الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 28 فبراير 2019

دستورية جزاء العزل من الوظيفة لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات


الدعوى رقم 166 لسنة 37 قضائية "دستورية" جلسة 2 / 2 / 2019
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثانى من فبراير سنة 2019م، الموافق السابع والعشرين من جمادى الأولى سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: سعيد مرعى عمـرو ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور حمدان حسن فهمى وحاتم حمد بجاتو والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا  نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع    أمين السر


أصدرت الحكم الآتى
  في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 166 لسنة 37 قضائية "دستورية" بعد أن أحالت المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الرابعة موضوع" بموجب حكمها الصادر بجلسة 11/4/2015، ملف الطعنين رقمى 20806 لسنة 60 قضائية "عليا" و23187 لسنة 60 قضائية "عليا".
المقام أولهما من
1- الدكتور/ ......
2- الدكتور/ .......
المقام ثانيهما من
الدكتور/ .......
ضـــد
رئيس جامعة عين شمس

الإجراءات

      بتاريخ الثامن عشر من نوفمبر سنة 2015، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ملف الطعنين رقمى 20806 لسنة 60 قضائية "عليا" و23187 لسنة 60 قضائية "عليا"، بعد أن قضت المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الرابعة - موضوع" بوقف الطعنين، وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (110) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات، فيما تضمنه من جزاء العزل لكل فعل فيه مخالفة لنص المادة (103) من القانون ذاته.
      وقدَّمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
  وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
 ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم، مع التصريح بمذكرات خلال أسبوع، ولم يقدم أى من الخصوم مذكرات في الأجل المشار إليه.


المحكمــة
      بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - في أن رئيس قسم اللغة العبرية بكلية الآداب جامعة عين شمس تقدم بمذكرتين، أولاهما: ضد الدكتور/ .......، والدكتور/ .......، وثانيتهما: ضد الدكتور/ .......، ضمنهما شكوى بعض طلاب القسم من قيام المشكو في حقهم بإعطاء دروس خصوصية وتسريب الامتحانات، وعلى إثر التحقيق مع المذكورين، أصدر رئيس جامعة عين شمس القرار رقم 224 لسنة 2013، بإحالتهم إلى مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بالجامعة؛ لما نُسب إليهم من قيامهم بإعطاء دروس خصوصية، بالمخالفة لنص المادة (103) من القرار بقانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات، فضلاً عن خروج الأخير على مقتضيات وظيفته وكرامتها، وعدم الاحترام الواجب لها، لصدور عبارات منه لبعض الطالبات، تنطوي على ما يخدش الحياء، وقيدت الدعوى أمام مجلس التأديب برقم 57 لسنة 2013. وبجلسة الأول من يناير سنة 2014 قرر مجلس التأديب مجازاة الأساتذة المحالين بالعزل من الوظيفـة مع الاحتفاظ بالمعاش أو المكافأة لكل منهم، لما ثبت لديه من خروج المحالين على مقتضى الواجب الوظيفي، ومخالفة القانون، والتقاليد الجامعية، بإعطائهم دروسًا خصوصية للطلاب بالمخالفة لنص المادة (103) من القرار بقانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات.
وإذ لم يلق هذا القرار قبولاً لدى الطاعنين في الطعن الأول ، طعنا عليه أمام المحكمة الإدارية العليا، وقيد طعنهما برقم 20806 لسنة 60 قضائية "عليا"، ابتغاء القضاء لهما بقبول الطعن شكلاً، وبصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وفي الموضوع: بإلغاء القرار الصادر عن مجلس التأديب بعزلهما من الوظيفة وبراءتهما مما نسب إليهما، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها عودتهما إلى عملهما. كما لم يلق قرار مجلس التأديب قبولاً لدى الطاعن في الطعن الثانى، طعن عليه أمام المحكمة ذاتها، وقيد طعنه برقم 23187 لسنة 60 قضائية "عليا"، طلبًا للحكم بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وفى موضوع الطعن: بقبوله شكلاً، وبإلغاء القرار المطعون فيه وبراءة الطاعن، مع ما يترتب على ذلك من آثار. وقد تدوول الطعنان أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا على النحو المبين بالمحاضر، وبجلسة 14 من مايو سنة 2014 قررت المحكمة ضم الطعنين؛ ليصدر فيهما حكم واحد، وبجلسة 29 من سبتمبر سنة 2014 قررت المحكمة إحالة الطعنين للدائرة الرابعة عليا "موضوع"، وبجلسة 11 من أبريل سنة 2015؛ قررت المحكمة وقف نظر الطعنين، والإحالة إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (110) من القرار بقانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات فيما تضمنه من جزاء العزل لكل فعل فيه مخالفة لنص المادة (103) من القانون ذاته؛ تأسيسًا على أن النص المحال، وإذ قصر مجازاة من يعطى من أعضاء هيئة التدريس بالجامعات دروسًا خصوصية بالمخالفة لمقتضى المادة (103) من القرار بقانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات على عقوبة العزل من الوظيفة كجزاء وحيد، يكون قد سلب القاضي سلطة اختيار الجزاء المناسب لكل جريمة على حدة، خروجًا على مبدأ تفريد العقوبة، التى تُعدُّ أحد خصائص الوظيفة القضائية، مما ينطوي عليه من إهدار لحقوق أصيلة كفلها الدستور، وافتئات من السلطة التشريعية على السلطة القضائية، وتدخل في شئون العدالة.



وحيث إن المادة (103) من القرار بقانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات تنص على أن: "لا يجوز لأعضاء هيئة التدريس إعطاء دروس خصوصية بمقابل أو بغير مقابل".

كما تنص المادة رقم (110) من القرار بقانون ذاته، قبل استبدالها بالقرار بقانون رقم 3 لسنة 2015، على أن: "الجزاءات التأديبية التى يجوز توقيعها على أعضاء هيئة التدريس هي:

(1) التنبيه.
(2) اللوم.
(3) اللوم مع تأخير العلاوة المستحقة لفترة واحدة أو تأخير التعيين في الوظيفة الأعلى أو ما في حكمها لمدة سنتين على الأكثر.
(4) العزل من الوظيفة مع الاحتفاظ بالمعاش أو بالمكافأة.
(5) العزل مع الحرمان من المعاش أو المكافأة وذلك في حدود الربع.
      وكل فعل يزرى بشرف عضو هيئة التدريس أو من شأنه أن يمس نزاهته أو فيه مخالفة لنص المادة (103) يكون جزاؤه العزل.
ولا يجوز في جميع الأحوال عزل عضو هيئة التدريس إلا بحكم من مجلس التأديب".

وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المصلحة الشخصية المباشرة - وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية مؤثرًا في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكان البيّن من الأوراق أن الطاعنين طعنوا أمام المحكمة الإدارية العليا ابتغاء القضاء بوقف تنفيذ، وإلغاء، قرار مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بجامعة عين شمس الصادر بمجازاتهم بالعزل من الوظيفة، مع الاحتفاظ بالمعاش أو المكافأة، لمخالفتهم نص المادة (103) من القرار بقانون رقم 49 لسنة 1972 المشار إليه، إعمالاً لنص الفقرة قبل الأخيرة من المادة (110) من القرار بقانون ذاته قبل استبدالها، ومن ثم تتوافر المصلحة الشخصية المباشرة فيما نصت عليه المادة رقم (110) سالفة البيان، قبل استبدالها بالقرار بقانون رقم 3 لسنة 2015، من تقرير جزاء العزل لمن يخالف حكم المادة (103) من القرار بقانون السالف الإشارة، بإعطاء دروس خصوصية بمقابل أو بغير مقابل، بحسبان القضاء في مدى دستورية هذا النص سيكون ذا أثر مباشر، وانعكاس أكيد على الدعوى الموضوعية، والطلبات المطروحة بها، وقضاء محكمة الموضوع فيها.




وحيث إن قرار الإحالة ينعى على النص المحال مخالفته المواد (94، 96، 101، 121/1، 2، وصدر المادة 123، 184، 186) من الدستور، تأسيسًا على أن قصر مجازاة أعضاء هيئة التدريس بالجامعات، عند مخالفتهم نص المادة (103) من القرار بقانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات، على جزاء العزل دون سواه، يمحى سلطة مجالس التأديب في اختيار الجزاء الملائم لتلك المخالفة، ويناقض مبدأ تفريد العقوبة، ويسلب القاضي سلطة اختيار الجزاء المناسب لكل جريمة على حدة، مما يفضى إلى قسوة العقوبة، وتجاوزها لحدود المعقولية والاعتدال، ومنافاتها لقيم الحق والعدل، فضلاً عن المساس بجوهر الوظيفة القضائية، ويعد تدخلًا محظورًا في شؤون العدالة، ويخل بضوابط المحاكمة المنصفة.
وحيث إنه في خصوص النعي على القرار بقانون المشار إليه مخالفته نص المادة (121/1، 2)، وصدر المادة (123) من الدستور الصادر سنة 2014، - وتقابلهما المادتان (107، 112) من الدستور الصادر سنة 1971 - والتي تتعلق أولاهما بصحة انعقاد مجلس النواب والأغلبية المشترطة لإقرار القوانين والموافقة عليها، وتتصل ثانيهما بحق رئيس الجمهورية في إصدار القوانين، فإن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأوضاع الشكلية للنصوص التشريعية المتصلة باقتراحها أو إقرارها أو إصدارها إنما تتحدد على ضوء ما قررته في شأنها أحكام الدستور المعمول به حين صدورها. كما جرى قضاء هذه المحكمة على أن الفصل في ما يدعى به أمامها من تعارض بين نص تشريعى وقاعدة موضوعية في الدستور سواء بتقرير المخالفة المدعى بها أو بنفيها، إنما يعد قضاء في موضوعها منطويًا لزومًا على استيفاء النص المطعون عليه للأوضاع الشكلية التى تطلبها الدستور، ومانعًا من العودة إلى بحثها، ذلك أن العيوب الشكلية وبالنظر إلى طبيعتها لا يتصور أن يكون بحثها تاليًا للخوض في المطاعن الموضوعية، ولكنها تتقدمها. متى كان ذلك، وكان النص المحال في حدود نطاقه المتقدم قد صدر في ظل العمل بدستور سنة 1971، ومن ثم فإن الأوضاع الإجرائية الخاصة به يحكمها هذا الدستور، وإذ سبق لهذه المحكمة أن عرضت لدستورية بعض مواد القرار بقانون رقم 49 لسنة 1972 المشار إليه، منها حكمها الصادر بجلسة 2/12/1995، في الدعوى رقم 33 لسنة 15 قضائية "دستورية" القاضي، بعدم دستورية نص المادة (98) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات، ونُشر الحكم بالجريدة الرسمية بالعدد رقم 51 بتاريخ 21/12/1995، وحكمها الصادر بجلسة 11/5/2003، في الدعوى رقم 77 لسنة 23 قضائية "دستورية" القاضي، بعدم دستورية نص المادة (91) من القرار بقانون المشار إليه، فيما تضمنه من قيد زمنى على منح عضو هيئة التدريس بالجامعات إجازة خاصة لمرافقة الزوج المرخص له بالعمل في الخارج، ونُشر بالجريدة الرسمية بالعدد رقم 22 (تابع) بتاريخ 29/5/2003، وحكمها الصادر بجلسة 25/7/2015، في الدعوى رقم 87 لسنة 33 قضائية "دستورية" القاضي، برفض الدعوى، المقامة طعنًا على نص المادة (117) من القرار بقانون سالف الذكر، فيما لم يتضمنه نص الفقرة الأولى منه من ضرورة إنذار عضو هيئة التدريس الذى ينقطع عن عمله أكثر من شهر قبل إصدار قرار إنهاء خدمته، ونُشر الحكم في الجريدة الرسمية بالعدد رقم 31 مكرر (ج) بتاريخ 2/8/2015، بما مؤداه تحققها من استيفاء القرار بقانون المذكور للأوضاع الشكلية التي تطلبها الدستور بالنسبة له، بما لا يجوز معه العودة إلى بحثها أو إعادة طرحها عليها من جديد.
وحيث إن من المقرر أن الجزاء التأديبي والعقوبة الجنائية وإن تشابها في بعض الأوجه، إلا أنهما يتغايران ويستقلان في العديد من الأوجه الأخرى، وليس أدل على هذه المغايرة وذلك الاستقلال، من أن العقوبة الجنائية إنما تكون في الأصل عن جريمة يعين القانون أركانها في صلبه ولا يتخلى كلية عن تحديدها إلى أداة أدنى، وذلك خلافًا للذنب التأديبي، إذ قد يعهد المشرع أمر تحديده إلى سلطة لائحية، وغالبًا ما يتقرر أكثر من جزاء للخطأ الواحد كى تقدر السلطة المختصة بتوقيع ما يكون مناسبًا من بينها، لكل حالة على حده. كما أنه لا يتصور في كثير من الأحيان، ربط الإثم التأديبى بأفعال محددة بذواتها، ذلك أن مناطه، بوجه عام، الإخلال بواجبات الوظيفة أو الخروج على مقتضياتها، ليكون هذا الإخلال سلوكًا معيبًا، وذنبًا إداريًّا ينعكس أثره على كرامة الوظيفة أو استقامتها أو يمس اعتبار شاغلها، ولا كذلك الجرائم الجنائية، إذ يجب أن تكون صياغة النصوص العقابية واضحة محددة لا خفاء فيها أو غموض، فلا تكون هذه النصوص شباكًا أو شراكًا يلقيها المشرع متصيدًا باتساعها أو بخفائها من يقعون تحتها أو يخطئون مواقعها، وهى ضمانات غايتها أن يكون المخاطبون بالنصوص العقابية على بينة من حقيقتها، فلا يكون سلوكهم مجافيًا لها، بل اتساقًا معها ونزولاً عليها. فضلاً عن وجوب أن يقتصر العقاب الجنائي على أوجه السلوك التي تضر بمصلحة اجتماعية ذات شأن لا يجوز التسامح مع من يعتدى عليها، حين أن الجزاء التأديبي قد يفرض على أوجه من السلوك تمس مصالح اجتماعية أدنى شأنًا وأقل أهمية.

وحيث إن الأصل في النصوص الدستورية أنها تؤخذ باعتبارها متكاملة، وأن المعاني التى تتولد عنها يتعين أن تكون مترابطـة فيما بينها بما يرد عنها التنافر أو التعارض. هذا بالإضافة إلى أن هذه النصوص إنما تعمل في إطار وحدة عضوية تجعل من أحكامها نسيجًا متآلفًا متماسكًا بما مؤداه: أن يكون لكل نص منها مضمون محدد يستقل به عن غيره من النصوص استقلالاً لا يعزلها عن بعضها البعض، وإنما يقيم منها في مجموعها ذلك البنيان الذى يعكس ما ارتأته الإرادة الشعبية أقوم لدعم مصالحها في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولا يجوز بالتالي أن تفسر النصوص الدستورية بما يبتعد بها عن الغاية النهائية المقصودة منها، ولا أن ينظر إليها بوصفهـا هائمة في الفراغ، أو باعتبارها قيمًا مثالية منفصلة عن محيطها الاجتماعي، وإنما يتعين دومًا أن تحمل مقاصدها بمراعاة أن الدستور وثيقة تقدمية لا ترتد مفاهيمها إلى حقبة ماضية وإنما تمثل القواعد التى يقوم عليها والتى صاغتها الإرادة الشعبية، انطلاقة إلى تغيير لا يصد عن التطور آفاقه الرحبة.



وحيث إن الدستور إذ نص في المادة (94) منه على خضوع الدولة للقانون، وإن استقلال القضاء وحصانته وحيدته ضمانات أساسية لحماية الحقوق والحريات، فقد دل بذلك على أن الدولة القانونية هى التى تتقيد في كافة مظاهر نشاطها، وأيًّا كانت طبيعة سلطاتها، بقواعد قانونية تعلو عليها وتكون بذاتها ضابطًا لأعمالها وتصرفاتها في أشكالها المختلفة، ذلك أن ممارسة السلطة لم تعد امتيازًا شخصيًّا لأحد، ولكنها تباشر نيابة عن الجماعة ولصالحها.
وحيث إن الدستور إذ نص في المادة (5) منه على مبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها، وناط في المادة (101) سلطة التشريع بمجلس النواب، حين نصت المادة (184) على استقلال السلطة القضائية، وأن أحكامها تصدر وفقًا للقانون، فقد دل على أن استقلال السلطات جميعها، ومن بينها السلطة القضائية ليس استقلالاً مطلقًا من ربقة كل قيد، بل هو استقلال ينضبط بالتخوم التي يحددها الدستور، فالسلطة القضائية تمارس سلطتها على هدى من التشريعات التى تصدرها السلطة التشريعية، فلا يجوز للقاضي عند مباشرته ولايته القضائية الخروج على مقتضى تلك التشريعات، وفى الآن ذاته فإن سلطة المشرع في تنظيمه لحق التقاضي، وغيرها من الحقوق، ليست مطلقة من كل قيد هى الأخرى، فعلى الرغم من أن هذه السلطة سلطة تقديرية، جوهرها المفاضلة التي يجريها بين البدائل المختلفة التى تتصل بالموضوع محل التنظيم لاختيار أنسبها لفحواه، وأحراها بتحقيق الأغراض التى يتوخاها، وأكفلها للوفاء بأكثر المصالح وزنًا، إلا أن المشرع مقيد في مباشرته لهذه السلطة بالضوابط التى يفرضها الدستور والتى تعد تخومًا لها ينبغى التزامها، وفى إطار قيامه بهذا التنظيم لا يتقيد المشرع باتباع أشكال جامدة لا يريم عنها، تفرغ قوالبها في صورة صمّاء لا تبديل فيها، بل يجوز له أن يغاير فيما بينها، وأن يقدر لكل حال ما يناسبها.
وحيث إن المقرر أن دستورية النصوص القانونية التي يسنها المشرع في المجال التأديبي يتحدد بمدى توازن الجزاء التأديبي المقرر مع الإثم الذى يقارفه العاملون بالجهــة الإدارية، فينبغي أن يكون هذا الجزاء مبررًا بما يعد حقًّا وعدلاً، فلا يكون بشططه حائلاً دون أداء العاملين لواجباتهم، ولا بلينه أو هونه مؤديًّا إلى استهانتهم بها، بل يكون مجردًا من الميل، دائرًا حول الملاءمة الظاهرة بينه، نوعًا ومقدارًا، وبين خطورة الفعل المعتبر ذنبًا إداريًّا، وإلا كان تقدير المشرع انحرافًا بالسلطة التأديبية عن أهدافها، وبهذه المثابة فإنه ولئن كان الأصل أن يتقرر أكثر من جزاء تأديبي للإثم الواحد كى تقدر السلطة التأديبية المختصة بتوقيعه ما يكون مناسبًا، من بينها، إلا أنه لا ضير من أن يختص المشرع إثمًا بعينه بجزاء بعينه، مادام قد استهدف في ذلك المصلحة العامة وحدها، وكان الجزاء متناسبًا مع خطورة الإثم المرتكب، ودون أن يشوب تقديره غلو أو تفريط.
وحيث إن الدستور قد حرص في المادتين (19 و21) على التأكيد على حق كل مواطن في التعليم، وبين أهدافه، ومن بينها بناء الشخصية المصرية وتأصيل المنهج العلمي في التفكير، وتنمية المواهب، وترسيخ القيم، وإرساء مفاهيم المواطنة وعدم التمييز، كما حرص على التأكيد على كفالة الدولة توفير التعليم الجامعي المجاني وفقًا لمعايير الجودة العالمية، كما عنت المادتين (4، 9) من الدستور بتوكيد التزام الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين دون تمييز، باعتباره أساسًا لبناء المجتمع، وصيانة وحدته الوطنية، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن التعليم كان ولا يزال من أكثر المهام خطرًا، وأعمقها اتصالاً بإعداد أجيال يتدفق عطاؤها، وتكون قادرة، علمًا وعملاً، على أن تصوغ لتقدمها أشكالاً جديدة ترقى بمجتمعها، فلا يكون راكدًا أو آفلاً، وكان الأصل أن تتكامل العملية التعليمية، وأن تتعدد روافدها لتكون نهرًا متصلاً، فلا تنعزل بعض حلقاتها عن بعض، بل تتعاون عناصرها لتقيم بنيانها الحق بصرًا بآفاق العلوم واقتحامًا لدروبها، ونفاذًا إلى حقائق العصر ومتطلباتها، ارتباطًا بالتنمية بمناهجها ووسائلها، وتحريًا لعوامل القوة ومظاهر انحلالها، وقوفًا على موازين الصراع وعوامل الوفاق، وإدراكًا لقيم الحق والخير والجمال، وتدبرًا لنواحي التقدم ومناحي القصور، والتزامًا بضوابط الأمم المتحضرة في صونها لحقوق مواطنيها وحرياتهم، وإطلالاً على ألوان الإبداع وأشكال الفنون تزودًا بها، وانحيازًا للقيم الجوهرية التي تكفل للوطن وللمواطن آفاقًا جديدة لا ينحصر محيطها، بل تمتد دائرتها إلى غير حد، إيمانًا بغد أفضل واقعًا ومصيرًا، فإن تنكب بعض أعضاء هيئة التدريس في الجامعات جادة الصواب، وقد وسدوا أمانة تنشئة شباب الوطن، وغرس قيم الحق والعدل في وجدانه، وترقية تفكيره، وتوسعة مداركه، وتجهيزه لحمل أمانة النهوض بالبلاد، والعمل على رقيها وتقدمها، في إطار من احترام قيم المواطنة والمساواة، واستباحوا هدم ما حرص الدستور على تشييده وكفالته، وسعوا إلى إعطاء الدروس الخصوصية، ضاربين عرض الحائط بتكافؤ الفرص، ليضحى، بمسلكهم المعوج هذا، معيار التعلم والنجاح القدرة المالية لا الكفاءة ولا الموهبة ولا الكد والاجتهاد، فإذا ما قدر المشرع لإثمهم، بمقتضى النص المحال، جزاء العزل من الوظيفة، فإنه لا يكون مجاوزًا نطاق سلطته التقديرية في مجال تنظيم الحقوق والحريات التي كفلها الدستور، وغايتها دومًا تحقيق المصلحة العامة وحماية المجتمع، وكفالة الالتزام بضوابط الدستور دون غلو ولا تفريط، الأمر الذى يكون معه النعي بمخالفة هذا النص    للمواد (94، 96، 101، 184، 186) من الدستور على غير سند صحيح، قمينًا بالرفض.
      وحيث إن النص المطعون فيه لا يخالف أيًّا من نصوص الدستور الأخرى.

فلهذه الأسباب
      حكمت المحكمة برفض الدعوى.

الأربعاء، 27 فبراير 2019

القضية رقم 9 لسنة 28 ق " دستورية " جلسة 4 / 11 / 2007


باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
   بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 4 من نوفمبر سنة 2007 م ، الموافق 23 من شوال سنة 1428 هـ .
برئاسة السيد المستشار/ ماهر البحيرى      نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : محمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلى عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصى وإلهام نجيب نوار         
وحضور السيد المستشار/ رجب عبد الحكيم سليم    رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن     أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 9 لسنة 28 قضائية " دستورية " .
المقامة من
السيد / عمرو أمين حسن تاج الدين أبو الدهب
ضد
1  السيد رئيس مجلس الوزارء
2  السيد وزير المالية
" الإجراءات "
بتاريخ الثامن عشر من يناير سنة 2006، أقام المدعى هذه الدعوى بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة ، طالباً الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (43) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996 .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرتين طلبت في ختامهما الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث أن الوقائع - حسبما يتبين من صحيفة الدعوى ، وسائر الأوراق - تتحصل في أن النيابة العامة كانت قد قدمت المدعى إلى المحاكمة الجنائية أمام محكمة الجنح في القضية رقم 52 لسنة 2005 جنح - تهرب ضريبى - لأنه في غضون الفترة من شهر يناير سنة 1994 حتى شهر ديسمبر سنة 2000 - بدائرة قسم الدقى - محافظة الجيزة - بصفته مسجلاً وخاضعاً لأحكام الضريبة العامة على المبيعات تهرب من أداء الضريبة المستحقة ، عن نشاطه في بيع وتجارة مستلزمات الحاسب الآلى - خلال الفترة المشار إليها - وذلك بأن باع السلعة دون الإقرار عنها أو سداد الضريبة المستحقة عليها، وطلبت عقابه بالمواد( 1/2، 1/3، 5 ، 1/43، و 2 ، 2/44 ) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996، وأثناء نظر الدعوى بجلسة 8/11/2005، دفع المدعى بعدم دستورية المادة (43) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع، وصرحت له برفع الدعوى الدستورية فقد أقام الدعوى الماثلة .
وحيث أن الفقرة الأولى من المادة (43) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996 تنص على أنه " مع عدم الإخلال بأى عقوبة أشد يقضى بها قانون آخر، يعاقب على التهرب من الضريبة بالحبس مدة لا تقل عن شهر وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، ويحكم على الفاعلين متضامنين بالضريبة والضريبة الإضافية وتعويض لا يجاوز مثل الضريبة " .
وحيث أن نطاق الدعوى وفقاً لطلبات المدعى وما دفع به أمام محكمة الموضوع وصرحت به يكون مقصوراً على العقوبات الواردة بالنص المطعون عليه ومداها دون أن يتعداه إلى غيره من أحكام خاصة بتجريم الفعل المعاقب عليه إذ بهذا النطاق وحده تتحقق المصلحة الشخصية المباشرة للمدعى في الدعوى الراهنة .
وحيث أن الطاعن ينعى على النص المطعون عليه مخالفته لنص المادة (38) من الدستور لأسباب حاصلها أن العقوبات المتعددة التى وردت به قد جاءت مفرطة ومبالغاً فيها، ومناهضة لروح العدالة التى يقوم عليها النظام الضريبى ، كما يؤدى إلى الانتقاص من العناصر الإيجابية للذمة المالية للممول مما قد يترتب عليه مصادرة وعاء الضريبة بالكامل بالمخالفة لنص المادة (34) من الدستور .
وحيث أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن السلطة التشريعية هى التى تقبض بيدها على زمام الضريبة العامة ، إذ تتولى بنفسها تنظيم أوضاعها بقانون يصدر عنها متضمناً تحديد وعائها وأسس تقديره، وبيان مبلغها، والملتزمين بأدائها، وقواعد ربطها وتحصيلها وتوريدها، وكيفية أدائها، وضوابط تقادمها، وما يجوز أن يتناولها من الطعون اعتراضاً عليها، ونظم خصم بعض المبالغ أو إضافتها لحسابها، وغير ذلك مما يتصل ببنيان هذه الضريبة عدا الإعفاء منها إذ يجوز أن يتقرر في الأحوال التى يبينها القانون . وإلى هذه العناصر جميعها يمتد النظام الضريبى في جمهورية مصر العربية ، ليحيط بها في إطار من قواعد القانون العام، متخذاً من العدالة الاجتماعية - وعلى ما تنص عليه المادة (38) من الدستور - مضموناً وإطاراً، وهو ما يعنى بالضرورة أن حق الدولة في اقتضاء الضريبة لتنمية مواردها، ولإجراء ما يتصل بها من آثار عرضية ، ينبغى أن يقابل بحق الملتزمين بها وفق أسس موضوعية ، يكون إنصافها نافياً لتحقيقها، وحيدتها ضماناً لاعتدالها، بما مؤداه: أن قانون الضريبة العامة ، وإن توخى حماية المصلحة الضريبية للدولة باعتبار أن الحصول على إيرادها هدف مقصود منه ابتداء، إلا أن مصلحتها هذه ينبغى موازنتها بالعدالة الاجتماعية بوصفها مفهوماً وإطاراً مقيداً لنصوص هذا القانون فلا يكون دين الضريبة - بالنسبة إلى من يلزمون بها - متمخضاً عقاباً بما يخرجها عن بواعثها الأصلية والعرضية ، ويفقدها مقوماتها . ولا يجوز أن تعمد الدولة كذلك - استيفاء لمصلحتها في اقتضاء دين الضريبة - إلى تقرير جزاء على الإخلال بها، يكون مجاوزاً - بمداه أو تعدده - الحدود المنطقية التى يقتضيها صون مصلحتها الضريبية وإلا كان هذا الجزاء غلواً وإفراطاً، منافياً بصورة ظاهرة لضوابط الاعتدال، واقعاً عملاً - وبالضرورة - وراء نطاق العدالة الاجتماعية ، ليختل مضمونها بما ينافى القيود التى فرضها الدستور في مجال النظام الضريبى .
وحيث أن الدستور قرن العدل بكثير من النصوص التى تضمنها، ليكون قيداً على السلطة التشريعية في المسائل التى تناولتها هذه النصوص، وإنه وإن خلا من تحديد لمعنى العدالة في تلك النصوص إلا أن المقصود بها ينبغى أن يتمثل فيما يكون حقاً وواجباً سواء في علائق الأفراد فيما بينهم، أم في نطاق صلاتهم بمجتمعهم، بحيث يتم دوماً تحديدها من منظور اجتماعى ، ذلك أن العدالة تتوخى - بمضمونها - التعبير عن القيم الاجتماعية السائدة في مجتمع معين خلال فترة زمنية محددة .
وحيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن النصوص القانونية لا تؤخذ إلا على ضوء ما يتحقق فيه معناها ويكفل ربط مقوماتها بنتائجها، وكان الأصل في صور الجزاء ألا تتزاحم جميعها على محل واحد بما يخرجها عن موازين الاعتدال، وألا يتعلق جزاء منها بغير الأفعال التى تتحد خواصها وصفاتها، بما يلائمها، فلا يكون من أثره العدوان دون مقتض على حقوق الملكية الثابتة لأصحابها مما يتعين معه أن يوازن المشرع قبل تقريره للجزاء بين الأفعال التى يجوز أن يتصل بها، وأن يقدر لكل حال لبوسها، فلا يتخذ من النصوص القانونية ما تظهر فيه مكامن مثالبها، بل يبتغيها أسلوباً لتقويم أوضاع خاطئة .
وحيث إنه بالبناء على ما تقدم وإذ كانت الجزاءات الواردة في النص المطعون عليه تنقسم إلى قسمين رئيسيين في ضوء الأغراض التى توخاها المشرع من تقريرها أولهما : - 1 - عقوبات جنائية بحتة هى الحبس والغرامة وقد استهدف المشرع من تقريرها تحقيق الردع العام والخاص، والأخير يتحقق بحرمان الجانى من حريته أو من جزء من ملكه، وهو الإيلام المقصود من العقوبة بوجه عام، فهما عقوبتان جاءت كل عقوبة منها ذات حدين أدنى وأقصى يعمل القاضى سلطته في إيقاع القدر المناسب منها في كل حالة على حدة ، ومن ثم تكون هاتان العقوبتان قد جاءتا متناسبتين مع الفعل المنهى عنه، وفقاً لما رآه المشرع محققاً للفائدة الاجتماعية المبتغاة ، وفى إطار سلطته التقديرية في مجال تنظيم الحقوق، كما جاءت العقوبتان بالقدر اللازم لحمل المدين بدين الضريبة على الإقرار عن مبيعاته والوفاء بالضريبة المستحقة في مواعيدها، من غير غلو أو إسراف، ومن ثم فإن هاتين العقوبتين لا مخالفة فيهما لحكم المادة (38) من الدستور .
وثانى تلك الجزاءات التى أوردها النص المطعون عليه هى العقوبات التى تجمع بين فكرتى الجزاء والتعويض، وهى التى أوجب النص المطعون عليه الحكم بها وتتمثل في إلزام المحكوم عليه بأداء الضريبة والضريبة الإضافية وتعويض لا يجاوز مثل الضريبة .
وحيث أن الشق الأول من العقوبة والمتعلق بأداء الضريبة أمر لا مطعن عليه إذ أن هذه الضريبة هى محور النزاع وأساسه وهى أصل جريمة التهرب وبنيانها، لذا كان الإلزام بأدائها واجباً في كل الأحوال باعتباره من قبيل الرد العينى ، ذلك أن الأصل في الالتزام أن ينفذ عيناً، فإذا صار ذلك مستحيلاً بخطأ المدين آل الأمر إلى التنفيذ بطريق التعويض، ولما كان أداء الضريبة المتهرب منها هو أمر ممكن عملاً ودائماً فإن النص على وجوب الحكم بها لا يشكل مخالفة لأحكام الدستور .
أما الضريبة الإضافية فقد استهدف بها المشرع أمرين " أولهما " تعويض الخزانة العامة عن التأخير في تحصيل الضريبة عن الآجال المحددة لها قانوناً، و" ثانيهما " ردع المكلفين بتحصيل الضريبة عن التقاعس في توريدها للمصلحة ، وحثهم على المبادرة إلى إيفائها، ومن ثم فإن هذا الجزاء يكون قد برئ من شبهة العسف والغلو، وجاء متناسباً مع جسامة الفعل المنهى عنه وبعد منح الممول مهلة سداد كافية - وأن مناط استحقاق ضريبة المبيعات هو بيع السلعة أو أداء الخدمة بما مؤداه:أن تلك الضريبة تندمج في ثمن السلعة وتعد جزءاً منه، ولا يتصور بالتالى بيع هذه أو أداء تلك دون تحصيل الضريبة من مشترى السلعة أو متلقى الخدمة ، وإلا كان المكلف متراخياً في أدائها بمحض إرادته واختياره وسواء أكانت الأولى أم الثانية فإنه يلتزم بتوريد الضريبة في الميعاد، وإلا كان عدلاً ومنطقياً تحمله بالجزاء المقرر على عدم توريدها في الميعاد المحدد قانوناً وبما لا مخالفة فيه لحكم المادتين (13، 38) من الدستور .
وإذ كانت هذه المحكمة قد سبق لها القضاء برفض الدعوى طعناً على الضريبة الإضافية حال التراخى في توريد الضريبة الأصلية في المواعيد المقررة في المادة (16) من قانون الضريبة العامة على المبيعات وهى أعمال لا ترقى إلى جريمة التهرب من الضريبة فإن الوصول إلى النتيجة ذاتها في حال التهرب منها - النص المطعون عليه- يكون أوجب .
وحيث أن المشرع أوجب بالنص المطعون فيه الحكم على الممول المتهرب بتعويض لا يجاوز مثل الضريبة إذ ورد النص بعبارة "ويحكم على الفاعلين متضامنين" ولا يملك القاضى إزاء هذا الوجوب إلا أن يقضى بهذا التعويض في جميع الحالات بالإضافة إلى الجزاءات الجنائية المحددة بالنص المطعون عليه والتى تتمثل في الحبس أو الغرامة أو هما معاً لتتعامد هذه الجزاءات جميعها على فعل واحد هو مخالفة أى بند من البنود الواردة بنص المادة (44) من قانون الضريبة العامة على المبيعات رقم 11 لسنة 1991، والتى ورد من بينها نص البند (2) والمنسوب للمدعى مخالفته والذى يتمثل في بيع السلعة أو تقديم الخدمة دون الإقرار عنها وسداد الضريبة المستحقة عنها، وكان مبدأ خضوع الدولة للقانون مؤداه: ألا تُخل تشريعاتها بالحقوق التى يعتبر التسليم بها في الدول الديموقراطية مفترضاً أولياً لقيام الدولة القانونية ، وضمانة أساسية لصون حقوق الإنسان وكرامته، ويندرج تحتها طائفة الحقوق الوثيقة الصلة بالحرية الشخصية ومن بينها ألا تكون العقوبة متضمنة معاقبة الشخص أكثر من مرة عن فعل واحد، وألا يكون الجزاء مدنياً كان أو جنائياً مفرطاً بل يتعين أن يكون متناسباً مع الفعل المؤثم ومتدرجاً بقدر خطورته .
متى كان ذلك، وكان التعويض المقرر بالنص المطعون فيه على سبيل الوجوب، إضافة إلى تعامده مع الجزاءات الجنائية التي تضمنها النص ذاته على فعل واحد وهو التهرب من أداء الضريبة العامة على المبيعات سواء كان هذا التهرب ناتجاً عن سلوك إيجابى أم سلبى ، ناشئاً عن عمد أم إهمال، متصلاً بغش أم تحايل، أم مجرداً منهما، فإنه يعد منافياً لضوابط العدالة الاجتماعية التى يقوم عليها النظام الضريبي في الدولة ومنتقصاً بالتالي - دون مقتض - من العناصر الإيجابية للذمة المالية للممول الخاضع لأحكام القانون المشار إليه مما يعد مخالفة لحكم المادتين (34، 38) من الدستور .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة (43) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996 فيما تضمنته من وجوب الحكم على الفاعلين متضامنين بتعويض لا يجاوز مثل الضريبة وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

الطعن 11621 لسنة 4 ق جلسة 22 / 11 / 2014


محكمــة النقــض
الدائرة الجنائية
  دائرة السبت ( د )
غرفة مشورة
----
المؤلفة برئاسة السيد المستشار / فرحان عبد الحميد بطران    نائب رئيس المحكمـــة
وعضوية السادة المستشاريـــــــــــــن / سميـــــر سامـــــــى    و    محمــــــــــود قزامــــــــــــــل
    وحازم عبد الـــــــــــرؤوف    و   عـــــــــــــــادل ماجـــــــــــــد   
                                                  " نواب رئيس المحكمة "
وأمين السر السيد / محمـــود حماد .
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة.
في يوم 29 من المحرم سنة 1436 هـ الموافق 22 من نوفمبر سنة 2014 م.
أصـدرت القرار الآتي :
في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 11621 لسنة 4 القضائية.
المرفوع مـن :
وزير الماليــــــــــــة بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب على المبيعات                                                                
"المدعى بالحقوق المدنية "
ضـــــــــــــد
النيابة العامة
.........                                     " المطعون ضدها "         
في الحكم الصادر في قضية الجنحة رقم 25908 لسنة 2006 جنح مركز أشمون (والمقيدة برقم 19348 لسنة 2009 مستأنف أشمون ) .
المحكمـــة
        بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة .
        من حيث إن المحكمة الدستورية العليا قد قضت في الدعوى رقم 9 لسنة 28 قضائية دستورية بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة 43 من قانون الضريبة العامة على المبيعات فيما تضمنته من وجوب الحكم على الفاعلين متضامنين بتعويض لا يجاوز مثل الضريبة – وهو أساس تدخل الطاعنة – هيئة قضايا الدولة – في الطعن الماثل ، الأمر الذي تنتفي معه صفتها في الطعن ، ويتعين التقرير بعدم قبوله شكلاً . ولا يقدح في ذلك القول بأن عقوبتي الضريبة والضريبة الإضافية المنصوص عليهما في المادة 43 المار بيانها – التي حكم بمقتضاها ضد المطعون ضدها – من قبيل العقوبات التي تنطوي على عنصر التعويض ، بما يجيز تدخل الطاعنة بصفتها ممثلة للخزانة العامة للدولة أمام المحكمة الجنائية لطلب الحكم بهما ، ذلك أنهما في حقيقتهما عقوبتان تكميليتان – من قبيل الجزاءات الجنائية – لا تحملان بأي حال معنى التعويض ، ولا يخالطانه صراحة ولا ضمناً ، تقضى بهما المحكمة من تلقاء نفسها ، ولا يتوقف الحكم بهما على تدخل الخزانة العامة .
                                              لذلـــــــــــــك
      قررت الغرفة : عدم قبول الطعن شكلاً .  

الطعن 36166 لسنة 3 ق جلسة 20 / 3 /2013


باسم الشعب
محكمة النقـض
الدائــرة الجنائيــة
الأربعاء ( أ )
ــــــــــــ
المؤلفة برئاسة السيد القاضى / مجدى أبو العلا         " نائب رئيس المحكمــة "
وعضوية السادة القضـــــــــــــــاة / نادى عبد المعتمد        وطارق محمد سلامــه
                              وخالد حسن محمد        " نواب رئيس المحكمــة "
                                             وأشرف فريج
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / محمد مهران .  
وأمين السر السيد / موندى عبد السلام .
فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالى بمدينة القاهرة .
فى يوم الأربعاء 8 من جمادى الأولى سنة 1434 هـ الموافق 20 من مارس سنة 2013م.
أصدرت القرار الآتى :
فى الطعن المقيد فى جدول المحكمة برقم 36166 لسنة 3 القضائية .
المرفوع من :
وزير المالية " بصفته "                             " مدع بالحقوق المدنية ـــــ طاعن "
ضـــــــد
1ــــ ............                  
2ــــ .................                              " مطعون ضدهما "
       عن الحكم الصادر في قضية الجنحة رقم 92 لسنة 2007 تهرب ضريبى ( المقيدة برقم 208 لسنة 2009 جنح مستأنف تهرب الضريبى )
المحكمـة
    بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة قانوناً .

          من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .
       ومن حيث إن الطاعن ـــــ وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب على المبيعات ــــ ينعى على الحكم المطعون أنه إذ قضى بعد قبول استئنافه للتقرير به من غير ذى صفة قد خالف القانون واعتوره البطلان ، ذلك بأن قضاء الحكم الابتدائى ببراءة المطعون ضدهما يجوز له استئنافه ، كما خلا الحكم من اسم المدعى بالحق المدنى بصفته، ومن توقيع مقروء لرئيس الهيئة التى أصدرته ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
       ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن أورد بعض التقريرات القانونية أسس قضاءه بعدم قبول استئناف المدعى بالحق المدنى ــــ بصفته ـــــ للتقرير به من غير ذى صفة على قوله : " وحيث إنه قد صدر حكم المحكمة الدستورية في الدعوى رقم 9 لسنة 2008ق دستورية بتاريخ 4/11/2007 بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة 43 من قانون ضريبة المبيعات رقم 11 لسنة 1991 والمتضمن وجوب الحكم على الفاعلين متضامنين بتعويض لا يجاوز مثل الضريبة ، وكان نص المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979 قد جرى على أنه يترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالى لنشر الحكم ما لم يحدد الحكم لذلك تاريخ آخر .... ، فإذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقاً بنص جنائى تعتبر الأحكام التى صدرت بالإدانة استناداً إلى ذلك النص كأن لم تكن ويقوم رئيس هيئة المفوضين بتبليغ النائب العام بالحكم فور النطق به لإجراء مقتضاه ، وحيث إن الاستئناف الماثل قد أقيم من هيئة قضايا الدولة باعتبارها ممثلة للخزانة العامة طالبة الحكم بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بكامل الطلبات الواردة بطلب تحريك الدعوى العمومية ، إلا أنه وفقاً لنص المادتين 1 ، 402 من قانون الإجراءات الجنائية وأحكام النقض السالفة وحكم المحكمة الدستورية في الدعوى رقم 9 لسنة 28 ق دستورية ، فإن هيئة قضايا الدولة ـــ بصفتها ـــ أصبحت ليس لها صفة في متابعة مثل هذه القضايا وأصبح استئنافها مقصوراً على النيابة العامة والمتهم فقط دون غيرهما، الأمر الذى تقضى معه المحكمة بعدم قبول الاستئناف لرفعه من غير ذى صفة "، وكان ما أورده الحكم فيما سلف لا مخالفة فيه للقانون ، فإن النعى عليه في هذا الشأن وفى خصوص عدم بيان اسم المدعى بالحق المدنى بصفته يضحى غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الطاعن بصفته لا يمارى في أن التوقيع على الحكم المطعون فيه قد صدر من رئيس الجلسة التى قضت به ، فإن نعيه عليه بعدم قراءته يكون غير ذى وجه . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً عدم قبوله موضوعاً .
لذلك
 قررت الغرفة : عدم قبول الطعن موضوعاً .

الطعن 3316 لسنة 83 ق جلسة 6 / 3 / 2014 مكتب فني 65 ق 13 ص 148

جلسة 6 من مارس سنة 2014
برئاسة السيد القاضي / عادل الشوربجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / رضا القاضي ، محمد محجوب وحسام خليل نواب رئيس المحكمة وجمال عبد المنعم .
-----------
(13)
الطعن 3316 لسنة 83 ق
دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . تلبس . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير حالة التلبس " . سرقة . مأمورو الضبط القضائي " سلطاتهم " . قبض . تفتيش " التفتيش بغير إذن " . إثبات " بوجه عام " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " .
حالة التلبس بالجريمة . وجوب تحقق مأمور الضبط القضائي من قيامها بمشاهدتها أو بإدراكها بحاسة من حواسه . تلقي نبأها عن طريق الرواية أو النقل من الغير . غير كاف .
تقدير الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها أو بعد ارتكابها وكفايتها لقيام حالة التلبس . موضوعي . حد ذلك ؟
إبلاغ ضابط الواقعة بطلب المتهم مبلغاً من المجني عليه مقابل إعادة سيارته المسروقة وضبطه إياه حال حضوره للمكان المتفق عليه لتسليمه المبلغ دون أن يتحقق من قيام الجريمة . لا تتوافر به حالة التلبس . استناد الحكم في الإدانة إلى ضبط السيارة مع المتهم رغم مضي فترة ما بين وقوع الحادث وضبطــه دون استظهار الأسباب التي بنى عليها هذا التقدير بما يصلح لأن يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها . قصور . يوجب نقضه والإعادة . ولو قام على أدلة أخرى . علة ذلك ؟
مثال لتسبيب معيب في الرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس واطرحه في قوله : ( وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس فمردودٌ بما هو مقرر قانوناً وفقاً للمادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية تكون الجريمة متلبساً بها حال ارتكابها أو عقب ذلك ببرهة يسيرة ، وهي حالة تجيز لمأمور الضبط القضائي عملاً بالمادة 34 إجراءات جنائية أن يأمر بالقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه في الجنايات والجنح المشار إليها بهذه المادة . لما كان ذلك ، وكان الثابت أن المجني عليه وشاهد الإثبات الثاني قد أبلغا الشاهد الثالث الضابط / .... بطلب المتهم مبلغ من المال منهما مقابل إعادة السيارة التي سرقها كرهاً من المجني عليه وذلك عن طريق الهاتف ، فطلب منهما مسايرته ، وحال حضور المتهم للمكان المتفق عليه سلفاً تمكن من ضبطه وأرشده عن تلك السيارة ، وهو الأمر الذي تتوافر معه حالة التلبس التي تبيح القبض على المتهم ) . لما كان ذلك ، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن حالة التلبس تستوجب أن يتحقق مأمور الضبط القضائي من قيام الجريمة بمشاهدتها بنفسه أو بإدراكها بحاسة من حواسه ، ولا يغنيه عن ذلك تلقي نبأها عن طريق الرواية أو النقل من الغير ، ما دام هو لم يشهدها أو يشهد أثراً من آثارها ينبئ بذاته عن وقوعها ، ولئن كان تقدير الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها أو بعد ارتكابها وتقدير كفايتها لقيام حالة التلبس أمراً موكولاً إلى تقدير محكمة الموضوع دون معقب ، إلا أن ذلك مشروط بأن تكون الأسباب والاعتبارات التي بنت عليها المحكمة هذا التقدير صالحة لأن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر على السياق المتقدم على مجرد القول أن الجريمة كانت في حالة تلبس عندما أبلغ المجني عليه والشاهد الثاني الضابط / .... بطلب المتهم مبلغاً من المال منهما مقابل إعادة السيارة التي سرقها كرهاً من المجني عليه وذلك عن طريق الهاتف ، فطلب منهما مسايرته ، وحال حضور المتهم للمكان المتفق عليه سلفاً تمكن من ضبطه وأرشده عن تلك السيارة وقد قبض على المتهم دون أن يستظهر في مدوناته ما إذا كان رجل الضبط الذي قام بإجراءات القبض والتفتيش قد تحقق من قيام الجريمة بمشاهدتها بنفسه ، أو إدراكها بحاسة من حواسه ، أو مشاهدة أثر من آثارها ينبئ بذاته عن وقوعها ، وكان الحكم قد استند في قضائه بالإدانة ضمن ما استند إليه من أدلة على ضبط السيارة المقول بسرقتها مع الطاعن رغم مضي فترة ما بين وقوع الحادث وضبطــه دون أن يستظهر الأسباب والاعتبارات السائغة التي بنى عليها هذا التقدير بما يصلح لأن يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها ، فإنه يكون قاصر البيان في الرد على دفاع الطاعن بما يبطله ، ولا يعصمه من هذا البطلان ما قام عليه من أدلة أخرى ؛ لما هو مقرر من أن الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة أو الوقوف على ما كانت تنتهي إليه من نتيجة لو أنها فطنت إلى أن الدليل غير قائم . لما كان ما تقدم ، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة دون حاجة إلى بحث باقي وجوه الطعن .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً : سرق السيارة رقم .... والمبلغ النقدي والهاتف المحمول المملوكين للمجني عليه / .... وكان ذلك ليلاً بالطريق العام وبطريق الإكراه الواقع عليه بأن دس له مادة مخدرة بمشروب قدمه له لاحتسائه فأفقده وعيه وشل بذلك مقاومته وتمكن بتلك الوسيلة من الإكراه من الاستيلاء على المسروقات على النحو المبين بالتحقيقات . ثانياً : شرع في الحصول على مبلغ نقدي من المجني عليه بأن هدده بالامتناع عن إعادة المسروقات محل التهمة الأولى إلا أن جريمته أوقف أثرها لسبب لا دخل لإرادته فيه هو ضبطه والجريمة متلبس بها .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 315 / ثالثاً ، 326 من قانون العقوبات ، مع إعمال المادة 32 من القانون ذاته ، بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة سبع سنوات عما أسند إليه .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة السرقة بالإكراه ، قد شابه القصور في التسبيب ، والخطأ في تطبيق القانون ؛ ذلك بأنه اطرح بما لا يصلح رداً على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس واطرحه في قوله : ( وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس فمردودٌ بما هو مقرر قانوناً وفقاً للمادة 30 من قانون الإجراءات الجنائــيـة تكون الجريمة متلبساً بها حال ارتكابها أو عقب ذلك ببرهة يسيرة ، وهي حالة تجيز لمأمور الضبط القضائي عملاً بالمادة 34 إجراءات جنائية أن يأمر بالقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه في الجنايات والجنح المشار إليها بهذه المادة . لما كان ذلك ، وكان الثابت أن المجني عليه وشاهد الإثبات الثاني قد أبلغا الشاهد الثالث الضابط / .... بطلب المتهم مبلغ من المال منهما مقابل إعادة السيارة التي سرقها كرهاً من المجني عليه وذلك عن طريق الهاتف ، فطلب منهما مسايرته ، وحال حضور المتهم للمكان المتفق عليه سلفاً تمكن من ضبطه وأرشده عن تلك السيارة ، وهو الأمر الذي تتوافر معه حالة التلبس التي تبيح القبض على المتهم ) . لما كان ذلك ، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن حالة التلبس تستوجب أن يتحقق مأمور الضبط القضائي من قيام الجريمة بمشاهدتها بنفسه أو بإدراكها بحاسة من حواسه ، ولا يغنيه عن ذلك تلقي نبأها عن طريق الرواية أو النقل من الغير ، ما دام هو لم يشهدها أو يشهد أثراً من آثارها ينبئ بذاته عن وقوعها ، ولئن كان تقدير الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها أو بعد ارتكابها وتقدير كفايتها لقيام حالة التلبس أمراً موكولاً إلى تقدير محكمة الموضوع دون معقب ، إلا أن ذلك مشروط بأن تكون الأسباب والاعتبارات التي بنت عليها المحكمة هذا التقدير صالحة لأن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر على السياق المتقدم على مجرد القول أن الجريمة كانت في حالة تلبس عندما أبلغ المجني عليه والشاهد الثاني الضابط / .... بطلب المتهم مبلغاً من المال منهما مقابل إعادة السيارة التي سرقها كرهاً من المجني عليه وذلك عن طريق الهاتف ، فطلب منهما مسايرته ، وحال حضور المتهم للمكان المتفق عليه سلفاً تمكن من ضبطه وأرشده عن تلك السيارة وقد قبض على المتهم دون أن يستظهر في مدوناته ما إذا كان رجل الضبط الذي قام بإجراءات القبض والتفتيش قد تحقق من قيام الجريمة بمشاهدتها بنفسه ، أو إدراكها بحاسة من حواسه ، أو مشاهدة أثر من آثارها ينبئ بذاته عن وقوعها ، وكان الحكم قد استند في قضائه بالإدانة ضمن ما استند إليه من أدلة على ضبط السيارة المقول بسرقتها مع الطاعن رغم مضي فترة ما بين وقوع الحادث وضبطه دون أن يستظهر الأسباب والاعتبارات السائغة التي بنى عليها هذا التقدير بما يصلح لأن يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها ، فإنه يكون قاصر البيان في الرد على دفاع الطاعن بما يبطله ، ولا يعصمه من هذا البطلان ما قام عليه من أدلة أخرى ؛ لما هو مقرر من أن الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة أو الوقوف على ما كانت تنتهي إليه من نتيجة لو أنها فطنت إلى أن الدليل غير قائم . لما كان ما تقدم ، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة دون حاجة إلى بحث باقي وجوه الطعن .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 9566 لسنة 4 ق جلسة 24 / 2 / 2014 مكتب فني 65 ق 11 ص 140

جلسة 24 من فبراير سنة 2014
برئاسة السيد القاضي / زغلول البلشي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد ناجي دربالة ، علي نور الدين الناطوري ، عرفه محمد وحمودة نصار نواب رئيس المحكمة .
------------
(11)
الطعن 9566 لسنة 4 ق
(1) تهرب ضريبي . قانون " القانون الأصلح " " تفسيره " . محكمة دستورية .
دخول واقعة التهرب الضريبي المنسوبة للمطعون ضده على خدماته عن نشاط إصلاح ودهان السيارات ضمن خدمات التشغيل للغير المقضي بعدم دستوريتها . مقتضاه : عدم تأثيم الواقعة جنائياً . لا يغير من ذلك تأثيمها في نص لاحق على ارتكابها . ما دامت الواقعة غير معاقب عليها من قبـل صدوره . الطعن على الحكم الصادر ببراءة المطعون ضده منها . غير منتج . أساس وعلة ذلك ؟
(2) شهادة مرضية . استئناف " ميعاده " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي على الشهادة الطبية المقدمة من المطعون ضده كعذر مانع من التقرير بالاستئناف في الميعاد . غير مقبول . ما دامت المحكمة اطمأنت إليها .
(3) دعوى مدنية . حكم " بيانات الديباجة " " وضعه والتوقيع عليه وإصداره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
القضاء بالبراءة . يشمل ضمناً رفض الدعوى المدنية . النعي على الحكم إغفاله بيان اسم المدعي بالحقوق المدنية . غير مجد .
نعي الطاعن على الحكم المطعون فيه عدم قراءة توقيع رئيس الهيئة التي أصدرته . غير مقبول. ما دام لا يماري في أنه موَّقع عليه فعلاً منه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه ومذكرة أسباب الطعن المقدمة من الطاعن - وزير المالية بصفته - أن واقعة التهرب الضريبي محل الاتهام والتي جرت المحاكمة عنها وتم براءة المطعون ضده منها تتحدد صورتها في واقعة أنه بصفته مسجل وخاضع لأحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات تهرب من أداء تلك الضريبة المستحقة على خدماته عن نشاط إصلاح ودهان السيارات خلال الفترة من يناير سنة 1993 حتى ديسمبر سنة 1994 دون أن يقدم الإقرار عنها وسداد الضريبة المستحقة ، والمؤثمة بمقتضى مواد القانون رقم 11 لسنة 1991 بشأن الضريبة العامة على المبيعات المعدل - وهي تدخل ضمن خدمات التشغيل للغير - وكانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت في 15 من إبريل سنة 2007 في الدعوى رقم 232 لسنة 26 قضائية دستورية بعدم دستورية " عبارة خدمات التشغيل للغير " الواردة قرين المسلسل رقم (11) من الجدول (2) المرافق لقانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 2 لسنة 1997 ، وبعدم دستورية صدر المادة (2) من القانون رقم (11) لسنة 2002 بتفسير بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات سالف البيان والذي ينص على أنه : " مع مراعاة الأثر الكاشف لهذا القانون " والذي نشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 19 من إبريل سنة 2007 ، ولما كانت الفقرة الأخيرة من المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم (48) لسنة 1979 - المعدل بالقانون رقم 168 لسنة 1998 - نصت على أنه : " فإذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقاً بنص جنائي تعتبر الأحكام التي صدرت بالإدانة استناداً إلى ذلك النص كأن لم تكن ، ويقوم رئيس هيئة المفوضين بتبليغ النائب العام بالحكم فور النطق به لإجراء مقتضاه . " فمؤدى ذلك ولازمه إهدار أساس الالتزام الذي بني عليه اتهام المطعون ضده ، وبات ما نسب إليه غير مؤثم جنائياً ، ولا يغير من ذلك أن تكون هذه الواقعة قد ورد ذكرها في نص لاحق - المادة الأولى من القانون رقم ( 11 ) لسنة 2002 المشار إليه سلفاً - بفرض دستوريته - والمادة الثالثة عشر من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم (102) لسنة 2012 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبــــة العامة على المبيعــات رقم (11) لسنة 1991 - الذي صدر ونشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 6 من ديسمبر سنة 2012 وبإضافة الخدمات التي تؤدى للغير للجدول رقم (2) المرافق للقانون الأول (11) لسنة 1991 - ببيانها وتوضيحها ، إذ لا يضار المطعون ضده بهذين القانونين ، ما دامت الواقعـة كانت غير معاقب عليها من قبل صدورهما ، إذ لا يجوز تأثيم الفعـل بقانـون لاحق ؛ لأن القوانين الجنائية لا ينسحب أثرها إلى الأفعال التي لم تكن مؤثمة قبل إصدارها ، فإن ما تثيره الطاعنة - وزارة المالية - بأسباب طعنها على الحكم المطعون فيه الذي قضى ببراءة المطعون ضده يكون غير منتج طالما أن الفعل ذاته أضحى غير مؤثم .
2- لما كانت المحكمة الاستئنافية قد اطمأنت إلى الشهادة الطبية المقدمة من المطعون ضده التي تعلل بها كعذر مانع من التقرير بالاستئناف في الميعاد - وقضت بقبوله - فإن ما يثيره الطاعن بصفته في هذا الصدد يكون غير مقبول .
3- لما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى براءة المطعون ضده من التهمة آنفة البيان - وهو يشمل ضمناً القضاء برفض دعوى المدعي بالحقوق المدنية بصفته عنها باعتبارها عقوبة – فلا جدوى لما ينعاه الطاعن على الحكم إغفاله بيان اسمه ، ولا محل أيضا لنعيه على الحكم بعدم قـــراءة توقيع رئيس الهيئة التي أصدرته ، ما دام أنه موقع عليه فعلاً منه والطاعن لا يماري في ذلك ، ويكون الطعن المقدم منه مفصحاً عن عدم قبوله موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
وحيث إن البين من مدونات الحكم المطعون فيه ومذكرة أسباب الطعن المقدمة من الطاعن - وزير المالية بصفته - أن واقعة التهرب الضريبي محل الاتهام والتي جرت المحاكمة عنها وتم براءة المطعون ضده منها تتحدد صورتها في واقعة أنه بصفته مسجل وخاضع لأحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات تهرب من أداء تلك الضريبة المستحقة على خدماته عن نشاط إصلاح ودهان السيارات خلال الفترة من يناير سنة 1993 حتى ديسمبر سنة 1994 دون أن يقدم الإقرار عنها وسداد الضريبة المستحقة ، والمؤثمة بمقتضى مواد القانون رقم 11 لسنة 1991 بشأن الضريبة العامة على المبيعات المعدل - وهي تدخل ضمن خدمات التشغيل للغير - وكانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت في 15 من إبريل سنة 2007 في الدعوى رقم 232 لسنة 26 قضائية دستورية بعدم دستورية " عبارة خدمات التشغيل للغير " الواردة قرين المسلسل رقم (11) من الجدول (2) المرافق لقانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 2 لسنة 1997 ، وبعدم دستورية صدر المادة (2) من القانون رقم (11) لسنة 2002 بتفسير بعض أحكام قانون الضريبة العامـة على المبيعات سالف البيان والذي ينص على أنه : " مع مراعاة الأثر الكاشف لهذا القانون " والذي نشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 19 من إبريل سنة 2007 . ولما كانت الفقرة الأخيرة من المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم (48) لسنة 1979 - المعدل بالقانون رقم 168 لسنة 1998 - نصت على أنه : " فإذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقاً بنص جنائي تعتبر الأحكام التي صدرت بالإدانة استناداً إلى ذلك النص كأن لم تكن ، ويقوم رئيس هيئة المفوضين بتبليغ النائب العام بالحكم فور النطق به لإجراء مقتضاه . " فمؤدى ذلك ولازمه إهدار أساس الالتزام الذي بني عليه اتهام المطعون ضده ، وبات ما نسب إليه غير مؤثم جنائياً ، ولا يغير من ذلك أن تكون هذه الواقعة قد ورد ذكرها في نص لاحق - المادة الأولى من القانون رقم (11) لسنة 2002 المشار إليه سلفاً - بفرض دستوريته - والمادة الثالثة عشر من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم (102) لسنة 2012 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعــات رقم (11) لسنة 1991 - الذي صدر ونشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 6 من ديسمبر سنة 2012 وبإضافة الخدمات التي تؤدى للغير للجدول رقم (2) المرافق للقانون الأول (11) لسنة 1991 - ببيانها وتوضيحها ، إذ لا يضار المطعون ضده بهذين القانونين ، ما دامت الواقعة كانت غير معاقب عليها مـن قبل صدورهما ، إذ لا يجوز تأثيم الفعـــــل بقانون لاحق ؛ لأن القوانين الجنائية لا ينسحب أثرها إلى الأفعال التي لم تكن مؤثمة قبل إصدارها ، فإن ما تثيره الطاعنة - وزارة المالية - بأسباب طعنها على الحكم المطعون فيه الذي قضى ببراءة المطعون ضده يكون غير منتج طالما أن الفعل ذاته أضحى غير مؤثم . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة الاستئنافية قد اطمأنت إلى الشهادة الطبية المقدمة من المطعون ضده التي تعلل بها كعذر مانع من التقرير بالاستئناف في الميعاد - وقضت بقبوله - فإن ما يثيره الطاعن بصفته في هذا الصدد يكون غير مقبول . ولما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى براءة المطعون ضده من التهمة آنفة البيان - وهو يشمل ضمناً القضاء برفض دعوى المدعي بالحقوق المدنية بصفته عنها باعتبارها عقوبة - فلا جدوى لما ينعاه الطاعن على الحكم إغفاله بيان اسمه ، ولا محل أيضا لنعيه على الحكم بعدم قراءة توقيع رئيس الهيئة التي أصدرته ؛ ما دام أنه موقع عليه فعلاً منه والطاعن لا يماري في ذلك ، ويكون الطعن المقدم منه مفصحاً عن عدم قبوله موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 8907 لسنة 4 ق جلسة 23 / 2 / 2014 مكتب فني 65 ق 10 ص 136

جلسة 23 من فبراير سنة 2014
برئاسة السيد القاضي / حسن الغزيري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / عزمي الشافعي ود. عادل أبو النجا نائبي رئيس المحكمة وأحمد رضوان ويحيى رياض .
-----------
(10)
الطعن 8907 لسنة 4 ق
(1) نقض " ما يجوز الطعن فيه من الأحكام " . عقوبة " تطبيقها " . محكمة النقض " سلطتها " .
مناط عدم جواز الطعن بالنقض . قدر العقوبة المقررة بالحدود التي تضمنها نص المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض .
عدم التزام الأحكام الصادرة في مواد الجنح المعاقب عليها بالغرامة التي لا تجاوز عشرين ألف جنيه الحد الأقصى للعقوبة المقررة لها بمجاوزته أو إيقاع عقوبة أشد منها . خطأ . وجوب استدراكه بإجازة الطعن فيها بطريق النقض . علة ذلك ؟
مثال .
(2) عقوبة " تطبيقها " . بلاغ كاذب . قانون " تطبيقه " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " .
قضاء الحكم المطعون فيه بمعاقبة الطاعن بعقوبة الحبس لإدانته بجريمة البلاغ الكاذب عقب سريان العمل بالقانون 147 لسنة 2006 . خطأ في تطبيق القانون . يوجب نقضه والإعادة . أساس وعلة ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 والمعدلة بالقانون رقم 74 لسنة 2007 قد نصت على عدم جواز الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة في مواد الجنح المعاقب عليها بالغرامة التي لا تجاوز عشرين ألف جنيه ، ومن ثم فإن مناط عدم جواز الطعن ، هو قدر العقوبة المقررة بالحدود التي تضمنها النص ، تقديراً من المشرع أن العقوبة المذكورة في قصارى حدها الأقصى ليست من الخطورة أو الأهمية التي تتناسب مع إجازة الطعن فيها بطريق النقض ، ومن ثم فإن الحكم الصادر في هذه الجرائم إذا لم يلتزم الحد الأقصى للعقوبة المقررة ، بأن جاوزه أو أوقع عقوبة أشد منها فلا يسوغ أن يغلق أمام المحكوم عليه طريق هذا الطعن بعد أن أهدر الحكم الاعتبارات التي قدرها المشرع وكانت أساس هذا الحظر ، والقول بغير ذلك أمر تأباه العدالة وينفر منه منطق القانون ، لما فيه من التسليم بعقوبة محكوم بها نهائياً لم ينص عليها القانون وهو أمر يخالف قاعدة شرعية الجرائم والعقاب ويجب استدراكه بإجازة الطعن في هذا الحكم بطريق النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه ، وقد دان الطاعن بجريمة البلاغ الكاذب والمعاقب عليها بغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسة عشر ألف جنيه ، إلا أنه لم يلزم الحد الأقصى للعقوبة المقررة ، بل جاوزها إلى عقوبة نوعية أخرى أشد بأن عاقبه بالحبس ، فإنه يكون من المتعين إجازة الطعن فيه بطريق النقض باعتبار أنه السبيل القانوني أمام المحكوم عليه لتصحيح الخطأ الذي تردى فيه الحكم . لما كان ذلك ، وكان الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون فإنه يكون مقبول شكلاً .
2- لما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمعدل بالحكم المطعون فيه قد أوقع على الطاعن عقوبة الحبس وهي عقوبة لم يعد لها وجود في المادة 305 من قانون العقوبات التي دانه بها بعد إلغائها وقصر العقوبة المقررة لهذه الجريمة على الغرامة بعد رفع حديها الأدنى والأقصى إلى مثليهما بموجب القانون رقم 147 لسنة 2006 والذي جرى العمل به في 16/7/2006 ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، ولما كانت المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تخول محكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت فيه أنه مبنى على مخالفة للقانون أو على خطأ في تطبيقه أو تأويله ، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه ، وإذ كان تقدير العقوبة في حدود النص المنطبق من اختصاص محكمة الموضوع ، فإنه يتعين أن يكون النقض مقروناً بالإعادة ، وذلك بغير حاجة إلى النظر فيما يثيره الطاعن في أسباب طعنه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
أقامت المدعية بالحقوق المدنية دعواها بطريق الادعاء المباشر ضد الطاعن أمام محكمة جنح .... بوصف أنه : أخبر قسم .... بأمر كاذب وهو اتهام المدعية بالحقوق المدنية بالتزوير في قائمة المنقولات مع علمه بكذب البلاغ وسوء القصد إضراراً بها . وطلبت عقابه بالمادة 305 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدي لها مبلغ 10001 جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .
     ومحكمة جنح .... الجزئية قضت حضورياً بمعاقبته بالحبس ستة أشهر مع الشغل وكفالة خمسمائة جنيه والمصاريف ، وإلزامه بأن يؤدي للمدعية بالحق المدني مبلغ عشرة آلاف جنيه وواحد كتعويض مدني مؤقت .
فاستأنف المحكوم عليه ، ومحكمة .... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم شهر مع الشغل والنفاذ والتأييد فيما عدا ذلك .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
وحيث إنه ولئن كانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 والمعدلة بالقانون رقم 74 لسنة 2007 قد نصت على عدم جواز الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة في مواد الجنح المعاقب عليها بالغرامة التي لا تجاوز عشرين ألف جنيه ، ومن ثم فإن مناط عدم جواز الطعن ، هو قدر العقوبة المقررة بالحدود التي تضمنها النص ، تقديراً من المشرع أن العقوبة المذكورة في قصارى حدها الأقصى ليست من الخطورة أو الأهمية التي تتناسب مع إجازة الطعن فيها بطريق النقض ، ومن ثم فإن الحكم الصادر في هذه الجرائم إذا لم يلتزم الحد الأقصى للعقوبة المقررة ، بأن جاوزه أو أوقع عقوبة أشد منها فلا يسوغ أن يغلق أمام المحكوم عليه طريق هذا الطعن بعد أن أهدر الحكم الاعتبارات التي قدرها المشرع وكانت أساس هذا الحظر ، والقول بغير ذلك أمر تأباه العدالة وينفر منه منطق القانون ، لما فيه من التسليم بعقوبة محكوم بها نهائياً لم ينص عليها القانون وهو أمر يخالف قاعدة شرعية الجرائم والعقاب ويجب استدراكه بإجازة الطعن في هذا الحكم بطريق النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه ، وقد دان الطاعن بجريمة البلاغ الكاذب والمعاقب عليها بغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسة عشر ألف جنيه ، إلا أنه لم يلزم الحد الأقصى للعقوبة المقررة ، بل جاوزها إلى عقوبة نوعية أخرى أشد بأن عاقبه بالحبس ،فإنه يكون من المتعين إجازة الطعن فيه بطريق النقض باعتبار أنه السبيل القانوني أمام المحكوم عليه لتصحيح الخطأ الذي تردى فيه الحكم . لما كان ذلك ، وكان الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون ، فإنه يكون مقبول شكلاً .
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمعدل بالحكم المطعون فيه قد أوقع على الطاعن - كما سلف القول - عقوبة الحبس وهي عقوبة لم يعد لها وجود في المادة 305 من قانون العقوبات التي دانه بها بعد إلغائها وقصر العقوبة المقررة لهذه الجريمة على الغرامة بعد رفع حديها الأدنى والأقصى إلى مثليهما بموجب القانون رقم 147 لسنة 2006 والذي جرى العمل به في 16/7/2006 ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، ولما كانت المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تخول محكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت فيه أنه مبنى على مخالفة للقانون أو على خطأ في تطبيقه أو تأويله ، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه ، وإذ كان تقدير العقوبة في حدود النص المنطبق من اختصاص محكمة الموضوع ، فإنه يتعين أن يكون النقض مقروناً بالإعادة ، وذلك بغير حاجة إلى النظر فيما يثيره الطاعن في أسباب طعنه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 15161 لسنة 5 ق جلسة 19 / 2 / 2014 مكتب فني 65 ق 9 ص 134

جلسة 19 من فبراير سنة 2014
برئاسة السيد القاضي / وجيه أديـب نائب رئـيس الـمحكمة وعضوية السادة القضاة / سمير سامي ، رضا بسيوني ومنتصر الصيرفي نواب رئيس المحكمة وممدوح فزاع .
-----------
(9)
الطعن 15161 لسنة 5 ق
عمل . مخالفات . قانون " تطبيقه " . نقض " ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام " .
عدم جواز الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة في المخالفات . أساس ذلك ؟
جريمة عدم التزام صاحب العمل بتحرير عقد العمل . مخالفة بالمادتين 32 ، 246 من قانون العمل . الطعن بالنقض على الحكم الصادر فيها . غير جائز .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من المقرر أن المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 لا تجيز الطعن بطريق النقض في الأحكام الصادرة في مواد المخالفات والتي عرفتها المادة 12 من قانون العقوبات المعدل بالقانون رقم 169 لسنة 1981 بأنها الجرائم المعاقب عليها بالغرامة التي لا يزيد أقصى مقدارها على مائة جنيه ، وكانت الجريمة التي رفعت بها الدعوى الجنائية على الطاعن ودانه الحكم المطعون فيه مخالفة بالمادتين 32 ، 246 من القانون 12 لسنة 2003 بإصدار قانون العمل ، وكانت المادة الأخيرة قد نصت على أن : " يعاقب صاحب العمل أو من يمثله عن المنشأة الذي يخالف حكم المادة 32 من هذا القانون بغرامة لا تقـل عن خمسين جنيهاً ولا تجاوز مائـة جنيه ، وتتعدد الغرامة بتعدد العمال الذين وقعت في شأنهم الجريمة ، وتضاعف الغرامة في حالة العود " وكان مفاد ذلك أن تلك الجريمة مخالفة ، فإن هذا الطعن يكون غير جائز ، مع مصادرة الكفالة ، وتغريم الطاعن مبلغاً مساوياً لمبلغ الكفالة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 لا تجيز الطعن بطريق النقض في الأحكام الصادرة في مواد المخالفات والتي عرفتها المادة 12 من قانون العقوبات المعدل بالقانون رقم 169 لسنة 1981 بأنها الجرائم المعاقب عليها بالغرامة التي لا يزيد أقصـى مقدارها على مائة جنيه ، وكانت الجريمة التي رفعت بها الدعوى الجنائية على الطاعن ودانه الحكم المطعون فيه مخالفة بالمادتين 32 ، 246 من القانون 12 لسنة 2003 بإصدار قانون العمل ، وكانت المادة الأخيرة قد نصت على أن : " يعاقب صاحب العمل أو من يمثله عن المنشأة الذي يخالف حكم المادة 32 من هذا القانون بغرامة لا تقـل عن خمسين جنيهاً ولا تجاوز مائـة جنيه ، وتتعدد الغرامة بتعدد العمال الذين وقعت في شأنهم الجريمة ، وتضاعف الغرامة في حالة العود " وكان مفاد ذلك أن تلك الجريمة مخالفة ، فإن هذا الطعن يكون غير جائز ، مع مصادرة الكفالة ، وتغريم الطاعن مبلغاً مساوياً لمبلغ الكفالة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ