جلسة 14 من ديسمبر سنة 2017
برئاسة السيد القاضي / علي فرجاني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / عبد الرسول طنطاوي ، محمد رضا حسين ، محمد زغلول وهشام عبد الهادي نواب رئيس المحكمة .
-------------
(124)
الطعن
رقم 7204 لسنة 80 القضائية
(1) حكم " تسبيبه
. تسبيب غير معيب " .
وجوب اشتمال
حكم الإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وأدلة
ثبوت وقوعها من المتهم .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر
به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن
بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لا قصور
.
(2)
اشتراك . تزوير" أوراق رسمية " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الاشتراك في جرائم التزوير . تمامه في
الغالب دون مظاهر خارجية محسوسة . كفاية الاعتقاد بحصوله من ظروف الدعوى
وملابساتها . ما دام سائغاً . النعي في هذا الشأن . جدل موضوعي . غير مقبول إثارته
أمام محكمة النقض .
(3) إثبات " بوجه
عام " . محكمة الموضوع
" سلطتها في تقدير الدليل " . تزوير " أوراق رسمية "
الأصل في المحاكمات الجنائية هو
باقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه . له تكوين عقيدته من أي دليل أو
قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين .
عدم جعل القانون طريقاً خاصاً لإثبات
التزوير .
تساند الأدلة في المواد الجنائية .
مؤداها ؟
(4) استدلالات . محكمة
الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .
للمحكمة التعويل على تحريات الشرطة
باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . ترديد التحريات لما أبلغ به المجني عليه . لا
ينال من صحتها . حد ذلك ؟
(5) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع
" الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
النعي بعدم الاطلاع على المستند المزور
. غير مقبول . ما دام قد عُرض على بساط البحث وفُض الحرز المحتوى عليه في حضور الخصوم
والمدافع واطلعوا عليه .
مثال .
(6) تزوير " أوراق رسمية " . قصد جنائي . وكالة
. محاماة . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
القصد الجنائي في جريمة التزوير أو
الاشتراك فيه . تحققه : بتعمد الجاني تغيير الحقيقة
في المحرر مع انتواء استعماله . استخلاصه . موضوعي . التحدث عنه استقلالاً . غير لازم . حد ذلك ؟
جريمة التزوير في المحررات الرسمية . مناط تحققها ؟
إثارة الطاعن
بأن الوكالة القانونية من المحامي الأصيل لآخر تتم دون توكيل في الصلح . دفاع قانوني ظاهر البطلان . الرد عليه
. غير لازم . طالما أن ثبوت قيامها لا ينفي جريمة التزوير .
مثال لتسبيب سائغ لاطراح الدفاع بإجازة حضور
محام عن آخر دون توكيل .
(7) دفوع " الدفع بنفي
التهمة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفع بنفي التهمة .
موضوعي . لا يستأهل رداً صريحاً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن
يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما
استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه
. غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
(8) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق
الدفاع . ما لا يوفره " .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يُطلب
منها ولم تر هي حاجة لإجرائه . غير مقبول .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر
القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها ،
وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها
ولا ينازع الطاعن في أن لها معين صحيح
في الأوراق . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المادة310 من
قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة
المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف
التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه ، وكان يبين مما
سطره الحكم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة
الاشتراك في تزوير محرر رسمي التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة
سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة
الدعوى على نحو يدل أنها محصتها التمحيص الكافي
وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف
الحقيقة ، مما يكون معه منعى الطاعن بأن الحكم شابه القصور والغموض وعدم
الإلمام بوقائع الدعوى لا محل له .
2- من المقرر أن الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية
محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ، ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت
حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي
بينها الحكم – وهو ما لم يخطئ الحكم المطعون فيه في تقديره - فإن ما يثيره الطاعن
في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض .
3- لما كان الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناءً على
الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا
قيده القانون بدليل معين ينص عليه ، وإذ كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم
التزوير طريقاً خاصاً ، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث
ينبئ كل دليل ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ؛ إذ الأدلة في المواد الجنائية
متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل
بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة
مؤدية إلى ما قصده الحكم ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت
إليه ، وكان جماع ما أورده الحكم المطعون فيه من أدلة وشواهد سائغاً وكافياً للتدليل على ثبوت جرائم الاشتراك في التزوير
التي دان الطاعــــــن بها ، فإن هذا حسبه ليبرأ من قالة القصور في التسبيب
والفساد في الاستدلال ، ويكون النعي عليه في هذا الخصوص في غير محله .
4- لما كان للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة
باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة ، ما دامت تلك التحريات قد عرضت
على بساط البحث ، وكان لا ينال من صحة التحريات أن تكون ترديداً لما أبلغ به
المجني عليه لأن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق ذلك البلاغ ، فإن منعى الطاعن
في هذا الشأن يكون غير قويم .
5- لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه وفي الصحيفة الخامسة من
محضر جلسة .... أن المحكمة قامت بفض الحرز المحتوى على المستند المزور واطلعت عليه
في حضور الطاعن والمدافع عنه ، ومن ثم فقد كان المستند المزور معروضاً على بساط
البحث والمناقشة في حضور الخصوم واطلعوا عليه ثم ترافع الدفاع في الموضوع ثم صدر
الحكم المطعون فيه ، فإن ما يثيره دفاع الطاعن بدعوى عدم اطلاعه على المستند
المزور لا يكون له وجه .
6- لما كان القصد الجنائي في جريمة التزوير – أو الاشتراك فيه – يتحقق
متى تعمد الجاني تغيير الحقيقة في المحرر مع
انتواء استعماله في الغرض الذي غيرت الحقيقة من أجله ، واستخلاص هذا القصد
من الوسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف
المطروحة عليها ، وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال ما دام قد
أورد من الوقائع ما يدل عليه وهو ما وفره الحكم المطعون فيه . لما كان ذلك ، وكان
الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن من إجازة حضور محام عن آخر دون توكيل ورد
عليه في قوله : ( ... إن المادة 56 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 أوجبت في
حضور المحامي الآخر أن ينيبه المحامي الأصيل أي بعلم الوكيل الأصلي وكان الشاهد
الثاني المحامي الأصيل قد شهد بتحقيقات النيابة بانتفاء معرفته بالمتهم الثاني –
الطاعن – ولم يطلب منه الحضور إنابة عنه بجلسة الإشكال وتأيد ذلك من واقع التحريات
وشهادة ضابط مباحث الأموال العامة ومن ثم يضحى الدفاع الذي يعول عليه في شأن هذا
الأمر غير قائم على سند صحيح من القانون أو الواقع وتلتفت عنه المحكمة ) ، وهو رد
سائغ وكاف في اطراح الدفع ؛ لما هو مقرر من أن مجرد تغيير الحقيقة بطريق الغش
بالوسائل التي نص عليها القانون في الأوراق الرسمية تتحقق به جريمة التزوير بصرف
النظر عن الباعث على ارتكابها متى كان المقصود به تغيير الحقيقة وبدون أن يتحقق
ضرر خاص يلحق شخصاً بعينه من وقوعها ؛ لأن هذا التغيير ينتج عنه حتماً احتمال حصول
ضرر بالمصلحة العامة إذ يترتب على العبث بالورقة الرسمية النقص مما لها من القيمة
في نظر الجمهور باعتبارها مما يجب بمقتضى
القانون تصديقه والأخذ بما فيه . لما
كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن بشأن الوكالة القانونية من المحامي الأصيل لآخر دون توكيل في الصلح لا يعدو أن
يكون دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان لا تلتزم المحكمة بالرد عليه طالما أن ثبوت
قيام الوكالة ليس من شأنه – بعد ما سلف بيانه – أن تنتفي به جريمة التزوير في
المحرر الرسمي المسندة إليه ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد .
7- لما كان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن بعدم ارتكاب الجريمة
مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان
الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، إذ بحسب الحكم كيما يتم
تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من
مقارفة المتهم للجريمة المسندة إليه ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات
دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها .
8- لما كان الثابت من مراجعة محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن
ترافع في الدعوى طالباً البراءة ، ولم يبد للمحكمة أي طلبات بشأن استكتاب المجني
عليه ، فليس للطاعن من بعد أن ينعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها ولم
تر هي من جانبها لزوماً لإجرائه ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير
سديد .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر محكوم عليه
غيابياً في قضية الجناية .... بأنهما : وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية اشترك -
والمحكوم عليه غيابياً - بطريق الاتفاق فيما بينهما والمساعدة مع موظف عام حسن
النية هو كاتب جلسة الجنح المستأنفة .... في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو محضر
جلسة الإشكال في القضية رقم .... جنح مستأنف .... المؤرخ في .... وذلك بجعل واقعة
مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن مثلا أمام هيئة المحكمة وأقر الثاني (الطاعن) على
خلاف الحقيقة لصالح الأول المتهم في الجنحة سالفة البيان بالتصالح ودون كاتب
الجلسة ذلك فتمت الجريمة بناءً على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة . وأحالته إلى محكمة
جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .وادعى
المجني عليه .... مدنياً قبل المتهم الحاضر والمحكوم عليه غيابياً بمبلغ عشرة آلاف
جنيه وواحد على سبيل التعويض المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد
40/3،2 ، 41 ، 211 ، 212 ، 213 من قانون العقوبات أولاً : بمعاقبة المتهم بالسجن
لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه ومصادرة الأوراق المزورة المضبوطة . ثانياً : وفي
الدعوى المدنية بإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ وقدره عشرة آلاف وواحد
جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت وإلزامه بمصاريفها .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق
النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاشتراك
في تزوير محرر رسمي قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على
إخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأنه خلا من بيان واقعة الدعوى وشابه الغموض وعدم الإلمام
بوقائع الدعوى ، ولم يدلل على اشتراكه مع المتهم الآخر في ارتكاب جريمة التزوير ،
واستند إلى تحريات الشرطة رغم أنها ترديد لأقوال المجني عليه ، ولم تُمكن المحكمة
الطاعن من الاطلاع على الأحراز في الدعوى ، ودفع بانتفاء القصد الجنائي لديه بيد
أن الحكم لم يعرض لهذا الدفع إيراداً ورداً ، كما أن قانون المحاماة أجاز حضور
محام عن آخر دون توكيل ، هذا إلى أن الطاعن دفع بعدم صلته بالواقعة ونفى ارتكابه
الجريمة المسندة إليه ، وأخيراً فقد خلت الأوراق من تحقيق الواقعة بإجراء استكتاب
للمجني عليه ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر
القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من
شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ولا ينازع الطاعن في أن لها معين صحيح في
الأوراق . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المادة 310 من قانون الإجراءات
الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة
بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها
والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه ، وكان يبين مما سطره الحكم
أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الاشتراك في
تزوير محرر رسمي التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء
استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل أنها محصتها التمحيص الكافي
وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف
الحقيقة ، مما يكون معه منعى الطاعن بأن الحكم شابه القصور والغموض وعدم الإلمام
بوقائع الدعوى ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الاشتراك في جرائم
التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ، ومن ثم
يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون
اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي بينها الحكم – وهو ما لم يخطئ الحكم المطعون
فيه في تقديره - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي لا تقبل
إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الأصل في المحاكمات الجنائية هو
اقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه فله
أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين
ينص عليه ، وإذ كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً
خاصاً ، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل
ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ؛ إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل
بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته
على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما
قصده الحكم ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان
جماع ما أورده الحكم المطعون فيه من أدلة وشواهد سائغاً وكافياً للتدليل على ثبوت
جرائم الاشتراك في التزوير التي دان الطاعن بها ، فإن هذا حسبه ليبرأ من قالة
القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ، ويكون النعي عليه في هذا الخصوص في غير
محله . لما كان ذلك ، وكان للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات
الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من
أدلة ، ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، وكان لا ينال من صحة التحريات أن تكون ترديداً لما أبلغ به المجني
عليه لأن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق ذلك البلاغ ، فإن منعى
الطاعن في هذا الشأن يكون غير قويم . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم
المطعون فيه وفي الصحيفة الخامسة من محضر جلسة .... أن المحكمة قامت بفض الحرز
المحتوى على المستند المزور واطلعت عليه في حضور الطاعن والمدافع عنه ، ومن ثم فقد
كان المستند المزور معروضاً على بساط البحث والمناقشة في حضور الخصوم واطلعوا عليه
ثم ترافع الدفاع في الموضوع ثم صدر الحكم المطعون
فيه ، فإن ما يثيره دفاع الطاعن بدعوى عدم اطلاعه على المستند المزور لا يكون له
وجه . لما كان ذلك ، وكان القصد
الجنائي في جريمة التزوير – أو الاشتراك فيه – يتحقق متى تعمد الجاني تغيير
الحقيقة في المحرر مع انتواء استعماله في الغرض الذي غيرت الحقيقة من أجله ،
واستخلاص هذا القصد من الوسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل
فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها ، وليس بلازم أن يتحدث
الحكم عنه صراحة وعلى استقلال ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه وهو ما وفره
الحكم المطعون فيه . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن من إجازة حضور محام عن آخر دون
توكيل ورد عليه في قوله : ( .... إن المادة 56 من قانون المحاماة رقم 17
لسنة 1983 أوجبت في حضور المحامي الآخر أن ينيبه المحامي الأصيل أي بعلم الوكيل
الأصلي وكان الشاهد الثاني المحامي الأصيل قد شهد بتحقيقات النيابة بانتفاء معرفته
بالمتهم الثاني – الطاعن – ولم يطلب منه الحضور إنابة عنه بجلسة الإشكال وتأيد ذلك
من واقع التحريات وشهادة ضابط مباحث الأموال العامة ومن ثم يضحى الدفاع الذي يعول
عليه في شأن هذا الأمر غير قائم على سند صحيح من القانون أو الواقع وتلتفت عنه
المحكمة ) ، وهو رد سائغ وكاف في اطراح الدفع ؛ لما هو مقرر من أن مجرد تغيير
الحقيقة بطريق الغش بالوسائل التي نص عليها القانون في الأوراق الرسمية تتحقق به
جريمة التزوير بصرف النظر عن الباعث على ارتكابها متى كان المقصود به تغيير
الحقيقة وبدون أن يتحقق ضرر خاص يلحق شخصاً بعينه من وقوعها ؛ لأن هذا التغيير
ينتج عنه حتماً احتمال حصول ضرر بالمصلحة العامة إذ يترتب على العبث بالورقة
الرسمية النقص مما لها من القيمة في نظر الجمهور باعتبارها مما يجب بمقتضى القانون
تصديقه والأخذ بما فيه . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن بشأن الوكالة القانونية
من المحامي الأصيل لآخر دون توكيل في الصلح لا يعدو أن يكون دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان لا تلتزم المحكمة بالرد عليه
طالما أن ثبوت قيام الوكالـــة ليس من شأنه – بعد ما سلف بيانه – أن تنتفي
به جريمة التزوير في المحرر الرسمي المسندة إليه ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا
الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن بعدم
ارتكاب الجريمة مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل
رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، إذ بحسب
الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما
استخلصه من مقارفة المتهم للجريمة المسندة إليه ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية
من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه
اطرحها . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مراجعة محاضر جلسات المحاكمة أن
المدافع عن الطاعن ترافع في الدعوى طالباً البراءة ، ولم يبد للمحكمة أي طلبات
بشأن استكتاب المجني عليه ، فليس للطاعن من بعد أن ينعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها ولم تر هي من جانبها
لزوماً لإجرائه ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على
غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ