الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 30 مارس 2023

الطعن 487 لسنة 30 ق جلسة 26 / 10 / 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 146 ص 925

جلسة 26 من أكتوبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف، وإميل جبران، وأمين فتح الله، والسيد عبد المنعم الصراف.

-----------------

(146)
الطعن رقم 487 لسنة 30 القضائية

عقد. "اشتراط الكتابة للانعقاد". نظام عام. محكمة الموضوع.
اشتراط الكتابة - بحسب الأصل - في العقود الرضائية للإثبات. جواز اتفاق الطرفين على اشتراط تعليق انعقاد العقد على الكتابة. عدم مخالفة ذلك الاتفاق للنظام العام. استخلاص قصد المتعاقدين من اشتراط الكتابة هو مما يستقل به قاضي الموضوع.

---------------
الأصل أن اشتراط الكتابة في العقود الرضائية إنما يكون لمجرد إثباتها، إلا أنه ليس ثمة ما يمنع الطرفين من اشتراط تعليق انعقاد العقد على التوقيع على المحرر المثبت له إذ ليس في هذا الاتفاق ما يخالف النظام العام. واستخلاص قصد المتعاقدين من هذا الشرط هو مما يستقل به قاضي الموضوع. فإذا كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استخلصه من أن الطرفين قد علقا انعقاد العقد على الكتابة وأن العقد لم يتم بينهما بسبب امتناع الطاعن عن التوقيع على الخطابات المتضمنة شروط التعاقد وهو استخلاص سائغ فإن النعي على الحكم الفساد في الاستدلال يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 476 سنة 1957 تجاري كلي إسكندرية على الشركة المطعون ضدها طلب فيها الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 48700 ج. وقال بياناً لدعواه إنه في أواخر سنة 1956 عقدت بينه وبين الشركة المطعون ضدها اتفاقات تأيدت بثلاث خطابات أرسلتها إليه في 18 و19 ديسمبر سنة 1956 تعهدت فيها أن تبيع له بالشروط المبينة بها ما قيمته 86000 ج من العملة الألمانية "دوتيش مارك" وذلك بأن يضع هذه العملة تحت تصرف عملائه في ألمانيا للوفاء بثمن البضائع التي يستوردها منهم. غير أنه بتاريخ 21/ 1/ 1957 تلقى الطاعن خطاباً من الشركة المطعون ضدها تخطره فيه أن صور الخطابات المذكورة لم ترد إليها برجوع البريد موقعاً عليها منه، حتى يمكن اعتبارها عقوداً نافذة وأنها لذلك تعتبر تلك الخطابات لاغية فرد عليها الطاعن بخطاب مسجل في 23/ 1/ 1957 أوضح لها فيه أن الخطابات لم تكن إلا تأييداً لاتفاق تليفوني سابق تم بينهما وأن المطعون ضدها لم تطلب توقيع الطاعن على صور الخطابات إلا لمجرد الشكل ولم يحدد في الخطابات المذكورة موعداً لإرسال الصور موقعاً عليها منه. وأضاف الطاعن قائلاً بأنه إزاء إصرار المطعون ضدها على موقفها فقد اضطر إلى إنذارها رسمياً في 13/ 3/ 1957 بالوفاء بتعهداتها. ولما لم يجد ذلك نفعاً أقام الدعوى الحالية طالباً الحكم له بالمبلغ سالف الذكر وهو يمثل الضرر الذي أصابه بسبب نكول المطعون ضدها في تنفيذ التزاماتها المترتبة على العقد، وأجابت المطعون ضدها على تلك الدعوى بأن التعاقد لم يتم بينها وبين الطاعن لأنه لم يوقع على صور الخطابات المؤرخة 18 و19 ديسمبر سنة 1956 في الميعاد المناسب وطلبت رفض الدعوى، وبتاريخ 25/ 4/ 1959 قضت المحكمة الابتدائية بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن ما لحقه من ضرر مباشر بسبب إخلال المطعون ضدها بالتزاماتها، ثم حكمت في 27/ 2/ 1960 برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 195 سنة 16 ق تجاري إسكندرية. وبتاريخ 30/ 11/ 1960 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض في 29/ 12/ 1960، وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها نقض الحكم وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة، وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين حاصل أولهما مخالفة الثابت في الدعوى وفساد الاستدلال، ذلك أن الحكم المطعون فيه بنى قضاءه باعتبار التعاقد لم يتم بين الطرفين على ما قرره في أسبابه من أن عبارات الخطابات المؤرخة 18 و19 ديسمبر سنة 1956 المرسلة من المطعون ضده إلى الطاعن تفيد أن محادثة تليفونية تمت بين الطرفين تبادلا فيها وجهات النظر واتفقا على مسائل معينة، إلا أنهما علقا انعقاد العقد على الكتابة لأنه لو كان التعاقد قد تم بالتليفون لما طلبت المطعون ضدها من الطاعن أن يرد لها صور الخطابات موقعاً عليها منه، ولما ذكر في تلك الخطابات أن يكون الدفع عند التوقيع على العقد - هذا في حين أن الواضح من عبارات الخطابات المذكورة أن التعاقد قد تم نهائياً بين الطرفين بالتليفون ولم تتجه نيتهما إلى تعليق انعقاد العقد على الكتابة وأن المقصود من العبارة التي وردت في الخطابات بشأن توقيع الطاعن على صورها هو مجرد إثبات العقد لا انعقاده. وما ذكر في تلك الخطابات من أن يكون الدفع عند التوقيع على العقد هو مما يتعلق بتنفيذه لا بانعقاده.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض دعوى الطاعن على أن التعاقد لم يتم بين الطرفين بالتليفون لأنهما علقا انعقاده على الكتابة مستدلاً على ذلك بخطابات المطعون ضدها المؤرخة 18 و19 ديسمبر 1956 المتضمنة شروط التعاقد، والتي طلبت فيها من الطاعن أن يردها إليها موقعاً عليها منه طبقاً للأصول المتبعة "Pour la bonne règle" كما استدل الحكم بما ذكر في تلك الخطابات من أن يكون الدفع عند التوقيع على العقد، وخلص الحكم من ذلك إلى أنه لو كان التعاقد قد تم بالتليفون لما كانت المطعون ضدها في حاجة إلى أن ترسل للطاعن الخطابات سالفة الذكر للتوقيع على صورها وردها إليها ولما نص في تلك الخطابات الدعوى على أن يكون الدفع عند التوقيع على العقد. وأنها إذ أرسلت للطاعن خطاباتها المؤرخة 18 و19 ديسمبر سنة 1956 وانقضت بعد ذلك فترة طويلة دون أن تتلقى منه رداً بالرغم من كون العملية تجارية تقتضي بطبيعتها سرعة البت فيها، فإنه لا تثريب عليها إذا هي أخطرته في 21/ 1/ 1957 بأنها في حل من إتمام التعاقد لامتناعه عن التوقيع على الخطابات في الوقت المناسب، ولما كان الأصل أن اشتراط الكتابة في العقود الرضائية إنما يكون لمجرد إثباتها، إلا أنه ليس ثمة ما يمنع الطرفين من اشتراط تعليق انعقاد العقد على التوقيع على المحرر المثبت له, إذ ليس في هذا الاتفاق ما يخالف النظام العام, وكان استخلاص قصد المتعاقدين من هذا الشرط هو مما يستقل به قاضي الموضوع - لما كان ذلك, وكان ما استخلصه الحكم المطعون فيه من أن الطرفين قد علقا انعقاد العقد على الكتابة وأن العقد لم يتم بينهما بسبب امتناع الطاعن عن التوقيع على الخطابات المتضمنة شروط التعاقد هو استخلاص سائغ لا مخالفة فيه للثابت في الأوراق فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن السبب الثاني يتحصل في النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه قرر أن تراخي الطاعن في الرد على خطابات المطعون ضدها يخول لهذه الأخيرة إعلان انسحابها في حين أن الانسحاب لا يكون إلا إذا كان هناك إيجاب لم يصادفه قبول، وإذ كان الثابت في الدعوى أن التعاقد قد تم بالتليفون بإيجاب وقبول من الطرفين فإنه يمتنع على المطعون ضدها أن تعدل عن الإيجاب الصادر منها.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كان الحكم المطعون فيه على ما سبق بيانه في الرد على السبب الأول - قد استخلص استخلاصاً سائغاً أن الطرفين علقا انعقاد العقد على التوقيع على الخطابات المؤرخة 18 و19 ديسمبر سنة 1956 وأنه قد انقضت مدة طويلة دون أن تتلقى المطعون عليها تلك الخطابات موقعاً عليها من الطاعن ومن ثم يكون النعي بهذا السبب غير منتج.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق