الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 7 ديسمبر 2020

الطعن 10004 لسنة 85 ق جلسة 15 / 5 / 2016 مكتب فني 67 ق 61 ص 543

 جلسة 19 من مايو سنة 2016

برئاسة السيد القاضي / أحمد مصطفى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / حسام خليل ، خالد القضابي وأشرف المصري نواب رئيس المحكمة ومحمد أباظة .
----------

(61)

الطعن رقم 10004 لسنة 85 القضائية

(1) حكم " بيانات التسبيب " " بيانات حكم الإدانة " .

عدم رسم القانون شكلاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون مجموع ما أورده كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .

بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها . لا قصور .

 مثال .

(2) تجمهر . جريمة " أركانها " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . مسئولية جنائية . قانون " تفسيره " .

جريمة التجمهر المؤثمة بالمادتين الثانية والثالثة من القانون 10 لسنة 1914 . شروط قيامها ؟

 قيام اتفاق سابق بين المتجمهرين . غير لازم لقيام الجريمة . علة ذلك ؟

 استظهار الحكم في مدوناته ما ينبئ بجلاء عن توافر أركان جريمة التجمهر كما هي معرفة به في القانون . لا قصور .

(3) نقض " المصلحة في الطعن " .

لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بشأن جريمتي المشاركة في تظاهرة والبلطجة . ما دام قد دانه بجريمتي التجمهر وإحراز مطبوعات تتضمن إشاعة أخبار كاذبة .

(4) إذاعة أخبار وبيانات وشائعات كاذبة . تجمهر . تلبس . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير حالة التلبس " .

تقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها . موضوعي . شرط ذلك ؟

 وجود مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة . كاف لقيام حالة التلبس .

 مشاهدة الضابط للمتهم حال تجمهره مع آخرين وتعطيلهم حركة المرور وإحرازه المطبوعات . تقوم به حالة التلبس . علة ذلك ؟

 مثال .

(5) دفوع " الدفع بتلفيق التهمة " " الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة " " الدفع بعدم التواجد على مسرح الجريمة ". دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

الدفع بعدم معقولية الواقعة وكيدية الاتهام وتلفيقه وبعدم التواجد على مسرح الجريمة وتحديد دوره فيها . موضوعي . لا يستلزم رداً صريحاً . استفادته من القضاء بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردها الحكم .

(6) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

 للمحكمة أن تعوِّل في تكوين عقيدتها على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة .

 عدم تقيد القاضى الجنائى بنصاب معين في الشهادة . حقه في تكوين عقيدته من أى دليل يطمئن إليه . ما دام له مأخذه الصحيح من الأوراق .

 تعويل الحكم على شهادة شاهد واحد . لا يعيبه .

 الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام النقض .

(7) قانون " تفسيره " . محكمة دستورية . نظام عام . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . دفوع " الدفع بعدم الدستورية " .

اختصاص المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بالفصل في دستورية القوانين واللوائح . أساس ذلك ؟

الدفع بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة . غير متعلق بالنظام العام . مؤدى وأساس ذلك ؟

النعي على الحكم تطبيقه قانوني التجمهر والتظاهر رغم عدم دستوريتهما . غير مقبول . علة ذلك ؟

(8) قانون " سريانه " . تظاهر . تجمهر .

إلغاء النص التشريعي غير جائز إلَّا بتشريع لاحق له أعلى منه أو مساوٍ له في مدارج التشريع .

 صدور قرار رئيس الجمهورية بالقانون 107 لسنة 2013 بشأن تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية دون أن يلغى أو يُعدل صراحة أو ضمناً أحكام القانون 10 لسنة 1914 بشأن التجمهر. مفاده : أن القانون الأخير مازال سارياً واجب التطبيق .

(9) قانون " تفسيره " " تطبيقه " . تجمهر .

 القانون الجنائي . طبيعته وأهدافه ومهمته ؟

 وجوب مراعاة أحكام القانون الجنائي والتقيد بإرادة الشارع عند تطبيقه بغض النظر عما يفرضه القانون الدولي .

 القانون رقم 10 لسنة 1914 الخاص بالتجمهر . مجال تطبيقه يختلف عن مجال تطبيق الاتفاقيات الدولية . مؤدى ذلك ؟

النعي بإلغاء قانون التجمهر بموجب الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية والاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاعلان العالمي لحقوق الإنسان . غير مقبول .

(10) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . إجراءات " إجراءات التحقيق " . نقض " أسباب الطعن. ما لا يقبل منها " .

 النعي ببطلان تحقيقات النيابة العامة والاستيقاف ومحضر الضبط لأول مرة أمام محكمة النقض . غير مقبول .

 تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   1- لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى في قوله: (إنه عقب الانتهاء من صلاة الجمعة تم حشد كوادر من جماعة الإخوان للتظاهر والدعوات لتعطيل حركة المجتمع وإثارة الفوضى وقد تجمع عدد كبير من أعضاء الجماعة بمنطقة شارع ... تقاطع من شارع ... وأخذوا يسيروا في شكل مسيرة حاملين الأسلحة النارية والبيضاء بشكل علني مرددين الهتافات المعادية للجيش والشرطة ومؤسسات الدولة معتدين على حرية المواطن في التعبير عن رأيه قاطعين الطرق وتعطيل المواصلات العامة مما أدى إلى صخب الأهالي وتم فض المظاهرة والقبض على المتهم وبحوزته المضبوطات عبارة عن مطبوعات مدون عليها "العدد الــ 20 مكملين مصر بقت سجن كبير" وعبارات أخرى وتم عمل المحضر اللازم) . لما كان ذلك ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها متى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة وكان الحكم المطعون فيه قد بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون .

          2- لما كانت المادتان الثانية والثالثة من القانون رقم 10 لسنة 2014 بشأن التجمهر قد حددتا شروط قيامه قانوناً في أن يكون مؤلفاً من خمسة أشخاص على الأقل وأن يكون الغرض منه ارتكاب جريمة أو تعطيل تنفيذ القوانين أو اللوائح أو التأثير على السلطات في أعمالهم أو حرمان شخص من حرية العمل باستعمال القوة أو التهديد باستعمالها ولما كان يشترط إذن لقيام جريمة التجمهر المؤثمة بالمادتين سالفتي الذكر اتجاه غرض المتجمهرين الذين يزيد عددهم على خمسة أشخاص إلى مقارفة الجرائم التي وقعت تنفيذاً لهذا الغرض وأن تكون نية الاعتداء قد جمعتهم وظلت تصاحبهم حتى نفذوا غرضهم المذكور وأن تكون الجرائم التي ارتكبت قد وقعت نتيجة نشاط اجرامي من طبيعة واحدة ولم تكن جرائم استقل بها أحد المتجمهرين لحسابه دون
أن يؤدى إليها السير الطبيعي للأمور وقد وقعت جميعها حال التجمهر ولا يشترط لتوافر جريمة التجمهر وجوب قيام اتفاق سابق بين المتجمهرين إذ إن التجمع قد يبدأ بريئاً ثم يطرأ عليه ما يجعله معاقباً عليه نتيجة نية المشتركين فيه إلى تحقيق الغرض الإجرامي الذين يهدفون إليه مع علمهم بذلك ، ولما كان الحكم المطعون فيه فيما أورده في مجموعه ينبئ بجلاء على ثبوتها في حق الطاعن وكانت دلائل ما استظهره الحكم في مدوناته كافية لبيان أركان جريمة التجمهر كما هي معرفة به في القانون فإن نعى الطاعن بعدم توافر أركان جريمة التجمهر يكون غير سديد.
3- لما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمتي التجمهر وإحراز مطبوعات تتضمن إشاعة أخبار كاذبة ولم يدنه بجريمتي المشاركة في تظاهرة وكذلك البلطجة فإن ما يثيره الطاعن بشأن جريمة التظاهر والبلطجة يكون وارداً على غير محل .

           4- من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها مادامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة وكان ما أثبته الحكم المطعون فيه من رؤية ضابط الواقعة للمتهم حال تجمهره مع آخرين وقيامه مع آخرين بتعطيل حركة المرور وتمكنه من ضبط الطاعن وبحوزته المطبوعات التي تتضمن إشاعة أخبار كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام فإن هذا الذي ساقه الحكم إنما يسوغ به توافر حالة التلبس التي يكفي لتوافرها وجود مظاهر خارجية تنبئ بذاتها على ارتكاب الجريمة إذ أن مشاهدة الضابط للمتهم حال تجمهره مع آخرين وتعطيلهم حركة المرور وإحرازه لمطبوعات كاف لقيام حالة التلبس إذ إن التلبس حالة تلازم الجريمة نفسها ويكفى أن يكون شاهدها قد حضر ارتكابها بنفسه وأدرك وقوعها بأية حاسة من حواسه متى كان هذا الإدراك بطريقة يقينية لا تحتمل شكاً فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد .

          5- لما كان الدفع بعدم المعقولية وبكيدية الاتهام وتلفيقه وبعدم وجود المتهم على مسرح الجريمة وتحديد دوره فيها من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم بحسب الأصل رداً صريحاً من المحكمة مادام الرد عليها مستفاداً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم فإن ما يثيره الطاعن من دعوى الإخلال بحق الدفاع لا يكون له محل .

 6- من المقرر أن للمحكمة أن تعوِّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من الأدلة وكان الشارع لم يقيد القاضى الجنائي في المحاكمات الجنائية بنصاب معين في الشهادة وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه طالما أن له مأخذه الصحيح من الأوراق فإن تعويل الحكم على شهادة شاهد واحد كشاهد واقعة ليس فيه مخالفة للقانون وإذ كان الحكم قد أفصح عن اطمئنانه إلى صحة ما أدلى به شاهد الواقعة فإن ما يثيره الطاعن حول استناد الحكم لأقوال ضابط الواقعة لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن أقوال الشهود وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.

    7- لما كانت المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون 48 لسنة 1979 قد اختصت تلك المحكمة دون غيرها بالفصل في دستورية القوانين واللوائح وكان النص في المادة 29 من هذا القانون على أن: (تتولى المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين على الوجه التالي (أ) ..... (ب) إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر دعوى أمام إحدى المحاكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة ورأت المحكمة .... أن الدفع جدي أجلت نظر الدعوى وحددت لمن آثار الدفع ميعاداً لا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا فإذا لم تُرفع الدعوى في الميعاد اعتبُر الدفع كأن لم يكن) ومفاد ذلك أن الدفع بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة غير متعلق بالنظام العام ومن ثم فلا يجوز لصاحب الشأن إثارته أمام محكمة النقض ما لم يكن قد أبداه أمام محكمة الموضوع وكان البيِّن من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع أيهما بعدم دستورية مواد قانون التجمهر رقم 10 لسنة 1914 وكذلك مواد قانون التظاهر رقم 107 لسنة 2013 فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير مقبول .

 8- من المقرر أنه لا يجوز إلغاء نص تشريع إلَّا بتشريع لاحق له أعلى منه أو مساوٍ له في مدارج التشريع ينص صراحة على هذا الالغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع ، وكان البيِّن مما جاء بديباجة ونصوص قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 107 لسنة 2013 بشأن تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية أنها لم تلغي أو تعدل صراحة أوضمناً أحكام القانون رقم 10 لسنة 1914 بشأن التجمهر بل قد حرص المشرع في ديباجة القرار بقانون رقم 107 لسنة 2013على الإشارة إلى صدوره بعد الاطلاع على القوانين ومن بينها قانون التجمهر رقم 10 لسنة 1914 بما مفاده أن قانون التجمهر مازال سارياً واجباً التطبيق .

          9- لما كان القانون الجنائي هو قانون جزائي له نظام مستقل عن غيره من النظم القانونية الأخرى وله أهدافه الذاتية إذ يرمي من وراء العقاب إلى الدفاع عن أمن الدولة ومهمته الأساسية حماية المصالح الجوهرية فهو ليس مجرد نظام قانوني تقتصر وظيفته على خدمة الأهداف التي تعني بها تلك النُظم وعلى المحكمة عند تطبيقه على جريمة منصوص عليها فيه وتوافرت أركانها وشروطها أن تتقيّد بإرادة الشارع في هذا القانون الداخلي ومراعاة أحكامه التي خاطب بها المشرع القاضي الجنائي فهي الأولى في الاعتبار بغض النظر عما يفرضه القانون الدولي من قواعد أو مبادئ يخاطب بها الدول الأعضاء في الجماعة الدولية ، ولما كانت مواد القانون رقم 10 لسنة 1914 الخاص بالتجمهر متضمناً الشروط اللازم توافرها لقيام جريمة التجمهر والمواد الخاصة بالعقاب عليها ، ومن ثم يتعين إعمال أحكام القانون الأخير على الواقعة بحسبان أن مجال تطبيقه يختلف عن مجال تطبيق الاتفاقية الدولية ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من أن قانون التجمهر ألغى بموجب الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية والاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاعلان العالمي لحقوق الإنسان يكون على غير ذي محل .

   10- لما كان البيِّن من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يُثر شيئاً مما ينعاه في أسباب طعنه من بطلان تحقيقات النيابة العامة والإستيقاف ومحضر الضبط فليس له من بعد أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمة

وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى في قوله: (إنه عقب الانتهاء من صلاة الجمعة تم حشد كوادر من جماعة الإخوان للتظاهر والدعوات لتعطيل حركة المجتمع وإثارة الفوضى وقد تجمع عدد كبير من أعضاء الجماعة بمنطقة شارع ... تقاطع من شارع ... وأخذوا يسيروا في شكل مسيرة حاملين الأسلحة النارية والبيضاء بشكل علني مرددين الهتافات المعادية للجيش والشرطة ومؤسسات الدولة معتدين على حرية المواطن في التعبير عن رأيه قاطعين الطرق وتعطيل المواصلات العامة مما أدى إلى صخب الأهالي وتم فض المظاهرة والقبض على المتهم وبحوزته المضبوطات عبارة عن مطبوعات مدون عليها "العدد الــ 20 مكملين مصر بقت سجن كبير" وعبارات أخرى وتم عمل المحضر اللازم). لما كان ذلك ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها متى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة وكان الحكم المطعون فيه قد بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون. لما كان ذلك ، وكانت المادتان الثانية والثالثة من القانون رقم 10 لسنة 2014 بشأن التجمهر قد حددتا شروط قيامه قانوناً في أن يكون مؤلفاً من خمسة أشخاص على الأقل وأن يكون الغرض منه ارتكاب جريمة أو تعطيل تنفيذ القوانين أو اللوائح أو التأثير على السلطات في أعمالهم أو حرمان شخص من حرية العمل باستعمال القوة أو التهديد باستعمالها ولما كان يشترط إذن لقيام جريمة التجمهر المؤثمة بالمادتين سالفتي الذكر اتجاه غرض المتجمهرين الذين يزيد عددهم على خمسة أشخاص إلى مقارفة الجرائم التي وقعت تنفيذاً لهذا الغرض وأن تكون نية الاعتداء قد جمعتهم وظلت تصاحبهم حتى نفذوا غرضهم المذكور وأن تكون الجرائم التي ارتكبت قد وقعت نتيجة نشاط اجرامي من طبيعة واحدة ولم تكن جرائم استقل بها أحد المتجمهرين لحسابه دون أن يؤدى إليها السير الطبيعي للأمور وقد وقعت جميعها حال التجمهر ولا يشترط لتوافر جريمة التجمهر وجوب قيام اتفاق سابق بين المتجمهرين إذ إن التجمع قد يبدأ بريئاً ثم يطرأ عليه ما يجعله معاقباً عليه نتيجة نية المشتركين فيه إلى تحقيق الغرض الإجرامي الذين يهدفون إليه مع علمهم بذلك ، ولما كان الحكم المطعون فيه فيما أورده في مجموعه ينبئ بجلاء على ثبوتها في حق الطاعن وكانت دلائل ما استظهره الحكم في مدوناته كافية لبيان أركان جريمة التجمهر كما هي معرفة به في القانون فإن نعى الطاعن بعدم توافر أركان جريمة التجمهر يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمتي التجمهر وإحراز مطبوعات تتضمن إشاعة أخبار كاذبة ولم يدنه بجريمتي المشاركة في تظاهرة وكذلك البلطجة فإن ما يثيره الطاعن بشأن جريمة التظاهر والبلطجة يكون وارداً على غير محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها مادامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة وكان ما أثبته الحكم المطعون فيه من رؤية ضابط الواقعة للمتهم حال تجمهره مع آخرين وقيامه مع آخرين بتعطيل حركة المرور وتمكنه من ضبط الطاعن وبحوزته المطبوعات التي تتضمن إشاعة أخبار كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام فإن هذا الذي ساقه الحكم إنما يسوغ به توافر حالة التلبس التي يكفي لتوافرها وجود مظاهر خارجية تنبئ بذاتها على ارتكاب الجريمة إذ أن مشاهدة الضابط للمتهم حال تجمهره مع آخرين وتعطيلهم حركة المرور وإحرازه لمطبوعات كاف لقيام حالة التلبس إذ إن التلبس حالة تلازم الجريمة نفسها ويكفى أن يكون شاهدها قد حضر ارتكابها بنفسه وأدرك وقوعها بأية حاسة من حواسه متى كان هذا الإدراك بطريقة يقينية لا تحتمل شكاً فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد . وكان الدفع بعدم المعقولية وبكيدية الاتهام وتلفيقه وبعدم وجود المتهم على مسرح الجريمة وتحديد دوره فيها من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم بحسب الأصل رداً صريحاً من المحكمة مادام الرد عليها مستفاداً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم فإن ما يثيره الطاعن من دعوى الإخلال بحق الدفاع لا يكون له محل ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعوِّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من الأدلة وكان الشارع لم يقيد القاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية بنصاب معين في الشهادة وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه طالما أن له مأخذه الصحيح من الأوراق فإن تعويل الحكم على شهادة شاهد واحد كشاهد واقعة ليس فيه مخالفة للقانون وإذ كان الحكم قد أفصح عن اطمئنانه إلى صحة ما أدلى به شاهد الواقعة فإن ما يثيره الطاعن حول استناد الحكم لأقوال ضابط الواقعة لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن أقوال الشهود وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكانت المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون 48 لسنة 1979 قد اختصت تلك المحكمة دون غيرها بالفصل في دستورية القوانين واللوائح وكان النص في المادة 29 من هذا القانون على أن: (تتولى المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين على الوجه التالي (أ) ..... (ب) إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر دعوى أمام إحدى المحاكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة ورأت المحكمة .... أن الدفع جدي أجلت نظر الدعوى وحددت لمن آثار الدفع ميعاداً لا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا فإذا لم تُرفع الدعوى في الميعاد اعتبُر الدفع كأن لم يكن) ومفاد ذلك أن الدفع بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة غير متعلق بالنظام العام ومن ثم فلا يجوز لصاحب الشأن إثارته أمام محكمة النقض ما لم يكن قد أبداه أمام محكمة الموضوع وكان البيِّن من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع أيهما بعدم دستورية مواد قانون التجمهر رقم 10 لسنة 1914 وكذلك مواد قانون التظاهر رقم 107 لسنة 2013 فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير مقبول ، وكان من المقرر أنه لا يجوز إلغاء نص تشريع إلَّا بتشريع لاحق له أعلى منه أو مساوي له في مدارج التشريع ينص صراحة على هذا الالغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع وكان البيِّن مما جاء بديباجة ونصوص قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 107 لسنة 2013 بشأن تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية أنها لم تلغي أو تعدل صراحة أو ضمناً أحكام القانون رقم 10 لسنة 1914 بشأن التجمهر بل قد حرص المشرع في ديباجة القرار بقانون رقم 107 لسنة 2013 على الإشارة إلى صدوره بعد الاطلاع على القوانين ومن بينها قانون التجمهر رقم 10 لسنة 1914 بما مفاده أن قانون التجمهر مازال سارياً واجباً التطبيق . لما كان ذلك ، وكان القانون الجنائي هو قانون جزائي له نظام مستقل عن غيره من النظم القانونية الأخرى وله أهدافه الذاتية إذ يرمي من وراء العقاب إلى الدفاع عن أمن الدولة ومهمته الأساسية حماية المصالح الجوهرية فهو ليس مجرد نظام قانوني تقتصر وظيفته على خدمة الأهداف التي تعني بها تلك النُظم وعلى المحكمة عند تطبيقه على جريمة منصوص عليها فيه وتوافرت أركانها وشروطها أن تتقيّد بإرادة الشارع في هذا القانون الداخلي ومراعاة أحكامه التي خاطب بها المشرع القاضي الجنائي فهي الأولى في الاعتبار بغض النظر عما يفرضه القانون الدولي من قواعد أو مبادئ يخاطب بها الدول الأعضاء في الجماعة الدولية ، ولما كانت مواد القانون رقم 10 لسنة 1914 الخاص بالتجمهر متضمناً الشروط اللازم توافرها لقيام جريمة التجمهر والمواد الخاصة بالعقاب عليها ، ومن ثم يتعين إعمال أحكام القانون الأخير على الواقعة بحسبان أن مجال تطبيقه يختلف عن مجال تطبيق الاتفاقية الدولية ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من أن قانون التجمهر ألغى بموجب الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية والاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاعلان العالمي لحقوق الإنسان يكون على غير ذي محل . لما كان ما تقدم ، وكان البيِّن من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئاً مما ينعاه في أسباب طعنه من بطلان تحقيقات النيابة العامة و الاستيقاف ومحضر الضبط فليس له من بعد أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن يكون مفصحاً عن عدم قبوله موضوعاً .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق