الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 30 أبريل 2018

دستورية حرمان طلاب الفرقة الإعدادية بالجامعات من دخول الامتحان للمرة الثالثة


القضية رقم 26 لسنة 29 ق " دستورية " جلسة 7 / 4 / 2018
الجريدة الرسمية العدد 15 مكرر و في 16 / 4 / 2018 ص 13
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السابع من أبريل سنة 2018م، الموافق العشرين من رجب سنة 1439 ه.
برئاسة السيد المستشار / عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر وحاتم حمد بجاتو والدكتور عبدالعزيز محمد سالمان والدكتور طارق عبد الجواد شبل  نواب رئيس المحكمة
وحضور    السيد المستشار / طارق عبدالعليم أبوالعطا  رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع          أمين السر

أصدرت الحكم الآتى
      في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 26 لسنة 29 قضائية " دستورية ".


المقامة من
.....
ضد
1 - رئيس الجمهورية
2 - رئيس مجلس الوزراء
3- رئيس مجلس الشعب ( مجلس النواب حاليًا )
4 - رئيس جامعة الإسكندرية
5 - عميد كلية الآداب بجامعة الإسكندرية

الإجراءات

      بتاريخ الحادي والثلاثين من يناير سنة 2007، أقام المدعى هذه الدعوى، بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (80) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 49 لسنة 1972 في شأن تنظيم الجامعات الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 809 لسنة 1975، والمستبدلة بقرار رئيس الجمهورية رقم 278 لسنة 1981.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمة
      بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
            حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 447 لسنة 60 ق، أمام محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية (الدائرة الأولى)، ضد المدعى عليهما الرابع والخامس، بطلب الحكم: أولاً: وبصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ قرار كلية الآداب (جامعة الإسكندرية)، الصادر بفصله وما يترتب على ذلك من آثار، أخصها، استمرار قيده بالكلية (قسم اللغة الإنجليزية)، وتمكينه من أداء الامتحان من الخارج، بمنحه فرصة ثالثة. ثانيًا: وفى الموضوع، بإلغاء قرار الفصل الصادر من مجلس كلية الآداب بجامعة الإسكندرية، وما يترتب على ذلك من آثار. وقال المدعى شرحًا لدعواه أنه كان مقيدًا (طالب منتسب) بالفرقة الأولى بكلية الآداب، بجامعة الإسكندرية، في العام الدراسي (2003/2004)، وكان قد رسب في هذا العام، ثم رسب في العام الدراسي التالي (2004/2005)، وإذ كانت هذه هى المرة الثانية لرسوبه في هذه الكلية، فقد أصدرت الكلية قرارها بفصله، تأسيسًا على استنفاده مرات الرسوب بها، عملاً بنص الفقرة الأولى من المادة (80) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 49 لسنة 1972 في شأن تنظيم الجامعات، والصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 809 لسنة 1975، المستبدلة بالقرار رقم 278 لسنة 1981. وأثناء نظر الدعوى، دفع المدعى بعدم دستورية هذا النص، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية دفعه، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، أقام الدعوى المعروضة.



      وحيث إن الفقرة الأولى من المادة (80) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 49 لسنة 1972 في شأن تنظيم الجامعات الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 809 لسنة 1975 المستبدلة بقرار رئيس الجمهورية رقم 278 لسنة 1981 تنص على أنه "لا يجوز للطالب أن يبقى بالفرقة أكثر من سنتين، ويجوز لمجلس الكلية الترخيص للطلاب الذين قضوا بفرقهم سنتين في التقدم إلى الامتحان من الخارج في السنة التالية في المقررات التي رسبوا فيها، وذلك فيما عدا طلاب الفرقة الإعدادية والفرقة الأولى في الكليات التي ليس بها فرقة إعدادية".

      وحيث إن الرقابة القضائية على دستورية القوانين من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التي نظمها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره، إذ إن هذه الرقابة، إنما تستهدف أصلاً - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - صون الدستور القائم، وحمايته من الخروج على أحكامه، ذلك أن نصوص هذا الدستور، تمثل دائمًا القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم، ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام، التى يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات، باعتبارها أسمى القواعد الآمرة. متى كان ذلك، وكانت المطاعن التى وجهها المدعى للنص المطعون فيه تندرج تحت المطاعن الموضوعية التى تقوم في مبناها على مخالفة نص تشريعي لقاعدة في الدستور من حيث محتواها الموضوعي، ومن ثم، فإن هذه المحكمة تباشر رقابتها على النص المطعون عليه - الذى ما زال قائمًا ومعمولاً بأحكامه - من خلال أحكام الدستور الحالي الصادر سنة 2014 باعتباره الوثيقة الدستورية السارية.
            وحيث إن المدعى ينعى على النص المطعون فيه مخالفته للشريعة الإسلامية وانتهاكه الحق في التعليم، وإحداثه تفرقة بين الطلبة على أساس تحكمي غير مبرر، وذلك فيما انطوى عليه من تمييز بين طلاب الفرقة الأولى الراسبين سنتين، وغيرهم من الطلاب في السنوات التالية الراسبين سنتين كذلك، بالخروج على أحكام المواد (2) و(18) و(40) من دستور سنة 1971، والتي تقابل نصوص المواد (2) و(19) و (53) من دستور سنة 2014.
            وحيث إنه عن النعى بمخالفة النص المطعون فيه لأحكام الشريعة الإسلامية فهو مردود، ذلك أن - المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن النص في المادة الثانية من دستور سنة 1971 بعد تعديلها في عام 1980، وكذلك في ظل العمل بنص المادة الثانية من الدستور القائم الصادر سنة 2014، على أن: "مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع"، يدل على أنه لا يجوز لنص تشريعي يصدر في ظله أن يناقض الأحكام الشرعية القطعية في ثبوتها ودلالتها معًا، باعتبار أن هذه الأحكام وحدها هي التي يمتنع الاجتهاد فيها لأنها تمثل من الشريعة الإسلامية ثوابتها التي لا تحتمل تأويلاً أو تبديلاً، أما الأحكام غير القطعية في ثبوتها أو دلالتها أو فيهما معًا، فإن باب الاجتهاد يتسع فيها لمواجهة تغير الزمان والمكان، وتطور الحياة وتنوع مصالح العباد وهو اجتهاد إن كان جائزًا ومندوبًا من أهل الفقه، فهو في ذلك أوجب وأولى لولى الأمر ليواجه به ما تقتضيه مصلحة الجماعة درءًا لمفسدة أو جلبًا لمنفعة أو درءًا وجلبًا للأمرين معًا. متى كان ذلك، وكان تنظيم عدد مرات دخول الامتحانات الجامعية هو من الأمور الوضعية التى لا تندرج تحت قاعدة كلية أو جزئية من قواعد الشريعة الإسلامية قطعية الثبوت والدلالة. ومن ثم، فإنه يكون لولى الأمر - بواسطة التشريع الوضعي - تنظيمها بما يتفق ومصلحة الجماعة. وبالتالي، يكون النعي بمخالفة النص المطعون عليه لمبادئ الشريعة الإسلامية فاقدًا لسنده متعينًا الالتفات عنه.
      وحيث إن الأصل في سلطة المشرع في مجال تنظيم الحقوق - على ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - أنها سلطة تقديرية ما لم يقيدها الدستور بضوابط معينة. ولما كان جوهر السلطة التقديرية يتمثل في المفاضلة التي يجريها المشرع بين البدائل المختلفة لاختيار ما يقدر أنه أنسبها لمصلحة الجماعة. وأكثرها ملاءمة للوفاء بمتطلباتها في خصوص الموضوع الذى يتناوله بالتنظيم، وكان التعليم من أكثر المهام خطرًا، وأعمقها اتصالاً بإعداد أجيال تكون قادرة - علمًا وعملاً - على أن ترقى بمجتمعها، وانطلاقًا من المسئولية التى تتحملها الدولة في مجال إشرافها عليه - طبقًا لما تقضى به المادة (19) من الدستور القائم - فإنه أصبح لزامًا عليها أن تراعى عند تنظيمها للحق في التعليم أن يكون لكل مواطن الحق في أن يتلقى منه قدرًا يتناسب مع ميوله وملكاته وقدراته ومواهبه، في حدود ما تضعه الدولة من سياسات وما ترصده من إمكانات في هذا المجال بما يحقق الربط بين ممارسة هذا الحق وبين حاجات المجتمع والإنتاج، وذلك كله وفق القواعد التى يتولى المشرع وضعها تنظيمًا لهذا الحق بما لا يؤدى إلى مصادرته أو الانتقاص منه، وعلى ألا تخل القيود التي يفرضها في مجال هذا التنظيم بمبدأي تكافؤ الفرص والمساواة؛ متى كان ذلك، وكان النص المطعون فيه قد وضع حدًّا لفرص البقاء والإعادة في سنوات الدراسة الجامعية لا يسمح معه للطالب بالبقاء بالفرقة أكثر من سنتين، مع السماح للطلاب الذين قضوا بفرقتهم سنتين - فيما عدا طلاب الفرقة الإعدادية والفرقة الأولى في الكليات التي ليس بها فرقة إعدادية - في التقدم للامتحان من الخارج في السنة التالية في المقررات التي رسبوا فيها، بترخيص من مجلس الكلية؛ وكان دافع المشرع لوضع حد لفرص البقاء والإعادة وتحديد مرات التقدم للامتحانات هو ضمان الجدية في تحصيل الطلاب والحرص على أموال الشعب التى تنفق على التعليم العام الذى توفره الدولة بالمجان، باعتباره حقًّا كفله الدستور لجميع المواطنين، إلا أن استخدام هذا الحق يجب ألا يضر بالصالح العام، إذ إن تعليم الطالب المتكرر الرسوب بالمجان سيحمل الدولة أعباء مالية لا قبل لها بها، وسيؤدى إلى حرمان غيره من مواصلة التعليم بالصورة المرجوة إزاء محدودية موارد الدولة المخصصة للتعليم، مما يعد معه القيد الوارد بالنص المطعون فيه مندرجًا في إطار سلطة المشرع في مجال تنظيم الحقوق، على ضوء ما يجريه من موازنات بين المصالح المختلفة؛ ويكون النعي على مسلكه هذا بمساسه بالحق في التعليم مفتقدًا لدعامته.
      وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدستور الحالي قد اعتمد بمقتضى نص المادة (4) منه مبدأ المساواة، باعتباره أساسًا لبناء المجتمع وصيانة وحدته الوطنية، وتأكيدًا لذلك حرص الدستور في المادة (53) منه على كفالة تحقيق المساواة لجميع المواطنين أمام القانون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، دون تمييز لأى سبب، إلا أن ذلك لا يعنى أن تعامل فئاتهم على ما بينهم من تفاوت في مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة، ولا معارضة صور التمييز جميعها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية ولا ينطوي بالتالي على مخالفة لأحكام الدستور، بما مؤداه أن التمييز المنهى عنه بموجبها هو ما يكون تحكميًّا، ذلك أن كل تنظيم تشريعي لا يعتبر مقصودًا لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها يعتبر هذا التنظيم ملبيًا لها. وتعكس مشروعية هذه الأغراض إطارًا للمصلحة العامة التي يسعى المشرع لبلوغها متخذًا من القواعد القانونية التي يقوم عليها هذا التنظيم سبيلاً إليها؛ فإذا كان النص التشريعي - بما انطوى عليه من تمييز - مصادمًا لهذه الأغراض مجافيًا لها بما يحول دون ربطه بها؛ فإن هذا النص يكون مستندًا إلى أسس غير موضوعية ومتبنيًا تمييزًا تحكميًّا بالمخالفة لنص المادة (53) من الدستور القائم. متى كان ذلك، وكان ما قرره النص المطعون فيه من قصر فرص التقدم للامتحانات الجامعية على مرتين، مع السماح بفرصة ثالثة من الخارج بناء على ترخيص من مجلس الكلية للطلاب، عدا المقيدين بالفرقة الإعدادية،    والسنة الأولى في الكليات التي ليس بها فرقة الإعدادية، قد رد المخاطبين به إلى قاعدة موحدة لا تقيم في مجال سريانها تمييزًا بينهم، بل تنتظمهم جميعًا أحكامها التي ربطها المشرع بمصلحة عامة تتمثل في تسخير إمكانات الدولة، وما تكفله من الحق في التعليم المجاني للطالب الحريص على التعليم والجاد في الدراسة، دون الطالب الذى تعوزه الرغبة والقدرة على استكمال مسيرته التعليمية بنجاح، رغم إتاحة الفرصة له أكثر من مرة؛ فإن التنظيم الذى أتى به المشرع - باعتباره الوسيلة التي عينها من بين البدائل المطروحة أمامه، والتي تربطها بالغاية من تقرير هذه الأحكام برابطة منطقية، تجعلها الوسيلة المناسبة لتحقيقها - لا يكون متبنيًا تمييزًا تحكميًّا، بل قائمًا على أسس موضوعية تقيم بنيانه على أسس تتوافق ومبدأ المساواة الذى حرص الدستور على توكيده في المادتين (4، 53) منه.
      وحيث إن النص المطعون فيه وإن غاير في المعاملة بين طلاب الفرقة الإعدادية، وطلاب الفرقة الأولى في الكليات التي ليس بها فرقة إعدادية، من ناحية، وغيرهم من طلاب باقي الفرق من ناحية أخرى، بالسماح للفريق الأخير بفرصة امتحان ثالثة من الخارج بناء على ترخيص من مجلس الكلية، فقد جاء ذلك تقديرًا من المشرع لاختلاف المركز القانوني لكل من طلاب الفريقين، ولأن انتظام طلاب الفريق الأخير واجتيازهم للفرقة الإعدادية أو الأولى بالفعل، يُعد مؤشرًا على استيعابهم لمفهومات دراستهم الأكاديمية على نحو يبشر بإمكان اجتيازهم لها في المستقبل، ويبرر منحهم فرصة امتحان ثالثة حال تعذرهم في الامتحانات. أما طلاب الفريق الأول، فقد قدر المشرع أن تكرار رسوبهم في مقررات دراستهم مرتين، يعنى بالضرورة عدم ملاءمة مناهج الدراسة لإمكاناتهم وقدراتهم الدراسية، مما يبرر عدم منحهم فرصة ثالثة إسوة بالفريق الثاني، ويُعد متفقًا مع الهدف من ترشيد الإنفاق العام على التعليم الجامعي، وتحقيق مقتضيات المصلحة العامة، وليس فيه خروج على مبدأ المساواة أمام القانون.
      وحيث إن النص المطعون فيه لا يخالف الدستور من أي وجه آخر، فإنه يتعين القضاء برفض الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق