الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 3 مايو 2017

امتناع الكنيسة عن التصريح بالزواج قرار سلبي قابل للإلغاء

الطعن 12244 لسنة 55 ق جلسة 29 / 5 / 2010 مكتب فني 55 ص512
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أحمد الحسيني رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة 
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ أحمد محمد صالح الشاذلي وعادل سيد عبد الرحيم حسن بريك وصلاح الدين عبد اللطيف الجرواني ومجدي محمود بدوي العجرودي نواب رئيس مجلس الدولة 
بحضور السيد الأستاذ المستشار/ مصطفى حسين السيد أبو حسين نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة 
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس سكرتير المحكمة
------------
الوقائع
في يوم الثلاثاء الموافق 17/3/2009, أودعت الأستاذة ......... المحامية المقبولة للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا بصفتها وكيلة عن الطاعن قلم كتاب المحكمة تقريراً بالطعن قيد بجدولها العام تحت رقم 12244 لسنة 55 ق عليا في الحكم المشار إليه القاضي أولاً: بعدم قبول تدخل ......... خصماً منضماً إلى المدعي في الدعوى وألزمته مصروفات هذا الطلب. ثانياً: بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار, وألزمت الجهة الإدارية المدعى عليها مصروفات الطلب العاجل, وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في موضوعها
والتمس الطاعن بصفته - لما ورد بتقرير طعنه من أسباب - الحكم بقبوله شكلاً, وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به, والقضاء مجدداً
أصلياً: بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري ولائياً بنظر الدعوى, وعدم قبولها لانتفاء القرار الإداري واحتياطياً: برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو المبين بالأوراق
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 4/5/2009 حيث قررت إحالته إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني فيه وعينت لنظره جلسة 5/7/2009 حيث أودعت الهيئة المذكورة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بصفته المصروفات. وقد استأنفت دائرة فحص الطعون نظر الطعن وتدوول أمامها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات, وبجلسة 7/12/2009 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى - موضوع) لنظره بجلستها المنعقدة بتاريخ 26/12/2009 حيث نظر بهذه الجلسة, وبجلسة 30/1/2010 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 17/4/2010 وبها قررت مد أجل النطق به لجلسة 22/5/2010 ثم لجلسة اليوم لاستكمال المداولة وبجلسة اليوم صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.

--------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق, وسماع الإيضاحات, والمداولة قانوناً
ومن حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه المقررة قانوناً فمن ثم يكون مقبول شكلاً
ومن حيث إن واقعات الطعن تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن المطعون ضده أقام الدعوى - محل الطعن الماثل - بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بتاريخ 5/5/2008 اختصم فيها الطاعن بصفته, و........ والتمس في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً, وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار المدعى عليه الثاني بصفته في مواجهة المدعى عليه الأول بصفته بالامتناع عن التصريح له بالزواج الثاني مع تنفيذ الحكم بمسودته وبدون إعلان, وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار مع ما يترتب على ذلك من آثار, وإلزام المدعى عليهما بصفتيهما المصروفات
وبسط المدعي دعواه موضحاً أنه بتاريخ 1/9/2002 تزوج من السيدة .......... وفقاً لطقوس طائفة الأقباط الأرثوذكس ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج بيد أن الزوجة ومنذ فجر زواجهما وهي دائمة الإساءة إليه والتعدي عليه بالسب والقذف وبألفاظ نابية أمام الأهل والجيران مما أصابه بأضرار نفسية جسيمة ولم تفلح معها كافة محاولات الإصلاح أو نصائح رجال الدين المسيحي مما حدا به إلى إقامة الدعوى رقم 13 لسنة 2002 أمام محكمة طنطا الكلية للأحوال الشخصية (ملي) التي قضت بجلستها المنعقدة بتاريخ 28/10/2003 بتطليق زوجته منه للضرر, وإذ لم يتم استئناف ذلك الحكم وصار نهائياً وحائزاً لقوة الأمر المقضي به فقد تقدم المدعي لنيافة المدعى عليه الثاني بطلب التصريح له بالزواج الثاني بيد أن المذكور رفض ذلك دون سند من الدستور أو لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس الصادر في التاسع من مايو سنة 1938 أو القوانين الكنسية, فضلاً عن إهداره لحجية الأحكام القضائية. ولما كان القرار الطعين مرجح الإلغاء وكان الحق في الزواج من الحقوق التي كفلها الدستور ومواثيق حقوق الإنسان وقد حثت عليه الأديان السماوية بما في ذلك شريعة الأقباط الأرثوذكس وأن حرمان المدعي من الزواج قد يسبب له الوقوع في الفتنة وهو ما نهت عنه الأديان السماوية وأنه يتوافر به كذلك ركن الاستعجال في دعواه ومن ثم يكون طلب المدعي وقف تنفيذ القرار المطعون فيه قد قام على ركنيه
وقد تدوولت الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة حيث تدخل الأستاذ .......... انضمامياً إلى جانب المدعي. وبجلسة 3/2/2009 أصدرت المحكمة المذكورة حكمها بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه - وأقامت قضاءها على أنه بالنسبة للدفع المبدى من المدعى عليه بصفته بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى فإن المحكمة الإدارية العليا قد استقر قضاؤها على أن بطريركية الأقباط الأرثوذكس هي شخص من أشخاص القانون العام, ومن ثم فإن المنازعات التي تكون طرفاً فيها ينعقد الاختصاص بنظرها لمحاكم مجلس الدولة باعتباره صاحب الولاية بالفصل في المنازعات الإدارية لذلك يكون الدفع المشار إليه غير قائم على أساس من القانون متعين طرحه جانباً وعدم الاعتداد به. أما عن الدفع بعدم قبول تدخل الأستاذ ......…. خصماً منضماً إلى جانب المدعي, فإن المادة (12) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 تقضي بعدم قبول الطلبات المقدمة من أشخاص ليست لهم فيها مصلحة شخصية, وإذ كان التدخل الانضمامي إلى جانب أحد الخصوم جائز قانوناً وفقاً لنص المادة ( 126) من قانون المرافعات إلا أنه يتعين أن يكون للمتدخل مصلحة جدية وظاهرة في هذا التدخل بأن يستهدف به الحفاظ على حقوقه التي قد يمسها الحكم الصادر في الدعوى. ولما كان ذلك وكان المدعي يدين بالديانة المسيحية بينما يدين المتدخل بالديانة الإسلامية ولن يترتب على الحكم الصادر لصالح أو ضد المدعي في الدعوى المساس بأي حق من حقوق المتدخل فمن ثم لا تكون له مصلحة في طلب التدخل إلى جانب المدعي مما يتعين معه الحكم بعدم قبول هذا الطلب
وتضيف المحكمة أنه يشترط للحكم بوقف تنفيذ القرار الإداري وفقاً لأحكام المادة (49) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 توافر ركنين مجتمعين: الأول: ركن الجدية بأن يكون ادعاء الطالب بحسب الظاهر من الأوراق ودون مساس بأصل طلب الإلغاء قائماً على أسباب يرجح معها الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه عند الفصل في الموضوع. والثاني: ركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها فيما لو قضي بإلغائه بعد ذلك. أما عن مدى توافر ركن الجدية فإن أحكام القضاء الإداري قد جرت على أنه إذا لم تفصح جهة الإدارة عن عنصر السبب في القرار الإداري فأنه يفترض قيامه على السبب المبرر له قانوناً, وعلى من يدعي خلاف ذلك أن يقيم الدليل على صحة ادعائه, إلا أنه متى أفصحت جهة الإدارة عن السبب الذي استندت إليه في إصدار قرارها المطعون فيه خضع هذا السبب لرقابة المشروعية التي يتولاها القضاء الإداري للتحقق من صحة هذا السبب ومدى مطابقته لأحكام القانون. ولما كان البادي من ظاهر الأوراق أن الجهة الإدارية المدعى عليها لم تمتنع عن إصدار تصريح للمدعي بالزواج الثاني إلا أنها قيدت هذا التصريح بضرورة إحضار الخطيبة وإعلامها بالظروف الصحية للمدعي وذلك دون الاعتصام بأي سند قانوني يخولها فرض هذا القيد وهو ما يعد التفافاً إن لم يكن مصادرة لحق المدعي الشرعي والقانوني في الزواج بأخرى بعد أن طلق زوجته الأولى بناء على حكم قضائي نهائي وحائز لقوة الأمر المقضي سيما وأنه قدم ما يفيد خلوه من الأمراض التي قد تعوق الزواج. ومن ثم يتوافر ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه. كما يتوافر ركن الاستعجال من أن استمرار تنفيذ القرار المطعون فيه من شأنه تعطيل ممارسة المدعي لحق من حقوقه المشروعة والحيلولة دون ارتباطه بزوجة في الوقت المناسب لتعينه على متاعب الحياة وهي نتائج يتعذر تداركها بفوات الوقت. وبذلك يستقيم طلب وقف التنفيذ على ركنيه ويتعين القضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار. دون محاجة بأن الزواج عند طائفة الأقباط الأرثوذكس هو نظام ديني, ويجب أن يفحص المجلس الأكليريكي شروط انعقاد الزواج وخلوه من الموانع ذلك أن جهة الإدارة لم تفصح عن ثمة موانع شرعية أو طبية تحول دون الزواج من المدعي حتى يمكن مواجهة الخطيبة بها. كما أن تخلف شروط انعقاد الزواج أو قيام الموانع من إتمامه لا يرتبط بوجود الخطيبة ولا يتوقف على رأيها أو إرادتها, كذلك فأن سابقة زواج المدعي من أخرى وتطليقها من البيانات التي لا تخفى عن الزوجة حيث يحتم القانون على الموثق إعلام الطرفين بها ويغدو لكل منهما حرية إبرام العقد من عدمه
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وذلك حين أسبغ على قرار المجلس الأكليريكي بإخطار الخطيبة لإعلامها بظروف المطعون ضده من أنه سبق له الزواج بأخرى إذ لا يعدو هذا القرار أن يكون قراراً تمهيدياً في هذا الخصوص ومن ناحية أخرى فإن المجلس الأكليريكي سلطاته دينية ولا يخضع في قراراته سوى للرئاسة الدينية التي تبدي رأيها وفقاً لنصوص الإنجيل المقدس وتعاليمه وبالتالي يكون مجلس الدولة غير مختص ولائياً بنظر الدعوى لانتفاء القرار الإداري. كما أن القضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مخالف للواقع والمستندات إذ أن جهة الإدارة قد صرحت للمطعون ضده بالزواج حال إحضار الخطيبة وإعلامها بظروفه. وهو ما لا يمثل قيداً على حق المطعون ضده الشرعي في الزواج لأن الأصل أن الزواج طبقا لشريعة الأقباط الأرثوذكس لا يتم إلا مرة واحدة والاستثناء أن يوافق المجلس على منحه تصريح بالزواج للمرة الثانية, وهو ليس حقاً شرعياً للمطعون ضده. ولما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أصابه العوار ومحقق الإلغاء فإن الطاعن بصفته يطلب وقف تنفيذه لحين الفصل في موضوعه
ومن حيث إنه عن دفع الطاعن بصفته بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري ولائياً بنظر الدعوى محل الطعن بسند من أن موضوعها يتعلق بالتصريح للمطعون ضده بالزواج ثانية وهو قرار للمجلس الأكليريكي يصدره وفقاً لسلطته الدينية ولا يخضع في قراراته سوى للرئاسة الدينية التي تبدي رأيها وفقاً لنصوص الإنجيل المقدس وتعاليمه ومن ثم ينتفي القرار الإداري وتبعاً لذلك ينتفي الاختصاص الولائي لمجلس الدولة.
ومن حيث إن الحكم الطعين قد تصدى في مدوناته للدفع المشار إليه إيراداً ورداً بأسباب سائغة قانوناً تتخذها هذه المحكمة أسباباً لها, وتضيف إليها أن الكنسية الأرثوذكسية تقوم بحسب الأصل على رعاية الأقباط الأرثوذكس كافة, وهي في سبيل ذلك خولها القانون السلطات اللازمة بموافقة الأقباط وحسن سيرها وتقديم الخدمات اللازمة لهم, وهذه المهمة هي من مهام الدولة, ومن ثم فإن ما تمارسه الكنيسة في هذا الخصوص إنما هو نشاط إداري دعت إليه اعتبارات الصالح العام وتغدو القرارات الصادرة منها على هذا النحو قرارات إدارية تتعلق بتنفيذ القوانين واللوائح تخضع لرقابة القضاء من حيث مدى مشروعيتها. ولذلك فإن التصريح بالزواج ثانية كنسياً حسبما ورد النص عليه في المادة 69 من لائحة الأقباط الأرثوذكس الصادرة سنة 1938 لا يغدو في حقيقته أن يكون قرار إداري يخضع لرقابة القضاء الإداري ويدخل الاختصاص بطلب إلغائه في الاختصاص المعقود لذلك القضاء بمقتضى المادة (10) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 ولا يمس المعتقد المسيحي ولا يتصادم مع أصل من أصوله طالما استكمل شرائط صحته وضوابط نفاذه للتيقن من أن الرئيس الديني وهو يباشر اختصاصه في منح أو منع التصريح المشار إليه لم يتجاوز سلطاته المنوطة به بموجب قواعد شريعة الأرثوذكس وهو ما لا يعد تدخلاً من القضاء في المعتقد الديني وإنما هو إعلاء له لتحقيق مقاصد تلك الشريعة دون خروج عليها أو تجاوز لها, الأمر الذي يغدو معه الدفع بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى محل الطعن لانتفاء ولايته أو لانتفاء القرار الإداري لا سند لهما من القانون يتعين طرحهما والالتفات عنهما
ومن حيث إنه عن موضوع المنازعة فإنه يتعين التقرير بداءة بأن التشريع المصري, وفي الصدارة منه - الدستور قد حرص على حماية الأسرة - بغض النظر عن العقيدة التي تدين بها - وأقر المشرع لكل مواطن حقه الدستوري في تكوين أسرته بما يتفق والعقيدة التي ينتمي إليها, وفي إطار منظومة تشريعية تتخذ من أحكام الدستور والقانون السند لحماية حقوق والحريات مع تحديد للواجبات اللازمة في ذلك التنظيم الأسري. ومن ثم لا يسوغ لأي جهة دينية أن تلتحف بخصوصية بعض الأحكام الدينية لديها مما قد يختلف الرأي بشأنها لدى آخرين ممن يتبعون تلك العقيدة خاصة وأن التنظيم التشريعي لذلك الأمر أينما يكون وليد إرادة شاركت فيه الجهات الدينية المختلفة بالرأي والقرار قبل إصدار مثل ذلك التشريع. ومتى كان ذلك وكانت لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس التي أقرها المجلس الملي العام في التاسع من مايو سنة 1938 وعمل بها اعتباراً من الثامن من يوليو من السنة ذاتها بما تضمنته من قواعد وعلى ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 1 لسنة 2000 بإصدار قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية تعتبر تلك اللائحة شريعتهم التي تنظم مسائل أحوالهم الشخصية, فقد عنيت تلك اللائحة بالأحكام التفصيلية للزواج باعتباره سراً مقدساً يتم وفقاً لطقوس كنسية مرعية بقصد تكوين أسرة جديدة, فنظمت اللائحة أحكام الخطبة وأحكام عقد الزواج وبينت شروطه وموانعه والمعارضة فيه والإجراءات التي يتم بها وحقوق الزوجين وواجبات كل منهما تجاه الآخر. كما نظمت اللائحة أحكام الطلاق وحالاته وإجراءاته ثم الآثار المترتبة عليه, فأوجبت اللائحة في المادة (6) منها على الكاهن قبل تحرير عقد الخطبة أن يتحقق من عدم وجود مانع شرعي يحول دون الزواج سواء من جهة القرابة أو المرض أو وجود رابطة زواج سابق. كما لم تجز المادة (25) لأحد الزوجين أن يتخذ زوجاً ثانياً ما دام الزواج قائماً. ورتبت المادة (68) من اللائحة المذكورة على الطلاق انحلال رابطة الزوجين من تاريخ الحكم النهائي الصادر به فتزول بمقتضاه حقوق كل من الزوجين وواجباته قبل الآخر ولا يرث أحدهما الآخر عند موته. وأجازت المادة (69) من ذات اللائحة لكل من الزوجين بعد الحكم بالطلاق أن يتزوج من شخص آخر إلا إذا نص الحكم على حرمان أحدهما أو كليهما من الزواج وفي هذه الحالة لا يجوز لمن قضي بحرمانه أن يتزوج إلا بتصريح من المجلس الأكليريكي
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده وهو مسيحي أرثوذكسي قد تزوج بتاريخ 1/9/2002 من السيدة ........ بعقد زواج كنسي للطوائف متحدي الملة والمذهب ودخل بها على فراش الزوجية وعاشرها معاشرة الأزواج, بين أن المذكورة دأبت على الإساءة إليه والتعدي عليه بالسب والشتم أمام الأهل والجيران واستحكم الخلاف بينهما وبعدت الشقة على نحو استحالت معه ديمومة العشرة وذهبت محاولات الأهل ورجال الكنيسة من أجل إصلاح ذات البين أدراج الرياح الأمر الذي حدا بالمطعون ضده إلى إقامة الدعوى رقم 13 لسنة 2002 أمام محكمة طنطا الكلية للأحوال الشخصية (ملي) واستصدر حكماً بتاريخ 28/10/2003 بتطليق زوجته للضرر. وقد صار ذلك الحكم نهائياً حائزاً لقوة الأمر المقضي بعد استغلاق طرق الطعن فيه. ومن ثم تزوجت مطلقة المطعون ضده المذكورة من المدعو ......... بموجب عقد زواج للطوائف متحدي الملة والمذهب مؤرخ 27/4/2006
ومن حيث إن من المبادئ الأصولية في الشريعة المسيحية أنها تقوم على وحدانية الزوجة بما لا يجوز معه للمسيحي أن يكون له سوى زوجة واحدة, فإذا انفصمت عقد الزواج زال المانع منه وجاز له الزواج ثانياً. ولما كان الثابت أن الكنيسة الأرثوذكسية قد اعتدت بطلاق زوجة المطعون ضده وأجازت لها الزواج ثانية باعتبار أن العلاقة الزوجية بينهما قد انفصمت بطلاق بائن. فمن ثم لا يسوغ لها من بعد حرمان الطاعن من الزواج ثانية كنسياً على اعتبار أن سند الأحكام القضائية الصادرة في تلك المنازعات ليست مستمدة من الشرائع السماوية بصفة مباشرة وإنما ما اختاره المشرع منها من أحكام تشريعية صادرة عن جهات الاختصاص معبرة عن الضمير العام للمجتمع. ومن ثم يكون امتناع الكنيسة عن التصريح للمطعون ضده بالزواج قد جاء مميزاً بين أصحاب المراكز المتماثلة على خلاف حكم القانون ومكوناً لقرار سلبي يتعين إلغاؤه ويقوم به ركن الجدية. كما يتوافر ركن الاستعجال من أن استمرار امتناع جهة الإدارة عن إصدار التصريح له بالزواج الثاني يحول دون إحصانه وقد يدفع به إلى ولوج طريق الرذيلة, كما يحول بينه وبين ممارسته لحقه الإنساني والشرعي والدستوري في الزواج وتكوين أسرة التي هي اللبنة الأولى للمجتمع ووفقاً لأحكام شريعته التي يدين بها وهي نتائج يتعذر تداركها ومن ثم يستقيم لطلب وقف تنفيذ القرار الطعين ركناه وفقاً لحكم المادة (10) من قانون مجلس الدولة المشار إليه آنفاً. ودون محاجة في هذا الشأن بأن قرار المجلس الأكليريكي هو قرار تمهيدي, ذلك أن المجلس المذكور هو المنوط به دون غيره إصدار تصريح الزواج دون أن يتوقف ذلك على موافقة أي جهة أخرى وفقاً لحكم المادة (69) من لائحة الأحوال الشخصية للأقباط المشار إليها. كما لا يجوز الحجاج بأن المجلس المذكور اتخذ قراراً بالتصريح للمطعون ضده بالزواج ثانية شريطة استقدام خطيبته للمجلس لإعلامها بظروفه, ذلك أن موثق عقد الزواج ملزم بموجب أحكام اللائحة المذكورة آنفاً بالتثبت من خلو كل من الزوجين من الموانع الشرعية والقانونية للزواج, كما أن نموذج وثيقة الزواج التي يبرمها الموثق المنتدب تتضمن ضرورة تحققه من ذلك إضافة إلى إقرار كل من الزوجين فيها من خلوه من الأمراض التي تجيز التفريق وما إذا كانا قد سبق لهما أو لأحدهما الزواج من قبل الأمر الذي يغدو معه ما ورد بكتاب وكيل عام بطريركية الأقباط الأرثوذكس المؤرخ 3/10/2008 بأن المجلس الأكليريكي قد اتخذ قراراً للتصريح للمطعون ضده بالزواج في حالة إحضار الخطيبة وإعلامها بظروفه ما هو إلا محاولة لعرقلة إصدار ذلك التصريح وإفراغه من مضمونه بوقف ترتيب أثره سيما وأن المجلس المذكور لم يفصح عن تلكم الظروف التي ينبغي إعلام خطيبة المطعون ضده بها فضلاً عما يمثله من المساس بحجية الأحكام القضائية التي تعلو اعتبارات النظام العام وذلك بالنكول عن إعمال مقتضاها وترتيب أثارها. وإذ قضى الحكم الطعين بذلك فإنه يكون قد أصاب الحق فيما انتهى إليه وقضى به ويغدو الطعن عليه متعين الرفض
ومن حيث إن من أصابه الخسر في طعنه يلزم بالمصروفات
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً, وألزمت الطاعن بصفته المصروفات عن درجتي التقاضي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق