الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 24 سبتمبر 2016

الطعن 2798 لسنة 81 ق جلسة 8 / 10 / 2012 مكتب فني 63 ق 77 ص 457

جلسة 8 من أكتوبر سنة 2012

برئاسة السيد المستشار/ فتحي حجاب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جاب الله محمد، هاني حنا، محمد هلالي نواب رئيس المحكمة ووليد حمزة.

---------------

(77)
الطعن رقم 2798 لسنة 81 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. مادام سائغا.
لمحكمة الموضوع الإعراض عن قالة شهود النفي. مادامت لا تثق بما شهدوا به. دون الإشارة إلى أقوالهم. قضاؤهم بالإدانة لأدلة الثبوت. دلالته. اطراحها.
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بأقوال شاهد. مفاده؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها. غير جائز أمام محكمة النقض.
(2) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها. غير مقبول.
مثال.
(3) مواد مخدرة. استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". تفتيش "إذن التفتيش. إصداره" "إذن التفتيش. بياناته". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش. موضوعي.
عدم بيان نوع المادة المخدرة بمحضر الضبط أو استبعاد المحكمة قصد الاتجار خلافاً لما ورد بالتحريات أو خلوها من مكان إجراء المراقبة ومصدر حصول الطاعن على المخدر وأسماء عملائه. لا يقدح في جدية التحريات. علة ذلك؟
(4) مواد مخدرة. تفتيش "إذن التفتيش. إصداره" "إذن التفتيش. بياناته". دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". جريمة "الجريمة المستمرة".
جريمة إحراز المواد المخدرة أو نقلها. من الجرائم المستمرة. أثر ذلك؟
عدم اشتراط القانون عبارات خاصة لصياغة إذن التفتيش. إيراده عبارة حال مروره. ينصرف إلى نتيجته باعتبارها احتمالية لا يمكن الجزم بها مقدماً. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر رداً على الدفع ببطلان الإذن واعتباره قد صدر لضبط جريمة واقعة بالفعل وليس عن جريمة مستقبلة. صحيح.
(5) مواد مخدرة. جريمة "أركانها". قصد جنائي. مسئولية جنائية. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفوع "الدفع بنفي التهمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
نفي التهمة. دفاع موضوعي. لا يستلزم رداً. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
المسئولية في جريمة إحراز أو حيازة الجوهر أو النبات المخدر. مناطها؟
القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة الجوهر أو النبات المخدر. تحققه: بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة. المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن الركن المعنوي في جريمة إحراز أو حيازة الجوهر أو النبات المخدر. شرط ذلك؟
مثال.
(6) إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب التحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة. لا يصح سبباً للطعن على الحكم.
----------------
1- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها الثابت في الأوراق، ولها أن تعرض عن قالة شهود النفي مادامت لا تثق بما شهدوا به وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم مادامت لم تستند إليها وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فاطرحتها، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع، ومتى أخذت بأقوال شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة بدعوى ضبطه في مكان وزمان يغايران ما قرره شاهدا الإثبات ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها، مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
2- لما كان الطاعن لم يطلب إلى المحكمة تحقيقاً معيناً في صدد ما ادعاه في شأن منازعته في زمان ومكان ضبطه، فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها.
3- من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع التي متى اقتنعت - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، ولا يقدح في جدية التحريات بفرض حصوله عدم بيان نوع المادة المخدرة المضبوطة بمحضر الضبط لأن الأعمال الإجرائية محكومة من جهة الصحة والبطلان بمقدماتها لا بنتائجها، أو استبعاد المحكمة قصد الاتجار خلافاً لما ورد بها أو خلوها من بيان مكان إجراء المراقبة ومصدر حصول الطاعن على المخدر وأسماء عملائه، ومن ثم فإن منعي الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً.
4- من المقرر أن جريمة إحراز المواد المخدرة أو نقلها من الجرائم المستمرة، وبالتالي فإن وقوعها بدائرة مركز آخر، لا يخرجها عن اختصاص وكيل النيابة مصدر الإذن بالتفتيش، مادام تنفيذ هذا الإذن كان مقروناً باستمرارها في دائرة اختصاصه كما هو الحال في الدعوى وكان القانون لا يشترط عبارات خاصة يصاغ بها إذن التفتيش فلا يؤثر في سلامة الإذن أن يكون مصدره قد استعمل عبارة "حال مروره" التي أولها الطاعن بأنها تنم عن أن الإذن ينصب على جريمة مستقبلة لم تكن قد وقعت بالفعل، في حين أن لفظ "حال" في اللغة يفيد معنى "الوقت الذي أنت فيه" وفي النحو والصرف يفيد معنى "الزمان الحاضر خلاف الماضي والمستقبل" وهو ظرف أو وضع، وحال الإنسان "ما يختص من أموره المتغيرة الحسية والمعنوية"، إلا أنه في سياقه الذي ورد فيه لا يدع مجالاً للشك في إنه لا ينصرف إلى احتمال وقوع جريمة إحراز وحيازة المخدر أو عدم وقوعها قبل صدوره، وإنما ينصرف إلى نتيجة التفتيش وهي دائماً احتمالية إذ لا يمكن الجزم مقدماً بما إذا كان التفتيش سيسفر فعلاً عن ضبط المخدر أو عدم ضبطه مع المتهم، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر في رده على الدفع ببطلان إذن التفتيش وانتهى إلى أن الإذن قد صدر لضبط جريمة واقعة بالفعل وترجحت نسبتها إلى المأذون بتفتيشه وليس عن جريمة مستقبلة، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون.
5- من المقرر أن نفى التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، وكان مناط المسئولية في حالتي إحراز وحيازة الجواهر أو النباتات المخدرة هي ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالاً مباشراً أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأي صورة عن علم وإرادة، إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية، وكان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة الجوهر أو النبات المخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحرزه أو يحوزه مخدر، وكان ما استند إليه الحكم من أقوال شاهدي الإثبات من أنه حال ضبط الطاعن عثر بكيس بلاستيك كان يحمله وحقيبة السيارة التي كان يستقلها على المخدر المضبوط، يسوغ به الاستدلال على إحرازه للمخدر المضبوط وعلى علمه بكنهه، فإن ما ينعاه على الحكم من قصور في هذا الصدد يكون في غير محله.
6- لما كان ما يثيره الطاعن في خصوص قعود النيابة عن مواجهته بالمضبوطات، لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم.

الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من: (1) .... "طاعن" (2) .... (3) .... بأنهم: أولاً: المتهمان الأول والثاني أحرزا وحازا بقصد الاتجار جوهرين مخدرين (حشيشاً، نبات الحشيش الجاف) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. ثانياً: المتهم الثالث اشترك مع المتهمين الأول والثاني بطريق المساعدة في ارتكاب واقعة الاتجار في المواد المخدرة وذلك بأن قام بتسجيل السيارة المستخدمة في الاتجار والمملوكة للمتهم الأول باسمه خشية ضبطه حال علمه باستخدام المتهم لها في ترويج المواد المخدرة فوقعت الجريمة بناء على تلك المساعدة . وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .والمحكمة المذكورة قضت عملاً بالمواد 1، 2، 38/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل والبند رقم 56 من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق، أولاً: حضورياً للأول بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة عشرة سنوات وبتغريمه خمسين ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط. ثانياً: حضورياً للثاني وغيابياً للثالث ببراءة كل منهما مما أسند إليه من اتهام، باعتبار أن الحيازة والإحراز كانا مجردين من القصود. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ...... إلخ.

المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهرين مخدرين بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه عول في إدانته على أقوال شاهدي الإثبات معتنقاً تصويرهما للواقعة رغم أنه لم يضبط في الزمان والمكان المحدد بأقوالهما، بدلالة أقوال المتهم الثاني والمستندات التي قدمت في هذا الخصوص دون أن تجرى المحكمة تحقيقاً بلوغاً إلى كشف الحقيقة، ورد قاصراً على الدفع ببطلان إذن النيابة بالقبض والتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية، بدليل استبعاد المحكمة قصد الاتجار خلافاً لما ورد بها، وخلوها من بيان مكان إجراء المراقبة ونوع المادة المخدرة التي يتجر فيها ومصدر حصوله عليها وأسماء عملائه، ملتفتاً عن المستندات المقدمة منه تأييداً لدفاعه، ورد بما لا يصلح رداً على دفعه ببطلان إذن النيابة العامة بالقبض والتفتيش الصادر من وكيل نيابة ..... الكلية لتعلقه بجريمة مستقبلة لم تكن وقعت بعد في نطاق اختصاصه المكاني، بدلالة أن صياغة الإذن تضمنت عبارة" حال مروره " وهي ظرف زماني مستقبلي تفيد احتمال وقوع الجريمة لا ثبوت وقوعها بالفعل، فضلاً عن عدم تواجد الطاعن بدائرة ..... وقت صدور الإذن، وأن دفاعه قام على نفي التهمة ونسبة المخدر المضبوط إليه، بيد أن الحكم اطرح دفاعه هذا دون أن يدلل على توافر القصد الجنائي في حقه، وأخيراً فقد قعدت النيابة العامة عن مواجهته بالمضبوطات التي احتفظ بها الشاهد الأول فترة طويلة دون تحريزها، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه. وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستقاة من أقوال شاهدي الإثبات وتقرير المعمل الكيماوي، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها الثابت في الأوراق، ولها أن تعرض عن قالة شهود النفي مادامت لا تثق بما شهدوا به وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم مادامت لم تستند إليها وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فأطرحتها، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع، ومتى أخذت بأقوال شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة بدعوى ضبطه في مكان وزمان يغايران ما قرره شاهدا الإثبات ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها، مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، فضلاً عن البيِّن من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة تحقيقاً معيناً في صدد ما ادعاه في شأن منازعته في زمان ومكان ضبطه، فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها. لما كان ذلك، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع التي متى اقتنعت كما هو الحال في الدعوى الراهنة بجدية الاستدلالات التي بنى عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، ولا يقدح في جدية التحريات بفرض حصوله عدم بيان نوع المادة المخدرة المضبوطة بمحضر الضبط لأن الأعمال الإجرائية محكومة من جهة الصحة والبطلان بمقدماتها لا بنتائجها، أو استبعاد المحكمة قصد الاتجار خلافاً لما ورد بها أو خلوها من بيان مكان إجراء المراقبة ومصدر حصول الطاعن على المخدر وأسماء عملائه، ومن ثم فإن منعي الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن جريمة إحراز المواد المخدرة أو نقلها من الجرائم المستمرة، وبالتالي فإن وقوعها بدائرة مركز آخر، لا يخرجها عن اختصاص وكيل النيابة مصدر الإذن بالتفتيش، مادام تنفيذ هذا الإذن كان مقروناً باستمرارها في دائرة اختصاصه ـ كما هو الحال في الدعوى وكان القانون لا يشترط عبارات خاصة يصاغ بها إذن التفتيش فلا يؤثر في سلامة الإذن أن يكون مصدره قد استعمل عبارة "حال مروره" التي أولها الطاعن بأنها تنم عن أن الإذن ينصب على جريمة مستقبلة لم تكن قد وقعت بالفعل، في حين أن لفظ "حال" في اللغة يفيد معني "الوقت الذي أنت فيه "وفي النحو والصرف يفيد معنى" الزمان الحاضر خلاف الماضي والمستقبل "وهو ظرف أو وضع، وحال الإنسان "ما يختص من أموره المتغيرة الحسية والمعنوية"، إلا أنه في سياقه الذي ورد فيه لا يدع مجالاً للشك في إنه لا ينصرف إلى احتمال وقوع جريمة إحراز وحيازة المخدر أو عدم وقوعها قبل صدوره، وإنما ينصرف إلى نتيجة التفتيش وهي دائماً احتمالية إذ لا يمكن الجزم مقدماً بما إذا كان التفتيش سيسفر فعلاً عن ضبط المخدر أو عدم ضبطه مع المتهم، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر في رده على الدفع ببطلان إذن التفتيش وانتهى إلى أن الإذن قد صدر لضبط جريمة واقعة بالفعل وترجحت نسبتها إلى المأذون بتفتيشه وليس عن جريمة مستقبلة فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن نفى التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، وكان مناط المسئولية في حالتي إحراز وحيازة الجواهر أو النباتات المخدرة هي ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالاً مباشراً أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأي صورة عن علم وإرادة، إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية، وكان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة الجوهر أو النبات المخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحرزه أو يحوزه مخدر، وكان ما استند إليه الحكم من أقوال شاهدي الإثبات من أنه حال ضبط الطاعن عثر بكيس بلاستيك كان يحمله وحقيبة السيارة التي كان يستقلها على المخدر المضبوط، يسوغ به الاستدلال على إحرازه للمخدر المضبوط وعلى علمه بكنهه، فإن ما ينعاه على الحكم من قصور في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن في خصوص قعود النيابة عن مواجهته بالمضبوطات، لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 33 لسنة 81 ق جلسة 8 / 10 / 2012 مكتب فني 63 ق 76 ص 445

جلسة 8 من أكتوبر سنة 2012

برئاسة السيد المستشار/ فتحي حجاب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جاب الله محمد، هاني حنا، حازم بدوي نواب رئيس المحكمة ووائل شوقي.

----------------

(76)
الطعن رقم 33 لسنة 81 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن".
إدراج تاريخ التقرير بالطعن على سبيل الخطأ. لا أثر له. علة ذلك؟
(2) شروع. قتل عمد. سبق إصرار. ترصد. حكم "بيانات حكم الإدانة" "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حكم الإدانة. بياناته؟ المادة 310 إجراءات.
عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون مجموع ما أورده كافيا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
مثال لتسبيب سائغ لحكم صادر بالإدانة في جريمة الشروع في القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد.
(3) شروع. قتل عمد. جريمة "أركانها". قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي". حكم " تسبيبه. تسبيب غير معيب". سبق إصرار. ترصد.
قصد القتل. أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ في استظهار نية القتل في جريمة الشروع في القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد.
(4) سبق إصرار. ظروف مشددة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر سبق الإصرار".
سبق الإصرار. حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني. يستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضي منها. شرط ذلك؟
(5) قتل عمد. سبق إصرار. عقوبة "العقوبة المبررة". نقض "المصلحة في الطعن".
انعدام مصلحة الطاعن في النعي بفساد الحكم في استظهار ظرف سبق الإصرار. ما دامت العقوبة الموقعة عليه تدخل في الحدود المقررة للقتل العمد مجرداً من أي ظرف مشدد.
(6) نقض "أسباب الطعن. تحديدها".
وجه الطعن. وجوب أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمي إليه مقدمه. علة ذلك؟ نعي الطاعن ببطلان القبض عليه والذي لم يكشف بأسباب الطعن عن وجهه. غير مقبول.
(7) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. مادام سائغا.
الجدل الموضوعي في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة. غير جائز.
مثال.
(8) إثبات "شهود" "خبرة". محكمة الموضوع" "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بأقوال شاهد. مفاده؟
تناقض وتضارب الشاهد في أقواله أو مع أقوال غيره. لا يعيب الحكم. ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً.
النعي بالتناقض بين الدليلين القولي والفني لأول مرة أمام النقض. غير مقبول. علة ذلك؟
(9) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها.
مثال.
(10) ثبات "بوجه عام". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
النعي على الحكم بشأن تحريات الشرطة والتي لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد منها استناداً لأدلة أخرى ومنها أقوال الضابط مجريها. غير مقبول. علة ذلك؟
(11) إثبات "بوجه عام". دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الدفع بتلفيق التهمة. موضوعي. لا يستوجب رداً صريحا. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه إيراده الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة للمتهم. تعقبه في كل جزئيات دفاعه. غير لازم. علة ذلك؟
(12) إجراءات "إجراءات التحقيق". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب التحقيق السابق على المحاكمة. لا يصح سبباً للطعن على الحكم.
مثال.
----------------
1- من المقرر أنه وإن كانت ورقة التقرير بالطعن حجة بما ورد فيها في صدد إثبات بياناته ومنها تاريخ الحكم المطعون فيه، إلا أنه متى كان ما أثبت بها لا يطابق الحقيقة سواء عن طريق السهو أم الخطأ أم العمد فإنه لا يعتد به، وتكون العبرة بحقيقة الواقع. ولما كان الثابت من كتاب قطاع مصلحة السجون المؤرخ ..... المرفق بملف الطعن أن التاريخ الحقيقي الذي قرر فيه المحكوم عليه الطعن بالنقض هو ..... وليس ..... وأن الإدراج تم على سبيل الخطأ، ومن ثم فإن ما ورد بتقرير الطعن لا يعدو أن يكون مجرد سهو وخطأ مادي لا عبرة به ويكون الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
2- لما كان الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بقوله "إنه على أثر وجود خلافات سابقة بين المجني عليه وأسرة المتهم لاتهامه لهم بسرقة جهاز رسم قلب من عيادته الخاصة عقد المتهم العزم وبيت النية على الانتقام من المجني عليه وفى يوم ..... توجه المتهم من مسكنه الكائن ..... إلى مقر عيادة المجني عليه الكائنة ..... وكمن له خارجها وما إن شاهد المجني عليه خارجاً من عيادته بعد انتهاء عمله حتى باغته ولف ذراعه الأيسر حول رقبته وطعنه ثلاث طعنات بسلاح أبيض كان بحوزته محدثاً إصابته في عنقه وكتفه ويده اليمنى قاصداً من ذلك قتله وقد خاب أثر جريمته ولم يحقق مقصده بسبب لا دخل لإرادته فيه وهو مقاومة المجني عليه واستغاثته بالمارة وتداركه بالعلاج، وقد أسفرت تحريات النقيب ..... معاون مباحث ..... عن تعدى المتهم بالضرب على المجنى عليه مستخدماً في ذلك سلاحاً أبيض محدثاً إصاباته وقاصداً من ذلك قتله بسبب خلافات سابقة بين المجني عليه وأسرة المتهم، كما أورى تقرير الطب الشرعي أن إصابات المجني عليه بالرقبة والكتف الأيمن والرسخ الأيمن ذات طبيعة قطعية حدثت من التعدي عليه بجسم صلب ذي حافة حادة مثل قطر أو مطواة أو ما في حكم ذلك وهي جائزة الحدوث على النحو الوارد بأقوال المجني عليه وفي تاريخ معاصر للحادث"، وساق الحكم على صحة الواقعة وإسنادها إلى الطاعن أدلة استقاها من أقوال المجني عليه والنقيب ..... معاون مباحث ..... ومن تقرير الطب الشرعي. لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دين الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت المحكمة ثبوت وقوعها منه، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وإحراز أداة (شفرة موس) بغير مسوغ قانوني اللتين دين الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم بالقصور لا محل له.
3- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لنية القتل وثبوتها بقوله "وحيث إنه عن نية القتل ومدى توافرها في حق المتهم فإن الثابت بتقرير الطب الشرعي أن المجني عليه به إصابات بالرقبة والكتف الأيمن والرسغ الأيمن ذات طبيعة قطعية حدثت من التعدي عليه بجسم صلب ذي حافة حادة مثل قطر أو مطواة أو ما في حكم ذلك كما أشارت الأوراق الطبية لهذا التقرير إلى إصابة المجني عليه بجرح قطعي ممتد من فروة الرأس تحت حلمة الإذن طوله حوالي 20 سم حتى الخط المنتصف الأمامي للرقبة وجرح آخر قطعي بمنتصف الرقبة بطول حوالي 10 سم وجرح من الجهة اليمني بالرقبة طوله 5 سم وجرح في مقدمة الكتف الأيمن طوله حوالي 10 سم وجرح قطعي عميق بظهر مفصل الرسغ الأيمن وهو ما تطمئن إليه المحكمة وتستخلص من تعدد الطعنات وقوتها وأماكن حدوثها والسلاح المستخدم بالإضافة إلى ما قرره المجني عليه في جميع مراحل الدعوى وما أسفرت عنه تحريات النقيب ..... معاون مباحث ...... وما قرره بالتحقيقات من أن المتهم كان قاصداً قتل المجني عليه للانتقام منه بسبب اتهامه السابق لبعض أفراد أسرته بسرقة جهاز رسم قلب من عيادة المجني عليه مما يتوافر به في حق المتهم القصد الجنائي العام والخاص بمعناه المقرر قانوناً في جريمة الشروع في القتل المسندة إلى المتهم". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية. وكان ما أورده الحكم فيما سلف يكفي في استظهار نية القتل، ومن ثم ينحسر عن الحكم قالة القصور في هذا المنحي.
4- من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما مستفاد من وقائع وظروف خارجية ويستخلصها القاضي منها استخلاصاً مادام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد كشف عن توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن وقد ساق لإثباته قبله من الأدلة والقرائن ما يكفي لتحققه قانوناً، ومن ثم فإن نعي الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد.
5- لما كانت العقوبة المقضي بها على الطاعن - هي السجن المشدد - تدخل في الحدود المقررة لجناية القتل العمد مجرد من أي ظروف مشددة، فإنه لا يكون للطاعن مصلحة فيما يثيره من فساد الحكم في استظهار ظرف سبق الإصرار.
6- من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمى إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له إيراداً له وردا عليه، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب الطعن عن وجه بطلان القبض عليه، بل ساق قوله مرسلاً مجهلاً، فإن النعي على الحكم في هذا المقام يكون غير مقبول.
7- من المقرر أنه لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى صورة الواقعة حسبما وردت بأقوال شاهدي الإثبات المؤيدة بتقرير الطب الشرعي، فإن ما يثيره الطاعن من استحالة حدوث الواقعة وفق تصوير شاهدي الإثبات وقوله بأن الواقعة مجرد ضرب لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب ويغدو منعاه في هذا الخصوص لا سند له.
8- من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع، ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره لا يعيب الحكم مادامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة في تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، وإذ كان الواضح من محضر الجلسة التي دارت فيها المرافعة واختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن المدافع عن الطاعن لم يثر شيئاً عما أورده بوجه الطعن بشأن قالة التناقض بين الدليلين القولي والفني، ومن ثم لا يسوغ له أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه دفاع موضوعي، فإن ما ينعاه الطاعن بشأن تعويل الحكم على أقوال شاهدي الإثبات لا يكون صائباً.
9- من المقرر أن خلو شفرة الموس المضبوطة من أي أثر للدماء لا يقدح في استدلال الحكم من حصول الاعتداء على المجني عليه بمثل هذه الأداة أياً كانت وذلك رداً على جماع الدليلين القولي والفني، ومن ثم فإن المحكمة - لم تكن من بعد - ملزمة بأن تتحدث عن إسقاطها لدلالة عدم وجود آثار لدماء بها إذ إن مفاد سكوتها أنه في تكوين عقيدتها إثباتاً أو نفياً، والمحكمة لا تلتزم - في أصول الاستدلال - بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها.
10- إلما كان البيِّن من الحكم المطعون فيه أنه لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من تحريات الشرطة وإنما أقام قضاءه على أقوال المجني عليه وضابط المباحث وتقرير الطب الشرعي وأن ما ورد بأقوال الضابط في شأن التحريات إنما هو مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة التي أفصحت عن اطمئنانها إليه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله.
11- من المقرر أن الدفع بتلفيق التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً بل إن الرد يستفاد من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم، وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بقالة القصور في التسبيب بعدم الرد على دفاعه الموضوعي الذي أورده بأسباب طعنه يكون في غير محله.
12- لما كان ما يثيره الطاعن في خصوص عدم سؤال شهود النفي بتحقيقات النيابة، لا يعدو أن يكون تعييباَ للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم.

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أولاً: شرع في قتل ... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيت النية وعقد العزم وأعد لذلك سلاحاً أبيض "شفرة حادة " وتوجه إلى حيث أيقن وجوده بعيادته "محل عمله" وكمن له خارجها متربصاً انتهاء عمله وما إن ظفر به إلا ولف ذراعه الأيسر حول عنقه وكال له باليد الأخرى عدة طعنات من ذلك السلاح المعد سلفاً بالرقبة فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي قاصداً من ذلك قتله إلا أن جريمته قد خاب أثرها لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو مقاومة المجني عليه والاستغاثة بالمارة وتداركه بالعلاج على النحو المبين بالأوراق. ثانياً: أحرز بغير مسوغ من الضرورة المهنية أو الحرفية شفرة حادة. وأحالته إلى محكمة جنايات ..... لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45/ 1، 46/ 1، 230، 231، 232 من قانون العقوبات والمادتين 1/ 1، 25 مكرر/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند رقم (6) من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول وقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة 2007 مع إعمال المادتين 17، 32 من قانون العقوبات أولاً: بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات. ثانياً: بإلزام المتهم بأن يؤدى للمدعى بالحق المدني تعويضاً مؤقتاً قدره عشرة آلاف وواحد جنيه. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.

المحكمة

من حيث إنه ولئن كانت ورقة التقرير بالطعن حجة بما ورد فيها في صدد إثبات بياناته ومنها تاريخ الحكم المطعون فيه، إلا أنه متى كان ما أثبت بها لا يطابق الحقيقة سواء عن طريق السهو أم الخطأ أم العمد فإنه لا يعتد به، وتكون العبرة بحقيقة الواقع. ولما كان الثابت من كتاب قطاع مصلحة السجون المؤرخ ..... المرفق بملف الطعن أن التاريخ الحقيقي الذي قرر فيه المحكوم عليه الطعن بالنقض هو ..... وليس ..... وأن الإدراج تم على سبيل الخطأ، ومن ثم فإن ما ورد بتقرير الطعن لا يعدو أن يكون مجرد سهو وخطأ مادي لا عبرة به ويكون الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون. وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الشروع في القتل مع سبق الإصرار والترصد وإحراز أداة (شفرة موس) بغير مسوغ قانوني، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على الإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه لم يبين واقعة الدعوى بياناً تتحقق به أركان الجريمة ومضمون الأدلة التي عول عليها في الإدانة، ولم يدلل على توافر أركان الجريمة في حقه، وجاء قاصراً في استظهار نية القتل وسبق الإصرار لديه، ورد بما لا يسوغ على دفعه ببطلان القبض، واطرح دفاعه باستحالة حدوث الواقعة وفق تصوير شاهدي الإثبات وأن الواقعة في حقيقتها لا تعدو مجرد جنحة ضرب، وعول على أقوالهما رغم اختلافها وتناقضها مع الدليل الفني بشأن كيفية حدوث الواقعة والأداة المستخدمة، وأن شفرة الموس المضبوطة خلت من آثار دماء تفيد استخدامها في ارتكاب الجريمة، واستند ضمن ما استند إليه إلى تحريات الشرطة رغم أنها لا تصلح بذاتها دليلاً للإدانة، وأغفل الرد على ما ساقه الدفاع من وجود خلافات تشير إلى تلفيق الاتهام، وأخيراً جاءت تحقيقات النيابة العامة قاصرة فلم يتم سؤال شهود نفي الطاعن، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه. وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بقوله "أنه على أثر وجود خلافات سابقة بين المجني عليه وأسرة المتهم لاتهامه لهم بسرقة جهاز رسم قلب من عيادته الخاصة عقد المتهم العزم وبيت النية على الانتقام من المجني عليه وفي يوم ..... توجه المتهم من مسكنه الكائن ...... إلى مقر عيادة المجني عليه الكائنة ..... وكمن له خارجها وما أن شاهد المجني عليه خارجاً من عيادته بعد انتهاء عمله حتى باغته ولف ذراعه الأيسر حول رقبته وطعنه ثلاث طعنات بسلاح أبيض كان بحوزته محدثاً إصابته في عنقه وكتفه ويده اليمنى قاصداً من ذلك قتله وقد خاب أثر جريمته ولم يحقق مقصده بسبب لا دخل لإرادته فيه وهو مقاومة المجني عليه واستغاثته بالمارة وتداركه بالعلاج وقد أسفرت تحريات النقيب ..... معاون مباحث ..... عن تعدى المتهم بالضرب على المجني عليه مستخدماً في ذلك سلاحاً أبيض محدثاً إصاباته وقاصداً من ذلك قتله بسبب خلافات سابقة بين المجني عليه وأسرة المتهم، كما أورى تقرير الطب الشرعي أن إصابات المجني عليه بالرقبة والكتف الأيمن والرسخ الأيمن ذات طبيعة قطعية حدثت من التعدي عليه بجسم صلب ذي حافة حادة مثل قطر أو مطواة أو ما في حكم ذلك وهي جائزة الحدوث على النحو الوارد بأقوال المجني عليه وفى تاريخ معاصر للحادث"، وساق الحكم على صحة الواقعة وإسنادها إلى الطاعن أدلة استقاها من أقوال المجني عليه والنقيب ..... معاون مباحث ...... ومن تقرير الطب الشرعي. لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دين الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت المحكمة ثبوت وقوعها منه، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وإحراز أداة (شفرة موس) بغير مسوغ قانوني اللتين دين الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ومن ثم فإن منعي الطاعن على الحكم بالقصور لا محل له. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لنية القتل وثبوتها بقوله: "وحيث إنه عن نية القتل ومدى توافرها في حق المتهم فإن الثابت بتقرير الطب الشرعي أن المجني عليه به إصابات بالرقبة والكتف الأيمن والرسغ الأيمن ذات طبيعة قطعية حدثت من التعدي عليه بجسم صلب ذي حافة حادة مثل قطر أو مطواة أو ما في حكم ذلك كما أشارت الأوراق الطبية لهذا التقرير إلى إصابة المجني عليه بجرح قطعي ممتد من فروه الرأس تحت حلمة الإذن طوله حوالي 20 سم حتى الخط المنتصف الأمامي للرقبة وجرح آخر قطعي بمنتصف الرقبة بطول حوالي 10 سم وجرح من الجهة اليمنى بالرقبة طوله 5 سم وجرح في مقدمة الكتف الأيمن طوله حوالي 10 سم وجرح قطعي عميق بظهر مفصل الرسغ الأيمن وهو ما تطمئن إليه المحكمة وتستخلص من تعدد الطعنات وقوتها وأماكن حدوثها والسلاح المستخدم بالإضافة إلى ما قرره المجني عليه في جميع مراحل الدعوى وما أسفرت عنه تحريات النقيب ...... معاون مباحث ..... وما قرره بالتحقيقات من أن المتهم كان قاصداً قتل المجني عليه للانتقام منه بسبب اتهامه السابق لبعض أفراد أسرته بسرقة جهاز رسم قلب من عيادة المجني عليه مما يتوافر به في حق المتهم القصد الجنائي العام والخاص بمعناه المقرر قانوناً في جريمة الشروع في القتل المسندة إلى المتهم". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية. وكان ما أورده الحكم فيما سلف يكفي في استظهار نية القتل، ومن ثم ينحسر عن الحكم قالة القصور في هذا المنحى. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون له في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما مستفاد من وقائع وظروف خارجية ويستخلصها القاضي منها استخلاصاً مادام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج وإذ كان الحكم المطعون فيه قد كشف عن توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن وقد ساق لإثباته قبله من الأدلة والقرائن ما يكفي لتحققه قانوناً، ومن ثم فإن نعي الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكانت العقوبة المقضي بها على الطاعن ـ وهي السجن المشدد ـ تدخل في الحدود المقررة لجناية القتل العمد مجرد من أي ظروف مشددة، فإنه لا يكون للطاعن مصلحة فيما يثيره من فساد الحكم في استظهار ظرف سبق الإصرار. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمى إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له إيراداً له وردا عليه، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب الطعن عن وجه بطلان القبض عليه، بل ساق قوله مرسلاً مجهلاً، فإن النعي على الحكم في هذا المقام يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى صورة الواقعة حسبما وردت بأقوال شاهدي الإثبات المؤيدة بتقرير الطب الشرعي، فإن ما يثيره الطاعن من استحالة حدوث الواقعة وفق تصوير شاهدي الإثبات وقوله بأن الواقعة مجرد ضرب لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب ويعدو معناه في هذا الخصوص لا سند له. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع، ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وكان تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره لا يعيب الحكم مادامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة في تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه كما هو الحال في الدعوى المطروحة وإذ كان الواضح من محضر الجلسة التي دارت فيها المرافعة واختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن المدافع عن الطاعن لم يثر شيئاً عما أورده بوجه الطعن بشأن قالة التناقض بين الدليلين القولي والفني، ومن ثم لا يسوغ له أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه دفاع موضوعي، فإن ما ينعاه الطاعن بشأن تعويل الحكم على أقوال شاهدي الإثبات لا يكون صائباً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن خلو شفرة الموس المضبوطة من أي أثر للدماء لا يقدح في استدلال الحكم من حصول الاعتداء على المجني عليه بمثل هذه الأداة أياً كانت وذلك رداً على جماع الدليلين القولي والفني، ومن ثم فإن المحكمة ـ لم تكن من بعد ـ ملزمة بأن تتحدث عن إسقاطها لدلالة عدم وجود آثار لدماء بها إذ إن مفاد سكوتها أنه في تكوين عقيدتها إثباتاً أو نفياً، والمحكمة لا تلتزم ـ في أصول الاستدلال ـ بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من تحريات الشرطة وإنما أقام قضاءه على أقوال المجني عليه وضابط المباحث وتقرير الطب الشرعي وأن ما ورد بأقوال الضابط في شأن التحريات إنما هو مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة التي أفصحت عن اطمئنانها إليه فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بتلفيق التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداَ صريحاً بل إن الرد يستفاد من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم، وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بقالة القصور في التسبيب بعدم الرد على دفاعه الموضوعي الذي أورده بأسباب طعنه يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن في خصوص عدم سؤال شهود النفي بتحقيقات النيابة لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

الطعن 1565 لسنة 81 ق جلسة 7 / 10 / 2012 مكتب فني 63 ق 75 ص 433

جلسة 7 من أكتوبر سنة 2012

برئاسة السيد المستشار/ سمير مصطفى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجي عبد العظيم، سعيد فنجري، صفوت أحمد عبد المجيد وسيد حامد نواب رئيس المحكمة.

------------------

(75)
الطعن رقم 1565 لسنة 81 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب. ميعاده" "أسباب الطعن. ما يقبل منها". قوة قاهرة.
انقطاع العمل بالمحكمة نتيجة الأحداث المواكبة لثورة 25 يناير سنة 2011. عذر قهري. يحول بين الطاعنين وتقديم الأسباب في الميعاد. مبادرتهما بتقديمها فور زوال المانع مستوفاة لشرائطها القانونية. أثره: قبول الطعن شكلاً.
(2) إعدام. نيابة عامة. محكمة النقض "سلطتها".
قبول عرض النيابة العامة لقضايا الإعدام ولو تجاوزت الميعاد المقرر في القانون. اتصال محكمة النقض بالدعوى الصادر فيها حكم بالإعدام بمجرد عرضها عليها. دون أن تتقيد بالرأي الذي انتهت إليه النيابة في عرضها.
(3) أسباب الإباحة وموانع العقاب "موانع العقاب" "الغيبوبة الناشئة عن فقدان الشعور". جريمة "أركانها". دفوع "الدفع بانعدام المسئولية الجنائية". موانع المسئولية. قانون "تطبيقه". عقوبة "تطبيقها".
الاضطراب النفسي الذي يفقد المتهم الإدراك أو الاختيار من موانع المسئولية. المادة 62 عقوبات المستبدلة بالقانون رقم 71 لسنة 2009 بإصدار قانون رعاية المريض النفسي وتعديل بعض أحكام قانوني العقوبات والإجراءات الجنائية.
دفاع الطاعن بأنه كان في حالة اضطراب نفسي وقت ارتكاب الجريمة. جوهري. لو صح امتنع عقاب المتهم. رفض المحكمة الدفع استناداً للمادة 62 عقوبات قبل التعديل. خطأ في تطبيق القانون.
مثال غير سائغ للرد على الدفع بانتفاء مسئولية المتهم لإصابته بمرض نفسي.
(4) إثبات "خبرة". دفوع "الدفع بانعدام المسئولية الجنائية". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الحالة العقلية".
تقدير حالة المتهم العقلية والنفسية. لمحكمة الموضوع بعد الاستعانة بأهل الخبرة.
اطراح الحكم طلب الطاعن بفحص حالته العقلية بمعرفة المختص فنياً بما لا يسوغ. قصور. أثره؟
مثال لتسبيب معيب للرد على طلب الطاعن العرض على مستشفى الأمراض النفسية والعصبية.
(5) إثبات "اعتراف". دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
الدفع ببطلان الاعتراف تحت تأثير السكر. جوهري. على المحكمة مناقشته والرد عليه.
الاعتراف. وجوب صدوره عن إرادة مميزة وحرة. ثبوت معاناة المتهم من نوبة جنون أو كونه سكراناً. أثره. لا قيمة لاعترافه. تقدير انتفاء التمييز وما يترتب عليه من إهدار قيمة الاعتراف. موضوعي.
تعويل الحكم على اعتراف الطاعن وقصوره في الرد على الدفع ببطلان الاعتراف وعدم تحقيق المحكمة دفاعه أو الاستعانة برأي فني. قصور وإخلال بحق الدفاع.
مثال.
(6) إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". إجراءات "إجراءات المحاكمة". بطلان. نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون" "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
وجوب بناء الأحكام الجنائية على المرافعة التي تحصل أمام ذات القاضي الذي أصدر الحكم وعلى التحقيق الشفوي الذي يجريه بنفسه. علة ذلك؟
عدم جواز الافتئات على الأصل المقرر بالمادة 289 إجراءات. علة واستثناء ذلك؟
مثال لتسبيب معيب للرد على طلب دفاع الطاعن أصلياً البراءة واحتياطياً إعادة سماع شهود الإثبات لتغيير الهيئة.
(7) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
طلب الدفاع أصلياً البراءة واحتياطياً سماع شهود الإثبات أمام الهيئة الجديدة. اعتباره طلباً جازماً. التزام المحكمة بإجابته ما لم تنته إلى البراءة. تبرير رفض سماع الشهود لسبق سماعهم أمام هيئة سابقة. غير سائغ. علة ذلك؟
رفض المحكمة طلب سماع شهود الإثبات بما لا يسوغ. إخلال بحق الدفاع. أثره؟
(8) نقض "أثر الطعن". 
وحدة الواقعة وحسن سير العدالة. يوجبان امتداد أثر نقض الحكم للطاعن الثاني.
-----------------
1- لما كان الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ الثامن من ديسمبر سنة 2010 بالإعدام شنقاً، ومصادرة السلاح والذخيرة، فقرر المحكوم عليهما بالطعن عليه في الميعاد، إلا أنهما لم يُقدما أسباباً لطعنهما، إلا بتاريخ السابع من فبراير سنة 2011، بعد فوات الميعاد المنصوص عليه في المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الثابت من ملف الطعن أنه قام عذر هو انقطاع العمل بالمحكمة - حسب الشهادة المُقدمة - نتيجة الأحداث المواكبة لثورة 25 يناير سنة 2011 حال دون تقديم الأسباب في الميعاد، وبادر الطاعنان بتقديمها فور زوال المانع موقعاً عليها من محام مقبول أمام محكمة النقض، فإن طعنهما يكون مقبول شكلاً.
2- لما كانت النيابة العامة وإن عرضت القضية على محكمة النقض بمذكرة دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يُستدل منه على أنه روعي في عرضها الميعاد المُقرر بالمادة 34 سالفة الذكر، إلا أن تجاوز هذا الميعاد وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتستبين من نفسها – دون أن تتقيد بالرأي الذي انتهت إليه النيابة في عرضها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب ويستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد أو بعد فواته، ومن ثم يتعين قبوله.
3- لما كان الحكم حصل دفع الطاعن الأول بانتفاء مسئوليته لإصابته بمرض نفسي وقت اقتراف الجريمة ورد عليه في قوله: "وحيث إنه عن الدفع بعدم مسئولية المتهم الأول عن أفعاله لإصابته بحالة ذهول متقطع واكتئاب وجداني ..... فمردود بأن من المقرر أن تقدير حالة المتهم العقلية هي من الأمور التي تستقل بها هذه المحكمة وهي غير مُلزمة بالالتجاء إلى أهل الخبرة في هذا الشأن ما دامت قد وضحت لديها الدعوى، وكان المرض العقلي الذي يوصف بأنه جنون أو عاهة عقلية وتنعدم به المسئولية قانوناً على مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات هو المرض الذي من شأنه أن يُعدم الشعور والإدراك أما سائر الأحوال النفسية التي تفقد الشخص شعوره وإدراكه لا تعد سبباً لانعدام المسئولية" رد الحكم على طلب الدفاع بعرض المتهم على مستشفى الأمراض النفسية والعصبية بقوله: "إن اعتراف المتهم يتفق وماديات الدعوى، وأن مسلكه قبل وأثناء المحاكمة يدل على سلامة قواه العقلية، فضلاً على أنه لم يقدم شهادة طبية دالة على المرض". لما كان ذلك، وكان قد صدر القانون رقم 71 لسنة 2009 بإصدار قانون رعاية المريض النفسي وتعديل بعض أحكام قانوني العقوبات والإجراءات الجنائية ونُشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 14 من مايو سنة 2009، والذي استبدل بنص المادة 62 من قانون العقوبات النص الآتي: "لا يُسأل جنائياً الشخص الذي يُعاني وقت ارتكاب الجريمة من اضطراب نفسي أو عقلي أفقده الإدراك أو الاختيار أو الذي يعاني من غيبوبة ناشئة عن عقاقير مخدرة أياً كان نوعها إذا أخذها قهراً عنه أو على غير علم منه، ويظل مسئولاً جنائياً الشخص الذي يُعاني وقت ارتكاب الجريمة من اضطراب نفسي أو عقلي أدى إلى إنقاص إدراكه أو اختياره، وتأخذ المحكمة في اعتبارها هذا الظرف عند تحديد مدة العقوبة"، ومن ثم فإن القانون رقم 71 لسنة 2009 سالف البيان - والذي أضاف إلى موانع المسئولية "الاضطراب النفسي للمتهم" إذا أفقده الاختيار أو الإدراك - هو الساري وقت اقتراف المتهم للواقعة. لما كان ذلك، فإن دفاع الطاعن بأنه كان في حالة اضطراب نفسي وقت الجريمة يكون دفاعاً جوهرياً في خصوص هذه الدعوى، إذا صح امتنع عقابه عن الفعل المسند إليه، وإذ أسست المحكمة قضاءها برفض هذا الدفع على سريان المادة 62 عقوبات - غير المنطبقة على الواقعة - فإن حكمها يكون قد تعيب بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في البيان.
4- من المقرر أن تقدير حالة المتهم العقلية والنفسية، إن كانت في الأصل من المسائل الموضوعية التي تختص محكمة الموضوع بالفصل فيها، إلا إنه كان يتعين عليها ليكون قضاؤها سليماً أن تُعين خبيراً للبت في هذه الحالة وجوداً وعدماً، لما يترتب عليها من قيام أو امتناع عقاب المتهم، فإن لم تفعل كان عليها أن تورد في القليل أسباباً سائغة تبني عليها قضاءها برفض هذا الطلب، وذلك إذا ما رأت من ظروف الحال ووقائع الدعوى وحالة المتهم أن قواه العقلية والنفسية سليمة، ولما كان ما تساند إليه الحكم في تبرير رفض طلب الطاعن إلى طلبه فحص حالته العقلية بمعرفة المختص فنياً، لا يُسوغ ما انتهى إليه في هذا الشأن، ذلك أنه لا يصح أن تُقيم قضاءها على مجرد قول مرسل، بغير دليل تستند إليه، إذ إن عدم تقديم الطاعن لشهادة طبية تفيد مرضه، واعترافه، وموقفه أثناء المحاكمة كل ذلك لا يدل بذاته - في خصوص الدعوى المطروحة - على سلامة الطاعن وقت ارتكاب الجريمة، ومن ثم فإنه كان يتعين على المحكمة حتى يكون حكمها قائماً على أساس سليم أن تُحقق دفاع الطاعن عن طريق المختص فنياً للبت في حالة الطاعن العقلية والنفسية في وقت وقوع الفعل أو ترد عليه بما ينفيه بأسباب سائغة، أما وهي لم تفعل اكتفاءً بما قالته في هذا الشأن فإن الحكم يكون معيباً بالقصور بما يوجب نقضه.
5- لما كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن دفع بأنه كان في حالة سكر في الوقت الذي صدر فيه اعترافه لتناوله والطاعن الثاني حبوباً مخدرة مع المجني عليه، وقد جاء بتقرير الصفة التشريحية للأخير أنه عُثر بالعينات الحشوية للمجني عليه ودمائه على عقار الديازيبام أحد مشتقات البنزوديازيبين واقتصر الحكم في الرد على هذا الدفع على قوله: "لما كان المتهمان قد ضبطا في اليوم التالي لارتكابهما الواقعة الأمر الذي يكون معه قد زال آثار المخدر المقول بتناوله ويكون الاعتراف قد جاء والمتهمون في حالة وعي كامل، وتأخذ معه المحكمة بهذه الاعتراف الأمر الذي يكون معه الدفع على غير سند جدير بالرفض". لما كان ذلك، وكان يتعين أن يكون الاعتراف صادراً عن إرادة مميزة وحرة، فإذا ثبت أن المتهم كان يُعاني من نوبة جنون أو كان سكراناً فلا قيمة لاعترافه، وقاضي الموضوع هو المنوط بالقول بانتفاء التمييز وما يترتب عليه من إهدار قيمة الاعتراف، وكان الحكم على الرغم أنه عول على اعتراف الطاعن في إدانته إلا أنه اقتصر في الرد على هذا الدفع على مطلق القول بأن الاعتراف في اليوم التالي لتناول المخدر، ومن ثم فإنه قد زال أثر تناول المخدر دون أن تحقق المحكمة هذا الدفاع أو تستعين برأي فني لبيان حقيقة تناول الطاعن للمخدر، ونوعه، ومدى تأثيره على إدراك الطاعن وتمييزه وصولاً إلى توافر حالة السكر من عدمه ودرجتها، ومدى تأثيرها على الاعتراف أما وهي لم تفعل فإن حكمها يكون معيباً بالقصور، فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع.
6- لما كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن دفاع الطاعن طلب في ختام مرافعته أصلياً البراءة واحتياطياً إعادة سماع شهود الإثبات لتغير الهيئة وقد عرض الحكم لهذا الطلب ورد عليه في قوله "وحيث إنه عن طلبات الحاضر عن المتهم الأول، فإن المحكمة لا ترى موجباً لإجابته لتلك الطلبات سيما وأنه بهيئة سابقة قد سمعت شهود الإثبات ..... ومن ثم ترى أن تلك الطلبات ما هي إلا تعطيل الفصل في الدعوى من جانب محامي المتهم الأول فلا يسعها إلا أن ترفض تلك الطلبات لأنها غير منتجة في الدعوى". لما كان ذلك، وكان الأصل في الأحكام الجنائية أن تبنى على المرافعة التي تحصل أمام ذات القاضي الذي أصدر الحكم، وعلى التحقيق الشفوي الذي أجراه بنفسه إذ إن أساس المحاكمة هي حرية القاضي في تكوين عقيدته من التحقيق الشفوي الذي يجريه ويسمع فيه الشهود ما دام سماعهم ممكناً، محصلاً هذه العقيدة من الثقة التي تُوحي بها أقوال الشاهد أو لا تُوحي، ومن التأثير الذي تُحدثه هذه الأقوال في نفسه وهو ينصت إليها، بما ينبني عليه أن على المحكمة التي فصلت في الدعوى أن تسمع الشاهد ما دام سماعه ممكناً، ولم يتنازل المتهم أو المدافع عنه عن ذلك صراحة أو ضمناً، لأن التفرس في حالة الشاهد النفسية وقت أداء الشهادة، واستقامته، وصراحته، أو مراوغته واضطرابه هي من الأمور التي تُعين القاضي على تقدير أقواله حق قدرها، وكان لا يجوز الافتئات على هذا الأصل المقرر بالمادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية الواجبة الإتباع أمام محاكم الجنايات عملاً بالمادة 381 من القانون ذاته، والذي افترضه الشارع في قواعد المحاكمة لأية علة مهما كانت، إلا إذا تعذر سماع الشاهد لأي سبب من الأسباب أو قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً، فإذا لم تفعل، تُوجب عليها أن تُبرر سبب عدم سماعه بأسباب سائغة.
7- لما كان طلب الدفاع في ختام مرافعته أصلياً الحكم بالبراءة واحتياطياً استدعاء شهود الإثبات لمناقشتهم أمام الهيئة الجديدة التي فصلت في الدعوى يعد طلباً جازماً تلتزم المحكمة بإجابته متى كانت لم تنته إلى القضاء بالبراءة، وكانت المحكمة قد بررت رفض الاستجابة لهذا الطلب بسبق سماع الشهود أمام هيئة سابقة وقيام الدفاع بمناقشتهم. فإن ذلك لا يُسوغ لرفضها إجابة الطلب المذكور، لما هو مقرر من أن حق الدفاع الذي يتمتع به المتهم يُخوله إبداء ما يعن له من طلبات التحقيق، ما دام باب المرافعة مازال مفتوحاً - وهو الحال في هذه الدعوى - وإن التحقيقات التي جرت في جلسة سابقة بمعرفة هيئة أخرى لا تخرج عن كونها من عناصر الدعوى المعروضة على المحكمة، شأنها في ذلك شأن محاضر التحقيق الأولية. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد رفضت طلب سماع شهود الإثبات بما لا يسوغه فإن حكمها يكون مشوباً بالإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه.
8- من المقرر أن نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة للطاعن الأول يوجب طعنه للطاعن الثاني لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة، وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه طعن الأول وأوجه طعن الثاني.

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: 1- قتلا ..... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتا النية وعقدا العزم على قتله وأعدا لذلك سلاحاً أبيض "بلطة" وآخر ناري "فرد خرطوش" وأدوات "حبال" واستدرجاه إلى بقعة نائية، حيث أوثقاه وهدداه بالسلاح الناري ثم انهالا عليه ضرباً بالسلاح الأبيض المذكور وأضرما النيران فيه فأحدثا به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته، وقد اقترنت هذه الجناية بثلاث جنايات أخريات سبقتها، أولهن: أنهما في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر سرقا المبلغ المالي المبين مقداره بالتحقيقات والمملوك للمجني عليه وكان ذلك ليلاً حال حملهما لأسلحة ظاهرة، وثانيهن: أنهما في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر هتكا عرض المجني عليه بالقوة وتحت وطأة تهديد السلاح بأن قام ثانيهما بحسر ملابسه عنه وحك قضيبه في دبره حال كون الأول على مسرح الجريمة يشد من أزره، وثالثهن: أنهما في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر وضعا النار عمداً بمكان معد للسكنى هو عشة خفراء مملوكة لمديرية الزراعة بكفر الشيخ بأن أشعلا النار في مكوناتها من أخشاب وقش باستخدام مصدر حراري ذي لهب مكشوف "قداحة" فحدث الحريق المبين آثاره بالتحقيقات والذي أودي بحياة المجني عليه. 2- حازا بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن "فرد خرطوش صناعة محلية". 3- حازا ذخائر "عدد اثنين طلقة" مما تستعمل على السلاح الناري موضوع الوصف السابق دون أن يكون مرخص لهما في حيازتها. 4- حازا بغير ترخيص أو مسوغ من ضرورة حرفية أو مهنية سلاحاً أبيض "بلطة". وأحالتهما إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى ورثة المجني عليه مدنياً قبل المتهمين بمبلغ ..... على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قررت بجلسة ..... بإحالة أوراق الدعوى لفضيلة المفتي لإبداء الرأي فيما نسب للمتهمين، وحددت جلسة ..... للنطق بالحكم وفيها قررت المحكمة مد أجل الحكم لجلسة ..... وبتلك الجلسة قضت المحكمة المذكورة حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمواد 230، 231، 234/ 2، 252/ 1، 257، 268/ 1، 316 من قانون العقوبات، والمواد 1/ 1، 6، 25 مكرر/ 1، 26/ 1، 5، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 والبند رقم "7" من الجدول رقم (1) والجدول رقم (2) الملحق بالقانون الأول، وتطبيق المادة 32 من قانون العقوبات، بمعاقبتهما بالإعدام شنقاً ومصادرة السلاح الناري المضبوط والذخيرة والسلاح الأبيض وإحالة الدعوى المدنية على المحكمة المدنية المختصة.
وعرضت النيابة العامة القضية بمذكرة مشفوعة بالرأي.
وطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.

المحكمة

من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ الثامن من ديسمبر سنة 2010 بالإعدام شنقاً، ومصادرة السلاح والذخيرة، فقرر المحكوم عليهما بالطعن عليه في الميعاد، إلا أنهما لم يُقدما أسباباً لطعنهما، إلا بتاريخ السابع من فبراير سنة 2011، بعد فوات الميعاد المنصوص عليه في المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959، في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الثابت من ملف الطعن أنه قام عذر هو انقطاع العمل بالمحكمة - حسب الشهادة المُقدمة - نتيجة الأحداث المواكبة لثورة 25 يناير سنة 2011، حال دون تقديم الأسباب في الميعاد، وبادر الطاعنان بتقديمها فور زوال المانع موقعاً عليها من محام مقبول أمام محكمة النقض، فإن طعنهما يكون مقبول شكلاً.
ومن حيث إن النيابة العامة، وإن عرضت القضية على محكمة النقض بمذكرة دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يُستدل منه على أنه روعي في عرضها الميعاد المُقرر بالمادة 34 سالفة الذكر، إلا أن تجاوز هذا الميعاد، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتستبين من نفسها - دون أن تتقيد بالرأي الذي انتهت إليه النيابة في عرضها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب ويستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد أو بعد فواته، ومن ثم يتعين قبوله.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن الأول على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه والطاعن الثاني بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار المقترنة بجرائم السرقة ليلاً مع التعدد وحمل السلاح، وهتك العرض بالقوة والحريق العمد، كما دانهما بجرائم إحراز سلاح ناري وذخائر بغير ترخيص وإحراز سلاح أبيض بغير مقتض قد شابه الخطأ في تطبيق القانون، والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن رد بما لا يصلح على دفعه، بانتفاء مسئوليته الجنائية لإصابته بمرض نفسي وقت ارتكابه ما نسب إليه من جرائم، وعلى دفاعه بطلب عرضه على أهل الخبرة لفحص حالته العقلية وتحديد مسئوليته عن الجريمة، وعلى الدفع ببطلان اعترافه لكونه كان في حال سكر أفقده شعوره وإدراكه، لتناوله حبوب مخدرة مع الطاعن الثاني والمجني عليه، بدلالة ما كشف عنه تقرير الصفة التشريحية للأخير من العثور بعينة الدماء على عقار الديازيبام أحد مشتقات البنزوديازيبين، والتفتت المحكمة عن طلب إعادة سماع شهود الإثبات، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن سرد واقعات الدعوى ومضمون الأدلة التي استند إليها في قضائه ومن بينها اعتراف الطاعن الأول بتحقيقات النيابة، حصل دفع الطاعن الأول بانتفاء مسئوليته لإصابته بمرض نفسي وقت اقتراف الجريمة ورد عليه في قوله: "وحيث إنه عن الدفع بعدم مسئولية المتهم الأول عن أفعاله لإصابته بحالة ذهول متقطع واكتئاب وجداني ..... فمردود بأن من المقرر أن تقدير حالة المتهم العقلية هي من الأمور التي تستقل بها هذه المحكمة وهي غير مُلزمة بالالتجاء إلى أهل الخبرة في هذا الشأن ما دامت قد وضحت لديها الدعوى، وكان المرض العقلي الذي يوصف بأنه جنون أو عاهة عقلية وتنعدم به المسئولية قانوناً على مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات هو المرض الذي من شأنه أن يُعدم الشعور والإدراك أما سائر الأحوال النفسية التي تفقد الشخص شعوره وإدراكه لا تعد سبباً لانعدام المسئولية" رد الحكم على طلب الدفاع بعرض المتهم على مستشفى الأمراض النفسية والعصبية بقوله: "إن اعتراف المتهم يتفق وماديات الدعوى، وأن مسلكه قبل وأثناء المحاكمة يدل على سلامة قواه العقلية، فضلاً على أنه لم يقدم شهادة طبية دالة على المرض". لما كان ذلك، وكان قد صدر القانون رقم 71 لسنة 2009 بإصدار قانون رعاية المريض النفسي وتعديل بعض أحكام قانوني العقوبات والإجراءات الجنائية ونُشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 14 من مايو سنة 2009، والذي استبدل بنص المادة 62 من قانون العقوبات النص الآتي: "لا يُسأل جنائياً الشخص الذي يُعاني وقت ارتكاب الجريمة من اضطراب نفسي أو عقلي أفقده الإدراك أو الاختيار أو الذي يعاني من غيبوبة ناشئة عن عقاقير مخدرة أيا كان نوعها إذا أخذها قهراً عنه أو على غير علم منه، ويظل مسئولاً جنائياً الشخص الذي يُعاني وقت ارتكاب الجريمة من اضطراب نفسي أو عقلي أدى إلى إنقاص إدراكه أو اختياره، وتأخذ المحكمة في اعتبارها هذا الظرف عند تحديد مدة العقوبة"، ومن ثم فإن القانون رقم 71 لسنة 2009 سالف البيان - والذي أضاف إلى موانع المسئولية "الاضطراب النفسي للمتهم" إذا أفقده الاختيار أو الإدراك - هو الساري وقت اقتراف المتهم للواقعة. لما كان ذلك فإن دفاع الطاعن بأنه كان في حالة اضطراب نفسي وقت الجريمة يكون دفاعاً جوهرياً في خصوص هذه الدعوى، إذا صح امتنع عقابه عن الفعل المسند إليه، وإذ أسست المحكمة قضاءها برفض هذا الدفع على سريان المادة 62 عقوبات - غير المنطبقة على الواقعة - فإن حكمها يكون قد تعيب بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في البيان. لما كان ذلك، وكان تقدير حالة المتهم العقلية والنفسية، إن كانت في الأصل من المسائل الموضوعية التي تختص محكمة الموضوع بالفصل فيها، إلا إنه كان يتعين عليها ليكون قضائها سليماً أن تُعين خبيراً للبت في هذه الحالة، وجوداً وعدماً، لما يترتب عليها من قيام أو امتناع عقاب المتهم، فإن لم تفعل كان عليها أن تورد في القليل أسباباً سائغة تبني عليها قضاءها برفض هذا الطلب، وذلك إذا ما رأت من ظروف الحال ووقائع الدعوى وحالة المتهم، أن قواه العقلية والنفسية سليمة، ولما كان ما تساند إليه الحكم في تبرير رفض طلب الطاعن إلى طلبه فحص حالته العقلية بمعرفة المختص فنياً، لا يُسوغ ما انتهى إليه في هذا الشأن، ذلك أنه لا يصح أن تُقيم قضاءها على مجرد قول مرسل، بغير دليل تستند إليه، إذ إن عدم تقديم الطاعن لشهادة طبية تفيد مرضه، واعترافه، وموقفه أثناء المحاكمة كل ذلك لا يدل بذاته - في خصوص الدعوى المطروحة - على سلامة الطاعن وقت ارتكاب الجريمة، ومن ثم فإنه كان يتعين على المحكمة حتى يكون حكمها قائماً على أساس سليم أن تُحقق دفاع الطاعن عن طريق المختص فنياً للبت في حالة الطاعن العقلية والنفسية في وقت وقوع الفعل أو ترد عليه بما ينفيه بأسباب سائغة، أما وهي لم تفعل اكتفاءً بما قالته في هذا الشأن فإن الحكم يكون معيباً بالقصور بما يوجب نقضه. لما كان ذلك، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن دفع بأنه كان في حالة سكر في الوقت الذي صدر فيه اعترافه لتناوله والطاعن الثاني حبوباً مخدرة مع المجني عليه، وقد جاء بتقرير الصفة التشريحية للأخير أنه عُثر بالعينات الحشوية للمجني عليه ودمائه على عقار الديازيبام أحد مشتقات البنزوديازيبين واقتصر الحكم في الرد على هذا الدفع على قوله: "لما كان المتهمان قد ضبطا في اليوم التالي لارتكابهما الواقعة الأمر الذي يكون معه قد زال آثار المخدر المقول بتناوله ويكون الاعتراف قد جاء والمتهمون في حالة وعي كامل، وتأخذ معه المحكمة بهذه الاعتراف الأمر الذي يكون معه الدفع على غير سند جدير بالرفض". لما كان ذلك، وكان يتعين أن يكون الاعتراف صادراً عن إرادة مميزة وحرة، فإذا ثبت أن المتهم كان يُعاني من نوبة جنون أو كان سكراناً فلا قيمة لاعترافه، وقاضي الموضوع هو المنوط بالقول بانتفاء التمييز وما يترتب عليه من إهدار قيمة الاعتراف، وكان الحكم على الرغم أنه عول على اعتراف الطاعن في إدانته إلا أنه اقتصر في الرد على هذا الدفع على مطلق القول بأن الاعتراف في اليوم التالي لتناول المخدر، ومن ثم فإنه قد زال أثر تناول المخدر دون أن تحقق المحكمة هذا الدفاع أو تستعين برأي فني لبيان حقيقة تناول الطاعن للمخدر، ونوعه، ومدى تأثيره على إدراك الطاعن وتمييزه وصولاً إلى توافر حالة السكر من عدمه ودرجتها، ومدى تأثيرها على الاعتراف أما وهي لم تفعل فإن حكمها يكون معيباً بالقصور، فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع. لما كان ذلك، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن دفاع الطاعن طلب في ختام مرافعته أصلياً البراءة واحتياطياً إعادة سماع شهود الإثبات لتغير الهيئة وقد عرض الحكم لهذا الطلب ورد عليه في قوله "وحيث إنه عن طلبات الحاضر عن المتهم الأول، فإن المحكمة لا ترى موجباً لإجابته لتلك الطلبات سيما وأنه بهيئة سابقة قد سمعت شهود الإثبات .. ومن ثم ترى أن تلك الطلبات ما هي إلا تعطيل الفصل في الدعوى من جانب محامي المتهم الأول فلا يسعها إلا أن ترفض تلك الطلبات لأنها غير منتجة في الدعوى". لما كان ذلك، وكان الأصل في الأحكام الجنائية أن تبنى على المرافعة التي تحصل أمام ذات القاضي الذي أصدر الحكم، وعلى التحقيق الشفوي الذي أجراه بنفسه إذ إن أساس المحاكمة هي حرية القاضي في تكوين عقيدته من التحقيق الشفوي الذي يجريه ويسمع فيه الشهود ما دام سماعهم ممكناً، محصلاً هذه العقيدة من الثقة التي تُوحي بها أقوال الشاهد أو لا تُوحي، ومن التأثير الذي تُحدثه هذه الأقوال في نفسه وهو ينصت إليها، بما ينبنى عليه أن على المحكمة التي فصلت في الدعوى أن تسمع الشاهد ما دام سماعه ممكناً، ولم يتنازل المتهم أو المدافع عنه عن ذلك صراحة أو ضمناً، لأن التفرس في حالة الشاهد النفسية وقت أداء الشهادة، واستقامته، وصراحته، أو مراوغته واضطرابه هي من الأمور التي تُعين القاضي على تقدير أقواله حق قدرها، وكان لا يجوز الافتئات على هذا الأصل المقرر بالمادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية الواجبة الإتباع أمام محاكم الجنايات عملاً بالمادة 381 من القانون ذاته، والذي افترضه الشارع في قواعد المحاكمة لأية علة مهما كانت، إلا إذا تعذر سماع الشاهد لأي سبب من الأسباب أو قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً، فإذا لم تفعل، تُوجب عليها أن تُبرر سبب عدم سماعه بأسباب سائغة. لما كان ذلك، وكان طلب الدفاع في ختام مرافعته أصلياً الحكم بالبراءة واحتياطياً استدعاء شهود الإثبات لمناقشتهم أمام الهيئة الجديدة التي فصلت في الدعوى يعد طلباً جازماً تلتزم المحكمة بإجابته متى كانت لم تنته إلى القضاء بالبراءة، وكانت المحكمة قد بررت رفض الاستجابة لهذا الطلب بسبق سماع الشهود أمام هيئة سابقة وقيام الدفاع بمناقشتهم. فإن ذلك لا يُسوغ لرفضها إجابة الطلب المذكور، لما هو مقرر من أن حق الدفاع الذي يتمتع به المتهم يُخوله إبداء ما يعن له من طلبات التحقيق، ما دام باب المرافعة ما زال مفتوحاً - وهو الحال في هذه الدعوى - وإن التحقيقات التي جرت في جلسة سابقة بمعرفة هيئة أخرى لا تخرج عن كونها من عناصر الدعوى المعروضة على المحكمة، شأنها في ذلك شأن محاضر التحقيق الأولية. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد رفضت طلب سماع شهود الإثبات بما لا يسوغه فإن حكمها يكون مشوباً بالإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة للطاعن الأول وللطاعن الثاني لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة، وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه طعن الأول وأوجه طعن الثاني.

الطعن 3839 لسنة 81 ق جلسة 3 / 10 / 2012 مكتب فني 63 ق 74 ص 430

جلسة 3 من أكتوبر سنة 2012

برئاسة السيد المستشار/ حسين الجيزاوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فؤاد حسن، سمير سامي، طارق بهنساوي نواب رئيس المحكمة وعادل غازي.

-----------------

(74)
الطعن رقم 3839 لسنة 81 القضائية

بطلان. حكم "وضعه والتوقيع عليه وإصداره" "بطلانه". محضر الجلسة.
عبارة المحكمة التي أصدرت الحكم والقضاة الذين اشتركوا في الحكم. مفادها: القضاة الذين فصلوا في الدعوى. أساس ذلك؟
إثبات الحكم صدوره من هيئة اشترك فيها أحد المستشارين رغم خلو محضر الجلسة من اسمه في الهيئة التي سمعت المرافعة ونطقت بالحكم وإثبات اسم مستشار آخر غيره. يبطله. أثر ذلك؟

-----------------
لما كان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن هيئة المحكمة التي سمعت المرافعة وأصدرت الحكم المطعون فيه كانت مشكلة برئاسة المستشار .....، وعضوية المستشارين .....، ..... وجاء بصدر الحكم المطعون فيه أنه صدر من هيئة مشكلة برئاسة .....، وعضوية المستشارين .....، ...... لما كان ذلك، وكانت المادة 167 من قانون المرافعات المدنية والتجارية قد نصت على أنه "لا يجوز أن يشترك في المداولة غير القضاة الذين سمعوا المرافعة وإلا كان الحكم باطلاً" كما تنص المادة 169 على أن "تصدر الأحكام بأغلبية الآراء ....." وتنص المادة 170 على أنه "يجب أن يحضر القضاة الذين اشتركوا في المداولة تلاوة الحكم" كما توجب المادة 178 فيما توجبه بيان المحكمة التي أصدرته ..... وأسماء القضاة الذين سمعوا المرافعة واشتركوا في الحكم وحضروا تلاوته" وكان البين من استقراء الثلاثة نصوص الأخيرة وورودها في فصل "إصدار الأحكام" أن عبارة المحكمة التي أصدرته والقضاة اللذين اشتركوا في الحكم إنما تعني القضاة الذين فصلوا في الدعوى لا القضاة اللذين حضروا فحسب تلاوة الحكم. فإن الحكم المطعون فيه إذ جاء به أنه صدر من هيئة اشترك فيها المستشار ..... بينما ورد بمحضر جلسة المحاكمة أن الهيئة التي سمعت المرافعة ونطقت بالحكم لم يكن من بين أعضائها هذا المستشار وإنما اشترك فيها المستشار ..... يكون قد ران عليه غموض يبطله ويوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز وحاز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "حشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات ..... لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 38، 42/ 1 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين 61 لسنة 1977، 122 لسنة 1989 والبند رقم 56 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول المعدل بمعاقبة ..... بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات وبتغريمه بمبلغ خمسين ألف جنيه وبمصادرة المخدر والسيارة المضبوطين باعتبار أن الإحراز والحيازة بغير قصد من القصود المسماة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز وحيازة جوهر مخدر "حشيش" بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد شابه البطلان لصدوره من غير الهيئة التي سمعت المرافعة في الدعوى مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن هيئة المحكمة التي سمعت المرافعة وأصدرت الحكم المطعون فيه كانت مشكلة برئاسة المستشار .....، وعضوية المستشارين .....، ..... وجاء بصدر الحكم المطعون فيه أنه صدر من هيئة مشكلة برئاسة .....، وعضوية المستشارين .......، ........ لما كان ذلك، وكانت المادة 167 من قانون المرافعات المدنية والتجارية قد نصت على أنه "لا يجوز أن يشترك في المداولة غير القضاة الذين سمعوا المرافعة وإلا كان الحكم باطلاً" كما تنص المادة 169 على أن "تصدر الأحكام بأغلبية الآراء ....." وتنص المادة 170 على أنه "يجب أن يحضر القضاة الذين اشتركوا في المداولة تلاوة الحكم" كما توجب المادة 178 فيما توجبه بيان المحكمة التي أصدرته ..... وأسماء القضاة الذين سمعوا المرافعة واشتركوا في الحكم وحضروا تلاوته" وكان البين من استقراء الثلاثة نصوص الأخيرة وورودها في فصل "إصدار الأحكام" أن عبارة المحكمة التي أصدرته والقضاة اللذين اشتركوا في الحكم إنما تعني القضاة الذين فصلوا في الدعوى لا القضاة الذين حضروا فحسب تلاوة الحكم. فإن الحكم المطعون فيه إذ جاء به أنه صدر من هيئة اشترك فيها المستشار ..... بينما ورد بمحضر جلسة المحاكمة أن الهيئة التي سمعت المرافعة ونطقت بالحكم لم يكن من بين أعضائها هذا المستشار وإنما اشترك فيها المستشار ..... يكون قد ران عليه غموض يبطله ويوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 2971 لسنة 82 ق جلسة 2 / 10 / 2012 مكتب فني 63 ق 73 ص 422

جلسة 2 من أكتوبر سنة 2012

برئاسة السيد المستشار/ بهيج القصبجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد سامي إبراهيم، عابد راشد، هادي عبد الرحمن وأحمد محمود شلتوت نواب رئيس المحكمة.

-------------

(73)
الطعن رقم 2971 لسنة 82 القضائية

(1) تسهيل استيلاء على أموال أميرية. تزوير "أوراق رسمية". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
إيراد الحكم صورتين متعارضتين لواقعة الدعوى على نحو يكشف عن اختلال فكرته عن عناصر الواقعة. يعيبه بالتناقض والتخاذل.
مثال لاستخلاص متعارض لصورة الواقعة في جريمة تسهيل استيلاء على مال عام مرتبطة بالتزوير في محررات رسمية.
(2) تسهيل استيلاء على أموال أميرية. استيلاء على أموال أميرية. جريمة "أركانها". تزوير "أوراق رسمية". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب" "بيانات حكم الإدانة". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
حكم الإدانة. بياناته؟ المادة 310 إجراءات.
المقصود بعبارة بيان الواقعة؟
جناية الاستيلاء بغير حق على مال عام مما نص عليه في المادة 113 عقوبات. مناط تحققها؟
تحقق جريمة التزوير في أوراق رسمية أو الاشتراك فيها. شرطه؟
شروط صحة الحكم بالإدانة في جرائم الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على مال عام والتزوير في محررات رسمية؟
مثال لتسبيب معيب لإدانة الطاعن في جريمتي تسهيل الاستيلاء على مال عام والتزوير في محررات رسمية.
---------------
1- لما كان الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى - في صدر أسبابه بقوله: "أن العميل ..... قد أودع مبلغ ..... لدى المتهم بصفته ..... وذلك في تاريخ ..... ولم يتم توريدها إلى خزينة البنك بل قام المتهم في تاريخ ..... بفتح حساب توفير باسم ذلك العميل وأودع فيه مبلغ ..... وقام بعمل كارتة مزورة أثبت فيها مبالغ تعادل المبلغ المستولى عليه من قبله وكان ذلك بالاشتراك مع المتهم الثاني الذي وقع على إيصال الصرف رقم ..... بتاريخ ..... بمبلغ ..... والتي قام العميل المذكور بصرفها من خزينة البنك ودون في هذا الإيصال على خلاف الحقيقة أن رصيد العميل ما زال دائناً بمبلغ ..... ووقع على ظهر الإيصال بما يفيد قيده بدفتر الكنترول حال أن الثابت بدفتر الكنترول بعد الصرف الأخير أن الرصيد (صفر) ثم قام العميل بتاريخ ...... بصرف مبلغ ..... كما قام المتهم بالاستيلاء على مبلغ ..... من العميل ..... ووقع المتهم على إيصال الإيداع رقم ..... بتاريخ .... باعتباره الصراف الذي تسلم المبلغ من العميل إلا أنه لم يقم بتوريده لخزينة البنك ثم قام بالتوقيع منفرداً على كشف حساب العميل بالمبلغ المذكور مضافاً إليه الأرباح" ثم عاد الحكم وأورد في موضع آخر "وحيث إنه جماع على ما تقدم فإنه يكون قد ثبت في يقين المحكمة على سبيل القطع واليقين أن المتهم سهل الاستيلاء والتزوير في المحررات الرسمية لأنه في خلال المدة من ..... حتى ..... بصفته .... سهل لـ..... الاستيلاء بغير حق على مبلغ ..... من خزينة البنك سالف الذكر وقد ارتبطت الجناية بجناية تزوير ارتباطاً لا يقبل التجزئة في محررات ذلك البنك حال تحريرها المختص بوظيفته بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علم المتهم الثاني بذلك بأن قام بإصدار دفتر وكارتة التوفير باسم الأخير وأثبتا فيهما على خلاف الحقيقة إيداع المبلغ السابق بقيام المتهم بالاستيلاء عليه وقدره ....." ثم انتهى إلى عقابه بمقتضى المواد 113، 115، 211 من قانون العقوبات التي تجرم أفعال الاستيلاء على المال العام أو تسهيل ذلك والتزوير في المحررات الرسمية والحصول أو محاولة الحصول بدون وجه حق على ربح أو منفعة من عمل من أعمال الوظيفة. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم - على النحو المتقدم - من أن الطاعن اختلس مبلغ ..... تخص العميل ..... ومبلغ ..... جنيه من العميل ..... ثم العودة إلى القول أن ما ثبت لدى المحكمة في حق المتهم هو جريمة تسهيل استيلاء العميل ..... على مبلغ ..... من أموال البنك والتزوير في محررات رسمية، ثم إشارته أخيراً إلى أنه أدان الطاعن عن جريمته بمقتضى نصوص مواد من ضمنها المادة 115 من قانون العقوبات - المتعلقة بحصول الموظف العام أو تسهيله الحصول على ربح أو منفعة من الوظيفة - يدل على اختلال فكرة الحكم عن عناصر الواقعة وعدم استقرارها الاستقرار الذي يجعلها في حكم الوقائع الثابتة الأمر الذي يستحيل معه على محكمة النقض أن تتعرف على أي أساس كونت محكمة الموضوع عقيدتها في الدعوى، فضلاً عما تبين عنه من أن الواقعة لم تكن واضحة لديها بالقدر الذي يؤمن معه خطؤها في تقدير مسئولية الطاعن، ومن ثم يكون حكمها متخاذلاً في أسبابه متناقضاً في بيان الواقعة.
2- من المقرر أن الأحكام الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها حتى يتضح به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها وإلا كان الحكم قاصراً، وكان المقصود من عبارة بيان الواقعة الواردة بالمادة 310 من القانون المذكور هو أن يثبت قاضي الموضوع في حكمه كل الأفعال والمقاصد التي تتكون منها أركان الجريمة, أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم, وكانت جناية الاستيلاء على مال الدولة أو ما في حكمها أو تسهيل ذلك للغير المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات تقتضي وجود المال في ملك الدولة أو ما في حكمها عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة أو تسهيل ذلك للغير, كما أن التزوير في الأوراق الرسمية أو الاشتراك فيه لا يتحقق إلا إذ كان إثبات البيان المزور من اختصاص الموظف العام على مقتضى وظيفته وفي حدود اختصاصه أياً كان سنده من القانون, وكان الحكم المطعون فيه لم يبين بوضوح - سواء في معرض إيراده واقعة الدعوى أو في سرده لأدلة الثبوت - عما إذ كان الطاعن موظفاً عاماً أو ما في حكمه وعما إذا كان مال البنك المستولى عليه مالاً عاماً - خاصة وقد نازع الطاعن في كل ذلك - ولم يبين كيف أن وظيفة الطاعن قد طوعت له تسهيل استيلاء الغير على مال عام بغير حق, ولم يكشف عن أوجه مخالفة الطاعن للأصول المصرفية والتي من شأن عدم إتباعها تمكن العميل ..... من الاستيلاء على مبلغ ..... من أموال البنك, ولم يفصح الحكم عن اختصاص الطاعن كموظف عام في صدد جناية التزوير في الأوراق الرسمية ولم يبين الأدلة الدالة على ذلك بياناً يوضحها ويكشف عن قيامها من واقع الدعوى وظروفها حالة أن الاختصاص الفعلي للموظف ركن في تلك الجناية إذ اكتفى الحكم في ذلك كله بعبارات عامة مجملة ومجهلة لا يبين منها حقيقة مقصود الحكم في شأن الواقع المعروض الذي هو مدار الحكم ولا يتحقق بها الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيبها من الوضوح والبيان فإن الحكم المطعون فيه مع تناقضه جاء قاصراً، الأمر الذي يوجب نقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث باقي وجوه الطعن.

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه وآخر سبق الحكم عليه: أ- المتهم الأول: بصفته موظفاً عاماً اختلس المبالغ النقدية والبالغ قدرها ..... والتي وجدت في حيازته بسبب وظيفته بأن تسلم مبلغ ..... جنيه قيمة أذون تسوية من بعض العملاء لحساب المركز الرئيسي ولم يقم بتوريدها كما تسلم باقي المبالغ من العملاء ..... و..... و..... ولم يقم بإيداعها في أرصدتهم واختلسها لنفسه. ب- المتهم الأول أيضاً: وبصفته السابقة حصل لغيره بدون حق على منفعة من عمل من أعمال وظيفته بأن قام بإصدار خطاب الضمان رقم ..... للعميل ..... دون استيفاء التأمين المقرر. المتهم الأول والآخر سابق الحكم عليه (المتهم الثاني): الأول وبصفته السابقة والثاني بصفته سالف الذكر سهلا لـ..... الاستيلاء بغير حق على مبلغ ..... من خزينة البنك سالف الذكر وقد ارتبطت هذه الجناية بجناية تزوير ارتباطاً لا يقبل التجزئة في محررات ذلك البنك حال تحريرها المختص بوظيفته بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمهما بذلك بأن قاما بإصدار دفتر وكارتة التوفير باسم الأخير وأثبتا فيهما على خلاف الحقيقة إيداع المبلغ السابق قيام المتهم الأول باختلاسه وقدره ..... كما قام المتهم الثاني بالتلاعب في أرصدة حسابات بعض العملاء بدفتر الكنترول بأن أثبت على خلاف الحقيقة أن رصيد العميل ..... مبلغ قدره ........ وأن العميلة ..... قامت بصرف مبلغ ..... بتاريخ ..... ودون البيانات الأخيرة بكارتة توفير العملية ثم قام بإدراج هذه البيانات المزورة في ميزانية حسابات التوفير يوم ..... وذلك بقصد إخفاء الاستيلاء على المبلغ سالف الذكر. وأحالته إلى محكمة جنايات ..... لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بعد أن عدلت الوصف بجعله: أنه بصفته ..... سهل لـ..... الاستيلاء بغير حق على مبلغ ..... من خزينة البنك سالف الذكر وقد ارتبطت هذه الجناية بجناية تزوير ارتباطاً لا يقبل التجزئة في محررات ذلك البنك حال تحريرها المختص بوظيفته بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه والمتهم الثاني بذلك بأن قاما بإصدار دفتر وكارتة التوفير باسم الأخير وأثبتا فيهما على خلاف الحقيقة إيداع المبلغ السابق بقيام المتهم بالاستيلاء عليه وقدره ..... وعملاً بالمواد 113، 211، 5، 115، 118، 118 مكرر، 119/ ز، 119/ هـ بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وإلزامه برد المبلغ المستولى عليه وتغريمه مبلغاً مساوياً لقيمة المبلغ المستولى عليه والنشر في جريدة رسمية على نفقة المحكوم عليه وعزله من وظيفته لمدة ثلاث سنوات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.

المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق على أموال عامة المرتبطة بجريمة التزوير في محررات رسمية قد شابه التناقض والقصور في التسبيب إذ اعتنق أكثر من صورة للواقعة إذ حصل إن الطاعن قد اختلس مبلغ ..... من أموال البنك الذي يعمل مديراً لفرعه ثم عاد وأورد صورة أخرى مجملها أن الطاعن قد سهل استيلاء الغير على أموال البنك المرتبطة بجريمة التزوير في محرر رسمي وذلك بتسهيله للعميل ..... الاستيلاء على مبلغ ....." فضلاً عن أنه لم يبين أركان الجريمتين اللتين دان الطاعن بهما والظروف التي وقعت فيها وقد جاءت أسبابه مبهمة مجملة لا يمكن الوقوف منها على العناصر سالفة الإشارة كما لم يبين كيف أن وظيفة الطاعن - وهو يعمل ..... لفرع البنك - قد سهلت للعميل ..... الاستيلاء على المبلغ المذكور وما هو اختصاص الطاعن ودوره في تزوير المحررات الرسمية المسندة إليه والدليل على ذلك، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى - في صدر أسبابه - بقوله "إن العميل ..... قد أودع مبلغ ...... لدى المتهم بصفته ....... وذلك في تاريخ ........ ولم يتم توريدها إلى خزينة البنك بل قام المتهم في تاريخ ..... بفتح حساب توفير باسم ذلك العميل وأودع فيه مبلغ ..... وقام بعمل كارتة مزورة أثبت فيها مبالغ تعادل المبلغ المستولى عليه من قبله وكان ذلك بالاشتراك مع المتهم الثاني الذي وقع على إيصال الصرف رقم ..... بتاريخ ..... بمبلغ ..... والتي قام العميل المذكور بصرفها من خزينة البنك ودون في هذا الإيصال على خلاف الحقيقة أن رصيد العميل ما زال دائناً بمبلغ ..... ووقع على ظهر الإيصال بما يفيد قيده بدفتر الكنترول حال أن الثابت بدفتر الكنترول بعد الصرف الأخير أن الرصيد (صفر) ثم قام العميل بتاريخ ........ بصرف مبلغ ..... كما قام المتهم بالاستيلاء على مبلغ ..... من العميل ..... ووقع المتهم على إيصال الإيداع رقم ..... بتاريخ ..... باعتباره الصراف الذي تسلم المبلغ من العميل إلا أنه لم يقم بتوريده لخزينة البنك ثم قام بالتوقيع منفرداً على كشف حساب العميل بالمبلغ المذكور مضافاً إليه الأرباح" ثم عاد الحكم وأورد في موضع آخر "وحيث إنه جماع على ما تقدم فإنه يكون قد ثبت في يقين المحكمة على سبيل القطع واليقين أن المتهم سهل الاستيلاء والتزوير في المحررات الرسمية لأنه في خلال المدة من ..... حتى ..... بصفته ..... سهل لـ..... الاستيلاء بغير حق على مبلغ ..... من خزينة البنك سالف الذكر وقد ارتبطت الجناية بجناية تزوير ارتباطاً لا يقبل التجزئة في محررات ذلك البنك حال تحريرها المختص بوظيفته بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علم المتهم الثاني بذلك بأن قام بإصدار دفتر وكارتة التوفير باسم الأخير وأثبتا فيهما على خلاف الحقيقة إيداع المبلغ السابق بقيام المتهم بالاستيلاء عليه وقدره ....." ثم انتهى إلى عقابه بمقتضى المواد 113، 115، 211 من قانون العقوبات التي تجرم أفعال الاستيلاء على المال العام أو تسهيل ذلك والتزوير في المحررات الرسمية والحصول أو محاولة الحصول بدون وجه حق على ربح أو منفعة من عمل من أعمال الوظيفة. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم - على النحو المتقدم - من أن الطاعن اختلس مبلغ ..... تخص العميل ..... ومبلغ ..... جنيه من العميل ..... ثم العودة إلى القول أن ما ثبت لدى المحكمة في حق المتهم هو جريمة تسهيل استيلاء العميل ..... على مبلغ ..... من أموال البنك والتزوير في محررات رسمية، ثم إشارته أخيراً إلى أنه أدان الطاعن عن جريمته بمقتضى نصوص مواد من ضمنها المادة 115 من قانون العقوبات - المتعلقة بحصول الموظف العام أو تسهيله الحصول على ربح أو منفعة من الوظيفة - يدل على اختلال فكرة الحكم عن عناصر الواقعة وعدم استقرارها الاستقرار الذي يجعلها في حكم الوقائع الثابتة الأمر الذي يستحيل معه على محكمة النقض أن تتعرف على أي أساس كونت محكمة الموضوع عقيدتها في الدعوى، فضلاً عما تبين عنه من أن الواقعة لم تكن واضحة لديها بالقدر الذي يؤمن معه خطؤها في تقدير مسئولية الطاعن ومن ثم يكون حكمها متخاذلاً في أسبابه متناقضاً في بيان الواقعة. لما كان ذلك، وكانت الأحكام الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها حتى يتضح به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها وإلا كان الحكم قاصراً. وكان المقصود من عبارة بيان الواقعة الواردة بالمادة 310 من القانون المذكور هو أن يثبت قاضي الموضوع في حكمه كل الأفعال والمقاصد التي تتكون منها أركان الجريمة، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم، وكانت جناية الاستيلاء على مال الدولة أو ما في حكمها أو تسهيل ذلك للغير المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات تقتضي وجود المال في ملك الدولة أو ما في حكمها عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة أو تسهيل ذلك للغير، كما أن التزوير في الأوراق الرسمية أو الاشتراك فيه لا يتحقق إلا إذ كان إثبات البيان المزور من اختصاص الموظف العام على مقتضى وظيفته وفي حدود اختصاصه أياً كان سنده من القانون، وكان الحكم المطعون فيه لم يبين بوضوح - سواء في معرض إيراده واقعة الدعوى أو في سرده لأدلة الثبوت - عما إذ كان الطاعن موظفاً عاماً أو ما في حكمه وعما إذا كان مال البنك المستولى عليه مالاً عاماً - خاصة وقد نازع الطاعن في كل ذلك - ولم يبين كيف أن وظيفة الطاعن قد طوعت له تسهيل استيلاء الغير على مال عام بغير حق، ولم يكشف عن أوجه مخالفة الطاعن للأصول المصرفية والتي من شأن عدم إتباعها تمكن العميل ..... من الاستيلاء على مبلغ ..... من أموال البنك، ولم يفصح الحكم عن اختصاص الطاعن كموظف عام في صدد جناية التزوير في الأوراق الرسمية ولم يبين الأدلة الدالة على ذلك بياناً يوضحها ويكشف عن قيامها من واقع الدعوى وظروفها حالة أن الاختصاص الفعلي للموظف ركن في تلك الجناية إذ اكتفى الحكم في ذلك كله بعبارات عامة مجملة ومجهلة لا يبين منها حقيقة مقصود الحكم في شأن الواقع المعروض الذي هو مدار الحكم ولا يتحقق بها الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيبها من الوضوح والبيان فإن الحكم المطعون فيه مع تناقضه جاء قاصراً الأمر الذي يوجب نقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث باقي وجوه الطعن.

الطعن 9969 لسنة 75 ق جلسة 2 / 10 / 2012 مكتب فني 63 ق 72 ص 419

جلسة 2 من أكتوبر سنة 2012

برئاسة السيد المستشار/ فرغلي عبد الرحيم زناتي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد سعيد، عثمان متولي حسن، صلاح محمد أحمد وسامح عبد الله عبد الرحيم نواب رئيس المحكمة.

----------------

(72)
الطعن رقم 9969 لسنة 75 القضائية

تفتيش "إذن التفتيش. تنفيذه". تلبس. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". مواد مخدرة. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
ضبط المخدر في مزرعة المأذون بتفتيشهم. يجعل الجريمة متلبساً بها. أثر ذلك؟
قضاء الحكم ببراءة المطعون ضدهم واستبعاد الدليل المستمد من التلبس. خطأ في تطبيق القانون. أثره؟
----------------
لما كان الحكم المطعون فيه قد أورد واقعة الدعوى على لسان الشاهد الأول فيما حاصله أنه نفاذاً لإذن النيابة العامة انتقل ومعه الشاهد الثاني إلى أرض المطعون ضده الأول ووجدها قد زرعت بنبات "الخشخاش" المخدر فتحفظ عليها، وأن القائم بزراعتها هما المطعون ضدهما وذلك بقصد الاتجار، غير أن الحكم تعويلاً على دفاع المطعون ضدهما وأن تحريات الشرطة لم تكن جادة بدليل الخطأ في اسم المطعون ضده الذي ورد في إذن التفتيش مجهلاً استبعد الدليل الذي قام بالأوراق مبنياً على أقوال ضابط الواقعة، وانتهى إلى أن الاتهام بلا دليل مما تعين معه القضاء ببراءة المطعون ضدهما. لما كان ذلك، وكان ضبط المخدر في مزرعة المطعون ضدهما بعد استئذان النيابة العامة يجعل جريمة زراعة النبات المخدر موضوع الاتهام متلبساً بها، ويبيح لرجل الضبط القضائي الذي شاهد وجودها أن يقوم بتفتيش تلك المزرعة بغير حاجة لصدور إذن من النيابة العامة بذلك، ولا ينال من ذلك ما قرره المطعون ضدهما من أنهما لا يذهبان إلى مكان زراعة المخدر المضبوط لمرضهما وأن من يقوم بالزراعة هم أولادهما، فإن ذلك يدل بطريق اللزوم على أن مكان زراعة ذلك المخدر ليس ملحقاً بالمنزل وليس قريب إليه، ومن ثم يكون الحكم إذ قضى بغير ذلك قد خالف القانون، وتعيب بالخطأ في تطبيقه فضلاً عن فساده في الاستدلال، مما يستوجب نقض الحكم المطعون فيه والإعادة.

الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما بأنهما: زرعا نباتاً من النباتات الممنوع زراعتها "خشخاش" بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالتهما إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً ببراءة المطعون ضدهما مما نسب إليهما ومصادرة النبات المخدر المضبوط.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.

المحكمة

من حيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضدهما من اتهامهما بزراعة نبات "الخشخاش" المخدر بقصد الاتجار، قد شابه الخطأ في تطبيق القانون، والفساد في الاستدلال، ذلك أنه بنى قضاءه على صحة الدفع ببطلان إذن التفتيش مؤسساً على أن الأخير جاء به اسم المتحرى عنه الأول مجهلاً، على الرغم من أن ذلك الإذن قد استوفى كل بياناته وأن القانون لم يشترط لتفتيش المزارع إذناً خاصاً، وذلك يعيب الحكم بما يبطله ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أورد واقعة الدعوى على لسان الشاهد الأول فيما حاصله أنه نفاذاً لإذن النيابة العامة انتقل ومعه الشاهد الثاني إلى أرض المطعون ضده الأول ووجدها قد زرعت بنبات "الخشخاش" المخدر فتحفظ عليها، وأن القائم بزراعتها هما المطعون ضدهما وذلك بقصد الاتجار، غير أن الحكم تعويلاً على دفاع المطعون ضدهما وإن تحريات الشرطة لم تكن جادة بدليل الخطأ في اسم المطعون ضده الذي ورد في إذن التفتيش مجهلاً استبعد الدليل الذي قام بالأوراق مبنياً على أقوال ضابط الواقعة، وانتهى إلى أن الاتهام بلا دليل مما تعين معه القضاء ببراءة المطعون ضدهما. لما كان ذلك، وكان ضبط المخدر في مزرعة المطعون ضدهما بعد استئذان النيابة العامة يجعل جريمة زراعة - النبات المخدر موضوع الاتهام - متلبساً بها ويبيح لرجل الضبط القضائي الذي شاهد وجودها أن يقوم بتفتيش تلك المزرعة بغير حاجة لصدور إذن من النيابة العامة بذلك، ولا ينال من ذلك ما قرره المطعون ضدهما من أنهما لا يذهبان إلى مكان زراعة المخدر المضبوط لمرضهما وأن من يقوم بالزراعة هم أولادهما فإن ذلك يدل بطريق اللزوم على أن مكان زراعة ذلك المخدر ليس ملحقاً بالمنزل وليس قريب إليه ومن ثم يكون الحكم إذ قضى بغير ذلك قد خالف القانون، وتعيب بالخطأ في تطبيقه فضلاً عن فساده في الاستدلال، مما يستوجب نقض الحكم المطعون فيه والإعادة.

الطعن 1605 لسنة 82 ق جلسة 1 / 10 / 2012 مكتب فني 63 ق 71 ص 417

جلسة الأول من أكتوبر سنة 2012

برئاسة السيد المستشار/ أحمد جمال الدين عبد اللطيف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عطية أحمد عطية، هشام أنور نائبي رئيس المحكمة، حسين النخلاوي وطلال مرعي.

--------------

(71)
الطعن رقم 1605 لسنة 82 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. توقيعها". نيابة عامة.
وجوب توقيع أسباب الطعون المرفوعة من النيابة العامة من محام عام على الأقل. المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 المعدلة بالقانون رقم 74 لسنة 2007.
خلو مذكرة الأسباب من توقيع المحامي العام عليها. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. لا يغير من ذلك التأشير من المحامي العام عليها بالنظر. علة ذلك؟
(2) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب".
عدم إيداع الطاعن أسباباً لطعنه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
--------------
1- لما كانت الفقرة الثالثة من المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض المعدلة بالقانون رقم 74 لسنة 2007 المعمول به من أول أكتوبر من السنة ذاتها، قد أوجبت بالنسبة للطعون المرفوعة من النيابة العامة أن يوقع أسبابها محام عام على الأقل، وكانت أسباب طعن النيابة العامة قد خلت من توقيع المحامي العام عليها، وكان تأشير المحامي العام على الأسباب بالنظر لا يغني في هذا الصدد، لأنه لا يفيد إقراره لها، ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول طعن النيابة العامة شكلاً.
2- لما كان الطاعن وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد، إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه مما يتعين معه القضاء بعدم قبوله شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.

الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه: أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "الحشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات ..... لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/ 1، 2، 38/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم 56 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الصحة بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن الإحراز بغير قصد.
فطعنت النيابة العامة والمحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.

المحكمة

حيث إنه لما كانت الفقرة الثالثة من المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض المعدلة بالقانون رقم 74 لسنة 2007 المعمول به من أول أكتوبر من السنة ذاتها، قد أوجبت بالنسبة للطعون المرفوعة من النيابة العامة أن يوقع أسبابها محام عام على الأقل، وكانت أسباب طعن النيابة العامة قد خلت من توقيع المحامي العام عليها، وكان تأشير المحامي العام على الأسباب بالنظر لا يغني في هذا الصدد، لأنه لا يفيد إقراره لها، ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول طعن النيابة العامة شكلاً.
وحيث إن الطاعن وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد، إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه مما يتعين معه القضاء بعدم قبوله شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.