جلسة 15 من فبراير سنة 1981
برئاسة السيد/ المستشار نائب رئيس المحكمة: محمد فاضل المرجوشي، وعضوية السادة المستشارين: محمد حسب الله، ومحمد راسم، عبد الرشيد نوفل وسعيد صقر.
---------------
(95)
الطعن رقم 835 لسنة 44 القضائية
(1) نقض "الخصوم في الطعن".
حق الطاعن في اختصام من كان طرفاً في الدعوى أمام محكمة الموضوع وقت صدور الحكم المطعون فيه وبذات الوضع الذي كان مختصماً به.
(2، 3) عمل "وقف العامل. إنهاء العقد".
(2) وقف العامل لاتهامه في جناية أو جنحة. ورفض إعادته للعمل رغم القضاء ببراءته. عدم تقديمه للمحاكمة. أثره. افتراض التعسف في جانب صاحب العمل. حقه في فصل العامل متى أثبت توافر المبرر لذلك.
(3) عدم مراعاة قواعد تأديب العامل. لا يمنع رب العمل من فسخ العقد إذا توافر المبرر لذلك.
(4، 5) استئناف "نطاقه". نقض "ما لا يصلح سبباً للطعن".
(4) صيرورة قضاء محكمة أول درجة في شق من الخصومة نهائياً لعدم استئنافه. لا محل للنعي على الحكم الاستئنافي بإغفاله الإشارة إلى هذا الشق طالما لم يكن مطروحاً على المحكمة.
(5) رفض الحكم المطعون فيه بعض طلبات الطاعن وتأييده ما قضى له به ابتدائياً في شق آخر اعتباره مشتملاً على قضاء ضمني برفض الاستئناف المقابل المرفوع منه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر؛ والمرافعة, وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 864 لسنة 1967 عمال كلي القاهرة على المطعون ضدهما "مؤسسة دار التحرير للطبع والنشر والهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية" وطلب الحكم بإلزام المؤسسة المطعون ضدها الأولى بأن تدفع إليه مبلغ 1136.615 جنيهاً، وقال بياناً لها إنه كان يعمل لدى المطعون ضدها الأولى بأجر قدره 80 جنيهاً شهرياً، وبتاريخ 12/ 6 سنة 1967 أخطرته بفصله من العمل، وإذ كان هذا الفصل تعسفياً ويستحق عنه تعويضاً قدره عشرة آلاف جنيه و80 جنيهاً بدل إنذار و200 جنيه مقابل أجازته السنوية و512 جنيهاً أجر متأخر و42 جنيهاً بدل انتقال و30 جنيهاً قيمة حصته في الادخار بالإضافة إلى مبلغ 496.615 جنيهاً كان قد دفعها لحساب المطعون ضدها الأولى على ذمة ما يسفر عنه التحقيق فيما نسب إليه فقد أقام الدعوى بطلباته السالفة البيان، وبتاريخ 18/ 1/ 1969 قضت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي ما تدون بمنطوق حكمها، وبعد أن تنفذ هذا الحكم حكمت في 28/ 3/ 1970 بإلزام المطعون ضدها الأولى بأن تدفع للطاعن مبلغ 4093.945 جنيهاً وبإلزام المطعون ضدها الثانية بأن تدفع له مبلغ 30 جنيهاً, استأنفت المطعون ضدها الأولى هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1345 لسنة 87 قضائية، كما أقام عنه الطاعن استئنافياً مقابلاً قيد برقم 2438 لسنة 87 قضائية, وبتاريخ 25/ 5/ 1974 قضت المحكمة في موضوع الاستئنافين بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المطعون ضدها الأولى بأن تدفع للطاعن مبلغ 565.330 جنيهاً. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها عدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدها الثانية ورفضه بالنسبة للمطعون ضدها الأولى، وعرض الطعن في غرفة مشورة وتحدد لنظره أخيراً جلسة 4/ 12/ 1980 وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن للطاعن أن يختصم في الطعن من كان طرفاً في الدعوى أمام محكمة الموضوع وقت صدور الحكم المطعون فيه وبذات الوضع الذي كان مختصماً به، وكان الثابت أن المطعون ضدها الثانية - الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية - كانت خصماً في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، وكانت للطاعن مصلحة ظاهرة في اختصامها في الطعن، فإن ما ذهبت إليه النيابة من عدم قبول الطعن بالنسبة لها يكون في غير محله.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم جرى في قضائه على أن فصله من العمل لدى المطعون ضدها الأولى كان مبرراً استناداً إلى المادة 57 من القرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966 الذي تسري أحكامه على العاملين في القطاع العام، حال أن المطعون ضدها الأولى مؤسسة خاصة ومن ثم فإن قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 هو الذي يحكم واقعة الدعوى. وإذ كانت المادة 67 من هذا القانون تقضي بأنه إذا رأت السلطة المختصة عدم تقديم العامل للمحاكمة وجبت إعادته إلى عمله وإلا اعتبر عدم إعادته فصلاً تعسفياً، وكانت النيابة قد أبعدته عن واقعة الاختلاس التي نسبت إليه مما كان يوجب اعتبار فصله تعسفياً، فإن الحكم حين ذهب إلى غير ذلك يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، وذلك لأنه لما كان مؤدى نصوص المواد (67) فقرة أولى وثانية و72 فقرة أولى و74 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 - وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - أن المشرع بما نص عليه في الفقرة الثانية من المادة 67 من "أنه إذا رأت السلطة المختصة عدم تقديم العامل للمحاكمة أو قضى ببراءته وجبت إعادته إلى عمله وإلا اعتبر عدم إعادته فصلاً تعسفياً" إنما أنشأ للعامل الموقوف لسبب من الأسباب المبينة في الفقرة الأولى من المادة المذكورة - ورأت في شأنه السلطة المختصة عدم تقديمه للمحاكمة أو قضى ببراءته - مركزاً قانونياً خاصاً يفترض التعسف في صاحب العمل إن هو رفض إعادته إلى عمله، وذلك حملاً لحال صاحب العمل على الظاهر أو على الغالب، ولا يتعارض هذا المركز الخاص مع الحق المقرر في المادة 72 من نفس القانون لكل صاحب عمل في إنهاء عقد العامل الغير محدد المدة إذا توافر المبرر المشروع لهذا الإنهاء على أن يتحمل صاحب العمل عبء إثبات توافر المبرر لأنه هو الذي يدعي خلاف الثابت حكماً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض طلب التعويض على ما قرره من "أنه بتمحيص الأفعال التي نسبت إلى المستأنف ضده "الطاعن" يبين أنها كما وصفتها النيابة في قراراها أنه نسب إليه اختلاس مبالغ قدرها 465.615 جنيهاً بينتها مذكرة النيابة ولم يقم بسداد هذه المبالغ إلا بعد بدء التحقيق معه للشركة المستأنفة (المطعون ضدها الأولى)، وهي أفعال بلا جدال تفقد الثقة بالمستأنف ضده وتجعل الشركة المستأنفة لا تطمئن إليه في عملها مستقبلاً وتعد فعلته هذه التي جاءت مخالفة لواجب الأمانة إخلالاً منه بواجبات وظيفته مما يقتضي مؤاخذته تأديبياً عملاً بنص المادة 57 من القرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966.... وحيث إنه استناداً إلى ما تقدم فإن قرار فصل المستأنف ضده يكون له ما يبرره"، وكان ما قرره الحكم إعمالاً لسلطته التقديرية بالنسبة لمبررات الفصل جاء سائغاً ويؤدي إلى ما خلص إليه من أن الفصل كان مبرراً، فإنه لا يعيبه ما ورد بأسبابه من تقريرات قانونية خاطئة طالما أنه قد أصاب في النتيجة وإن تنكب الوسيلة باستناده إلى مادة في القانون لا تنطبق على واقعة الدعوى، ويضحى النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه التناقض في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم انتهى إلى أن قرار الفصل وقع باطلاً لصدوره دون عرض الأمر على اللجنة المختصة، وإذ عاد الحكم وقرر أن الفصل صحيح وله ما يبرره، فإنه يكون قد شابه التناقض في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك لأنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه عدم مراعاة قواعد التأديب لا يمنع من فسخ عقد العمل إذا توافر المبرر، ومن ذلك عدم قيام العامل بتأدية التزاماته الجوهرية المترتبة على عقد العمل كنص المادة 76 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959، وكان الحكم وهو في معرض الرد على ما أثارته المطعون ضدها الأولى....... من أن قرار النيابة بحفظ الدعوى الجنائية قبل الطاعن قد ناط بها مجازاته إدارياً بعد أن فقدت الجريمة أهميتها بالسداد.. قد أورد في مدوناته "أن قرار فصل الطاعن قد وقع باطلاً لعدم اتباع إجراءات التأديب المنصوص عليها في القرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966 والتي توجب عرض أمر فصل العامل على لجنة خاصة قبل أن يصدر قرار نهائي بهذا الفصل"، وكان ما قرره الحكم في هذا الشأن لم يكن ليمنعه من بحث مشروعية الفصل في نطاق ما نسب إلى الطاعن من أفعال، فإنه إذ خلص إلى أن الفصل كان له ما يبرره لا يكون قد شابه التناقض في التسبيب ما دام قصده في الحالتين ظاهراً، مما يكون معه النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث والرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة الثابت في الأوراق، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قضى برفض طلبه استرداد مبلغ 496.615 جنيهاً استناداً إلى ما جاء بمذكرة النيابة من نسبة اختلاس هذا المبلغ إليه, حال أن تقرير اللجنة الفنية التي شكلتها النيابة لفحص حسابات المطعون ضدها الأولى انتهى إلى عدم مسئوليته عن هذه الواقعة، وإذ التفت الحكم عما جاء بتقرير هذه اللجنة رغم ما له من أثر في الدعوى، وكانت مذكرة النيابة قد شابها الخطأ في نقل ما أثبتته اللجنة بخصوص ذلك المبلغ، فإن الحكم يكون قد خالف الثابت في الأوراق وشابه القصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك لأنه لما كان الحكم قد أقام قضاءه في هذا الخصوص على ما قرره من أن "الثابت من مذكرة النيابة بشأن المستأنف ضده "الطاعن" أن هذا المبلغ هو الذي استلمه المستأنف ضده للقيام بتسليمه إلى آخرين وأن اتهامه قام أساساً على عدم تسليمه هذا المبلغ لذويه فلما قام بعد بدء التحقيق برد هذا المبلغ إلى الشركة المستأنفة "المطعون ضدها الأولى" رأت النيابة الاكتفاء بالعقوبة الإدارية لحصول الشركة على حقها، وعلى هذا الوجه لا يكون هناك ثمة حق للمطالبة بهذا المبلغ ويتعين لذلك رفض هذا الطلب"، وكان ما أورده الحكم كافياً لحمل قضائه في هذا الشأن ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها فإن ما يثيره الطاعن من التفات الحكم عن تقرير اللجنة الفنية إلى الأخذ بما أستخلصه من مذكرة النيابة لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً حول سلطة المحكمة في تقدير الأدلة المطروحة عليها والأخذ بما تقتنع به منها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض وإذ كان الطاعن يجادل في أن مذكرة النيابة التي اتخذها الحكم سنداً لقضائه في هذا الخصوص قد اشتملت بالفعل على ما استقاه الحكم منها كما أنه لم يثر عليها أي مطعن أمام محكمة الموضوع فإنه لا يقبل منه تعييبها والمجادلة في الدليل المستمد منها لأول مرة أمام محكمة النقض، ويكون النعي بهذا السبب غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم لم يعرض لمستنداته ودفاعه الذي ختمه بمذكرته المقدمة لجلسة 22/ 12/ 1973، كما أنه لم يشر إلى حق الطاعن في الادخار الذي قضى له به الحكم الابتدائي, فضلاً عن خلو الحكم مما يشير إلى أنه عرض للاستئناف المقابل المرفوع منه بما يكشف عن رأيه فيه.
وحيث إن هذا النعي في شقيه الأولين غير مقبول، ذلك لأن الطاعن لم يبين في سبب الطعن أوجه الدفاع أو المستندات التي لم يعرض لها الحكم للوقوف على صحة ما يتحدى به في هذا الخصوص مما يجعل النعي بهذا الشق مجهلاً، وإذ كان الحكم الابتدائي قد أجاب الطاعن إلى قيمة حصته في الادخار وصار قضاؤه في هذا الخصوص نهائياً بعدم الطعن عليه فإنه لا يقبل من الطاعن تعييب الحكم لإغفاله الإشارة إلى طلب لم يكن مطروحاً عليه. والنعي في شقه الأخير مردود بأنه لما كان البين من أسباب الحكم أنه قضى برفض جانب من طلبات الطاعن التي قضى له بها في الحكم الابتدائي وأيد ما قضى له به في الجانب الآخر منها فإن منطوق الحكم إذ قضى في موضوع الاستئنافين بتعديل الحكم المستأنف على نحو ما جاء به يكون قد اشتمل على قضاء ضمني برفض الاستئناف المقابل المرفوع من الطاعن، وإذ كان هذا الأخير لا يدعي أن هذا الاستئناف قد تعلق بنقاط أخرى غير التي بحثها الحكم وأدلى برأيه فيها، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.