الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 30 يونيو 2023

الطعن 555 لسنة 45 ق جلسة 5 / 5 / 1979 مكتب فني 30 ج 2 ق 234 ص 270

جلسة 5 من مايو سنة 1979

برئاسة السيد المستشار الدكتور مصطفى كيره نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: حسن السنباطي، رأفت عبد الرحيم، إبراهيم هاشم وحسن البكري.

-----------------

(234)
الطعن رقم 555 لسنة 45 القضائية

(1) استئناف. تنفيذ. حكم "الطعن في الحكم". نقض.
شمول الحكم الابتدائي بالإلزام بالمبلغ المقضى به بالنفاذ المعجل. تنفيذ المحكوم عليه لهذا الحكم. القضاء بإلغائه استئنافياً في شق منه مع ندب خبير لبحث الشق الآخر. جواز الطعن فيه بطريق النقض استقلالاً. علة ذلك.
(2) عمل. "الأجر". تقادم "تقادم مسقط".
أجر العامل. حق دوري متجدد. خضوعه للتقادم الخمسي. عدم زوال هذه الصفة عنه يتجدد الأجر وصيرورته مبلغاً ثابتاً في الذمة.

-----------------
1 - الأحكام التي تصدر في شق من الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة لا تكون قابلة للطعن إلا بعد صدور الحكم المنهي للخصومة كلها، إلا أن المادة 212 من قانون المرافعات قد استثنت من ذلك الأحكام القابلة للتنفيذ الجبري، ولما كان الأصل في الأحكام الصادرة برفض الدعوى أنها لا تقبل التنفيذ الجبري، إلا أنه لما كان الثابت أن الحكم الابتدائي قد صدر بإلزام المطعون ضده بالمبالغ المقضى بها فيه مع النفاذ المعجل بلا كفالة، وأورد الطرفان بمذكرتهما أن المطعون ضده دفع المبالغ المذكورة إلى الطاعنات، فإن الحكم الاستئنافي الصادر بإلغاء هذا الحكم وسقوط حق الطاعنات في بعض طلباتهن، يكون بدوره قابلاً للتنفيذ الجبري لإزالة آثار تنفيذ الحكم الابتدائي، وبالتالي يكون قابلاً للطعن المباشر دون انتظار للحكم المنهي للخصومة كلها.
2 - إذ كانت المادة 375 من القانون المدني تنص على أن الأجر من الحقوق الدورية المتجددة التي تتقادم بخمس سنوات ولو أقر به المدين، سواء أكان مصدره العقد أو القانون، وكانت الدورية أو التجدد هما صفتان لصيقتان بدين الأجر، وهما مفترضتان فيه ما بقى حافظاً لوضعه ولو تجمد بانتهاء المدة المستحق عنها وأصبح في الواقع مبلغاً ثابتاً في الذمة لا يدور ولا يتجدد، وكان الحكم قد التزم هذا النظر، وقضى بسقوط حق الطاعنات فيما زاد عن فروق الأجر المستحق بهن عن المدة السابقة للخمس السنوات السابقة على رفع الدعوى، فإنه يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنات أقمن الدعوى رقم 1515 سنة 1970 عمال كلي أسيوط على المطعون ضده وآخر - بطلب الحكم باعتبار أجرهن 9 جنيهات اعتباراً من 17/ 3/ 1959 لمن عين منهن قبل هذا التاريخ ومن تاريخ التعيين لمن عين بعد هذا التاريخ ومنحهن العلاوات الدورية المقررة ومتجمد هذه المبالغ من تاريخ التعيين حتى الحكم في الدعوى وقلن بياناً لها، أنهن التحقن بالعمل بمدرسة الخياط الوصفية للبنات بأسيوط بأجور تقل عما نصت عليه القوانين المنظمة للمدارس الحرة والقرارات المنفذة لها، وإذ رفضت المدرسة تطبيق هذه القوانين عليهن ومساواتهن بزميلاتهن بالمدارس الحكومية فقد أقمن دعواهن بطلباتهن سالفة البيان، وبتاريخ 27/ 1/ 1971 حكمت المحكمة بندب مكتب خبراء وزارة العدل بأسيوط لأداء المأمورية المبينة بمنطوق هذا الحكم وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت المحكمة بتاريخ 15/ 11/ 1972 أولاً: برفض الدفع المبدى من المطعون ضده بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وباختصاصها بنظرها، وثانياً: باعتبار مرتب المدعية الأولى (الطاعنة الأولى 16.500 ج شهرياً اعتباراً من 28/ 1/ 1971 وإلزام المدعي عليهما (المطعون ضده ومدرسة الخياط الوصفية للبنات) بأن يؤديا إليها مبلغ 357 جنيهاً، وباعتبار مرتب المدعية الثانية 14 ج شهرياً اعتباراً من 25/ 9/ 1958 وإلزام المدعى عليها بأن يؤديا إليها مبلغ 2960 جنيهاً واعتبار مرتب المدعية الثانية 15 ج شهرياً اعتباراً من 25/ 9/ 1958 وإلزام المدعى عليهما بأن يؤديا إليها مبلغ 444 جنيهاً، وباعتبار مرتب الخامسة 15 ج شهرياً اعتباراً من 25/ 8/ 1959 وإلزام المدعى عليهما بأن يؤديا إليها مبلغ 593 جنيهاً، وباعتبار مرتب المدعية السادسة 15 ج شهرياً اعتباراً من 25/ 9/ 1958 وإلزام المدعى عليهما بأن يؤديا إليها مبلغ 2960 جنيهاً، واعتبار مرتب المدعية السابعة 26 ج شهرياً اعتباراً من 27/ 1/ 1971 وإلزام المدعى عليهما بأن يؤديا إليها مبلغ 772.500 جنيهاً، وبرفض دعوى المدعية الرابعة. واستأنف المطعون ضده هذا الحكم أمام محكمة استئناف أسيوط وقيد استئنافه برقم 248/ 47 ق وبتاريخ 9/ 3/ 1975 حكمت المحكمة بإثبات ترك المستأنف بصفته المطعون ضده - مخاصمة المستأنف عليها الرابعة - الطاعنة الرابعة - برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً وباختصاصها وبقبول الدفع بالتقادم الخمسي وبسقوط حق المستأنف عليهن (الطاعنات) في المطالبة بما زاد على الخمس سنوات السابقة على تاريخ رفع الدعوى وبإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من استحقاقهن لعلاوات دورية وما قضى به من فروق الأجر عما زاد على الخمس سنوات السابقة على رفع الدعوى وبندب مكتب خبراء وزارة العدل بأسيوط لأداء المأمورية المبينة بالحكم. طعن الطاعن بطريق النقض في هذا الحكم، وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها الحكم ببطلان الطعن بالنسبة للطاعنة الخامسة وبعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة الطاعنة الرابعة وأبدت الرأي في الموضوع برفض الطعن، وعرض الطعن على غرفة المشورة فحددت لنظره أخيراً جلسة 14/ 4/ 1979 وبالجلسة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه لما كان المحامي الذي رفع الطعن لم يقدم سند وكالته عن الطاعنة الخامسة، فإن الطعن بالنسبة لها، وفقاً لنص المادة 25 من قانون المرافعات والتي توجب أن يحصل الطعن بصحيفة يوقعها المحامي المقبول أمام محكمة النقض الموكل عن الطاعن فإذا لم يحصل على هذا الوجه كان باطلاً وتحكم المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه.
وحيث إنه لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه قضى بقبول ترك الخصومة في الاستئناف بالنسبة للطاعنة الرابعة فلم تعد بذلك خصماً في النزاع أمام محكمة الاستئناف، وكان لا يجوز أن يختصم في الطعن بالنقض إلا من كان خصماً في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه. فإنه يتعين الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة للطاعنة الرابعة.
وحيث إن المطعون ضده دفع بعدم جواز الطعن، لأن الحكم المطعون فيه وقد قضى بسقوط حق الطاعنات في المطالبة بما زاد عن الخمس سنوات السابقة على تاريخ رفع الدعوى وبإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من استحقاقهن لعلاوات دورية وما قضى به من فروق الأجر فيما زاد عن الخمس سنوات المذكورة، قضى كذلك بندب مكتب خبراء وزارة العدل بأسيوط لحساب المستحق للطاعنات على ضوء ما جاء بأسباب الحكم، فلم تنته به الخصومة بين الطرفين، ولا زالت هذه الخصومة مطروحة على المحكمة. ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه غير قابل للطعن بالنقض استقلالاً. وفقاً للمادة 212 من قانون المرافعات.
وحيث إن الدفع بعدم جواز الطعن مردود بأنه وإن صح أن الأحكام التي تصدر في شق من الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة، لا تكن قابلة للطعن إلا بعد صدور الحكم المنهي للخصومة كلها، إلا أن المادة 212 من قانون المرافعات قد استثنت من ذلك الأحكام القابلة للتنفيذ الجبري، ولما كان الحكم المطعون فيه قد صدر بسقوط حق الطاعنات في المطالبة بما زاد عن الخمس سنوات السابقة على تاريخ رفع الدعوى، وإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به لاستحقاقهن علاوات دورية وما قضى به من فروق أجر فيما زاد عن السنوات الخمس المذكورة، ويتضمن الحكم بذلك قضاء برفض الدعوى بالنسبة للحقوق المذكورة، وكان الأصل في الأحكام الصادرة برفض الدعوى أنها لا تقبل التنفيذ الجبري، إلا أنه لما كان الثابت أن الحكم الابتدائي قد صدر بإلزام المطعون ضده بالمبالغ المقضى بها فيه مع النفاذ المعجل بلا كفالة، وأورد الطرفان بمذكرتهما أن المطعون ضده دفع المبالغ المذكورة إلى الطاعنات، فإن الحكم الاستئنافي الصادر بإلغاء هذا الحكم بسقوط حق الطاعنات في بعض طلباتهن يكون بدوره قابلاً للتنفيذ الجبري لإزالة آثار تنفيذ الحكم الابتدائي، وبالتالي يكون قابلاً للطعن المباشر دون انتظار الحكم المنهي للخصومة كلها، ويكون الدفع بعدم جواز الطعن على غير أساس.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة لباقي الطاعنات.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى فيه الطاعنات على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه من ثلاثة أوجه، وفي بيان الوجهين الأول والثاني يقلن أن الحكم المطعون فيه ذهب إلى أن متجمد فروق أجرهن حقوق دورية متجمدة تخضع للتقادم الخاص، وأن مصدر حقوقهن عقد العمل، في حين أن هذه الأجور وقد تجمدت في صورة مبلغ ثابت تكون عادياً لا يتوافر فيه شرطا الدورية والتجدد كما أن هذه الحقوق استحقت طبقاً للقانون رقم 160 لسنة 1958 الذي وضع حداً أدنى لأجورهن فلا تتقادم إلا بالتقادم الطويل ومدة خمسة عشر عاماً والذي لا يبدأ سريانه إلى في تاريخ صدور هذا القانون وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بسقوط حقهن في فروق الأجر المستحق لهن فيما زاد عن مدة الخمس سنوات السابقة على تاريخ رفع الدعوى فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت المادة 375 من القانون المدني تنص على أن الأجر من الحقوق الدورية المتحدة التي تتقادم بخمس سنوات ولو أقر به المدين، سواء أكان مصدره العقد أو القانون وكانت الدورية والتجدد هما صفتان لصيقتان بدين الأجر، وهما مفترضتان فيه ما بقى حافظاً لوصفه ولا تجمد بانتفاء المدة المستحق عنها وأصبح في الواقع مبلغاً ثابتاً في الذمة لا يدور ولا يتجدد، وكان الحكم قد التزم هذا النظر، وقضى بسقوط حق الطاعنات فيما زاد عن فروق الأجر المستحق لهن عن المدة السابقة للخمس السنوات السابقة على رفع الدعوى، فإنه لا يكون قد خالف القانون إذ أخطأ في تطبيقه، ولا ينال من ذلك ما ورد بالحكم عن مصدر هذه الفروق إذ أن سريان التقادم يبدأ من تاريخ عقد العمل دون تاريخ صدور القانون رقم 160 لسنة 1958 لوقوع التاريخين خمس سنوات من تاريخ رفع الدعوى ويكون هذا النعي لا يقوم على غير أساس.
وحيث إن الطاعنات ينعين بالوجه الثالث من سبب الطعن على الحكم المطعون فيه أنه قضى بسقوط حقوقهن فيما جاوز الخمس سنوات السابقة على رفعهن الدعوى، وأعمل أحكام التقادم بشأن هذه الحقوق أو غفل قيام المانع الأدبي من المطالبة بها، وهو علاقة العمل التي كانت تربطهن بالمدرسة مما يوقف سريان التقادم حتى انتهاء هذه العلاقة باستيلاء المطعون ضده على المدرسة في سنة 1971، وإذ خالف الحكم هذا النظر وجرى في قضائه على سريان هذا التقادم بأنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه لما كان بين من أوراق الطعن أن الطاعنتان لم يتمسكن أمام محكمة الموضوع بقيام مانع أدبي من مطالبتهن لحقهن في الدعوى، وهو دفاع يخالفه واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع، فلا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض، فإن النعي به يكون غير مقبول.

الطعن 1125 لسنة 48 ق جلسة 2 / 5 / 1979 مكتب فني 30 ج 2 ق 233 ص 263

جلسة 2 من مايو سنة 1979

برئاسة السيد المستشار مصطفى كمال سليم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: سليم عبد الله سليم، محمد عبد العزيز الجندي، أمين طه أبو العلا وسامي الكومي.

-----------------

(233)
الطعن رقم 1125 لسنة 48 القضائية

(1) استئناف. اختصاص. دفوع.
فصل المحكمة الاستئنافية في موضوع النزاع. قضاء ضمني برفض الدفع بعدم الاختصاص الولائي الذي سبق إثارته أمام محكمة أول درجة.
(2) حكم . حجية الحكم. "ما لا يعد قصوراً".
الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها. افتقاره لسنده القانوني. إغفال الحكم الرد عليه. لا يعد قصوراً.
(3 و4 و5) عقد. "أثر العقد". وكالة.
(3) مجاوزة الوكيل حدود وكالته. للموكل إجازة هذا التصرف. للموكل أو للغير المتعامل مع الوكيل. طلب إبطال التصرف.
(4) الوكيل الظاهر. اعتباره نائباً عن الموكل. شرطه.
(5) الأصل هو وجوب تثبت المتعامل مع الوكيل من قيام الوكالة وحدودها. مجاوزة الوكيل حدود وكالته. أثره. عدم انصراف أثر التصرف للأصيل. لا يغير من ذلك أن يكون الوكيل حسن النية أو سيء النية قصد الإضرار بالموكل أو بغيره.

----------------
1 - مسألة الاختصاص الولائي تعتبر قائمة في الخصومة ومطروحة دائماً على المحكمة، وعليها إذا انتفت ولايتها أن تحكم من تلقاء نفسها بعدم اختصاصها إعمالاً لنص المادة 109 من قانون المرافعات، ويعتبر حكمها الصادر في الموضوع منطوياً على قضاء ضمني بالاختصاص. وإذا فصل الحكم المطعون فيه في موضوع النزاع فإنه يكون قد قضى ضمناً برفض الدفع بعدم الاختصاص الولائي.
2 - من المقرر أن الحكم السابق لا يحوز قوة الأمر المقضي بالنسبة للدعوى اللاحقة إلا إذا اتحد الموضوع والسبب في كل من الدعويين فضلاً عن وحدة الخصوم، لما كان ذلك. وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن القضية السابق الفصل فيها من لجنة الفصل في المنازعات الزراعية تختلف في موضوعها وسببها عن موضوع وسبب الدعوى الحالية، فإن التمسك بحجية الحكم السابق يضحى بلا سند قانوني صحيح فلا يعد دفاعاً جوهرياً قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى طالما أنه ليست له هذه الحجية، لما كان ذلك، فإن إغفال الحكم المطعون فيه الرد على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها لا يعيبه بالقصور.
3 - إذا جاوز الوكيل حدود وكالته فلا ينصرف أثر تصرفه إلى الموكل الذي له الخيار بين إجازة هذا التصرف بقصد إضافة أثره إلى نفسه أو طلب إبطاله، وهذا الطلب ليس مقرراً لمصلحة الغير فحسب - كما يقول الطاعنون - بل هو مقرر أيضاً لمصلحة الموكل.
4 - جرى قضاء هذه المحكمة على أنه يشترط لاعتبار الوكيل الظاهر نائباً عن الموكل قيام مظهر خارجي منسوب للموكل من شأنه أن يخدع الغير الذي تعامل مع الوكيل الظاهر دون أن يرتكب هذا الغير خطأ أو تقصيراً في استطلاع الحقيقة، وإذ اعتد الحكم الابتدائي بوكالة المطعون ضده الثاني الظاهرة على أساس أنه ابن الموكلة ويقيم معها وينوب عنها في تحصيل الأجرة، وكان هذا الذي استدل به الحكم المذكور على قيام الوكالة الظاهرة ليس فيه ما يوهم الغير بأن للابن حق التصرف في مال والدته، ولا ينهض لتشكيل مظهر خارجي خاطئ من جانب المطعون ضدها الأولى من شأنه أن يخدع الطاعنين الذين تعاملوا مع ابنها فيما لا يملك التصرف فيه مع أن وكالته لا تتسع لغير حق الإدارة.
5 - الأصل في قواعد الوكالة أن الغير الذي يتعاقد مع الوكيل عليه أن يتثبت من قيام الوكالة ومن حدودها وله في سبيل ذلك أن يطلب من الوكيل ما يثبت وكالته فإن قصر فعليه تقصيره، وإن جاوز الوكيل حدود وكالته فلا ينصرف أثر تصرفه إلى الأصيل ويستوي في ذلك أن يكون الوكيل حسن النية أو سيء النية قصد الإضرار بالموكل أو بغيره.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 9 سنة 1974 مدني بنها على الطاعن الأول والمطعون ضدهما الثاني والرابع بطلب الحكم بقبول التنصل مما قرره ابنها المطعون ضده الثاني وإلغاء حوالة عقد الإيجار المؤرخ 7/ 1/ 1967 إلى الطاعن الأول تأسيساً على إنها كانت قد وكلت ابنها المذكور في إدارة أطيانها الزراعية فجاوز حدود الوكالة بأن قام في 11/ 2/ 1970 بحوالة عقد الإيجار المشار إليه والمتضمن تأجيرها للمطعون ضده الرابع مساحة 12 قيراط و8 أسهم وقرر على غير الحقيقة بأن المحال إليه اشترى العين المؤجرة، تدخل الطاعنان الثاني والثالث في الدعوى طالبين رفضها بمقولة إن الطاعن الثاني هو المشتري المحال إليه وأن الطاعنة الثالثة اشترت من المطعون ضدهما الأولى والثاني وأخوته مساحة 2 فدان و12 قيراط يدخل فيها 8 قيراط من الأطيان المؤجرة، ودفعا الدعوى بأن المطعون ضده الثاني لم يجاوز حدود وكالته وأنه يقيم مع والدته التي تعلم بكل تصرفاته وينوب عنها في تحصيل الأجرة فيتصرف إثر الحوالة إليها، كما تدخل المطعون ضده الثالث منضماً للمطعون ضدها الأولى في طلباتها استناداً إلى أنها باعته المساحة محل النزاع، دفع المطعون ضده الرابع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وبعدم جواز نظرها لسابقة الفصل فيها، وبتاريخ 17/ 4/ 1974 قضت المحكمة برفض الدفعين وبقبول التدخل وفي موضوع الدعوى برفضها، استأنفت المطعون ضدها الأولى بالاستئناف 189 سنة 7 قضائية بنها، وبتاريخ 20/ 4/ 1978 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ببطلان حوالة عقد الإيجار إلى الطاعن الثاني، طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، حاصل النعي - بالسبب الأول - الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب من وجهين (أولهما) أنه أثير أمام محكمة أول درجة دفع بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وأخر بعدم نظرها لسابقة الفصل فيها من لجنة الفصل في المنازعات الزراعية في القضية 252 سنة 1973 إصلاح زراعي بنها، وقضي برفض هذين الدفعين، وأنه لما كان الاستئناف يطرح النزاع على محكمة ثاني درجة بكل ما أثير فيه من دفوع لم يتنازل عنها مبديها، فإن محكمة الاستئناف إذ التفتت عن هذين الدفعين يكون حكمها معيباً بالقصور - (ثانيهما) إن الحكم قد أخطأ في تطبيق القانون إذ قضى ببطلان الحوالة لصالح الموكل ذلك أنه بفرض تجاوز المطعون ضده الثاني حدود وكالته فإن والدته الموكلة هي المسئولة عن خطئه متى أهملت في رقابته وكانت مرتبطة به ارتباط التابع بالمتبوع - هذا إلى أن إبطال تصرف الوكيل الذي يجاوز حدود الوكالة مقرر لمصلحة الغير وليس لمصلحة الموكل.
وحيث إن النعي - في وجهه الأول - مردود بأن مسألة الاختصاص الولائي تعتبر قائمة في الخصومة ومطروحة دائماً على المحكمة، وعليها إذا انتفت ولايتها أن تحكم من تلقاء نفسها بعدم اختصاصها إعمالاً لنص المادة 109 من قانون المرافعات، ويعتبر حكمها الصادر في الموضوع منطوياً على قضاء ضمني بالاختصاص، وإذا فصل الحكم المطعون فيه في موضوع النزاع فإنه يكون قد قضى ضمناً برفض الدفع بعدم الاختصاص الولائي، هذا ولما كان من المقرر أن الحكم السابق لا يحوز قوة الأمر المقضي بالنسبة للدعوى اللاحقة إلا إذا اتحد الموضوع والسبب في كل من الدعويين فضلاً عن وحدة الخصوم، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن القضية السابق الفصل فيها من لجنة الفصل في المنازعات الزراعية تختلف في موضوعها وسببها عن موضوع وسبب الدعوى الحالية، فإن التمسك بحجية الحكم السابق يضحى بلا سند قانوني صحيح فلا يعد دفاعاً جوهرياً قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى طالما أنه ليست له هذه الحجية، لما كان ذلك، فإن إغفال الحكم المطعون فيه الرد على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها لا يعيبه بالقصور.
وحيث إن النعي - بالوجه الثاني - غير مقبول في شقه الأول، ذلك أنه يتضمن دفاعاً جديداً يخالطه واقع لم يثبت تمسك الطاعنين به أمام محكمة الموضوع فلا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، والنعي في شقه الثاني مردود بأنه مع مراعاة الاستئناف الوارد في المادة 703/ 2 من القانون المدني ودون الإخلال بأحكام الوكالة الظاهرة، فإنه متى جاوز الوكيل حدود وكالته فلا ينصرف أثر تصرفه إلى الموكل الذي له الخيار بين إجازة هذا التصرف بقصد إضافة أثره إلى نفسه أو طلب إبطاله، وهذا الطلب ليس مقرر لمصلحة الغير الذي يتعامل مع الوكيل فحسب - كما يقول الطاعنون - بل هو مقرر أيضاً لمصلحة الموكل.
وحيث إن حاصل النعي - بالسبب الثاني - على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب إذ بني قضاءه بإلغاء الحكم الابتدائي على مجرد القول بأن المطعون ضده الثاني قد جاوز حدود الوكالة دون أن يعني بالرد على ما استخلصه الحكم الملغي من قيام الوكالة الظاهرة التي استند إليها في قضائه برفض الدعوى ودون أن يبحث حسن نية الوكيل أو سوء نيته وما إذا كان قد قصد بتجاوزه حدود الوكالة الإضرار بالطاعنين أم بموكلته فإن ثبت قصد الإضرار بهم انصرف أثر تصرفه إلى الموكلة.
وحيث إن هذا النعي - فضلاً عن أنه غير مقبول في شقه الأخير لأنه يتضمن دفاعاً جديداً يخالطه واقع لم يثبت التمسك به أمام محكمة الموضوع - فإنه نص غير منتج، ذلك أنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يشترط لاعتبار الوكيل الظاهر نائباً عن الموكل قيام مظهر خارجي خاطئ منسوب للموكل من شأنه أن يخدع الغير الذي تعامل مع الوكيل الظاهر دون أن يرتكب هذا الغير خطأ أو تقصيراً في استطلاع الحقيقة، وإذ اعتد الحكم الابتدائي بوكالة المطعون ضده الثاني الظاهرة على أساس أنه ابن الموكلة ويقيم معها وينوب عنها في تحصيل الأجرة، وكان هذا الذي استدل به الحكم المذكور على قيام الوكالة الظاهرة ليس فيه ما يوهم الغير بأن للابن حق التصرف في مال والدته ولا ينهض لتشكيل مظهر خارجي خاطئ من جانب المطعون ضدها الأولى يكون من شأنه أن يخدع الطاعنين الذين تعاملوا مع ابنها فيما لا يملك التصرف فيه مع أن وكالته لا تتسع لغير حق الإدارة ومع أن الأصل في قواعد الوكالة أن الغير الذي يتعاقد مع الوكيل عليه أن يتثبت من قيام الوكالة ومن حدودها وله في سبيل ذلك أن يطلب من الوكيل ما يثبت وكالته فإن قصر فعليه تقصيره، وإن جاوز الوكيل حدود وكالته فلا ينصرف أثر تصرفه إلى الأصل ويستوي في ذلك أن يكون الوكيل حسن النية أو سيء النية قصد الإضرار بالموكل أو بغيره، لما كان ذلك، فإن ما تمسك به الطاعنون من دفاع مؤداه - على ما استخلصه الحكم الابتدائي - قيام الوكالة الظاهرة يكون على غير أساس قانوني صحيح، فلا يؤثر في النتيجة التي انتهى إليها الحكم المطعون فيه، ويكون النعي عليه بالقصور لإغفاله مناقشة الأساس الذي قام عليه الحكم الابتدائي غير منتج.
وحيث إن مبنى النعي - بالسبب الثالث - إن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون إذ قضى ببطلان الحوالة على أساس أن الوكيل جاوز حدود وكالته مخالفاً بذلك الاستثناء الوارد بالفقرة الثانية من المادة 703 من القانون المدني التي أجازت للوكيل الخروج عن هذه الحدود إذا استحال عليه إخطار الموكل سلفاً وكانت الظروف يغلب عليها الظن بأن الموكل ما كان إلا ليوافق على تصرف الوكيل، والثابت من ظروف الدعوى أن المطعون ضدها الأولى وافقت على تصرف ابنها بحوالة عقد الإيجار إذ قام المحال إليه بتحصيل الأجرة لمدة ثلاث سنوات دون أن تحرك ساكناً.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، لأنه يتضمن دفاعاً جديداً يخالطه واقع لم يثبت التمسك به أمام محكمة الموضوع فلا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 643 لسنة 48 ق جلسة 2 / 5 / 1979 مكتب فني 30 ج 2 ق 232 ص 253

جلسة 2 من مايو سنة 1979

برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد طه سنجر، إبراهيم فراج، صبحي رزق ومحمد أحمد حمدي.

-----------------

(232)
الطعن رقم 643 لسنة 48 القضائية

(1) حكم. "المصلحة في الطعن". دعوى. استئناف. حوالة.
المصلحة في الطعن. كفاية تحققها وقت صدور الحكم ولو زالت بعد ذلك، استئناف المحكوم عليه مقبول ولو انتقل الحق موضوع الدعوى إلى آخر. تدخل الأخير في الاستئناف لا خطأ. لا يغير من ذلك حوالته حقه للغير بعد التدخل.
(2) عقد. تزوير "الطعن بالتزوير".
عدم سلوك الخصم سبيل الادعاء بالتزوير. التفات المحكمة عما أثاره عن تزوير العقد. لا خطأ.
(3) حكم. إثبات.
الترجمة العرفية للمستندات. جواز اعتداد الحكم بها طالما لم يتم منازعة بشأنها.
(4) إيجار. "الإيجار من الباطن" عقد.
التأجير من الباطن في ظل تشريعات الإيجار الاستئنافية محظور ولو خلا العقد من ذلك.
(5) إيجار. "ترك المستأجر للعين". محكمة الموضوع.
واقعة ترك المستأجر للعين المؤجرة لآخر. من مسائل الواقع. استقلال محكمة الموضوع بتقديرها متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
(6) إيجار. "إيجار من الباطن".
إيواء المستأجر للغير أو استضافته. وجوب أن تكون إقامته بصفة عارضة مع المستأجر. بقاء الغير بعد ترك المستأجر للعين. هو تأجير من الباطن أو نزول عن الإيجار.
(7) إيجار. "المساكنة".
المساكنة هي المشاركة السكنية مع المستأجر منذ بدء الإجارة. حق المنتفع في البقاء بالعين المؤجرة بعد ترك المستأجر الأصلي لهما أو وفاته ولو كان من غير من ورد ذكرهم بالمادة 21 من ق 52 لسنة 1969.

------------------
1 - المستقر في قضاء هذه المحكمة أنه يجوز الطعن في الحكم من كل من كان طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه ولم يتخل عن منازعته متى صدر الحكم ضده، وكان يكفي لتحقق المصلحة في الطعن قيامها وقت صدور الحكم ولا عبرة بزوالها من بعد، لما كان ذلك. وكان الحكم الابتدائي قد قضى برفض دعوى المطعون عليه الأول - شركة التأمين بطلب إخلاء العين المؤجرة من الباطن - فإنه يضحى سديداً ما خلص إليه الحكم المطعون فيه من أن له صفة ومصلحة في طعنه عليه بطريق الاستئناف واستمراره في مباشرته حتى يقضى فيه، لا يغير من ذلك انتقال الحق الذي أقيمت به الدعوى إلى آخر. لما كان ما تقدم، وكان البين من الأوراق أن ملكية العقار الكائن به العين المؤجرة قد عادت إلى المطعون عليهم من الثاني للخامس بعد صدور الحكم الابتدائي بالتطبيق لأحكام كل من القانون رقم 49 لسنة 1971 بتصفية الحراسة على أموال وممتلكات الأشخاص الخاضعين لأحكام القانون رقم 150 لسنة 1964 وكذلك القانون رقم 69 لسنة 1974 بشأن تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة، فإنه يحق لهم التدخل في الاستئناف منضمين إلى المستأنف في طلباته، ولا تأثير لثبوت حوالتهم عقد الإيجار إلى المشترية للعقار في تاريخ لاحق للتدخل، طالما كانت مصلحتهم قائمة عند حصوله، وطالما كان المحيل ضامناً الحق المحال للمحال إليه، مما يقتضيه الدفاع عنه والإبقاء عليه بالحالة التي كان عليها وقت الحوالة.
2 - إذا كان الطاعنان لم يسلكا السبيل الذي رسمه القانون في المواد من 49 إلى 51 من قانون الإثبات للادعاء بالتزوير، ولم يحددا في مذكرتهما المقدمة لمحكمة الموضوع مواضع وكنه العبارات التي أضيفت، حتى يتبين مدى إنتاجيتها وتعلقها بالنزاع المعروض، فإن من حق محكمة الموضوع الالتفات عما أثاراه من تزوير العقد وتعتبره صحيحاً ما دامت لم تر من ظروف الدعوى وفقاً للمادة 28 من قانون الإثبات ما يشير إلى تزويره.
3 - إذ كان الطاعنان لم يتمسكا أمام محكمة الموضوع، بعدم صحة الترجمة العرفية لعقد الإيجار المقدمة من المطعون عليهم، وكانت الرسمية لا تشترط في ترجمة المستندات إلا حيث لا يسلم الخصوم بصحة الترجمة العرفية ويتنازعون أمرها، فلا على الحكم إن هو اعتد بها.
4 - حظر التأجير من الباطن بغير إذن كتابي صريح من المالك حكم تشريعي قائم منذ صدور القانون رقم 121 لسنة 1947 بالنص عليه في المادة 4 فقرة ب، بمقتضاه أصبح الأصل هو تحريم التأجير من الباطن، وكان الأثر الفوري لقوانين إيجار الأماكن يوجب سريان هذا التحريم على كل تأجير من الباطن يحدث بعد صدور القانون 121 لسنة 1947 ولو خلا عقد الإيجار من شرط بالحظر، وكان القانون رقم 52 لسنة 1969 قد أورد هذا الحكم في المادة 23/ ب وكان المسلم أن واقعة التأجير من الباطن حصلت بعد تاريخ العمل بأحكام التشريعين سالفي البيان، فإن تطبيق أحكام أي يكون على سواء لا مغايرة فيه.
5 - إثبات أو نفي ترك المستأجر للعين المؤجرة وتنازله عنها لآخر هو من مسائل الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها دون معقب عليها في ذلك متى أقيم على أسباب سائغة تكفي لحمله، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن المطعون عليه الأول ترك الشقة للمطعون عليه الثاني وتنازل له عنها، تأسيساً على ما أثبت في إعلان صحيفة افتتاح الدعوى من تركه لها وإقامته في مسكن آخر، ومن إعلانه بها من بعد في هذا المسكن، ومن إقرار الطاعن الثاني في تحقيقات الشكوى الإدارية بإقامته وعائلته بشقة النزاع، وكلها أسباب سائغة تكفي لحمل هذا الواقع الذي استخلصه.
6 - يفترض في فعل الإيواء والاستضافة بما لا يعتبر تنازلاً عن الإيجار أو تأجيراً من الباطن أن يكون بصفة عارضة ومن خلال إقامة المستأجر الأصلي وانتفاعه بالعين واستمراره في شغلها بنفسه، بحيث إذا انقطعت هذه الإقامة نهائياً وبقى فيها من بعده من استضافه أو آواه، عد ذلك تأجيراً من الباطن أو نزولاً عن الإيجار.
7 - المساكنة التي تنشئ للمنتفعين بالعين المؤجرة من غير المشار إليهم بالمادة 21 من القانون رقم 52 لسنة 1969 المنطبق على واقعة الدعوى حقاً في البقاء فيها رغم ترك المستأجر الأصلي العين أو وفاته، تستلزم وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة حصول المشاركة السكنية منذ بدء الإجارة، وكان البين من الحكم المطعون فيه أن الطاعنين أقاما دفاعهما على أن ثانيهما يقيم بعين النزاع منذ سنة 1967، وكانت الإجارة قد بدأت في غضون 1956، فإن الحكم إذا انتهى إلى عدم اعتبار هذه الإقامة مساكنة يحق معها للطاعن الثاني البقاء في العين بعد ترك الطاعن الأول لها يكون قد انتهى إلى تطبيق صحيح القانون على واقعة الدعوى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه، وسائر الأوراق - تتحصل في أن شركة الشرق للتأمين الممثلة بالمطعون عليه الأول - أقامت الدعوى رقم 786 لسنة 1973 مدني أمام محكمة الجيزة الابتدائية ضد الطاعنين بطلب الحكم بإخلاء الطاعن الأول من العين المؤجرة له وتسليمها إليه وذلك في مواجهة الطاعن الثاني وقال في بيانها إن الطاعن الأول يستأجر الشقة رقم 92 الكائنة بالعقار رقم....... المملوك للشركة، وإذ قام بتأجيرها من باطنه إلى الطاعن الثاني دون إذن كتابي صريح منه بالمخالفة لنص المادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 فقد أقام الدعوى. وبتاريخ 1/ 12/ 1974 حكمت المحكمة أولاً: برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة وبقبولها. ثانياً: برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم الاستناد لعقد إيجار. ثالثاً: إحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليه الأول أن من بين شروط عقد الإيجار الساري بينه وبين الطاعن الأول أن الأخير محظور عليه التأجير من الباطن أو التنازل عن الإيجار أو الترك للغير، وبعد سماع الشهود عادت وحكمت في 23/ 11/ 1975 برفض الدعوى. استأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 3696 لسنة 92 ق القاهرة بطلب إلغائه والقضاء له بالطلبات، طلب المطعون عليهم من الثاني للخامس قبول تدخلهم منضمين للمطعون عليه الأول تبعاً لعودة ملكية العقار إليهم وفق قانون تصفية الحراسات. دفع الطاعنان بعدم قبول الاستئناف لرفعه من غير ذي صفة، وبعدم قبول التدخل، وبتاريخ 16/ 2/ 1978 م حكمت محكمة الاستئناف برفض الدفعين وبقبول التدخل وبإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن الأول في مواجهة الطاعن الثاني بإخلاء العين المبينة بصحيفة الدعوى وبعقد الإيجار وبتسليمها للمطعون عليهم من الثاني للأخير خالية. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبعة أسباب، ينعى الطاعنان بالوجه الأول من السبب الأول وبالسبب الخامس منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولان إنهما دفعا بعدم قبول الاستئناف لرفعه من غير ذي صفة، ولانتفاء مصلحة المطعون عليه الأول "المستأنف" في إقامته بعد أن عادت ملكية العقار الكائن به العين إلى المطعون عليهم من الثاني للخامس، كما دفعا بعدم قبول تدخل الآخرين تأسيساً على إنهم باعوا العقار وأحالوا عقد الإيجار إلى أخرى، ورفض الحكم كلا الدفعين على سند من أن المطعون عليه الأول كان محكوماً لغير صالحه في الدعوى المستأنف حكمها، وأن باقي المطعون عليهم عادت إليهم ملكية العقار بعد تصفية الحراسات، في حين أن الصفة والمصلحة يلزم توافرها عند رفع الدعوى وبقائها أثناء سيرها، وإلا أصبحت غير مقبولة هذا إلى أن الدفع بعدم تدخل المطعون عليهم من الثاني للأخير كان مبناه انتفاء صفتهم ومصلحتهم في الخصومة بعد حوالة حقهم في عقد الإيجار لا ينفي ملكيتهم للعقار، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان المستقر في قضاء هذه المحكمة أنه يجوز الطعن في الحكم من كل من كان طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه ولم يتخل عن منازعته حتى صدر الحكم ضده، وكان يكفي لتحقق المصلحة في الطعن قيامها وقت صدور الحكم ولا عبرة بزوالها من بعد، لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي قد قضى برفض دعوى المطعون عليه الأول، فإنه يضحى سديداً ما خلص إليه الحكم المطعون فيه من أن له صفة ومصلحة في طعنه عليه بطريق الاستئناف واستمراره في مباشرته حتى يقضى فيه، لا يغير من ذلك انتقال الحق الذي أقيمت به الدعوى إلى آخر. لما كان ما تقدم، وكان البين من الأوراق أن ملكية العقار الكائن به العين المؤجرة قد عادت إلى المطعون عليهم من الثاني للخامس بعد صدور الحكم الابتدائي بالتطبيق لأحكام كل من القانون رقم 49 لسنة 1971 بتصفية الحراسة على أموال وممتلكات الأشخاص الخاضعين لأحكام القانون رقم 150 لسنة 1954، وكذلك القانون رقم 69 لسنة 1974 بشأن تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة، فإنه يحق لهم التدخل في الاستئناف منضمين إلى المستأنف في طلباته، ولا تأثير لثبوت حوالتهم عقد الإيجار إلى المشترية للعقار في تاريخ لاحق للتدخل، طالما كانت مصلحتهم قائمة عند حصوله، وطالما كان المحيل ضامناً الحق المحال للمحال إليه، مما يقتضيه الدفاع عنه والإبقاء عليه بالحالة التي كان عليها وقت الحوالة، ويكون النعي برمته على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالوجه الثاني من السبب الأول وبالسبب السادس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب من وجهين (الأول) أغفل الحكم الرد على ما تمسك به الطاعنان من عدم الاعتداد بعقد الإيجار المقدم من المطعون عليهم المتدخلين تبعاً لعدم تقديم ترجمة رسمية له، ولتزوير بعض بياناته بإضافة عبارات مكتوبة بالعربية إلى صلبه المكتوب بلغة أجنبية. (الثاني) أقام الحكم قضاءه بالإخلاء على سند من المادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 التي لا تجيز التنازل أو التأجير من الباطن إلا بإذن كتابي صريح من المؤجر، في حين أن عقد الإيجار مبرم في تاريخ سابق على سريان هذا القانون وتخضع المنازعات المتعلقة به لأحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 مما يعيبه بمخالفة القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان الطاعنان لم يسلكا السبيل الذي رسمه القانون في المواد من 49 إلى 51 من قانون الإثبات للادعاء بالتزوير، ولم يحددا في مذكرتهما المقدمة لمحكمة الموضوع مواضع وكنه العبارات التي أضيفت حتى يتبين مدى إنتاجيتها وتعلقها بالنزاع المعروض، فإن من حق محكمة الموضوع الالتفات عما أثاراه من تزوير العقد وتعتبره صحيحاً ما دامت لم تر من ظروف الدعوى وفقاً للمادة 58 من قانون الإثبات ما يشير إلى تزويره. لما كان ذلك وكان الطاعنان لم يتمسكا أمام محكمة الموضوع، بعدم صحة الترجمة العرفية لعقد الإيجار المقدمة من المطعون عليهم، وكانت الرسمية لا تشترط في ترجمة المستندات إلا حيث لا يسلم الخصوم بصحة الترجمة العرفية ويتنازعون أمرها، فلا على الحكم إن هو اعتد بها. لما كان ما تقدم، وكان حظر التأجير من الباطن بغير إذن كتابي صريح من المالك، حكم تشريعي قائم منذ صدور القانون رقم 121 لسنة 1947 بالنص عليه في المادة 4 فقرة (ب)، بمقتضاه أصبح الأصل هو تحريم التأجير من الباطن، وكان الأثر الفوري لقوانين إيجار الأماكن يوجب سريان هذا التحريم على كل تأجير من الباطن يحدث بعد صدور القانون 121 لسنة 1947 ولو خلا عقد الإيجار من شرط بالحظر، وكان القانون رقم 52 لسنة 1969 قد أورد هذا الحكم في المادة 23 (ب) منه، وكان المسلم أن واقعة التأجير من الباطن حصلت بعد تاريخ العمل بأحكام التشريعين سالفي البيان، فإن تطبيق أحكام أي يكون على سواء لا مغايرة فيه، ويكون النعي على الحكم إعماله نص المادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 دون نص المادة الثانية من القانون رقم 121 لسنة 1947 غير منتج.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه البطلان، وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم قضى بتسليم عين التداعي للمطعون عليهم الأربعة الأخيرين ووصفها بأنها المبينة بصحيفة الدعوى وبعقد الإيجار، حال أن المطعون عليه الأول هو الذي أقام الدعوى وطلب في صحيفتها الافتتاحية ثم في صحيفة الاستئناف تسليمه العين واكتفى في تحديدها بأنها المبينة بصحيفة الدعوى. هذا إلى أن تدخل المطعون عليهم الأخيرين كان انضمامياً ولم يطلبوا شيئاً لأنفسهم فيكون الحكم قاضياً بما لم يطلبه الخصوم.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان الثابت أن المطعون عليهم الأربعة الأخيرين تدخلوا في الخصومة في مرحلة الاستئناف منضمين للمطعون عليه الأول بحسبانهم الملاك الذين عادت إليهم ملكية العين، وقدموا عقد الإيجار الصادر منهم قبل فرض الحراسة عليهم، وأصبحوا بقبول تدخلهم طرفاً في الخصومة، وكان المطعون عليه الأول قد أقر أمام المحكمة بتسليمه العقار الكائن به عين النزاع للمطعون عليهم الأخيرين بصفتهم الملاك بعد رفع الحراسة عنهم، وكان مقتضى ذلك أنهم أصبحوا أصحاب الصفة والمصلحة في الدعوى وتنصرف الطلبات فيها إليهم، وكان التسليم أثراً لازماً للإخلاء، فلا على الحكم إن انتهى إلى تسليم العين إليهم، لما كان ذلك، وكانت الإشارة إلى تحديد العين أنها الموضحة بعقد الإيجار فضلاً عن صحيفة الدعوى غير منتج طالما أن الطاعنين لا يجادلان في أن العين المبينة بالصحيفة هي ذات المبينة بعقد الإيجار، ويكون النعي بهذه المثابة على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بباقي الأسباب القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بالإخلاء على سند من أن الطاعن الأول ترك المسكن المؤجر له إلى الطاعن الثاني وعائلته مستدلاً بما أثبت بصحيفة افتتاح الدعوى وبإعلانه بها في مسكن آخر، وبإقرار الطاعن الثاني في تحقيقات الشكوى رقم 6161 لسنة 1971 إداري الجيزة من إقامته وعائلته بالعين، ورتب على ذلك أن إقامة الطاعن الثاني بتلك العين بعد ترك الطاعن الأول لها لا تعتبر من قبيل المساكنة أو الإيواء، في حين أن الإعلان الحاصل للطاعن الأول بالعقار الآخر إنما كان إعلاناً له بعقار يملكه دون أن يقيم فيه، وفي مواجهة ابنه الذي لا تجزم إقامته فيه ثبوت الإقامة لوالده، هذا إلى أن إقامة الطاعن الثاني وعائلته بالعين المؤجرة لا ينفي بذاتها أنها كانت على سبيل المساكنة أو الاستضافة. بالإضافة إلى أن الطاعن الثاني نفى في تحقيقات الشكوى الإدارية ترك الطاعن الأول للعين. علاوة على أن مجرد ترك المستأجر للعين المؤجرة تركاً مادياً مع بقاء علاقته التأجيرية بها، لا تحول دون اعتبار إقامة الغير بها دون مقابل نقدي، إيواء أو استضافة وليست تأجيراً من الباطن، وقد تمسك الطاعنان بهذه الأوجه من الدفاع وطلبا إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثباتها إلا أن الحكم التفت عنها مكتفياً بما ساقه من قرائن، مما يعيبه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان إثبات أو نفي ترك المستأجر للعين المؤجرة وتنازله عنها لآخر هو من مسائل الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بتقريرها دون معقب عليها في ذلك متى أقيم على أسباب سائغة تكفي لحمله، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن المطعون عليه الأول ترك الشقة للمطعون عليه الثاني وتنازل له عنها، تأسيساً على ما أثبت في إعلان صحيفة الدعوى من تركه لها وإقامته في مسكن آخر، ومن إعلانه بها من بعد في هذا المسكن ومن إقرار الطاعن الثاني في تحقيقات الشكوى الإدارية بإقامته وعائلته بشقة النزاع، وكلها أسباب سائغة تكفي لحمل هذا الواقع الذي استخلصه. لما كان ذلك، وكان في قيام هذه الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها فيه الرد الضمني المسقط لما أثاره الطاعنان من أقوال وحجج على عدم ترك أولهما لعين النزاع. لما كان ما تقدم، وكان يفترض في فعل الإيواء والاستضافة بما لا يعتبر تنازلاً عن الإيجار أو تأجيراً من الباطن، أن يكون بصفة عارضة ومن خلال إقامة المستأجر الأصلي وانتفاعه بالعين واستمراره في شغلها بنفسه، بحيث إذا انقطعت هذه الإقامة نهائياً وبقى فيها من بعده من استضافة أو آواه، عد ذلك تأجيراً من الباطن أو نزولاً عن الإيجار، وإذ كان الواقع الذي حصله الحكم صحيحاً على ما سلف البيان أن الطاعن الثاني يقيم وعائلته بشقة النزاع بعد ترك الطاعن الأول لها وإقامته بمسكن آخر، وكانت المساكنة التي تنشئ للمنتفعين بالعين المؤجرة من غير المشار إليهم بالمادة 21 من القانون رقم 52 لسنة 1969 المنطبق على واقعة الدعوى حقاً في البقاء فيها رغم ترك المستأجر الأصلي العين أو وفاته، تستلزم وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - حصول المشاركة السكنية منذ بدء الإجارة، وكان البين من الحكم المطعون فيه أن الطاعنين أقاما دفاعهما على أن ثانيهما يقيم بعين النزاع منذ سنة 1967 وكانت الإجارة قد بدأت في غضون سنة 1956، فإن الحكم إذا انتهى إلى عدم اعتبار هذه الإقامة مساكنة يحق معها للطاعن الثاني البقاء في العين بعد ترك الطاعن الأول لها، يكون قد انتهى إلى تطبيق صحيح القانون على واقعة الدعوى، ويكون النعي برمته على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 476 لسنة 44 ق جلسة 2 / 5 / 1979 مكتب فني 30 ج 2 ق 231 ص 245

جلسة 2 من مايو سنة 1979

برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: محمد طه سنجر، وإبراهيم فراج، وصبحي رزق ومحمد أحمد حمدي.

---------------

(231)
الطعن رقم 476 لسنة 44 القضائية

(1، 2، 3) أعمال تجارية. إيجار "الإيجار من الباطن" ضرائب.
(1) تأجير الأماكن مفروشة. لا يعد بطبيعته عملاً تجارياً ولو كان المستأجر تاجراً. اعتباره كذلك. شرطه.
(2) تأجير أكثر من وحدة سكنية مفروشة. اعتباره عملاً تجارياً ق 52 لسنة 1969. الهدف منه. إخضاع النشاط للضريبة.
(3) الاتفاق في عقد الإيجار على أن الغرض من التأجير هو استغلال العين في الأغراض التجارية. لا يبيح للمستأجر تأجير العين مفروشة ولو كان تاجراً هدفه الربح.
(4، 5، 6) إيجار "الإيجار من الباطن".
(4) تأجير المستأجر العين المؤجرة مفروشة للغير في غير الأحوال الواردة حصراً في المادتين 26 و27 ق لسنة 1969 هو تأجير من الباطن. للمؤجر حق طلب إخلاء العين.
(5) استثناء الأماكن المؤجرة مفروشة من حكم المادة 23 ق 52 لسنة 1969 بشأن أسباب إخلاء العين المؤجرة. المقصود به. عدم سريان الامتداد القانوني عليها. سريان أسباب الإخلاء عليها متى توافرت شروطها.
(6) حق المؤجر في إخلاء المستأجر لقيامه بتأجير العين المؤجرة له من الباطن. نشوءه بمجرد وقوع المخالفة. عدم انقضائه بزوالها باسترداد المستأجر الأصلي للعين.

------------------
1 - عملية تأجير الشقق مفروشة لا تعتبر بطبيعتها عملاً تجارياً، طالما لم يقترن التأجير بتقديم ضروب من الخدمة الخاصة للمستأجر، بحيث تتغلب العناصر التجارية المتعددة على الجانب العقاري من العملية، وكانت الصفة التجارية لهذا التأجير لا تثبت حتى ولو كان المستأجر تاجراً، إلا إذا كان متعلقاً بحاجات تجارته وحاصلاً بمناسبة نشاطه التجاري، بحيث لولا هذا النشاط لما وقع العمل.
2- النص في الفقرة الأخيرة من المادة 26 من القانون رقم 52 لسنة 1969 بشأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين على أنه "يعتبر تأجير أكثر من وحدة سكنية مفروشاً عملاً تجارياً" نص استثنائي من القواعد العامة التي تحكم طبيعة الأعمال التجارية، ينبغي عدم التوسع في تفسيره، ويلزم إعمال نطاقه في حدود الهدف الذي ابتغاه المشرع من وضعه، وهو إخضاع النشاط الوارد به للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية، يؤيد هذا النظر أن القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر خلا من مثل هذا النص، واستعاضت المادة 42 عنه بوجوب قيد عقد الإيجار المفروش لدى الوحدة المحلية المختصة، التي عليها إخطار مصلحة الضرائب شهرياً بما يتجمع لديها من بيانات في هذا الشأن، حرصاً من المشرع على حصول الدولة على الضرائب المستحقة، يظاهر هذا القول أن المشرع عمد بالقانون رقم 46 لسنة 1978 بشأن تحقيق العدالة الضريبية إلى تعديل الفقرة الرابعة من المادة 32 من القانون رقم 14 لسنة 1939 فأخضع التأجير مفروشاً للضريبة ولو انصب الإيجار على وحدة واحدة أو جزء منها.
3 - إذ كان الثابت من عقد الإيجار محل النزاع أنه منصوص فيه على أن الغرض من التأجير هو استغلال العين المؤجرة في الأغراض التجارية وكان التأجير مفروشاً لا يعتبر في الأصل عملاً تجارياً، وكانت الطاعنة - بافتراض أنها تاجرة - لم تدع أن التأجير مفروشاً كان مرتبطاً بحاجات تجارتها، فإنه لا يدخل في نطاق الأغراض التجارية المصرح بها في العقد. لا يغير من ذلك أن تكون الطاعنة قصدت إلى الربح لأن العبرة ليست بمجرد إجراء العمل المرتبط. وإنما بكونه قد تم بمناسبة النشاط التجاري.
4 - وإن كان المشرع نظم في المادتين 26 و27 من القانون رقم 52 لسنة 1969 قواعد تأجير المكان مفروشاً، مما مفاده - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - انتفاء التماثل بين حق المستأجر في تأجير شقته مفروشاً، وبين تأجير المكان من باطنه، اعتباراً بأن المستأجر يستمد حقه في الأولى من القانون وحده بغير حاجة إلى إذن المالك، بينما لا يملك التأجير من الباطن إلا بموافقته، إلا أنه لما كان المقرر في قضاء النقض أنه يقصد بالتأجير من الباطن في معنى المادة 23 من ذات القانون المعني المراد في الشريعة العامة بتأجير المستأجر حقه في الانتفاع بالعين المؤجرة لآخر لقاء جعل يتفق عليه بينهما، فإن المراد بهذه المواد الثلاث مجتمعة إذا أجر المستأجر المكان المؤجر إليه مفروشاً وفي غير الأحوال المصرح بها على سبيل الحصر في المادتين 26، 27 والقرارات الوزارية المنفذة لهما، فإنه يجوز للمؤجر إنهاء عقده وطلب إخلائه باعتباره مؤجراً من باطنه مخالفاً شروط الحظر، أخذاً بأن تأجير المستأجر للعين المؤجرة له للغير مفروشة لا يعدو أن يكون تأجيراً من الباطن خصه المشرع بأحكام مميزة لمواجهة اعتبارات معينة.
5 - الإشارة في صدر المادة 23 - بشأن سبل إخلاء العين المؤجرة - من القانون 52 لسنة 1969 إلى استثناء الأماكن المؤجرة مفروشة لا يرمي إلا إلى إخراجها من حكم الامتداد القانوني دون الأسباب المسوغة للإخلاء إذا توافرت شرائطها.
6 - حق المؤجر في الإخلاء - لتأجير المستأجر العين المؤجرة له من باطنه - ينشأ بمجرد وقوع المخالفة ولا ينقض بإزالتها، فيبقى له هذا الحق ولو استرد المستأجر الأصلي العين المؤجرة، فلا على الحكم إن هو التفت عن طلب المعاينة تبعاً لأنها لا تفيد إلا في زوال المخالفة بعد وقوعها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 1496 لسنة 1971 مدني أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية ضد الطاعنة وباقي المطعون عليهم بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المعقود بينه وبين الطاعنة وذلك في مواجهة المطعون عليهما الثاني والثالث وإخلائهم من العين الموضحة بالصحيفة. وقال بياناً لدعواه إن الطاعنة استأجرت بعقد مؤرخ 1/ 1/ 1969 من المالك السابق للعقار شقة بالمنزل رقم 1 شارع بيروت بمصر الجديدة بقصد استعمالها للأعمال التجارية (معرض وصالة عرض) وحظر العقد استعمال المكان المؤجر بطريقة منافية لشروطه أو التنازل عن الإيجار أو التأجير من الباطن إلا بتصريح كتابي من المالك، وإذ حول له العقد بعد شرائه العقار تبين له أن الطاعنة أجرت العين من باطنها سكناً مفروشاً للمطعون عليهما الثاني والثالث بغير موافقته مخالفة شرط الحظر، فقد أقام دعواه. وبتاريخ 12/ 4/ 1972 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليه الأول أن الطاعنة أجرت شقة النزاع من باطنها للمطعون عليهما الثاني والثالث بدون تصريح كتابي منه، وبعد سماع شهود الطرفين عادت وحكمت بتاريخ 18/ 4/ 1973 برفض الدعوى. استأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 3567 من 90 ق القاهرة لإلغائه والحكم بطلباته. وبتاريخ 18/ 3/ 1974 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف بفسخ عقد الإيجار وتسليم العين المؤجرة خالية ممن يشغلها. طعنت الطاعنة على هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثمانية أسباب، تنعى الطاعنة بالسببين الخامس والسادس منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك تقول أن الحكم ذهب إلى أنها خالفت الشرط الصريح الوارد بعقد الإيجار والذي يحظر عليها التأجير من الباطن بغير تصريح كتابي، على سند من أن التأجير مفروشاً لا يندرج ضمن الأغراض التجارية المقصودة من التعاقد، وأن الإشارة في الفقرة الرابعة من المادة 26 من القانون رقم 52 لسنة 1969 يقصد بها وضع حد للاستغلال وإخضاع من يؤجر أكثر من وحدة سكنية مفروشاً لضريبة الأرباح التجارية والصناعية، في حين أن ما أثبت بالعقد من تصريح بالاستغلال للأغراض التجارية نظير زيادة قدرها 45% يعد فاسخاً لشرط الحظر، وينطوي بذاته على تصريح كتابي باستغلال العين في كل ما يدخل في الأعمال التجارية ومن بينما التأجير مفروشاً. هذا إلى أن المادة 26/ 4 آنفة الذكر إذ تفيد تأجير أكثر من وحدة واحدة سكنية مفروشة عملاً تجارياً حتى بالنسبة لغير التاجر، فإن تأجير وحدة واحدة بالنسبة للتاجر يعتبر عملاً تجارياً من باب أولى - ولا تعتبر الطاعنة من ثم مخلة بالتزاماتها طبقاً لشروط العقد، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كانت عملية تأجير الشقق مفروشة لا تعتبر بطبيعتها عملاً تجارياً، طالما لم يقترن التأجير بتقديم ضروب من الخدمة الخاصة للمستأجر، بحيث تتغلب العناصر التجارية المتعددة على الجوانب العملية وكانت الصفة التجارية لهذا التأجير لا تثبت حتى ولو كان المستأجر تاجراً إلا إذا كان متعلقاً بحاجات تجارته، وحاصلاً بمناسبة نشاطه التجاري، بحيث لولا هذا النشاط لما وقع العمل. لما كان ذلك وكان النص في الفقرة الأخيرة من المادة 26 من القانون رقم 52 لسنة 1969 بشأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين على أنه "يعتبر تأجير أكثر من وحدة سكنية مفروشاً عملاً تجارياً" نص استثنائي من القواعد العامة التي تحكم طبيعة الأعمال التجارية، فينبغي عدم التوسع في تفسيره، ويلزم إعمال نطاقه في حدود - الهدف الذي ابتغاه المشرع من وضعه، وهو إخضاع النشاط الوارد به للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية. يؤيد هذا النظر أن القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر خلا من مثل هذا النص، واستعاضت المادة 42 عنه بوجوب قيد عقد الإيجار المفروش لدى الوحدة المحلية المختصة، التي عليها إخطار مصلحة الضرائب شهرياً بما يتجمع لديها من بيانات في هذا الشأن، حرصاً من المشرع على حصول الدولة على الضرائب المستحقة يظاهر هذا القول أن المشرع عمد بالقانون رقم 46 لسنة 1978 بشأن تحقيق العدالة الضريبية إلى تعديل الفقرة الرابعة من المادة 32 من القانون رقم 14 لسنة 1939 فأخضع التأجير مفروشاً للضريبة ولو انصب الإيجار على وحدة واحدة أو جزء منها. لما كان ما تقدم وكان الثابت من عقد الإيجار محل النزاع أنه منصوص فيه على أن الغرض من التأجير هو استغلال العين المؤجرة في الأغراض التجارية، وكان التأجير مفروشاً لا يعتبر في الأصل عملاً تجارياً على ما سلف بيانه، وكانت الطاعنة - بافتراض أنها تاجرة - لم تدع أن التأجير مفروشاً كان مرتبط بحاجات تجارتها، فإنه لا يدخل في نطاق الأغراض التجارية المصرح بها في العقد. لا يغير من ذلك أن تكون الطاعنة قصدت إلى الربح لأن العبرة ليست بمجرد إجراء العمل المرتبط، وإنما يكون قد تم بمناسبة النشاط التجاري، ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسببين الأول والثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم قضى بفسخ عقد الإيجار والتسليم على سند من المادة 23/ ب من القانون رقم 52 لسنة 1969، أخذاً بأنها أجرت العين من باطنها بغير تصريح كتابي مخالفة شرط الحظر، في حين أن صدر هذه المادة استثنى الأماكن المؤجرة مفروشة من تطبيق حكمها، والواقعة المطروحة تأجير شقة مفروشة. هذا إلى أن الحكم خلط بين حالتين متباينتين تخضع كل منهما لحكم متميز، فبينما يخضع تأجير العين من الباطن لأحكام المادة 23 السالفة، أو بالواقعة المعروضة وهي التأجير المفروش تنطبق عليها أحكام المادة 26 منه، ولا تستدعي تصريحاً كتابياً من المالك، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي غير سديد ذلك أنه وإن كان المشرع نظم في المادتين 26، 27 من القانون رقم 52 لسنة 1969 قواعد تأجير المكان مفروشاً، مما مفاده - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - انتفاء التماثل بين حق المستأجر في تأجير شقته مفروشاً، وبين تأجير المكان من باطنه، اعتباراً بأن المستأجر يستمد حقه في الأولى من القانون وحده بغير حاجة إلى إذن المالك، بينما لا يملك التأجير من الباطن إلا بموافقته، إلا أنه لما كان المقرر في قضاء النقض أنه يقصد بالتأجير من الباطن في معنى المادة 23/ ب من ذات القانون المعني المراد في الشريعة العامة بتأجير المستأجر حقه في الانتفاع بالعين المؤجرة لآخر لقاء جعل يتفق عليه بينهما. فإن المراد بهذه المواد الثلاث مجتمعة إذا أجر المستأجر المكان المؤجر إليه مفروشاً وفي غير الأحوال المصرح بها على سبيل الحصر في المادتين 26/ 27 والقرارات الوزارية المنفذة لهما، فإنه يجوز للمؤجر إنهاء عقده وطلب إخلائه باعتباره مؤجراً من باطنه مخالفاً شروط الحظر، أخذاً بأن تأجير المستأجر للعين المؤجرة له للغير مفروشة لا يعدو أن يكون تأجيراً من الباطن خصه المشرع بأحكام متميزة لمواجهة اعتبارات معينة. لما كان ذلك وكانت الإشارة في صدر المادة 23 إلى استثناء الأماكن المؤجرة مفروشة لا يرمي إلا إلى إخراجها من حكم الامتداد القانوني دون الأسباب المسوغة للإخلاء إذا توافرت شرائطها. لما كان ما تقدم وكانت العين موضوع النزاع مؤجرة أصلاً غير مفروشة إلى الطاعنة، وكان الحكم انتهى إلى أنها أجرت هذه الشقة موضوع النزاع من باطنها وفي غير أحوال انطباق المادة 26 من القانون رقم 52 لسنة 1969، فإن إعمال حكم المادة 23 منه لا ينطوي على خطأ في تطبيق القانون، ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسببين الثالث والرابع على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة - إن الحكم عول على أقوال شاهدي المطعون عليه الأول أمام محكمة أول درجة من أنها أجرت شقة النزاع مفروشة من باطنها إلى الغير، وأن شهادتهما تأيدت بإعلان المطعون عليهما الثاني والثالث بصحيفة افتتاح الدعوى في ذات الشقة مخاطباً معهما شخصياً، مع أن الواقعة محل الإثبات طبقاً لحكم الإحالة إلى التحقيق هو التأجير من الباطن للمطعون عليهما الأخيرين بالذات لا إلى الغير، بما ينطوي على تجاوز للواقعة التي صدر الحكم لإثباتها، ويكون التأجير لهذين المطعون عليهما غير وارد. هذا إلى أن الحكم أغفل الرد على دفاع الطاعنة من أن المطعون عليه الأول تعمد جلب المطعون عليهما الأخيرين إلى الشقة لإعلانهما منها رغم أنهما شخصين وهميين لا وجود لهما، وهو ما يعيبه بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب.
وحيث إن النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان الاطمئنان إلى أقوال الشهود والترجيح بينها هو من إطلاقات محكمة الموضوع بما لا معقب لأحد عليها فيه، وكان الحكم المطعون فيه إذ عول على أقوال شاهدي المطعون عليه الأول من أنهما قررا أن الطاعنة أجرت الشقة موضوع التداعي من باطنها مفروشة إلى الغير قد أعقب ذلك مباشرة بأن هذه الأقوال مؤيدة بإعلان المطعون عليهما الثاني والثالث في عين النزاع وتسلمهما الإعلان بشخصهما، بما يفيد أنه إنما يعنيهما بالغير، وأن قناعته اتجهت إلى وجودهما فعلاً بالشقة مطرحاً ادعاء الطاعنة بأن ثمة تعمد لجلبهما إليها قد صادف محله، لما كان ذلك وكانت الطاعنة لم تقدم صورة رسمية من محضر التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة للتدليل على مجاوزة الحكم لنطاق حكم الإحالة إلى التحقيق، والتحقق من أن أقوال الشاهدين قد انصرفت إلى غير المطعون عليهما الأخيرين بالذات، فإن النعي على الحكم بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب يكون على غير أساس.
وحيث إن مبنى الطعن بالسببين السابع والثامن على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بإجراء معاينة لشقة النزاع أخذاً بالأحوط لإثبات أن - تأجيراً من الباطن لم يحصل، وأنه بفرض صحته يكون صحيحاً وفق قرار وزير الإسكان بجواز تأجير الشقق مفروشة في المناطق السياحية والتي تدخل منطقة مصر الجديدة بينها، غير أن الحكم التفت عن الرد على ما تمسكت به بما يشوبه بالإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب.
وحيث إن النعي مردود في شقه الأول بأنه لما كان الحكم قد اعتد - وعلى ما سلف بيانه - بأن الطاعنة أجرت العين من الباطن بالمخالفة لشرط الحظر، وكان حق المؤجر في الإخلاء ينشأ بمجرد وقوع المخالفة ولا ينقضي بإزالتها، فيبقى له هذا الحق ولو استرد المستأجر الأصلي العين المؤجرة، فلا على الحكم إن هو التفت عن طلب المعاينة تبعاً لأنها لا تفيد إلا زوال المخالفة بعد وقوعها، والنعي غير مقبول في شقه الثاني بأن ما أوردته المذكرة في هذا الصدد جاء مرسلاً ولم تبين الطاعنة به وجه تمسكها بالأحوال التي تجيز تأجير الشقق مفروشة في المناطق السياحية، ومدى تحقق الصفة اللازمة في المستأجرين من الطاعنة بما يجعل دفاعها مجهلاً ولا يستأهل رداً.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 800 لسنة 46 ق جلسة 1 / 5 / 1979 مكتب فني 30 ج 2 ق 230 ص 241

جلسة أول مايو 1979

برئاسة السيد المستشار الدكتور محمد محمد حسنين نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: صلاح الدين يونس، محمد وجدي عبد الصمد، ألفي بقطر حبشي ومحمد علي هاشم.

----------------

(230)
الطعن رقم 800 لسنة 46 القضائية

عمل. "الأجر. العمولة. التسوية".
عمولة المبيعات. من ملحقات الأجر غير الدائمة. الأجر المتخذ أساساً عند تسوية حالة العامل طبقاً للائحة 3546 لسنة 1962. عدم شموله للعمولة المذكورة.

----------------
الأصل في استحقاق الأجر - وعلى ما جرى به نص المادة الثالثة من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 - أنه لقاء العمل الذي يقوم به العامل، وأما ملحقات الأجر منها ما لا يستحقه العامل إلا إذا تحققت أسبابها فهي ملحقات غير دائمة وليست لها صفة الثبات والاستقرار ومن بينها عمولة البيع التي تصرفها الشركة المطعون ضدها للطاعن والتي لا تعدو أن تكون مكافأة قصد منها إيجاد حافز في العمل ولا يستحقها إلا إذا تحقق سببها وهو البيع الفعلي، فإذا باشره الطاعن استحق العمولة وبمقدار هذا البيع أما إذا لم يباشره فلا يستحق هذه العمولة وبالتالي فلا يشملها الأجر الذي يتخذ أساساً عند تسوية حالة الطاعن طبقاً لأحكام القرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 بلائحة نظام العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
ومن حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 878 لسنة 1971 عمال أسيوط الابتدائية ضد المطعون ضدهن طالباً الحكم بأحقيته للفئة المالية السابعة منذ 1/ 7/ 1964 وللفئة المالية السادسة اعتباراً من 1/ 3/ 1967 وإلزام المطعون ضدهما الأولين في مواجهة المطعون ضدها الثالثة بأن يؤديا له مبلغ 800 جنيه، وقال شرحاً لها إنه ألحق بالعمل كبائع بمحل أوريكو فرع أسيوط في 17/ 11/ 1949 وبتاريخ 1/ 7/ 1964 تم تسكينه بوظيفة "بائع أول" على الفئة المالية الثامنة وإذ كان يستحق الفئة المالية السابعة منذ ذلك تاريخ والفروق المالية المترتبة على ذلك فقد أقام الدعوى بطلباته المتقدمة. وفي 15/ 12/ 1971 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 12 سنة 47 ق أسيوط، وبتاريخ 20/ 5/ 1972 حكمت المحكمة بندب مكتب خبراء وزارة العدل لأداء المهمة المبينة بالحكم المستأنف وبأحقية الطاعن للفئة المالية السابعة اعتباراً من 1/ 7/ 1974 وللفئة المالية السادسة من 13/ 4/ 1971 وبإعادة المأمورية للخبير لاحتساب الفروق المالية التي يستحقها الطاعن إلى 1/ 7/ 1971 مراعياً في ذلك ما كان يحصل عليه من عمولة بالإضافة إلى الحد الأدنى المقر لكل من الفئتين المذكورتين وبعد أن قدم الخبير تقريره التكميلي عادت في 4/ 5/ 1976 وحكمت بإلزام المطعون ضدهما الأولين بأن يؤديا للطاعن مبلغ 107.933 جنيهاً. طعن الطاعن في هذا الحكم وفي الحكم الصادر بتاريخ 7/ 6/ 1975 بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدها الثالثة وبنقض الحكمين المطعون فيهما، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
ومن حيث إن الدفع بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدها الثالثة صحيح ذلك أنه لا يكفي فيه من يختصم في الطعن أن يكون طرفاً في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، بل يجب أن تكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم حين صدوره، ولما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن اختصم المطعون ضدها الثالثة أمام محكمة الاستئناف ليصدر الحكم في مواجهتها وأنها وقفت من الخصومة موقفاً سلبياً ولم يحكم عليها بشيء وكان الطاعن قد أسس طعنه على أسباب لا تعلق لها إلا بالمطعون عليهما الأوليين فإنه لا يقبل اختصامها في الطعن ويتعين لذلك الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة لها.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة للمطعون ضدهما الأولى والثانية.
ومن حيث إن الطعن بني على سببين، ينعى الطاعن بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الصادر بتاريخ 8/ 6/ 1975 مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاءه برد المأمورية إلى الخبير لاحتساب الفروق المالية التي يستحقها الطاعن مع مراعاة ما كان يحصل عليه من عمولة بالإضافة إلى الحد الأدنى المقرر لكل من الفئتين الماليتين السابعة والسادسة، على أن العمولة تعتبر جزءاً من الأجر وتضاف إليه وقد ترتفع به على الحد الأدنى للفئة المالية التي يستحقها الطاعن وقت تسوية حالته، في حين أن لائحتي نظام العاملين بالقطاع العام رقمي 3546 لسنة 1962، 3309 لسنة 1966 وكذلك قواعد التسوية والتسكين التي وافقت عليها اللجنة الوزارية للتنظيم والإدارة تفيد أن العمولة هي مكافأة تشجيعية تساعد على زيادة المبيعات ولا تدخل في حساب الأجر عند التسكين لأنها ليست دورية ولا ثابتة ولا منتظمة ولها سجلاتها الخاصة بالشركة خلاف سجلات المرتبات.
ومن حيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان الواقع حسبما سجله الحكم المطعون فيه هو أن الشركة المطعون ضدها كانت تمنح الطاعن عمولة على المبيعات إلى جانب أجره الأصلي، وأن هذه العمولة ترتبط بالبيع الفعلي وجوداً وعدماً، وإذ كان الأصل في استحقاق الأجر - وعلى ما جرى به نص المادة الثالثة من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 - أنه لقاء العمل الذي يقوم به العامل، وإما ملحقات الأجر فمنها ما لا يستحقه العامل إلا إذا تحققت أسبابها فهي ملحقات غير دائمة وليست لها صفة الثبات والاستقرار ومن بينها عمولة البيع التي تصرفها الشركة المطعون ضدها للطاعن والتي لا تعدو أن تكون مكافأة قصد منها إيجاد حافز في العمل ولا يستحقها إلا إذا تحقق سببها وهو البيع الفعلي، فإذا باشره الطاعن استحق العمولة وبمقدار هذا البيع أما إذا لم يباشره فلا يستحق هذه العمولة وبالتالي فلا يشملها الأجر الذي يتخذ أساساً عند تسوية حالة الطاعن طبقاً لأحكام القرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 بلائحة نظام العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وجرى قضاءه على أن هذه العمولة تعتبر جزءاً من أجر الطاعن الذي يحتسب عند تسوية حالته - ، فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص، دون حاجة إلى بحث السبب الثاني من سببي الطعن، وإذ كان الحكم المطعون فيه الصادر بتاريخ 4/ 5/ 1976 والذي قضى بإلزام المطعون ضدهما الأوليين بأن يؤديا للطاعن مبلغ 107.933 جنيهاً مؤسساً على الحكم الأول الصادر في 8/ 6/ 1974 في شقه الذي نقضته هذه المحكمة، فإنه يتعين نقض هذا الحكم كأثر لنقضه في ذلك الشق عملاً بالمادة 271 من قانون المرافعات.

الطعن 1231 لسنة 48 ق جلسة 30 / 4 / 1979 مكتب فني 30 ج 2 ق 229 ص 236

جلسة 30 من أبريل سنة 1979

برئاسة السيد المستشار مصطفى الفقي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: حافظ رفقي، محمود حسين حسن، دكتور سعيد عبد الماجد وعاصم المراغي.

-----------------

(229)
الطعن رقم 1231 لسنة 48 القضائية

(1) تعويض. مسئولية. "مسئولية تقصيرية".
إبلاغ الجهات المختصة بما يقع من الجرائم. حق مقرر لكل شخص. مساءلة المبلغ. شرطه. ثبوت كذب البلاغ وتوافر سوء القصد أو صدور التبليغ عن تسرع ورعونة.
(2 و3) مسئولية. "مسئولية تقصيرية". محكمة الموضوع. دعوى.
(2) تكييف الفعل بأنه خطأ. موجب للمسئولية التقصيرية. من المسائل القانونية التي تخضع لرقابة محكمة النقض.
(3) دعوى التعويض عن المسئولية التقصيرية. إقامتها على أساس خطأ معين نسبه المدعي إلى المدعى عليه. إقامة المحكمة قضاءها على خطأ واجب إثباته لم يدعه المدعي. خطأ.

-----------------
1 - النص في المادتين 25 و26 من قانون الإجراءات الجنائية يدل على إبلاغ الجهات المختصة بما يقع من الجرائم - التي يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى الجنائية فيها بغير شكوى أو طلب - يعتبر حقاً مقرراً لكل شخص وواجباً على كل من علم بها من الموظفين العموميين أو المكلفين بخدمة عامة أثناء وبسبب تأدية عملهم وذلك حماية للمجتمع من عبث الخارجين على القانون ومن ثم فإن استعمال هذا الحق أو أداء هذا الواجب لا تترتب عليه أدنى مسئولية قبل المبلغ إلا إذا ثبت كذب الواقعة المبلغ عنها وأن التبليغ قد صدر عن سوء قصد بغية الكيد والنيل والنكاية بمن أبلغ عنه أو ثبت صدور التبليغ عن تسرع ورعونة وعدم احتياط، أما إذا تبين أن المبلغ كان يعتقد بصحة الأمر الذي أبلغ عنه أو قامت لديه شبهات تبرر التبليغ فإنه لا وجه لمساءلته عنه. ومن ثم فلا تثريب على المبلغ إذا أبلغ النيابة العامة بواقعة اعتقد بصحتها وتوافرت له من الظروف والملابسات الدلائل الكافية والمؤدية إلى اقتناعه بصحة ما نسب إلى المبلغ ضده.
2 - تكييف الفعل بأنه خطأ موجب للمسئولية التقصيرية يعتبر من المسائل القانونية التي تخضع لرقابة محكمة النقض.
3 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد ركن في قضائه بمساءلة الشركة الطاعنة على مخالفتها للأصول المتبعة والأسس الحسابية السليمة بإغفالها وإسقاطها المدة من 1/ 7/ 1967 حتى 9/ 7/ 1967 من عملية جرد عهدة المطعون ضده وكان الثابت بالأوراق أن المطعون ضده قد ركن في دعواه إلى تسرع الطاعنة في الإبلاغ ضده دون تحوط ولم ينع عليها بمخالفة الأسس الحسابية السليمة في عملية جرد عهدته فإن الحكم المطعون فيه إذ ركن في قضائه إلى تلك الواقعة يكون قد أخطأ في القانون ذلك أنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ليس لمحكمة الموضوع إقامة المسئولية التقصيرية على خطأ لم يدعه المدعي متى كان أساسها خطأ يجب إثباته إذ أن عبء إثبات الخطأ يقع في هذه الحالة على عاتق المدعي المضرور.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 430 سنة 1974 مدني كلي أسوان ضد الشركة الطاعنة طلب فيها الحكم بإلزامها بأن تؤدي له مبلغ 3000 جنيه تعويضاً له عما أصابه من أضرار مادية وأدبية نتيجة تسرع ورعونة المسئولين بالشركة في إبلاغ النيابة العامة عن وجود عجز بعهدته قدروه بمبلغ 2217 جنيه و253 مليم فوجهت إليه النيابة العامة تهمة اختلاس أموال أميرية وقيدت الواقعة ضده برقم 132 سنة 1969 جنايات أسوان وأحالته إلى السيد مستشار الإحالة الذي قرر ندب ثلاث خبراء من وزارة العدل لمراجعة عهدته فقدموا تقريراً انتهوا فيه إلى عدم وجود العجز فأصدر السيد مستشار الإحالة قراراً بالأوجه لإقامة الدعوى الجنائية ولم تكتف الشركة بهذا الاتهام الباطل بل فصلته من عمله فأصابه من جراء ذلك كله أضراراً مادية وأدبية قدر التعويض عنها بالمبلغ المطالب به، دفعت الشركة الطاعنة تلك الدعوى بعدم جواز نظرها لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 762 سنة 1968 مدني كلي أسوان كما دفعت بسقوط الحق فيها بالتقادم الحولي المنصوص عليه بالمادة 698 مدني وبتاريخ 14/ 10/ 1977 قضت محكمة أسوان الابتدائية برفض هذين الدفعين وبرفض الدعوى. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 69 سنة 52 ق وبتاريخ 29/ 4/ 1978 قضت محكمة استئناف أسيوط "مأمورية أسوان" بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضده مبلغ ألف وخمسمائة جنيه. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك تقول أنه رغم اكتشاف العجز في عهدة المطعون ضده بتاريخ 6/ 11/ 1967 إلا أن مدير فرع الشركة الذي يعمل به لم يقم بإبلاغ النيابة إلا بتاريخ 21/ 4/ 1968 بعد أن قامت كل من إدارة حسابات الفرع بأسوان والإدارة العامة لحسابات الشركة بالقاهرة بمراجعة عهدة المطعون ضده وإقرارهما بوجود عجز، بعد أن أجرت الشركة تحقيقاً معه في شأن هذا العجز استغرق مدة تزيد على الأربعة أشهر، وهذا كله يدل بوضوح على انتفاء سوء النية لدى المسئولين بالشركة الذين أبلغوا النيابة عن واقعة العجز وتبين عنهم الرغبة في الكيد والانتقام من المطعون ضده، هذا فضلاً عن أن قيام الشركة بإجراء جرد العهدة خلال المدة من 9/ 7/ 1967 - تاريخ استلام المطعون ضده العمل بالفعل - حتى 6/ 11/ 1967 في حين أن مكتب خبراء وزارة العدل قام بإجراء الجرد عن الفترة من 1/ 7/ 1967 حتى 9/ 11/ 1967، لا يعتبر في حد ذاته خطأ موجباً للمسئولية سيما أن المطعون ضده لم يركن إلى هذه الواقعة في دعواه بل ركن في مساءلته للشركة الطاعنة على خطئها بتسرع المسئولين فيها بإبلاغ النيابة العامة، وإذا انتهى الحكم المطعون فيه إلى "وقوع خطأ من جانب الشركة الطاعنة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن النص في المادة 25 من قانون الإجراءات الجنائية على أن (لكل من علم بوقوع جريمة ويجوز للنيابة رفع الدعوى عنها بغير شكوى أو طلب أن يبلغ النيابة العامة أو أحد مأموري الضبط القضائي عنها) والنص في المادة 26 من القانون المشار إليه على أنه (يجب على كل من علم من الموظفين العموميين أو المكلفين بخدمة عامة أثناء تأدية عمله أو بسبب تأديته بوقوع جريمة من الجرائم التي يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى عنها بغير شكوى أو طلب أن يبلغ عنها فوراً النيابة العامة أو أقرب مأمور من مأموري الضبط القضائي) يدل على أن إبلاغ الجهات المختصة بما يقع من الجرائم - التي يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى الجنائية فيها بغير شكوى أو طلب يعتبر حقاً مقرراً لكل شخص وواجباً على كل من علم بها من الموظفين العموميين أو المكلفين بخدمة عامة أثناء وبسبب تأدية عملهم وذلك حماية للمجتمع من عبث الخارجين على القانون، ومن ثم فإن استعمال هذا الحق أو أداء هذا الواجب لا تترتب عليه أدنى مسئولية قبل المبلغ إلا إذا ثبت كذب الواقعة المبلغ عنها وأن التبليغ قد صدر عن سوء قصد وبغية الكيد والنيل والنكاية بمن أبلغ عنه أو ثبت صدور التبليغ عن تسرع ورعونة وعدم احتياط، أما إذا تبين أن المبلغ كان يعتقد بصحة الأمر الذي أبلغ عن أو قامت لديه شبهات تبرر التبليغ فإنه لا وجه لمساءلته عنه، لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن مدير فرع الشركة الطاعنة بأسوان والذي يعمل المطعون ضده تحت إشرافه فيه قد أبلغ النيابة العامة في 21/ 4/ 1968 بواقعة اكتشاف العجز في عهدة الطعون ضده، وأن هذا التبليغ لم يقع فور اكتشاف العجز في نوفمبر سنة 1967 م بل جاء بعد أن تأكد له وجود العجز بعد مراجعة العهدة بمعرفة إدارة حسابات الشركة بأسوان ومراجعة إدارة الحسابات العامة للشركة بالقاهرة التي أقرت بدورها وجود العجز وبعد إجراء تحقيق مع المطعون ضده بمعرفة الشركة في أسباب هذا العجز، ومن ثم فلا تثريب على المبلغ إذا أبلغ النيابة العامة بواقعة اعتقد بصحتها وتوافرت له من الظروف والملابسات الدلائل الكافية والمؤدية إلى إقناعه بصحة ما نسب إلى المطعون ضده، ولما كان تكييف الفعل بأنه خطأ موجب للمسئولية التقصيرية يعتبر من المسائل القانونية التي تخضع لرقابة محكمة النقض، فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف النظر المتقدم ذكره واعتبر واقعة إبلاغ مدير فرع الشركة الطاعنة بأسوان عن هذا العجز الذي اكتشف في عهدة المطعون ضده مكوناً لركن الخطأ لانطوائه على تسرع ورعونة فإنه يكون قد أخطأ في القانون، ولما كان الحكم المطعون فيه قد ركن أيضاً في قضائه بمساءلة الشركة الطاعنة على مخالفتها للأصول المتبعة والأسس الحسابية السليمة بإغفالها وإسقاطها المدة من 1/ 7/ 1967 م حتى 9/ 7/ 1967 م من عملية جرد عهدة المطعون ضده وكان الثابت بالأوراق أن المطعون ضده قد ركن في دعواه إلى تسرع الشركة الطاعنة في الإبلاغ ضده دون تحوط ولم ينع عليها بمخالفة الأسس الحسابية السليمة في عملية جرد عهدته، فإن الحكم المطعون فيه إذ ركن في قضاءه إلى تلك الواقعة يكون قد أخطأ في القانون ذلك أنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ليس لمحكمة الموضوع إقامة المسئولية التقصيرية على خطأ لم يدعه المدعي متى كان أساسها خطأ يجب إثباته إذ أن عبء إثبات الخطأ يقع في هذه الحالة على عاتق المدعي المضرور. لما كان ما تقدم فإنه وقد ثبت خطأ الحكم في الواقعتين المكونتين لركن الخطأ الذي أقام عليه مساءلة الشركة الطاعنة تقصيرياً فإن الحكم المطعون فيه يكون متعيناً نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه وكان الحكم الابتدائي قد أصاب صحيح القانون إذ قضى برفض دعوى المطعون ضده لانتفاء ركن الخطأ في جانب مدير فرع الشركة الطاعنة بأسوان الذي قام بالإبلاغ عن واقعة العجز في عهدة المطعون ضده الذي يعمل تحت إشرافه لاعتقاده بصحة هذه الواقعة وتوافر الدلائل والشبهات لديه على صحة تبليغه وأن رائده في التبليغ هو الحرص على أموال الشركة، فإنه يتعين رفض الاستئناف موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف.

الطعن 215 لسنة 46 ق جلسة 30 / 4 / 1979 مكتب فني 30 ج 2 ق 228 ص 232

جلسة 30 من أبريل سنة 1979

برئاسة السيد المستشار مصطفى الفقي نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: حافظ رفقي، محمود حسن حسين، دكتور سعيد عبد الماجد وعاصم المراغي.

------------------

(228)
الطعن رقم 215 لسنة 46 القضائية

(1 و2 و3) نقض. تقادم. "انقطاع التقادم". صورة تنفيذية. دعوى.
(1) الدعوى بطلب تسليم صورة تنفيذية ثانية من أمر الأداء. عدم اعتبارها مطالبة صريحة بالحق المثبت به. لا تعد إجراء قاطعاً لمدة تقادم الحق.
(2) انقطاع التقادم بأي عمل يقوم به الدائن التمسك بحقه أثناء السير في إحدى الدعاوى. م 383 مدني. المقصود بهذه الأعمال.
(3) النعي بأن ضياع الصورة التنفيذية الأولى لأمر الأداء مانع بوقف سريان تقادم الحق الثابت به. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.

------------------
1 - المطالبة القضائية التي تقطع مدة التقادم هي المطالبة الصريحة الجازمة أمام القضاء بالحق الذي يراد اقتضاؤه. ولما كانت مطالبة البنك الطاعن من القضاء بتسليمه صورة تنفيذية ثانية من أمر الأداء السابق صدوره لصالحه على المطعون ضدهما - وإن كانت تمهد للتنفيذ به - إلا أنها لا تعتبر مطالبة صريحة بالحق المثبت في أمر الأداء والمهدد بالسقوط، ولا تنصب على أصل الحق بل هي تعالج صعوبة تقوم في سبيل الطاعن الذي فقد الصورة التنفيذية الأولى من أمر الأداء المشار إليه. فالحق في استلام صورة تنفيذية ثانية يغاير الحق الصادر به الأمر، ومن ثم فلا أثر لهذه المطالبة به انقطاع مدة التقادم.
2 - تقضي المادة 383 من القانون المدني بأن التقادم ينقطع بأي عمل يقوم به الدائن للتمسك بحقه أثناء السير في إحدى الدعاوى والمقصود بهذا النص هو الطلب الذي يبديه الدائن في مواجهة مدينه أثناء السير في دعوى مقامة ضد الدائن أو تدخل خصماً فيها، ويبين منه تمسكه ومطالبته بحقه المهدد بالسقوط.
3 - إذ كان الطاعن لم يسبق له أن تمسك أمام محكمة الموضوع بأن ضياع الصورة التنفيذية الأولى لأمر الأداء الصادر لصالحه على المطعون ضدهما وانتظاره صدور الحكم بتسليمه صورة تنفيذية ثانية منه، يعتبر مانعاً يتعذر معه المطالبة بحقه ومن ثم يوقف سريان تقادمه إعمالاً لنص المادة 382/ 1 من القانون المدني فإنه لا يقبل منه - الطاعن - إثارة هذا الدفاع الجديد لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه دفاع قانوني يخالطه واقع كان يتعين طرحه على محكمة الموضوع لتحققه وتقول كلمتها في شأنه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن البنك الطاعن استصدر بتاريخ 24/ 1/ 1954 أمر الأداء رقم 250 لسنة 1954 كلي القاهرة بإلزام المطعون ضدهما بأن يدفعا له مبلغ 1500 جنيه والفوائد بواقع 7% اعتباراً من 12/ 3/ 1953 حتى السداد، وإذ فقدت الصورة التنفيذية من أمر الأداء أقام الطاعن الدعوى رقم 1908 لسنة 1971 مدني كلي شمال القاهرة بطلب تسليم صورة تنفيذية ثانية من أمر الأداء. وبتاريخ 7/ 12/ 1972 قضت المحكمة بتسليم الطاعن صورة تنفيذية ثانية من أمر الأداء، فأقام المطعون ضدهما الدعوى رقم 1210 سنة 1974 مدني كلي جنوب القاهرة بطلب براءة ذمتهما من قيمة أمر الأداء تأسيساً على سقوط الالتزام الثابت فيه بالتقادم، وطلب الطاعن رفض الدعوى استناداً إلى أنه كان يباشر إجراءات التنفيذ منذ أعلن المطعون ضدهما أمر الأداء في 3/ 4/ 1954 حتى أوقع حجزاً تنفيذياً على ما يستحقانه لدى الغير وأعلنه إليهما في 29/ 11/ 1956 وظل يتحرى عن وجود أموال لهما حتى اكتشف بتاريخ 30/ 3/ 1971 ضياع الصورة التنفيذية لأمر الأداء فأقام دعواه بطلب صورة تنفيذية ثانية. وبتاريخ 30/ 4/ 1975 قضت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية برفض الدعوى فاستأنف المطعون ضدهما هذا الحكم بالاستئناف رقم 2162 لسنة 92 ق القاهرة. وبتاريخ 28/ 3/ 1976 قضت محكمة استئناف القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة ذمة المطعون ضدهما من الدين موضوع أمر الأداء رقم 250 لسنة 1954 كلي شمال القاهرة. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم المطعون فيه وقد انتهى إلى سقوط الحق الثابت في أمر الأداء بالتقادم لمضي أكثر من خمسة عشر عاماً على آخر إجراء قاطع للتقادم وهو حجز ما للمدين لدى الغير المعلن للمطعون ضدهما في 29/ 11/ 1956 قد فاته أن الطاعن أقام دعوى بطلب صورة تنفيذية ثانية في 30/ 3/ 1971 قبل اكتمال خمسة عشر عاماً على توقيع الحجز المشار إليه. وهذه الدعوى في ذاتها تعتبر إجراءاً يفوق في أثره التنبيه القاطع للتقادم، كما تعتبر عملاً قانونياً يدل على تمسك الطاعن بحقه قبل المطعون ضدهما وينقطع به التقادم إعمالاً لنص المادة 383 من القانون المدني، هذا فضلاً عن أن ضياع السند التنفيذي من يد الدائن وانتظاره صدور حكم بتسليمه صورة تنفيذية ثانية يعتبر مانعاً يتعذر معه اتخاذ أي إجراء قاطع للتقادم بالتطبيق لنص المادة 382/ 1 من القانون المدني، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر يكون قد أخطأ في تطبيق قانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المطالبة القضائية التي تقطع مدة التقادم هي المطالبة الصريحة الجازمة أمام القضاء بالحق الذي يراد اقتضاؤه. ولما كانت مطالبة البنك الطاعن من القضاء بتسليمه صورة تنفيذية ثانية من أمر الأداء السابق صدوره لصالحه على المطعون ضدهما - وإن كانت تمهد للتنفيذ به - إلا أنها لا تعتبر مطالبة - صريحة بالحق المثبت في أمر الأداء والمهدد بالسقوط، ولا تنصب على أصل الحق بل هي تعالج صعوبة تقوم في سبيل الطاعن الذي فقد الصورة التنفيذية الأولى من أمر الأداء المشار إليه. بالحق في استلام صورة تنفيذية ثانية يغاير الحق الصادر به الأمر، ومن ثم فلا أثر لهذه المطالبة في انقطاع مدة التقادم، ولا وجه لتمسك الطاعن بما ورد في نهاية المادة 383 من القانون المدني بأن التقادم ينقطع بأي عمل يقوم به الدائن للتمسك بحقه أثناء السير في إحدى الدعاوى، ذلك أن المقصود بهذا النص هو الطلب الذي بيديه الدائن في مواجهة مدينه أثناء السير في دعوى مقامة ضد الدائن أو تدخل خصماً فيها، ويبين منه تمسكه ومطالبته بحقه المهدد بالسقوط، لما كان ذلك وكان الطاعن لم يسبق له أن تمسك أمام محكمة الموضوع بأن ضياع الصورة التنفيذية الأولى لأمر الأداء الصادر لصالحه على المطعون ضدهما وانتظاره صدور الحكم بتسليمه صورة تنفيذية ثانية منه، يعتبر مانعاً يتعذر معه المطالبة بحقه ومن ثم يوقف سريان تقادمه إعمالاً لنص المادة 382/ 1 من القانون المدني فإنه لا يقبل من الطاعن إثارة هذا الدفاع الجديد لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه دفاع قانوني يخالطه واقع كان يتعين طرحه على محكمة الموضوع لتحققه وتقول كلمتها في شأنه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 249 لسنة 2023 تمييز دبي تجاري جلسة 7 / 6 / 2023

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 07-06-2023 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعنين رقمي 249 ، 251 لسنة2023 طعن تجاري
طاعن:
خلدون رشيد سعيد  الطبري
مطعون ضده:
دريك آند سكل إنترناشيونال (شركة مساهمة عامة)
دريك اند سكل انترناشيونال ـ ذ.م.م  ـ ابوظبي
بنك الفجيرة الوطني
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2022/2027 استئناف تجاري
بتاريخ 12-01-2023
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بجلسة المرافعة السيد القاضي المقرر طارق يعقوب الخياط وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعن بالطعن رقم 249 لسنة 2023 (خلدون رشيد سعيد الطبري) أقام الدعوى رقم 5 لسنة 2022 مصارف كلي أمام محكمة دبي الابتدائية، قبل المطعون ضدهم الأولى (دريك آند سكل إنترناشيونال-شركة مساهمة عامة) والثانية (دريك اند سكل انترناشيونال ذ.م.م ـابوظبي) والثالث (بنك الفجيرة الوطني) طلب في ختامها أولًا:- ندب خبير متخصص، تكون مهمته الاطلاع على أوراق الدعوى ومستنداتها، لبيان الأضرار المادية والمعنوية والأدبية التي لحقت بالطاعن نتيجة لأفعال المطعون ضدهم وعلى وجه الخصوص المخالفات والتجاوزات التي ارتكبها المطعون ضده الثالث ومن ضمنها ختم الشيك دون التحقق من التوقيع الممهور عليه، وكذلك كافة الرسوم القانونية للتقاضي وأتعاب المحاماة عن هذه القضايا داخل الدولة وخارجها وأية نفقات أخرى على النحو الوارد في براءة الذمة الصادرة عن مجلس إدارة المطعون ضدها الأولى وجميع الأضرار التي ترتبت نتيجة لمطالبة المطعون ضده الثالث بقيمة الشيك رقم (2) الموصوف سالفاً والقضايا التي أقامها بمواجهة الطاعن والأضرار التي ترتبت على ذلك، ثانيًا:- إلزام المطعون ضدهم بالتكافل والتضامن بدفع مبلغ 500,000 درهم كتعويض جابر للضرر والفائدة القانونية بواقع 12% من تاريخ إقامة الدعوى وحتى السداد التام، تأسيساً على أنه كان يشغل منصب الرئيس التنفيذي ونائب رئيس مجلس الإدارة لدى المطعون ضدها الأولى وإنه أثناء توليه لمنصبه تحصلت المطعون ضدها الثانية بتاريخ 2016/2/24 على قرض من المطعون ضده الثالث بقيمة (60,000,000) ستون مليون درهم، بضمان المطعون ضدها الأولى حيث قام الطاعن بالتوقيع على شيك الضمان رقم (2) المسحوب على حساب المطعون ضدها الأولى لدى المطعون ضده الثالث لصالح الأخيرة بمبلغ ستون مليون درهم بصفته المخول بالتوقيع، وتم تسليم الشيك دون تاريخ، وإنه بعد استقالته من منصبيه كرئيس تنفيذي بتاريخ 14 أغسطس 2016، وكنائب لرئيس مجلس الإدارة بتاريخ 15 إبريل 2017، قامت المطعون ضدها الأولى بتوجيه رسالة رسمية إلى المطعون ضده الثالث مؤرخة في 2016/12/6 طلبت من خلالها إلغاء اعتماد توقيع الطاعن على الحساب رقم 012000834945 (المسحوب عليه شيك ضمان القرض)، وقد تسلم المطعون ضده الثالث هذه الرسالة وقام بختمها بالاستلام، وعندما تعثرت المطعون ضدها الثانية بسداد أقساط القرض، قام المطعون ضده الثالث بتوجيه رسالة إلى المطعون ضدها الثانية مؤرخة في 2019/4/1 طلب خلالها بسداد المتأخرات من القرض والبالغ قيمتها (30,000,000) ثلاثون مليون درهم، وعلى ضوء إخفاق المطعون ضدها الثانية بسداد المتبقي من قيمة القرض قام المطعون ضده الثالث بعرض الشيك رقم (2) على البنك المسحوب عليه بعد أن قام بوضع تاريخ 2019/8/1 عليه، وقد أعيد الشيك بدون صرف لعدم كفاية الرصيد مخالفاً بذلك كافة الأعراف المصرفية، وقد تفاجأ الطاعن بقيام المطعون ضده الثالث بإقامة الشكوى الجزائية رقم 14252/2019 لدى محكمة صلح جزاء عمان بالمملكة الأردنية الهاشمية بالشيك موضوع الدعوى مع الادعاء بالحق المدني قبل الطاعن والمطعون ضدها الأولى كما طلب بالحجز التحفظي على كافة أموال الطاعن، حيث صدر القرار بإلقاء الحجز التحفظي على كافة ممتلكاته دون وجه حق وهو ما ألحق به أشد الضرر مادياً وأدبياً ومعنوياً، فأقام النزاع رقم 348/2021 نزاع تعيين خبرة تجاري أمام مركز التسوية الودية للمنازعات وقد انتهت لجنة الخبراء المنتدبة إلى عدم أحقية المطعون ضده الثالث بالمطالبة بقيمة الشيك، مما حدا به إلى إقامة دعواه الراهنة، دفع المطعون ضده الثالث بعدم قبول الدعوى شكلاً لعدم رفع الدعوى بالطريق الذي حدده القانون، وبتاريخ 2022/8/10 حكمت المحكمة بمثابة الحضوري بالنسبة للمطعون ضدهما الأولى والثانية وحضورياً بالنسبة للمطعون ضده الثالث، بإلزام المطعون ضدها الأولى بأن تؤدي للطاعن مبلغ وقدره 1,500,000 درهم تعويضاً مادياً وادبياً، والفائدة القانونية بواقع 5% من تاريخ صيرورة هذا القضاء وحتى السداد التام ورفضت ما عدا ذلك من طلبات، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 2027/2022 تجاري، كما استأنفت المطعون ضدها الأولى على ذات الحكم بالاستئناف رقم 2255/2022 تجاري، فضمت المحكمة الاستئنافين وبتاريخ 2023/1/12 قضت في موضوع الاستئنافين بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بالتمييز رقم 249 لسنة 2023 تجاري بصحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى في 2023/2/7 طلب فيها نقضه، وقدم محامي المطعون ضدها الأولى مذكرة بدفاعها خلال الميعاد طلبت فيها رفض الطعن، وقدم وكيل المطعون ضده الثالث مذكرة خلال الميعاد طلب فيها رفض الطعن، كما طعنت المطعون ضدها الأولى بالتمييز رقيم 251 لسنة 2023 تجاري بصحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى في 2023/2/5 طلبت فيها نقضه وقدم محامي المطعون ضده مذكرة بدفاعه في الميعاد طلب فيها رفض الطعن، وإذ عُرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنهما جديران بالنظر وحددت جلسة لنظرهما، وبها ضمت الطعن الثاني للطعن الأول للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد.

وحيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.

وحيث إن الطعن رقيم 251 لسنة 2023 تجاري أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الأول منهم على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق والاخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك تقول بأن الحكم المطعون فيه التفت عن الرد على الدفع المبدى منها بجلسة 2023/1/27 بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى، حال أن المطعون ضده قد أسس دعوى التعويض الراهنة على إقامة البنك الشكوى الجزائية رقم 14252/2019 لدى محكمة صلح جزاء عمان بالمملكة الأردنية الهاشمية بموضوع إصدار شيك بدون رصيد مع الادعاء بالحق الشخصي (المدني) ، بما ينعقد معه الاختصاص لمحكمة عمان / المملكة الأردنية الهاشمية لكونها محكمة المكان التي وقع في دائرتها الفعل الذي أضر بالمطعون ضده والذى يطالب بالتعويض عما سببه من أضرار ? حسب زعمه والذي لا تقر بصحته - بما ينحصر معه الاختصاص بنظر موضوع الدعوى الماثلة عن محاكم الدولة وفقا لنص المادة 20 من قانون المعاملات المدنية، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يورد ذلك الدفع إيرادًا أو ردًا رغم أنه دفع جوهري من شأنه تغيير وجه الرأي بالدعوى مما يعيبه ويوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة (31) من قانون الإجراءات المدنية الصادر بمرسوم بقانون اتحادي رقم (11) لسنة 1992 الذي يسري على واقعة الدعوى على أنه " 1- يكون الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، فإن لم يكن للمدعى عليه موطن في الدولة يكون الاختصاص للمحكمة التي يقع بدائرتها محل إقامته أو محل عمله، 2- ويجوز رفع الدعوى إلى المحكمة التي وقع في دائرتها الضرر وذلك في دعاوى التعويض بسبب وقوع ضرر على النفس أو المال، 3- ويكون الاختصاص في المواد التجارية للمحكمة التي يقع بدائرتها موطن المدعى عليه أو للمحكمة التي تم الاتفاق أو نفذ كله أو بعضه في دائرتها أو للمحكمة التي يجب تنفيذ الاتفاق في دائرتها، 4- وإذا تعدد المدعى عليهم كان الاختصاص للمحكمة التي يقع بدائرتها موطن أحدهم" التي يقع بدائرتها موطن أحدهم" مفاده وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن المشرع جعل الاختصاص في المواد التجارية للمحكمة التي يقع بدائرتها موطن المدعى عليه أو للمحكمة التي تم الاتفاق أو نفذ كله أو بعضه في دائرتها أو للمحكمة التي يجب تنفيذ الاتفاق في دائرتها، وهي قسائم متساوية وضعها المشروع حسب رغبة المدعي يتخير منها ما يشاء دون إلزام عليه باتباع الترتيب الوارد بالنص وبالالتجاء إلى محكمة معينة منها دون أخرى، كما إذا تعدد المدعى عليهم كان الاختصاص للمحكمة التي يقع بدائرتها موطن أحدهم، مما مؤداه وعلى ما جرى به قضاء هذا المحكمة أن تبسط محاكم دبي ولايتها كاملة على المنازعات التي ناط بها القانون الاختصاص بالفصل فيها ولا تنحسر عنها هذه الولاية ما دام قد قام بها سبب من أسباب الاختصاص، لما كان ذلك وكان الثابت بأوراق الدعوى أن موطن الطاعنة بإمارة دبي وفقا لرخصتها الصادرة عن دائرة التنمية الاقتصادية بدبي الأمر الذي ينعقد معه الاختصاص بنظر الدعوى لمحاكم إمارة دبي، مما يكون معه النعي بما ورد بهذا السبب قائما على غير أساس.

كما إن الطاعنة تنعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت في الأوراق والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب والاخلال بحق الدفاع وذلك فيما انتهى إليه من قضاء، بالرغم من أن المطعون ضده يتحمل المسؤولية في الاخفاق في سداد التسهيلات المصرفية المستحقة في تاريخ 31/1/2016 مبلغ 28,878,23626 درهم والفائدة المستحقة 596,816.88 درهم ، لكونها تمت أثناء توليه منصب الرئيس ونائب رئيس مجلس الإدارة للشركة الطاعنة، و بالتالي يتحمل المسؤولية في عدم قيامه بتوفير رصيد كافي لسداد قيمة الشيك بتاريخ استحقاق قيمة الأقساط المستحقة على الشركة، بما لا يحق له المطالبة عن تعويض عن تصرف شارك هو في حدوثه أثناء توليه مناصبه بالشركة وكان لدية كافة السلطة والصلاحية لتدارك ذلك لكنه لم يفعل، كما وأنه لم يثبت قيام المطعون ضده ) في تاريخ استحقاق قيمة الشيك في 31/01/2016 ) بتوفير رصيد كافي لسداد قيمته والتي تمثل قيمة الأقساط المستحقة على الشركة بذات التاريخ مما يكون معه مسئولًا عن قيمة ذلك الشيك، وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك الفهم مما يعيبه ويستوجب نقضه.

وحيث إن النعي غير مقبول، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية والضرر الناجم عنه ومقدار التعويض الجابر له ومدى مساهمة المضرور في إحداثه متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلزام الطاعنة بالمبلغ المقضي به سندا لتوافر عناصر المسؤولية التقصيرية عن فعلها بعدم سحب شيك الضمان رقم 2 من بنك الفجيرة الوطني بعد انتهاء علاقة العمل بينها والمطعون ضده قبل تقديم الشيك للصرف من البنك سالف الذكر مما ألحق بالأخير أضرار مادية وأدبية، ومن ثم يكون النعي عليه بما ورد بوجه النعي غير مقبول.

وحيث أن الطاعنة تنعي بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور بالتسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق والاخلال بحق الدفاع، لعدم وقف الدعوى تعليقا لحين الفصل في دعوى الجزاء بمحكمة عمان / المملكة الأردنية الهاشمية بحكم نهائي بات، كون أن الدعوى الماثلة تستند إلى الدعوى الجزائية سالفة البيان بما يجب معه وقف الدعوى الماثلة تعليقا لحين الانتهاء من الدعوى الجزائية المذكورة بحكم نهائي بات، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الطلب الجوهري ولم يقم بتحقيقه وأقساط تلك الوقائع الجوهرية حقها بالبحث و التدقيق والتفت عنها ? إيراداً أو رداً - بما يعيبه ويوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يعيب الحكم المطعون فيه عدم الرد على دفاع للخصم لا يستند إلى أساس قانوني سليم وأن النص في المادة 28 من قانون الاجراءات الجزائية يدل على أن معيار وقف الدعوى المدنية لحين الفصل في الدعوى الجزائية - تفاديا لصدور حكم في الدعوى المدنية مناقضا للحكم الذي سوف يصدر في الدعوى الجزائية - هو أن توجد بين الدعويين مسألة مشتركة لا تستطيع المحكمة المدنية أن تحسمها دون أن تقول المحكمة الجزائية كلمتها في شأن ارتكاب الجريمة ونسبتها إلى فاعلها، وأن جريمة إعطاء شيك بدون رصيد المنصوص عليها في المادة (401) من قانون العقوبات لا تستلزم لقيامها التعرض لبحث سبب تحرير الشيك إذ لا أثر له على طبيعته وتوافر أركان الجريمة قبل الساحب ويترتب على ذلك أن قضاء المحكمة الجزائية بإدانة المتهم في هذه الحالة لا يقيد المحكمة المدنية عند بحث سبب إصدار الشيك فيما إذا كان على سبيل الوفاء أو لأي سبب آخر، لما كان ذلك وكانت دعوى الجزاء رقم 14252/2019 المقامة أمام محكمة عمان -المملكة الأردنية الهاشمية- بتهمة جريمة إعطاء شيك بسوء نية لا توجد بينها وبين الدعوى الراهنة المؤسسة على بحث عناصر الضرر مناط القضاء بالتعويض مسألة مشتركة لا تستطيع معها المحكمة المدنية أن تحسمها دون أن تقول المحكمة الجزائية كلمتها في شأنها، الأمر الذي يكون فيه دفاع الطاعنة في هذا الخصوص لا يستند إلى أساس قانوني سليم وبالتالي فإنه لا تثريب على الحكم المطعون فيه في عدم الرد عليه وإذ كان ذلك كذلك فإن النعي عليه في هذا الشأن يكون على غير أساس متعينًا رفضه.
وحيث إنه ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

وحيث إن الطعن رقيم 249 لسنة 2023 تجاري أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسببين الأول والثاني منهما على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم المطعون فيه أخطأ برفضه لاستئناف الطاعن تأسيساً على عدم ثبوت توفر أركان المسؤولية التقصيرية في مواجهة المطعون ضده الثالث (البنك) رغم ثبوت الخطأ في جانبه عندما قام بختم الشيك المعروض عليه "بعدم وجود رصيد كافي" دون التحقق من صحة توقيع المخول بالتوقيع على الحساب ومطابقته على نماذج توقيع صاحب الحساب المحفوظ لدى البنك، سيما وأن الأخير على علم يقيني بأن الطاعن لم يعد مخولاً بالتوقيع عن المطعون ضدها الأولى منذ تاريخ 2016/12/6 حسب الثابت بالرسالة التي قامت المطعون ضدها الأولى بإرسالها إلى المطعون ضده الثالث، كما التفت الحكم المطعون فيه عن ما انتهى إليه الخبراء المنتدبين إلى مخالفة المطعون ضده الثالث للأعراف المصرفية والاجراءات المتبعة في صرف الشيكات وكذلك عدم أحقيته في المطالبة بقيمة الشيك، بما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المسئولية سواء كانت عقدية أو تقصيرية لا تقوم إلا بتوافر أركانها الثلاثة من خطأ ثابت في جانب المسئول إلى ضرر واقع في حق المضرور وعلاقة سببية تربط بينهما بحيث يثبت أن هذا الضرر قد نشأ عن ذلك الخطأ ونتيجة لحدوثه، وأن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية والضرر وعلاقة السببية بينهما هو من سلطة محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة مستمدة مما له أصل ثابت في الأوراق، كما من المقرر بذات المحكمة أن الشيك بحسب الأصل هو أداة وفاء وأنه يستند إلى سبب قائم ومشروع للالتزام بدفع قيمته إلى المستفيد فالشيك ينطوي بذاته على سبب تحريره وإن لم يصرح بالسبب فيه، إذ الأصل أن سبب الشيك هو الوفاء بدين يستحق لمن حرر لصالحه أو لمن آل إليه، إلا أنه يجوز لمن يدعي خلاف هذا الأصل إقامة الدليل على ما يدعيه بإثبات عدم وجود سبب مشروع للشيك، أو إخلال المستفيد بالتزاماته الناشئة عن العلاقة الأصلية التي من أجلها حرر الشيك أو لغير ذلك من الأسباب، أو بإثبات التخالص من الدين بالوفاء بالتزامه الأصلي، ومن المقرر ? وعلى ما جاء بقضاء هذه المحكمة ? أنه يحق للمصرف الدائن أن يحتفظ بالشيكات المرتدة دون صرف طالما لم يجد في حساب عميله ما يغطي قيمتها لكي يتسنى له مطالبة الساحب بقيمتها إلى جانب عميله المدين دون أن يكون سبق قيد قيمتها في حساب العميل قيداً عكسياً، ومن المقرر كذلك أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة فيها تقديماً صحيحاً متى أقامت قضاءها على ما له أصله الثابت بالأوراق كما أن لها سلطة تقدير عمل أهل الخبرة باعتباره من أدلة الدعوى والأخذ بما تطمئن إليه منها وإطراح ما عداه لما كان ذلك وكان الحكم المستأنف المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه التزم ما تقدم من قواعد وأقام قضاءه بعدم مسؤولية البنك المطعون ضده الثالث على ما أورده في أسبابه من أنه ((وكان البين من خلال الاطلاع على تقرير الخبرة المنتدب في نزاع تعيين خبرة تجاري رقم 348/2021 م الذي تطمئن إليه المحكمة وتجعل من أسبابه مكملاً لأسبابها بأن الشيك قدم للصرف بعد ترك المدعي للعمل لدى الشركة المدعى عليها الأولى. ولما كان ذلك وكانت المحكمة طالعت الرسالة الصادرة من المدعى عليها الأولى للبنك المدعى عليه الثالث والذي تبلغ فيها البنك المدعى عليه الثالث بتغير توقيع المدعي فقط وخلت الرسالة مما يفيد انتهاء علاقة العمل نهائياً بين المدعي والمدعى عليها الأولى، مما تكون معه الأخيرة هي الملزمة بالتعويض كون أن البنك ليس على اطلاع على علاقة العمل بين المدعي والمدعى عليها الأولى وكذلك الحال بالنسبة إلى المدعى عليها الثانية. وإذا كان ذلك وكانت أوراق الدعوى خلت مما يفيد علم المدعى عليهما الثانية والثالثة باستقالة المدعي ومن ثم فإن المحكمة ترفض الدعوى بمواجهتهما. أما عن المدعى عليها الأولى ولما كانت المدعى عليها الأولى هي المعنية بإخطار البنك بتغير شيك الضمان المقدم لها كون أن المدعي ترك العمل لديها وأن هي تنكبت عن ذلك، ومن ثم فإنها تكون مسؤولة عن تعويض المدعي عن الأضرار التي لحقت به)) وأَضاف الحكم المطعون فيه دعما لقضاء أول درجة على ما أورده في أسبابه من أنه ((وكان الثابت بالأوراق والذي لا خلاف عليه بين الأطراف أن البنك المستأنف ضده قد منح المدعى عليها الثانية قرضا مصرفيا بضمانة الشيك الذي حرره المستأنف بحكم صفته الوظيفية - رئيس تنفيذي للضامن المستأنف ضدها الأولى - وأن الشيك قد ارتد من المسحوب عليه لعدم كفاية الرصيد، ولما كانت المستأنف ضدها الأولى لم تقم بتقديم ضمانا جديدا للبنك المقرض - المستأنف ضده - ولم تقم بسحب شيك الضمان الموقع عليه من المستأنف فإن تحريك البنك للاجراءات الجزائية في مواجهة المستأنف ضدها والمستأنف سندا على شـيك الضمان المحرر لصالحه من المذكورين يكون قد لزم صحيح القانون، وبما ينتفي معه خطأ البنك فيما قام به من إجراءات جزائية للمطالبة بمستحقاته بموجب الشيك ومن ثم التقرير برفض الدعوى لعدم ثبوت توفر أركان المسئولية التقصيرية في مواجهة البنك يكون قد لزم التقدير السليم للأدلة ومتعين تأييده)) وإذا كان هذا الذي أوردته محكمة الموضوع وفي حدود سلطتها الموضوعية سائغاً بما له أصل ثابت بالأوراق ولا مخالفة فيه للقانون وكافياً لحمل قضائها، ويتضمن الرد المسقط لما أثاره الطاعن بسببي الطعن المطروحين وكان لا يجدي الطاعن تحديه بأن البنك المطعون ضده الثالث كان يعلم عند ختمه للشيك بعدم وجود رصيد أن توقيع الطاعن على الشيك غير مطابق للتوقيع المثبت لدية بالنظام، حال أن المسؤولية عن الشيك تقوم حال طرحة للتداول، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بما سلف يكون قائما على غير أساس.

وحيث أن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والاخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم المطعون فيه قضى برفض تعديل قيمة التعويض استناداً على أن المحكمة المطعون في حكمها ترى أن مقدار التعويض المقضي به يتناسب مع الضرر المادي والأدبي الذي لحق بالطاعن، رغم ثبوت أن الضرر المادي المباشر -حسب الثابت بالأوراق- قد بلغ 1,819,589 درهم وهو يزيد عن مقدار التعويض المقضي به، خلافاً للضرر الأدبي الذي أصاب اعتبار الطاعن وشرفه وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بما يوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تقدير قيمة التعويض عن الأضرار التي لحقت بالمضرور هو من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع دون رقابة عليها في ذلك من محكمة التمييز طالما أنها أبانت عناصر الضرر التي لحقت به ومدى أحقية المضرور في التعويض عنها حسبما تستخلصه من الأدلة المطروحة عليها في الدعوى، ولها السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وبحث وتمحيص سائر الأدلة والمستندات المطروحة عليها وصولاً إلى ما تراه متفقاً مع وجه الحق في الدعوى والأخذ بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه وحسبها في ذلك أن تبين الحقيقة التي ارتاحت إليها وأخذت بها وأوردت دليلها من واقع ما استخلصته من الأوراق ولها في هذا الخصوص أن تعول على تقرير الخبير باعتباره من عناصر الاثبات في الدعوى الذى يخضع لمطلق سلطتها في الأخذ به متى اقتنعت بسلامة الأسس التي أقيم عليها وصحة النتائج التي توصل الخبير إليها ورأت فيها ما يستقيم به وجه الحق في الدعوى وهى غير ملزمة من بعد بأن ترد بأسباب خاصة على ما أبداه الخصوم من مطاعن على التقرير لأن في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تر في دفاع الخصم ما ينال من سلامة النتائج التي انتهى الخبير إليها ولا ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير، لما كان ذلك وكان الحكم المستأنف المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد قدر التعويض المستحق عن الضرر المادي والأدبي على ما أورده في مدوناته من أنه ((وكانت المحكمة .. أثبتت عنصر الخطأ بمواجهة المدعى عليها الأولى/ المطعون ضدها الأولى، فضلاً على أن الخبير انتهى في تقريره إلى تعويض المدعي/ الطاعن للضرر المادي المتمثل في المبالغ المسددة في الدعوى الجزائية، حيث أن المدعي قدم بدعواه ما يفيد تعرضه إلى أضرار مادية أخرى، بالإضافة إلى التعويض الأدبي المتمثل في حبسه وتقييد حريته مما لا شك فيه أنه أصابه بضرر أدبي ، ومن ثم فإن المحكمة تقدر التعويض عن الأضرار المادية والأدبية بمبلغ 1,500,000 درهم تعويضاً مادياً وأدبياً وتلزم بها المدعى عليها الأولى)) وكان ما خلص إليه الحكم سائغا وله أصل ثابت بالأوراق ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها وكاف لحمل قضائه ومن ثم فإن النعي عليه بما سلف لا يعدو أن يكون جدلا فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز ومن ثم غير مقبول.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: في الطعنين رقمي (249) و (251) لسنة 2023 تجاري برفضهما وألزمت كل طاعن بمصاريف طعنه والمقاصة في مقابل أتعاب المحاماة مع مصادرة مبلغ التأمين في الطعنين.