الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 15 سبتمبر 2015

عدم دستورية تحصيل مستحقات وزارة الاوقاف بالحجز الاداري

قضية رقم 104 لسنة 23 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
 بالجلسة العلنية المنعقـدة يوم الأحـد 9 يناير سنة 2005 م ، الموافق 28 من ذى القعدة سنة 1425 هـ .
برئاسة السيد المستشار / ممدوح مرعى رئيس المحكمة وبحضور السادة المستشارين : أنـور رشـاد العاصـى وإلهـام نجـيب نـوار وماهـر سامـى يوسـف والسيد عبد المنعـم حشـيش ومحمـد خـيرى طـه وتهانى محمد الجبالى .
وحضور السيد المستشار / نجيب جمال الدين علما رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
 فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 104 لسنة 23 قضائية " دستورية " . 
المقامة من 
السيد / بكر عبد النبى محمد يوسف 
ضـــــــــــد
 1 ـ السيد رئيس مجلس الوزراء
 2 ـ السيد وزير العدل
3 ـ السيد رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية
4 ـ السيد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى
الإجـــراءات
 بتاريخ 13 من يونية سنة 2001 ، أودع المدعى قلم كتاب المحكمة صحيفة هذه الدعـوى ، طالباً الحكم بعدم دسـتورية نص البند ( ح ) من المادة (1) ، والمادة (2) من القانون رقم 308 لسنة 1955 فى شأن الحجز الإدارى.
 وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى لثلاثة أوجه أولها : لرفعها بعد الميعاد ، وثانيها : لعدم بيان نصوص الدستور المدعى بمخالفتها وأوجه المخالفة الدستورية ، وثالثها : لانتفاء المصلحة فى الدعوى .
 وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها . ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم . 
المحكمــــة
 بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .
 حيث إن الوقائع ـ على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق ـ تتحصل فى أن النيابة العامة كانت قد قدمت المدعى ـ وهو الحارس على الأشياء المحجوز عليها ـ للمحاكمة الجنائية فى القضية رقم 26389 لسنة 1998 جنح بلقاس ، متهمة إياه أنه بتاريخ 10/11/1998 بدد الأشياء المحجوز عليها ، وهى عبارة عن إنتاج مساحة (12 سهم , 8 قيراط , 2 فدان) كائنة ببلقاس ـ محافظة الدقهلية ، المزروعة أرزاً يابانياً ، والمقدر إنتاجها بحوالى (9) طن ، والمحجوز عليها لصالح هيئة الأوقاف المصرية وفاء لمبلغ 94ر9292 جنيها قيمة إيجار سنة 1998 والمتأخرات عن الأطيان الزراعية التابعة لوقف المكاتب الأهـلية ( وقـف خـيرى ) والمؤجرة من الهيئة لورثة عبد النبى محمد يوسف ، وقد طلبت النيابة معاقبة المدعى بالمواد ( 341 ، 342 ) من قانون العقوبات ، وبجلسة 18/3/1999 قضت المحكمة غيابياً بحبس المدعى أسبوعاً وكفالة قدرها عشرة جنيهات ، وقد عارض المدعى فى هذا الحكم ، وبجلسة 23/11/2000 قضى باعتبار المعارضة كأن لم تكن ، وإذ لم يرتض المدعى هذا القضاء فقد طعن عليه بالاستئناف رقم 2712 لسنة 2001 جنح مستأنف المن صورة ، وأثناء نظر الاستئناف دفع بعدم دستورية نص البند ( ح ) من المادة (1) والمادة (2) من القانون رقم 308 لسنة 1955 المشار إليه ، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع وصرحت للمدعى برفع الدعوى الدستورية ، فقد أقام دعواه الماثلة .
 وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد ، فهو مردود ذلك أن المقرر فى قضاء هذه المحكمة ـ وعملاً بنص البند (ب) من المادة (29) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 ـ أن المهلة التى تمنحها محكمة الموضوع لرفع الدعوى الدستورية ، لا يجوز زيادتها إلا من خلال مهلة جديدة تضيفها إلى المدة الأصلية وقبل انقضائها ، بما يكفل تداخلها معها ، وبشرط ألا تزيد المدتان معاً على الأشهر الثلاثة التى فرضها المشرع كحد أقصى لرفع الدعوى الدستورية ، فلا يجاوزه من يقيمها .
 وحيث إن الثابت من الأوراق أن محكمة الموضوع بعد أن قدرت جدية الدفع بعدم الدستورية المبدى من المدعى بجلسة 21/3/2001 ، أجلت نظر الدعوى لجلسة 16/5/2001 لتقديم ما يفيد رفع الدعوى أمام المحكمة الدستورية العليا ، ثم قررت المحكمة إضافة مهلة جديدة إلى المدة الأصلية وقبل انقضائها غايتها 4/7/2001 ، وهى إن جاءت متجاوزة مدة الثلاثة أشهر المقررة كحد أقصى لرفع الدعوى الدستورية إلا أن الثابت أن المدعى أقام دعواه الماثلة بتاريخ 13/6/2001 ، فى غضون مهلة الثلاثة أشهر المشار إليها ، ومن ثم فإن الدفع بعدم قبول الدعوى على هذا الوجه غير سديد ، مما يتعين معه القضاء برفضه .
 وحيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى بقالة خلو صحيفتها من بيان النصوص الدستورية المدعى بمخالفتها وأوجه هذه المخالفة ، فهو مردود بأن ما تغياه قانون المحكمة الدستورية العليا بنص المادة (30) منه من وجوب أن تتضمن صحيفة الدعوى الدستورية بياناً بالنصوص الدستورية المدعى بمخالفتها وأوجه المخالفة ، هو ألا تكون صحيفة الدعوى مجهلة بالمسائل الدستورية المطروحة على هذه المحكمة ، ضماناً لتعيينها تعييناً كافياً ، فلا تثير خفاءً فى شأن مضمونها ، أو اضطراباً حول نطاقها ، ليتمكن ذوو الشأن من إعداد دفاعهم ابتداء ورداً وتعقيباً فى المواعيد التى حددتها المادة (37) من ذلك القانون ، ولتتولى هيئة المفوضين بعد ذلك تحضير الدعوى ، وإعداد تقرير يكون محدداً للمسائل الدستورية المثارة ورأيها فيها مسبباً ، ومن ثم فإنه يكفى لبلوغ تلك الغاية أن يكون تعيين هذه المسائل ممكناً ، ويتحقق ذلك كلما كان بنيان عناصرها منبئاً عن حقيقتها .
لما كان ذلك ، وكانت صحيفة الدعوى الماثلة قد أبانت ـ فى غير خفاء ـ نعى المدعى على النصين المطعون فيهما إخلالهما بمبدأ سيادة القانون وبمبدأ خضوع الدولة للقانون ، وذلك بمنحهما الجهة الإدارية ميزة استثنائية خروجاً على القواعد المقررة فى قانون المرافعات المدنية والتجارية ، تخولها الحق فى اقتضاء حقوقها جبراً ، بقرار يصدر منها يكون معادلاً للسند التنفيذى ، ويتضمن تحديداً لتلك الحقوق سواء تعلق الأمر بمصدرها أو بمقدارها ، وهو ما يمثل تحديداً كافياً للنصوص الدستورية المدعى بمخالفتها وأوجه المخالفة الدستورية كما ارتآها المدعى ، ومن ثم فإن الدفع بعدم قبول الدعوى من هذا الوجه أيضاً يكون فى غير محله متعيناً رفضه .
 وحيث إن صدر المادة (1) من القانون رقم 308 لسنة 1955 والبند (ح) منها المعدل بالقانون رقم 44 لسنة 1958 ينصان على أن " يجوز أن تتبع إجراءات الحجز الإدارى المبينة بهذا القانون عند عدم الوفاء بالمستحقات الآتية فى مواعيدها المحددة بالقوانين والمراسيم والقرارات الخاصة بها وفى الأماكن وللأشخاص الذين يعينهم الوزراء المختصون ......... (ح) ما يكون مستحقاً لوزارة الأوقاف وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة من المبالغ المتقدمة وكذلك ما يكون مستحقاً لوزارة الأوقاف بصفتها ناظراً أو حارسـاً من إيجـارات أو أحكـار أو أثمـان الاستبدال للأعيان التى تديرها الوزارة ..... " . وتنص المادة (2) من هذا القانون على أن " لا يجوز اتخاذ إجراءات الحجز إلا بناء على أمر مكتوب صادر من الوزير أو رئيس المصلحة أو المحافظ أو المدير أو ممثل الشخص الاعتبارى العام حسب الأحوال أو من ينيبه كل من هؤلاء فى ذلك كتابة " .
 وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة ـ وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية ـ مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع . وكان البين من استعراض أحكام القانون رقم 247 لسنة 1953 بشأن النظر على الأوقاف الخيرية وتعديل مصارفها على جهات البِرّ ، والقانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف ، أنها ناطت بالوزارة النظر على الأوقاف الخيرية وإدارة أعيانها ، وبهذه الصفة أجاز البند (ح) من المادة (1) من قانون الحجز الإدارى للوزارة توقيع الحجز عند عدم الوفاء بالإيجارات المستحقة للوقف ، وقد خلفت هيئة الأوقاف المصرية الوزارة ـ إعما لاً لنص المادة (5) من القانون رقم 80 لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية ـ فى الاختصاص بإدارة واستثمار أموال الأوقاف الخيرية والتصرف فيها ، وذلك باعتبارها نائبة عن وزير الأوقاف بصفته ناظراً على تلك الأوقاف ، كما حلت الهيئة ـ بمقتضى نص المادة (9) من القانون رقم 80 لسنة 1971 ـ محل الوزارة فيما لها من حقوق وما عليها من التزامات تتعلق بإدارة واستثمار هذه الأموال ، وبالتالى أصبح للهيئة بصفتها نائبة عن وزير الأوقاف كناظر للوقف رخصة توقيع الحجز الإدارى عند عدم الوفاء بالإيجارات المستحقة للوقف ، وهو الأساس القانونى لقيام الهيئة باتخاذ إجراءات الحجز فى الحالة المعروضة ، لعدم الوفاء بالإيجار المستحق عن الأطيان الزراعية التابعة لوقف المكاتب الأهلية ( وقف خيرى ) ، المؤجرة من الهيئة لورثة عبد النبى محمد يوسف ، ومن ثم فإن المصلحة الشخصية المباشرة للمدعى تكون متحققة بالنسبة للطعن على نص البند (ح) من المادة (1) من قانون الحجز الإدارى فيما تضمنه من تخويل وزارة الأوقاف بصفتها ناظراً على الأوقاف الحق فى توقيع الحجز الإدارى عند عدم الوفاء بإيجارات الأعيان التى تديرها الوزارة بهذه الصفة . وحيث إن القواعد التى تضمنها قانون الحجز الإدارى غايتها أن يكون بيد أشخاص القانون العام وسائل ميسرة تمكنها من تحصيل حقوقها وهى بحسب طبيعتها أموال عامة تمثل الطاقة المحركـة لحسن سير المرافق العامة وانتظامها ، فلا يتقيد اقتضاؤها جبراً عن مدينيها بالقواعد التى فصلها قانون المرافعات المدنية والتجارية فى شأن التنفيذ الجبرى ، وإنما تعتبر استثناء منها، وامتيازاً لصالحها ، وهذه الطبيعة الاستثنائية لقواعد الحجز الإدارى تقتضى أن يكون نطاق تطبيقها مرتبطاً بأهدافها ومتصلاً بتسيير جهة الإدارة لمرافقها ، فلا يجوز نقل هذه القواعد إلى غير مجالها ، ولا إعما لها فى غير نطاقها الضيق الذى يتحدد باستهداف حسن سير المرافق العامة وانتظامها . إذ كان ذلك ، وكانت أموال الأوقاف تعتبر بصريح نص المادة (5) من القانون رقم 80 لسنة 1971 أموالاً خاصة مملوكة للوقف باعتباره ـ عملاً بنص المادة (52/3) من القانون المدنى ـ شخصاً اعتبارياً ، وهو يدخل بحسب طبيعته فى عداد أشخاص القانون الخاص ، ولو كان من يباشر النظر عليه شخصاً من أشخاص القانون العام ، إذ يظل النظر ـ فى جميع الأحوال ـ على وصفه القانونى مجرد نيابة عن شخص من أشخاص القانون الخاص ، وفى هذا نصت المادة (50) من القـانون رقـم 48 لسـنة 1946 بأحكام الوقف على أن " يعتبر الناظر أميناً على مال الوقف ووكي لاً عن المستحقين ... " ومن ثم فإن قيام وزير الأوقاف بصفته ناظراً على الأوقاف الخيرية وهيئة الأوقاف كنائبة عنه على شئون أموال الأوقاف ، إنما يكون كأى ناظر من أشخاص القانون الخاص ، وعلى ذلك فإن تخويل النص الطعين وزارة الأوقاف بصفتها ناظراً على الأوقاف صلاحية توقيع الحجز الإدارى عند عدم الوفاء بالإيجارات المستحقة للأوقاف ، مؤداه إلحاق نشاط هذه الأوقاف ـ فى هذا النطاق ـ بالأعمـال التى تقوم عليها المرافق العامة ، واعتبارها من جنسها ، وإخضاع تحصيلها ـ دون مقتض ـ لتلك القواعـد الاستثنائية التى تضمنهـا قانون الحجز الإدارى ، بما يخالف نص المادة (65) من الدستور ، ذلك أن مبدأ الخضوع للقانون المقرر بها ، يفترض تقيد أشخاص القانون الخاص فى مجال نشاطها واقتضاء حقوقها بقواعد ووسائل هذا القانون دون غـيرها ، فلا يكون الخروج عليها إلا لضرورة وبقدرها ، فإذا انتفت تلك الضرورة كما هو حال النص الطعين فإنه يكون قد وقع فى حمأة المخالفة الدستورية .
 وحيث إن القضاء بعدم دستورية نص البند (ح) من المادة (1) من قانون الحجز الإدارى من شأنه عدم جواز اتخاذ إجراءات الحجز المنصوص عليها فى المادة (2) من ذات القانون قبل المدعى ، ومن ثم فإن الطعن عليها بعدم الدستورية أصبح ولا محل له . 
فلهـــذه الأسبـــاب
 حكمت المحكمة بعدم دستورية البند (ح) من المادة (1) من القانون رقم 308 لسنة 1955 فى شأن الحجز الإدارى المعدل بالقانون رقم 44 لسنة 1958 فيما تضمنه من النص على جواز اتباع إجراءات الحجز الإدارى عند عدم الوفاء بما يكون مستحقاً لوزارة الأوقاف بصفتها ناظراً من إيجارات للأعيان التى تديرها الوزارة ، وألزمت الحكومة المصروفات ، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة

عدم صلاحية الجمعيات التعاونية الزراعية لتوقيع الحجز الاداري

قضية رقم 314 لسنة 23 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المن عقدة يوم الأحد 25 أغسطس سنة 2002 الموافق 18 جمادى الآخر سنة 1423هـ
برئاسة السيد المستشار الدكتور / محمد فتحى نجيب     رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين : ماهر البحيرى ومحمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وأنور رشاد العاصى والدكتور حنفى على جبالى . وحضور السيد المستشار / نجيب جمال الدين علما                      رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن                                  أمين السر أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 314 لسنة 23 قضائية " دستورية"
المقامة من 
السيد / أحمد متولى الحوفى
ضد
السيد / رئيس مجلس الوزراء السيد / وزير الزراعة واستصلاح الأراضى
الإجراءات          
بتاريخ الخامس والعشرين من أكتوبر سنة 2001 ، أودع المدعى قلم كتاب المحكمة صحيفة هذه الدعوى ، طالباً الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 26 من قانون التعاون الزراعى الصادر بالقانون رقم 122 لسنة 1980 .           وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصلياً : بعدم قبول الدعوى ، واحتياطياً : برفضها .          
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .          
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم . 
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .          
وحيث إن الوقائع على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل فى أن النيابة العامة كانت قد أسندت إلى المدعى فى القضية رقم 4348 لسنة 2001 جنح إدكو ؛ أنه بدد المنقولات المملوكة له والمحجوز عليها لصالح جمعية إدكو الجديدة التعاونية الزراعية لاستصلاح الأراضى وفاءً للمبالغ المالية المستحقة لها عليه ، وطلبت النيابة العامة عقابه بالمادتين 341 و342 من قانون العقوبات ، فقضت محكمة أول درجة بحبسه لمدة ستة أشهر ، فطعن على هذا الحكم بالاستئناف رقم 2881 لسنة 2001 جنح مستأنف رشيد ، وأثناء نظره دفع بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 26 من القانون رقم 122 لسنة 1980 المشار إليه ، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع وصرحت له بإقامة دعواه الدستورية ، فقد أقام الدعوى الماثلة .          
وحيث إن الفقرة الثانية من المادة 26 من قانون التعاون الزراعى الصادر بالقانون رقم 122 لسنة 1980 تنص على أنه " وللجمعية الحق فى تحصيل المبالغ المستحقة لها بطريق الحجز الإدارى ، وتبين اللائحة التنفيذية إجراءات هذا الحجز بما يتفق وقانون الحجز الإدارى " .          
وحيث إن هيئة قضايا الدولة قد دفعت بعدم قبول الدعوى لانعدام مصلحة المدعى ؛ على سند من القول بأنه قُدم إلى المحاكمة الجنائية متهماً بمخالفة أحكام المادتين 341 و342 من قانون العقوبات ، لقيامه بتبديد المنقولات المملوكة له والمحجوز عليها لصالح الجمعية المذكورة ، مما تنتفى معه الصلة بين سند هذا الاتهام والنص الطعين المشار إليه .          
وحيث إن هذا الدفع مردود ، ذلك أن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن المصلحة الشخصية المباشرة وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية مناطها أن يصبح الفصل فى النزاع الموضوعى كلياً أو جزئياً ، متوقفاً على الفصل فى المسائل الدستورية التى تُدعى هذه المحكمة لنظرها ، إذ كان ذلك وكان جوهر النزاع الموضوعى يتعلق باتهام المدعى بتبديد المنقولات المحجوز عليها بطريق الحجز الإدارى الذى تم توقيعه إعما لاً للنص الطعين ، فإن القطع فى مدى دستورية هذا النص ، من شأنه أن يصبح أداة حسم النزاع الموضوعى الذى انبنى الاتهام الجنائى فيه بالتبديد على خرق مقتضيات هذا الحجز .          
وحيث إن المدعى ينعى على النص الطعين المشار إليه مخالفته مبدأ مساواة المواطنين فى الحقوق والواجبات المقرر بنص المادة (40) من الدستور تأسيساً على أنه آثر الجمعيات التعاونية الزراعية بالرغم من كونها من أشخاص القانون الخاص بميزة تحصيل مستحقاتها بطريق الحجز الإدارى ، وإخلاله كذلك بمبدأ سيادة القانون وبمبدأ خضوع الدولة للقانون المنصوص عليهما فى المادتين (64) و(65) من الدستور ، استناداً إلى أن الحجز الإدارى يعتبر ميزة يقتصر الحق فى استعما لها على جهة الإدارة ولا يجوز مدها إلى أشخاص القانون الخاص ، وإهداره كذلك أحكام المادة (68) من الدستور تأسيساً على أن مؤدى حق التقاضى الذى قررته هذه المادة أن يكون اقتضاء الحق من خلال المحاكم التى تُعمل نظرتها المحايدة فصلاً فيما يثور من نزاع فى شأنها ، وذلك خلافاً للحجز الإدارى الذى يقيم الدائن خصماً وحكماً فى آن واحد .          
وحيث إن هذا النعى فى جملته صحيح ، ذلك أن المادة (1) من القانون رقم 122 لسنة 1980 المشار إليه تنص على أن الجمعيات التعاونية الزراعية وحدات اقتصادية واجتماعية تهدف إلى تطوير الزراعة فى مجالاتها المختلفة كما تسهم فى التنمية الريفية فى مناطق عملها ، وتنص المادة (2) منه على أن تعتبر جمعية تعاونية تُشهر طبقاً لأحكام هذا القانون كل جماعة تتكون من الأشخاص الطبيعيين أو المعنويين المشتغلين بالعمل الزراعى فى مجالاته المختلفة باختيارهم ، كما نصت المادة (9) على أن المؤسسين هم الذين يشتركون فى إنشاء جمعية تعاونية ويوقعون عقد تأسيسها ويتولون إعداد نظامها الداخلى ، وتنص المادة (10) على أن تكتسب الجمعية الشخصية الاعتبارية بشهر عقد تأسيسها بالجهة الإدارية المختصة ونشر نظامها الداخلى فى الوقائع المصرية ، وتنص المادة (12) على أن للجمعية التعاونية تملك واستئجار واستصلاح وإدارة الأراضى الزراعية بما يحقق أغراضها ، ونصت المادة (19) على أن أموال الجمعية تتكون من رأس المال المسهم ويتكون من عدد غير محدود من الأسهم يكون الاكتتاب فيها بين حائزى الأراضى الزراعية بالقرية ، ويجوز للأعضاء الاشتراك بحصص عينية أو نقدية علاوة على الأسهم ، والودائع والمدخرات التى تقبلها الجمعية من أعضائها ، وما يتحقق من فائض أنشطة الجمعية خلال العام ، والقروض اللازمة لمباشرة نشاطها ، والهبات والوصايا المحلية التى تقبلها ولا تتضمن شروطاً تتعارض مع أغراضها ، فضلاً عما تخصصه الدولة ووحدات الإدارة المحلية والأشخاص الاعتبارية العامة من مبالغ لدعم تلك الجمعيات ، كما تنص المادة (29) على أنه فى تطبيق أحكام قانون العقوبات تعتبر أموال الجمعية فى حكم الأموال العامة ، ويعتبر العاملون بها أو أعضاء مجالس إدارتها فى حكم الموظفين العموميين ، كما تعتبر أوراق الجمعية وسجلاتها وأختامها فى حكم الأوراق والأختام والسجلات الرسمية .          
وحيث إنه من حاصل النصوص التشريعية المتقدمة يبين أن الجمعيات التعاونية الزراعية إن هى إلا أشخاص اعتبارية خاصة ، تخرج عن نطاق الأشخاص الاعتبارية العامة فى مفهوم المادة 87 من القانون المدنى ، تأسيساً على أن إنشاءها يقوم على تلاقى مجموع من الإرادات الفردية الخاصة ، تكسب شخصيتها الاعتبارية باستيفائها لأوضاع إجرائية معينة ، ثم يُدار هذا الكيان وقد كسب الشخصية الاعتبارية وفقاً للنظام الداخلى الذى يضعه مؤسسوها ، وتباشر نشاطها فى استقلالية تنبو عن الخضوع لتبعية حكومية معينة ، إذ كان ذلك وكانت الطبيعة القانونية للشخص الاعتبارى إنما تتحدد بما سلف من أركان تتعلق بإرادة تأسيسه وكيفيته ، وقواعد الإدارة فيه بعد إنشائه ومدى استقلاليته فى مباشرة نشاطه ، فإن وسائل الحماية المدنية أو الجنائية التى يقررها المشرع للشخص الاعتبارى ، من بعد ، لا تتداخل مع الأركان التى تحدد طبيعته القانونية ، ومن ثم فإن النص على اعتبار أموال هذه الجمعيات أموالاً عامة فى مجال تطبيق أحكام قانون العقوبات ، وكذا اعتبار أوراقها وسجلاتها وأختامها فى حكم الأوراق والسجلات والأختام الرسمية ، لا يمثل إلا وسائل حماية ليس لها من أثر على جوهر الطبيعة القانونية الذى استمدت الجمعيات التعاونية الزراعية منه كيانها كأشخاص اعتبارية خاصة .          
وحيث إن الأصل المقرر فى قانون المرافعات المدنية والتجارية أن التنفيذ جبراً على أموال المدين بما له من آثار خطيرة عليه ، لا يكون إلا بسند تنفيذى استظل به دائنه قبل التنفيذ ولم يبلغه إلا بطريق تحقق به دينه وصحته وصار حقيقة قانونية أو قضائية يجوز التنفيذ بمقتضاها ، وخروجاً على هذا الأصل العام جاءت أحكام قانون الحجز الإدارى رقم 308 لسنة 1955 بأوضاع استثنائية ، منها أنها جعلت الأمر المكتوب الصادر من الوزير أو رئيس المصلحة أو المحافظ أو المدير أو ممثل الشخص الاعتبارى العام حسب الأحوال ، أو من ينيبه كل من هؤلاء كتابة ، معادلاً للسند التنفيذى الذى يجوز التنفيذ به وفقاً لأحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية ، وهذا الاستثناء الوارد على حظر التنفيذ على أموال المدين قبل الحصول على سند تنفيذى حقيقى على نحو ما سلف لا تبرره إلا المصلحة العامة فى أن تتوافر لدى أشخاص القانون العام وسائل ميسرة تمكنها من تحصيل حقوقها على النحو الذى يحقق سير المرافق العامة وانتظامها ، وهو بذلك استثناء بحت لا يجوز نقله إلى غير مجاله ، كما لا يجوز إعما له فى غير نطاقه الضيق الذى يتحدد باستهدافه حسن سير المرافق العامة وانتظامها .          
إذ كان ذلك ، وكان النص الطعين قد خرج عن ذلك كله فأعطى صلاحية توقيع الحجز الإدارى للجمعيات التعاونية الزراعية وهى من الأشخاص الاعتبارية الخاصة ، فجعل مدينيها وهم فى نفس المركز القانونى لمدينى أى شخص طبيعى أو اعتبارى خاص ، يتجردون من الضمانات المقررة للأخيرين ، فإنه بذلك يكون قد خالف مبدأ المساواة المنصوص عليه فى المادة 40 من الدستور ، كما خالف نص المادة 65 من الدستور الذى يفترض بما نص عليه من مبدأ خضوع الدولة للقانون تقيد أشخاص القانون الخاص فى مجالات أنشطتها ومعام لاتها بقواعد وإجراءات هذا القانون دون غيرها ، وهذه المخالفة وتلك توقع النص فى حمأة المخالفة الدستورية ، بما يوجب القضاء بعدم دستوريته .          
وحيث إن الفقرة الثانية من المادة 28 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 122 لسنة 1980 المشار إليه ، الصادرة بقرار وزير الزراعة والأمن الغذائى رقم 388 لسنة 1984 ، تنص على أن " وللجمعية الحق فى تحصيل المبالغ المستحقة لها بطريق الحجز الإدارى ، وفقاً للإجراءات المنصوص عليها بالقانون رقم 308 لسنة 1955 فى شأن الحجز الإدارى وتعديلاته ، وذلك بموجب أمر يصدر من ممثل الجهة الإدارية المختصة أو من ينيبه فى إصدار الأمر كتابةً ، ويتم تنفيذه بواسطة مندوب حجز إدارى يتم اختياره بمعرفة الجمعية . هذا ويقع الحجز على أموال المدين أياً كان نوعها ، ولا يخل توقيع الحجز على المنقولات بالحق فى الحجز على العقار ، وفى حالة عدم أداء المبالغ المستحقة بهذا الحجز ؛ يُحجز على أى منقول أو عقار يملكه المدين أياً كان مكانه " . ولما كان هذا النص قد بيّن إجراءات الحجز الإدارى وفقاً للنص الطعين المشار إليه ، فإن القضاء بعدم دستوريته يترتب عليه لزوماً سقوط نص الفقرة الثانية من المادة 28 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 122 لسنة 1980 المشار إليه . 
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :
أولاً:- بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 26 من قانون التعاون الزراعى الصادر بالقانون رقم 122 لسنة 1980 .
ثانيا:- بسقوط نص الفقرة الثانية من المادة 28 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 122 لسنة 1980 المشار إليه ، والصادرة بقرار وزير الزراعة والأمن الغذائى رقم 388 لسنة 1984 .
ثالثاً:- بإلزام الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

الاثنين، 7 سبتمبر 2015

الطعن 6010 لسنة 81 ق جلسة 12 / 1 / 2012 مكتب فني 63 ق 8 ص 68

جلسة 12 من يناير سنة 2012
برئاسة السيد المستشار / حسام عبد الرحيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / على فرجانى ، محمد رضا ، محمد عبد الوهاب ومحمد الخطيب نواب رئيس المحكمة .
---------
(8)
الطعن 6010 لسنة 81 ق
(1) حكم " بيانات التسبيب " .
عدم رسم القانون شكلا خاصا لصياغة الحكم . كفاية أن يكون مجموع ما أورده الحكم مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " . استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . حكم " تسبيبه. تسبيب غير معيب " .
تقدير جدية التحريات . وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش . موضوعي .
عدم إيراد مهنة ومحل إقامة الطاعنين أو مصدر حصولهما علي المخدر ومالك السيارة . غير قادح في جدية التحريات .
مثال .
(3) مأمورو الضبط القضائي " سلطاتهم " . استدلالات . تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " . نقض  " أسباب الطعن . ما لا يقبل منه " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . دفوع " الدفع ببطلان إذن التفتيش " .
تولي رجل الضبط القضائي بنفسه التحريات التي يؤسس عليها طلب إذن التفتيش . غير لازم . له الاستعانة بمعاونيه من رجال السلطة العامة وغيرهم . شرط ذلك ؟
نعي الطاعنين على الحكم المطعون فيه بشأن الدفع ببطلان إذن التفتيش رغم اطراحه له سائغاً . غير صحيح .
(4) دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . تفتيش "  التفتيش بإذن " " إذن التفتيش . تنفيذه " . مأمورو الضبط القضائي " سلطاتهم " .
لمأمور الضبط القضائي الاستعانة بالغير في إجراء القبض والتفتيش . شرط ذلك ؟
صدور أمر الندب من المندوب الأصيل لغيره من مأموري الضبط القضائي بالكتابة . غير لازم . علة ذلك ؟
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما من غير مأذون له بإجرائه .
(5) إثبات " بوجه عام " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز .
مثال .
(6) تفتيش " إذن التفتيش . بياناته" . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
إذن الضبط والتفتيش . بياناته ؟
مثال .
(7) إثبات " شهود " " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل" . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغا .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
 (8) إثبات " شهود " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
عدم تقيد القاضي الجنائي بنصاب معين في الشهادة . له تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه. ما دام له مأخذه الصحيح من الأوراق.
سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء أفراد القوة المصاحبة لهما . لا ينال من سلامة أقوالها وكفايتها كدليل في الدعوى .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز .
 (9) إثبات " بوجه عام " . استدلالات . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . مادامت قد عرضت على بساط البحث .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام النقض.
(10) نقض " أسباب الطعن . تحديدها ".
النعي على الحكم بتناقض أقوال الشاهدين دون تحديد مواطنه . غير مقبول .
(11) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
إحالة الحكم في بيان شهادة الشهود . إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر . ولو اختلفوا. لا يعيبه . ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند الحكم إليها .
لمحكمة الموضوع الاعتماد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد واطراح ما عداها . عدم إيرادها . مفاده : اطراحها .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .
(12) إثبات " بوجه عام " . استدلالات . جريمة " أركانها " . قصد جنائي . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . مواد مخدرة . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل" .
للمحكمة أن ترى في تحريات الشرطة وأقوال الضابطين ما يكفي لإسناد واقعة إحراز الجوهر المخدر ولا ترى فيها ما يقنعها بأن إحراز المخدر بقصد الإتجار.
التناقض الذي يعيب الحكم . ماهيته ؟
(13) تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " . مواد مخدرة . دفوع " الدفع ببطلان إذن التفتيش ". استدلالات . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
إثبات الحكم المطعون فيه صدور إذن الضبط والتفتيش استنادا لما دلت عليه التحريات من إحراز وحيازة المتهمين لمواد مخدرة . مفهومه : صدوره عن جريمة تحقق وقوعها منهما . التفاته عن الدفع ببطلان إذن التفتيش لصدوره عن جريمة مستقبلة . صحيح. علة ذلك؟
(14) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . إثبات " اعتراف " .
نعي الطاعن على الحكم المطعون فيه بشأن إقراره. والذي لم يستند في قضائه بالإدانة لدليل مستمد منه . غير صحيح .
إقرار الطاعن للضابط . مجرد قول . للمحكمة تقديره.
(15) إثبات " شهود " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع " . دفاع " ما لا يوفره " . إجراءات " إجراءات المحاكمة " .
للمحكمة الاستغناء عن سماع شهود الإثبات . متى قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً. إصدار المحكمة قراراً سابقاً بإعلانهما والعدول عنه . لا يغير من ذلك . علة ذلك ؟
 (16) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . غرامة .
إيراد الحكم المطعون فيه لعقوبة الغرامة بصيغة المفرد . اثره : انصرافها إلى الطاعنين كل على حدة . ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الصدد لا يكون له محل .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعنان بأن الحكم قد حرر في صورة مبهمة وبصيغة عامة معماة وإنه لم يبين أدلة الدعوى يكون لا محل له.
2 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع , ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بنى عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره ، وأقرت النيابة على تصرفها في شأن ذلك فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون , ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة وكان عدم بيان مهنة ومحل إقامة الطاعنين تحديداً أو مصدر حصولهما على المخدر ومالك السيارة في محضر الاستدلالات لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات ، فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الصدد لا يكون سديداً .
 3 - من المقرر أن القانون لا يُوجب حتماً أن يتولى رجل الضبط القضائي بنفسه مراقبة الأشخاص المتحرى عنهم أو أن يكون على معرفة سابقة بهم بل له أن يستعين فيما يجريه من تحريات أو أبحاث أو ما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم مادام أنه اقتنع شخصياً بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه من معلومات , ولما كان الحكم المطعون فيه قد تناول الرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش على نحو يتفق وصحيح القانون فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الشأن لا يكون سديداً . وكان لمأمور الضبط القضائي أن يستعين في إجراء الضبط والتفتيش بمن يرى مساعدته فيه مادام يعمل تحت إشرافه 
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان القبض على المتهمين وتفتيشهما لحصوله من غير مأذون له بإجرائه واطرحه في قوله : " وحيث أنه عن الدفع بتجاوز مأمور الضبط القضائي حدود الإذن بأن ندب غيره لتنفيذه فهو في غير محله حيث أن الثابت من الأوراق أن مأمور الضبط القضائي المقدم ..... هو المأذون له بالتفتيش وهو أيضاً القائم بتنفيذ الإذن أما وأنه قد اصطحب معه من يساعده في تنفيذ مأموريته فهو لا يرقى إلى مرحلة الندب في التنفيذ حيث ثابت بالأوراق أنه انتقل نفاذاً لإذن النيابة العامة واصطحب معه العقيد ...... وقوة من الشرطة السريين . " لما كان ذلك ، وكان لمأمور الضبط القضائي أن يستعين في إجراء الضبط والتفتيش بمن يرى مساعدته فيه مادام يعمل تحت إشرافه  كما هو الحال في هذه الدعوى  وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن من قام بالتفتيش هو من مأموري الضبط القضائي ، وقد تم الضبط والتفتيش بحضور المندوب الأصيل ومشاركته ،  وكان لا يشترط في أمر الندب الصادر من المندوب الأصيل لغيره من مأموري الضبط القضائي أن يكون ثابتاً بالكتابة لإن من يجرى التفتيش في هذه الحالة لا يجريه باسم من ندبه وإنما يجريه باسم النيابة العامة الأمرة به ، فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الشأن يكون غير سديد .
5 - من المقرر أن الحكم قد رد على دفاع الطاعن الأول بشأن التشكيك في صحة إجراءات الوزن والتحريز وأن المادة المضبوطة هي التي جرى تحليلها وإذ كان هذا الذي ساقه الحكم كافياً لإطراح دفاع الطاعن الذي ابتغى به التشكيك في إجراءات التحريز والتحليل وصولاً إلى أن ما تم ضبطه غير الذي جرى تحليله مما لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل المستمد من عملية التحليل التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع فلا يجوز مجادلتها أو مصادرتها في عقيدتها في هذا الشأن .
6 – لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته أن المقدم ...... قد استصدر إذناً من النيابة العامة بضبط وتفتيش شخص وسيارة الطاعنين بعد أن دلت التحريات على أنهما يحوزا ويحرزا جواهر مخدرة في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وكان ذلك يكفي بياناً لمضمون إذن النيابة العامة بالضبط والتفتيش ، وكان الطاعن الأول لا يدعي بأسباب طعنه أن إذن التفتيش قد صدر غير مستوفى لأركانه القانونية ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله .
7 - من المقرر أن الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق , وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب , وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال ضابط الواقعة وبصحة تصويره للواقعة فإن ما يثيره الطاعن الأول في شأن عدم معقولية تصويره للواقعة إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض .
8 - من المقرر أن الشارع لم يُقيد القاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية بنصاب معين في الشهادة وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه طالما له مأخذه الصحيح في الأوراق ، كما أن سكوت الضابطين عن الإدلاء بأسماء أفراد القوة المصاحبة لهما لا ينال من سلامة أقوالهما وكفايتها كدليل في الدعوى ، فإن تعوّيل الحكم على  شهادتهما ليس فيه ما يخالف القانون وينحل نعى الطاعن الأول في هذا الصدد إلى جدل في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب .
9 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعوّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة مادامت تلك التحريات قد عُرضت على بساط البحث فإن ما يثيره الطاعن الأول في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
10 – لما كان النعي على الحكم بدعوى عدم إيراد أقوال الشاهد الثاني والإحالة بالنسبة لأقواله إلى أقوال الشاهد الأول رغم تناقض أقوالهما قد جاء خلواً من تحديد مواطن الاختلاف فإن النعي بهذا يكون غير مقبول .
11 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر مادامت أقوالهم متفقة مع ما استند الحكم إليها , ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم ، ذلك أن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وأن تطرح ما عداها ، وفى عدم إيراد المحكمة لهذه التفصيلات ما يفيد اطراحها لها ، هذا فضلاً عن أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً .
12 - من المقرر أنه ليس هناك ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات الشرطة وأقوال الضابطين ما يكفى لإسناد واقعة إحراز الجوهر المخدر لدى الطاعن ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار دون أن يعد ذلك تناقضاً في حكمها , ذلك أن التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما يثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة وهو ما لم يترد الحكم فيه ومن ثم كان هذا المنعى غير سديد .
13 - من المقرر أن الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته أن التحريات السرية التي أجراها المقدم . ..... دلت على أن المتهمين يحوزان ويحرزان مواد مخدرة ، فاستصدر إذناً من النيابة العامة لضبطهما وتفتيشهما ، فإن مفهوم ذلك أن الأمر قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من مقارفها لا لضبط جريمة  مستقبلة أو محتملة , وإذ انتهى الحكم إلى الإذن قد صدر لضبط جريمة واقعة بالفعل وترجحت نسبتها إلى المأذون بتفتيشهما وليس عن جريمة مستقبلة فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ومن ثم فإنه لا يعيب الحكم التفاته عن الرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لصدوره عن جريمة مستقبلة طالما أنه دفع قانوني ظاهر البطلان ويضحى ما ينعاه الطاعن الثاني في هذا الشأن على غير أساس .
 14 – لما كان الحكم المطعون فيه لم يستند في قضائه بالإدانة إلى دليل مستمد من إقرار الطاعن الثاني على نحو مستقل بل استند إلى ما أقر به لضابطي الواقعة بشأن إحرازه للمخدر المضبوط في غير الأحوال المصرح بها قانوناً فهو في هذه الحالة إنما هو مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة لها أن تأخذ به أو تطرحه ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن الثاني على الحكم في هذا الصدد لا يكون سديداً
 15 - من المقرر أن للمحكمة أن تستغنى عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً ، ولا يغير من ذلك أن تكون المحكمة هي التي قررت من تلقاء نفسها بجلسة سابقة إعلانهما ثم عدلت عن قرارها ، ذلك لأن القرار الذي تصدره المحكمة في مجال تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل .
16 - لما كان البيّن من مدونات الحكم المطعون فيه أن ما ورد بمنطوقه بالنسبة لعقوبة الغرامة بصيغة المفرد ينصرف إلى الطاعنين كلاً على حدة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما حازا و أحرزا بقصد الاتجار جوهر الهيروين المخدر في غير الأحوال المصرح بها قانوناً . وأحالتهما إلى محكمة جنايات ...... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة . والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/1 , 2 ، 38 /1 , 42 /1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم (2) من القسم الأول من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول بمعاقبتهما بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً وبتغريمها مبلغ مائة ألف جنيه وبمصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن الحيازة والإحراز مجردين من القصود المسماة .
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض وقضت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات ..... لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى .
ومحكمة جنايات ..... قضت في الدعوى للمرة الثانية حضورياً عملاً بالمواد 1/1 , 2 ، 38 /1 , 42 /1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم (2) من القسم الأول من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الصحة رقم 46 لسنة 1997 مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبتهما بالسجن المشدد لمدة خمسة عشر عاماً وبتغريمها مبلغ مائة ألف جنيه وبمصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن الإحراز مجرد من القصود المسماة .
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض . ...... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
وحيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة إحراز جوهر مخدر " هيروين " بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون , ذلك بأنه حرر في صورة مبهمة وبصيغة عامة معماة ودون أن يبين مؤدى كل دليل من أدلة الثبوت بياناً كافياً ، واطرح الحكم بما لا يسوغ دفع الطاعنين ببطلان إذن النيابة العامة بالضبط والتفتيش لعدم جدية التحريات بما ساقاه للمحكمة من شواهد عدة ، ولكون مصدرها مرشد سرى ، وببطلان التفتيش لحصوله من غير مأذون بإجرائه ، واطرح دفاع الطاعن الأول باختلاف المادة المضبوطة عما تم تحليله بما لا يسوغ ، ولم يورد الحكم مضمون ومؤدى إذن النيابة العامة ، وعول في قضائه على أقوال ضابطي الواقعة رغم عدم معقولية تصويرهما وانفرادهما بالشهادة وحجبهما المشاركين معهما وقت الضبط ، وعلى تحريات الشرطة رغم أنها لا تصلح دليلاً للإدانة ، واكتفى في بيان أقوال الشاهد الثاني بالإحالة إلى أقوال الشاهد الأول رغم اختلاف أقوالهما ، هذا فضلاً عن أنه اطمئن إلى أقوالهما والتحريات في الضبط ولم يعوّل عليها في قصد الاتجار ، والتفت الحكم عن دفاع الطاعن الثاني ببطلان إذن التفتيش لصدوره عن جريمة مستقبلة ، وبطلان إقراره لضابط الواقعة بمحضر الضبط ، وعدلت المحكمة بغير مبرر عن قرارها باستدعاء شاهدي الإثبات ، وأخيراً فقد قضى الحكم في منطوقه بالغرامة بصيغة المفرد دون تحديد أي من المتهمين المقصود بها ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات وما ثبت من تقرير المعمل الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة , وإذ كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعنان بأن الحكم قد حرر في صورة مبهمة وبصيغة عامة معماة وإنه لم يبين أدلة الدعوى يكون لا محل له . لما كان ذلك , وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع , ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بنى عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره ، وأقرت النيابة على تصرفها في شأن ذلك فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون , ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة وكان عدم بيان مهنة ومحل إقامة الطاعنين تحديداً أو مصدر حصولهما على المخدر ومالك السيارة في محضر الاستدلالات لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات ، فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الصدد لا يكون سديداً . لما كان ذلك , وكان القانون لا يُوجب حتماً أن يتولى رجل الضبط القضائي بنفسه مراقبة الأشخاص المتحرى عنهم أو أن يكون على معرفة سابقة بهم بل له أن يستعين فيما يجريه من تحريات أو أبحاث أو ما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم مادام أنه اقتنع شخصياً بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه من معلومات , ولما كان الحكم المطعون فيه قد تناول الرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش على نحو يتفق وصحيح القانون فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الشأن لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان القبض على المتهمين وتفتيشهما لحصوله من غير مأذون له بإجرائه واطرحه في قوله : " وحيث أنه عن الدفع بتجاوز مأمور الضبط القضائي حدود الإذن بأن ندب غيره لتنفيذه فهو في غير محله حيث أن الثابت من الأوراق أن مأمور الضبط القضائي المقدم ..... هو المأذون له بالتفتيش وهو أيضاً القائم بتنفيذ الإذن أما وأنه قد اصطحب معه من يساعده في تنفيذ مأموريته فهو لا يرقى إلى مرحلة الندب في التنفيذ حيث ثابت بالأوراق أنه انتقل نفاذاً لإذن النيابة العامة واصطحب معه العقيد ..... وقوة من الشرطة السريين . " لما كان ذلك ، وكان لمأمور الضبط القضائي أن يستعين في إجراء الضبط والتفتيش بمن يرى مساعدته فيه مادام يعمل تحت إشرافه  كما هو الحال في هذه الدعوى  وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن من قام بالتفتيش هو من مأموري الضبط القضائي ، وقد تم الضبط والتفتيش بحضور المندوب الأصيل ومشاركته ،  وكان لا يشترط في أمر الندب الصادر من المندوب الأصيل لغيره من مأموري الضبط القضائي أن يكون ثابتاً بالكتابة لإن من يجرى التفتيش في هذه الحالة لا يجريه باسم من ندبه وإنما يجريه باسم النيابة العامة الأمرة به ، فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد رد على دفاع الطاعن الأول بشأن التشكيك في صحة إجراءات الوزن والتحريز وأن المادة المضبوطة هي التي جرى تحليلها في قوله : " ..... أن المحكمة تطمئن إلى أن ما تم ضبطه هو ما تم تحريزه وإرساله للنيابة العامة وهو أيضاً ما تم إرساله للمعمل الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي وأية ذلك سلامة الأختام التي تم جمعها في كل مرحلة قبل فضها وما دُون عليها من بيانات أما عن اختلاف الوزن فيرجع إلى اختلاف الميزان من حساس إلى غير حساس . " وإذ كان هذا الذي ساقه الحكم  فيما سلف  كافياً لإطراح دفاع الطاعن الذي ابتغى به التشكيك في إجراءات التحريز والتحليل وصولاً إلى أن ما تم ضبطه غير الذي جرى تحليله مما لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل المستمد من عملية التحليل التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع فلا يجوز مجادلتها أو مصادرتها في عقيدتها في هذا الشأن . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته أن المقدم . ..... قد استصدر إذناً من النيابة العامة بضبط وتفتيش شخص وسيارة الطاعنين بعد أن دلت التحريات على أنهما يحوزا ويحرزا جواهر مخدرة في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وكان ذلك يكفى بياناً لمضمون إذن النيابة العامة بالضبط والتفتيش ، وكان الطاعن الأول لا يدعى بأسباب طعنه أن إذن التفتيش قد صدر غير مستوفى لأركانه القانونية ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق , وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب , وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال ضابط الواقعة وبصحة تصويره للواقعة فإن ما يثيره الطاعن الأول في شأن عدم معقولية تصويره للواقعة إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك , وكان من المقرر أن الشارع لم يُقيد القاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية بنصاب معين في الشهادة وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه طالما له مأخذه الصحيح في الأوراق ، كما أن سكوت الضابطين عن الإدلاء بأسماء أفراد القوة المصاحبة لهما لا ينال من سلامة أقوالهما وكفايتها كدليل في الدعوى ، فإن تعوّيل الحكم على شهادتهما ليس فيه ما يخالف القانون وينحل نعى الطاعن الأول في هذا الصدد إلى جدل في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب . لما كان ذلك , وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعوّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة مادامت تلك التحريات قد عُرضت على بساط البحث فإن ما يثيره الطاعن الأول في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر مادامت أقوالهم متفقة مع ما استند الحكم إليها , ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم ، ذلك أن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وأن تطرح ما عداها ، وفى عدم إيراد المحكمة لهذه التفصيلات ما يفيد اطراحها لها ، هذا فضلاً عن أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان النعي على الحكم بدعوى عدم إيراد أقوال الشاهد الثاني والإحالة بالنسبة لأقواله إلى أقوال الشاهد الأول رغم تناقض أقوالهما قد جاء خلواً من تحديد مواطن الاختلاف فإن النعي بهذا يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات الشرطة وأقوال الضابطين ما يكفى لإسناد واقعة إحراز الجوهر المخدر لدى الطاعن ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار دون أن يعد ذلك تناقضاً في حكمها , ذلك أن التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضها ما يثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة وهو ما لم يترد الحكم فيه ومن ثم كان هذا المنعى غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته أن التحريات السرية التي أجراها المقدم طارق جمال مجاهد دلت على أن المتهمين يحوزان ويحرزان مواد مخدرة ، فاستصدر إذناً من النيابة العامة لضبطهما وتفتيشهما ، فإن مفهوم ذلك أن الأمر قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من مقارفها لا لضبط جريمة  مستقبلة أو محتملة , وإذ انتهى الحكم إلى الإذن قد صدر لضبط جريمة واقعة بالفعل وترجحت نسبتها إلى المأذون بتفتيشهما وليس عن جريمة مستقبلة فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ومن ثم فإنه لا يعيب الحكم التفاته عن الرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لصدوره عن جريمة مستقبلة طالما أنه دفع قانوني ظاهر البطلان ويضحى ما ينعاه الطاعن الثاني في هذا الشأن على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يستند في قضائه بالإدانة إلى دليل مستمد من إقرار الطاعن الثاني على نحو مستقل بل استند إلى ما أقر به لضابطي الواقعة بشأن إحرازه للمخدر المضبوط في غير الأحوال المصرح بها قانوناً فهو في هذه الحالة إنما هو مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة لها أن تأخذ به أو تطرحه ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن الثاني على الحكم في هذا الصدد لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان البيّن من محضر جلسة المحاكمة الأخيرة أن الطاعنين حضرا بمحاميين ترافعا وطلبا الحكم ببراءة الطاعنان ولم يكن لأيهما طلب آخر ، فليس للطاعن الثاني من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماع شاهدي الإثبات ، لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تستغنى عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً ، ولا يغير من ذلك أن تكون المحكمة هي التي قررت من تلقاء نفسها بجلسة سابقة إعلانهما ثم عدلت عن قرارها ، ذلك لأن القرار الذي تصدره المحكمة في مجال تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان البيّن من مدونات الحكم المطعون فيه أن ما ورد بمنطوقه بالنسبة لعقوبة الغرامة بصيغة المفرد ينصرف إلى الطاعنين كلاً على حدة ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الصدد لا يكون له محل . لما كان ما تقدم , فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 8644 لسنة 80 ق جلسة 12 / 1 / 2012 مكتب فني 63 ق 7 ص 59

جلسة 12 من يناير سنة 2012

برئاسة السيد المستشار/ حسام عبد الرحيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ علي فرجاني، محمد رضا، محمد عبد الوهاب ومحمد الخطيب نواب رئيس المحكمة.
----------------

(7)
الطعن رقم 8644 لسنة 80 القضائية

 (1)ضرب "ضرب أفضى إلى موت". فاعل أصلي. اتفاق. مسئولية جنائية. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". قصد جنائي. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". إثبات "بوجه عام" "قرائن".
متى يسأل الجاني بصفته فاعلا في جريمة الضرب المفضي إلى الموت؟
الاتفاق. هو اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه.
نية الاتفاق. أمر داخلي لا يقع تحت الحواس. الاستدلال عليه بطريق الاستنتاج والقرائن التي تتوفر لدى القاضي
تدليل الحكم المطعون فيه على اتفاق المتهمين على ارتكاب جريمة الضرب المفضي إلى الموت من معيتهما في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهما وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلا منهما قصد قصد الآخر في ارتكابها ووحدة الحق المعتدى عليه. أثر ذلك؟
الجدل الموضوعي في مسائل واقعية تملك محكمة الموضوع تقديرها. غير جائز أمام محكمة النقض.
مثال.
(2) إثبات "بوجه عام". دفوع "الدفع بعدم الوجود على مسرح الجريمة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الدفع بعدم تواجد الطاعن على مسرح الحادث. موضوعي. استفادة الرد عليه من القضاء بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
 (3)إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير أقوال الشهود". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة أن تورد في حكمها من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها. المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد المتعددة ووجه أخذها بما اقتنعت به منها. حسبها إيراد ما تطمئن إليه واطراح ما عداه.
للمحكمة أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى. ما دامت قد أطمأنت إليها.
تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله. لا يعيب الحكم. ما دام استخلص الإدانة من أقواله بما لا تناقض فيه.
الجدل الموضوعي في تقدير المحكمة لأدلة الدعوى. غير جائز أمام محكمة النقض.
 (4)حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "شهود". نقض "المصلحة في الطعن".
نعي الطاعن على الحكم المطعون فيه بشأن أقوال الشهود. غير مجد. ما دام لم يقم قضاءه على دليل مستمد منها.
مثال.
 (5)إثبات "بوجه عام". استدلالات. حكم " تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة.
مثال.
 (6)حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إيراد الحكم المطعون فيه ما له صداه وأصله الثابت في الأوراق. النعي عليه بخلاف ذلك. غير صحيح.
مثال.
 (7)إثبات "أوراق رسمية" "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية. للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية. ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة. الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي وزن عناصر الدعوى. غير جائز أمام محكمة النقض. مثال.

----------------
1 - لما كان البيّن من الحكم المطعون فيه أنه أثبت أن الطاعن ومن سبق الحكم عليه باشرا معاً الاعتداء على المجني عليه وأن من سبق الحكم عليه ضربه بفأس على رأسه وضربه الطاعن بعصا على جبهته، ونقل من تقرير الطب الشرعي أن وفاة المجني عليه تعزى إصابته القطعية الرضية بالرأس بما أحدثته من كسور بالجمجمة وتهتكات وأنزفة بالمخ أدت إلى توقف مراكز المخ الحيوية، مع مساهمة الجرح الرضي بالوجه في الوفاة بما أحدثه من نزيف، وخلص إلى مسئولية الطاعن - والمتهم السابق الحكم عليه - عن الوفاة في قوله "مما يدل على قيام المتهم وآخر سبق الحكم عليه بضرب المجني عليه على رأسه بالأداتين اللتين كانتا بأيديهما وساهمت كل ضربة في إحداث وفاة المضروب" وهو استخلاص سائغ من الحكم وصحيح في القانون، ذلك أنه من المقرر أن الجاني يسأل بصفته فاعلاً في جريمة الضرب المفضي إلى الموت إذا كان هو الذي أحدث الضربة أو الضربات التي أفضت إلى الوفاة أو ساهمت في ذلك أو أن يكون هو قد اتفق مع غيره على ضرب المجني عليه ثم باشر معه الضرب تنفيذاً للغرض الإجرامي الذي اتفق معه عليه ولو لم يكن هو مُحدث الضربة أو الضربات التي سببت الوفاة بل كان غيره ممن اتفق معهم هو الذي أحدثها، وكان من المقرر أن الاتفاق هو اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية فمن حق القاضي أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج والقرائن التي تتوافر لديه. وكان ما أورده الحكم - فيما تقدم - كافياً بذاته للتدليل على اتفاق المتهمين على الضرب من معيتهما في الزمان والمكان، ونوع الصلة بينهما وصدور الجريمة عن باعث واحد وأن كلاً منهما قصد قصد الآخر في إيقاعها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه، ويصح من ثم طبقاً للمادة 39 من قانون العقوبات اعتبارهما فاعلين أصليين في جناية الضرب المفضي إلى الموت ويرتب بينهما في صحيح القانون تضامناً في المسئولية الجنائية عرف محدث الضربات التي ساهمت في الوفاة أو لم يُعرف. وإذ استخلص الحكم المطعون فيه من أقوال الشهود التي لا ينازع الطاعن في أنها ترتد إلى أصل صحيح في الأوراق وبأسباب مؤدية إلى ما قصده الحكم منها أن اتفاقاً قد تم بين الطاعن - ومن سبق الحكم عليه - على ضرب المجني عليه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون من قبيل الجدل الموضوعي في مسائل واقعية تملك محكمة الموضوع التقدير فيها بلا معقب من محكمة النقض.
2 - من المقرر أنه لا على الحكم أن يعرض برد مستقل لدفاع الطاعن بعدم تواجده على مسرح الحادث لكونه دفاعاً موضوعياً لا يستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي يوردها الحكم.
3 - من المقرر أن الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها، وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، وأن لها أن تعوّل على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها، وكان تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض.
4 - لما كان لا جدوى من النعي على الحكم بأن ما حصله من أقوال الشاهد الأول لا يتفق وما قرره عمال البناء - المتواجدون بمكان الواقعة - في كيفية حدوث الواقعة ما دام البيّن من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على الدليل المستمد من أقوال شاهدي الإثبات دون أن يعوّل على أقوال عمال البناء فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يضحى غير مقبول.
5 - من المقرر أنه لا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بتحريات رجال المباحث ضمن الأدلة التي استندت إليها، لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تعوّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة، ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد.
6 - لما كان البيّن من مدونات الحكم المطعون فيه أنه نقل عن تقرير الصفة التشريحية "أنه بالكشف على جثة المجني عليه وجد به إصابات حيوية حديثة عبارة عن أولاً: جرح طوله خمسة عشر سنتيمتراً تقريباً يقع بفروة الرأس .... ويجوز حدوثه من الضرب بفأس. ثانياً: جرح رضي طوله واحد ونصف سنتيمتر تقريباً يقع بجانب وحشية الحاجب الأيمن نتج عنه انسكابات دموية مقابل وحول الجرح ..... ويجوز حدوثها من مثل الضرب بعصى أو ما في حكمها". وكان البيّن من الاطلاع على المفردات المنضمة أن ما أورده الحكم المطعون فيه له صداه وأصله الثابت في الأوراق ولم يحد الحكم عن نص ما أنبأت به - خلافاً لما يزعمه الطاعن بأسباب طعنه - فإن ما يرمي به الحكم من مخالفة الثابت في الأوراق لا يكون له وجه.
7 - من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى ومن ثم فإن ما يثار من أن الحكم التفت عن الأوراق الرسمية الدالة على مرض الطاعن وأنه لا يقوى على التشاجر لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه وآخر سبق الحكم عليه: أ: ضربا عمداً المجني عليه ...... بأن قاما بالتعدي على رأسه بالضرب بأداتين "فأس، عصا" فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصدا من ذلك قتلاً ولكن الضرب أفضى إلى موته.
ب: أحرزا أداتين "فأس، عصا" مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون أن يوجد لإحرازهما مسوغ قانوني أو مبرر من الضرورة المهنية أو الحرفية. وأحالته إلى محكمة جنايات ...... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملا بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات والمادتين 1/ 1, 25 مكررا/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978, 165 لسنة 1981 والبند رقم (7) من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة 2007 مع إعمال المادة 32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن لمدة خمس سنوات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ...... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه وآخر سبق الحكم عليه بجريمتي الضرب المفضي إلى الموت وإحراز أداة مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص بغير مسوغ قد شابه القصور في التسبيب. والخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق، ذلك بأنه أقام مسئولية الطاعن باعتباره فاعلا أصلياً على أساس صلة القرابة بينه وبين المتهم الأول ودون أن يدلل تدليلاً سائغاً على قيام الاتفاق بينهما أو يرد على دفاعه بعدم تواجده على مسرح الحادث إبان وقوعه، وعوّل الحكم - من بين ما عوّل عليه - على أقوال الشاهد الأول بتحقيقات النيابة العامة ولم يلتفت إلى تناقضها مع أقواله بمحضر الاستدلالات، فضلا عن تناقضها مع أقوال عمال البناء المتواجدين بمكان الواقعة، وعلى تحريات الشرطة رغم تناقضها وكونها جاءت ترديداً لرواية الشاهد الأول، وأثبت الحكم نقلاً عن تقرير الصفة التشريحية أن المجني عليه به إصابتان ساهمتا في إحداث وفاته في حين أن الثابت بالتقرير أن إصابة واحدة بالرأس ناتجة عن الضرب بفأس هي التي ضربة في إحداث وفاة المضروب. "وهو استخلاص سائغ من الحكم وصحيح في القانون، ذلك أنه من المقرر أن الجاني يسأل بصفته فاعلاً في جريمة الضرب المفضي إلى الموت إذا كان هو الذي أحدث الضربة أو الضربات التي أفضت إلى الوفاة أو ساهمت في ذلك أو أن يكون هو قد اتفق مع غيره على ضرب المجني عليه ثم باشر معه الضرب تنفيذاً للغرض الإجرامي الذي اتفق معه عليه ولو لم يكن هو مُحدث الضربة أو الضربات التي سببت الوفاة بل كان غيره ممن اتفق معهم هو الذي أحدثها، وكان من المقرر أن الاتفاق هو اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية فمن حق القاضي أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج والقرائن التي تتوافر لديه. وكان ما أورده الحكم فيما تقدم كافياً بذاته للتدليل على اتفاق المتهمين على الضرب من معيتهما في الزمان والمكان، ونوع الصلة بينهما وصدور الجريمة عن باعث واحد وأن كلا منهما قصد قصدِ الآخر في إيقاعها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه، ويصح من ثم طبقاً للمادة 39 من قانون العقوبات اعتبارهما فاعلين أصليين في جناية الضرب المفضي إلى الموت ويرتب بينهما في صحيح القانون تضامناً في المسئولية الجنائية عرف محدث الضربات التي ساهمت في الوفاة أو لم يُعرف. وإذ استخلص الحكم المطعون فيه من أقوال الشهود التي لا ينازع الطاعن في أنها ترتد إلى أصل صحيح في الأوراق وبأسباب مؤدية إلى ما قصده الحكم منها أن اتفاقا قد تم بين الطاعن ومن سبق الحكم عليه على ضرب المجني عليه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون من قبيل الجدل الموضوعي في مسائل واقعية تملك محكمة الموضوع التقدير فيها بلا معقب من محكمة النقض، ولا على الحكم من بعد أن يعرض برد مستقل لدفاع الطاعن بعدم تواجده على مسرح الحادث لكونه دفاعاً موضوعياً لا يستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي يوردها الحكم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها، وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، وأن لها أن تعوّل على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها، وكان تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه نتج عنها الوفاة، وأخيراً فقد التفتت المحكمة عن دفاعه المؤيد بالمستندات من أنه مريض ولا يقوى على التشاجر، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

وحيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة مستقاة من أقوال شاهدي الإثبات وما أورده التقرير الطبي الشرعي وهي أدلة سائغة وكافية في حمل قضائه ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان البيّن من الحكم المطعون فيه أنه أثبت أن الطاعن - ومن سبق الحكم عليه - باشرا معاً الاعتداء على المجني عليه وأن من سبق الحكم عليه ضربه بفأس على رأسه وضربه الطاعن بعصا على جبهته، ونقل من تقرير الطب الشرعي أن وفاة المجني عليه تعزى إصابته القطعية الرضية بالرأس بما أحدثته من كسور بالجمجمة وتهتكات وأنزفة بالمخ أدت إلى توقف مراكز المخ الحيوية، مع مساهمة الجرح الرضي بالوجه في الوفاة بما أحدثه من نزيف، وخلص إلى مسئولية الطاعن - والمتهم السابق الحكم عليه - عن الوفاة في قوله "مما يدل على قيام المتهم وآخر سبق الحكم عليه بضرب المجني عليه على رأسه بالأداتين اللتين كانتا بأيديهما وساهمت كل - وهو الحال في الدعوى المطروحة - فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان لا جدوى من النعي على الحكم بأن ما حصله من أقوال الشاهد الأول لا يتفق وما قرره عمال البناء - المتواجدين بمكان الواقعة - في كيفية حدوث الواقعة ما دام البيّن من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على الدليل المستمد من أقوال شاهدي الإثبات دون أن يعوّل على أقوال عمال البناء فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يضحى غير مقبول. لما كان ذلك، وكان لا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بتحريات رجال المباحث ضمن الأدلة التي استندت إليها، لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تعوّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة، ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان البيّن من مدونات الحكم المطعون فيه أنه نقل عن تقرير الصفة التشريحية "أنه بالكشف على جثة المجني عليه وجد به إصابات حيوية حديثة عبارة عن أولاً: جرح طوله خمسة عشر سنتيمتراً تقريباً يقع بفروة الرأس. ...... ويجوز حدوثه من الضرب بفأس ثانياً: جرح رضي طوله واحد ونصف سنتيمتر تقريباً يقع بجانب وحشية الحاجب الأيمن نتج عنه انسكابات دموية مقابل وحول الجرح ...... ويجوز حدوثها من مثل الضرب بعصا أو ما في حكمها". وكان البيّن من الاطلاع على المفردات المنضمة أن ما أورده الحكم المطعون فيه له صداه وأصله الثابت في الأوراق ولم يحد الحكم عن نص ما أنبأت به - خلافاً لما يزعمه الطاعن بأسباب طعنه - فإن ما يرمي به الحكم من مخالفة الثابت في الأوراق لا يكون له وجه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى ومن ثم فإن ما يثار من أن الحكم التفت عن الأوراق الرسمية الدالة على مرض الطاعن وأنه لا يقوى على التشاجر لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ