الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 25 أكتوبر 2017

الطعن 981 لسنة 55 ق جلسة 9 / 1 / 1991 مكتب فني 42 ج 1 ق 25 ص 123

برئاسة السيد المستشار / حسين على حسين نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / ريمون فهيم نائب رئيس المحكمة وعبد الناصر السباعي وإبراهيم شعبان ومحمد إسماعيل غزالي.
-----------
- 1  عقد " العقود الإدارية". عقد " تحديد موضوع العقد . تكييف العقد".
العقود الإدارية. وجوب الرجوع إلى العقد ذاته لإعطائه الوصف القانوني الصحيح.
المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه وإن لم يعرف القانون العقود الإدارية ولم يبين خصائصها التي تميزها والتي يهتدى بها في القول بتوافر الشروط اللازمة لها ولحصانتها وصيانتها من تعرض المحاكم لها بالتعطيل أو بالتأويل، إلا أن إعطاء العقود التي تبرمها جهة الإدارة وصفها القانوني الصحيح باعتبارها عقوداً إدارية أو مدنية يتم على هدى ما يجرى تحصيله منها ويكون مطابقاً للحكمة من إبرامها.
- 2  عقد " العقود الإدارية".
اعتبار العقد عقداً إداريا . مناطه .
المقرر أن العقود التي تبرمها جهة الإدارة مع الأفراد لا تعتبر عقوداً إدارية إلا إذا تعلقت بتسيير مرفق عام أو بتنظيمه وأظهرت الإدارة نيتها في الأخذ في شأنها بأسلوب القانون العام وأحكامه بتضمين العقود شروطاً استثنائية وغير مألوفة تتأى بها عن أسلوب القانون الخاص أو تحيل فيها الإدارة على اللوائح الخاصة بها.
- 3  حكم " تسبيب الأحكام . ضوابط التسبيب ". محكمة الموضوع "سلطتها بشأن دفاع الخصوم "
محكمة الموضوع . إقامة قضاءها على ما يكفى لحمله . عدم التزامها بتتبع حجج الخصوم والرد عليها استقلالا .
محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب كافة أوجه دفاع الخصوم والرد عليها وعلى مستنداتهم استقلالاً ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها.
- 4  أموال " أموال عامة".
تخصيص المال العام للمنفعة العامة. مناطه. الترخيص بالانتفاع.
المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن المعيار في التعرف على صفة المال العام هو التخصيص للمنفعة العامة، إن هذا التخصيص كما يكون بموجب قانون أو قرار يجوز أن يكون تخصيصاً فعلياً بتهيئة هذا المال ليصبح صالحاً لهذه المنفعة وصدا عليها، وأن ترخيص السلطة الإدارية للأفراد بالانتفاع بالأملاك العامة ليس من شأنه أن يؤدى إلى زوال تخصيصها للمنفعة العامة ما دام الانتفاع المرخص به لا يتعارض مع الغرض الذى من أجله خصصت هذه الأموال، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أنه وإن كانت عين النزاع من الأموال الخاصة المملوكة للدولة إلا أنها تعتبر من الأموال العامة بتخصيصها للمنفعة العامة بالفعل لخدمة المسافرين على الطريق العام الصحراوي، وأن تأجيرها لسلف الطاعن في ذات الغرض الذى خصصت من أجله لا يؤدى إلى زوال تخصيصها للمنفعة العامة فإنه لا يكون قد خالف القانون.
-----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدهم بصفاتهم الدعوى رقم 5074 لسنة 1983 أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية طالباً الحكم بصفة مستعجلة بمنع تعرضهم له في حيازته لعين النزاع وفي الموضوع بإسناد عقد الإيجار المؤرخ 1970/4/18 إليه بذات شروطه. وقال بياناً لدعواه أنه بموجب العقد المذكور استأجرت السيدة/ ..... من الهيئة العامة لتعمير الصحاري كامل أرض وبناء استراحة وادي النطرون وملحقاتها خالية على أن يكون العقد نافذاً ابتداء من 1973/9/1 لمدة عشر سنوات بإيجار سنوي مقداره 540، وبموجب إقرار موثق بمصلحة الشهر العقاري في 1971/1/12 تنازلت له المستأجرة عن عقد الإيجار ووافقت الجهة المؤجرة على هذا التنازل، ولما كانت الإجارة قد انصبت على عين خالية ومن ثم لا ينتهي العقد بانتهاء مدته وإنما يمتد وفق أحكام قوانين إيجار الأماكن المتعاقبة، وإذ شرع المطعون ضدهم بصفاتهم – الذين حلوا محل الجهة المؤجرة – في إجراء مزاد لإعادة تأجير عين النزاع فقد أقام الدعوى. وبتاريخ 1983/6/30 حكمت المحكمة بصفة مستعجلة بمنع تعرض المطعون ضدهم للطاعن في حيازته لعين النزاع، وبامتداد عقد الإيجار المؤرخ 1970/4/18 لصالحه بذات الشروط. استأنف المطعون ضدهم بصفاتهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 5510 لسنة 100 ق القاهرة
وبتاريخ 1985/3/5 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري. طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وأنه عرض الطعن على هذه المحكمة – في غرفة مشورة – رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

-------------
المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار والمرافعة، وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب ينعي بها الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ومخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بمذكرته المقدمة بجلسة 1984/3/8 أن عين النزاع تدخل في نطاق الدومين الخاص، أي أنها مال مملوك ملكية خاصة للدولة واستدل على ذلك بأن سلفة كانت قد استأجرت هذه العين من الهيئة العامة لتعمير الصحاري، وهي جهة إدارية ذات اختصاص محدد بنطاق الأعيان المملوكة للدولة ملكية خاصة دون غيرها، وقد صدرت العقد بقيامها بالتأجير تنفيذاً لأحكام القانون رقم 100 لسنة 1964 الذي نصت المادة الأولى منه على سريان أحكامه على العقارات الداخلة في ملكية الدولة الخاصة، كما استدل على ذلك أيضاً من كتاب الهيئة المؤرخ 1978/10/15 ومن قيامه بتشغيله بموجب ترخيص صادر له من الجهة المختصة وهو ما لا تخضع له إلا المشروعات الخاصة دون تلك المخصصة لمنفعة عامة، وقدم هذا الترخيص، كما أن انتقال تبعية العين المؤجرة من نطاق سلطة الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية إلى نطاق سلطة المطعون ضده الثالث بصفته قد تقرر بموجب فتوى صادرة من الجمعية العامة لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة بتاريخ 1979/4/18 صادقت فيها على تكييف حق المطعون ضده الثالث بصفته على العين بأنه ملكية خاصة، وقدم صورة رسمية من هذه الفتوى، كما أن العين كانت محلاً لإجراءات التصرف بالبيع له بما ينفي عنها وصف التخصيص للمنفعة العامة بالفعل أو بأي طريق آخر، إلا أن محكمة الاستئناف استبعدت هذه المذكرة المتضمنة هذا الدفاع الجوهري بدعوى أنها قدمت خلال فترة حجز الدعوى للحكم مخالفة بذلك الثابت بمحضر جلسة 1984/3/5 – ومهدرة دفاعه المشار إليه، وأقام قضاءه بعدم الاختصاص الولائي للمحكمة باعتباره عقداً إدارياً على سند من كون الإدارة طرفاً فيه واتصاله بنشاط مرفق عام وتضمنه شروطاً استثنائية وغير مألوفة، كما استدلت على طبيعة المال الوارد عليه التعاقد من طبيعة العقد دون طبيعة المال وهي قرائن فاسدة لا تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها، الأمر الذي يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه
وحيث إن النعي في شقه الأول غير سديد، ذلك أنه المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه وإن لم يعرف القانون العقود الإدارية ولم يبين خصائصها التي تميزها والتي يهتدي بها في القول بتوافر الشروط اللازمة لها ولحصانتها وصيانتها من تعرض المحاكم لها بالتعطيل أو بالتأويل، إلا أن إعطاء العقود التي تبرمها جهة الإدارة وصفها القانوني الصحيح باعتبارها عقوداً إدارية أو مدنية يتم على هدي ما يجري تحصيله منها ويكون مطابقاً للحكمة من إبرامها، كما أنه من المقرر أن العقود التي تبرمها جهة الإدارة مع الأفراد لا تعتبر عقوداً إدارية إلا إذا تعلقت بتيسير مرفق عام أو بتنظيمه وأظهرت الإدارة نيتها في الأخذ في شأنها بأسلوب القانون العام وأحكامه بتضمين العقد شروطاً استثنائية وغير مألوفة تنأى بها عن أسلوب القانون الخاص أو تحيل فيها الإدارة على اللوائح الخاصة بها، لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري على ما أورده بمدوناته على قوله من "أنه بمطالعة هذا العقد تبين أنه صادراً من جهة الإدارة ..." وأنه وإن كان محل العقد أعيان مملوكة ملكية خاصة للشخص العام إلا أن الواضح من موضوع العقد أنه متعلق بخدمة مرفق عام وهو إعداد كازينو واستراحة على مستوى سياحي لخدمة المسافرين على الطريق العام الصحراوي بين مصر والإسكندرية أي أن هذه الأعيان المملوكة ملكية خاصة للإدارة تعتبر أموالاً عامة بتخصيصها للمنفعة العامة بالفعل وفقاً للمادة 1/87 من القانون المدني، هذا التخصيص الذي استهدفت منه الإدارة هذه المنفعة العامة للمسافرين على الطريق العام مغلبة ذلك على تحقيق الربح المالي بدليل أنها حددت إيجاراً شهرياً بخساً قدره خمسة وأربعين جنيهاً مقابلاً للانتفاع بمساحة من الأرض تجاوز عشرين ألف متر مربع بما عليها من استراحة ضخمة تتكون من دورين وبدروم وأخرى مكونة من دورين وأربعة بلوكات منفصلة كمساكن للعامين مزودة بدورات المياه وغرف ماكينات الكهرباء وطلبمتي المياه والجراجات والأشجار، وقد انطوى العقد على شروط استثنائية غير مألوفة في مجال القانون الخاص تخول جهة الإدارة سلطة واسعة في الإشراف وفي التدخل في التنفيذ وفي إنهاء العقد فقد ألزم البند الرابع المستأجر باستغلال العين كازينو سياحي من الدرجة الأولى مع التزامه بإدخال التحسينات التي تطلبها وزارة السياحة على نفقته الخاصة، ونص البند السابع على أن إخلاء المستأجر عند امتناعه يكون بالطريق الإداري، كما جاء بالبند الثامن أن المستأجر يتعهد بأن يقوم على نفقته ومسئوليته بصيانة ونظافة الأرض والمباني والملحقات وفقاً لتعليمات جهة الإدارة المؤجرة ووزارة السياحة والجهات الحكومية المتخصصة، كما يلتزم بما ترى جهة الإدارة عمله من ترميمات وإصلاحات وبما تأمر به وزارة السياحة في المواعيد التي تحددها جهة الإدارة – المؤجرة أو وزارة السياحة والإجاز لجهة الإدارة إجراء ذلك على نفقته وحسابه، ونص البند العاشر على أنه لا يجوز للمستأجر التمسك بالقوة القاهرة أو الظرف الطارئ كعذر لطلب إنقاص الأجرة أو المطالبة بتعويض، واعتبر من أسباب فسخ العقد دون تنبيه أو إنذار وفقاً للبند الحادي عشر منه مجرد تغيير الاسم التجاري للعين المؤجرة (الرست .......) والتنازل عنه للغير وكذا مخالفة تعليمات وزارة السياحة التي تصدر بشأن احتفاظ الاستراحة بمستواها ككازينو سياحي من الدرجة الأولى، كما نص البند الثاني عشر على أن إبعاد المستأجر عن البلاد لظروف الأمن أو الحرب ينهي العقد دون تعويض، وكلها شروط ليست مألوفة في عقود الإيجار المدنية الأمر الذي تستظهر منه المحكمة أنها إزاء عقد إداري صادر من شخص عام موضوعه مال عام بتخصيصه للمنفعة العامة بالفعل استخدمت فيه جهة الإدارة وسائل القانون العام من تحديد لاسم المنشأة ومستواها من الناحية السياحية ومن تدخل في تنفيذ العقد وتعديله على نفقة المستأجر ومن إتباع السبيل الإداري في الإخلاء الأمر الذي يجعل هذه العلاقة حكمها القانون العام ولا تخضع للقانون الخاص أو القيود التي تفرضها قوانين إيجار الأماكن مما يخرج المنازعة بشأنها عن اختصاص هذه المحكمة إلى اختصاص محكمة القضاء الإداري إعمالاً للمادة العاشرة من القانون 47 لسنة 1972. وكان هذا الذي أورده الحكم سائغاً له أصل ثابت بالأوراق ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها من النشاط المرخص للطاعن باستغلال عين النزاع فيه قد استهدف تسيير وتنظيم مرفق عام لخدمة المسافرين على الطريق الصحراوي وما استلزم ذلك من ظهور جهة الإدارة في التعاقد بحسبانها سلطة عامة أخلت شروطاً استثنائية تنأى بها عن أسلوب القانون الخاص وهو ما يتضمن رداً كافياً على ما تمسك به الطاعن من دفاع بمذكرته المقدمة لجلسة 1984/3/8 فإن النعي على ما أورده الحكم بشأن استبعاد هذه المذكرة – أياً كان وجه الرأي فيه – يكون غير منتج، ولا على الحكم إن لم يعرض بالرد على المستندات المشار إليها بوجه النعي ذلك أن، محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب كافة أوجه دفاع الخصوم والرد عليها وعلى مستنداتهم استقلالاً ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني على هذا الدفاع وتلك المستندات، ومن ثم يكون هذا الشق من النعي على غير أساس، والنعي في شقه الثاني مردود بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أن المعيار في التعرف على صفة المال العام هو التخصيص للمنفعة العامة، وأن هذا التخصيص كما يكون بموجب قانون أو إقرار يجوز أن يكون تخصيصاً فعلياً بتهيئة هذا المال ليصبح صالحاً لهذه المنفعة رصداً عليها، وأن ترخيص السلطة الإدارية للأفراد بالانتفاع بالأملاك العامة ليس من شأنه أن يؤدي إلى زوال تخصيصها للمنفعة العامة ما دام الانتفاع المرخص به لا يتعارض مع الغرض الذي من أجله خصصت هذه الأموال الخاصة المملوكة للدولة إلا أنها تعتبر من الأموال العامة بتخصيصها للمنفعة العامة بالفعل لخدمة المسافرين على الطريق العام الصحراوي، وأن تأجيرها لسلف الطاعن في ذات الغرض الذي خصصت من أجله لا يؤدي إلى زوال تخصيصها للمنفعة العامة فإنه لا يكون خالف القانون ويكون النعي برمته على غير أساس
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق