الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 13 سبتمبر 2024

الطعن 1072 لسنة 11 ق جلسة 19 / 5 / 1941 مج عمر الجنائية ج 5 ق 260 ص 504

جلسة 19 مايو سنة 1941

برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات، عبد الفتاح السيد بك ومحمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك وحسن زكي محمد بك المستشارين.

---------------

(260)
القضية رقم 1072 سنة 11 القضائية

مسئولية مدنية:
(أ) مسئولية المخدوم عن خطأ الخادم. مبناها. افتراض وقوع الخطأ من جانب المخدوم. مقرّر لمصلحة من وقع عليه الضرر. الخادم لا يستفيد منه، عدم وقوع خطأ من المخدوم. الحكم عليه بالتعويض بالتضامن مع الخادم وشركائه في الخطأ. حقه في طلب تحميل الخادم وشركائه ما ألزم هو بدفعه للمضرور. التضامن لمصلحة من وقع عليه الضرر. علاقة المحكوم عليهم بعضهم ببعض. تنظيمها.
(ب) التعويض عن الضرر. حصة كل من اشترك في إحداث الضرر. تقديرها. مناطه. متى يسألون عنه بالتساوي؟

(المادتان 151 و152 مدني)

-----------------

1 - إن تقرير مسئولية المخدوم بناءً على مجرّد وقوع الفعل الضارّ من خادمه أثناء خدمته إنما يقوم على افتراض وقوع الخطأ منه. وهذا الاعتراض القانوني مقرّر لمصلحة من وقع عليه الضرر وحده، فالخادم لا يستفيد منه. وإذن فإذا كان المخدوم لم يقع منه أي خطأ فإنه - بالنسبة لمن عدا المجني عليه - لا يكون مسئولاً عن شيء فيما يتعلق بالتعويض، ويكون له عند الحكم عليه للمجني عليه أن يطلب تحميل خادمه هو والمتهمين معه ما ألزم هو بدفعه تنفيذاً للحكم الصادر عليه بالتضامن معهم، على أن يدفع الخادم - لأنه هو المتسبب في الحكم عليه بالتعويض - كل ما ألزم هو بدفعه عنه وأن يؤدّي كل من الآخرين نصيبه فقط، لأن التضامن لم يقرّره القانون إلا لمصلحة من وقع عليه الضرر إذ أجاز له أن يطالب بتعويضه أي شخص يختاره ممن تسببوا فيه. أما فيما يختص بعلاقة المحكوم عليهم بعضهم ببعض فإن من قام منهم بدفع المبلغ المحكوم به للمضرور يكون له أن يرجع على زملائه المحكوم عليهم معه ولكن بقدر حصة كل منهم فيما حكم به.
2 - إن تقدير حصة كل ممن اشتركوا في إحداث الضرر يجب - بحسب الأصل - أن يكون المناط فيه مبلغ جسامة الخطأ الذي ساهم به فيما أصاب المضرور من الضرر إذا كانت وقائع الدعوى تساعد على تقدير الأخطاء على هذا الأساس. أما إذا كان ذلك ممتنعاً فإنه لا يكون ثمة من سبيل إلا اعتبار المخطئين مسئولين بالتساوي عن الضرر الذي تسببوا فيه.


المحكمة

وحيث إن الطعن المرفوع من وزارة العدل حاز شكله القانوني.
وحيث إن مبنى أوجه الطعن المقدّم من هذه الطاعنة أن الحكم المطعون فيه قد أغفل الفصل في دعوى الضمان التي رفعتها ضدّ المتهمين الثلاثة حسين أفندي عبد الهادي ومحمد سعيد عطية وشكري محمد سعيد عطية وضدّ حسين أحمد عبد الهادي (وهو شخص آخر غير المتهم الأوّل). وقد كان من المتعين على محكمة الجنايات وقد رأت الحكم في الدعوى المدنية المرفوعة من المدعي المدني أحمد سرحان بإلزام المتهمين الثلاثة متضامنين مع وزارة العدل بأن يدفعوا له خمسين جنيهاً على سبيل التعويض - كان من المتعين عليها أن تقضي في دعوى الضمان المقامة من الوزارة بإلزام المتهمين الثلاثة المذكورين أن يدفعوا لها ما رأت الحكم عليها به معهم لأن مسئولية الوزارة عن هذا المبلغ ناشئة عن تبعية موظفها حسين عبد الهادي لها. وقد رأت محكمة الجنايات أن حسين عبد الهادي هذا مسئول بدوره مع المتهمين الآخرين مسئولية تضامنية، ومقرّر قانوناً أن للمتبوع الحق في الرجوع على تابعه بما يحكم عليه به معه بالتضامن بسبب تصرفه الذي أدّى إلى ذلك الحكم، كما أن للوزارة الحق في الرجوع على زميلي التابع بسبب تضامن ذلك التابع معهم في المسئولية.
وحيث إن واقعة الحال - كما هو ثابت بالحكم المطعون فيه - أن الدعوى العمومية رفعت أمام محكمة الجنايات على حسين عبد الهادي أفندي ومحمد سعيد عطية وشكري محمد سعيد عطية المتهمين بأنهم: "(أوّلاً) المتهم الأوّل بصفته موظفاً عمومياً في محكمة مصر الابتدائية الأهلية ورئيساً لقلم التسجيل بها ومنوطاً بتحرير تقارير شطب التسجيلات ارتكب تزويراً في ورقة أميرية هي تقرير شطب الاختصاص المسجل برقم 438 بتاريخ 17 أغسطس سنة 1937 حال تحريره المختص بوظيفته. وذلك بجعله واقعة مزوّرة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن أثبت في هذا التقرير كذباً أن أحمد سرحان صاحب هذا الاختصاص حضر أمامه وأقرّ بأنه استلم دينه مع المصاريف والملحقات من المتهم الثاني المسجل ضدّه هذا الاختصاص، وأنه يصرح لقلم الكتاب بشطبه في حين أنه كان يعلم عند تحرير هذا التقرير أن المقرّ هو شخص آخر خلاف أحمد سرحان استحضره المتهمان الثاني والثالث أمامه فأثبت على لسانه هذا التقرير ووضع فيه اسماً مزوراً لأحمد سرحان وجعل المقرّ يوقع على هذا التقرير بهذا الاسم المزوّر. (وثانياً) المتهمان الثاني والثالث اشتركا بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأوّل في ارتكاب جريمة تزوير التقرير المشار إليه بالتهمة السابقة بأن أحضرا أمامه باتفاقهما معه شخصاً آخر خلاف أحمد سرحان تسمى زوراً باسمه فوضع المتهم الأوّل هذا الاسم المزوّر في ذلك التقرير ناسباً إليه أنه أقرّ بما تضمنه ووقع هذا الشخص عليه بإمضاء نسبها زوراً لأحمد سرحان كما وقع عليه المتهم الثالث بصفة شاهد على شخصية المقرّ، وقد وقع هذا التزوير بناءً على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. (وثالثاً) المتهمان الأوّل والثاني سرقا ورقة متعلقة بالحكومة هي الورقة المتضمنة أصل تقرير الشطب الوارد بالتهمة الأولى حالة كون المتهم الأوّل هو الحافظ لها. (ورابعاً) المتهم الثاني وحده استعمل التقرير المزوّر المبين في التهمة الأولى وهو يعلم بتزويره بأن حصل على شهادة بمقتضاه متضمنة شطب تسجيل الاختصاص المبين به وقدّمها إلى إيلى صايغ وحصل بمقتضى ذلك على مبلغ 420 جنيهاً منه بصفة قرض مضمون برهن عقار من هذا المتهم له مدللاً على خلوه من الحقوق العينية بهذه الشهادة مما دعا المرتهن إلى تسليمه مبلغ القرض. وكذلك حصل على صورة طبق الأصل من هذا التقرير وقدّمها في القضية المدنية رقم 4108 سنة 1939 الأزبكية للاستناد إليها في خصومة قائمة بينه وبين آخرين في تلك القضية". والمحكمة قضت في الدعوى العمومية ببراءة المتهم الأوّل وبإدانة الثاني والثالث وعرضت للدعوى المدنية فقالت: "من حيث إن أحمد سرحان طلب الحكم له ابتداءً بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض قبل المتهمين الثلاثة بطريق التضامن، وهذا بسبب ما ذكره من اشتراكهم جميعاً في تزوير إقرار شطب الاختصاص وما ترتب عليه من ضياع حقوقه، ثم أدخل وزارة العدل ضامنة في الدعوى لموظفها المتهم الأوّل فيما يحكم عليه به بوصف أنها مسئولة عن إهمال موظفيها وعما يقع منهم من جرائم أثناء قيامهم بأعمالهم، فوجهت وزارة العدل بدورها دعوى الضمان إلى المتهمين الثلاثة وآخرين وطلبت الحكم عليهم بالتضامن بما عساه أن يحكم عليها به. وعند نظر الدعوى عدّل أحمد سرحان مبلغ التعويض المطالب به إلى ألف جنيه، وفصّل هذا المبلغ بأن جعل منه مبلغ 916 جنيهاً قيمة الدين وفوائده ومبلغ 84 جنيهاً على سبيل التعويض الشخصي عن الضرر الذي وقع عليه نتيجة لتصرفات المتهمين. ومن حيث إن الحاضر عن وزارة العدل دفع دعوى الضمان بأن المتهم الأوّل الذي من أجله أدخلت في الدعوى لم يرتكب ما أسند إليه ولم يقع منه إهمال تترتب عليه المسئولية المدنية، وأنه على فرض ارتكابه للجريمة المسندة إليه أو أنه أهمل في أداء واجباته فإن مسئولية الوزارة لا تقوم إلا بعد أن يثبت أن الخطأ الذي وقع فيه موظفها قد جرّ فعلاً إلى ضرر وقع بالمدّعي المدني، وأنه ما لم يثبت أن الدين المطالب بالتعويض على أساسه قد ضاع على المدّعي بالحق المدني فإنه لا محل لتعجل القضاء بإلزام الوزارة بمبلغ التعويض، وأنه لذلك يكون للوزارة أن تدفع بعدم قبول الدعوى المدنية بالحالة التي هي عليها لأن ضياع حق الاختصاص لا يعني ضياع الدين المضمون بذلك الحق العيني إلا إذا ثبت أن المدين أصبح لا يمتلك شيئاً وهو ما لم يثبته المدّعي بالحق المدني. ويضاف إلى ذلك أن الدين الذي هو أساس القضية ثابت في ذمة ثلاثة أشخاص منهم حسين أفندي أحمد عبد الهادي ومحمد سعيد عطية المتهم الثاني وأن لكل منهم أملاكاً مبينة تفصيلاً بمحضر الصلح المصدّق عليه من محكمة مصر الابتدائية الأهلية في الدعوى رقم 393 لسنة 1934، وأن حق الاختصاص نفسه لم يسقط ويجوز للمدّعي بالحق المدني أن يقوم بتجديد قيد الاختصاص في مرتبته الأصلية. ومن حيث إن المتهمين الثاني والثالث انضما إلى وزارة العدل فيما دفعت به من عدم قبول الدعوى المدنية بالحالة التي هي عليها للأسباب التي ذهبت إليها. ومن حيث إن المدعي بالحق المدني دفع أسباب الوزارة التي ارتكنت عليها بأنه غير ملزم بالرجوع على مدينيه وتجريدهم من أموالهم حتى إذا ما ثبت عدم امتلاكهم لشيء عاد على المتهمين والوزارة بالضمان طالما أن له حقاً عينياً ثابتاً على عين محققة اختارها لتكون ضامنة لسداد دينه. أما القول بأن له أن يعيد قيد اختصاصه في المرتبة التي كان فيها فينفيه أن العين التي كان عليها الاختصاص قد بيعت وخرجت ملكيتها من يد المدين إلى يد إيلى صايغ الذي أثبت في عقد الرهن المحرّر في 27 ديسمبر سنة 1937 أنه لا يدفع قيمة الرهن إلى محمد سعيد عطية إلا بعد أن يقدّم له ما يثبت خلو العين من الحقوق العينية، وأنه لا يجوز القول بأن ضياع الحق الثابت يُرد عليه بشبهة جواز الحصول على الدين مع الزمن، لأن الضرر وقع بضياع الضمان. ومن حيث إن المتهم الأوّل حسين عبد الهادي ومعه وزارة العدل دفعا الدعوى المدنية بطلب رفضها بحذافيرها ارتكاناً على أن المتهم الأوّل لم يرتكب التزوير الذي نسب صدوره إليه بالاشتراك مع المتهمين الثاني والثالث، وأنه كان ضحية لعمل هذين المتهمين، وأنه لم يقع منه إهمال في أثناء قيامه بعمله، وأن إجراءات الشطب اتبعت فيها الإجراءات القانونية. ومن حيث إنه تبين للمحكمة عند نظر الدعوى ومن التحقيقات التي قامت بها النيابة أنه وإن كان حسين أفندي عبد الهادي المتهم الأوّل لم يثبت أنه اشترك مع المتهمين محمد سعيد عطية وشكري محمد سعيد في التزوير أو أنه كان عالماً به إلا أنه واضح أنه، وهو موظف أميري مكلف قانوناً بأن يقوم بنفسه بإثبات البيانات التي تدخل في اختصاصه في الدفاتر المعدّة لها، كان يستعين في أداء عمله بكاتب عمومي يدوّن له البيانات ويثبت الإقرارات ويؤشر في الدفاتر بخطه بالشطب. وقد قام هذا الكاتب العمومي فعلاً بهذا العمل بالنسبة للاختصاص موضوع الدعوى، وقد كانت هذه المساعدة من جانب هذا الأجنبي سبباً في انزلاق حسين عبد الهادي في الثقة به والاعتماد على شهادته التي أدت إلى وقوع الجريمة. وثبت أيضاً أنه بسبب المعرفة الطويلة بالمتهم الثاني محمد سعيد عطية تهاون في الاستيثاق من أن الشخص الذي حضر أمامه هو صاحب الاختصاص بأن قبل إثباتاً لصحة شخصيته شهادة ابن المدين الغير معروف لديه. ولا عبرة بما احتج به من أنه ما كان يعتقد أن أباً يستدرج ابنه إلى الاشتراك معه في تزوير لأن هذا العذر لا يقوم مبرراً لعدم العناية والدقة في قبول شهادة الشهود طبقاً للأوضاع التي قرّرتها التعليمات. وعليه فيكون الدفع برفض الدعوى المدنية بحذافيرها في غير محله. ومن حيث إن حسين أفندي عبد الهادي ومحمد سعيد عطية وشكري محمد سعيد ووزارة العدل دفعوا بعدم قبول الدعوى المدنية بالحالة التي هي عليها الآن للأسباب الواردة بالمذكرات والتي سبق ذكرها في هذا الحكم ورد عليها المدّعي بالحق المدني بما أبداه في الجلسة وفي المذكرات. ومن حيث إنه لا نزاع في أن التعويض لا يكون إلا حيث يقع الضرر نتيجة لجنحة أو شبه جنحة وأن يثبت أمام المحكمة أن الجريمة قد أحدثت ضرراً أو فوّتت مصلحة على طالب التعويض. ومن حيث إنه لا نزاع في أن الدين موضوع الاختصاص في ذمة ثلاثة أشخاص هم محمد سعيد عطية وحسين أحمد عبد الهادي وأحمد حمدي الكحيلي، وأن لهؤلاء جميعاً أملاكاً مبينة تفصيلاً في محضر الصلح المصدق عليه من محكمة مصر الابتدائية الأهلية في الدعوى رقم 393 لسنة 1934 وأنه في مقدور المدّعي بالحق المدني أن يعيد الاختصاص على هذه الأملاك وفاء لدينه مع قيام التضامن بينهم في هذا الدين. ومن حيث إنه لا عبرة بما قاله المدّعي المدني من أن هذه الأملاك مثقّلة بالديون لأنه لم يقدّم للمحكمة بياناً بما يملكون وما هم به مدينون حتى يمكن ترجيح أقواله على أقوال الآخرين، كما لا عبرة بما ذكره من أنه كان له حق عيني على عين اختارها لضمان دينه، وأن المتهمين تسببوا في ضياع هذا الضمان، فإن ضياع الضمان الذي اختاره مع إمكان حلول غيره محله لا يكون سبباً في المطالبة بمبلغ الدين على سبيل التعويض وإنما يكون محلاً لتعويض عن المصاريف التي يتكلفها الدائن بنقل الاختصاص من عين إلى عين أخرى. ومن حيث إنه لذلك يكون الحق في المطالبة بالتعويض على أساس مبلغ الدين وفوائده سابقاً لوقته ويتعين قبول هذا الدفع. ومن حيث إنه لا محل بعد ذلك لأن تبحث المحكمة في جواز إعادة الاختصاص على العين في مرتبته ما دام قد تبين أنه لا يجوز للدائن أن يطالب بقيمة الدين وفوائده قبل أن يتخذ ما يجب من الطرق القانونية للحصول على دينه سواء كان بالمطالبة برجوعه في مرتبته على العين إن كان هناك محل بتجريد مدينيه من أملاكهم الأخرى. ومن حيث إن المحكمة تقدّر التعويض الذي يستحقه المدعي المدني نتيجة لخطأ حسين أفندي عبد الهادي وإهماله في تنفيذ التعليمات التي يجب العمل بها واشتراك المتهمين الثاني والثالث في تزوير إقرار شطب الاختصاص بمبلغ خمسين جنيهاً يدفعونها بالتضامن. ومن حيث إن وزارة العدل مسئولة مع موظفيها في التعويض عن الضرر الناشئ للأفراد من جراء أخطائهم في العمل فيتعين الحكم عليها مع المتهمين بالتضامن".
وحيث إن المحكمة مع قضائها بإلزام المتهمين الثلاثة ووزارة العدل متضامنين بأن يدفعوا للمدعي بالحقوق المدنية المبلغ الذي رأت الحكم له به عليهم لم تفصل في الدعوى المرفوعة أمامها بالطريق القانوني من وزارة العدل على المتهمين بطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا لها ما عسى أن يقضي به عليها للمدعي.
وحيث إنه ما هو ثابت بالحكم المطعون فيه من وقوع الخطأ من المتهمين الثلاثة ومن أن هذا الخطأ قد أضر بالمدعي بالحقوق المدنية ضرراً استوجب القضاء له بالتضمينات عليهم وعلى وزارة العدل بطريق التضامن معهم باعتبارها مسئولة عما وقع من أحدهم وهو حسين عبد الهادي أفندي لأنه موظف لديها وقد ساهم في ارتكابه الفعل الضار لمناسبة تأدية وظيفته - مع ما هو ثابت من ذلك في الحكم الصادر من محكمة الجنايات لا تكون وزارة العدل في علاقتها مع موظفها وزملائه مسئولة عن شيء من التعويض المقضى به عليها. وذلك لأنها في الواقع لم ترتكب أي خطأ. وإنما اعتبرها القانون مسئولة عن الفعل الضار الذي وقع من موظفها أثناء عمله عندها. واعتباره هذا ميناء مجرّد افتراض قانوني لا يصدق في حقها إلا بالنسبة لمن يقع عليه الضرر، ولا يمكن أن يستفيد منه من وقع منهم بالفعل الذي سبب الضرر إلا إذا قاموا هم بإثبات وقوع خطأ من جانبها هي أيضاً، الأمر الذي تنفيه وقائع الدعوى بحسب ما أورده الحكم. ومتى كان هذا واضحاً فإن وزارة العدل تكون على حق فيما تطلبه من حيث تحميل المتهمين ما ألزمت بدفعه للمدّعي بالحقوق المدنية تنفيذاً للحكم الصادر عليها بالتضامن معهم، لأنهم هم وحدهم الذين ارتكبوا الفعل الذي ألزمت بالتعويض من أجله ولم يقع منها هي أي خطأ في الواقع.
وحيث إنه وإن كان الحكم قد صدر على المتهمين وعلى الطاعنة بإلزامهم بأن يدفعوا مبلغ التعويض للمدّعي بطريق التضامن. فإن التضامن المقضى به هنا لم يقرّره القانون إلا لمصلحة من وقع عليه الضرر، إذ أجاز له أن يطالب بتعويضه أي شخص يختاره ممن تسببوا فيه. أما فيما يختص بعلاقة المحكوم عليهم بعضهم ببعض فإن من قام منهم بدفع المبلغ المحكوم به للمضرور لا يكون له أن يرجع على زملائه المحكوم عليهم معه إلا بقدر حصة كل منهم فيما حكم به. هذا إذا كانوا قد ساهموا جميعاً في ارتكاب الخطأ، أما إذا كانت مساءلة أحدهم عن التعويض ليست مقرّرة إلا على أساس مجرّد افتراض الخطأ في حقه كما هو الحال بالنسبة لوزارة العدل في الدعوى فإنه لا يسأل بداهة عن شيء من التعويض ولو كان قد قام بدفعه فعلاً للمحكوم له، بل يكون واجباً على موظفه - وهو الذي تسبب له في الحكم عليه بالتعويض - أن يؤدّي إليه كل ما ألزم بدفعه عنه، ولا يكون على الآخرين - وفقاً للأحكام العامة - إلا أن يؤدّي كل منهم نصيبه فقط.
وحيث إن تقدير حصة كل ممن اشتركوا في إحداث الضرر يجب - بحسب الأصل - أن يكون المناط فيه مبلغ جسامة الخطأ الذي ساهم به فيما أصاب المضرور من الضرر، إذا كانت وقائع الدعوى تساعد على تقدير الأخطاء على هذا الأساس. أما إذا كان ذلك ممتنعاً فإنه لا يكون ثمة من سبيل إلا اعتبار المخطئين مسئولين بالتساوي عن الضرر الذي تسببوا فيه.
وحيث إنه متى تقرّر ذلك يتعين الحكم لوزارة العدل على المتهمين بالمبلغ المحكوم به عليها للمدّعي بالحقوق المدنية. ولكنهم لا يلزمون بأدائه بطريق التضامن كما تطلب، لأن القانون لا يجيز الحكم بالتضامن في هذه الحالة بناءً على ما تقدّم، بل يجب أن يوزع هذا المبلغ عليهم بإلزام حسين عبد الهادي أفندي بأن يدفعه كله لها، لأنه هو وحده المتسبب في القضاء به عليها. أما المتهمان الآخران فلا يلزم كل منهما إلا بثلث المبلغ، لأن ثلاثتهم قد اشتركوا فعلاً في الخطأ، فعلى كل منهم الثلث في تعويضه ما دامت أخطاؤهم - على حسب ما هو واضح من وقائع الدعوى التي سردها الحكم - متساوية. ولما كانت الوزارة تطلب الحكم على المتهمين متضامنين بما حكم به عليها فإن الحكم لها بالمبلغ موزعاً على المحكوم عليهم بالصورة سابقة الذكر يدخل في عموم طلبها المتقدّم، وذلك لأن طلبها الحكم بالمبلغ على المتهمين بطريق التضامن مفاده أنها تطالب كلا منهم بأن يدفع لها كل المبلغ، ومتى استبعد التضامن وألزم كل من المتهمين بدفع حصته فقط فإن هذا الإلزام يدخل في حدود الطلب.
وحيث إنه لكل ما تقدّم يتعين قبول الطعن وإلزام حسين عبد الهادي أفندي بأن يدفع للطاعنة المبالغ المحكوم بها عليها وبإلزام كل من محمد سعيد عطية وشكري محمد سعيد عطية أن يدفع لها ثلث هذه المبالغ فقط.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق