بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 09-07-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 643 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
ج. ل. ل. ا. ا. ش.
مطعون ضده:
م. ب. ا.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2025/377 استئناف تجاري بتاريخ 15-05-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق في الملف الالكتروني للطعن وسماع التقرير الذي أعده وتلاه بالجلسة السيد القاضي المقرر/ محمود عبد الحميد طنطاوي، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضده ا ( مركز بيريز الطبي ) اقامت النزاع رقم (2904) لسنة 2024 نزاع محدد القيمة لدى مركز التسوية الودية للمنازعات بدبي بتاريخ 19/03/2024م بطلب الحكم بإلزام الطاعنة ( جريت لوك لتجارة المستلزمات الطبية ش.ذ.م.م.) بأن تؤدي لها مبلغ (212،625) مائتان واثنا عشر ألفا وستمائة وخمسة وعشرون درهماً إماراتياً والفائدة القانونية بواقع 12% منذ تاريخ الاستحقاق وحتى تمام السداد، على سند من إنه بموجب عقد بيع محرر بين طرفي التداعي بتاريخ 21/11/2022م باعت المدعى عليها إلى المدعية جهازاً طبياً مستعملاً يسمى (إليمينيك)، والذي يحمل الرقم المسلسل EE-EDL-H4Z والمخصص لعلاج بعض الحالات الجلدية بالليزر، ونص العقد على أن ثمن الجهاز الطبي محل العقد مبلغ (212،625) درهماً، وقد قامت المدعية بسداد هذا المبلغ إلى المدعى عليها، إلا أن أعطال الجهاز الطبي محل التعاقد تكررت على نحو مطرد ومتكرر، وفقاً لما هو ثابت من تقارير إصلاح الجهاز، والتي قامت بإجرائها المدعى عليها بناء على طلب المدعية، ثم زادت تلك الأعطال إلى الحد الذي أعاق استخدام الجهاز ومنع المدعية عن تأدية الوظائف الطبية التي تم شراء الجهاز لأجلها، بعد أن تبين لها أن الجهاز غير صالح للعمل، ولم يكن من المفترض طرحه للبيع، ومن ثم قامت المدعية بالاستعانة بخدمات شركة احترافية مستقلة تعمل في مجال إصلاح الأجهزة الطبية، وهي شركة (بيناكا لتجارة الأجهزة الطبية ش.ذ.م.م.)، والتي قامت بفحص الجهاز الطبي سالف البيان، وتوصلت في تقريرها الكتابي المرفق إلى نتيجة مفادها وجود عيوب في الجهاز راجعة لذاته، وقد تسبب في حدوث أضرار طبية لدى عدد من المرضى المترددين على المدعية، ولذا فهي تقيم النزاع. والقاضي المشرف على مركز التسوية الودية قرر بتاريخ 03/04/2024م إحالة النزاع إلى المحكمة المختصة، حيث قيدت دعوى برقم (1591) لسنة 2024 تجاري بتاريخ 23/04/2024م، وقدمت المدعية مذكرة بطلباتها الختامية في الدعوى وهي الحكم بإلزام المدعى عليها بأن تسدد لها مبلغا قدره (519,625) خمسمائة وتسعة عشر ألفاً وستمائة وخمسة وعشرون درهماً إماراتياً، عبارة عن (212،625) درهماً قيمة استرداد ثمن الجهاز المبيع، ومبلغ (157،000) درهم على سبيل التعويض عن الضرر المادي، ومبلغ (150،000) درهم على سبيل التعويض عن الضرر الأدبي، مع الفائدة القانونية بواقع 12% من تاريخ الاستحقاق وحتى تمام السداد. والمدعي عليها قدمت مذكرة بدفاعها دفعت فيها بعدم سماع الدعوى لرفعها بعد انقضاء ستة أشهر من تسليم المبيع استنادا لنص المادة (555) من قانون المعاملات المدنية والمادة (108) من قانون المعاملات التجارية، وكذلك لرفعها بعد انقضاء سنة من تسليم المبيع استناداً لنص المادة (524) من قانون المعاملات المدنية. ومحكمة أول درجة ندبت خبيراً متخصصاً في الأجهزة الطبية، وبعد أن أودع تقريره قضت المحكمة بتاريخ 15/01/2025م بعدم سماع الدعوى لمرور الزمن. استأنفت المدعية هذه الحكم بالاستئناف رقم (377) لسنة 2025 استئناف تجاري. ومحكمة الاستئناف قضت بتاريخ 15/05/2025م في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به بعدم سماع طلب التعويض، والقضاء مجدداً بإلزام المستأنف ضدها أن تؤدي للمستأنفة مبلغ (212625) درهماً والفائدة بواقع 5% سنوياً اعتباراً من تاريخ اليوم وحتى تمام السداد. طعنت المدعى عليها في هذا الحكم بالتمييز بموجب الطعن الماثل بطلب نقضه، وذلك بصحيفة مقدمة الكترونياً بتاريخ 27/05/2025م، وأودعت المطعون ضدها مذكرة بالرد طلبت في ختامها رفض الطعن، أتبعتها الطاعنة بمذكرة تلتفت عنها المحكمة لعدم تضمنها دفاعاً متعلقاً بالنظام العام وذلك عملاً بنص المادة (180) من قانون الإجراءات المدنية الصادر بالمرسوم بقانون اتحادي رقم (42) لسنة 2022. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره.
وحيث إن حاصل ما تنعى به الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، إذ انتهى في قضائه إلى مسئوليتها عن تعويض المطعون ضدها عن الأضرار التي لحقت بها نتيجة تعطل الجهاز الطبي المبيع لها من الطاعنة، وإجراء أعمال صيانة له، وعزوف العملاء عن تلقي العلاج، وذلك استناداً لتقرير الخبير المنتدب في الدعوى، ورتب على ذلك قضاءه بإلزام الطاعنة بتعويض جزافي، هذا في حين أن عناصر المسئولية العقدية منتفية في حقها، ذلك أن تعطل الجهاز وصيانته يُعد أمراً طبيعياً ومتعارفاً عليه في مثل هذه الأجهزة، فضلاً عن أنها تحصلت بعد صدور الحكم المطعون فيه على شهادات من بعض عملاء المطعون ضدها الذين استندت إليهم الأخيرة في إثبات الضرر، وقد ورد بتلك الشهادات إنهم لم يتضرروا من استخدام الجهاز، وأن الجلسات العلاجية كانت تُجرى بصورة طبيعية، ونتائجها مرضية، ونفوا جميعاً استردادهم لأي مبالغ مالية من المطعون ضدها أو حصولهم على أي جلسات تعويضية، كما اعترضت الطاعنة على تقرير الخبير الذي اعتمد فيما انتهى إليه من ثبوت الخطأ في جانبها على استمارة فحص طبي منسوبة لأحد عملاء المطعون ضدها، زعمت الأخيرة إنه تعرض لحروق من الدرجة الثانية نتيجة استخدام الجهاز المبيع، وادعت أن تلك الاستمارة موثقة من وزارة الداخلية، ثم تبيّن لاحقاً إنها مستند مصطنع، ولم يثبت الخبير في محضر مستقل انتقاله إلى مقر المطعون ضدها، كما لم يقم بفحص جهاز معايرة الطاقة العائد لها واكتفى بالقول إن الجهاز منتهي الصلاحية، ومن ثم افترض إنه لا يعمل، رغم أنه كان بإمكانه فحصه للتحقق من حالته والوصول إلى نتيجة مبنية على حقائق فنية لا على افتراضات، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، ولم يبين عناصر الضرر وأسس التعويض عنها على وجه التحديد، فإن الحكم يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في حملته غير مقبول، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة إنه يتعين على محكمة الموضوع من تلقاء نفسها أن تحدد الأساس الصحيح للمسئولية التي استند إليها المضرور في طلب التعويض، وأن تتقصى الحكم القانوني المنطبق على العلاقة بين طرفي دعوى التعويض وتنزله على الواقعة المطروحة عليها. ومن المقرر أيضاً وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة إن اختيار المشتري رد العين المبيعة له إلى البائع كأثر من آثار التزامه بضمان العيوب الخفية بالمبيع، أو اختياره استبقاء هذا المبيع وفقا لنص المادة (544) من قانون المعاملات المدنية، أو القضاء بعدم سماع دعوى الضمان وفقاً لنص المادة (555) من هذا القانون، كل ذلك لا يحول بين المشتري وبين حقه في مطالبة البائع بالتعويض في هذه الحالات وفقا للقواعد العامة متى توافرت عناصر المسئولية بثبوت الخطأ في جانبه، والذي ترتب عليه الحاق الضرر بالمشتري. كما أنه من المقرر وفقاً لنصوص المواد (282) و(292) و(293) من قانون المعاملات المدنية وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة إن كل إضرار بالغير يلزم فاعله بالتعويض عنه، ويقدر الضمان في جميع الأحوال بقدر ما لحق المضرور من ضرر وما فاته من كسب بشرط أن يكون ذلك نتيجة طبيعية للفعل الضار، واستخلاص الخطأ الموجب للمسئولية ونسبته إلى فاعله، وما نجم عنه من ضرر، وثبوت رابطة السببية بينهما، وتقدير التعويض الجابر له بمراعاة الظروف الملابسة، هي من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع ما دام أن القانون لم يوجب عليها اتباع معايير معينة للتقدير، ولا رقابة عليها في ذلك من محكمة التمييز طالما بينت عناصر الضرر ووجه أحقية طالب التعويض فيه من واقع ما هو مطروح عليها في الأوراق، وذلك دون أن تلتزم ببيان المبلغ الذي قدرته بالنسبة لكل عنصر على حدة، فيجوز لها أن تقضي بتعويض إجمالي عن العناصر المستوجبة للتعويض. ومن المقرر أيضا ً في قضاء هذه المحكمة إن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وبحث وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة فيها والموازنة بينها والأخذ بما تطمئن إليه منها وإطراح ما عداه، وتفسير العقود والإقرارات وسائر المحررات بما تراه أوفى بمقصود عاقديها أو أصحاب الشأن فيها، وتقدير عمل أهل الخبرة باعتباره عنصراً من عناصر الإثبات في الدعوى ويخضع لمطلق سلطتها في الأخذ به متي اطمأنت إليه ورأت فيه ما تقتنع به ويتفق مع ما ارتأت إنه وجه الحق في الدعوى، وإنه إذا رأت الأخذ به، محمولاً علي أسبابه، وأحالت إليه اعتبر جزءً من أسباب حكمها دون حاجة لتدعيمه بأسباب أو الرد استقلالاً على الطعون الموجهة إليه أو إعادة المأمورية للخبير أو ندب غيره لمباشرتها، كما أنها لا تكون ملزمة من بعد بالتحدث عن كل قرينة غير قانونية يدلي بها الخصوم ولا بتتبعهم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم والرد عليها طالما كان في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات وكانت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها ما يساندها من أوراق الدعوى بما يكفي لحمله، كما أنه لا إلزام على الخبير بأداء عمله على وجه معين وحسبه أن يقوم بما ندب له على النحو الذي يراه محققاً للغاية من ندبه، وله أن يستقي معلوماته من أية أوراق تقدم له من طرفي الدعوى مادام أن عمله في النهاية يخضع لتقدير محكمة الموضوع. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه تأسيساً على ما أورده بأسبابه من أن ((الثابت من الأوراق أن المستأنفة كان من ضمن طلباتها أمام محكمة أول درجة تعويضها عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بها التي تمثلت فيما تكبدته المستأنفة من مصاريف اصلاح العطل وما لحق بها من خسارة أثناء توقف الجهاز عن العمل وعزوف عملائها عن التردد عليها للعلاج، فضلا عن الإساءة إلى سمعتها التجارية، وهذه الأضرار كانت نتيجة بيع المستأنف ضدها للمستأنفة هذا الجهاز المعيب، وكان البين من تقرير الخبير المنتدب من قبل محكمة أول درجة أن المستأنف ضدها لم تتبع الإجراءات الصحيحة لصيانة المعدات الطبية، كما لم تقم بحساب الطاقة المولدة من جهاز الليزر والتي تعتبر من أهم النقاط التي يجب فحصها وتوثيقها باستخدام جهاز فحص مقدار طاقة الليزر الناتجة أثناء الصيانة الدورية وبعد أي عملية تصليح، بالإضافة إلى عدم توفر قوائم بالمراجعة التي يجب أن ترفق مع تقارير خدمة الصيانة الدورية والذي أدى إلى عدم الدراية بمقدار الطاقة المولدة من جهاز الليزر والذي ترتب عليه وقوع ضرر بعملاء المستأنفة أثناء الاستخدام وعدم التوصل إلى النتيجة العلاجية الصحيحة والمرجوة ، فضلا عن أن المستأنف ضدها لا تمتلك جهاز لاختبار السلامة الكهربائية وهو أيضا من الأجهزة المهمة الأساسية لفحص جميع الأجهزة الطبية ويستخدم لمعرفة ما إذا كان هناك تسريب كهربائي يؤدي إلى تلف بالجهاز أو أي ضرر قد يلحق بالمستخدم أو المريض بشكل عام، وكذا قيام المستأنف ضدها بتوفير جهاز منتهي الصلاحية منذ تاريخ 12/8/2022 لفحص مقدار الطاقة المولدة من جهاز الليزر، بما مفاده توافر ركن الخطأ في جانب المستأنف ضدها على النحو الذي انتهي إليه الخبير المنتدب في تقريره، ونتيجة لخطأ المستأنف ضدها المتقدم بيانه فقد لحق بالمستأنفة أضراراً مادية ومعنوية المشار إليه سلفاً، بما يتعين معه تعويضها عن تلك الأضرار، وترى المحكمة تقدير هذا التعويض بمبلغ جزافي مقداره (212،625) درهماً وفقا لما خلص إليه تقرير الخبرة المودع ملف الدعوى، وتقضي المحكمة بإلزام المستأنف ضدها أن تؤدي هذا المبلغ للمستأنفة والفائدة بواقع 5% سنوياً اعتباراً من تاريخ صدور هذا الحكم وحتى تمام السداد))، ولما كان هذا الذي استخلصه الحكم المطعون فيه، على نحو ما سلف بيانه، سائغاً ولا مخالفة فيه للقانون، وله أصله الثابت من أوراق الدعوى ومستنداتها، ومؤدياً لما انتهى إليه قضاؤه وكافياً لحمله وفيه الرد المسقط لما يخالفه، فإن النعي عليه بما ورد بأسباب الطعن لا يعدو أن يكون جدلاً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره ولا يجوز إبداؤه أمام محكمة التمييز، ومن ثم غير مقبول.
وحيث إنه لما تقدم، فإنه يتعين رفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الطعن وبإلزام الشركة الطاعنة المصروفات ومبلغ ألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة مع مصادرة مبلغ التأمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق