الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 11 مارس 2015

دستورية المغايرة في تقادم دعوى انقاص الثمن

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع عشر من فبراير سنة 2015م، الموافق الخامس والعشرين من ربيع الآخر سنة 1436 هـ.
برئاسة السيد المستشار / عدلي محمود منصور        رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : عبدالوهاب عبد الرازق ومحمد عبد العزيز الشناوي ومحمد خيري طه النجار والدكتور عادل عمر شريف ورجب عبد الحكيم سليم
وبولس فهمى إسكندر                    نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار / محمود محمد غنيم       رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع                أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
          فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 200 لسنة 32 قضائية " دستورية " .
المقامة من
السيد / إيهاب محمد محمد درويش
ضــــــــد
1ــــ السيد رئيس الجمهوريـــــــــــة
2ــــ السيد وزير العــــــــــــــــــــــــــــــدل
3ــــ السيد رئيس مجلس الـوزراء
4ــــ السيد محافظ أســـــــــــــــــــــــوان
5ــــ السيد رئيس الوحدة المحليـة
لمدينة ومركز أسوان
الإجراءات
بتاريخ التاسع من ديسمبر سنة 2010، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا،طالبًا الحكم بعدم دستورية المادة (434) من القانون المدنى، فيما تضمنته من سقوطحق المشترى فى طلب إنقاص الثمن بمقدار العجز فى المساحة إذا انقضت سنة من وقتتسليم المبيع تسليمًا فعليًّا .
وقدمت هيئة قضاياالدولة مذكرة، طلبت فى ختامها الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى،أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها .
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة،وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم المحكمة
بعد الاطلاع علىالأوراق، والمداولة .
          حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفةالدعوى وسائر الأوراق- تتحصل فى أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 43 لسنة 2009مدنى أمام محكمة أسوان الجزئية، طالبًا الحكم بإلزام المدعى عليهما الرابع والخامسبصفتيهما متضامنين بأن يؤديا له مبلغ خمسين ألف جنيه تعويضًا عن إخلالهمابمسئوليتهما العقدية المترتبة على شرائه المحل التجارى المبين بالأوراق، وإلزامهمابتعديل سعر الفائدة المستحقة على هذا المبيع فى حدود المساحة الفعلية بواقع 3% . وأوضحالمدعى أنه اشترى من المدعى عليهما الرابع والخامس بصفتيهما المحل المذكور، وتضمنتكراسة الشروط أن مساحته تبلغ 30,78 م2، إلا أنه فوجئ بعد استلام المحل أن مساحتهالفعلية تبلغ 17,86 م2، بما يفيد إخلال المدعى عليهما بصفتيهما بتعاقدهما المبرممعه مما يستحيل تنفيذه عينًا ويحق له أن يرجع عليهما بالتعويض استنادًا إلى قواعدالمسئولية العقدية . وبجلسة 20/6/2009، قضت المحكمة بعدم اختصاصها قيميًّا بنظرالدعوى، وأحالتها إلى محكمة أسوان الابتدائية فقيدت أمامها برقم 406 لسنة 2009،وبجلسة 26/10/2009، قضت المحكمة بندب خبير لتنفيذ ما جاء بمنطوق ذلك القضاء، وبعدأن أودع الخبير تقريره، قضت بجلسة 31/1/2010، بسقوط حق المدعى فى المطالبة بإنقاصالثمن استنادًا إلى ما قررته المادة (434) من القانون المدنى، من تقادم دعوى إنقاصالثمن بانقضاء سنة من تاريخ التسليم الفعلى للمبيع، وإذ كان المدعى قد تسلم العينفى 12/2/2000، وأقام دعواه فى 12/5/2009، فإن مطالبته بإنقاص ثمن المبيع تكون قدسقطت بالتقادم الحولــى . وإذ لم يرتض المدعى هذا الحكم فقد طعن عليه بالاستئنافرقم 268 لسنة 29 ق مدنى. استئناف قنا . كما طعن عليه المدعى عليهما الرابع والخامسبالاستئناف رقم 358 لسنة 29 ق مدنى أمام المحكمة ذاتها. وبعد أن ضمت تلك المحكمةالاستئنافين المشار إليهما، دفع الحاضر عن المدعى بجلسة 1/11/2010، بعدم دستوريةالمادة (434) من القانون المدنى فيما تضمنته من سقوط حق المشترى فى طلب إنقاصالثمن بمقدار العجز فى المساحة إذا انقضت سنة من وقت تسليم المبيع تسليمًافعليًّا، وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع وصرحت له برفع الدعوى الدستورية، فقد أقامدعواه الماثلة .
          وحيث إن المادة (434) من القانون المدنىتنص على أنه :- " إذا وجد فى المبيع عجز أو زيادة، فإن حق المشترى فى طلبإنقاص الثمن أو فى طلب فسخ العقد وحق البائع فى طلب تكملة الثمن يسقط كل منهمابالتقادم إذا انقضت سنة من وقت تسليم المبيع تسليمًا فعليًّا " .
          وحيث إن من المقرر – وعلى ما جرى بهقضاء هذه المحكمة – أن مناط المصلحة الشخصية المباشرة فى الدعوى الدستورية – وهوشرط لقبولها – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية، وذلكبأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازمًا للفصل فى الطلبات المرتبطة بهاالمطروحة على محكمة الموضوع . متى كان ذلك، وكان المدعى يبتغى بدعواه الموضوعيةإنقاص ثمن المحل الذى اشتراه بما يوازى مساحته الفعلية، إلا أن دعواه ووجهت بقضاءمحكمة أول درجة بسقوط حقه فى المطالبة بإنقاص الثمن بالتقادم الحولى لمرور أكثر منسنة على تسلمه العين المبيعة إعمالاً لحكم المادة (434) من القانون المدنى، فإنمصلحته الشخصية المباشرة تتحقق بالفصل فى دستورية ما تضمنته المادة (434) منالقانون المدنى من أنه إذا وجد فى المبيع عجز فإن حق المشترى فى طلب إنقاص الثمنيسقط بالتقادم إذا انقضت سنة من وقت تسليم المبيع تسليمًا فعليًّا . وبهذا النصوحده يتحدد نطاق الدعوى الماثلة .
          وحيث إن من المقرر – فى قضاء هذهالمحكمة – أن الرقابة الدستورية على القوانين من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعيةالتى تضمنها الدستور، تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره، إذ أن هذه الرقابةتستهدف أصلاً صون الدستور القائم وحمايته من الخروج على أحكامه، باعتبار أن نصوصهذا الدستور تمثل القواعد والأصول التى يقوم عليها نظام الحكم ولها مقام الصدارةبين قواعد النظام العام التى يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها منالتشريعات باعتبارها أسمى القواعد الآمرة، وترتيبًا على ما تقدم، فإن هذه المحكمةتباشر رقابتها على النص المطعون عليه من خلال الدستور المعَدَّل الصادر فى سنة 2014.
          وحيث إن المدعى ينعى على النص المطعونفيه – محددًا نطاقًا على النحو المتقدم – إخلاله بمبدأ المساواة المقرر فى المادة (40)من دستور سنة 1971، التى تقابل المادة (53) من دستور سنة 2014، إذ جعل أجل سقوط حقالمشترى فى طلب إنقاص الثمن ينقضى بالتقادم الحولى من وقت استلامه المبيع فعليًّا،فى حين أن المادة (140) من القانون المدنى تعطى للمتعاقد الذى يقع فى غلط جوهرىالحق فى طلب إبطال العقد خلال مدة تقادم تبلغ ثلاث سنوات، الأمر الذى يفصح عنالمغايرة فى مسلك المشرع، فقد تبنى التقادم الحولى فى شأن المطالبة بإنقاص الثمن،ولكنه أخذ بالتقادم الثلاثى فى حال إبطال العقد للغلط الجوهرى، بالرغم من تماثلالمراكز القانونية ففى كلا الحالين، فإن المشترى هو الذى يقيم الدعوى، وكلاهمادائن للبائع، مما يستوجب توحيد القاعدة القانونية التى تسرى على التقادم المسقطلهما، وإذ مايز المشرع فى الحكم بينهما فإنه يكون قد أخل بمبدأ المساواة المقرر فىالمادة (40) من دستور عام 1971.
          وحيث إن هذا النعى غير سديد، ذلك أن منالمقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن مبدأ مساواة المواطنين أمامالقانون لا يعنى أن تعامل فئاتهم، على تباين مراكزهم القانونية، معاملة قانونيةمتكافئة، ولا معارضة صور التمييز على اختلافها، ذلك أن من بينها ما يستند إلىعلاقة منطقية بين النصوص القانونية التى تبناها المشرع لتنظيم موضوع معين،والنتائج التى رتبها عليها ليكون التمييز بالتالى موافقًا لأحكام الدستور، وكلماكان القانون مغايرًا بين أوضاع أو مراكز أو أشخاص لا تتحد واقعًا فيما بينها، وكانتقديره فى ذلك قائمًا على أسس موضوعية، مستهدفًا غايات لا نزاع فى مشروعيتها،وكافلاً وحدة القاعدة القانونية فى شأن أشخاص تتماثل ظروفهم بما لا يجاوز متطلباتهذه الغايات، كان واقعًا فى إطار السلطة التقديرية التى يملكها المشرع فى مجالتنظيم الحقوق ولو تضمن تمييزًا، ولا ينال من مشروعيته الدستورية أن تكون المساواةالتى توخاها وسعى إليها بعيدة حسابيًّا عن الكمال . لما كان ذلك، وكان المشرع قررسقوط دعوى إنقاص ثمن المبيع إذا وجد فيه المشترى عجزًا بالتقادم الحولى من وقتتسليم المبيع تسليمًا فعليًّا، مراعيًا فى ذلك وجوب استقرار التعامل، حتى لا يبقىالبائع مهددًا مدة طويلة برجوع المشترى عليه بإنقاص الثمن أو فسخ البيع، وبالتالىفإن هذه الدعوى تتعلق بآثار عقد البيع وحده دون غيره من العقود، ولا تنال من صحةانعقاد العقد أو اكتمال أركانه . فى حين أن المادة (140) من القانون المدنى تقررسقوط الحق فى طلب إبطال العقد بصفة عامة، إذا لم يتمسك به صاحبه خلال ثلاث سنواتفى حالات محددة هى نقص الأهلية والغلط والتدليس والإكراه، على أن يبدأ سريان هذهالمدة فى حالة نقص الأهلية من اليوم الذى يزول فيه هذا السبب وفى حالة الغلط أوالتدليس من اليوم الذى ينكشف فيه، وفى حالة الإكراه، من يوم انقطاعه، وهو ما يبينمنه أن أصل العقد قد اعتوره عيب من العيوب المذكورة، لذا كان من المناسب أن يتركالمشرع للمتعاقد الذى شابت إرادته أحد تلك العيوب، فترة زمنية مقبولة، يتمكنخلالها من تقدير التعاقد، بعد أن أدرك حقيقة العقد الذى أبرمه، هذا بالإضافة إلىأن دعوى إنقاص الثمن لا تنهى العلاقة العقدية، وإنما تعيد للعقد توازنه المالىالذى سعى إليه المتعاقدان ابتداءً . فى حين أن دعوى إبطال العقد المقررة بالمادة (140)سالفة الذكر تؤدى إلى إنهاء التعاقد كلية بعد أن شابه أحد العيوب المحددة بالمادةالمذكورة .
          ومما تقدم جميعه يتبين أن ثمة اختلافًافى المركز القانونى للمشترى فى دعوى إنقاص الثمن والمركز القانونى للمتعاقد الذىشابت إرادته عيب من العيوب، فالأول يعد مركزًا قانونيًّا يتعلق بتنفيذ العقد، أماالثانى فهو مركز قانونى يتصل بأصل صحة العقد ذاته، وإذ اختلف المركزان، وبررالمشرع التقادم الحولى باستقرار المعاملات وهو تقادم كثيرًا ما لجأ إليه فى أحوالعدة، مرتأيًا فى مدة السنة مدة كافية لبقاء العلاقة العقدية غير مستقرة، يكون فيهاالبائع مهددًا بالرجوع عليه فى ماله، مقدرًا أن الصالح العام يقتضى إنهاء هذاالوضع فى مدة لا تزيد على سنة حتى تستقر الأوضاع . وهو ما يؤدى إلى استقرارالعلاقات القانونية داخل المجتمع وكان تقديره هذا قائمًا على أسس موضوعية مستهدفًاغايات مشروعة واقعًا فى إطار سلطته التقديرية فإن قالة إخلال النص الطعين بمبدأالمساواة تضحى لا سند لها .
          وحيث إن النص الطعين لم يخالف حكمًا آخرمن أحكام الدستور .
فلهــــذه الأسبــــاب
          حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق