الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 1 مايو 2024

القضية 195 لسنة 23 ق جلسة 14 / 12 / 2003 دستورية عليا مكتب فني 11 ج 1 دستورية ق 17 ص 133

جلسة 14 ديسمبر سنة 2003

برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعي - رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: حمدي محمد علي وعلي عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصي ود. حنفي علي جبالي وماهر سامي يوسف وسعيد مرعي عمرو. 

وحضور السيد المستشار/ رجب عبد الحكيم سليم - رئيس هيئة المفوضين 

وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.

----------------

قاعدة رقم (17)
القضية رقم 195 لسنة 23 قضائية "دستورية"

1 - دعوى دستورية "طريقا الإحالة والدفع - لجان التوفيق - عدم قبول".
حدد المشرع طريقاً لرفع الدعوى الدستورية أمام هذه المحكمة، إما بإحالة الأوراق إليها مباشرة من إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي إذا تراءى لها مخالفة أي نص في قانون أو لائحة - لازم للفصل في النزاع - لأحكام الدستور، وإما برفعها من أحد الخصوم بمناسبة دعوى موضوعية دفع فيها الخصم بعدم دستورية نص تشريعي، وقدرت تلك المحكمة أو الهيئة ذات الاختصاص القضائي جدية دفعه وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية.
2 - هيئات ذات اختصاص قضائي "عمل قضائي - تمييزه".
إسباغ الصفة القضائية على أعمال أية جهة عهد إليها المشرع بالفصل في نزاع معين يفترض أن اختصاص هذه الجهة محدد بقانون، وأن يغلب على تشكيلها العنصر القضائي، الذي يلزم أن تتوافر في أعضائه ضمانات الكفاية والحيدة والاستقلال، وأن يعهد إليها المشرع بسلطة الفصل في خصومة بقرارات حاسمة، ودون إخلال بالضمانات القضائية الرئيسية التي لا يجوز النزول عنها.
3- لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفاً منها - لا تعد جهة قضائية أو هيئة ذات اختصاص قضائي - عدم قبول.
يتضح من استقراء نصوص القانون رقم 7 لسنة 2000 آنف الذكر، أن لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفاً فيها، والتي أنشأها هذا القانون، يغلب على تشكيلها العنصر الإداري، ولا تتقيد بقواعد قانونية محددة سلفاً، كما أن ما يصدر عنها من توصية مرهون نفاذها بقبول طرفي النزاع لها، ومن ثم لا تتمتع هذه اللجان بالحيدة والكفاية والاستقلال اللازمين للفصل في النزاع المعروض عليها أثر ذلك: اللجان المشار إليها لا تُعد جهة قضائية أو هيئة ذات اختصاص قضائي مما عنته المادة "29" من قانون المحكمة الدستورية العليا.

----------------
1- الدستور أفرد المحكمة الدستورية العليا بتنظيم خاص حدد قواعده في الفصل الخامس من الباب الخامس المتعلق بنظام الحكم، فناط بها دون غيرها في المادة 175 منه مباشرة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، وإعمالاً لهذا التفويض - الذي يستمد أصله من الدستور - حدد قانون المحكمة الدستورية العليا القواعد الموضوعية والإجرائية التي تباشر هذه المحكمة - من خلالها وعلى ضوئها - الرقابة القضائية على دستورية النصوص التشريعية؛ فرسم لاتصال الدعوى الدستورية بهذه المحكمة طرائق محددة فصلتها المادتان 27، 29 من قانونها، باعتبار أن ولوجها وإقامة الدعوى الدستورية من خلالها يُعد من الأشكال الجوهرية التي لا تجوز مخالفتها، كي ينتظم التداعي في المسائل الدستورية في إطارها وفقاً لأحكامها.
وحيث إن البين من نص المادة "29" من قانون المحكمة الدستورية العليا أن المشرع حدد طريقاً لرفع الدعوى الدستورية أمام هذه المحكمة، وذلك إما بإحالة الأوراق إليها مباشرة من إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي إذا تراءى لها مخالفة أي نص في قانون أو لائحة - لازم للفصل في النزاع - لأحكام الدستور، وإما برفعها من أحد الخصوم بمناسبة دعوى موضوعية دفع فيها الخصم بعدم دستورية نص تشريعي، وقدرت تلك المحكمة أو الهيئة ذات الاختصاص القضائي جدية دفعه وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية.
2 - قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن إسباغ الصفة القضائية على أعمال أية جهة عهد إليها المشرع بالفصل في نزاع معين يفترض أن اختصاص هذه الجهة محدد بقانون، وأن يغلب على تشكيلها العنصر القضائي، الذي يلزم أن تتوافر في أعضائه ضمانات الكفاية والحيدة والاستقلال، وأن يعهد إليها المشرع بسلطة الفصل في خصومة بقرارات حاسمة، ودون إخلال بالضمانات القضائية الرئيسية التي لا يجوز النزول عنها، والتي تقوم في جوهرها على إتاحة الفرص المتكافئة لتحقيق دفاع أطرافها وتمحيص ادعاءاتهم على ضوء قاعدة قانونية نص عليها المشرع سلفاً، ليكون القرار الصادر في النزاع مؤكداً الحقيقة القانونية، ومبلوراً لمضمونها في مجال الحقوق المدعى بها أو المتنازع عليها.
3 - يتضح من استقراء نصوص القانون رقم 7 لسنة 2000 سالفة الذكر، أن لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفاً فيها، والتي أنشأها هذا القانون، يغلب على تشكيلها العنصر الإداري، ولا تتقيد بقواعد قانونية محددة سلفاً، كما أن ما يصدر عنها توصية مرهون نفاذها بقبول طرفي النزاع لها، ومن ثم لا تتمتع هذه اللجان بالحيدة والكفاية والاستقلال اللازمين للفصل في النزاع المعروض عليها، ولا تؤكد التوصيات الصادرة عنها في الأنزعة المعروضة عليها الحقيقة القانونية، أو تبلور مضمونها في مجال الحقوق المدعى بها أو المتنازع عليها، فهي ليست أعمالاً قضائية تتمتع بالحجية لتفرض نفسها على كل من ألزمه المشرع باللجوء إليها، إذ يتوقف قبولها على إرادة طرفي النزاع. ولا يغير من ذلك رئاسة أحد رجال القضاء لهذه اللجان، وأن تكون توصياتها مسببة، إذ لا يكفي ذلك لإضفاء الصفة القضائية على أعمالها، طالما أنه لم تتوافر لها باقي العناصر الرئيسية للعمل القضائي على نحو ما سلف بيانه.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، فإن اللجان المشار إليها لا تُعد جهة قضائية أو هيئة ذات اختصاص قضائي مما عنته المادة "29" من قانون المحكمة الدستورية العليا، وبالتالي لا تكون الدعوى الماثلة قد اتصلت بهذه المحكمة طبقاً للأوضاع المقررة قانوناً، مما يتعين معه الحكم بعدم قبولها.


الإجراءات

بتاريخ 7/ 7/ 2001 ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الطلب رقم (2) لسنة 2001، بعد أن قررت لجنة التوفيق في بعض المنازعات رقم (1) بمجلس الشورى وقف الطلب، وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة 56 من لائحة العاملين بمجلس الشورى.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من قرار الإحالة وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعي كان يعمل بمجلس الشورى، وكانت ظروف عمله تتطلب تواجده يومياً في العمل وعدم حصوله على أية إجازة اعتيادية له، حتى انتهت خدمته في 3/ 3/ 1998، حيث تقاضى مقابلاً لرصيد إجازاته بحد أقصى ستة أشهر إعمالاً لنص المادة 56 من لائحة العاملين بمجلس الشورى، فتقدم بطلب إلى لجنة التوفيق في بعض المنازعات بمجلس الشورى للحصول على المقابل النقدي لكامل رصيد إجازاته، ونظرت اللجنة هذا الطلب، وبعد أن تراءى لها بجلسة 4/ 7/ 2001 أن نص الفقرة الأخيرة من المادة 56 من لائحة العاملين بمجلس الشورى، الذي يجعل الحد الأقصى للأجر الذي يتقاضاه العامل عند انتهاء خدمته لا يجاوز ستة أشهر، مخالفاً للدستور، فقد أحالت الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية هذا النص.
وحيث إن القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفاً فيها، ينص في المادة الأولى منه على أن "ينشأ في كل وزارة أو مصلحة أو هيئة عامة أو غيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة لجنة أو أكثر للتوفيق في المنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشأ بين هذه الجهات وبين العاملين بها، أو بينها وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة"، وينص في المادة الثانية على أن "تشكل اللجنة بقرار من وزير العدل، برئاسة أحد رجال القضاء أو أعضاء الهيئات القضائية السابقين من درجة مستشار على الأقل، ممن لا يشغلون وظيفة أو يمارسون مهنة، ومن ممثل للجهة الإدارية بدرجة مدير عام على الأقل أو ما يعادلها، تختاره السلطة المختصة، وينضم إلى عضوية اللجنة الطرف الآخر في النزاع أو من ينوب عنه، فإذا تعدد أشخاص هذا الطرف وجب عليهم اختيار نائب واحد عنهم، فإذا تعارضت مصالحهم، كان لكل منهم ممثل في اللجنة"، وينص في المادة التاسعة على أن "تصدر اللجنة توصياتها في المنازعة مع إشارة موجزة تثبت في محضرها.....، وتعرض التوصية - خلال سبعة أيام من تاريخ صدورها - على السلطة المختصة والطرف الآخر في النزاع، فإذا اعتمدتها السلطة المختصة، وقبلها الطرف الآخر كتابة، خلال الخمسة عشر يوماً التالية لحصول العرض، قررت اللجنة إثبات ما تم الاتفاق عليه في محضر يوقع من الطرفين ويلحق بمحضرها وتكون له قوة السند التنفيذي، ويبلغ إلى السلطة المختصة لتنفيذه"، كما ينص في المادة العاشرة منه على أنه "إذا لم يقبل أحد طرفي النزاع توصية اللجنة خلال المدة المشار إليها في المادة التاسعة أو انقضت هذه المدة دون أن يبدي الطرفان أو أحدهما رأيه بالقبول أو الرفض، أو لم تصدر اللجنة توصيتها خلال ميعاد الستين يوماً، يكون لكل من طرفي النزاع اللجوء إلى المحكمة المختصة".
وحيث إن الدستور أفرد المحكمة الدستورية العليا بتنظيم خاص حدد قواعده في الفصل الخامس من الباب الخامس المتعلق بنظام الحكم، فناط بها دون غيرها في المادة 175 منه مباشرة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، وإعمالاً لهذا التفويض - الذي يستمد أصله من الدستور - حدد قانون المحكمة الدستورية العليا القواعد الموضوعية والإجرائية التي تباشر هذه المحكمة - من خلالها وعلى ضوئها - الرقابة القضائية على دستورية النصوص التشريعية؛ فرسم لاتصال الدعوى الدستورية بهذه المحكمة طرائق محددة فصلتها المادتان 27، 29 من قانونها، باعتبار أن ولوجها وإقامة الدعوى الدستورية من خلالها يُعد من الأشكال الجوهرية التي لا تجوز مخالفتها، كي ينتظم التداعي في المسائل الدستورية في إطارها وفقاً لأحكامها.
وحيث إن البين من نص المادة "29" من قانون المحكمة الدستورية العليا أن المشرع حدد طريقاً لرفع الدعوى الدستورية أمام هذه المحكمة، وذلك إما بإحالة الأوراق إليها مباشرة من إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي إذا تراءى لها مخالفة أي نص في قانون أو لائحة - لازم للفصل في النزاع - لأحكام الدستور، وإما برفعها من أحد الخصوم بمناسبة دعوى موضوعية دفع فيها الخصم بعدم دستورية نص تشريعي، وقدرت تلك المحكمة أو الهيئة ذات الاختصاص القضائي جدية دفعه وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن إسباغ الصفة القضائية على أعمال أية جهة عهد إليها المشرع بالفصل في نزاع معين يفترض أن اختصاص هذه الجهة محدد بقانون، وأن يغلب على تشكيلها العنصر القضائي، الذي يلزم أن تتوافر في أعضائه ضمانات الكفاية والحيدة والاستقلال، وأن يعهد إليها المشرع بسلطة الفصل في خصومة بقرارات حاسمة، ودون إخلال بالضمانات القضائية الرئيسية التي لا يجوز النزول عنها، والتي تقوم في جوهرها على إتاحة الفرص المتكافئة لتحقيق دفاع أطرافها وتمحيص ادعاءاتهم على ضوء قاعدة قانونية نص عليها المشرع سلفاً، ليكون القرار الصادر في النزاع مؤكداً الحقيقة القانونية، ومبلوراً لمضمونها في مجال الحقوق المدعى بها أو المتنازع عليها.
وحيث إنه يتضح من استقراء نصوص القانون رقم 7 لسنة 2000 سالفة الذكر، أن لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفاً فيها، والتي أنشأها هذا القانون، يغلب على تشكيلها العنصر الإداري، ولا تتقيد بقواعد قانونية محددة سلفاً، كما أن ما يصدر عنها توصية مرهون نفاذها بقبول طرفي النزاع لها، ومن ثم لا تتمتع هذه اللجان بالحيدة والكفاية والاستقلال اللازمين للفصل في النزاع المعروض عليها، ولا تؤكد التوصيات الصادرة عنها في الأنزعة المعروضة عليها الحقيقة القانونية، أو تبلور مضمونها في مجال الحقوق المدعى بها أو المتنازع عليها، فهي ليست أعمالاً قضائية تتمتع بالحجية لتفرض نفسها على كل من ألزمه المشرع باللجوء إليها، إذ يتوقف قبولها على إرادة طرفي النزاع. ولا يغير من ذلك رئاسة أحد رجال القضاء لهذه اللجان، وأن تكون توصياتها مسببة، إذ لا يكفي ذلك لإضفاء الصفة القضائية على أعمالها، طالما أنه لم تتوافر لها باقي العناصر الرئيسية للعمل القضائي على نحو ما سلف بيانه.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، فإن اللجان المشار إليها لا تُعد جهة قضائية أو هيئة ذات اختصاص قضائي مما عنته المادة "29" من قانون المحكمة الدستورية العليا، وبالتالي لا تكون الدعوى الماثلة قد اتصلت بهذه المحكمة طبقاً للأوضاع المقررة قانوناً، مما يتعين معه الحكم بعدم قبولها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.


أصدرت المحكمة الدستورية العليا بذات الجلسة حكماً مماثلاً في القضية رقم 196 لسنة 23 قضائية دستورية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق