جلسة 4 إبريل سنة 2004
برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعي - رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: حمدي محمد علي وماهر البحيري وعلي عوض محمد صالح ومحمد عبد العزيز الشناوي ومحمد خيري طه والدكتور عادل عمر شريف وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما - رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.
----------------
قاعدة رقم (104)
القضية رقم 240 لسنة 24 قضائية "دستورية"
(1) المحكمة الدستورية العليا "اختصاصها - رقابة قضائية: محلها".
تقرير اختصاص المحكمة الدستورية العليا بنظر دعوى بذاتها، سابق بالضرورة على الخوض في شروط قبولها أو الفصل في موضوعها. الدستور قد عهد إلى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بتولي الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه المبين في القانون.
(2) قرار تحديد أعداد المقبولين بالكليات المختلفة بجامعة الأزهر لا يعد قراراً لائحياً - عدم اختصاص.
قرار مجلس جامعة الأزهر الذي يقتصر على تحديد أعداد المقبولين بالكليات المختلفة بجامعة الأزهر (سواء صدر من مجلس الجامعة أو من رئيس الجامعة بالتفويض) لا يعدو أن يكون قراراً تنفيذياً يصدر على هدى عناصر وأوضاع تختلف من كلية إلى أخرى. ومن عام إلى آخر.
الإجراءات
بتاريخ الحادي عشر من شهر يوليو سنة 2002، ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الدعوى رقم 4963 لسنة 56 قضائية، بعد أن قضت محكمة القضاء الإداري بجلسة 9/ 6/ 2002 بوقف الدعوى وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا، للفصل في دستورية قرار السيد الأستاذ الدكتور رئيس جامعة الأزهر، بتحديد أعداد المقبولين بكليات الجامعة بمجموع درجات يختلف بالنسبة للبنات عن البنين.
وقدمت هيئة قضايا الدولة، كما قدم المدعى عليهما الأول والرابع بصفتيهما ثلاث مذكرات، دفعوا فيها أصلياً: بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، وطلبوا احتياطياً: الحكم برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - تتحصل حسبما يبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - في أن المدعي بصفته ولياً طبيعياً على ابنته القاصر، كان قد أقام الدعوى رقم 4963 لسنة 56 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري، طالباً الحكم بوقف تنفيذ القرار الإداري السلبي الصادر من جامعة الأزهر بعدم قبول ابنته بكلية الصيدلة بنات بجامعة الأزهر في العام الدراسي 2001/ 2002، وفي الموضوع بإلغاء القرار الإداري المطعون فيه، وقال بياناً لدعواه إن ابنته حصلت على الثانوية الأزهرية "قسم العلوم" سنة 2001، بمجموع درجات (614) من المجموع الكلى ومقداره (650) درجة، بنسبة مئوية (94.46%)، وقد أبدت رغبتها في الالتحاق بكلية الصيدلة، إلا أنه فوجئ عند إعلان نتيجة تنسيق القبول بجامعة الأزهر، بالتفرقة بين الطلاب والطالبات، والتي ترتب عليها قبول الطلاب بكليات الصيدلة بمجموع درجات يقل عن الطالبات، مما حال بين ابنته وبين الالتحاق بالكلية المذكورة. حكمت محكمة القضاء الإداري بجلسة 9/ 6/ 2002 بوقف الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا، للفصل في دستورية قرار السيد الأستاذ الدكتور رئيس جامعة الأزهر - مفوضاً من المجلس الأعلى للأزهر - بتحديد أعداد المقبولين بكليات الجامعة، بمجموع درجات يختلف بالنسبة للبنين عن البنات، لما تراءى لها من شبهة مخالفة القرار المذكور للمواد (8، 20، 40) من الدستور.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن تقرير اختصاصها ولائياً بنظر دعوى بذاتها، سابق بالضرورة على الخوض في شروط قبولها أو الفصل في موضوعها، إذ لا يتصور أن تفصل هذه المحكمة في توافر شروط اتصال الخصومة القضائية بها، وفقاً للأوضاع المنصوص عليها في قانونها، قبل أن تتحقق من أن النزاع موضوعها، يدخل ابتداء في ولايتها. لما كان ذلك، وكان الدستور قد عهد - بنص المادة (175) منه - إلى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بتولي الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه المبين في القانون، وبناء على هذا التفويض أصدر المشرع قانون هذه المحكمة مبيناً اختصاصاتها، محدداً ما يدخل في ولايتها حصراً، مستبعداً من مهامها ما لا يندرج تحتها، فخولها اختصاصاً منفرداً بالرقابة على دستورية القوانين واللوائح، مانعاً أي جهة من مزاحمتها فيه، مفصلاً طرائق هذه الرقابة وكيفيتها، مؤكداً أن اختصاص هذه المحكمة - في مجال مباشرتها الرقابة القضائية على الدستورية - ينحصر في النصوص التشريعية أياً كان موضوعها أو نطاق تطبيقها أو الجهة التي أقرتها أو أصدرتها. فلا تنبسط هذه الولاية إلا على القانون بمعناه الموضوعي باعتباره منصرفاً إلى النصوص القانونية التي تتولد عنها مراكز عامة مجردة، سواء وردت هذه النصوص بالتشريعات الأصلية التي أقرتها السلطة التشريعية، أم تضمنتها التشريعات الفرعية التي تصدرها السلطة التنفيذية في حدود صلاحيتها التي ناطها الدستور بها، وأن تنقبض تلك الرقابة - بالتالي - عما سواها.
وحيث إن المادة (38) من القانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها تنص على أن: - "تتساوى فرص القبول للتعليم بالمجان في كليات الجامعة ومعاهدها المختلفة للطلاب المسلمين من كل جنس ومن كل بلد في حدود الإمكانيات والميزانية والأعداد المقرر قبولها وفقاً لما تقضي به اللائحة التنفيذية.....".
وتنفيذاً لما تقدم فقد صدرت اللائحة التنفيذية للقانون المذكور بقرار رئيس الجمهورية رقم 250 لسنة 1975 متضمنة في المادة (196) منها النص على أن: - "يحدد المجلس الأعلى للأزهر في نهاية كل عام دراسي بناء على اقتراح مجلس الجامعة بعد أخذ رأي مجالس الكليات المختلفة عدد الطلاب المصريين الذين يمكن قبولهم في العام الدراسي التالي من بين الحاصلين على شهادة الثانوية الأزهرية أو على الشهادات المعادلة لها...".
وحيث إنه يبين من النصين المتقدمين أن قرار مجلس جامعة الأزهر الذي يقتصر على تحديد أعداد المقبولين بالكليات المختلفة بجامعة الأزهر (سواء صدر من مجلس الجامعة أو من رئيس الجامعة بالتفويض) لا يعدو أن يكون قراراً تنفيذياً يصدر على هدى عناصر وأوضاع تختلف من كلية إلى أخرى. ومن عام إلى آخر، يتعلق بعضها بإمكانيات كل كلية والميزانية المعتمدة لها وظروف الدراسة بها، ولا يتضمن بالتالي أية شروط أو قواعد تنظيمية عامة تسبغ عليه وصف القرار اللائحي (التشريع الفرعي) الذي تختص هذه المحكمة بالرقابة على دستوريته.
وحيث إنه ترتيباً على ما سلف فإن قرار السيد الدكتور رئيس جامعة الأزهر محل الطعن الماثل يخرج عن مجال رقابة الدستورية التي تستنهض ولاية هذه المحكمة للفصل فيها بما يتعين معه الحكم بعدم الاختصاص.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق