الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 8 مايو 2017

الطعن 16118 لسنة 71 ق جلسة 6 / 7 / 2008 مكتب فني 59 ق 59 ص 326

جلسة 6 من يوليو سنة 2008
برئاسة السيد المستشار/ محمد طلعت الرفاعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عادل الشوربجي, علي شكيب, حسين الصعيدي نواب رئيس المحكمة وعزمي الشافعي.
--------------
(59)
الطعن 16118 لسنة 71 ق
(1) حكم "بيانات التسبيب".
بيان واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وإيراد الأدلة السائغة على ثبوتها في حقه على نحو كاف تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لا قصور. 
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. متى كان مجموع ما أورده كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها. 
مثال.
(2) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
لمحكمة الموضوع تكوين اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل. متى اطمأنت إليه. حد ذلك؟ 
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. مادام سائغاً. 
تقدير الدليل. موضوعي. متى اطمأنت المحكمة إليه. 
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟ 
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(3) بطلان. تسجيل المحادثات "دفوع" الدفع ببطلان إذن التسجيل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
الدفع بصدور الإذن بعد إجراء التسجيلات. موضوعي. كفاية اطمئنان المحكمة إلـى تمام التسجيلات بناءً على الإذن رداً عليه. 
إثبات ساعة إصدار الإذن بالتسجيل. لزومه. عند احتساب ميعاده لمعرفة أن تنفيذه كان خلال الأجل المصرح به.
(4) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفوع "الدفع ببطلان القبض". قبض. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع ببطلان القبض من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع. إثارته لأول مرة أمام النقض. غير جائز. ما لم يكن دفع به أمام محكمة الموضوع أو كانت مدونات الحكم تحمل مقوماته. علة ذلك؟
(5) تفتيش "إذن التفتيش .إصداره". تلبس .دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". رشوة. قبض. مأمورو الضبط القضائي "سلطاتهم". نيابة عامة
عدم التزام المحكمة بالرد على الدفع ببطلان القبض لكون الإذن صدر لضبط المتهمين حال تقديم أي منهما لمبلغ الرشوة. ما دام قد ورد في عبارة مرسلة مجهلة. 
التلبس يجيز الضبط والتفتيش دون استصدار إذن من سلطة التحقيق. أساس ذلك؟ 
انعقاد جريمة الوساطة في الرشوة بالاتفاق الذي تم بين عارض الوساطة في الرشوة والمُبَلِّغ. إثبات الاتفاق. تحققه بتسلم المبلغ. 
المراد من الأمر الصادر من النيابة العامة بضبط المتهم متلبساً بجريمة الرشوة: ضبط المتهم إثر تسلمه مبلغ الرشوة.
------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما مؤداه "أنه في خلال الفترة من ... وحتى ... عرض المتهم .... مبلغ ألف وخمسمائة جنيه على سبيل الرشوة على موظف عمومي هو ... رئيس قسم المتابعة للشركات المتعاقدة بمستشفى ... للبحوث والعلاج للإخلال بواجبات وظيفته وذلك بالتغاضي عن المخالفات المتعلقة باشتراطات تغليف الوجبات الغذائية المميزة التي يقدمها للمرضى بالمستشفى المذكور ولكن الموظف العمومي لم يقبل الرشوة وقد عرض المتهم .... على المتهم ... الوساطة لدى الموظف المذكور في تلك الجريمة" وساق الحكم على ثبوت الواقعة بالتصوير المتقدم في حق الطاعن أدلة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات ومما ثبت بتقرير خبير الأصوات بالإذاعة وما جاء بالعقد المبرم بين .... للبحوث والعلاج والمتهم .... ومن اعتراف المتهم المذكور بتحقيقات النيابة العامة وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم وأورد مؤدى كل منها في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ومنها تقرير خبير الأصوات بالإذاعة وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وكان مجموع ما أورده الحكم عند تحصيله لواقعة الدعوى وسرده لأدلة الثبوت كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون، ويكون منعى الطاعن على الحكم في هذا الصدد بقالة القصور في التسبيب يكون في غير محله.
2 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق كما أنه من المقرر أيضاً أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وكان تقدير الدليل موكولاً إلى محكمة الموضوع، ومتى اقتنعت به واطمأنت إليه، فلا معقب عليها في ذلك، ولا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمأنت إلى ما انتهت إليه، وكانت الأدلة التي ساقها الحكم المطعون فيه من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها من ثبوت مقارفة الطاعن للجريمة المسندة إليه وبصحة تصوير شاهدي الإثبات، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في وقائع الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع، ولا يجوز إثارته لدى محكمة النقض.
3 - من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد إجراء التسجيلات يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى أن التسجيلات قد تمت بناء على الإذن أخذاً بالأدلة السائغة التي أوردتها وكان إثبات ساعة إصدار الإذن بالتسجيل إنما يلزم عند احتساب ميعاده لمعرفة أن تنفيذه كان خلال الأجل المصرح بإجرائه فيه، وكان الحكم قد أورد أن التسجيلات قد تمت بعد صدور إذن النيابة العامة بها، بما مفاده أنها حصلت خلال الأجل المصرح به، وكان الطاعن لا يجادل في ذلك، فإنه لا يؤثر في صحة الإذن عدم اشتماله على ساعة صدوره، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
4 - من المقرر أن الدفع ببطلان القبض إنما هو من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التي لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم يكن قد دفع به أمام محكمة الموضوع أو كانت مدوناته تحمل مقوماته نظراً لأنه يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة محكمة النقض، ولما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع ببطلان القبض لحصوله بواسطة شخص غير مأذون له ولعدم توافر حالة التلبس وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يرشح لقيام ذلك البطلان فإنه لا يقبل إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
5 - فإنه لما كان ما ورد بمحضر الجلسة على لسان المدافع عن الطاعن من أن الإذن صدر لضبط المتهمين حال تقديم أي منهما لمبلغ الرشوة وأن المتهم الثاني - الطاعن - لم يكن موجوداً في هذه الواقعة وأن الطاعن قبض عليه بواسطة شخص غير مأذون له فقد سيق في عبارة مرسلة مجهلة مما لا يعد دفعاً جدياً تلتزم المحكمة بالرد عليه هذا بالإضافة إلى أن حالة التلبس بذاتها لا تستلزم إذناً من سلطة التحقيق لإجراء القبض والتفتيش إذ أن هذه الحالة تخول مأمور الضبط القضائي - متى كان له حق إيقاع القبض على المتهم - تفتيش شخصه ومنزله كما هو المستفاد من المادتين 46/1، 47 من قانون الإجراءات الجنائية, فالأمر الصادر من النيابة العامة بضبط المتهم متلبساً بجريمة الرشوة لم يقصد به المعنى الذي ذهب إليه الدفاع وهو أن يكون الضبط مقيداً بقيام حالة التلبس كما هو معرف به في القانون، وواقع الحال أنه إنما قصد بهذا الأمر ضبط المتهم على إثر تسلمه مبلغ الرشوة المتفق عليه بينه وبين المبلغ، وهو ما حدث فعلاً مع المتهم الأول - المحكوم عليه الآخر في الدعوى - وقيام المتهم الثاني - الطاعن - بالتوسط له على النحو الذي أورده الحكم ذلك بأن جريمة الوساطة في عرض الرشوة قد انعقدت بذلك الاتفاق الذي تم بين عارض الوساطة في الرشوة والمبلغ ولم يبق إلا إقامة الدليل على هذا الاتفاق وتنفيذ مقتضاه بتسلم المبلغ, وهو ما هدفت إليه النيابة العامة بالأمر الذي أصدرته، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا المنعى لا يكون مقبولاً.
------------
الوقائع
اتهمت النيابة كلا من 1- ... 2- ..... ( طاعن ) بأنهما:- المتهم الأول: عرض رشوة على موظف عام "رئيس قسم المتابعة للشركات المتعاقدة بمستشفى .... وذلك للإخلال بعمل من أعمال وظيفته بأن قدم له مبلغ ألف وخمسمائة جنيه نظير التغاضي عن المخالفات المتعلقة باشتراطات تغليف الوجبات التي يقدمها لمرضى المستشفى ولكن الموظف العام لم يقبل الرشوة على النحو المبين بالتحقيقات. المتهم الثاني: توسط في جريمة الرشوة محل التهمة الأولى. وأحالته إلى محكمة جنايات ... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملا بالمواد 105 مكرراً، 109 مكرراً، 109 مكرراً ثانياً/3، 110 من قانون العقوبات بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة ثلاثة أشهر وتغريمه مائتي جنيه وبمصادرة مبلغ الرشوة المضبوط
فطعن الأستاذ/ .... المحامي بصفته وكيلا عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.
---------------
المحكمة
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الوساطة في عرض رشوة على موظف عام لم تقبل منه قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الحكم خلا من الأسباب التي بنى عليها ولم يبين أركان الجريمة التي دانه بها ومؤدى التسجيلات الصوتية التي استند إليها في قضائه بالإدانة خاصة وأن الدفاع عن الطاعن دفع بانتفاء أركان الجريمة وعدم ذكره في مراحل التسجيلات المختلفة وبعدم معقولية الواقعة وعدم تصور حدوثها، هذا إلى أن المدافع عن الطاعن تمسك ببطلان التسجيلات لحصولها قبل صدور الإذن إلا أن الحكم اطرح هذا الدفع برد قاصر غير سائغ مغفلاً إثبات ساعة صدور الإذن، والتفت إيراداً ورداً عن دفعه ببطلان القبض لحصوله بواسطة شخص غير مأذون له ولعدم توافر حالة التلبس المشترطة بالإذن الذي صدر لضبط أي من المتهمين حال تقديم أي منهما للرشوة بعد أن تم ضبط المحكوم عليه الأول, مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما مؤداه "أنه في خلال الفترة من ... وحتى ... عرض .... مبلغ ألف وخمسمائة جنيه على سبيل الرشوة على موظف عمومي هو ..... رئيس قسم المتابعة للشركات المتعاقدة بمستشفى ..... للبحوث والعلاج للإخلال بواجبات وظيفته وذلك بالتغاضي عن المخالفات المتعلقة باشتراطات تغليف الوجبات الغذائية المميزة التي يقدمها للمرضى بالمستشفى المذكور ولكن الموظف العمومي لم يقبل الرشوة وقد عرض .... على .... الوساطة لدى الموظف المذكور في تلك الجريمة" وساق الحكم على ثبوت الواقعة بالتصوير المتقدم في حق الطاعن أدلة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات ومما ثبت بتقرير خبير الأصوات بالإذاعة وما جاء بالعقد المبرم بين .... للبحوث والعلاج والمتهم .... ومن اعتراف المتهم المذكور بتحقيقات النيابة العامة وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم وأورد مؤدى كل منها في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ومنها تقرير خبير الأصوات بالإذاعة وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وكان مجموع ما أورده الحكم عند تحصيله لواقعة الدعوى وسرده لأدلة الثبوت كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون، ويكون منعى الطاعن على الحكم في هذا الصدد بقالة القصور في التسبيب يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق، كما أنه من المقرر أيضاً أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان تقدير الدليل موكولاً إلى محكمة الموضوع، ومتى اقتنعت به واطمأنت إليه، فلا معقب عليها في ذلك، ولا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمأنت إلى ما انتهت إليه، وكانت الأدلة التي ساقها الحكم المطعون فيه من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها من ثبوت مقارفة الطاعن للجريمة المسندة إليه وبصحة تصوير شاهدي الإثبات، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في وقائع الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع، ولا يجوز إثارته لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد إجراء التسجيلات يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى أن التسجيلات قد تمت بناء على الإذن أخذاً بالأدلة السائغة التي أوردتها، وكان إثبات ساعة إصدار الإذن بالتسجيل إنما يلزم عند احتساب ميعاده لمعرفة أن تنفيذه كان خلال الأجل المصرح بإجرائه فيه، وكان الحكم قد أورد أن التسجيلات قد تمت بعد صدور إذن النيابة العامة بها، بما مفاده أنها حصلت خلال الأجل المصرح به، وكان الطاعن لا يجادل في ذلك، فإنه لا يؤثر في صحة الإذن عدم اشتماله على ساعة صدوره، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع ببطلان القبض إنما هو من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التي لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم يكن قد دفع به أمام محكمة الموضوع أو كانت مدوناته تحمل مقوماته نظراً لأنه يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة محكمة النقض، ولما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع ببطلان القبض لحصوله بواسطة شخص غير مأذون له ولعدم توافر حالة التلبس وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يرشح لقيام ذلك البطلان فإنه لا يقبل إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض, ومن ناحية أخرى، فإنه لما كان ما ورد بمحضر الجلسة على لسان المدافع عن الطاعن من أن الإذن صدر لضبط المتهمين حال تقديم أي منهما لمبلغ الرشوة وأن المتهم الثاني - الطاعن - لم يكن موجوداً في هذه الواقعة وأن الطاعن قبض عليه بواسطة شخص غير مأذون له فقد سيق في عبارة مرسلة مجهلة مما لا يعد دفعاً جدياً تلتزم المحكمة بالرد عليه، هذا بالإضافة إلى أن حالة التلبس بذاتها لا تستلزم إذناً من سلطة التحقيق لإجراء القبض والتفتيش إذ أن هذه الحالة تخول مأمور الضبط القضائي - متى كان له حق إيقاع القبض على المتهم - تفتيش شخصه ومنزله كما هو المستفاد من المادتين 46/1، 47 من قانون الإجراءات الجنائية, فالأمر الصادر من النيابة العامة بضبط المتهم متلبساً بجريمة الرشوة لم يقصد به المعنى الذي ذهب إليه الدفاع وهو أن يكون الضبط مقيداً بقيام حالة التلبس كما هو معرف به في القانون، وواقع الحال أنه إنما قصد بهذا الأمر ضبط المتهم على إثر تسلمه مبلغ الرشوة المتفق عليه بينه وبين المبلغ، وهو ما حدث فعلاً مع المتهم الأول - المحكوم عليه الآخر في الدعوى - وقيام المتهم الثاني - الطاعن - بالتوسط له على النحو الذي أورده الحكم ذلك بأن جريمة الوساطة في عرض الرشوة قد انعقدت بذلك الاتفاق الذي تم بين عارض الوساطة في الرشوة والمبلغ ولم يبق إلا إقامة الدليل على هذا الاتفاق وتنفيذ مقتضاه بتسلم المبلغ, وهو ما هدفت إليه النيابة العامة بالأمر الذي أصدرته، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا المنعى لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق