابة العامة الرأي في الدفعين برفضهما وفي الموضوع برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن مبنى الدفع بالبطلان المقدم من المطعون عليهما الأول والثالث أن إعلان المطعون عليه الأول لم يرد به اسم المحضر الذي قام بإعلان تقرير الطعن ولا المحكمة التي يعمل بها وهما بيانان لازمان لصحة الإعلان وإذ وقع إعلان المطعون عليه الأول باطلاً فإن أثر البطلان يمتد إلى باقي المطعون عليهم لعدم قابلية موضوع النزاع للتجزئة.
وحيث إن هذا الدفع في غير محله، ذلك أنه يبين من أصل ورقة إعلان الطعن للمطعون عليه الأول أنه تم بتاريخ 18/ 8/ 1965 وورد بورقة الإعلان اسم المحضر الذي باشر الإعلان والمحكمة التي يتبعها وهي محكمة المعادي ثم ذيل الإعلان بتوقيع المحضر الذي قام بإعلان المطعون عليه الأول وبذلك فقد تحقق ما قصدت إليه المادة العاشرة من قانون المرافعات السابق من بيان اسم المحضر والمحكمة التي يعمل بها في ورقة الإعلان، ولا ينال من ذلك أن يكون خط المحضر غير واضح وضوحاً كافياً في خصوص ذكر اسمه ولا أن يكون توقيعه كذلك، ما دام أن المطعون عليه الأول لم يدع أن من قام بإجراء الإعلان من غير المحضرين. لما كان ذلك فإن الدفع بالبطلان المقدم من المطعون عليهما الأول والثالث يكون على غير أساس.
وحيث إن مبنى الدفع بالبطلان المقدم من المطعون عليه الثاني أنه لم يتم إعلانه بالطعن في الميعاد المقول بحصوله فيه بتاريخ 18/ 8/ 1965 إذ أثبت المحضر أنه أعلنه مخاطباً مع ابن أخيه بشر التوني ونسب المحضر إلى من استلم الإعلان توقيعاً باسم "بشرى" هذا في حين أن بشر هو ابن المطعون عليه الثاني والتوقيع المنسوب على ورقة إعلان الطعن مزور عليه وقد أجرى المحضر تصحيحاً في الإعلان بعد تمامه بجعل عبارة "وتركت له صورة" التي كان يقصد بها المطعون عليه الأول - بجعلها عبارة "وتركت لكل منهما صورة".
وحيث إن هذا الدفع مردود، ذلك أنه أياً كانت حقيقة الأمر بالنسبة لما ادعاه المطعون عليه الثاني من عدم إعلانه بتاريخ 18/ 8/ 1965 بتقرير الطعن لوقوع تزوير في هذا الإعلان بالنسبة له فقد قامت الطاعنة بإعلانه بتقرير الطعن بتاريخ 25 مايو سنة 1967 بعد أن فتح لها ميعاد جديد بمقتضى نص المادة الثانية من القانون رقم 4 سنة 1967 لاستكمال ما لم يتم من إجراءات وتصحيح ما لم يصح منها وفقاً لحكم المادة 3/ 2 من القانون رقم 43 سنة 1965 وبذلك أصبح إعلان المطعون عليه الثاني بالطعن إعلاناً صحيحاً بالإعلان الذي تم في 25 مايو سنة 1967 ويكون الدفع بالبطلان على غير أساس.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه البطلان، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم خلا من تاريخ صدوره وهو بيان من البيانات الجوهرية التي يترتب على إغفالها بطلان الحكم.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه يبين من صورة الحكم المطعون فيه التي أودعتها الطاعنة مع أوراق الطعن أنه قد اشتمل في نهايته على تاريخ إصداره وهو جلسة الأربعاء 9 صفر سنة 1385 هـ الموافق 9 يونيه سنة 1965، ولما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الترتيب الوارد في المادة 349 من قانون المرافعات السابق بشأن البيانات التي يجب تدوينها في الحكم ليس ترتيباً حتمياً يترتب على الإخلال به أي جزاء، فإن النعي على الحكم بالبطلان يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الأول من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إنه يشترط في الحادث الاستثنائي الذي من شأنه أن يجعل تنفيذ الالتزام التعاقدي مرهقاً للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة أن يكون عاماً حتى يكون للقاضي التدخل لرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول، وقد كان الثابت في الدعوى أن الحادث الاستثنائي العام الذي اعتبره الحكم ظرفاً طارئاً بالنسبة للمطعون عليهم هو صدور قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 سنة 1952 وهذا الظرف لا دخل ولا صلة له بضيق أو سعة المساحة التي كانت تزرع قصباً من أرض النزاع، إلا أن الحكم المطعون فيه عول عليه واعتبر أن من شأنه قيام الإرهاق في جانب المطعون عليهم دون أن يبين سنده في ذلك ومع أن ضيق أو سعة المساحة التي تزرع قصباً لا يعتبر حادثاً استثنائياً عاماً، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إنه لما كان يبين من الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه أنه اعتبر المساحة المسموح بزراعتها مستقبلاً من القصب ذات أثر في تقدير قيمة الأرض ورد الالتزام إلى الحد المعقول وانتهى إلى أن ما يزرع مستقبلاً من القصب يوازي 40 % وما يزرع من المحاصيل الأخرى يوازي 53.5% ورتب الحكم على انخفاض مساحة الأرض التي تزرع قصباً تخفيض الثمن بنسبة 14.5 % وأضاف هذه النسبة إلى نسبة التخفيض الناشئ عن صدور قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 سنة 1952 وأثره على تخفيض قيمة الإيجار والتي قدرها بنسبة 9% من الثمن وانتهى الحكم من ذلك كله إلى تخفيض الثمن جميعه بنسبة 23.5 % بناء على هذين الأساسين. لما كان ذلك وكانت المادة 147/ 2 من القانون المدني تقضي بأنه "إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي وإن لم يصبح مستحيلاً صار مرهقاً للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة جاز للقاضي تبعاً للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول"، وكان مفاد هذا النص - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه يشترط في الحادث الطارئ من حيث طبيعته أن يكون حادثاً استثنائياً عاماً غير ممكن توقعه ويخرج عن المألوف ونادر الوقوع ويكون الحادث الاستثنائي عاماً إذا انصرف أثره إلى عدد كبير من الناس، وكانت الطاعنة قد تمسكت في صحفية الاستئناف، وفي مذكرتها المقدمة لجلسة 30/ 4/ 1961 بأن انخفاض مساحة الأرض المنزرعة قصباً من أرض النزاع أو اتساعها لا صلة له بقانون الإصلاح الزراعي ولا يمكن اعتباره بذاته حادثاً استثنائياً عاماً غير ممكن توقعه في مدلول نص المادة 147/ 2 من القانون المدني، وكان قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 لم يتناول بنصوصه التي صدر بها في 9 سبتمبر سنة 1952 أمر تخفيض المساحة التي تزرع من محاصيل معينة، وكان الحكم المطعون فيه لم يبين الأسباب التي استند إليها في اعتبار تخفيض المساحة التي تزرع قصباً حادثاً استثنائياً عاماً يجيز للقضاء التدخل تبعاً للظروف وبعد الموازنة يبين مصلحة الطرفين لرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول، فإن الحكم يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثالث من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إنه لا يترتب على الأخذ بنظرية الظروف الطارئة وأثرها على العقد أن يرفع القاضي عن المدين كل ما لحق به من إرهاق ويلقي به على كاهل الدائن، بل على القاضي أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول ويكون ذلك بتحميل المدين وحده تبعة الخسارة المألوفة في التعامل ثم يشترك مع الدائن على قدم المساواة فيما بينهما فيما يجاوز ذلك من إرهاق، غير أن الحكم المطعون فيه اعتبر أن نسبة النقص في ثمن الصفقة هو 23.5 % من الثمن الأصلي للشراء وألقى بهذه النسبة جميعها على عاتق الشركة الطاعنة ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه بعد أن قرر أن تأثير عامل انخفاض القيمة الإيجارية بسبب صدور قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 سنة 1952 هو تخفيض الثمن بنسبة 9% وأن تأثير عامل انخفاض مساحة الأرض التي تزرع قصباً هو تخفيض الثمن بنسبة 14.5% فتكون نسبة التخفيض في الثمن هي 23.5%، ولهذين الظرفين، انتهى الحكم إلى اعتبار الثمن 203 ج و490 م للفدان الواحد بدلاً من 266 وهو الثمن المتفق عليه في التعاقد. ولما كان مفاد نص الفقرة الثانية من المادة 147 من القانون المدني وما ورد في الأعمال التحضيرية بشأنه أنه متى توافرت الشروط التي يتطلبها القانون في الحادث الطارئ، فإن للقاضي سلطة تعديل العقد برد الالتزام الذي صار مرهقاً إلى الحد المعقول وهو حين يختار في حدود سلطته التقديرية الطريق المناسب لمعالجة الموقف الذي يواجهه لا يرفع كل خسارة عن عاتق المدين ويحملها للدائن وحده، لكنه يحد من فداحة هذه الخسارة التي ستصيب المدين ويصل بها إلى الحد المعقول بتحميل المدين الخسارة المألوفة التي كان يمكن توقعها عادة وقت التعاقد ويقسم ما يزيد على ذلك من خسارة غير مألوفة بين المتعاقدين وذلك مراعاة للموازنة بين مصلحة كل منهما. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد حمل الطاعنة مقدار النقص في ثمن الأطيان جميعه وعلى الأساسين اللذين بينهما على ما سلف البيان دون أن يراعي الموازنة بين مصلحة الطرفين المتعاقدين على ما تقتضيه المادة 147/ 2 من القانون المدني وعلى ما سلف البيان، فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم.


(1) نقض أول يونيه 1961 مجموعة المكتب الفني السنة 12 ص 527.
(2) نقض 26 إبريل سنة 1956 مجموعة المكتب الفني السنة 7 ص 553.
(3) نقض 26 مارس سنة 1964 مجموعة المكتب الفني السنة 15 ص 409.
نقض 21 مارس سنة 1963 مجموعة المكتب الفني السنة 14 ص 347.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق