الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 25 مارس 2023

الطعن 300 لسنة 30 ق جلسة 20 / 5 / 1965 مكتب فني 16 ج 2 ق 97 ص 594

جلسة 20 من مايو سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، ومحمد صادق الرشيدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعباس حلمي عبد الجواد.

----------------

(97)
الطعن رقم 300 لسنة 30 القضائية

(أ) نقض. "أسباب الطعن". "الأسباب المتعلقة بالنظام العام". نظام عام. تزوير.
التمسك أمام محكمة النقض بسبب من الأسباب القانونية المتعلقة بالنظام العام. شرطه أن يكون لدى محكمة الموضوع عند الحكم في الدعوى عناصر الإلمام بهذا السبب. التمسك بصدور حكم نهائي ببراءة الطاعن من التزوير بعد صدور الحكم المطعون فيه الصادر في دعوى التزوير المدنية. لا يقبل.
(ب) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "القرائن القضائية". "الإثبات بالبينة". تزوير.
استنباط القرائن القضائية في الدعوى وتقدير أقوال الشهود فيها من المسائل الموضوعية التي يستقل بها قاضي الموضوع ويعتمد عليها في تكوين عقيدته. لا رقابة عليه في ذلك من محكمة النقض متى كان ذلك بأسباب سائغة.

---------------
1 - جرى قضاء محكمة النقض (1) على أنه يشترط لجواز التمسك أمام محكمة النقض لأول مرة بأي سبب من الأسباب القانونية المتعلقة بالنظام العام أن يكون تحت نظر محكمة الموضوع عند الحكم في الدعوى جميع العناصر التي تتمكن بها من الإلمام بهذا السبب والحكم في الدعوى على موجبه فإذا تبين أن هذه العناصر كانت تنقصها فلا سبيل للدفع بهذا السبب. فإذا كان الثابت أن السبب الذي يتمسك به الطاعن - وهو صدور حكم نهائي من المحكمة الجنائية ببراءته من التزوير الذي ادعى به في الدعوى المدنية - قد جد بعد صدور الحكم المطعون فيه بحيث لم يكن في وسع محكمة الموضوع تبينه فإن هذا السبب يكون غير مقبول.
2 - استنباط القرائن القضائية في الدعوى وتقدير أقوال الشهود منها من المسائل الموضوعية التي يستقل بها قاضي الموضوع ويعتمد عليها في تكوين عقيدته ولا رقابة عليه في ذلك من محكمة النقض متى كان ما استخلصه منها من شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها. فإذا كانت محكمة الاستئناف إذ قضت برد وبطلان بعض عبارات الورقة المطعون فيها قد استندت إلى اعتبارات سائغة اعتمدت فيها على ما استخلصته من أقوال الشهود الذين سمعتهم محكمة الدرجة الأولى ومن القرائن القضائية التي ساقتها والتي من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهت إليه فإنها تكون قد مارست سلطتها الموضوعية في تقدير الأدلة المقدمة في الدعوى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده استصدر بتاريخ 8/ 5/ 1955 أمراً بإلزام الطاعن أن يؤدي له مبلغ 450 ج والفوائد القانونية بواقع 7% من تاريخ الاستحقاق في 5/ 10/ 1952 حتى السداد باعتبار أن هذا المبلغ هو الباقي له قبل الطاعن من قيمة السند الإذني المؤرخ 5/ 9/ 1952 والبالغة 500 ج قبض منها مبلغ 50 ج بموجب إيصال تاريخه 16/ 3/ 1954 - عارض الطاعن في هذا الأمر طالباً تعديله إلى 120 ج تأسيساً على أنه أوفى للمطعون ضده مبلغ 380 ج، من ذلك مبلغ الخمسين جنيهاً سالفة الذكر ومبلغ عشرة جنيهات كان يدفعه شهرياً من تاريخ الاستحقاق حتى أول فبراير سنة 1954، وقد ثبت كل ذلك بالإيصال المؤرخ 16/ 3/ 1954، كما دفع مبلغ تسعة جنيهات شهرياً ابتداء من مارس سنة 1954 حتى أبريل سنة 1955 ومبلغ 30 ج في 26/ 4/ 1955، وطلب الطاعن إثبات وفائه بهذه المبالغ الأخيرة بالبينة - طعن الدائن (المطعون ضده) بالتزوير في الإيصال المؤرخ 16/ 3/ 1954 وتمسك بأنه لم يقبض سوى مبلغ خمسين جنيهاً من قيمة السند وأن العبارات الواردة بصدر الإيصال والتي ينسب إليه فيها أنه كان يتسلم عشرة جنيهات شهرياً قد أضيفت بالفراغ الموجود بأعلى السند، وأعلن شواهد التزوير - فقضت المحكمة بتاريخ 28/ 5/ 1956 بقبول الشاهدين الأول والثالث منها وبإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت مدعي التزوير (المطعون ضده) بكافة الطرق القانونية أن الإيصال المطعون عليه كان جزؤه الذي يعلوا كلمة "استلمت" فراغاً ثم قام الطاعن بملء هذا الفراغ بإثباته العبارة التي تبدأ بكلمة (أقرر) وتنتهي بحرف "قد" وصرحت للطاعن بنفي ذلك - وبعد أن سمعت محكمة الدرجة الأولى أقوال شهود الطرفين قضت بتاريخ 20/ 1/ 1957 برفض الادعاء بالتزوير وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن بكافة طرق الإثبات أنه أوفى المطعون ضده تسعة جنيهات شهرياً في المدة من مارس سنة 1954 حتى أبريل سنة 1955 خصماً من قيمة السند. وبعد أن تم هذا التحقيق قضت المحكمة بتاريخ 24/ 3/ 1957 بتعديل أمر الأداء المعارض فيه وإلزام المعارض (الطاعن) بأن يدفع للمعارض ضده (المطعون ضده) مبلغ 235 ج و410 م والفوائد بواقع 7% اعتباراً من 16/ 3/ 1955 - فاستأنف المطعون ضده هذين الحكمين الصادر أولها بتاريخ 20/ 1/ 1957 وثانيهما بتاريخ 24/ 3/ 1957، وقيد الاستئناف برقم 242 سنة 32 ق أسيوط. ومحكمة الاستئناف قضت بتاريخ 8/ 5/ 1960 (أولاً) بإلغاء الحكم المستأنف الصادر من محكمة أول درجة بتاريخ 20/ 1/ 1957 وبرد وبطلان العبارة المطعون عليها بالتزوير والمضافة إلى الإيصال المؤرخ 16/ 3/ 1954 (ثانياً) بتعديل الحكم المستأنف الصادر بجلسة 24/ 3/ 1957 في المعارضة رقم 347 سنة 1955 كلي أسيوط إلى إلزام المستأنف ضده (الطاعن) بأن يدفع للمستأنف (المطعون ضده) مبلغ 450 ج والفوائد بواقع 7% من تاريخ الاستحقاق الحاصل في 5/ 10/ 1952 - طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة مبدية الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بتاريخ 7/ 12/ 1963 إحالته إلى هذه الدائرة. وبتاريخ 26/ 12/ 1963 قدم الطاعن مذكرة شارحة ضمنها سبباً جديداً قال إنه متعلق بالنظام العام وحاصله أنه حكم نهائياً من القضاء الجنائي بعد صدور الحكم المطعون فيه وبعد التقرير بالنقض ببراءته من تهمة إحداث تزوير بالإيصال المقضي برده وبطلانه وأن لهذا الحكم الجنائي حجيته أمام القضاء المدني. وقدمت النيابة مذكرة تكميلية أبدت فيها الرأي بعدم قبول هذا السبب الجديد وبالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت النيابة ما أبدته من رأي بمذكرتيها.
وحيث إن السبب الذي أبداه الطاعن بمذكرته الشارحة باعتباره متعلقاً بالنظام العام يتحصل في أنه بعد أن قضت محكمة الاستئناف برد وبطلان بعض عبارات الإيصال أقامت النيابة العامة الدعوى الجنائية ضد الطاعن بالجنحة رقم 1001 سنة 1960 بندر ثان أسيوط مسندة إليه أنه ارتكب تزويراً مادياً في محرر عرفي عن طريق إضافة كلمات إلى أصل المحرر مع علمه بذلك وأنه استعمل المحرر المزور بأن تقدم به إلى المحكمة المدنية في القضية رقم 242 سنة 32 ق أسيوط. وقد قضت محكمة الجنح في 11/ 11/ 1961 بحكم أصبح نهائياً لعدم استئنافه ببراءة المتهم الطاعن ورفض الدعوى المدنية وأقامت قضاءها على أن الشك يداخل المحكمة فيما إذا كانت العبارة المدعى بتزويرها موجودة في أصل السند وقت التوقيع عليه أم أضيفت إليه بعد ذلك وأن هذا الشك يفسر لصالح المتهم، ولما كان لهذا الحكم الجنائي النهائي حجيته أمام المحاكم المدنية في الدعاوى التي لم يكن قد فصل فيها نهائياً، وكان لم يفصل في الدعوى الحالية بحكم بات في موضوعها لأنها ما زالت مطروحة على محكمة النقض، فإن المحكمة المدنية تلتزم باحترام الحكم الجنائي بحيث لا يجوز لها أن تحكم في الدعوى المدنية على نقيض ما فصل فيه من عدم ثبوت إضافة بعض عبارات للإيصال بطريق التزوير لأن فصله في ذلك كان فصلاً في أمر ضروري.
وحيث إن هذا النعي مردود بما جرى عليه قضاء هذه المحكمة من أنه يشترط لجواز التمسك أمام محكمة النقض لأول مرة بأي سبب من الأسباب القانونية المتعلقة بالنظام العام أن يكون تحت نظر محكمة الموضوع عند الحكم في الدعوى جميع العناصر التي تتمكن بها من الإلمام بهذا السبب والحكم في الدعوى على موجبه فإذا تبين أن هذه العناصر كانت تنقصها فلا سبيل للدفع بهذا السبب. ولما كان الثابت أن السبب الذي يتمسك به الطاعن جد بعد صدور الحكم المطعون فيه بحيث لم يكن في وسع محكمة الموضوع تبينه فإنه يكون غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والتناقض والفساد في الاستدلال في خصوص قضائه برد وبطلان العبارات المدعى بتزويرها، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم الابتدائي إذ قضى برفض الادعاء بالتزوير في العبارات الثابتة بأعلى الإيصال المؤرخ 16/ 3/ 1954 والتي نصها "أقرر أنا الموقع أدناه بأنه علاوة على مبلغ العشرة جنيهات المسلمة شهرياً مناولة زوجتي من تاريخ ابتداء الكمبيالة المحررة بيني وبين حضرة الدكتور لبيب مقار الميري خصماً من قيمتها قد..." قد استند إلى أن استبعاد هذه العبارات يجعل عبارات الإيصال التالية لها والمعترف بصحتها غير متناسقة ومبتورة لأن الأخيرة تضمنت جملة "من أصل الكمبيالة المذكورة" مما يقطع بأن ثمة كمبيالة أشير إليها من قبل في الإيصال أي في العبارات المدعى بتزويرها - ولكن الحكم المطعون فيه خالف الحكم الابتدائي بقوله إن هذه الجملة ليس من شأنها أن تثير ريبة الدائن (المطعون ضده) لأنه ما كان ليخطر على باله أن مدينه (الطاعن) سيعمد إلى تزوير الإيصال بإضافة عبارة أخرى بالفراغ العلوي منه وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه لا يتفق مع ما أورده في أسبابه الأخرى من وصفه للدائن بأنه الرجل الحريص في معاملته مع مدينه، مما يجعل الحكم مشوباً بالتناقض والاستخلاص غير السائغ - هذا إلى أن الحكم الابتدائي استبعد لأسباب سائغة أن يقبل الدائن (المطعون ضده) التوقيع على إيصال نصفه العلوي فراغ دون ملئه بخطوط، واستند في نفي وجود هذا الفراغ إلى ما أثبته في أسبابه من اطلاع المحكمة على الإيصال وفحصها إياه وتحققها من أنه لا توجد مغايرة بين شطريه المعترف به والمطعون عليه سواء في طريقة الكتابة أم أسلوبها أم نوع الحبر ودرجة تركيزه، لكن الحكم المطعون فيه سكت عن مواجهة ذلك أو الرد عليه - ويضيف الطاعن أن محكمة الاستئناف اتخذت من شهادة رياض إلياس ميخائيل أساساً لحكمها المطعون فيه مصرحة بأنها تطمئن إليها رغم الخصومات الثابتة بين الشاهد والطاعن مغفلة ما سجله الحكم الابتدائي من أن هذا الشاهد مطعون في صدقه وذمته للاتهامات الجنائية المسندة إليه، فجاء الحكم المطعون فيه قاصر البيان في الرد على ما سجله الحكم الابتدائي مخالفاً الثابت بالأوراق من تجريح منصب على ذمة هذا الشاهد باتهامه في تزوير وتبديد وإعطاء شيك بدون رصيد، كما عولت محكمة الاستئناف على ما قرره هذا الشاهد بالتحقيق من أن الطاعن لم يسدد للمطعون ضده سوى خمسين جنيهاً، دون أن تناقش ما أورده الحكم الابتدائي في هذا الخصوص من أن الأقساط المسددة قبل ذلك ثابتة بحسابات صيدلية الطاعن.
وحيث إن هذا النعي في جميع أوجهه مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلغاء الحكم المستأنف وبرد وبطلان العبارة المدعى بتزويرها في الإيصال المؤرخ 16/ 3/ 1954 استند إلى الأسباب الآتية "وحيث إنه بالنسبة لشهود الطاعن بالتزوير (المطعون ضده) فقد شهد رياض إلياس ميخائيل الشاهد على هذا الإيصال بأن العبارات المطعون بإضافتها إلى صلب الإيصال المؤرخ 16/ 3/ 1954 لم تكن موجودة وقت أن وقع المستأنف (المطعون ضده) على الإيصال وأنه سلم إلى المستأنف ضده (الطاعن) بعد التوقيع مما يعني أن المستأنف ضده قد أضاف إلى الإيصال العبارات المطعون فيها بعد التوقيع على الإيصال من المستأنف (الطاعن). وترى المحكمة أنه وإن كانت هناك خصومات ثابتة بين هذا الشاهد وبين المستأنف ضده (الطاعن) إلا أنها لا تمنع من تقدير شهادته وأخذ المحكمة بها إذا ما اطمأنت إليها. وترى المحكمة الأخذ بأقوال هذا الشاهد في هذا الخصوص والاطمئنان إليها خصوصاًً وأنه قد ساندتها شهادة كل من راغب إلياس ومتري عبد الشهيد إذ قطعا في شهادتهما أنها اطلعا على الإيصال المطعون فيه ولم تكن العبارات المطعون عليها في الإيصال... إلخ كما أن الثابت من أقوال شهود المستأنف ضده (الطاعن) الذين سمعوا في التحقيق أن زوجة المستأنف لم تكن تعطي إيصالات أو أوراق ممضاة باسمها وأن المستأنف (المطعون ضده) على حد قولهم رفض التوقيع على إيصال استلامه مبلغ الثلاثين جنيهاً التي أشير إليها في التحقيقات مما يقطع بحرص المستأنف في معاملته فإذا أضيف إلى ذلك أن المستأنف ضده (الطاعن) أشار في مذكرته إلى أن المبالغ التي كانت تدفع شهرياًً لزوجة المستأنف كانت تمثل في الواقع فائدة ربوية كان مفهوماًً أنها لا تستنزل من أصل الدين، وأن من شأن ذلك وقد بان حرص المستأنف (المطعون ضده) في معاملته مع المستأنف ضده أن يحرص على أن لا يثبت في الإيصال الذي وقعه باستلامه هو أو زوجته لأي مبالغ سابقة على اعتبارها خصماً من الكمبيالة المستحقة على المستأنف ضده (الطاعن)"، الأمر الذي لا يدع مجالاً للشك بأن هذه العبارات المطعون فيها لم تكن تحت نظر المستأنف (المطعون ضده) وقت التوقيع على الإيصال. "وحيث إن وجود كلمة "المذكورة" الموجودة في صلب الإيصال المطعون فيه التي قد تشير إلى وجود كتابة سابقة بشأن الكمبيالة والتي اعتمد عليها الحكم المستأنف للقول بأن وجودها في صلب الإيصال من شأنه أن يؤدي إلى القول بصحة العبارات المطعون فيها، فترى المحكمة أن وجود مثل هذه الكلمة في صلب الإيصال كان عن قصد من المستأنف ضده وأنه ضمن الإيصال هذه الكلمة بعد أن أزمع إضافة العبارات المطعون فيها حتى يضفي على هذه العبارات مظاهر الصحة، على أن وجود مثل هذه الكلمة في الإيصال وإن كان لا يتمشى مع صلب الإيصال إلا أن المحكمة ترى أنه لم يكن من شأنها أن تثير ريبة المستأنف لأنه ما كان ليخطر على باله أن المستأنف ضده (الطاعن) سيعمد إلى تزوير الإيصال بطريقة إضافة العبارات المطعون فيها في الفراغ العلوي الذي شهد الشهود بوجوده في الورقة قبل توقيع المستأنف (المطعون ضده) عليها" - ولما كان استنباط القرائن القضائية في الدعوى وتقدير أقوال الشهود فيها من المسائل الموضوعية التي يستقل بها قاضي الموضوع ويعتمد عليها في تكوين عقيدته ولا رقابة عليه في ذلك من محكمة النقض متى كان ما استخلصه منها من شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، فإذا كانت محكمة الاستئناف إذ قضت برد وبطلان بعض عبارات الورقة المطعون فيها قد استندت إلى اعتبارات سائغة اعتمدت فيها على ما استخلصته من أقوال الشهود الذين سمعتهم محكمة الدرجة الأولى ومن القرائن القضائية التي ساقتها والتي من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهت إليه، فإنها تكون قد مارست سلطتها الموضوعية في تقدير الأدلة المقدمة في الدعوى. أما ما يدعيه الطاعن من وجود تناقض بالحكم بسبب وصفه المطعون ضده بالرجل الحريص في موضع من أسبابه وتحصيله في موضع آخر أنه لم تكن لإحدى عبارات الإيصال المؤرخ 16/ 3/ 1954 أن تثير ريبته، فهذا الادعاء على غير أساس، ذلك أن وصف المطعون ضده بالحرص لا يتعارض مع عدم توقعه أمراً ذكر الحكم عنه أنه لم يكن ليثير الريبة في نفسه - كما لا يعيب الحكم إغفاله الرد على بعض أوجه التجريح التي رمى بها الطاعن أحد الشهود ما دام قد صرح في أسبابه باطمئنانه إلى أقوال هذا الشاهد رغم تجريحه - ولا يعيب الحكم المطعون فيه أيضاً إغفاله الرد على بعض ما أورده الحكم الابتدائي من أسانيد لرفض الادعاء بالتزوير ذلك أنه إذا ما ألغت محكمة الاستئناف حكماً ابتدائياً فإنها لا تكون ملزمة بالرد على جميع ما ورد في ذلك الحكم من أدلة، ما دام حكمها مبنياً على أسباب تكفي لحمله وواضح منها كيف كونت عقيدتها فيما قضت به - لما كان ذلك، وكانت جميع الأوجه التي تضمنها السبب الأول للطعن لا تعدو في حقيقتها أن تكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض فإن النعي بهذا السبب في جميع ما تضمنه يكون على غير أساس.
وحيث إنه عن السبب الثاني فإنه لما كان الطاعن قد رتبه على احتمال أن ينقض الحكم المطعون فيه للسبب الأول، وكانت هذه المحكمة قد انتهت على ما سلف بيانه إلى رفضه، فإن النعي في سببه الثاني لا يصادف محلاً.


(1) راجع نقض 5/ 3/ 1964 في الطعن 166 سنة 29 ق مجموعة المكتب الفني س 15 ص 289 وراجع نقض 25/ 3/ 1965 في الطعن 276 سنة 30 ق مجموعة المكتب الفني س 16 ص 384 ونقض 24/ 1/ 1963 س 14 ص 162.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق