الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 24 أكتوبر 2020

الطعن 4 لسنة 43 ق جلسة 7 /3/ 1974 مكتب فني 25 ج 1 رجال قضاء ق 11 ص 60

جلسة 7 من مارس سنة 1974

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة الدكتور حافظ هريدي وعضوية السادة المستشارين: محمد سيد أحمد حماد، علي صلاح الدين، أحمد صفاء الدين، عز الدين الحسيني.

----------------

(11)
الطلب رقم 4 لسنة 43 ق. "رجال القضاء"

(1) اختصاص. "اختصاص محكمة النقض". عزل.
القرار 83 لسنة 1969 بشأن إعادة تشكيل الهيئات القضائية وما ترتب عليه من عزل مورث الطالبات من وظيفته كوكيل النائب العام، والقرار الجمهوري رقم 1605 لسنة 1969 بشأن نقله إلى وظيفة أخرى الصادر تنفيذاً له. اختصاص محكمة النقض بالفصل في طلب إلغائهما. زوال الصفة القضائية عند تقديم الطلب أو وفاة صاحبها. غير مانع من هذا الاختصاص.
 (2)قانون. "التفويض التشريعي". عزل.
التفويض التشريعي في القرار بقانون 15 لسنة 1967. حدوده. ما تضمنه القرار بقانون 83 لسنة 1969 الصادر بالاستناد إليه من اعتبار رجال القضاء والنيابة العامة الذين لا تشملهم قرار إعادة التعيين في وظائفهم أو النقل إلى وظائف أخرى محالين إلى المعاش بحكم القانون خروجه عن نطاق قانون التفويض. أثر ذلك.
 (3)قانون. عزل.
عزل أعضاء النيابة العامة من وظائفهم من الأمور التي لا يجوز - وفقاً لدستور سنة 1964 - تنظيمها بأداة تشريعية أدنى مرتبه من القانون. اعتبار ما تضمنه القرار بقانون 83 لسنة 1969 من اعتبار من لم تشملهم قرارات التعيين أو النقل من رجل القضاء أو النيابة العامة محالين إلى المعاش غير قائم على أساس من الشرعية ومعدوم الأثر. عدم صلاحيته أساساً لصدور قرار جمهوري بالعزل من وظيفة النيابة العامة والنقل إلى وظيفة أخرى.
 (4)عزل. معاش.
إلغاء القرارات المتضمنة عزل مورث الطالبات من وظيفته في النيابة العامة ونقله إلى وظيفة أخرى. مؤداه. بقاؤه في وظيفته واستحقاقه لعلاوته التي حل موعدها في الفترة بين تاريخ النقل والوفاة وتسوية معاش الورثة على هذا الأساس.
(5) مرتبات. "بدل طبيعة العمل". موظفون.
بدل طبيعة العمل المقرر لرجال القضاء. مناط استحقاقه هو مزاولة العمل القضائي.
 (6)معاش. موظفون.
تسوية المعاش والتأمين على أساس المادة 20 من القانون 50 لسنة 1963. مناطه.
 (7)عزل. مسئولية. "المسئولية التقصيرية". تعويض. إرث.
وفاة المضرور بسبب فعل ضار من الغير. ثبوت حق المضرور في التعويض عن الضرر الذي لحقه حسبما يتطور ويتفاقم. انتقال هذا الحق إلى ورثته. التعجيل بالوفاة بفعل الغير عن عمد أو خطأ يلحق بالمضرور ضرراً مادياً محققاً. مثال بشأن العزل من وظيفة النيابة العمة على خلاف أحكام القانون.

------------------
1 - القرار بالقانون رقم 83 لسنة 1969 بشأن إعادة تشكيل الهيئات القضائية والقرار الجمهوري رقم 1605 لسنة 1969 الصادر تنفيذاً له من القرارات المتعلقة بشأن من شئون رجال القضاء والنيابة العامة غير التعيين والنقل والندب والترقية، إذا ترتب على أولهما عزل مورث الطالبات من وظيفته كوكيل للنائب العام، وتضمن الثاني نقله إلى وظيفة بوزارة الري، ومن ثم فإن دائرة المواد المدنية والتجارية بمحكمة النقض تكون هي المختصة دون غيرها بالفصل في الطلب المقدم بإلغائهما، عملاً بحكم المادة 90 من قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1965 لأن مبناه مخالفة القرارين المطعون فيهما للقانون، ويكفي لاختصاصها بنظره أن يكونا صادرين في شأن قاض أو عضو نيابة، ولو زالت عنه هذه الصفة عند تقديم طلبه، سواء قدم الطلب حال حياته أو قدمه ورثته بعد وفاته.
2 - إذا كان القرار بالقانون رقم 83 لسنة 1969 قد صدر بناء على القانون رقم 15 لسنة 1967 الذي فوض رئيس الجمهورية في إصدار قرارات لها قوة القانون خلال الظروف الاستثنائية القائمة في جميع الموضوعات التي تتصل بأمن الدولة وسلامتها وتعبئة إمكانياتها البشرية والمادية ودعم المجهود الحربي والاقتصاد الوطني وبصفة عامة في كل ما يراه ضرورياً لمواجهة الظروف الاستثنائية، وكان القرار بالقانون رقم 83 لسنة 1969 فيما تضمنه من اعتبار رجال القضاء والنيابة العامة الذين لا تشملهم قرارات إعادة التعيين في وظائفهم أو النقل إلى وظائف أخرى محالين إلى المعاش بحكم القانون قد صدر في موضوع يخرج عن النطاق المحدد بقانون التفويض، ويخالف مؤدى نصه ومقتضاه، فإنه يكون مجرداً من قوة القانون.
3 - مؤدى نص المادتين 158، 159 من دستور سنة 1964 أن عزل أعضاء النيابة العامة من وظائفهم لا يجوز تنظيمه بإدارة تشريعية أدنى مرتبه من القانون. وإذا كان القرار بالقانون رقم 83 لسنة 1969 يمس حقوق رجال القضاء والنيابة العامة وضماناتهم مما يتصل باستقلال القضاء، وهو ما لا يجوز تنظيمه إلا بقانون صادر من السلطة التشريعية، فإن ذلك القرار فيما تضمنه من اعتبار من لم تشملهم قرارات التعيين أو النقل محالين إلى المعاش غير قائم أساس من الشرعية، ومشوباً بعيب جسيم يجعله عديم الأثر، ومن ثم لا يصلح أداة لإلغاء أو تعديل أحكام قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1965 في شأن محاكمة رجال القضاء والنيابة العامة وتأديبهم، كما لا يصلح أساساً لصدور القرارين الجمهوريين رقمي 1603 لسنة 1969، 1605 فيما تضمنه أولهما من عزل مورث الطالبين من وظيفته في النيابة العامة، وما تضمنه ثانيهما من نقله إلى وظيفة أخرى بوزارة الري.
4 - مؤدى إلغاء القرار بالقانون رقم 83 لسنة 1969 والقرارات الأخرى المنفذة له - والمتضمنة عزل مورث الطالبات من وظيفته في النيابة العامة ونقله إلى وظيفة أخرى - بقاء المورث المذكور في وظيفته بالنيابة العامة، واستحقاقه لعلاواته المقررة في القانون رقم 43 لسنة 1965 والتي حل موعدها في الفترة بين تاريخ نقله منها وتاريخ وفاته، وتسوية المعاش المستحق لورثته على هذا الأساس.
5 - مناط استحقاق بدل طبيعة العمل المقرر لرجال القضاء هو مزاولة العمل القضائي.
6 - تسوية المعاش والتأمين على أساس المادة 20 من القانون رقم 50 لسنة 1963 لا تكون إلا في حالة الفصل بسبب الوفاة أو عدم اللياقة الصحية لإصابة عمل، وقد بين المشرع في الفقرة الرابعة من المادة المذكورة أن المقصود بإصابة العمل الإصابة بأحد الأمراض المبينة بالجدول رقم (1) الملحق بقانون التأمينات الاجتماعية أو الإصابة نتيجة حادث أثناء العمل أو بسببه، ويعتبر في حكم ذلك كل حادث يقع للمنتفع خلال فترة ذهابه لمباشرة العمل وعودته منه. وإذا كانت الأمراض التي أصيب بها مورث الطالبات والمبينة بالتقرير الطبي المقدم منهن تخرج عن تلك المبينة بالجدول السالف الإشارة إليه على سبيل الحصر، فإنه يتعين رفض هذا الشق من الطلب.
7 - إنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إذا تسببت وفاة المضرور عن فعل ضار من الغير فإن هذا الفعل لا بد أن يسبق الموت ولو بلحظة، ويكون المضرور في هذه اللحظة أهلاً لكسب حقه في التعويض عن الضرر الذي لحقه وحسبما يتطور هذا الضرر ويتفاقم. ومتى ثبت له هذا الحق قبل وفاته، فإن ورثته يتلقونه عنه في تركته، ويحق لهم بالتالي مطالبة المسئول بجبر الضرر المادي الذي سببه لمورثهم الموت الذي أدى إليه الفعل الضار باعتباره من مضاعفاته. وإذا كان الموت حقاً على كل إنسان إلا أن التعجيل به بفعل الغير عن عمد أو خطأ يلحق بالمضرور ضرراً مادياً محققاً؛ إذا يترتب عليه علاوة على ما يصاحبه من آلام حرمانه من الحياة في فترة كان يمكن أن يعيشها لو لم يعجل المسئول عن الضرر بوفاته. وإذ كان الثابت من التقرير الطبي أن فصل مورث الطالبات من عمله - في النيابة العامة - هو الذي أدى ازدياد حالته المرضية سوءاً، وعجل بوفاته، وكان الفصل ليس له ما يبرره وتم على خلاف أحكام القانون، فإنه يكون فعلاً ضاراً تتوافر به أركان المسئولية من خطأ وضرر وعلاقة السببية بين الخطأ والضرر. ومن ثم يتعين إلزام المدعى عليهما بما يستحقه المورث من تعويض عما أصابه من ضرر مادي تقدره المحكمة بمبلغ...... يوزع بين الطالبات طبقاً للفريضة الشرعية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطلب استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع على ما يبين من الأوراق - تتحصل في أن ورثة المرحوم....... قدمن في 18/ 1/ 1973 هذا الطلب ضد رئيس الجمهورية ووزير العدل ووزير الري ووزير الخزانة ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين والمعاشات ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للمساحة للحكم لهن أولاً بإلغاء القرار بالقانون رقم 83 لسنة 1969 والقرارين الجمهوريين رقمي 1603، 1605 لسنة 1969 فيما تضمنه من عزل مورثهن...... من النيابة العامة وإلحاقه بوزارة الري واعتبارها عديمة الأثر ثانياً بإلزام المدعى عليهم بأن يدفعوا لهن عن أنفسهن وبصفتهن ورثة المرحوم...... وبالسوية فيما بينهن مبلغ عشر آلاف من الجنيهات تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بمورثهن حال حياته وبهن من بعده من جراء قرارات العزل والنقل المعدومة بما في ذلك بدل طبيعة العمل وفرق علاوة 1/ 7/ 1970 المستحقين له منذ العزل والنقل حتى الوفاة. ثالثاً بإلزام المدعى عليهم بإعادة تسوية المعاش المستحق للمدعيتين الأوليين وإعادة تسوية التأمين المستحق للمدعيات جميعاً طبقاً للمادة 20 بدلاً من المادة 19 من القرار بقانون رقم 50 لسنة 1963 في شأن التأمين والمعاشات وعلى أساس المرتب الذي كان يستحقه المورث لو بقى في وظيفته الأصلية إلى يوم وفاته ولم تشمله قرارات العزل والنقل وقدره 80 جنيهاً بدلاً من 75 جنيهاً وأداء فروق المعاش والتأمين المستحقة لهن تبعاً لذلك وقلن في بيان الطلب أن مورثهن تخرج من كلية الحقوق سنة 1958 وعين في النيابة العامة وعمل بنيابة طنطا وسوهاج ولما تبين امتيازه من التفتيش على عمله نقل إلى نيابة القاهرة ثم إلى مكتب النائب العام ولما أعيد تشكيل الهيئات القضائية في 31/ 8/ 1969 وأغفل القرار رقم 1603 لسنة 1969 إعادة تعيينه وألحقه القرار رقم 1605 لسنة 1969 في وظيفة بوزارة الري أصيب بصدمة نفسية وعضوية ألزمته الفراش عدة أشهر عانى خلالها عدة أمراض ومضاعفات من بينها إصابته بدرجة عالية من الحموضة ألهبت دوالي المريء التي كانت كامنة عنده على غير علم منه ولقد ضاعف من سوء حالته الطريقة المهينة التي نفذت بها تلك القرارات وما ترتب عليها من شائعات وتشهير وإرهاب حرصت جهة الإدارة على افتعاله بواسطة أجهزتها السرية مما أدى إلى إصابته بنزيف متكرر وأنيميا وانهيار في الكبد ولما استعصى عليه مواجهة تكاليف العلاج طلب في 16/ 2/ 1971 من وزارة الري علاجه على نفقة الدولة إلا أن اللجنة الطبية المشكلة طبقاً لأحكام القرار الجمهوري رقم 3183 لسنة 1966 أشارت بمعالجته بمستشفى القوات المسلحة بالمعادي لمدة شهر في حدود 100 جنيه وفي 17/ 3/ 1971 أشارت اللجنة الطبية المشكلة بالمستشفى المذكور بعلاجه في الخارج ووافق رئيس الوزراء بالفعل على علاجه بلندن إلا أن المنية وأفته في 9/ 4/ 1971 وهو ذات التاريخ الذي تحدد لسفره وإذا ثبت من تقرير الدكتور..... والذي تولى علاجه أن سوء حالته النفسية نتج عن عزله من عمله بالنيابة العامة وإلحاقه بمصلحة المساحة وما صاحب ذلك من ارتفاع كبير في حموضة المعدة مما مهد وعجل بحصول نوبات النزيف من دوالي المعدة والمريء وانتهى بحصول الوفاة ولقد كانت حالته عند عزله تسمح بامتداد عمره لسنوات كثيرة يمكن أن تزيد عن عشر سنوات - ولما كان قرار العزل مشوباً بعيوب دستورية وقانونية تنحدر به إلى مرتبة الانعدام فإنه يعتبر خطأ يوجب تعويض من أضير به وإذا ترتب عليه مضاعفة حالة المورث والتعجيل بوفاته فإن الوفاة تكون قد حدثت بسبب العمل مما يوجب إعادة تسوية المعاش والتأمين والمستحق للطلبات بالتطبيق لنص المادة 30 من القانون رقم 50 لسنة 1963 أي على أساس 80% من المرتب وليس 40% وإذا كان الفقيد وحيد والدته وأخيه وأباً لطفلته وليس لهن عائل غيره وكان المعاش المقرر للأم مبلغ 8 جنيهات و350 مليماً ويقل عن أجرة سكنها البالغ 10.200 جم بخلاف مقابل الإنارة والمياه وكان من بين الأضرار التي ترتبت على العزل حرمانه من بدل طبيعة العمل ومن العلاوة التي كان من المقرر حصوله عليها في 1/ 5/ 1970 لو استمر في عمله بدلاً من 1/ 5/ 1971، التاريخ المحدد لصرف علاوات موظفي المساحة كما سوى معاش ولدته وابنته على أساس راتبه 70 جنيهاً لا 80 جنيهاً الذي كان يستحقه في 1/ 2/ 1970، وحال عزله دون بلوغه فقد أقمن دعواهن بطلباتهن السابقة ودفعت الحكومة بعدم اختصاص المحكمة بنظر الطلب على أساس أن مورث الطالبات لم يكن من بين رجال القضاء وأعضاء النيابة بل كان في وظيفة معاون بوزارة الري وارتضاها ولم يعترض عليها حال حياته ولم يحتفظ عند استلامها بما يفيد أنه راغب عنها وأنه بذلك يختص مجلس الدولة بنظر الطلب طبقاً لأحكام القانون العام لموظفي الدولة الذي يحكم العلاقة الجديدة بين المورث وجهة الإدارة وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الدفع بعدم الاختصاص وإلغاء القرار بالقانون رقم 83 لسنة 1969 وقرار رئيس الجمهورية رقم 1605 لسنة 1969 والحكم للطالبات بتعويض عن الضرر المادي الذي أصاب المورث وما أصاب الطالبات من ضرر أدبي من جراء وفاة المورث وتسوية المعاش لمستحقيه على أساس العلاوة التي كان يستحقها المورث في موعدها ورفض طلب تسوية المعاش المستحق للطالبتين الأولى والثانية على أساس 80% من المرتب.
وحيث إن الدفع بعدم الاختصاص مردود، ذلك أنه لما كان القرار بالقانون رقم 83 لسنة 1969 بشأن إعادة تشكيل الهيئات القضائية والقرار الجمهوري رقم 1605 لسنة 1969 الصادر تنفيذاً له من القرارات المتعلقة بشأن من شئون رجال القضاء والنيابة العامة غير التعيين والنقل والندب والترقية إذا ترتب على أولهما عزل مورث الطالبات من وظيفته كوكيل للنائب العام وتضمن الثاني نقله إلى وظيفة بوزارة الري فإن دائرة المواد المدنية والتجارية بمحكمة النقض تكون هي المختصة دون غيرها بالفصل في الطلب المقدم بإلغائها عملاً بحكم المادة 90 من قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1965 لأن مبناه مخالفة القرارين المطعون فيهما للقانون ويكفي لاختصاصها بنظرها أن يكونا صادرين في شأن قاض أو عضو نيابة ولو زالت عنه هذه الصفة عند تقديم طلبه وسواء قدم الطلب حال حياته أو قدمه ورثته بعد وفاته ومن ثم يتعين رفض هذا الدفع.
وحيث إنه لما كان القرار بالقانون رقم 83 لسنة 1969 قد صدر بناء على القانون رقم 15 لسنة 1967 الذي فوض رئيس الجمهورية في إصدار قرارات لها قوة القانون خلال الظروف الاستثنائية القائمة في جميع الموضوعات التي تتصل بأمن الدولة وسلامتها وتعبئة إمكانياتها البشرية والمادية ودعم المجهود الحربي والاقتصاد الوطني وبصفة عامة في كل ما يراه ضرورياً لمواجهة الظروف الاستثنائية وكان القرار بالقانون رقم 83 لسنة 1969 فيما تضمنه من اعتبار رجال القضاء والنيابة العامة الذين لا تشملهم قرارات إعادة التعيين في وظائفهم أو النقل إلى وظائف أخرى محالين إلى المعاش بحكم القانون قد صدر في موضوع يخرج عن النطاق المحدد بقانون التفويض ويخالف مؤدى نصه ومقتضاه مما يجعله مجرداً من قوة القانون فضلاً عن أنه يمس حقوق رجال القضاء والنيابة العامة وضماناتها مما يتصل باستقلال القضاء وهو ما لا يجوز تنظيمه إلا بقانون صادر من السلطة التشريعية على ما أفصحت عنه المادتان 158، 159 من دستور سنة 1964 من أن ينظم القانون وظيفة النيابة العامة واختصاصاتها وصلتها بالقضاء - ويكون تعيين أعضاء النيابة العامة في المحاكم وتأديبهم وعزلهم وفقاً للشروط التي يقررها القانون - فإن عزل أعضاء النيابة العامة من وظائفهم لا يجوز تنظيمه بأداة تشريعية أدنى مرتبة من القانون ويكون القرار بالقانون رقم 83 لسنة 1969 فيما تضمنه من اعتبار من لم تشملهم قرارات التعيين أو النقل محالين إلى المعاش غير قائم على أساس من الشرعية ومشوباً بعيب جسيم يجعله عديم الأثر ومن ثم فلا يصلح أداة لإلغاء أو تعديل أحكام قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1965 في شأن محاكمة رجال القضاء والنيابة العامة وتأديبهم، كما لا يصلح أساساً لصدور القرارين الجمهوريين رقمي 1603 لسنة 1969، 1605 لسنة 1969 فيما تضمنه أولهما من عزل مورث الطالبين من وظيفته في النيابة العامة وما تضمنه ثانيهما من نقله إلى وظيفة أخرى بوزارة الري.
وحيث إنه عن طلب فرق العلاوة فإنه وقد انتهت المحكمة إلى إلغاء القرار بالقانون رقم 83 لسنة 1969 والقرارات الأخرى المنفذة له فإن مؤدى ذلك بقاء المورث الطالبات في وظيفته بالنيابة العامة واستحقاقه لعلاواته المقررة في القانون رقم 43 لسنة 1965 والتي حل موعدها في الفترة بين تاريخ نقله منها في 11/ 8/ 1969 وتاريخ وفاته في 9/ 4/ 1971 وتسوية المعاش المستحق للطالبتين الأولى والثانية على هذا الأساس وهو ما يتعين إلزام المدعى عليهما به ولا وجه للمطالبة ببدل طبيعة العمل لأن مناط استحقاقه هو مزاولة العمل القضائي.
وحيث إنه عن طلب تسوية المعاش والتأمين المستحق للطالبتين الأولى والثانية على أساس المادة 20 من القانون رقم 50 لسنة 1963 فإن هذه التسوية لا تكون إلا في حالة الفصل بسبب الوفاة أو عدم اللياقة الصحية نتيجة لإصابة عمل وإذ بين المشرع في الفقرة الرابعة من المادة المذكورة أن المقصود بإصابة العمل الإصابة بأحد الأمراض المبينة بالجدول رقم 1 الملحق بقانون التأمينات الاجتماعية أو الإصابة نتيجة حادث أثناء تأدية العمل أو بسببه ويعتبر في حكم ذلك كل حادث يقع للمنتفع خلال فترة ذهابه لمباشرة العمل وعودته منه وإذ كانت الأمراض التي أصيب بها مورث الطالبات والمبينة بالتقرير الطبي المقدم منهن تخرج عن تلك المبينة بالجدول السالف الإشارة إليه على سبيل الحصر فإنه يتعين رفض هذا الشق من الطلب.
وحيث إنه عن طلب التعويض عن الأضرار المادية التي لحقت بالمورث حال حياته فإنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إذا تسببت وفاة المضرور عن فعل ضار من الغير فإن هذا الفعل لا بد أن يسبق الموت ولو بلحظة ويكون المضرور في هذه اللحظة أهلاً لكسب حقه في التعويض عن الضرر الذي لحقه وحسبما يتطور هذا الضرر ويتفاقم ومتى ثبت له هذا الحق قبل وفاته فإن ورثته يتلقونه عنه في تركته ويحق لهم بالتالي مطالبة المسئول بجبر الضرر المادي الذي سببه لمورثهم من الموت الذي أدى إليه الفعل الضار باعتباره من مضاعفاته وإذا كان الموت حقاً على كل إنسان إلا أن التعجيل به بفعل الغير عن عمد أو خطأ يلحق بالمضرور ضرراً مادياً محققاً إذ يترتب عليه علاوة على ما يصاحبه من الآلام، حرمانه من الحياة في فترة كان يمكن أن يعيشها لو لم يعجل المسئول عن الضرر بوفاته وإذا يبين من تقرير الطبيب......... الذي أوقع الكشف على مورث الطالبات في وأخر سنة 1970 أن المورث كان في حالة إعياء تام ولا يكاد يستطيع الحركة وأن كبده ضامر الحجم من فيروس وفي حالة غير مرضية لدرجة توازي الفشل التام فضلاً عن وجود استسقاء في البطن وتضخم في الطحال وفقر دم شديد ودوالي بالجزء الأسفل من المريء وأنه كان يعاني من تليف بالكبد وتضخم بالطحال من فترة حوالي أربعة سنوات سابقة على توقيع الكشف الطبي وأنه تعرض لنوبات نزيف دموي من المريء بدأ حدوثها في غضون النصف الأول من عام سنة 1970 وتكررت مما استلزم إجراء نقل دم له وأنه تعرض في الأشهر الأخيرة من عام سنة 1969 والأشهر الأولى من عام 1970 لارتفاع طارئ كبير في نسبة الحموضة في المعدة أدي وساعد على حدوث النزيف من الدوالي ومثل هذا النزيف يستمر في كثير من الأحيان سنوات عديدة إلا أنه كان قاتلاً بالنسبة للمورث نظراً لفشل الكبد والزيادة المستمرة في الحموضة بالمعدة وكلاهما من الأمراض التي تزداد سوءاً وتقل فرص معالجتها في حال تزايد التوتر العصبي والنفسي للمريض كما لاحظ الطبيب أنه كان يعاني من حالة اكتئاب نفسي شديد وضيق وتبرم مع توتر شديد في حالته العصيبة فهم من حديث معه أن ذلك راجع إلى عزله من منصبه في النيابة العامة ونقله إلى وظيفة أخرى بوزارة الري ورأى الدكتور أن حالة المورث النفسية البالغة السوء والتي طرأت عليه نتيجة فصله من عمله بالنيابة العامة أدت إلى ارتفاع كبير في نسبة الحموضة بالمعدة مما مهد وساعد على حصول نوبات النزيف وتكرر حدوثها وشدتها وازدادت حالة الكبد سوءاً مما ساهم في التعجيل بحدوث الوفاة في اليوم المحدد لسفره إلى لندن للعلاج على نفقة الدولة في حدود مبلغ قدرته بألف جنيه وأثبت الطبيب في تقريره أن حالته الصحية عند فصله كانت من الناحية الطبية تسمح بامتداد عمره لمدة يمكن أن تزيد عن عشر سنوات لما كان ذلك فإن فصل المورث من عمله يكون هو الذي أدى إلى ازدياد حالته سوءاً وعجل بوفاته وإذ لم يكن للفصل له ما يبرره وتم على خلاف أحكام القانون فإنه يكون فعلاًً ضاراً تتوافر به أركان المسئولية من خطأ وضرر وعلاقة السببية بين الخطأ والضرر ومن ثم يتعين إلزام المدعى عليهما بما يستحقه المورث من تعويض عما أصابه من ضرر مادي تقدره المحكمة بمبلغ ألف جنيه يوزع بين الطالبات طبقاً للفريضة الشرعية.
وحيث إنه عن الضرر المادي والأدبي الذي أصاب...... ابنة المورث من بعد والدها وعائلها فترى المحكمة تقديره بمبلغ ألف جنيه.
وحيث إنه عن الضرر المادي الذي تطالب به الأم والأختان ترى المحكمة رفضه إذا لم يقم دليل من الأوراق على أن أحداً منهن قد أصيب بضرر مادي نتج عن وفاة المورث أما عن الضرر الأدبي الذي أصابهن من جراء فقده فترى المحكمة تقدير مبلغ 200 جنيه للأم، 200 جنيه للأختين مناصفة بينهما

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق