جلسة 20/12/2023
برئاسة السيد المستشار/ محمد الصغير رئيس الدائرة وعضوية السادة المستشارين/ عثمان مكرم، أزهري مبارك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(الطعن رقم 1196 لسنة 2023 أحوال شخصية)
(1) إجراءات "إجراءات التقاضي". أهلية. حجر. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". دعوى "الصفة في الدعوى". نقض "حالات الطعن بالنقض. الخطأ في تطبيق القانون".
- القواعد المنظمة لقيام الخصومة أمام القضاء أو انعدامها. من إجراءات التقاضي. تعلقها بالنظام العام.
- المادة 180 من قانون الإجراءات المدنية. مفادها.
- المادتين 171، 172 من قانون الأحوال الشخصية. مفادها.
- المادة 85 من قانون المعاملات المدنية. مفادها.
- انعقاد الصفة لمن ثبتت له الحضانة. باعتباره اليد الممسكة شرعاً في أن يطالب باستلام نفقة المحضون.
- خلو الأوراق مما يفيد حضانة المطعون ضدها للابن الذي بلغ رشيداً أو الحكم بالحجر عليه لعارض من عوارض الأهلية. أثره: عدم توافر صفة للمطعون ضدها في المطالبة القضائية عنه. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر. خطأ في تطبيق القانون. وجوب نقضه والقضاء بعدم قبول الدعوى بالنسبة له. مثال.
(2) أحوال شخصية. أجرة. حضانة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مسكن الحضانة. ولاية "الولاية على النفس".
- الفقرة الأولى من المادة 148 من قانون الأحوال الشخصية. مفادها.
- اضطلاع الطاعن بواجبه نحو أولاده. لا يتأتى مع تركهم رفق الحاضنة خارج الدولة. وجوب إنجاز إقامة مشروعة لهم فيها وإعداد مسكناً للحضانة أو أداء أجرته. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر. صحيح.
(3) أحوال شخصية. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". صلح. سند تنفيذي. محكمة الموضوع "سلطتها". نفقة.
- المادتين 16/2، 64 من قانون الأحوال الشخصية. مفادها.
- تقدير مدى تغير ظروف الفرض. موضوعي. مادام سائغاً.
- قضاء الحكم المطعون فيه بزيادة المفروض لنفقة الأولاد رغم عدم تغير دخل المنفق بالزيادة ودون بيان سنده في ذلك. يعيبه. أثر ذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن القواعد المنظمة لقيام الخصومة أمام القضاء أو انعدامها هي من إجراءات التقاضي المتعلقة بالنظام العام، وأن مفاد نص المادة (180) من قانون الإجراءات المدنية أنه يجوز لمحكمة النقض من تلقاء ذاتها أن تثير في الطعن الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم ، وأن النص في المادة 171 من قانون الأحوال الشخصية على أن (كل شخص يبلغ سن الرشد متمتعاً بقواه العقلية ولم يحجر عليه يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه المنصوص عليها في هذا القانون والقوانين المتفرعة عنه) وفي المادة 172 من ذات القانون علي أن (يبلغ الشخص سن الرشد إذا أتم إحدى وعشرين سنة قمرية) - وهو ذات ما نصت عليه المادة 85 من قانون المعاملات المدنية - مفاده أن الأصل في الشخص توافر الأهلية لديه وأن كل شخص يبلغ سن الرشد يكون أهلاً للتقاضي طالما لم يحجر عليه لعارض من عوارض الأهلية - دون أن ينال ذلك من انعقاد الصفة لمن ثبتت له الحضانة باعتباره اليد الممسكة شرعاً في أن يطالب باستلام نفقة المحضون - لما كان ذلك وكان الثابت باتفاق التوجيه الأسري في الملف رقم 6687/2019 اتفاق الطرفين على التزام الطاعن بأن يحول للمطعون ضدها مبلغ 3000 درهم نفقة شاملة للأولاد (....، ....، ....) ومبلغ 500 درهم أجر حضانتهم إلى شركة صرافة بموطنها ....، بما يفيد اتفاقهما على إثبات حضانتها للأولاد الثلاثة المذكورين دون الابن .... مواليد 1993 م وخلت الأوراق مما يفيد حضانتها له أو الحجر عليه لعارض من عوارض الأهلية وقد بلغ رشيداَ، وبالتالي لا يكون للمطعون ضدها صفة في المطالبة القضائية عنه وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وجره ذلك إلى القضاء بفرض نفقة له وإلزام الطاعن بأن يستخرج له إقامة في الدولة، فإن الحكم المطعون فيه فضلاً عن قصوره في التسبيب يكون قد أخطأ في تطبيق القانون الأمر الذي يوجب نقضه جزئياً في هذا الخصوص والقضاء مجدداً بعدم قبول الدعوى بالنسبة للولد .... وهو ما يستوي في غايته ومنتهاه مع ما انتهى إليه الحكم الابتدائي من رفضها بالنسبة له بما يتعين معه تأييده.
2- المستقر في قضاء هذه المحكمة - أن النص في الفقرة الأولى من المادة 148 من قانون الأحوال الشخصية على أنه "يجب على الأب أو غيره من أولياء المحضون النظر في شؤونه وتأديبه وتوجيهه وتعليمه" مفاده - وعلى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون - أنه يقع على الولي واجب القيام بما تقتضيه العناية بكل ما له علاقة بشخص المحضون - في غير ما يتعلق بخدمته وتربيته وتعليمه - مما يندرج تحت الولاية على النفس وإبعاده عن رفاق السوء ومواطن الفساد وهو لدى حاضنته ، بحيث يتكامل حق الحضانة مع حق الولاية قياماً بالرعاية التي أشار إليها الرسول صلى الله عليه وسلـم بقوله " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته .... " والمدار في ذلك نفع المحضون فمتى تحقق نفعه في شيء وجب المصير إليه ولو خالف ذلك مصلحة مالية لولي النفس ، لما كان ذلك وكان اضطلاع الطاعن بواجبه نحو أولاده على النحو المتقدم لا يتأتى مع تركهم رفق الحاضنة خارج الدولة وهو ما يوجب عليه إنجاز إقامة مشروعة لهم فيها على نحو يتفق مع قوانينها ونظمها وأن يعد لهم مسكناً للحضانة فيها أو يؤدي أجرته لكي يتمكن من أداء واجبه نحوهم بحسبان أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب - دون المساس بأحقية جهة منح الإقامة في إعمال القوانين واللوائح والأنظمة المتعلقة بمنح الإقامة للأجانب - وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر بقضائه بإلزام الطاعن باستخراج إقامة للمحضونين (....، ....، ....) وبأجر مسكن حضانة وقدره مسترشداً بما ورد بالجداول المرفقة بالدليل الإرشادي للأحوال الشخصية فإنه لا يكون قد خالف القانون في شيء ويضحي تعييبه بما ورد في هذا الخصوص على غير أساس، وليس صحيحاً ما يرمي به الطاعن الحكم المطعون فيه بقالة مخالفته لحجية الاتفاق الأسري المشار إليه ذلك أن الثابت بمدونات هذا الاتفاق أن المتصالح عليه هو نفقة الأولاد الثلاثة وأجر حاضنتهم دون ما خلا ذلك من أجر مسكن الحضانة.
3- المقرر - في قضاء هذه المحكمة - على هدى من نص المادة 16/2 من قانون الأحوال الشخصية أنه إذا تم الصلح بين الأطراف أمام لجنة التوجيه الأسري، أثبت هذا الصلح في محضر، ويكون له بعد توقيعه واعتماده قوة السند التنفيذي، ويكتسب ما تكتسبه الأحكام القضائية من حجية ، وتبقى هذه الحجية في مجال النفقات والأجور موقوتة سواء كان مصدرها حكم أو صلح فيقبل التغيير والتعديل وترد عليه الزيادة والنقصان، كما يرد عليه الإسقاط بسبب تغير دواعيه عملاً بالمادة 64 من قانون الأحوال الشخصية، إلا أن ذلك منوط بتغير ظروف الفرض ، وكان المقرر - في قضاء هذه المحكمة كذلك - أنه ولئن كان تقدير مدى تغير ظروف الفرض مما تستقل به محكمة الموضوع بحسبانه من مسائل الواقع إلا أن ذلك مشروط بأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة لها أصل ثابت في الأوراق، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى تغير ظروف الفرض الاتفاقي دون أن يبين السند الذي استقى منه ما يفيد ذلك ، وعلى الرغم من أن الثابت بشهادة دخل المنفق عدم تغير دخله بالزيادة ، وأنه تزوج من أخرى، ولم يفطن الحكم المطعون فيه إلى أن ما اتفق عليه بموجب الاتفاق الأسري المذكور كان بشأن نفقة الأولاد (....، ....، ....) دون الابن .... وانتهى في قضائه إلى زيادة المفروض للأولاد الأربعة، الأمر الذي يعجز محكمة النقض عن بيان الأساس الذي أقام عليه الحكم المطعون فيه قضائه بزيادة المفروض لنفقة الأولاد الأمر الذي يوجب نقضه في هذا الخصوص وتأييد الحكم المستأنف، على نحو ما سيرد بالمنطوق.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــــــــة
حيث إن الوقائع ـ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ـ تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت على الطاعن الدعوى رقم 2354/2023 لدي محكمة أبو ظبي للأسرة والدعاوى المدنية والإدارية بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي لها مؤجل صداقها، ونفقة عدتها وسكناها، وأجر حاضنة، وأن يمتعها بقدر يساره، وأن يؤدي لها نفقة الأولاد (.... مواليد 1993 - .... مواليد 1996 - .... مواليد 1998 - .... مواليد 2007) وأجر مسكن حضانتهم وأن يقوم بعمل إقامات لهم بالدولة وسداد مصروفاتها، وتسليمها أوراقهم الثبوتية، وقالت بياناً لدعواها إنها كانت زوجه ومقيمة معه في الدولة وأنجبت له الأولاد المذكورين وأنه طلقها بإرادته المنفردة ودون رغبة منها طلقة مكملة للثلاث أثبتت بتاريخ 7/11/2018، ثم اتفقا بموجب اتفاق موثق أمام التوجيه الأسري بتاريخ 19/11/2019 على التزامه بأن يحول لها مبلغ 3000 درهم نفقة شاملة للأولاد (....، ....، ....) ومبلغ 500 درهم أجر حاضنة إلى شركة صرافة بموطنها .... اعتباراً من 1/12/2019 وأضافت أن المفروض لم يعد كافياً لسد حاجة الأولاد وساءت الأحوال المعيشية بموطنها فعادت بتأشيرة زيارة إلى الدولة وأقامت الدعوى، بتاريخ 4/9/2023 حكمت المحكمة بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضدها مبلغ 80000 ريال .... أو ما يعادله بالدرهم مؤجل الصداق، ومبلغ 7500 درهم أجر سكنى العدة عن كامل مدتها، ومبلغ 1500 درهم شهرياً أجر مسكن حضانة، ومبلغ 10000 درهم متعة، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات.
استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 2335 /2023 أحوال شخصية أبوظبي واستأنفه الطاعن استئنافاً مقابلاً بالاستئناف رقم 2468 /2023 أحوال شخصية أبوظبي ، وبتاريخ 31/10/2023 قضت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف في شأن تقدير أجر مسكن الحضانة ليصبح 45000 درهم سنوياً وإلغائه في شأن طلبات سكنى العدة وزيادة نفقة الأولاد واستخراج إقامات لهم وقضت مجدداً برفض طلب أجر سكنى العدة وبزيادة المفروض اتفاقاً لنفقة الأولاد "الأربعة" لتصبح أصلاً وزيادة 4000 درهم شهرياً وبإلزام الطاعن بعمل إقامات للأولاد الأربعة المذكورين.
طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن الماثل، وأودعت النيابة مذكرة فوضت فيها الرأي للمحكمة، وإذ عُرِض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر، وحددت جلسة لنظره دون مرافعة شفوية.
وحيث أقيم الطعن على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالوجه الأول من السبب الأول وبالوجه الثاني من السبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه قضى بإلزامه باستخراج إقامة لابنه .... كما فرض له نفقة على أبيه الطاعن في حين أنه تجاوز سن الثلاثين عاماً رشيداً قادراً على الكسب، ذلك ما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في أساسه سديد ، ذلك بأنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن القواعد المنظمة لقيام الخصومة أمام القضاء أو انعدامها هي من إجراءات التقاضي المتعلقة بالنظام العام، وأن مفاد نص المادة (180) من قانون الإجراءات المدنية أنه يجوز لمحكمة النقض من تلقاء ذاتها أن تثير في الطعن الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم ، وأن النص في المادة 171 من قانون الأحوال الشخصية على أن (كل شخص يبلغ سن الرشد متمتعاً بقواه العقلية ولم يحجر عليه يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه المنصوص عليها في هذا القانون والقوانين المتفرعة عنه) وفي المادة 172 من ذات القانون علي أن (يبلغ الشخص سن الرشد إذا أتم إحدى وعشرين سنة قمرية) - وهو ذات ما نصت عليه المادة 85 من قانون المعاملات المدنية - مفاده أن الأصل في الشخص توافر الأهلية لديه وأن كل شخص يبلغ سن الرشد يكون أهلاً للتقاضي طالما لم يحجر عليه لعارض من عوارض الأهلية - دون أن ينال ذلك من انعقاد الصفة لمن ثبتت له الحضانة باعتباره اليد الممسكة شرعاً في أن يطالب باستلام نفقة المحضون - لما كان ذلك وكان الثابت باتفاق التوجيه الأسري في الملف رقم 6687/2019 اتفاق الطرفين على التزام الطاعن بأن يحول للمطعون ضدها مبلغ 3000 درهم نفقة شاملة للأولاد (....، ....، ....) ومبلغ 500 درهم أجر حضانتهم إلى شركة صرافة بموطنها ....، بما يفيد اتفاقهما على إثبات حضانتها للأولاد الثلاثة المذكورين دون الابن .... مواليد 1993 م وخلت الأوراق مما يفيد حضانتها له أو الحجر عليه لعارض من عوارض الأهلية وقد بلغ رشيداَ، وبالتالي لا يكون للمطعون ضدها صفة في المطالبة القضائية عنه وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وجره ذلك إلى القضاء بفرض نفقة له وإلزام الطاعن بأن يستخرج له إقامة في الدولة، فإن الحكم المطعون فيه فضلاً عن قصوره في التسبيب يكون قد أخطأ في تطبيق القانون الأمر الذي يوجب نقضه جزئياً في هذا الخصوص والقضاء مجدداً بعدم قبول الدعوى بالنسبة للولد .... وهو ما يستوي في غايته ومنتهاه مع ما انتهى إليه الحكم الابتدائي من رفضها بالنسبة له بما يتعين معه تأييده.
وحيث إن ما ينعاه الطاعن بالوجه الثاني من السبب الأول وبالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه قضى بإلزامه باستخراج إقامات لأولاده المحضونين (....، ....، ....) وسداد تكاليفها على الرغم من عدم مقدرته المالية ودون أن يبرر الحكم سند إلزامه، كما قضى الحكم بإلزامه بأجر مسكن حضانتهم في الدولة رغم أنه وفر لهم بمسكناً بموطنه ....، ذلك ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد بأن - المستقر في قضاء هذه المحكمة - أن النص في الفقرة الأولى من المادة 148 من قانون الأحوال الشخصية على أنه "يجب على الأب أو غيره من أولياء المحضون النظر في شؤونه وتأديبه وتوجيهه وتعليمه" مفاده - وعلى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون - أنه يقع على الولي واجب القيام بما تقتضيه العناية بكل ما له علاقة بشخص المحضون - في غير ما يتعلق بخدمته وتربيته وتعليمه - مما يندرج تحت الولاية على النفس وإبعاده عن رفاق السوء ومواطن الفساد وهو لدى حاضنته ، بحيث يتكامل حق الحضانة مع حق الولاية قياماً بالرعاية التي أشار إليها الرسول صلى الله عليه وسلـم بقوله " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته .... " والمدار في ذلك نفع المحضون فمتى تحقق نفعه في شيء وجب المصير إليه ولو خالف ذلك مصلحة مالية لولي النفس ، لما كان ذلك وكان اضطلاع الطاعن بواجبه نحو أولاده على النحو المتقدم لا يتأتى مع تركهم رفق الحاضنة خارج الدولة وهو ما يوجب عليه إنجاز إقامة مشروعة لهم فيها على نحو يتفق مع قوانينها ونظمها وأن يعد لهم مسكناً للحضانة فيها أو يؤدي أجرته لكي يتمكن من أداء واجبه نحوهم بحسبان أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب - دون المساس بأحقية جهة منح الإقامة في إعمال القوانين واللوائح والأنظمة المتعلقة بمنح الإقامة للأجانب - وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر بقضائه بإلزام الطاعن باستخراج إقامة للمحضونين (....، ....، ....) وبأجر مسكن حضانة وقدره مسترشداً بما ورد بالجداول المرفقة بالدليل الإرشادي للأحوال الشخصية فإنه لا يكون قد خالف القانون في شيء ويضحي تعييبه بما ورد في هذا الخصوص على غير أساس، وليس صحيحاً ما يرمي به الطاعن الحكم المطعون فيه بقالة مخالفته لحجية الاتفاق الأسري المشار إليه ذلك أن الثابت بمدونات هذا الاتفاق أن المتصالح عليه هو نفقة الأولاد الثلاثة وأجر حاضنتهم دون ما خلا ذلك من أجر مسكن الحضانة.
وحيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني وبالوجه الثاني من السبب الرابع مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه قضى بزيادة المفروض لنفقة الأولاد (....، ....، ....) بالمخالفة للاتفاق المبرم بين الطرفين بمحضر التوجيه الأسري، ذلك ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك بأن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - على هدى من نص المادة 16/2 من قانون الأحوال الشخصية أنه إذا تم الصلح بين الأطراف أمام لجنة التوجيه الأسري، أثبت هذا الصلح في محضر، ويكون له بعد توقيعه واعتماده قوة السند التنفيذي، ويكتسب ما تكتسبه الأحكام القضائية من حجية ، وتبقى هذه الحجية في مجال النفقات والأجور موقوتة سواء كان مصدرها حكم أو صلح فيقبل التغيير والتعديل وترد عليه الزيادة والنقصان ، كما يرد عليه الإسقاط بسبب تغير دواعيه عملاً بالمادة 64 من قانون الأحوال الشخصية ، إلا أن ذلك منوط بتغير ظروف الفرض ، وكان المقرر - في قضاء هذه المحكمة كذلك - أنه ولئن كان تقدير مدى تغير ظروف الفرض مما تستقل به محكمة الموضوع بحسبانه من مسائل الواقع إلا أن ذلك مشروط بأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة لها أصل ثابت في الأوراق ، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى تغير ظروف الفرض الاتفاقي دون أن يبين السند الذي استقى منه ما يفيد ذلك ، وعلى الرغم من أن الثابت بشهادة دخل المنفق عدم تغير دخله بالزيادة ، وأنه تزوج من أخرى ، ولم يفطن الحكم المطعون فيه إلى أن ما اتفق عليه بموجب الاتفاق الأسري المذكور كان بشأن نفقة الأولاد (....، ....، ....) دون الابن .... وانتهى في قضائه إلى زيادة المفروض للأولاد الأربعة، الأمر الذي يعجز محكمة النقض عن بيان الأساس الذي أقام عليه الحكم المطعون فيه قضائه بزيادة المفروض لنفقة الأولاد الأمر الذي يوجب نقضه في هذا الخصوص وتأييد الحكم المستأنف، على نحو ما سيرد بالمنطوق.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق