باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة الجنائية
الثلاثاء (ب)
المؤلفة برئاسة السيد المستشار/ هادى عبد الرحمن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / رأفت عباس ، هشام والى وتامر عباس نواب رئيس المحكمة وحسن عمر عمران
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد/ كريم شكري.
وأمين السر السيد/ مصطفى محمد.
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة.
في يوم الثلاثاء 18 من رمضان سنة 1446 ه الموافق 18 من مارس سنة 2025 م.
أصدرت الحكم الآتي:
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 953 لسنة 94 القضائية.
المرفوع من:
........... " المحكوم عليه "
ضد
النيابة العامة
------------------
" الوقائع "
اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم ........ لسنة ......... جنايات قسم ...........، والمقيدة بالجدول الكلي برقم ....... لسنة .... كلى ........... بوصف:
أنه في يوم 9 من مايو سنة ۲۰۲۳ بدائرة قسم شرطة ........... - محافظة ........
- أحرز بقصد الإتجار جوهر ( الحشيش ) المخدر في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .
وأحالته إلى محكمة جنايات ....... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في 16 من أكتوبر سنة ۲۰۲۳ وعملاً بالمواد ۱، ۲، 7/1، ٣٤/1 بند أ، ٤٢/1 من القانون ۱۸۲ لسنة ١٩٦٠ المعدل والبند رقم (٥٤) من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق بذات القانون وقرار وزير الصحة والسكان رقم ٤٦ لسنة ١٩٩٧ وبعد إعمال المادة ۱۷ من قانون العقوبات، بمعاقبة/ ........... بالسجن المشدد لمدة ست سنوات وتغريمه مائة ألف جنيه عما أسند إليه ومصادرة المضبوطات وألزمته المصروفات الجنائية.
فطعن المحكوم عليه بشخصه من السجن في هذا الحكم بطريق النقض ١١ من نوفمبر سنة ۲۰۲۳.
وأودعت مذكرة بأسباب الطعن بالنقض عن المحكوم عليه في 4 من ديسمبر سنة ۲۰۲۳ موقع عليها من الأستاذ/ .......... المحامي.
وبجلسة اليوم سمعت المحكمة المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر وبعد المرافعة والمداولة قانوناً.
وحيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر الحشيش المخدر بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. قد شابه القصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال، والإخلال بحق الدفاع؛ ذلك بأن أسباب الحكم جاءت في عبارات عامة مجملة لا يبين منها الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دانه بها ولم يورد مؤدى الأدلة التي استند إليها في قضائه بالإدانة، ولم يدلل تدليلاً كافياً على توافر الركنين المادي والمعنوي للجريمة التي دانه بها، ولم يورد مضمون أقوال شاهد الإثبات في بيان واف، كما لم يورد مضمون تقرير المعمل الكيماوي الذي تساند إليه في إدانة الطاعن، وخلا من بيان الاختصاص الوظيفي لضابط الواقعة، واطرح بما لا يسوغ دفعه ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس ولعدم صدور إذن من النيابة العامة، والتلاحق الزمني السريع في الإجراءات، مما يترتب عليه بطلان الدليل المستمد من القبض والتفتيش وعدم التعويل على شهادة من أجراه، وعول الحكم في إدانته على أقوال الضابط شاهد الإثبات رغم ما قام عليه دفاع الطاعن بعدم معقولية تصويره للواقعة وأنه اختلق حالة التلبس بدلالة انفراده بالشهادة وحجبه أفراد القوة المرافقة له، وحجبه للمصدر السري عن الشهادة وعدم إفصاحه عن شخصيته رغم زوال العلة من حجبه بعد أن أصبح معلوماً للطاعن، ودون أن تعني المحكمة بإجراء تحقيق في هذا الشأن لاستجلاء وجه الحق في الدعوى، هذا إلى أن الحكم لم يدلل تدليلاً سائغاً على توافر قصد الاتجار في حق الطاعن والتفت عن دفاع الطاعن القائم على بطلان اذن التفتيش لعدم جدية التحريات وعدم إجراء معاينة لمكان الضبط للوقوف على كيفية هروب الطاعن من العقار وانتفاء صلته بالمخدر المضبوط، وأخيراً لم تعن المحكمة بضم القضية التي أشير إليها بدفتر قيد القضايا والاطلاع عليها، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهد الإثبات وما ثبت من تقرير المعمل الكيميائي بمصلحة الطب الشرعي، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، وإذ كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ويكون ما ينعاه الطاعن على الحكم من القصور في غير محله. لما كان ذلك، وكان مناط المسئولية في حالتي إحراز وحيازة الجواهر المخدرة هو ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالاً مباشراً أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأية صورة عن علم وإرادة إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية، وكان القصد الجنائي في جريمة إحراز وحيازة الجوهر المخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحرزه مخدراً، وإذ كان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع بانتفاء هذا العلم، وكان ما أورده الحكم في مدوناته كافياً في الدلالة على إحراز الطاعن للمخدر المضبوط وعلى علمه بكنهه، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من قصور في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم بشأن مؤدى أقوال شاهد الإثبات - على خلاف ما يزعمه الطاعن - في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها، فإنه تنحسر عنه دعوى القصور في التسبيب. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد مؤدى تقرير المعامل الكيماوية وأبرز ما جاء به من أن المضبوطات عددها سبعة وأربعون قطعة للحشيش المخدر كلاً منها بلفافة سلوفانية ووزنت خمسة وتسعون جراماً وأربعون سنتيجرام، وكان من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه، ومن ثم ينتفي عن الحكم ما يثيره الطاعن من قصور في هذا الصدد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين الاختصاص الوظيفي والمكاني لضابط الواقعة خلافاً لما يزعمه بأسباب طعنه فإن النعي عليه في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد تناول الدفع ببطلان القبض والتفتيش ورد عليه في قوله:
( وحيث أن الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة من حالات التلبس فمردود عليه أن نص المادة ٣٥/2 من قانون الإجراءات الجنائية تقضى على أن وجدت دلائل كافية على اتهام شخص بارتكاب حالة التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبيها وتقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من الأمور الموضوعية البحتة التي توكل بداءة لرجل الضبط على أن يكون تقديره خاضع للنيابة العامة تحت إشراف محكمة الموضوع وفق الوقائع المعروضة عليها بغير معقب مادامت النتيجة التي انتهت إليها تتفق منطقياً مع المقدمات والوقائع التي أثبتتها في الحكم، ولما كان شاهد الإثبات قد تخفي وانتحل صفة مشتري لمواد مخدرة حتى يأنس له الجاني ويأمن جانبه ومسايرته بقصد ضبط الجريمة ومقترفها لا يجافي القانون حد ذلك تقديم المتهم طواعية للفافة بداخلها الحشيش المخدر لشرائها بعد التأكد من كنه ما قدمه يقوم به حالة التلبس ولا يعتبر خلق للجريمة ولا تحريضاً عليها مادامت إرادة المتهم حرة غير معدومة، وتكون ضبطها صحيح ونتيجة لأثرة متوافر فيها حالة التلبس المنصوص عليها بالمادة 30 إجراءات جنائية ويكون الضبط والتفتيش قد وافق صحيح القانون مما يتعين رفض الدفع )، وإذ كان هذا الذي رد به الحكم على الدفع مفاده أن المحكمة قد استخلصت - في حدود سلطتها الموضوعية ومن الأدلة السائغة التي أوردتها - أن لقاء الضابط شاهد الإثبات بالطاعن جرى في حدود إجراءات التحري المشروعة قانوناً، وأن القبض على الطاعن وضبط المخدر المعروض للبيع تم بعد ما كانت جناية بيع هذا المخدر متلبساً بها بتمام التعاقد الذي تظاهر فيه الضابط برغبته في شرائه من الطاعن، ولما كان من المقرر أنه لا تثريب على مأموري الضبط القضائي ومرؤوسيهم فيما يقومون به من التحري عن الجرائم بقصد اكتشافها ولو اتخذوا في سبيل ذلك التخفي وانتحال الصفات حتى يأنس الجاني لهم ويأمن جانبهم، فمسايرة رجال الضبط للجناة بقصد ضبط جريمة يقارفونها لا يجافي القانون ولا يعد تحريضاً منهم للجناة مادام أن إرادة هؤلاء تبقى حرة غير معدومة ومادام أنه لم يقع منهم تحريض على ارتكاب هذه الجريمة وإذ كان القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها مادامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن الحكم يكون سليماً فيما انتهى إليه من رفضه الدفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش تأسيساً على توافر حالة التلبس التي يبيحها، كما أنه لما كان الطاعن قد أوجد نفسه طواعية في أظهر حال من حالات التلبس فإن قيام الضابط بضبطه وتفتيشه يكون صحيحاً منتجاً لأثره ولا عليه إن هو لم يسع للحصول على إذن من النيابة العامة بذلك إذ لم يكن في حاجة إليه، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكانت الواقعة هي حالة من حالات التلبس فإن الدفع بالتلاحق الزمني السريع في الإجراءات لا يعدو أن يكون دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان وبعيداً عن محجة الصواب لا يعيب الحكم المطعون فيه التفاته عنه، ويكون النعي عليه في هذا الخصوص غير مقبول. لما كان ذلك، ولئن كان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه، إلا أن ذلك لا يكون إلا عند قيام البطلان وثبوته، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى سديداً إلى صحة إجراءات القبض والتفتيش، فإنه لا تثريب عليه إن هو عول ضمن ما عول عليه في إدانة الطاعن على أقوال ضابط الواقعة، وما أسفر عن القبض والتفتيش من ضبط المخدر ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وأن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد، فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان من المقرر أن الشارع لم يقيد القاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية بنصاب معين في الشهادة، وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه طالما أن له مأخذه الصحيح في الأوراق، كما أن سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء القوة المصاحبة له ومصدره السرى لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط شاهد الإثبات وصحة تصويره للواقعة على النحو الذي حصله حكمها، فإن كل ما يثيره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة بقالة عدم معقوليتها وأن الضابط اختلق حالة التلبس. ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن للتشكيك في أقوال شاهد الإثبات لعدم إفصاحه عن المرشد الذي صحب المتهم إليه لعقد الصفقة بعد إذ عرفت شخصيته، مردوداً بأن ظهور شخصية المرشد السري لأحد المتهمين لا يلزم عنه بالضرورة إظهار شخصيته للغير، ولا يمنع الضابط - الذي اختار هذا المرشد لمعاونته - من الحرص على إخفاء اسمه. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يطلب إجراء تحقيق ما في شأن ما يثيره بوجه الطعن فإنه لا يقبل منه النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض إلى قصد الاتجار واستظهره لدى الطاعن من عرضه كمية المخدر المضبوط للبيع، ولما كان إحراز المخدر بقصد الاتجار إنما هو واقعة مادية تستقل محكمة الموضوع بحرية التقدير فيها طالما أنها تقيمها على ما ينتجها، وكان الحكم قد دلل على هذا القصد تدليلاً سائغاً فإن النعي عليه في هذا الصدد يكون على غير أساس. هذا فضلاً عن أنه لا مصلحة للطاعن مما ينعاه على الحكم بالنسبة لقصد الاتجار مادام البين من مدوناته أنه أوقع عليه عقوبة تدخل في حدود العقوبة المقررة لإحراز المخدر مجرداً من القصود. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن بأسباب طعنه بشأن بطلان الإذن لعدم جدية التحريات وعدم معاينة مكان الضبط للوقوف على كيفية هروب الطاعن من العقار أمر لم يتصل بقضاء الحكم فإن منعاه في هذا الخصوص يكون لا محل له. لما كان ذلك، وكان دفع الطاعن بانتفاء صلته بالمخدر المضبوط من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم كما هو الحال في الدعوى الراهنة ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يطلب من المحكمة ضم ثمة قضايا، ومن ثم فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلبه منها أو الرد على دفاع لم يثره أمامها، ومن ثم يكون منعى الطاعن بهذا الوجه غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق