الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 2 ديسمبر 2021

القضية 104 لسنة 23 ق جلسة 9 / 1 / 2005 دستورية عليا مكتب فني 11 ج 1 دستورية ق 210 ص 1253

جلسة 9 يناير سنة 2005

برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعي - رئيس المحكمة وبحضور السادة المستشارين: أنور رشاد العاصي وإلهام نجيب نوار وماهر سامي يوسف والسيد عبد المنعم حشيش ومحمد خيري طه وتهاني محمد الجبالي.

وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما - رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.

------------

قاعدة رقم (210)
القضية رقم 104 لسنة 23 قضائية "دستورية"

(1) دعوى دستورية "تجهيل: انتفاؤه".
ما اقتضته المادة 30 من قانون المحكمة الدستورية العليا من وجوب أن تتضمن صحيفة الدعوى الدستورية بياناً بالنصوص القانونية المدعى مخالفتها للدستور وأوجه المخالفة إنما تغيا ألا تكون الصحيفة مجهلة بالمسائل الدستورية المطروحة على هذه المحكمة. إذا كانت الصحيفة قد أبانت - في غير خفاء - المناعي الدستورية - فلا تجهيل.
(2) دعوى دستورية "المصلحة الشخصية المباشرة: مناطها".
مناط المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية ارتباطها بصلة منطقية بالمصلحة التي يقوم عليها النزاع الموضوعي.
(3) حجز إداري "غايته - استثناء".
غاية القواعد التي تضمنها قانون الحجز الإداري أن يكون بيد أشخاص القانون العام وسائل ميسرة تمكنها من تحصيل حقوقها، فلا تتقيد بقواعد قانون المرافعات في شأن التنفيذ الجبري. الطبيعة الاستثنائية لقواعد الحجز الإداري تقتضي تطبيقها مرتبطاً بأهدافها ومتصلاً بتسيير جهة الإدارة لمرافقها - من غير الجائز نقل هذه القواعد إلى غير مجالها.
(4) مبدأ الخضوع للقانون "أشخاص القانون الخاص".
يفترض هذا المبدأ تقيد أشخاص القانون الخاص في مجال مباشرة نشاطها بقواعد هذا القانون ووسائله - الخروج عليها لا يكون إلا لضرورة وبقدرها.
(5) تشريع "البند (ج) من المادة (1) من قانون الحجز الإداري".
تخويل وزارة الأوقاف بصفتها ناظراً على الأوقاف صلاحية توقيع الحجز الإداري يخالف الدستور.

--------------
1 - ما تغياه قانون المحكمة الدستورية العليا بنص المادة (30) منه من وجوب أن تتضمن صحيفة الدعوى الدستورية بياناً بالنصوص الدستورية المدعى بمخالفتها وأوجه المخالفة، هو ألا تكون صحيفة الدعوى مجهلة بالمسائل الدستورية المطروحة على هذه المحكمة، ضماناً لتعيينها تعييناً كافياً، فلا تثير خفاءً في شأن مضمونها، أو اضطراباً حول نطاقها، ليتمكن ذوو الشأن من إعداد دفاعهم ابتداء ورداً وتعقيباً في المواعيد التي حددتها المادة (37) من ذلك القانون، ولتتولى هيئة المفوضين بعد ذلك تحضير الدعوى، وإعداد تقرير يكون محدداً للمسائل الدستورية المثارة ورأيها فيها مسبباً، ومن ثم فإنه يكفي لبلوغ تلك الغاية أن يكون تعيين هذه المسائل ممكناً، ويتحقق ذلك كلما كان بنيان عناصرها منبئاً عن حقيقتها. لما كان ذلك، وكانت صحيفة الدعوى الماثلة قد أبانت - في غير خفاء - نعى المدعي على النصين المطعون فيهما إخلالهما بمبدأ سيادة القانون وبمبدأ خضوع الدولة للقانون، وذلك بمنحهما الجهة الإدارية ميزة استثنائية خروجاً على القواعد المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية، تخولها الحق في اقتضاء حقوقها جبراً، بقرار يصدر منها يكون معادلاً للسند التنفيذي، ويتضمن تحديداً لتلك الحقوق سواء تعلق الأمر بمصدرها أو بمقدارها، وهو ما يمثل تحديداً كافياً للنصوص الدستورية المدعى بمخالفتها وأوجه المخالفة الدستورية كما ارتآها المدعي.
2 - المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع. البند (ح) من المادة (1) من قانون الحجز الإداري هو الأساس القانوني لقيام الهيئة باتخاذ إجراءات الحجز في الحالة المعروضة، لعدم الوفاء بالإيجار المستحق عن الأطيان الزراعية التابعة لوقف المكاتب الأهلية (وقف خيري)، ومن ثم فإن المصلحة الشخصية المباشرة للمدعي تكون متحققة بالنسبة للطعن على نص هذا البند دون سواه.
3 - القواعد التي تضمنها قانون الحجز الإداري غايتها أن يكون بيد أشخاص القانون العام وسائل ميسرة تمكنها من تحصيل حقوقها وهي بحسب طبيعتها أموال عامة تمثل الطاقة المحركة لحسن سير المرافق العامة وانتظامها، فلا يتقيد اقتضاؤها جبراً عن مدينيها بالقواعد التي فصلها قانون المرافعات المدنية والتجارية في شأن التنفيذ الجبري، وإنما تعتبر استثناء منها، وامتيازاً لصالحها، وهذه الطبيعة الاستثنائية لقواعد الحجز الإداري تقتضي أن يكون نطاق تطبيقها مرتبطاً بأهدافها ومتصلاً بتسيير جهة الإدارة لمرافقها، فلا يجوز نقل هذه القواعد إلى غير مجالها، ولا إعمالها في غير نطاقها الضيق الذي يتحدد باستهداف حسن سير المرافق العامة وانتظامها.
4 ، 5- أموال الأوقاف تعتبر بصريح نص المادة (5) من القانون رقم 80 لسنة 1971 أموالاً خاصة مملوكة للوقف باعتباره - عملاً بنص المادة (52/ 3) من القانون المدني - شخصاً اعتبارياً، وهو يدخل بحسب طبيعته في عداد أشخاص القانون الخاص، ولو كان من يباشر النظر عليه شخصاً من أشخاص القانون العام، إذ يظل النظر - في جميع الأحوال - على وصفه القانوني مجرد نيابة عن شخص من أشخاص القانون الخاص، وفي هذا نصت المادة (50) من القانون رقم 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف على أن "يعتبر الناظر أميناً على مال الوقف ووكيلاً عن المستحقين..." ومن ثم فإن قيام وزير الأوقاف بصفته ناظراً على الأوقاف الخيرية وهيئة الأوقاف كنائبة عنه على شئون أموال الأوقاف، إنما يكون كأي ناظر من أشخاص القانون الخاص، وعلى ذلك فإن تخويل النص الطعين وزارة الأوقاف بصفتها ناظراً على الأوقاف صلاحية توقيع الحجز الإداري عند عدم الوفاء بالإيجارات المستحقة للأوقاف، مؤداه إلحاق نشاط هذه الأوقاف - في هذا النطاق - بالأعمال التي تقوم عليها المرافق العامة، واعتبارها من جنسها، وإخضاع تحصيلها - دون مقتض - لتلك القواعد الاستثنائية التي تضمنها قانون الحجز الإداري، بما يخالف نص المادة (65) من الدستور، ذلك أن مبدأ الخضوع للقانون المقرر بها، يفترض تقيد أشخاص القانون الخاص في مجال نشاطها واقتضاء حقوقها بقواعد ووسائل هذا القانون دون غيرها، فلا يكون الخروج عليها إلا لضرورة وبقدرها، فإذا انتفت تلك الضرورة كما هو حال النص الطعين فإنه يكون قد وقع في حمأة المخالفة الدستورية.


الإجراءات

بتاريخ 13 من يونيه سنة 2001، أودع المدعي قلم كتاب المحكمة صحيفة هذه الدعوى، طالباً الحكم بعدم دستورية نص البند (ح) من المادة (1)، والمادة (2) من القانون رقم 308 لسنة 1955 في شأن الحجز الإداري.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى لثلاثة أوجه أولها: لرفعها بعد الميعاد، وثانيها: لعدم بيان نصوص الدستور المدعى بمخالفتها وأوجه المخالفة الدستورية، وثالثها: لانتفاء المصلحة في الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن النيابة العامة كانت قد قدمت المدعي - وهو الحارس على الأشياء المحجوز عليها - للمحاكمة الجنائية في القضية رقم 26389 لسنة 1998 جنح بلقاس، متهمة إياه أنه بتاريخ 10/ 11/ 1998 بدد الأشياء المحجوز عليها، وهي عبارة عن إنتاج مساحة (12 سهم، 8 قيراط، 2 فدان) كائنة ببلقاس - محافظة الدقهلية، المزروعة أرزاً يابانياً، والمقدر إنتاجها بحوالي (9) طن، والمحجوز عليها لصالح هيئة الأوقاف المصرية وفاء لمبلغ 9292.94 جنيهاً قيمة إيجار سنة 1998 والمتأخرات عن الأطيان الزراعية التابعة لوقف المكاتب الأهلية (وقف خيري) والمؤجرة من الهيئة لورثة عبد النبي محمد يوسف، وقد طلبت النيابة معاقبة المدعي بالمواد (341، 342) من قانون العقوبات، وبجلسة 18/ 3/ 1999 قضت المحكمة غيابياً بحبس المدعي أسبوعاً وكفالة قدرها عشرة جنيهات، وقد عارض المدعي في هذا الحكم، وبجلسة 23/ 11/ 2000 قضى باعتبار المعارضة كأن لم تكن، وإذ لم يرتض المدعي هذا القضاء فقد طعن عليه بالاستئناف رقم 2712 لسنة 2001 جنح مستأنف المنصورة، وأثناء نظر الاستئناف دفع بعدم دستورية نص البند (ح) من المادة (1) والمادة (2) من القانون رقم 308 لسنة 1955 المشار إليه، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع وصرحت للمدعي برفع الدعوى الدستورية، فقد أقام دعواه الماثلة.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد، فهو مردود ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة - وعملاً بنص البند (ب) من المادة (29) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - أن المهلة التي تمنحها محكمة الموضوع لرفع الدعوى الدستورية، لا يجوز زيادتها إلا من خلال مهلة جديدة تضيفها إلى المدة الأصلية وقبل انقضائها، بما يكفل تداخلها معها، وبشرط ألا تزيد المدتان معاً على الأشهر الثلاثة التي فرضها المشرع كحد أقصى لرفع الدعوى الدستورية، فلا يجاوزه من يقيمها.
وحيث إن الثابت من الأوراق أن محكمة الموضوع بعد أن قدرت جدية الدفع بعدم الدستورية المبدى من المدعي بجلسة 21/ 3/ 2001، أجلت نظر الدعوى لجلسة 16/ 5/ 2001 لتقديم ما يفيد رفع الدعوى أمام المحكمة الدستورية العليا، ثم قررت المحكمة إضافة مهلة جديدة إلى المدة الأصلية وقبل انقضائها غايتها 4/ 7/ 2001، وهي إن جاءت متجاوزة مدة الثلاثة أشهر المقررة كحد أقصى لرفع الدعوى الدستورية إلا أن الثابت أن المدعي أقام دعواه الماثلة بتاريخ 13/ 6/ 2001، في غضون مهلة الثلاثة أشهر المشار إليها، ومن ثم فإن الدفع بعدم قبول الدعوى على هذا الوجه غير سديد، مما يتعين معه القضاء برفضه.
وحيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى بقالة خلو صحيفتها من بيان النصوص الدستورية المدعى بمخالفتها وأوجه هذه المخالفة، فهو مردود بأن ما تغياه قانون المحكمة الدستورية العليا بنص المادة (30) منه من وجوب أن تتضمن صحيفة الدعوى الدستورية بياناً بالنصوص الدستورية المدعى بمخالفتها وأوجه المخالفة، هو ألا تكون صحيفة الدعوى مجهلة بالمسائل الدستورية المطروحة على هذه المحكمة، ضماناً لتعيينها تعييناً كافياً، فلا تثير خفاءً في شأن مضمونها، أو اضطراباً حول نطاقها، ليتمكن ذوو الشأن من إعداد دفاعهم ابتداء ورداً وتعقيباً في المواعيد التي حددتها المادة (37) من ذلك القانون، ولتتولى هيئة المفوضين بعد ذلك تحضير الدعوى، وإعداد تقرير يكون محدداً للمسائل الدستورية المثارة ورأيها فيها مسبباً، ومن ثم فإنه يكفي لبلوغ تلك الغاية أن يكون تعيين هذه المسائل ممكناً، ويتحقق ذلك كلما كان بنيان عناصرها منبئاً عن حقيقتها. لما كان ذلك، وكانت صحيفة الدعوى الماثلة قد أبانت - في غير خفاء - نعى المدعي على النصين المطعون فيهما إخلالهما بمبدأ سيادة القانون وبمبدأ خضوع الدولة للقانون، وذلك بمنحهما الجهة الإدارية ميزة استثنائية خروجاً على القواعد المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية، تخولها الحق في اقتضاء حقوقها جبراً، بقرار يصدر منها يكون معادلاً للسند التنفيذي، ويتضمن تحديداً لتلك الحقوق سواء تعلق الأمر بمصدرها أو بمقدارها، وهو ما يمثل تحديداً كافياً للنصوص الدستورية المدعى بمخالفتها وأوجه المخالفة الدستورية كما ارتآها المدعي، ومن ثم فإن الدفع بعدم قبول الدعوى من هذا الوجه أيضاً يكون في غير محله متعيناً رفضه.
وحيث إن صدر المادة (1) من القانون رقم 308 لسنة 1955 والبند (ح) منها المعدل بالقانون رقم 44 لسنة 1958 ينصان على أن "يجوز أن تتبع إجراءات الحجز الإداري المبينة بهذا القانون عند عدم الوفاء بالمستحقات الآتية في مواعيدها المحددة بالقوانين والمراسيم والقرارات الخاصة بها وفي الأماكن وللأشخاص الذين يعينهم الوزراء المختصون.......... (ح) ما يكون مستحقاً لوزارة الأوقاف وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة من المبالغ المتقدمة وكذلك ما يكون مستحقاً لوزارة الأوقاف بصفتها ناظراً أو حارساً من إيجارات أو أحكار أو أثمان الاستبدال للأعيان التي تديرها الوزارة.....".
وتنص المادة (2) من هذا القانون على أن "لا يجوز اتخاذ إجراءات الحجز إلا بناء على أمر مكتوب صادر من الوزير أو رئيس المصلحة أو المحافظ أو المدير أو ممثل الشخص الاعتباري العام حسب الأحوال أو من ينيبه كل من هؤلاء في ذلك كتابة".
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع. وكان البين من استعراض أحكام القانون رقم 247 لسنة 1953 بشأن النظر على الأوقاف الخيرية وتعديل مصارفها على جهات البِرّ، والقانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف، أنها ناطت بالوزارة النظر على الأوقاف الخيرية وإدارة أعيانها، وبهذه الصفة أجاز البند (ح) من المادة (1) من قانون الحجز الإداري للوزارة توقيع الحجز عند عدم الوفاء بالإيجارات المستحقة للوقف، وقد خلفت هيئة الأوقاف المصرية الوزارة - إعمالاً لنص المادة (5) من القانون رقم 80 لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية - في الاختصاص بإدارة واستثمار أموال الأوقاف الخيرية والتصرف فيها، وذلك باعتبارها نائبة عن وزير الأوقاف بصفته ناظراً على تلك الأوقاف، كما حلت الهيئة - بمقتضى نص المادة (9) من القانون رقم 80 لسنة 1971 - محل الوزارة فيما لها من حقوق وما عليها من التزامات تتعلق بإدارة واستثمار هذه الأموال، وبالتالي أصبح للهيئة بصفتها نائبة عن وزير الأوقاف كناظر للوقف رخصة توقيع الحجز الإداري عند عدم الوفاء بالإيجارات المستحقة للوقف، وهو الأساس القانوني لقيام الهيئة باتخاذ إجراءات الحجز في الحالة المعروضة، لعدم الوفاء بالإيجار المستحق عن الأطيان الزراعية التابعة لوقف المكاتب الأهلية (وقف خيري)، المؤجرة من الهيئة لورثة عبد النبي محمد يوسف، ومن ثم فإن المصلحة الشخصية المباشرة للمدعي تكون متحققة بالنسبة للطعن على نص البند (ح) من المادة (1) من قانون الحجز الإداري فيما تضمنه من تخويل وزارة الأوقاف بصفتها ناظراً على الأوقاف الحق في توقيع الحجز الإداري عند عدم الوفاء بإيجارات الأعيان التي تديرها الوزارة بهذه الصفة.
وحيث إن القواعد التي تضمنها قانون الحجز الإداري غايتها أن يكون بيد أشخاص القانون العام وسائل ميسرة تمكنها من تحصيل حقوقها وهي بحسب طبيعتها أموال عامة تمثل الطاقة المحركة لحسن سير المرافق العامة وانتظامها، فلا يتقيد اقتضاؤها جبراً عن مدينيها بالقواعد التي فصلها قانون المرافعات المدنية والتجارية في شأن التنفيذ الجبري، وإنما تعتبر استثناء منها، وامتيازاً لصالحها، وهذه الطبيعة الاستثنائية لقواعد الحجز الإداري تقتضي أن يكون نطاق تطبيقها مرتبطاً بأهدافها ومتصلاً بتسيير جهة الإدارة لمرافقها، فلا يجوز نقل هذه القواعد إلى غير مجالها، ولا إعمالها في غير نطاقها الضيق الذي يتحدد باستهداف حسن سير المرافق العامة وانتظامها. إذ كان ذلك، وكانت أموال الأوقاف تعتبر بصريح نص المادة (5) من القانون رقم 80 لسنة 1971 أموالاً خاصة مملوكة للوقف باعتباره - عملاً بنص المادة (52/ 3) من القانون المدني - شخصاً اعتبارياً، وهو يدخل بحسب طبيعته في عداد أشخاص القانون الخاص، ولو كان من يباشر النظر عليه شخصاً من أشخاص القانون العام، إذ يظل النظر - في جميع الأحوال - على وصفه القانوني مجرد نيابة عن شخص من أشخاص القانون الخاص، وفي هذا نصت المادة (50) من القانون رقم 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف على أن "يعتبر الناظر أميناً على مال الوقف ووكيلاً عن المستحقين..." ومن ثم فإن قيام وزير الأوقاف بصفته ناظراً على الأوقاف الخيرية وهيئة الأوقاف كنائبة عنه على شئون أموال الأوقاف، إنما يكون كأي ناظر من أشخاص القانون الخاص، وعلى ذلك فإن تخويل النص الطعين وزارة الأوقاف بصفتها ناظراً على الأوقاف صلاحية توقيع الحجز الإداري عند عدم الوفاء بالإيجارات المستحقة للأوقاف، مؤداه إلحاق نشاط هذه الأوقاف - في هذا النطاق - بالأعمال التي تقوم عليها المرافق العامة، واعتبارها من جنسها، وإخضاع تحصيلها - دون مقتض - لتلك القواعد الاستثنائية التي تضمنها قانون الحجز الإداري، بما يخالف نص المادة (65) من الدستور، ذلك أن مبدأ الخضوع للقانون المقرر بها، يفترض تقيد أشخاص القانون الخاص في مجال نشاطها واقتضاء حقوقها بقواعد ووسائل هذا القانون دون غيرها، فلا يكون الخروج عليها إلا لضرورة وبقدرها، فإذا انتفت تلك الضرورة كما هو حال النص الطعين فإنه يكون قد وقع في حمأة المخالفة الدستورية.
وحيث إن القضاء بعدم دستورية نص البند (ح) من المادة (1) من قانون الحجز الإداري من شأنه عدم جواز اتخاذ إجراءات الحجز المنصوص عليها في المادة (2) من ذات القانون قبل المدعي، ومن ثم فإن الطعن عليها بعدم الدستورية أصبح ولا محل له.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم دستورية البند (ح) من المادة (1) من القانون رقم 308 لسنة 1955 في شأن الحجز الإداري المعدل بالقانون رقم 44 لسنة 1958 فيما تضمنه من النص على جواز اتباع إجراءات الحجز الإداري عند عدم الوفاء بما يكون مستحقاً لوزارة الأوقاف بصفتها ناظراً من إيجارات للأعيان التي تديرها الوزارة، وألزمت الحكومة المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق