جلسة 26 من نوفمبر سنة 2006
برئاسة
السيد المستشار/ أحمد علي عبد الرحمن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/
مجدي أبو العلا ، نبيل عمران ، طلعت عبد الله وأحمد الخولي نواب رئيس المحكمة .
-----------
(102)
الطعن 76701 لسنة 75 ق
إثبات " اعتراف
" " شهود " . إجراءات
" إجراءات المحاكمة " . أسباب الإباحة وموانع العقاب " الإعفاء من العقوبة " . حكم "
تسبيبه . تسبيب معيب " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما يوفره " . رشوة . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير
الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " .
إخبار الراشي أو الوسيط
بالجريمة أو اعترافه بها . يعفيه من العقاب . عدم اشتراط القانون للاعتراف الحاصل أمام
المحكمة أي شرط . لا يجوز للقاضي وضع قيوداً له من عنده . حد وأثر ذلك ؟ المادة
107 مكرر عقوبات .
أقوال
متهم على آخر . شهادة . للمحكمة التعويل عليها في الإدانة . متى اطمأنت إليها .
وجوب بناء المحاكمة
الجنائية على التحقيق الشفوي الذي تجريه المحكمة بالجلسة وتسمع فيه الشهود . ما
دام ممكناً . عدم جواز الافتئات على هذا الأصل لأية علة إلا بتنازل الخصوم . أساس
وعلة ذلك ؟
إدانة
الطاعن بجريمة طلب وأخذ رشوة استناداً إلى ما اعترف به المتهم الثاني عليه من
وقائع تؤدي إلى إدانته . أثره : وجوب إجابة طلب سماع أقواله كشاهد إثبات . مناقشة
المتهم الذي حق له الإعفاء من العقاب قانوناً فيما اعترف به من وقائع تؤدي إلى إدانة
الطاعن . لا تعد استجواباً له ولا تحتاج إلى إقرار منه سواء في قبولها أو الاعتراض
على إجرائها . مخالفة ذلك . خطأ في تطبيق القانون وإخلال
بحق الدفاع . علة وأساس ذلك ؟
مثال .
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما كان البيّن من محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن طلب
مناقشة المتهم الثاني فيما اعترف به عليه باعتباره شاهداً للإثبات ، وقد رد الحكم
المطعون فيه على ذلك الطلب بقوله : " وحيث إن ما ورد بطلب الدفاع عن المتهم
الأول أثناء تداول الدعوى بجلسات المحاكمة من استجواب ، ومناقشة المتهم الثاني
بمعرفة الدفاع عن المتهم الأول والذي رفضه الدفاع عن المتهم الثاني والمحكمة
التفتت عنه ، لأنه استجواب محظور قانوناً في طور المحاكمة طبقاً لنص المادة 274 من
قانون الإجراءات الجنائية وجدير بالذكر أن الاستجواب المحظور هو مناقشة المتهم على
وجه مفصل في الأدلة القائمة وهو الطلب الذي تمسك به الدفاع عن المتهم الأول
بالجلسة سواء كان ذلك من المحكمة أم من الخصوم أو المدافعين عنهم لما له من خطورة
ظاهرة ، وهو لا يصح إلا بناءً على طلب المتهم نفسه يبديه في الجلسة بعد تقديره لموقفه
وما تقتضيه مصلحته وهذا على خلاف ما ثبت بجلسات المحاكمة أن الدفاع عن المتهم الثاني
رفض مناقشته واستجوابه وصمم على ما جاء بأقواله في التحقيقات ، ومن ثم فإن التفات
المحكمة عن هذا الدفاع ليس فيه خروج على محارم القانون ولا مساس فيه بحق الدفاع عن
المتهم الأول " . لما كان ذلك ، وكان نص المادة 107 مكرراً من قانون العقوبات
قد جرى على إعفاء الراشي أو الوسيط من العقوبة المقررة إذا أخبر السلطات بالجريمة أو
اعترف بها ، وكان من المقرر أنه إذا حصل هذا الاعتراف لدى المحكمة فإن القانون لم
يشترط له أي شرط بل جاء لفظه فيه مطلقاً خالياً من كل قيد زمني أو مكاني أو كيفي ،
فلا يجوز أن يضع له القاضي قيوداً من عند نفسه ، بل كل ما له هو أن يتحقق من حصول مدلول لفظ الاعتراف وهو إقرار
صريح لا مواربة فيه ولا تضليل ، فمتى وقع هذا المدلول حق الإعفاء بدون نظر إلى
أي أمر آخر . لما كان ذلك ، وكان البيّن من محاضر جلسات المحاكمة أن المتهم الثاني
قد اعترف بكل وقائع الجريمة وظروفها اعترافاً صريحاً فقد حق له الإعفاء – قانوناً
– من العقاب عملاً بنص المادة 107 مكرراً سالفة الذكر ، وكان من المقرر أن أقوال
متهم على آخر هي في حقيقة الأمر شهادة يسوغ للمحكمة أن تعول عليها في الإدانة متى
وثقت فيها وارتاحت إليها – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – وكان الأصل المقرر في
المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية – الواجبة الإعمال أمام محاكم الجنايات عملاً
بالمادة 381 من ذات القانون – أن المحاكمة الجنائية يجب أن تبنى على التحقيق الشفوي
الذي تجريه المحكمة بالجلسة وتسمع فيه الشهود ما دام ذلك ممكناً محصلاً هذه
العقيدة من الثقة التي توحي به أقوال الشاهد أو لا توحي ، ومن ثم التأثير الذي
تحدثه هذه الأقوال في نفسه وهو ينصت إليها متفرساً في حالة الشاهد النفسية وقت
أداء الشهادة واستقامته وصراحته أو مراوغته واضطرابه ، وهي من الأمور التي تعين القاضي
في تقدير أقواله حق تقديرها ، ولا يجوز الافتئات على هذا الأصل الذي افترضه الشارع
لأية علة مهما كانت إلا بتنازل الخصوم صراحة أو ضمناً ، ذلك لأن المحكمة هي الملاذ
الأخير الذي يتعين أن ينفسح لتحقيق الواقعة وتقصيها على الوجه الصحيح وإلا انتفت
الجدية في المحاكمة وانغلق باب الدفاع في وجه طارقه بغير حق وهو ما تأباه العدالة
أشد الإباء ، وقد قام على هدى هذه المبادئ حق المتهم في الدفاع عن نفسه وأصبح حقاً
مقدساً يعلو على حقوق الهيئة الاجتماعية التي لا يفيدها تبرئة مذنب بقدر ما يؤذيها
ويؤذي العدالة معاً إدانة بريء . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد انتهت إلى إدانة
الطاعن استناداً إلى اطمئنانها إلى ما اعترف به المتهم الثاني على الطاعن من وقائع
تؤدي إلى إدانته دون أن تجيبه إلى طلب سماع أقوال المتهم سالف الذكر كشاهد إثبات
ومناقشته ، وكان هذا الطلب يعد طلباً جوهرياً لتعلقه بواقعات الدعوى ، مما كان
يتعين معه على المحكمة إجابته لإظهار وجه الحق فيها ، ولا يقبل منها ما أوردته من
تعليل لرفض إجابته بدعوى أن هذا الطلب يعد استجواباً غير جائز للمحكمة وقد رفضه
المتهم الثاني , ذلك أن الاستجواب المحظور عملاً بالمادة 274 من قانون الإجراءات
الجنائية ، هو الذي يواجه فيه المتهم بأدلة الاتهام التي تُساق عليه دليلاً دليلاً
ليقول كلمته فيها تسليماً بها أو دحضاً لها دون ما يعترف به على غيره من المتهمين ,
وهو ما لا يسري في حق المتهم الذي اعترف بوقوع الجريمة – في الدعوى المطروحة – أمام
المحكمة وحق له الإعفاء من العقاب قانوناً – على النحو المار ذكره – ومن ثم فإن مناقشته
فيما اعترف به من وقائع تؤدي إلى إدانة الطاعن – باعتباره شاهداً يمكن التعويل على
شهادته – لا تعد في نظر القانون استجواباً له ولا يرد عليها الحظر الوارد في
المادة 274 سالفة الذكر ، فلا تحتاج إلى إقرار منه سواء في قبولها أو الاعتراض على
إجرائها , وإنما هي في حقيقتها شهادة يجوز للمحكمة والدفاع مناقشته فيها ، وإذ
خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر هذا الطلب استجواباً للمتهم الذي قضى بإعفائه
من العقاب ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون فضلاً عن إخلاله بحق الدفاع ، بما
يعيبه ويستوجب نقضه والإعادة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن .
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من : 1- .... ( الطاعن) ، 2- .... بوصف
أنهما : أولاً : المتهم الأول : بصفته في حكم الموظف العام " رئيس
مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة ..... " طلب وأخذ لنفسه ولغيره عطايا
لأداء عمل من أعمال وظيفته ، بأن طلب وأخذ من المتهم الثاني مبلغ مائة ألف جنيه وإجراء
أعمال تجهيز الوحدتين السكنيتين المملوكتين لنجله بقيمة ستين ألف جنيه على سبيل
الرشوة مقابل صرف مستحقات شركة ...... لدى جهة عمله على النحو المبين بالتحقيقات .
ثانيا : المتهم الثاني : قدم للمتهم الأول العطايا موضوع الاتهام السابق
لأداء عمل من أعمال وظيفته على النحو المبين بالتحقيقات . وأحالتهما إلى محكمة
جنايات ..... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة
قضت حضورياً عملاً بالمواد 103 ، 110 ، 111 /1 من قانون العقوبات ، مع إعمال
المادتين 17 ، 107 مكرر من ذات القانون . أولاً: بمعاقبة المتهم الأول
بالسجن المشدد لمدة سبع سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه عما هو منسوب إليه ومصادرة
مبلغ الرشوة المضبوط والعزل من وظيفته . ثانياً: ببراءة المتهم الثاني مما
هو منسوب إليه .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ...... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه
بجريمة طلب وأخذ رشوة للإخلال بواجبات وظيفته , قد انطوى على الإخلال بحق الدفاع
واعتوره الخطأ في تطبيق القانون ، ذلك أن المدافع عنه طلب مناقشة المتهم الثاني
فيما اعترف به عليه وسماعه كشاهد إثبات في واقعة طلبه وأخذه الرشوة إلا أن المحكمة
لم تجبه إليه وأطرحته بما لا يصلح رداً ، مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه
.
وحيث إن البيّن من محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن طلب
مناقشة المتهم الثاني فيما اعترف به عليه باعتباره شاهداً للإثبات ، وقد رد الحكم
المطعون فيه على ذلك الطلب بقوله : " وحيث إن ما ورد بطلب الدفاع عن المتهم
الأول أثناء تداول الدعوى بجلسات المحاكمة من استجواب ومناقشة المتهم الثاني
بمعرفة الدفاع عن المتهم الأول والذي رفضه الدفاع عن المتهم الثاني والمحكمة
التفتت عنه لأنه استجواب محظور قانوناً في طور المحاكمة ، طبقاً لنص المادة 274 من
قانون الإجراءات الجنائية ، وجدير بالذكر أن الاستجواب المحظور هو مناقشة المتهم
على وجه مفصل في الأدلة القائمة ، وهو الطلب الذي تمسك به الدفاع عن المتهم الأول
بالجلسة سواء كان ذلك من المحكمة أم من الخصوم أو المدافعين عنهم ، لما له من
خطورة ظاهرة وهو لا يصح إلا بناءً على طلب المتهم نفسه يبديه في الجلسة بعد تقديره
لموقفه وما تقتضيه مصلحته ، وهذا على خلاف ما ثبت بجلسات المحاكمة أن الدفاع عن
المتهم الثاني رفض مناقشته واستجوابه وصمم على ما جاء بأقواله في التحقيقات ، ومن ثم
فإن التفات المحكمة عن هذا الدفاع ليس فيه خروج على محارم القانون ، ولا مساس فيه
بحق الدفاع عن المتهم الأول " . لما كان ذلك ، وكان نص المادة 107 مكرراً من قانون
العقوبات قد جرى على إعفاء الراشي أو الوسيط من العقوبة المقررة إذا أخبر السلطات
بالجريمة أو اعترف بها ، وكان من المقرر أنه إذا حصل هذا الاعتراف لدى المحكمة فإن
القانون لم يشترط له أي شرط بل جاء لفظه فيه مطلقاً خالياً من كل قيد زمني أو
مكاني أو كيفي ، فلا يجوز أن يضع له القاضي قيوداً من عند نفسه ، بل كل ما له هو أن يتحقق من حصول مدلول لفظ الاعتراف وهو إقرار
صريح لا مواربة فيه ولا تضليل ، فمتى وقع هذا المدلول حق الإعفاء بدون نظر إلى
أي أمر آخر . لما كان ذلك ، وكان البيّن من محاضر جلسات المحاكمة أن المتهم الثاني
قد اعترف بكل وقائع الجريمة وظروفها اعترافاً صريحاً فقد حق له الإعفاء – قانوناً
– من العقاب عملاً بنص المادة 107 مكرراً سالفة الذكر ، وكان من المقرر أن أقوال
متهم على آخر هي في حقيقة الأمر شهادة يسوغ للمحكمة أن تعول عليها في الإدانة متى
وثقت فيها وارتاحت إليها – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – وكان الأصل المقرر في
المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية – الواجبة الإعمال أمام محاكم الجنايات عملاً
بالمادة 381 من ذات القانون – أن المحاكمة الجنائية يجب أن تبنى على التحقيق الشفوي
الذي تجريه المحكمة بالجلسة وتسمع فيه الشهود ما دام ذلك ممكناً محصلاً هذه
العقيدة من الثقة التي توحي به أقوال الشاهد أو لا توحي ، ومن ثم التأثير الذي
تحدثه هذه الأقوال في نفسه وهو ينصت إليها متفرساً في حالة الشاهد النفسية وقت
أداء الشهادة واستقامته وصراحته أو مرواغته واضطرابه ، وهي من الأمور التي تعين القاضي
في تقدير أقواله حق تقديرها ، ولا يجوز الافتئات على هذا الأصل الذي افترضه الشارع
لأية علة مهما كانت إلا بتنازل الخصوم صراحة أو ضمناً ، ذلك لأن المحكمة هي الملاذ
الأخير الذي يتعين أن ينفسح لتحقيق الواقعة وتقصيها على الوجه الصحيح وإلا انتفت
الجدية في المحاكمة ، وانغلق باب الدفاع في وجه طارقه بغير حق وهو ما تأباه
العدالة أشد الإباء ، وقد قام على هدى هذه المبادئ حق المتهم في الدفاع عن نفسه
وأصبح حقاً مقدساً يعلو على حقوق الهيئة الاجتماعية التي لا يفيدها تبرئة مذنب بقدر
ما يؤذيها ويؤذي العدالة معاً إدانة بريء . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد انتهت إلى
إدانة الطاعن استناداً إلى اطمئنانها إلى ما اعترف به المتهم الثاني على الطاعن من
وقائع تؤدي إلى إدانته دون أن تجيبه إلى طلب سماع أقوال المتهم سالف الذكر كشاهد إثبات
ومناقشته ، وكان هذا الطلب يعد طلباً جوهرياً لتعلقه بواقعات الدعوى ، مما كان
يتعين معه على المحكمة إجابته لإظهار وجه الحق فيها ، ولا يقبل منها ما أوردته من
تعليل لرفض إجابته بدعوى أن هذا الطلب يعد استجواباً غير جائز للمحكمة وقد رفضه
المتهم الثاني ، ذلك أن الاستجواب المحظور عملاً بالمادة 274 من قانون الإجراءات
الجنائية هو الذي يواجه فيه المتهم بأدلة الاتهام التي تُساق عليه دليلاً دليلاً
ليقول كلمته فيها تسليماً بها أو دحضاً لها دون ما يعترف به على غيره من المتهمين ،
وهو ما لا يسري في حق المتهم الذي اعترف بوقوع الجريمة – في الدعوى المطروحة – أمام
المحكمة وحق له الإعفاء من العقاب قانوناً – على النحو المار ذكره – ومن ثم فإن مناقشته
فيما اعترف به من وقائع تؤدي إلى إدانة الطاعن – باعتباره شاهداً يمكن التعويل على
شهادته – لا تعد في نظر القانون استجواباً له ولا يرد عليها الحظر الوارد في
المادة 274 سالفة الذكر ، فلا تحتاج إلى إقرار منه سواء في قبولها أو الاعتراض على
إجرائها ، وإنما هي في حقيقتها شهادة يجوز للمحكمة والدفاع مناقشته فيها ، وإذ
خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر هذا الطلب استجواباً للمتهم الذي قضى بإعفائه
من العقاب ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون فضلاً عن إخلاله بحق الدفاع ، بما
يعيبه ويستوجب نقضه والإعادة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق