الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 29 مارس 2023

الطعن 181 لسنة 36 ق جلسة 16 / 6 / 1970 مكتب فني 21 ج 2 ق 170 ص 1061

جلسة 16 من يونيه سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد نور الدين عويس، وأحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، ومحمد أسعد محمود.

----------------

(170)
الطعن رقم 181 لسنة 36 القضائية

(أ) إعلان. "بيانات الإعلان". نقض. "إعلان الطعن".
خلو الورقة - المقول بأنها صورة إعلان تقرير الطعن - من أية كتابة محررة بخط المحضر. عدم صلاحيتها للبحث فيما إذا كانت هي صورة أصل الإعلان. اشتمال الأصل على جميع البيانات. لا بطلان.
(ب) إثبات "القرائن القضائية". محكمة الموضوع. وصية.
استخلاص محكمة الموضوع نية الإيصاء من تصرفات المورث الأخرى. صحيح.
(ج) إثبات "القرائن القانونية". وصية. عقد. "تكييف العقد". صورية. محكمة الموضوع.
قرينة المادة 917 مدني. قوامها. احتفاظ المتصرف بحيازة العين. وبحقه في الانتفاع بها مدى حياته. لقاضي لموضوع التحري عن قصد المتصرف في ضوء ظروف الدعوى.
(د) عقد. "تكييف العقد". وصية. بيع.
تكييف المحكمة للعقد بأنه وصية لا بيع. وجوب إعمال أثر نفاذ التصرف في ثلث التركة.

----------------
1 - إذ كانت الورقة - المقول بأنها صورة إعلان تقرير الطعن - قد خلت مما يشير إلى أنها هي التي قام المحضر بتسليمها للمطعون عليهما، إذ جاءت مجردة من أية كتابة محررة بخط يد المحضر يمكن أن تتخذ أساساً للبحث فيما إذا كانت هي صورة أصل الإعلان، فإن المحكمة لا تعول على هذه الورقة في أنها هي الصورة التي سلمت فعلاً للمطعون عليهما. وإذ يبين من أصل ورقة إعلان الطعن أنه اشتمل على جميع البيانات التي يستوجبها القانون لصحته وأنه تم إعلانها في الميعاد، فإن الدفع ببطلان الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه.
2 - لا تثريب على محكمة الموضوع إن هي استخلصت - ضمن الأدلة التي اعتمدت عليها - نية الإيصاء من تصرفات المورث الأخرى بما لها من سلطة موضوعية في استنباط القرائن التي تأخذ بها من وقائع الدعوى والأوراق المقدمة فيها.
3 - مفاد نص المادة 917 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو أن القرينة التي تضمنها لا تقوم إلا باجتماع شرطين (أولهما) هو احتفاظ المتصرف بحيازة العين المتصرف فيها (وثانيهما) احتفاظه بحقه في الانتفاع بها، على أن يكون احتفاظه بالأمرين مدى حياته، ولقاضي الموضوع سلطة التحقق من توافر هذين الشرطين للتعرف على حقيقة العقد المتنازع عليه والتحري عن قصد المتصرف من تصرفه، وذلك في ضوء ظروف الدعوى التي أحاطت به، ما دام قد برر قوله في هذا الخصوص بما يؤدي إليه (1).
4 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى اعتبار التصرف وصية، فإن هذه الوصية تصح وتنفذ في ثلث التركة من غير إجازة الورثة، وذلك بالتطبيق لنص المادة 37 من قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بعدم نفاذها كلية فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون (2).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 12 سنة 1963 سوهاج الابتدائية ضد المطعون عليهم بصحيفة معلنة في 13/ 1/ 1963 طلبوا فيها الحكم بصحة ونفاذ العقد الصادر لهم من مورثهم ومورث المطعون عليهم المرحوم إسماعيل عمر محمود بتاريخ 20/ 2/ 1960 متضمناً بيعه لهم العقار المبين بالعقد وبصحيفة الدعوى مقابل ثمن قدره 2000 ج. دفع المطعون عليهم بأن العقد المشار إليه يخفي وصية. وبتاريخ 21/ 11/ 1963 حكمت محكمة أول درجة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليهم أن التصرف موضوع النزاع ليس بيعاً منجزاً وأنه يخفي وصية. وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين حكمت بتاريخ 26/ 2/ 1964 بطلبات الطاعنين. استأنفت المطعون عليهن الخمس الأوليات هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط وقيد الاستئناف برقم 79 سنة 39 ق وبتاريخ 8/ 2/ 1966 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض. دفعت المطعون عليهما الأولى والرابعة ببطلان الطعن. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بصحة هذا الدفع وفي الموضوع بنقض الحكم بالنسبة للسبب الثاني، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع ببطلان الطعن أن المطعون عليهن الخمس الأوليات لم يصلهن سوى أربع صور من تقرير الطعن مقدمة في الأوراق، ثلاث منها خاصة بالمطعون عليهن الثانية والثالثة والخامسة لا يشوبها عيب، أما الرابعة فقد خلت ورقتها من اسم المعلن إليه فتكون خاصة بالمطعون عليها الأولى أو الرابعة، وإذ خلت هذه الورقة من جميع البيانات التي يتعين إثباتها في أوراق المحضرين، فإن الطعن يكون باطلاً بالنسبة للمطعون عليهما المذكورتين، ويستتبع ذلك بطلانه بالنسبة لباقي المطعون عليهن لعدم قابلية الموضوع للتجزئة.
وحيث إن المطعون عليهن الخمس الأوليات قدمن ضمن حافظة مستنداتهن ورقة قلن إنها صورة إعلان تقرير الطعن إلى المطعون عليهما الأولى والرابعة. ولما كان يبين من الاطلاع على هذه الورقة أنها قد خلت مما يشير إلى أنها هي التي قام المحضر بتسليمها للمطعون عليهما المذكورتين، إذ جاءت مجردة من أية كتابة محررة بخط يد المحضر يمكن أن تتخذ أساساً للبحث فيما إذا كانت هي صورة أصل الإعلان الذي وجه إلى هاتين المطعون عليهما، فإن هذه المحكمة لا تعول على هذه الورقة في أنها هي الصورة التي سلمت فعلاً للمطعون عليهما سالفتى الذكر. لما كان ذلك، وكانت هذه الورقة التي انتفى عنها الوصف بأنها صورة لأصل الإعلان هي سند المطعون عليهما الأولى والرابعة الوحيد في دفعهما ببطلان الإعلان، وكان يبين من أصل ورقة إعلان الطعن إلى المطعون عليهما المذكورتين أنه اشتمل على جميع البيانات التي يستوجبها القانون لصحته وأنه تم إعلانهما بتقرير الطعن في الميعاد، فإن الدفع بالبطلان يكون على غير أساس ويتعين رفضه.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، ينعى الطاعنون بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم أقام قضاءه باعتبار البيع الصادر من المورث إلى الطاعنين يخفي وصية، تأسيساً على أنه تصرف إليهم في المنزل موضوع النزاع في الدعوى الحالية بعقد مؤرخ 20/ 2/ 1960 ثم تصرف في منزله الثاني إلى أولاده الثلاثة الذكور الآخرين بعقد مؤرخ 22/ 2/ 1960 موضوع النزاع في دعوى أخرى وعلى أن الثمن كان واحداً في العقدين مع اختلاف مساحة المنزلين المتصرف فيهما ووقوعهما في شارع واحد وعلى أن كل فريق من الفريقين المشتريين لم يحضر في الدعوى الموجهة إلى الفريق الآخر ولم يطعن على الحكم الصادر فيها مما يستفاد منه موافقة كل منهما على التصرف الصادر للآخر رغم قيام الخصومة قضاء. كما استند الحكم إلى أن المطعون عليهن الخمس الأوليات قدمن في الاستئناف رقم 78 سنة 39 ق أسيوط خمسة إيصالات موقعاً عليها من المورث باستلامه أجرة المحلات الكائنة بنفس المنزل موضوع النزاع بعد تاريخ البيع مما يفيد أنه ظل يحتفظ بحيازة العين التي تصرف فيها وبحقه في الانتفاع بها مدى حياته، وإلى أنه لم يثبت أن الطاعنين كان لديهم من المال ما يمكنهم من دفع الثمن وقدره 2000 ج، وأن هذه القرائن ترجح الأخذ بشهادة شاهدي المطعون عليهن الخمس الأوليات من أن التصرف المطعون فيه ليس جدياً. في حين أن الحكم لم يوضح أوجه الشبه أو الخلاف بين العقد موضوع الدعوى الحالية والعقد الثاني المؤرخ 22/ 2/ 1960 مما يشوبه بالتجهيل والغموض ولا يمكن معه التعرف على التكييف الصحيح للعقد، أما عن عدم حضور كل فريق من المشترين في دعوى الفريق الآخر فلا يفيد الموافقة على التصرف الصادر إليه، ويرى الطاعنون بالنسبة للإيصالات وهي مقدمة في الدعوى الأخرى أن الحكم لم يعين العقار الذي وردت بشأنه، وأنه إذا قصد بها العقار موضوع الدعوى الأخرى فإن هذه الإيصالات لا تصلح دليلاً على صورية التصرف في العقار موضوع الدعوى الحالية. وأضاف الطاعنون أن شاهدي المطعون عليهن قررا أنهما لا يعرفان شيئاً عن التصرف المطعون فيه ولم يذكرا أنه تصرف غير جدي حسبما ورد بالحكم. وإذ استند الحكم إلى الأدلة والقرائن سالفة الذكر فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه استند في قضائه باعتبار التصرف موضوع النزاع ليس منجزاً وأنه يخفي وصية إلى أن المورث تصرف في المنزل موضوع الدعوى الحالية إلى الطاعنين بعقد مؤرخ 20/ 2/ 1960، ثم تصرف بعد يومين في منزله الثاني إلى أولاده الثلاثة الذكور الآخرين بعقد مؤرخ 22/ 2/ 1960 وأنه أثبت في العقدين ثمناً واحداً رغم اختلاف مساحة المنزلين ووقوعهما في شارع واحد وذلك خلافاً لما هو متبع في حالة البيع من محاولة المتعاقدين تقييم المبيع تقييماً حقيقياً، وكان هذا البيان الذي أورده الحكم عن العقد الآخر كافياً في معرض التدليل على التكييف الذي انتهى إليه، وكان الحكم قد أضاف إلى ذلك أن كل فريق من المشترين لم يحضر في دعوى الفريق الآخر ولم يطعن على الحكم الصادر فيها، وأن هذا يستفاد منه أن الفريقين رضيا عن التصرفين المطعون فيهما - وهي قرينة استخلصها الحكم بما له من سلطة موضوعية في استنباط القرائن التي يأخذ بها من وقائع الدعوى والأوراق المقدمة فيها، وكان لا تثريب على محكمة الموضوع إن هي استخلصت - ضمن الأدلة التي اعتمدت عليها - نية الإيصاء من تصرفات المورث الأخرى، وكان الحكم في سبيل التدليل على أن المورث استمر مدى حياته محتفظاً بحيازة العقار الذي تصرف فيه لحساب نفسه وبحقه في الانتفاع به قد ذكر أن المطعون عليهن الخمس الأوليات قدمن في الدعوى الخاصة بالعقد الثاني المؤرخ 22/ 2/ 1960 خمسة إيصالات موقعة من المورث تفيد استلامه الأجرة من مستأجرين لمحلات كائنة بالعقار موضوع النزاع في مدة لاحقة على تاريخ عقد البيع، وأن هذه الإيصالات تأيدت بأقوال الشاهد الأول لهؤلاء المطعون عليهن في التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة وبعقود الإيجار التي قدمها الطاعنون، وكان المستفاد من الحكم حسبما قرره الشاهد المذكور في التحقيق المشار إليه والمقدمة صورته بملف الطعن وما ورد بعقود الإيجار سالفة الذكر أن بعض هذه الإيصالات تخص العقار موضوع التصرف في الدعوى الحالية، وكان الحكم قد استدل فوق ما تقدم على أن النية لم تتجه إلى البيع، بأنه لم يثبت أن الطاعنين كان لديهم من المال ما يمكنهم من دفع الثمن وقدره ألفا جنيه وبأن القرائن التي استند إليها على النحو سالف البيان ترجح الأخذ بأقوال شاهدي المطعون عليهن الخمس الأوليات من أن التصرف المطعون فيه ليس جدياً، وكان يبين من مراجعة أقوال هذين الشاهدين في التحقيق أمام محكمة أول درجة أنهما قررا أن الطاعنين لم يكن لديهم مال يدفعون منه الثمن، وأن المورث ظل واضعاً اليد على العقار موضوع النزاع ويحصل الأجرة من المستأجرين حتى وفاته، وكان الحكم فيما استخلصه من هذه الأقوال من أن التصرف المطعون فيه ليس جدياً لم يخرج فيه عما يؤدي إليه مدلولها. لما كان ذلك، وكان مفاد نص المادة 917 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو أن القرينة التي تضمنها لا تقوم إلا باجتماع شرطين أولهما هو احتفاظ المتصرف بحيازة العين المتصرف فيها، وثانيهما احتفاظه بحقه في الانتفاع بها على أن يكون احتفاظه بالأمرين مدى حياته، ولقاضي الموضوع سلطة التحقق من توافر هذين الشرطين للتعرف على حقيقة العقد المتنازع عليه والتحري عن قصد المتصرف من تصرفه وذلك في ضوء ظروف الدعوى التي أحاطت به ما دام قد برر قوله في هذا الخصوص بما يؤدي إليه، وإذ تبرر الأدلة والقرائن التي استند إليها الحكم على النحو سالف الذكر النتيجة التي انتهى إليها من أن نية المورث قد انصرفت إلى الوصية لا إلى البيع المنجز، فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثاني خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن الحكم وقد اعتبر العقد الصادر للطاعنين يستر وصية، فقد كان يتعين عليه تطبيقاً لأحكام قانون الوصية رقم 71 سنة 1946 أن يقضي بنفاذ هذا التصرف في حدود ثلث التركة، وإذ قضى الحكم رغم ذلك برفض الدعوى فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى اعتبار التصرف الحاصل بالعقد المؤرخ 20/ 2/ 1960 وصية، فإن هذه الوصية تصح وتنفذ في ثلث التركة من غير إجازة الورثة وذلك بالتطبيق لنص المادة 37 من قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 وإذ قضى الحكم المطعون فيه بعدم نفاذها كلية فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص. ولما كان الفصل في الدعوى على الأساس المتقدم يستلزم الإحاطة بجميع أموال التركة من عقار ومنقول، وكان الحكم المطعون فيه والأوراق الأخرى في الدعوى قد خلت من هذا البيان، فإنه يتعين بعد نقض الحكم المطعون فيه لهذا السبب إحالة القضية إلى محكمة الاستئناف.


(1) نقض 18 إبريل 1968 - مجموعة المكتب الفني السنة 19 ص 801.
ونقض 19 ديسمبر 1967 - مجموعة المكتب الفني السنة 18 ص 1885.
(2) نقض 2 يناير 1969 مجموعة المكتب الفني السنة 20 ص 22.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق