الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

طباعة

Print Friendly and PDF

الاثنين، 23 سبتمبر 2024

الطعن 158 لسنة 70 ق جلسة 21 / 11 / 2022 مكتب فنى 73 ق 128 ص 1048

جلسة 21 من نوفمبر سنة 2022
برئاسة السيـد القاضي / نبيل أحمد صادق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمـد عاطف ثابت، الريدي عدلي، إسماعيل برهان أمر الله وأمير مبارك نواب رئيس المحكمة.
--------------
(128)
الطعن رقم 158 لسنة 70 القضائية
(1 - 3) محكمة الموضوع " سلطتها في فهم الواقع وتقدير الأدلة في الدعوى ".
(1) محكمة الموضوع. سلطتها في فهم الواقع في الدعوى وبحث الأدلة والمستندات المقدمة إليها والموازنة بينها والأخذ بتقرير الخبير محمولًا على أسبابه. عدم التزامها بالرد على كل ما يقدمه الخصوم من مستندات وتتبعهم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم. شرطه. قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها وتضمنها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات.
(2) عدم جواز اتخاذ الشخص الطبيعي أو المعنوي من عمل نفسه دليلًا يحتج به على الغير.
(3) قضاء الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم الابتدائي برفض دعوى المطالبة برسوم الكشف الإشعاعي لعدم تقديم الطاعن بصفته مستندات أو أدلة تفيد سداده لتلك الرسوم وهو ما تأيد بتقرير الخبير. صحيح. النعي عليه في هذا الخصوص. جدل موضوعي. تنحسر عنه رقابة محكمة النقض. علة ذلك.
(4) نقل " النقل البحري : أتعاب الوساطة للتوكيلات الملاحية ".
تنظيم المشرع لأتعاب الوساطة للتوكيلات الملاحية العاملة في ميناء الإسكندرية. المادتان (1)، (3 / أ، ب، ه) ق ١٢ لسنة ١٩٦٤ بإنشاء المؤسسة المصرية العامة للنقل البحري وقرار وزير النقل والمواصلات والنقل البحري ١٤٧ لسنة ۱۹۹۱. مؤداه. تحصيل التوكيل الملاحي لأتعاب أعمال الوساطة دون تقديم ما يفيد سداد هذه الأتعاب للغير. صحيح. علة ذلك. منع إثارة المنازعات في شأن تقدير تلك الأتعاب وتيسير وسرعة المعاملات في أعمال الوكالة الملاحية باعتباره مجالًا حيويًا متعلقًا باقتصاد البلاد.
(5، 6) محكمة الموضوع " سلطتها في فهم الواقع وتقدير الأدلة في الدعوى ".
(5) سلطة محكمة الموضوع في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة فيها واستخلاص ما تراه منها. شرطه. إقامة قضائها على أسباب سائغة مؤدية للنتيجة التي خلصت إليها.
(6) أخذ محكمة الموضوع بتقرير خبير انتهى لنتيجة لا تقوم على سند صحيح أو تتعارض مع ما ثبت بالأوراق أو كانت أسبابه لا تصلح ردًا على دفاع جوهري للخصوم. قصور.
(7) نقل " النقل البحري : أتعاب الوساطة للتوكيلات الملاحية ".
اختلاف أتعاب الوساطة للتوكيلات الملاحية عن رسوم سحب البضائع وتسليمها. مؤداه. دفاع الطاعن بصفته باستحقاقه لتلك الأتعاب دون الحاجة لتقديم ما يفيد سدادها. صحيح. قضاء الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم الابتدائي برفض دعواه بالمطالبة بتلك الأتعاب استنادًا لتقرير الخبير والتفاته عن دفاعه. خطأ وقصور ومخالفة للقانون.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى والأخذ بتقرير الخبير المنتدب متى اطمأنت إليه، وبحث الدلائل والمستندات المقدمة إليها وتقدير قيمتها وترجيح ما تطمئن إليه منها واستخلاص ما ترى أنه واقع الدعوى، وهي غير مُلزمة بالرد على كل ما يقدمه الخصوم من مستندات، وحسبُها أن تُبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تُقيم قضاءها على أسبابٍ سائغةٍ لها أصلها الثابت في الأوراق وتكفي لحمله، ولا عليها أن تتتبع الخصوم في مُختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم وترد استقلالًا على كل قول أو حجة أو دليل أو طلب أثاروه ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد الضمني المُسقِط لتلك الأقوال والحجج والطلبات.
2- المقرر – في قضاء محكمة النقض - أن الشخص الطبيعي أو المعنوي لا يملك أن يتخذ من عمل نفسه دليلًا لنفسه يحتج به على الغير.
3- إذ كان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم الابتدائي القاضي برفض الدعوى في خصوص رسوم الكشف الإشعاعي على ما استخلصه من عدم تقديم الطاعن بصفته مستندات أو أدلة تُفيد سداده لرسوم الكشف الإشعاعي عن رسائل التداعي، وأن خبير محكمة أول درجة الذي اطمأنت المحكمة لتقريره انتهى لعدم أحقية الطاعن في طلبه عن هذا الشق بسبب عدم تقديم مستندات وفواتير صادرة من جهات الاختصاص بتحصيل ذلك المبلغ، وأن ما قدمه المذكور من فواتير على مطبوعات الشركة لا يُعتد بها. وهي أسباب سائغة لها أصلها الثابت من الأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها، فإن نعيه في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلًا فيما لمحكمة الموضوع من سلطة تقديرية تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة، ومن ثم يكون على غير أساسٍ.
4- المقرر بنص المادة (۱) من القانون رقم ١٢ لسنة ١٩٦٤ بإنشاء المؤسسة المصرية العامة للنقل البحري تنص على أن " تُنشأ مؤسسة عامة تسمى " المؤسسة المصرية العامة للنقل البحري " وتكون لها الشخصية المعنوية المستقلة وتتبع وزير المواصلات "، وأن المادة (۳) منه تنص على أن " أغراض المؤسسة هي : (أ) تنمية الاقتصاد القومي عن طريق النشاط الملاحي البحري التجاري في داخل البلاد وخارجها. (ب) دعم النقل البحري طبقًا للائحة خاصة تصدر بقرار من رئيس الجمهورية. (ج).... (د).... (هـ) اقتراح خطوط السير وتعريفات أجور النقل البحري والشحن والتفريغ ورسوم الوكالات وسائر التعريفات المتعلقة بالنقل البحري والأعمال المرتبطة به، بعد أخذ رأي الجهات والشركات المختصة، ويصدر بذلك كله قرار من وزير المواصلات. (و).... (ز).... "، وكان وزير النقل والمواصلات والنقل البحري استنادًا إلى التفويض التشريعي المسند إليه بموجب النص سالف البيان قد أصدر قراره رقم ١٤٧ لسنة ۱۹۹۱ ( نقل بحري ) - المنطبق على الواقع في الدعوى - في شأن تعريفة الرسوم والخدمات بميناء الإسكندرية في 25/10/1991 والذي عُمل به من تاريخ نشره في 6/1/1992 ونص في البند الأول منه المتعلق بأتعاب الوكالة وعمولة التوكيل والمصروفات الأخرى: أولًا:.... ثانيًا:.... ثالثًا:.... رابعًا: أتعاب التوكيل الملاحي في البند عام " ٣ " على أن " تُحصل أتعاب الوساطة عن البضائع الواردة بموجب عقود مشارطة أو مذكرة حجز فراغ والبضائع الصادرة ويتم استلامها أو شحنها بعنابر السفن مباشرة بمعرفة أصحاب الشأن من الهيئات وتُمثل سلعًا تموينية أو استراتيجية واردة برسم الوزارات والهيئات والمصالح الحكومية وبنوك التنمية الوطنية للطن وزن أو مقاس أيهما أكبر ٠,٠٦ جم "، مما مفاده أن المُشرع ارتأى تنظيم أتعاب الوساطة التي تستحقها كافة التوكيلات الملاحية العاملة في الميناء المُشار إليه بنصٍ عامٍ منعًا لإثارة المنازعات في شأن تقديرها وما يستلزمه العمل في مرفق النقل البحري وما يرتبط به من أعمال ومنها الوكالة الملاحية من سرعة ويسر واستقرار في المعاملات باعتباره مجالًا حيويًا متعلقًا باقتصاد البلاد وذلك بالنص على تحصيل التوكيل الملاحي لصالحه من ذوي الشأن أتعاب أعمال الوساطة التي يباشرها عن البضائع الواردة والصادرة وتُمثل سلعًا تموينية أو استراتيجية واردة برسم الوزارات والهيئات والمصالح الحكومية وبنوك التنمية الوطنية وفقًا للنص سالف البيان للطن وزن أو مقاس أيهما أكبر ٠,٠٦ جم، ودون أن يستلزم تقديم التوكيل الملاحي ما يفيد سداد هذه الأتعاب للغير، والقول بغير ذلك يتناقض مع الحكمة من النص باعتبار أن أتعاب الوساطة المستحقة له هي عن أعمال باشرها بنفسه أو من خلال تابعيه لحساب عميله.
5- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه ولئن كان لمحكمة الموضوع في نطاق سلطتها التقديرية تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة فيها واستخلاص ما تراه منها إلا أن ذلك مشروط بأن تكون الأسباب التي أقامت عليها قضاءها سائغة وتؤدي إلى النتيجة التي خلُصت إليها.
6- المقرر- في قضاء محكمة النقض - أنه إذا أخذت محكمة الموضوع بتقرير الخبير المقدم في الدعوى وأحالت في بيان أسباب حكمها إليه وكان ما أورده الخبير لا يقوم على سندٍ صحيحٍ أو يتعارض مع ما هو ثابت في أوراق الدعوى ومستنداتها أو كانت أسبابه لا تصلح ردًا على دفاع جوهري تمسك به الخصوم من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإن حكمها يكون معيبًا بالقصور.
7- إذ كان الطاعن بصفته قد تمسك بدفاعه أمام محكمة الاستئناف باستحقاقه أتعاب الوساطة عن رسائل الزيت الذي استوردته الشركة المطعون ضدها دون الحاجة لتقديم ما يُفيد سداده هذه الأتعاب إلى جهة أخرى، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن مواجهة هذا الدفاع وأقام قضاءه بتأييد الحكم الابتدائي برفض الدعوى في خصوص أتعاب الوساطة استنادًا لتقرير الخبير محمولًا على أسبابه فيما خلُص إليه من عدم أحقية الطاعن بصفته في المطالبة بأتعاب الوساطة على قالة عدم تقديمه مستندات تُفيد سداده رسوم وساطة عن رسائل التداعي صادرة من الجهات المختصة بتحصيلها بالمخالفة للنظر المتقدم، ودون أن يبين من الأوراق أن تقرير الخبير قد واجه دفاع الطاعن بصفته سالف البيان، وأضاف الحكم المطعون فيه في أسبابه الخاصة التي أنشاها لنفسه أن تلك الرسائل تسلمتها المطعون ضدها دون تدخل الوكيل الملاحي " الطاعنة " فخلط بذلك بين أتعاب الوساطة المستحقة موضوع التداعي وبين رسوم سحب البضائع وتسليمها غير المطالب بها في الدعوى، فإنه يكون قد شابه قصور في التسبيب جره إلى مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن بصفته ( رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة.... للتوكيلات الملاحية ) أقام الدعوى رقم.... لسنة ١٩٩٦ تجاري كلي الإسكندرية الابتدائية ضد المطعون ضدها (....) بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي له مبلغ ٤۷۷۹,۱٥ جنيهًا، وقال بيانًا لذلك : إن الأخيرة استلمت شحنات زيت مستوردة من الخارج دون سداد قيمة رسوم الإشعاع والوساطة للطاعنة التي تحملتها وحدها باعتبارها تقوم بأعمال الوكالة الملاحية عن مُلاك السفن التي ترد الشحنات عليها ورغم إنذارها بالسداد، ندبت المحكمة خبيرًا، وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 27/1/1999 برفض الدعوى. استأنف الطاعن بصفته هذا الحكم بالاستئناف رقم.... لسنة ٥٥ ق أمام محكمة استئناف الإسكندرية وفيه قضت بتاريخ 22/12/1999 بالتأييد. طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، فرأت أنه جدير بالنظر، وحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن بصفته ينعي على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق من سببين حاصل النعي بالوجه الثاني من السبب الأول وبالشق الثاني من الوجه الأول والوجه الثاني من السبب الثاني أن الشركة الطاعنة تقوم بأعمال أخذ عينات الكشف الإشعاعي بمعرفتها عن طريق مقاول متخصص وتُسدد مستحقاته من أموالها الخاصة فتستحق رسوم الكشف الإشعاعي التي سددتها، وقدمت بشأنها فواتير لم يعتد بها الخبير المنتدب لكونها على مطبوعاتها ولعدم تقديم ما يُفيد سدادها لجهات أخرى، وهو ما يؤكد قيامها بالأعمال الداخلة في صميم اختصاصها التي تستلزمها خدمة البواخر كوكيلٍ ملاحيٍ بصرف النظر عن استلام المطعون ضدها رسائلها من الجمارك دون تسلم إذن التسليم من الطاعنة، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبولٍ؛ ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى والأخذ بتقرير الخبير المنتدب متى اطمأنت إليه، وبحث الدلائل والمستندات المقدمة إليها وتقدير قيمتها وترجيح ما تطمئن إليه منها واستخلاص ما ترى أنه واقع الدعوى، وهي غير مُلزمة بالرد على كل ما يقدمه الخصوم من مستندات، وحسبُها أن تُبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تُقيم قضاءها على أسبابٍ سائغةٍ لها أصلها الثابت في الأوراق وتكفي لحمله، ولا عليها أن تتتبع الخصوم في مُختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم وترد استقلالًا على كل قول أو حجة أو دليل أو طلب أثاروه ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد الضمني المُسقِط لتلك الأقوال والحجج والطلبات، كما أنه من المقرر أن الشخص الطبيعي أو المعنوي لا يملك أن يتخذ من عمل نفسه دليلًا لنفسه يحتج به على الغير. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم الابتدائي القاضي برفض الدعوى في خصوص رسوم الكشف الإشعاعي على ما استخلصه من عدم تقديم الطاعن بصفته مستندات أو أدلة تُفيد سداده لرسوم الكشف الإشعاعي عن رسائل التداعي، وأن خبير محكمة أول درجة الذي اطمأنت المحكمة لتقريره انتهى لعدم أحقية الطاعن في طلبه عن هذا الشق بسبب عدم تقديم مستندات وفواتير صادرة من جهات الاختصاص بتحصيل ذلك المبلغ، وأن ما قدمه المذكور من فواتير على مطبوعات الشركة لا يُعتد بها. وهي أسباب سائغة لها أصلها الثابت من الأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها، فإن نعيه في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلًا فيما لمحكمة الموضوع من سلطة تقديرية تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة، ومن ثم يكون على غير أساسٍ.
وحيث إن حاصل نعي الطاعن بصفته بالسبب الأول والشق الأول من الوجه الأول من السبب الثاني أن الشركة التي يُمثلها هي توكيل ملاحي يُنظم تحصيلها لأتعاب الوساطة القرارات الوزارية الصادرة من وزير النقل البحري ومنها القرار رقم ١٤٧ لسنة ۱۹۹۱ والذي نصت المادة ٣ بند عام منه على أن البضائع الواردة ويتم استلامها بعنابر السفن مباشرة بمعرفة أصحاب الشأن وتُمثل سلعة تموينية أو استراتيجية واردة برسم الوزارات والهيئات يُستحق عنها أتعاب وساطة تُقدر ب ٠,٠٦ جم وزن أو مقاس أيهما أكبر، مما مؤداه أنه ليس بلازم أن تُسدد الطاعنة هذه الرسوم إلى جهة أخرى ابتداءً بل يكفي أن تقوم باحتسابها طبقًا للأسس والنسب الواردة بالقرار المُشار إليه، وهو ما فعلته بموجب الفواتير المقدمة منها، وإذ خالف الحكم الابتدائي ومن بعده الحكم المطعون فيه هذا النظر بتساندهما لتقرير الخبير الذي انتهى لعدم تقديم الطاعنة أية فواتير تفيد سداد رسم الوساطة للغير وعدم الاعتداد بالفواتير المقدمة منها وعدم تقديمها ماهية هذه الرسوم وكيفية احتسابها بالمخالفة للقرار الوزاري سالف البيان الذي لم يشترط سداد أتعاب الوساطة ابتداءً لأي جهة أخرى فضلًا عن ثبوت أوزان الرسائل بتلك الفواتير، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله؛ ذلك أن المادة (۱) من القانون رقم ١٢ لسنة ١٩٦٤ بإنشاء المؤسسة المصرية العامة للنقل البحري تنص على أن " تُنشأ مؤسسة عامة تسمى " المؤسسة المصرية العامة للنقل البحري " وتكون لها الشخصية المعنوية المستقلة وتتبع وزير المواصلات "، وأن المادة (۳) منه تنص على أن " أغراض المؤسسة هي : (أ) تنمية الاقتصاد القومي عن طريق النشاط الملاحي البحري التجاري في داخل البلاد وخارجها. (ب) دعم النقل البحري طبقًا للائحة خاصة تصدر بقرار من رئيس الجمهورية. (ج).... (د).... (هـ) اقتراح خطوط السير وتعريفات أجور النقل البحري والشحن والتفريغ ورسوم الوكالات وسائر التعريفات المتعلقة بالنقل البحري والأعمال المرتبطة به، بعد أخذ رأي الجهات والشركات المختصة، ويصدر بذلك كله قرار من وزير المواصلات. (و).... (ز).... "، وكان وزير النقل والمواصلات والنقل البحري استنادًا إلى التفويض التشريعي المسند إليه بموجب النص سالف البيان قد أصدر قراره رقم ١٤٧ لسنة ۱۹۹۱ ( نقل بحري ) - المنطبق على الواقع في الدعوى- في شأن تعريفة الرسوم والخدمات بميناء الإسكندرية في 25/10/1991 والذي عُمل به من تاريخ نشره في 6/1/1992 ونص في البند الأول منه المتعلق بأتعاب الوكالة وعمولة التوكيل والمصروفات الأخرى: أولًا:.... ثانيًا:.... ثالثًا:.... رابعًا: أتعاب التوكيل الملاحي في البند عام " ٣ " على أن " تُحصل أتعاب الوساطة عن البضائع الواردة بموجب عقود مشارطة أو مذكرة حجز فراغ والبضائع الصادرة ويتم استلامها أو شحنها بعنابر السفن مباشرة بمعرفة أصحاب الشأن من الهيئات وتُمثل سلعًا تموينية أو استراتيجية واردة برسم الوزارات والهيئات والمصالح الحكومية وبنوك التنمية الوطنية للطن وزن أو مقاس أيهما أكبر ٠,٠٦ جم "، مما مفاده أن المُشرع ارتأى تنظيم أتعاب الوساطة التي تستحقها كافة التوكيلات الملاحية العاملة في الميناء المُشار إليه بنصٍ عامٍ منعًا لإثارة المنازعات في شأن تقديرها وما يستلزمه العمل في مرفق النقل البحري وما يرتبط به من أعمال ومنها الوكالة الملاحية من سرعة ويسر واستقرار في المعاملات باعتباره مجالًا حيويًا متعلقًا باقتصاد البلاد وذلك بالنص على تحصيل التوكيل الملاحي لصالحه من ذوي الشأن أتعاب أعمال الوساطة التي يباشرها عن البضائع الواردة والصادرة وتُمثل سلعًا تموينية أو استراتيجية واردة برسم الوزارات والهيئات والمصالح الحكومية وبنوك التنمية الوطنية وفقًا للنص سالف البيان للطن وزن أو مقاس أيهما أكبر ٠,٠٦ جم، ودون أن يستلزم تقديم التوكيل الملاحي ما يفيد سداد هذه الأتعاب للغير، والقول بغير ذلك يتناقض مع الحكمة من النص باعتبار أن أتعاب الوساطة المستحقة له هي عن أعمال باشرها بنفسه أو من خلال تابعيه لحساب عميله. لما كان ما تقدم، وكان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه ولئن كان لمحكمة الموضوع في نطاق سلطتها التقديرية تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة فيها واستخلاص ما تراه منها إلا أن ذلك مشروط بأن تكون الأسباب التي أقامت عليها قضاءها سائغة وتؤدي إلى النتيجة التي خلُصت إليها، وأنه إذا أخذت محكمة الموضوع بتقرير الخبير المقدم في الدعوى وأحالت في بيان أسباب حكمها إليه وكان ما أورده الخبير لا يقوم على سندٍ صحيحٍ أو يتعارض مع ما هو ثابت في أوراق الدعوى ومستنداتها أو كانت أسبابه لا تصلح ردًا على دفاع جوهري تمسك به الخصوم من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإن حكمها يكون معيبًا بالقصور. لما كان ذلك، وكان الطاعن بصفته قد تمسك بدفاعه أمام محكمة الاستئناف باستحقاقه أتعاب الوساطة عن رسائل الزيت الذي استوردته الشركة المطعون ضدها دون الحاجة لتقديم ما يُفيد سداده هذه الأتعاب إلى جهة أخرى، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن مواجهة هذا الدفاع وأقام قضاءه بتأييد الحكم الابتدائي برفض الدعوى في خصوص أتعاب الوساطة استنادًا لتقرير الخبير محمولًا على أسبابه فيما خلُص إليه من عدم أحقية الطاعن بصفته في المطالبة بأتعاب الوساطة على قالة عدم تقديمه مستندات تُفيد سداده رسوم وساطة عن رسائل التداعي صادرة من الجهات المختصة بتحصيلها بالمخالفة للنظر المتقدم، ودون أن يبين من الأوراق أن تقرير الخبير قد واجه دفاع الطاعن بصفته سالف البيان، وأضاف الحكم المطعون فيه في أسبابه الخاصة التي أنشاها لنفسه أن تلك الرسائل تسلمتها المطعون ضدها دون تدخل الوكيل الملاحي " الطاعنة " فخلط بذلك بين أتعاب الوساطة المستحقة موضوع التداعي وبين رسوم سحب البضائع وتسليمه غير المطالب بها في الدعوى، فإنه يكون قد شابه قصور في التسبيب جره إلى مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه جزئيًا في هذا الخصوص، على أن يكون مع النقض الإحالة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق